خطاب الحسين لخصومه بعد تعبئة اصحابه
و عبأ الحسين عليه السلام أصحابه للقتال و كانوا خمسة و أربعين فارسا و مائة راجل [1] و ركب ناقته و أمرهم بالاستماع فانصتوا.
فقال: تبا لكم أيتها الجماعة و ترحا، أحين استصرختمونا [2] ولهين فأصرخناكم موجفين [3] ، سللتم علينا سيفا لنا في أيمانكم، و حششتم علينا نارا أججناها علي عدوكم فأصبحتم ألبا [4] لأوليائكم ويدا عليهم لأعدائكم، لغير عدل أفشوه فيكم، و لا أهلا أصبح لكم فيهم، فهلا - لكم الويلات - تركتمونا و السيف مشيم [5] ، و الجأش [6] طامن، و الرأي لما يستحصف [7] ، ولكن أسرعتم إليها كطيرة الدبا، و تداعيتم إليها كتهافت الفراش [8] ، فبعدا و سحقا لطواغيت الأمة و نبذة الكتاب، و شذاذ الأحزاب
الذين جعلوا القرآن عضين [9] . و لبئس ما قدمت لهم أنفسهم في العذاب هم خالدون.
ألا و إن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين السلة و الذلة و هيهات منا الذلة يأبي الله لنا ذلك و رسوله و المؤمنون، و حجور طابت و حجور طهرت و نفوس أبية و أنوف حمية من أن نؤثر طاعة اللئام علي مصارع الكرام ألاوإني زاحف بهذه الأسرة مع قلة العدد و كثرة العدو، و خذلة الناصر.
ثم وصل هذا الكلام بشعر فروة بن مسيك المرادي:
فإن نهزم فهزامون قدما
و إن نغلب فغير مغلبينا
و ما إن طبنا جبن ولكن
منايانا و دولة آخرينا
إذا ما الموت رفع عن أناس
كلاكله [10] أناخ بآخرينا
فأفني ذالكم سروات قومي
كما أفني القرون الأولينا
فلو خلد الملوك إذا خلدنا
و لو بقي الكرام إذا بقينا
فقل للشامتين بنا أفيقوا
سيلقي الشامتون كما لقينا
ثم لا تلبثون إلا كريث [11] ما يركب الفرس، حتي ندور بكم دور الرحي، و تقلقون قلق المحور، عهد عهده إلي أبي عن جدي فاجمعوا أمركم و شركائكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي و لا تنظرون، إني توكلت علي الله ربي و ربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي علي صراط مستقيم.
ثم نزل عن ناقته و أمر عطية بن سمعان فعقلها [12] .
پاورقي
[1] عنه البحار: 4:45 و عن اللهوف: 42.
[2] طلب النجدة.
[3] مسرعين.
[4] خصما.
[5] في غمد.
[6] القلب.
[7] يمتحن.
[8] حشرة معروفة.
[9] مهجورا، و في النسخة الحجرية: غضين و هو تصحيف.
[10] في النسخة الحجرية: منازلة.
[11] مدة قليلة.
[12] اخرج نحوه في البحار: 83:45 ح 10 عن الاحتجاج: 24:2.