بازگشت

الاعداء يسمعون تلاوة الحسين و كلام برير معهم


هو: بُرير بن خُضير الهمداني المشرقي، وبنو مشرق بطن من همدان، كان شيخاً تابعياً ناسكاً قارئاً للقرآن من شيوخ القراء، ومن أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكان من أشراف أهل الكوفة من الهمدانيين، وهو القائل للحسين (عليه السلام) لما خطب في أصحابه في الخطبة التي يقول فيها: أما بعد فإن الدنيا تغيّرت...الخ.ثم قام برير فقال: والله يا بن رسول الله لقد من الله بك علينا أن نقاتل بين يديك، تقطع فيك أعضاؤنا حتي يكون جدك يوم القيامة بين أيدينا شفيعاً لنا، فلا أفلح قوم ضيعوا ابن بنت نبيهم، وويلٌ لهم ماذا يلقون به الله، وأُف لهم يوم ينادون بالويل والثبور في نار جهنم، قُتل بين يدي الحسين (عليه السلام) وأبلي بلاءً حسناً.

راجع: إبصار العين للسماوي: ص70، أنصار الحسين لشمس الدين: ص 76 ـ 77.

روي الضحاك [1] بن عبدالله المشرقي قال: فلّما أمسي حسينٌ (عليه السلام) وأصحابُه


قاموا الليلَ كلَّه يُصلونَ ويستغفرون ويَدعونَ ويتضرعون، قال: فتمرُ بنا خيلٌ لَهم تَحرِسُنا، وإنّ حسيناً (عليه السلام) لَيقرأ: (ولا يَحسبنَّ الذين كَفرُوا أنّما نُملي لهم خَيراً لانفُسِهم إنما نُملي لهُم ليِزدادُوا إثماً ولهم عذابٌ مُهين، ما كان الله ليذرَ المؤمنين علي ما أنتم عليه حتي يَميزَ الخبيثَ مِنَ الطيّب) [2] .

فسمِعَها رَجلٌ مِنْ تلكَ الخيلِ التي كانت تحرسُنا، فقال: نَحنُ وَربِّ الكعبةِ الطيبونَ مُيزنا منِكُمْ، قال: فَعرفتُه، فقلتُ لبِرُير بنِ خُضَير: تدري من هذا؟ قال: لا، قلتُ: هذا أبو حَرْب السبيعي عبدالله بن شهر وكان مضحاكاً بطلاً، وكانَ شريفاً شجاعاً فاتكاً، وكان سعيدٌ بن قيس ربَّما حَبسُه في جناية، فقال له بُريرُ بنُ خضير: يا فاسق أنت يَجعلكَ اللهُ في الطيبينَ، فقال له: من أنت؟

قال: أنا بريرُ بنِ خضير، قال: إنّا لله، عزّ عليَّ هلكتَ والله هَلكت والله يا بريرُ، قال: يا أبا حرب هل لك أن تتوب إلي اللهِ من ذنوبك العظام، فوالله إنا لنحنُ الطيبونَ ولكنَّكُمْ لانتُم الخبيثونَ، قال: وأنا علي ذلك من الشاهدين، قلتُ: ويحك أفلا ينفعُكَ معرِفتُكَ، قال: جُعلتُ فِداكَ فمَن يُنادمُ يزيدُ بنِ عذرة الغفري من عنز بنِ وائل، قال: ها هو ذا معي، قال: قَبّحَ اللهُ رأيَك علي كلِ حال أنت سفيه، قال: ثم انصرفَ عنا، وكانَ الذي يحرسُنا بالليلِ في الخيلِ عَزْرةُ بنِ قيس الاحمسي وكانَ علي الخيل [3] .

وقد رويت هذه الحادثة بصورة اُخري كما عن ابن الاعثم الكوفي


والخوارزمي، قالا: وجاء شمر بن ذي الجوشن في نصف اليل يتجسس ومعه جماعة من أصحابه حتي قارب معسكر الحسين (عليه السلام) فسمعه يتلو قوله تعالي: (ولا يَحسبنَّ الذين كفرُوا أنما نُملي لهُم خيرٌ لانفُسهم إنَّما نُملي لهُم ليِزدادُوا إثماً ولهُم عذابٌ مُهين، ماكان اللهُ ليذرَ المؤمنينَ علي ما أنتُم عليه حتي يَميزَ الخبيثَ مِنَ الطَّيبَ) [4] الاية.

فصاح رجل من أصحاب شمر: نحن وربّ الكعبة الطيبون، وأنتم الخبيثون وقد مُيزّنا منكم، فقطع برير بن خضير الهمداني صلاته، ثم نادي: يا فاسق، يا فاجر! يا عدوا الله، يابن البوال علي عقبيه، أمثلُك يكون من الطيبين!؟ والحسين ابن رسول الله من الخبيثين، والله ما أنت إلا بهيمة لا تعقل ما تأتي وما تذر،فابشر يا عدو الله بالخزي يوم القيامة والعذاب الاليم، فصاح شمر: إن الله قاتلك وقاتل صاحبك عن قريب.

فقال برير أبالموت تخوفني؟! والله إن الموت مع ابن رسول الله (صلي الله عليه وآله) أحب اليَّ من الحياة معكم، والله لا نالت شفاعةُ محمد (صلي الله عليه وآله) قوماً أراقوا دماء ذريته وأهل بيته!

فجاء إليه رجل من أصحابه وقال: يا برير إن أبا عبدالله يقول لك: ارجع إلي موضعك ولا تُخاطب القوم، فلعمري لئِن كان مؤمن آل فرعون نصح لقومه وأبلغ في الدعاء، فلقد نصحت وأبلغت في النصح والدعاء [5] .



پاورقي

[1] هو: الضحّاک بن عبدالله المشرقي، کان قد أعطي الحسين (عليه السلام) عهداً أن يقاتل معه ما کان قتاله معه نافعاً، فإذا لم يجد مقاتلاً معه کان في حل من الانصراف، قال الضحاک: لما رأيت أصحاب الحسين قد أصيبوا وقد خَلُص إليه وإلي أهل بيته ولم يبق معه غير سويد بن عمرو بن أبي المطاع الخثعمي وبشير بن عمرو الحضرمي قلت له: يا ابن رسول الله قد علمت ما کان بيني وبينک، قلت لک: أقاتل عنک ما رأيتُ مقاتلاً فإذا لم أر مقاتلاً فأنا في حلٍّ من الانصراف، فقلت لي نعم، فقال: صدقت وکيف لک بالنجاء إن قدرت علي ذلک فأنت في حلٍّ، قال: فأقبلت إلي فرسي وقد کنت حيث رأيت خيل أصحابنا تُعقر أقبلت بها حتي أدخلتها فسطاطاً لاصحابنا بين البيوت، وأقبلت اُقاتل معهم راجلاً فقتلت يومئذ بين يدي الحسين رجلين وقطعت يد آخر، وقال لي الحسين يومئذ مراراً: لا تشلل، لا يقطع الله يدک جزاک الله خيراً عن أهل بيت نبيک (صلي الله عليه وآله) فلما أذن لي استخرجت الفرس من الفسطاط …الخ.

راجع: تاريخ الطبري: ج 4، ص 339، أنصار الحسين لشمس الدين: ص 64.

[2] سورة آل عمران الاية: 178 ـ 179.

[3] تاريخ الطبري: ج4، ص419 ـ 420، البداية والنهاية لابن کثير: ج4، ص177 ـ 178، الارشاد للمفيد: ص232 ـ 233، بحار الانوار: ج45، ص3 ـ 4.

[4] سوره آل عمران: الايه 178 ـ 179.

[5] الفتوح لابن الاعثم الکوفي:ج5،ص110 ـ 111،مقتل الحسين للخوارزمي:ج1،ص251.