بازگشت

من وصايا الامام الحسين


قيل ومن جملة وصاياه عليه السلام والتي استأثرت باهتمام بالغ عنده، وتدل علي مدي حرصه الشديد في نشر أحكام الدين والشرع المبين مع ما هو فيه، هو وصيته عليه السلام لاُخته زينب (عليها السلام) بأخذ الاحكام من الامام علي بن الحسين عليهما السلام وإلقائها إلي الشيعة ستراً عليه.

فقد جاء عن علي بن أحمد بن مهزيار، عن محمد بن جعفر الاسدي، عن احمد بن إبراهيم، قال: دخلت علي حكيمة بنت محمد بن علي الرضا، اُخت أبي الحسن العسكري عليهم السلام في سنة اثنين وثمانين (ومائتين) بالمدينة، فكلمتها من وراء الحجاب وسألتها عن دينها؟ فَسمّت لي من تأتم به، ثمَّ قالت: فلان بن الحسن عليه السلام فَسمتهُ.

فقلت لها: جعلني الله فداكِ معاينةً أو خبراً؟ فقالت: خبراً عن أبي محمد عليه السلام كتب به إلي أمه، فقلت لها: فأين المولود؟ فقالت: مستور، فقلت: فإلي مَنْ تفزع الشيعة؟ فقالت: إلي الجدَّة أم أبي محمد عليه السلام

فقلت لها أقتدي بمَنْ وصيتُهُ إلي المرأة؟!

فقالت: إقتداءً بالحسين بن علي بن أبي طالب عليهما السلام، إنَّ الحسين بن علي عليه السلام أوصي إلي اُخته زينب بنت علي بن أبي طالب عليه السلام في الظاهر، وكان ما يخرج عن علي بن الحسين من علم يُنسب إلي زينب بنت علي تَستّراً علي علي بن الحسين عليه السلام [1] .


وفي هذا المعني يقول الفرطوسي ـ عليه الرحمه ـ:



وهو أوصي إلي العقيلة جهـراً

ولزين العباد تحـت الخفــاء



فهي تعطي الاحكام للناس فتويً

بعد أخذ من زينـة الاوليــاء



كلُّ هذا ستراً عليــه وحفظاً

لعليٍّ من أعيـُنِ الرُقبـاء [2] .



ولهذا قيل: أنه كان لزينب (عليها السلام) نيابة خاصة عن الحسين عليه السلام وكان الناس يرجعون إليها في الحلال والحرام حتي بريء زين العابدين عليه السلام من مرضه [3] .

الامام الحسين عليه السلام يتفقّد التلاع والعقبات

وكلامه مع نافع بن هلال

كان نافع ابن هلال [4] من أخص أصحاب الامام الحسين عليه السلام به، وأكثرهم


ملازمة له سيما في مضان الاغتيال ـ وقيل أنه كان حازماً بصيراً بالسياسة ـ فلما رأي الحسين عليه السلام خَرجَ في جَوفِ الليلِ إلي خارج الخيامِ يَتفقدُ التلاعَ [5] والعقباتِ [6] تبعَهُ نافعُ، فسألَه الحسينُ عليه السلام عما أخرجَهُ قال: يَابنَ رسولِ اللهِ أفزعني خُروجُكَ إلي جِهةِ مُعسكر هذا الطاغي.

فقال الحسينُ عليه السلام: إني خرجتُ أتفَقدُ التلاعَ وَالروآبي [7] مخافةَ أن تكونَ مَكمَناً لِهجُومِ الخيل يِومَ تحملونَ ويَحملونَ، ثُّم رجَع عليه السلام وَهو قَابضٌ علي يدِ نافعَ، وَيقولُ: هيَ هيَ واللهِ وَعدٌ لا خُلفَ فيه.

ثم قال لَه: ألا تَسلُك بَين هَذيَنِ الجبلَيِن في جَوفِ الليلِ وَتنجُو بنفسِك؟ فَوقعَ نَافعُ علي قَدميهِ يُقبلهُما ويقولُ: ثَكلتني أمي، إن سَيفي بألف وَفرسي مثلُه، فَو اللهِ الذي مَنَّ بِكَ عليَّ لا فارقتُكَ حتي يَكلا [8] عن فَري وجري.


پاورقي

[1] کمال الدين وإتمام النعمة للصدوق: ص501، بحار الانوار: ج 46، ص 19.

[2] ملحمة أهل البيت عليهم السلام للفرطوسي: ج3، ص295.

[3] وفاة زينب الکبري للنقدي: ص 53.

[4] هو: نافع بن هلال بن نافع بن جمل بن سعد العشيرة بن مدحج المذحجي الجملي، وفي زيارة الناحية (البجلي)، وقد جاء في بعض الکتب هلال ابن نافع، کان سيداً شريفاً سرياً شجاعاً، وکان قارئاً کاتباً من حملة الحديث، ومن أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وحضر معه حروبه الثلاث في العراق، وخرج إلي الحسين عليه السلام فلقيه في الطريق، وکان ذلک قبل مقتل مسلم، وهو القائل للحسين بعد ما خطب خطبته التي يقول فيها: أما بعد فقد نزل من الامر ما قد ترون وأنَّ الدنيا قد تنکرت...الخ.ثم قام نافع

فقال:...وأنت اليوم عندنا في مثل تلک الحالة، فمن نکث عهده، وخلع نيته، فلن يضر إلاّ نفسه والله مغن عنه، فسر بنا راشداً معافي، مُشرّقاً إن شئت، وإن شئت مُغرّباً، فوالله ما اشفقت من قدر الله، ولا کرهنا لقاء ربنا، فانا علي نياتنا وبصائرنا نوالي من والاک ونعادي من عاداک، ويُعدُ نافع ـ رضوان الله عليه ـ من المشارکين في جلب الماء مع العباس عليه السلام، وقاتل قتالاً شديداً حتي اُسر، وقتله شمر بن ذي الجوشن.وفيه يقول السماوي:



فأضحي خضيب الشيب من دم رأسه

کسير يد ينقـاد للاســر عن يــد



وما وجدوه واهناً بعــد أســـره

ولکن بسيمـا ذي براثــن ملبــد



راجع: إبصار العين: ص 86 ـ 89، أنصار الحسين لشمس الدين: ص 109.

[5] التلعة: جمعه تلعات وتِلاع وتِلَع، وهي مجري الماء من أعلي الوادي، وهي أيضاً: ما ارتفع من الأرض وما انهبط منها فهي من الأضداد.المصباح المنير للفيومي: ص76، المنجد: ص63.

[6] العقبات: جمع عقبة، وهي المرقي الصعب من الجبال.المنجد: ص518.

[7] مفردها: رابية، وهي المکان المرتفع من الأرض.

[8] کَلَّ السيف: أصبح غير قاطع، وکَلَّ الفرس: إذا تعب وأعيا.