سلب الحسين بعد قتله
و لما قتل مال الناس إلي سلبه ينهبونه.
فأخذ قطيفته قيس بن الأشعث فسمي قيس القطيفة.
و أخذ عمامته جابر بن يزيد و قيل أخنس بن مرثد [1] بن علقمة الحضرمي فاعتم بها، فصار معتوها.
و أخذ برنسه مالك بن بشير الكندي و كان من خز و أتي امرأته فقالت له: أسلب الحسين عليه السلام يدخل بيتي؟! و اختصما، قيل لم يزل فقيرا حتي هلك.
و أخذ قميصه إسحاق بن حوية فصار أبرص.
و روي أنه وجد في القميص مائة و بضع عشر ما بين رمية و طعنة و ضربة.
قال الصادق عليه السلام: وجد به ثلاث و ثلاثون و أربع و ثلاثون ضربة.
و أخذ درعه البتراء عمر بن سعد.
و أخذ خاتمه بجدل بن سليم الكلبي و قطع إصبعه و أخذ سيفه القلافس [2] النهشلي، و قيل جميع بن الحلق الأودي.
ثم اشتغلوا بنهب عيال الحسين و نسائه حتي تسلب المرأة مقنعتها من رأسها، أو خاتمها من إصبعها، أو قرطها من أذنها، و حجلها من رجلها.
و جاء رجل من سنبس إلي ابنة الحسين عليه السلام و انتزع ملحفتها من رأسها و بقين عرايا تراوجهن رياح النوائب و تعبث بهن أكف قد غشيهن القدر النازل و ساورهن الخطب الهائل.
و لما بلين بكل كفور سفاك، و ظلوم فتاك، و غشوم أفاك حسن الاستشهاد بشعر الحسن بن الضحاك:
و مما شجا قلبي و كفكف عبرتي
محارم من آل النبي استحلت
و مهتوكة بالطف عنها سجوفها [3]
كعاب كقرن الشمس لما تبدت
إذا حفزتها وزعة من منازع
لها المرط غارت بالخضوع و رنت
و سرب ظباء من ذوابة هاشم
هتفن بدعوي خير حي و ميت
أرد يدا مني إذا ما ذكرته
علي كبد حري و قلب مفتت
فلا بات ليلا شامتين بغبطة
و لا بلغت آمالها ماتمنت
و لما رأت امرأة من بني بكر بن وائل و قد توزعوا سلب النساء قالت: يا آل بكر أتسلب بنات رسول الله؟! لأحكم إلي الله يا لثارات المصطفي. فردها زوجها.
و خرج بنات سيد الأنبياء و قرة عين الزهراء حاسرات مبديات للنياحة و العويل يندبن علي الشباب و الكهول، و أضرمت النار في الفسطاط فخرجن هاربات، و هن كما قال الشاعر:
فتري اليتامي صارخين بعولة
تحثو التراب لفقد خير إمام
و تقمن رباب الخدور حواسرا
يمسحن عرض ذوائب الأيتام
و تري النساء أراملا و ثواكلا
تبكين كل مهذب و همام
پاورقي
[1] في نسختي الاصل: مريد و ما أثبتناه من البحار و اللهوف.
[2] في نسختي الاصل: الفلافس و ما أثبتناه من البحار و في اللهوف: القلانس.
[3] خدرها.