بازگشت

جواب بني هاشم و الانصار للحسين


فقال له إخوتُه وأبناؤه وبنو أخيه وابنا عبدالله بن جعفر: لِم نفعل؟ لنبقي بعدَكَ! لا أرانا الله ذلك أبداً، بدأهم بهذا القولِ، العباسُ بن علي عليه السلام ثم إنهم تكلموا بهذا أو نحوه....

وفي رواية أخري: فقام اليه العباس بن علي أخوه عليهما السلام وعلي ابنه، وبنو عقيل، فقالوا له: معاذ الله والشهر الحرام، فماذا نقول للناس إذا رجعنا إليهم، إنا تركنا سيدنا، وابن سيدنا وعمادنا، وتركناه غرضاً للنبل، ودريئةً للرماح، وجزراً للسباع، وفررنا عنه رغبةً في الحياة، معاذ الله، بل نحيا بحياتك، ونموت معك!! فبكي وبكوا عليه، وجزاهم خيراً [1] .

فقال الحسين عليه السلام: يا بني عَقيل، حَسبُكم من القتلِ بمسلِم، اذهبوا قد أذِنتُ لكم!.

قالوا: فما يقولُ الناس؟ يقولون: أَنا تركنا شَيخَنا وسيدَنا وبني عمومتِنا خيرَ الاعمام، ولم نرْم معَهم بسهم، ولم نطعن معهم برمح، ولم نضرب معهم بسيف، ولا


ندري ما صنعوا! لا والله لا نفعل، ولكن تفديك أنَفسُنا وأموالنُا وأهلونا ونقاتلُ معك حتي نردَ مورِدَك فقبحَ اللهُ العيشَ بعدَك!.

فقام إليه مسلمُ بنُ عوسجة الاسدي [2] فقال: أنحنُ نخلي عنك ولمّا نعذر إلي الله في أداء حقِك؟ أما واللهِ حتي أكسر في صدورِهمْ رمحي وأضربَهمْ بسيفي ما ثبت قائمُه في يدي ولا أُفارقُكَ ولو لم يكنْ معي سلاح أقاتُلهم به لَقذفتُهم بالحجارة دونَك حتي أموت معك.

وقال سعد بن عبد الله الحنفي [3] : واللهِ لا نخليكَ حتي يعلمَ اللهُ أنا قد حفظنا


غَيبةَ رسول اللهِ صلي الله عليه وآله فيك، واللهَ لو علمتُ أني أقتلُ ثم أحيا ثم أحرقُ حيَّاً ثم اذرُّ يُفعلُ ذلك بي سبعين مرةً ما فارقتُك حتي ألقي حِمامي دونَك، فكيف لا أفعل ذلكَ وإنما هي قتلةٌ واحدةٌ، ثمَّ هيَ الكرامةُ التي لا انقضاء لها أبداً!.

ثم قام زُهير بن القين [4] وقال: واللهِ لوددتُ أني قُتلتُ ثم نُشرتُ ثم قُتلتُ حتي أقتلَ كذا ألف قتلة، وأن اللهَ يدفعُ بذلكَ القتلَ عن نفسِك وعن أنفُس هؤلاءِ الفتيةِ من أهل بيتك!.

وتكلم جماعةُ أصحابهِ بكلام يشبهُ بعضه في وجه واحد، فقالوا: واللهِ لا نُفارِقُكَ، ولكن أنفُسنا لكَ الفداء! نَقيكَ بنحورِنا وجباهِنا وأيدينا، فإذا نحنُ قُتِلنا كُنا وفَينا وقضينا ما علينا [5] .



پاورقي

[1] مقاتل الطالبيين لابي فرج الاصفهاني: ص112.

[2] هو: مسلم بن عوسجة بن سعد بن ثعلبة بن دردان بن أسد بن خزيمة ابو حجل الاسدي السعدي، کان رجلاً شريفاً عابداً متنسکاً، قال ابن سعد في طبقاته: وکان صحابياً ممن رأي رسول الله صلي الله عليه وآله، وکان فارساً شجاعاً له ذکرٌ في المغازي والفتوح الاسلامية، وکان ممن کاتب الحسين ـ عليه السلام ـ في الکوفة ووفي له، وومن أخذ البيعة له عند مجيء مسلم بن عقيل إلي الکوفة، وهو أول قتيل من أنصار الحسين بعد قتلي الحملة الاُولي، وقد جاء في الزيارة المنسوبة للناحية المقدسة في مسلم بن عوسجة: وکنت أول من شري نفسه وأول شهيد من شهداء الله قضي نحبه، ففزت ورب الکعبة، شکر الله لک استقدامک ومواساتک إمامک إذ مشي إليک وأنت صريع فقال: يرحمک الله يا مسلم بن عوسجة وقرأ: (منهم مَن قضي نَحبَه وَمِنهمْ مَنْ يَنتظِرُ وَمَا بَدّلوا تبديلا) لعن الله المشترکين في قتلک عبدالله الضبابي وعبدالله بن خشکارة البجلي، وفيه يقول السماوي:



ان امــرءاً يمشـي لمصـرعه

سبـط النبـي لفـاقـد التـرب



أوصـي حبيبــاً ان يجـود لـه

بـالنفس مـن مقة ومـن حـب



اعزز علينا يـا بـن عـوسجـةٍ

من ان تفـارق سـاعة الحـرب



عـانقـت بيضهـم وسمـرهـم

ورجعت بعـد معـانق التـرب



ابکـي عليـک ومـا يفيـد بکـا

عيني وقـد أکل الاسـي قلبـي



راجع: بحار الانوار: ج 45 ص 69، أبصار العين للسماوي: ص 61 و 64.

[3] هو: سعد بن عبدالله الحنفي، وذکر في کتاب الحسين عليه السلام إلي أهل الکوفة باسم سعيد، أما بعد فإن

سعيداً وهانياً قدما عليَّ بکتبکم، وذکر باسم سعد کما في زيارة الناحية، کان من وجوه الشيعة في الکوفة، وذوي الشجاعة والعبادة فيهم، وهو أحد الرسل الذين حملوا رسائل الکوفيين إلي الحسين عليه السلام وبعثه مسلم بن عقيل بکتاب إلي الحسين وبقي معه حتي جاء معه کربلاء، وروي أبو مخنف: أنه لما صلّي الحسين الظهر صلاة الخوف، اقتتلوا بعد الظهر، فاشتد القتال، ولما قرب الاعداء من الحسين عليه السلام وهو قائم بمکانه، استقدم سعيد الحنفي أمام الحسين، فاستهدف لهم يرمونه بالنبل يميناً وشمالاً، وهو قائم بين يدي الحسين يقيه السهام طوراً بوجهه، وطوراً بصدره، وطوراً بيديه، وطوراً بجنبيه، فلم يکد يصل إلي الحسين عليه السلام شيء من ذلک، حتي سقط الحنفي إلي الارض وهو يقول: اللهم العنهم لعن عاد وثمود، اللهم أبلغ نبيک عني السلام وأبلغه ما لقيت من ألم الجراح فإني أردت ثوابک في نصرة نبيک، ثم التفت إلي الحسين، فقال اوفيت يا بن رسول الله، قال: نعم أنت أمامي في الجنة، ثم فاضت نفسه النفيسة.

راجع: إبصار العين: ص 125 ـ 126، أنصار الحسين لشمس الدين: ص90 ـ 91.

[4] تقدمت ترجمته.

[5] تاريخ الطبري: ج 4، ص 317 ـ 318، نهاية الارب للنويري: ج20 ص434، الکامل في التاريخ لابن الاثير:ج4، ص57 ـ 58، مقتل الحسين للخوارزمي: ص 246 ـ 247، اللهوف: ص 39 ـ 40، الارشاد للمفيد: ص 231، اعلام الوري للطبرسي: ص 237 ـ 239، امالي الصدوق: ص 133، بحار الانوار: ج 44، ص 316.