بازگشت

الامام الحسين يعظ اصحابه و يبشرهم


جاء في تفسير الامام العسكري عليه السلام في قوله عزوجل: (وإذْ قُلْنا للملائكةِ اسجدُوا لادمَ فسجدُوا إلا إبليسَ أبي واستكبرَ وكانَ مِنَ الكافرين) [1] .

قال عليه السلام: ولمّا امتحن الحسين عليه السلام ومن معه بالعسكر الذين قتلوه،وحملوا رأسه قال لعسكره: أنتم من بيعتي في حل فالحقوا بعشائركُم ومواليكم.

وقال: لاهل بيته قد جعلتكم في حلٍّ من مفارقتي، فإنَّكمْ لا تُطيقونهم


لتضاعف اعدادهم وقواهُمْ، وما المقصود غيري، فدعوني والقوم، فإنَّ اللهَ ـ عزّوجلّ ـ يُعينُني ولا يُخليني من حُسني نظرهِ كعاداته في اسلافنا الطَّيبين.

فأمّا عسكره ففارقوه، وأما أهله الادنون من أقربائه فأبوا!! وقالوا: لا نفارقك ويحلُّ بنا ما يحلُّ بك، ويحزننا ما يحزنك، ويصيبنا ما يصيبك، وإنّا أقرب ما نكونُ إلي الله إذا كنا معك.

فقال لهم: فإنْ كُنتم قد وطنتم أنفسكم علي ما وطَّنت نفسي عليه، فاعلموا أنَّ الله إنّما يهبُ المنازل الشريفة لعباده (لصبرهم) باحتمال المكارة، وأنَّ الله وإنْ كان خَصَّني مع مَنْ مضي مِنْ أهلي الَّذينَ أنا آخرُهُم بقاءً في الدُّنيا من الكرامات بما يَسهل عليَّ معها احتمال الكريهات، فإنَّ لكم شطرُ ذلك من كرامات الله تعالي، واعلموا أن الدنيا حُلوها ومرها حُلمٌ [2] والانتباه في الاخرة، والفائز من فاز فيها، والشقيُّ مَنْ شقي فيها.

أولا اُحدثكم بأول أمرنا وأمركم معاشرَ أوليائنا ومحبينا، والمعتصمينَ بنا ليسهل عليكم احتمال ما أنتم له معرضون [3] ؟

قالوا بلي يا ابن رسول الله

قال: إنَّ الله تعالي لمّا خلقَ آدم، وسوّاهُ وعلَّمَه أسماء كلَّ شيء وعرضهم علي الملائكة، جعل محمداً وعلياً وفاطمةَ والحسنَ والحسينَ عليهم السلام أشباحاً خمسةً في ظهرِ آدم، وكانت أنوارُهم تُضيءُ في الافاق من السماوات والحُجب والجنان والكرسيّ والعرش، فأمر الله تعالي الملائكة بالسجود لادم تعظيماً له، إنَّه قد فضّله


بأن جعله وعاء لتلك الأشباح التي قد عم أنوارها في الآفاق، فسدوا إلا إبليس ابي أن يتواضع لجلال عظمة الله، وأن يتواضع لأنوارنا أهل البيت، وقد تواضعت لها الملائكة كلها واستكبر وترفع، وكان باءبائه ذلك وتكبره من الكافرين [4] .

ومن جملة البشارات التي بشر بها الحسين عليه السلام اصحابه عليهم السلام هو مارواه القطب الراوندي عن أبي سعيد سهل بن زياد، عن الحسن بن محبوب، عن أبن فضيل، عن سعد الجلاّب، عن جابر، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال الحسين بن علي عليهما السلام لاصحابه قبل أن يُقتل: إن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: يا بُنيَّ إنك ستساقُ إلي العراق، وهي أرضٌ قد التقي بها النبيّون وأوصياء النبيّين، وهي أرضٌ تدعي (عموراء) وإنك تستشهد بها، ويستشهد معك جماعةٌ من أصحابك لا يجدون ألم مس الحديد، وتلا: (قُلنا يَا نارُ كُوني برداً وَسلاماً علي إبراهيم) [5] تكونُ الحرب عليك وعليهم برداً وسلاماً فابشروا، فو الله لئن قتلونا، فإنَّا نرد علي نبيّنا [6] .



پاورقي

[1] سورة البقرة: الآية 34.

[2] وفي أسرار الشهادة: واعلموا أن الدنيا حلوها مرّ، ومرها حلو.

[3] وفي بحار الانوار: مقرّون.

[4] تفسير الامام العسکري عليه السلام: ص 218 ـ 219، تاويل الايات: ج 1، ص 44، ح 18 (باختصار)، بحار الانوار: ج11، ص 149، ج 45، ص 90 ـ 91، الدمعة الساکبة:ج4 ص270، أسرار الشهادة للدربندي: ج2، ص223 إلي قوله الشقي من شقي فيها.

[5] سوره الانبياء الاية: 69.

[6] الجرائح والخرائج للراوندي: ج2، ص848، بحار الانوار ج45، ص80، ح6، مدينة المعاجز للبحراني: ج3، ص504 ص245 الطبعة الحجرية.