بازگشت

الامام الحسين يري اصحابه منازلهم في الجنة


وروي أنَّ الحسين عليه السلام كشفَ لاصحابه عن أبصارهم فرأوا ما حباهمُ اللهُ من نعيم، وعرَّفَهم منازلَهم فيها، وليس ذلك في القدرةِ الالهيةِ بعزيز ولا في تصرفاتِ الامام بغريب، فإنَّ سحرةَ فرعون لمّا آمنوا بموسي عليه السلام وأراد فرعون قتْلَهم أراهم النبيُ موسي عليه السلام منازلَهم في الجنة [1] .

قال شاعر اهل البيت الفرطوسي ـ عليه الرحمة ـ:



وأراهم وقد رأي الصدقَ منهم

في الموالاة بعد كشف الغطاءِ



مالهم من منازل قد اُعــدت

في جنان الخلود يوم الجـزاءِ



ولعمري وليـس ذا بعسيــر

أو غريب من سيد الشّهــداءِ



فلقد أطلـعَ الكليــمُ عليهــا

منهم كـلَّ ساحـر بجــلاءِ



حينما آمنـوا بما جـاءَ فيـه

عندَ إبطال سحرِهم والريـاءِ



بعد خوف من آلِ فرعونَ مرد

لهم منـذر بسـوءِ البــلاءِ



فـأراهم منـازلَ الخيرِ زلفيً

وثواباً في جنـةِ الاتقيــاءِ



لازدياد الـيقين بـالحق فـيهم

بعد دحض للشك والافتــراءِ



وثَباتاً منهم علي الدين فيمــا

شاهدوه من عالم الارتقاءِ [2] .



وروي عن سعد بن عبدالله، عن احمد بن محمد ابن عيسي، عن الاهوازي،


عن النضر بن سويد، عن عاصم بن حميد، عن ابي حمزة الثمالي، قال: علي بن الحسين عليه السلام كنت مع أبي في الليلة التي قُتل في صبيحتها فقال عليه السلام لاصحابه هذا الليل فاتّخذوه جملاً فإنَّ القوم إنما يريدونني، ولو قتلوني لم يلتفتوا اليكم، وانتم في حل وسعة.

فقالوا: والله لا يكون هذا ابداً! قال: إنكم تُقتلون غداً (كُلّكُم) ولا يفلت منكم رجُل، قالوا الحمد لله الذي شرفّنا بالقتل معك ثم دعا، وقال لهم: ارفعوا رؤوسَكم وانظروا، فَجعلوا يَنظرون إلي مواضعِهم ومنازلِهم من الجنة، وَهو يقولُ لهم: هذا منزِلُكَ يا فلان، وهذا قصرُك يافلان، وهذه درجتك يافلان، فكان الرجلُ يَستقبلُ الرّماحَ والسيوفَ بصدرِه وَوجهِه، ليصلَ إلي مَنزِلِه مِنَ الجنة [3] .

وَفي حديثِ أبي جعفر الباقر عليه السلام إن الحسينَ عليه السلام قال لاصحابهِ: ابشروا بالجنةِ فواللهِ إنّا نَمكثُ مَا شاء اللهُ بعدَ مَا يجري عَلينا، ثم يُخرجُنا اللهُ وإياكم حتي يَظهر قَائمُنا فَينتقمَ من الظالمينَ، وأنا وأنتم نُشاهِدهم في السلاسل والاغلال وأنواع العذاب!!

فَقيلَ له: مَنْ قائمُكُم يا ابن رسولِ الله؟

قال: السابع مِن وِلدِ ابني محمد بن علي ِّ الباقر، وهو الحجةُ ابنُ الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي ابني، وهو الذي يَغيبُ مدةً طويلةً ثم يظهرُ وَيملاُ الارضَ قسطاً وَعدلاً كما مُلئت ظلماً وَجوراً [4] .


وروي الصدوق ـ عليه الرحمة ـ في علة إقدام أصحاب الحسين عليه السلام علي القتل، قال: حدثنا محمد بن ابراهيم بن اسحاق رضي الله عنه قال: حدثنا عبدالعزيز بن يحيي الجلودي قال حدثنا محمد بن زكريا الجوهري قال: حدثنا جعفر بن محمد بن عمارة عن أبيه عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: أخبرني عن أصحابِ الحسين عليه السلام وإقدامِهم علي الموتِ، فقال: إنَّهم كُشفَ لَهم الغطاء حتي رَأوا منازلَهم من الجنةِ، فكانَ الرجلُ منهم يَقدمُ علي القتلِ لِيُبادرَ إلي حَوراءَ يُعانِقُها وإلي مكانِه مِن الجنة [5] .

وجاء في زيارة الناحية المقدسة: أشْهدُ لَقدْ كَشفَ اللهُ لكمُ الغِطاء، وَمَهّد لكُمُ الوطاء، وأجزل لكم العطاء، وكُنْتُمْ عن الحقِّ غَيرَ بطاء، وأنتُم لنا فُرطاء، ونحنُ لكُم خُلطاءُ في دارِ البقاء، والسلام عليكُمْ ورحمةُ اللهِ وبركاته [6] .

ولقد أجاد من قال فيهم (صلي الله عليه وآله):



وذووا المروة والوفا أنصـارُه

لهم علي الجيش اللئامِ زئيـرُ



طهرت نفوسهم لطيب اُصولها

فعناصرٌ طابت لهم وحجـورُ



فتمثّلت لهم القصورُ وما بهِـم

لولا تمثّلت القصورُ قصـورُ



ما شاقَهم للموت إلاّ دَعْــوَة

الرحمن لا ولدانُها والحورُ [7] .



وقال الاخر:




وفتية من رجال الله قد صبـروا

علي الجلاد وعانوا كلَّ محـذورِ



حتّي تراءت لهم عـدن بزينتهـا

مآتماً كُنَّ عُرس الخُرَّد الحورِ [8] .



وقال آخرٌ أيضاً:



وبيتوه وقد ضـاق الفسيــحُ بـه

منهم علي موعد من دونه العطـلُ



حتي إذا الحرب فيهم من غد كشفت

عن ساقها وذكي من وقد ما شعلُ



تبـادرت فتيـةٌ من دونه غــررٌ

شمّ العرانين ما مالوا ولا نكلـوا



كأنّما يجتنــي حلـواً لانفسهــم

دون المنون من العسّالـة العسـلُ



تراءت الحور في أعلي القصور لهم

كشفاً فهان عليهم فيه ما بذلـوا [9] .




پاورقي

[1] أخبار الزمان للمسعودي: ص274، مقتل الحسين للمقرم: ص215.

[2] ملحة أهل البيت للفرطوسي: ج 3، ص 291.

[3] الخرائج والجرائح للراوندي: ج2، ص 847 ـ 848، بحار الانوار: ج 4، ص 298، أسرار الشهادة للدربندي: ج 2، ص 221.

[4] مقتل الحسين للمقرم: ص215.

[5] علل الشرائع: ح 1، ص 229، ب 163، ح 1، بحار الانوار: ج 44، ص 297، مدينة المعاجز: ج4 ص214.

[6] الاقبال لابن طاووس: ج3،ص 80، بحار الانوار: ج 98، ص 273 ـ 274.

[7] نفثة المصدور للشيخ عباس القمي: ص629.

[8] أدب الطف للسيد جواد شبر: ج 6، ص 261.

[9] الدمعة الساکبة: ج 4، ص 278.