بازگشت

العباس يكلم القوم


وقال العباس بن علي (عليه السلام): يا أخي أتاك القوم، قال: فنهض، ثم قال: يا عباس اركب بنفسي أنت يا أخي حتي تلقاهم فتقول لهم: مالكم وما بدا لكم؟ وتسألهم عما جاء بهم؟

فأتاهم العباس (عليه السلام) فاستقبلهم في نحو من عشرين فارساً فيهم زهير بن القين [1] وحبيب بن مظاهر [2] ، فقال لهم العباس: ما بدا لكم وما تريدون، قالوا:


جاء أمر الأمير بأن نعرض عليكم أن تنزلوا علي حكمه أو ننازلكم، قال: فلا تعجلوا حتي أرجع إلي أبي عبدالله (عليه السلام) فأعرض عليه ما ذكرتم، قال: فوقفوا ثم قالوا: القه فأعلمه ذلك، ثم القنا بما يقول،قال: فانصرف العباس راجعاً يركض إلي الحسين (عليه السلام) يخبره بالخبر.

ووقف أصحابه يخاطبون القوم، فقال حبيب بن مظاهر لزهير بن القين: كلم القوم إن شئت وإن شئت كلمتهم؟ فقال له زهير: أنت بدأت بهذا فكن أنت تكلمهم؟

فقال له حبيب بن مظاهر: أما والله لبئس القوم عند الله غداً قوم يقدمون عليه قد قتلوا ذريّة نبيه (صلي الله عليه وآله) وعترته وأهل بيته (عليه السلام) وعباد أهل المصر المجتهدين بالاسحار، والذاكرين الله كثيراً [3] .

فقال له عزرة بن قيس: إنك لتزكي نفسك ما استطعت!؟

فقال له زهير: ياعزرة إن الله قد زكاها وهداها فاتق الله يا عزرة فإني لك من الناصحين، أنشدك الله يا عزرة أن تكون ممن يعين الضلاَّل علي قتل النفوس الزكية


قال يا زهير: ما كنت عندنا من شيعة أهل هذا البيت إنما كنت عثمانياً.

قال: أفلست تستدل بموقفي هذا أني منهم؟ أما والله ما كتبت إليه كتاباً قط، ولا أرسلت إليه رسولاً قط، ولا وعدته نصرتي قط، ولكن الطريق جمع بيني وبينه، فلما رايته ذكرت به رسول الله (صلي الله عليه وآله) ومكانه منه وعرفت ما يقدم عليه من عدوه وحزبكم فرأيت أن أنصره، وأن أكون في حزبه وأن أجعل نفسي دون نفسه حفظاً لما ضيَّعتم من حق الله وحق رسوله (صلي الله عليه وآله) قال: وأقبل العباس بن علي (عليه السلام) يركض حتي انتهي إليهم.

فقال: ياهولاء إن أبا عبدالله (عليه السلام) يسألكم أن تنصرفوا هذه العشية حتي ينظر في هذا الامر، فإن هذا أمرٌ لم يجر بينكم وبينه فيه منطق فإذا أصبحنا التقينا إن شاء الله فإما رضيناه فأتينا بالامر الذي تسألونه وتسومونه أو كرهنا فرددناه وإنما أراد بذلك أن يردهم عنه تلك العشية حتي يأمر بأمره ويوصي أهله فلما أتاهم العباس بن علي (عليه السلام) بذلك، قال عمر بن سعد: ما تري يا شمر؟ قال: ما تري أنت؟ أنت الامير والرأي رايك.

قال: قد أردت ألا أكون ثم أقبل علي الناس، فقال: ماذا ترون؟ فقال عمر بن الحجاج بن سلمة الزبيدي: سبحان الله والله لو كانوا من الديلم [4] ثم سألوك هذه المنزلة لكانَ ينبغي لَكَ أن تُجيَبهُم إليها.

وفي رواية السيد ـ عليه الرحمة ـ فقال عمرو بن الحجاج الزبيدي: والله لو أنهم من الترك والديلم وسألونا مثل ذلك لاجبناهم، فكيف وهم آل محمد (صلي الله عليه وآله)؟!


فأجابوهم الي ذلك [5] .

وَقال قيسُ بن الاشعث: أجبهُم إلي مَا سألوكَ فَلعمري ليصبِحنكَ بالقتالِ غدوةً فقال:واللهِ لو أعلمُ أنْ يفعلوا ما أخرتهم العشية.

قال: وكانَ العباسُ بن عِلي (عليه السلام) حينَ أتي حسيناً بما عرضَ عليه عمرُ بن سِعد قال: ارجعْ إليهم فإنْ استطعت أن تؤخرهم إلي غدوةَ، وتَدفعهُم عند العشيةِ لعلنا نُصلي لربِّنا الليلةَ وَندعوه وَنستغفُره، فهوَ يَعلم أني قد كنتُ اُحبُ الصلاة لَه وَتلاوةَ كتابهِ وَكثرةَ الدعاءِ وَالاستغفارِ.



فاستمهـل السبـط الطغـاة لعله

يدعو إلـي الله العلي ويضـرع



فـأقـام لـيلتـه ينـاجي ربّـه

طوراً ويسجد في الظلام ويركع



وَرويَ عن الامام علي بن الحسين (عليه السلام) قال: أتانا رسول مِنْ قِبل عُمر بن سَعد فقامَ مثلَ حَيثُ يُسمعُ الصوتُ فقال: إنا قَد أجلناكم إلي غد فإن استسلمتم سَرحنا بكُم الي أميرِنا عُبيدِاللهِ بن زياد وَإنْ أبيتُم فَلسنا تاركيكُم [6] .


پاورقي

[1] هو: زهير بن القين بن قيس الانماري البجلي، کان رجلاً شريفاً في قومه، نازلاً بالکوفة، وشجاعاً له في المغازي مواقف مشهورة ومواطن مشهودة وقد کان في باديء أمره عثمانياً، انضم إلي الحسين (عليه السلام) في الطريق من مکة إلي العراق بعد أن کان کارهاً للقائه، وکان في المسير، إذا سار الحسين تخلف زهير وإذا نزل الحسين تقدّم زهير إلي أن اجتمع معه في منزل واحد بغير اختياره، ثم أرسل إليه الحسين يدعوه وکان علي الطعام فبقي کأن علي رأسه الطير فقالت له زوجته دلهم بنت عمرو: أيبعث إليک ابن رسول الله ثم لا تأتيه سبحان الله لو أتيته فسمعت من کلامه.ثم ذهب للحسين فما لبث أن جاء مستبشراً، قد أسفر وجهه، فأمر بفسطاطه وثقله ومتاعه، فقوض وحمل إلي الحسين ثم قال لزوجته أنت طالق الحقي بأهلک فإني لا اُحب أن يصيبک بسببي إلاّ خير، ثم لحق برکب الحسين، واستشهد زهير (عليه السلام) بعد صلاة الخوف وأبلي بلاءً حسناً.

راجع إبصار العين للسماوي: ص 95 ـ 99، انصار الحسين لشمس الدين: ص 88.

[2] هو: حبيب بن مظهر بن رئاب بن الاشتر بن جخوان بن فقعس بن طريف بن عمرو بن قيس بن الحرث بن ثعلبة بن دودان بن أسد أبو القاسم الاسدي الفقعسي، کان صحابياً رأي النبي(صلي الله عليه وآله)، نزل إلي الکوفة، وصحب أمير المؤمنين (عليه السلام) في حروبه کلها، وکان من خاصته وحملة علومه ومن شرطة الخميس، وکان أحد الزعماء الکوفيين الذين کتبوا إلي الحسين(عليه السلام) وأخذوا البيعة له، ولما نزل الحسين(عليه السلام) کربلاء سار إليه مختفياً والتحق به، وکان معظماً عند الحسين وأهل بيته، وذلک لجلالة قدره وعلو منزلته، وقد حاول جهده في استقدام أنصار من بني أسد إلاّ أن الجيش الاموي حال دون وصولهم إلي معسکر الحسين، وقد جعله الحسين علي ميسرة أصحابه عند التعبئة للقتال، وجاهد (عليه السلام) مستميتاً إلي أن قُتل، واحتز رأسه التميمي فهدّ مقتله الحسين ووقف عليه وقال: عند الله أحتسب نفسي وحُماة أصحابي.

راجع: إبصار العين للسماوي: ص 57 ـ 60، تاريخ الطبري: ج 4 ص 336، أنصار الحسين لشمس الدين: ص 81 ـ 82.

[3] وفي الفتوح لابن الاعثم: الذاکرين الله کثيراً بالليل والنهار وشيعته الاتقياء الابرار.

[4] الديلم: القسم الجبلي من بلاد جيلان شمالي بلاد قزوين، وهي من قري أصبهان بناحية جرجان.مراصد الاطلاع: ج2: ص580، المنجد في الاعلام: ص296.

[5] اللهوف لابن طاووس: ص39.

[6] تاريخ الطبري: ج 4، ص 315 ـ 317، نهاية الارب للنويري: ج20، ص332 ـ 334، الارشاد للمفيد: ص 230 ـ 231، بحار الانوار: ج44، ص391 ـ 392، العوالم للبحراني: ج17، ص 243.