لماذا وضع هذا الكتاب
و قال جعفر بن محمد بن نما مصنف هذا الكتاب: إن الذي بعثني علي عمل هذا المقتل أني رأيت المقاتل قد احتوي بعضها علي الإكثار و التسويل، و بعضها علي الاختصار و التقليل، فهي بين طويل مسهب [1] ، و قصير قاصر عن الفوائد، غير معرب [2] و النكت فيها قليلة، و مرابعها من الطرف و الغرائب محيلة [3] .
فوضعت هذا المقتل متوسطا بين المقاتل، قريبا من يد المتناول، لا يفضي لملالة و هذر، و لا يجفي لنزارة و قصر، ترتاح القلوب إلي عذوبة ألفاظه، و يوقظ الراقد من نومه و إغماظه، و تسرح النوظر في رياضه، و ينبه الغافل عن هذا المصاب و الذاهل عن الجزع و الاكتئاب.
و أودعه ما أهمله كثير من المصنفين، و أغفلته خواطر المؤلفين.
و سميته «مثير الأحزان» و «منير سبل الأشجان».
و رتبته علي ثلاثة مقاصد.
فإن كنتم أيها السامعون قد فاتكم شرف تلك النصرة و حرمتم مصادمة خيول تلك الكسرة، فلم تفتكم إرسال العبرة، علي السادة من العترة، و لبس شعار الأحزان علي الأسرة، و الرغبة إلي الله جل جلاله في المكافاة يوم الحساب، و توفير قسطنا من الثواب، إنه الكريم الوهاب.
پاورقي
[1] الاسهاب: اطالة قد تبلغ الملل.
[2] غيرمعرب: غير بين.
[3] محيلة: قفراء.