بازگشت

مقدمة الكتاب


بسم الله الرحمن الرحيم

وصلَّي الله علي أشرف الانبياء والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين

وبعد:

فإن وقائعَ وأحداثَ الطف الدامية استأثرت باهتمام المؤرخين وأصحاب السير مُنذ الايام الاُولي لواقعة الطف، حتي قيل إنه كان في معسكر عمر بن سعد مَنْ كانت مهمتُه مقتصرةً علي تسجيل تلك الوقائع، ومن هنا استوعبتها الكثير من كتب التاريخ والسيرة، ومعظم المؤرخين ذكروا هذه الواقعة الاليمة جملةً وتفصيلاً، واهتموا بدراستها واستكشاف دوافعها وأسبابها وما فيها من دروس وعبر وما تركته من آثار ونتائج علي مختلف الاصعدة، واعتبروها أهمَ حدث جري منذ عام 61 هـ بل أعظم حدث مأساوي في تاريخ الاُمة الاسلامية حيث مقتل ابن بنت نبي الاُمّة محمد (صلي الله عليه وآله).

ومن خلال نظرة عابرة إلي كثرة ما اُلف في سرد وقائع هذه الحادثة الاليمة من الكتب المعنية بدراستها فقط ككتب المقاتل، وما أعطته الكتب التاريخية العامة وكتب الحديث لهذا الفصل من تاريخ الاسلام من أهمية، ناهيك المقاتل المخطوطة التي لم يُقدر لها حتي الان أن تطبع وتنشر، تبدو الاهمية الكبري لهذه الواقعة في أنظار الباحثين والمؤرخين وأصحاب السير والتراجم.

ومن الملاحظ أن أصحاب السيّر والمؤرخين ذكروا جُلَّ وقائع هذه الحادثة الاليمة، منذ خروج الامام الحسين (عليه السلام) من المدينة المنورة في شهر رجب إلي يوم العاشر من محرم الحرام والاحداث التي تلت المقتل، ولم يتناسوا الليلةَ


الاخيرة من حياته (عليه السلام) وسجلوا ما أمكنهم من وقائعها وأحداثها، وإن كان بعض المؤرخين أهملها أو ذكرها في غاية الاختصار.

فاسترعي ذلك اهتماميَ الشديد في أن أعطي هذه الليلة بعض حقّها من عَرض وقائعها وحوادثها وما يرتبط بها بشيء من التفصيل، ولما في هذه الليلة من أحداث ومواقف يجدر الوقوف عندها ودراستها بإمعان، إذ هي الليلة الاخيرة من حياة الامام الحسين (عليه السلام) وأصحابه الاوفياء، وليلة في منتهي الخطورة، وليلة قُدّر لها أن تبقي خالدةً بما فيها من عِبَر ودروس ومأساة ومواقف مشرقة، فيجدر الاهتمام بالبحث والتمحيص في وقائعها وأحداثها والمعرفة الكاملة بما جري في طياتها، ولذا لا ننسي هنا تأكيد الائمة الطاهرين (عليهم السلام) الشديد في إحياء هذه الذكري الاليمة والنظر إليها بعين الاعتبار.

ومن هنا قمت بجمع ما وسعني جمعه وإعداده من وقائع وحوادث هذه الليلة العظيمة وتنظيم تسلسل أحداثها وما جاء فيها من مواقف مُشرّفة، وما جاء فيها من الاحاديث الشريفة وما يرتبط بها، وتناولت أيضاً جَانباً دراسياً عن أبعادها الدينية والاخلاقية وغيرهما من المواقف والابعاد والتي يَجدُر الوقوفُ عندها والتأمل فيها والاستفادة منها، فكان هذا هو القسم الاول: (ليلة عاشوراء في الحديث) والذي يشتمل علي الاُمور التالية:

1 ـ الوقائع والاحداث

2 ـ أعمال ليلة عاشوراء

3 ـ الابعاد المستوحاة من ليلة عاشوراء

وبما أنّ كتابنا هذا قد خُصّ بذكر ليلة عاشوراء في الحديث رأيت من الضرورة بمكان أن أتناول ليلة عاشوراء في الادب، ولذا قمت بجمع ما تسنّي لي جمعه من قصائد وأشعار في ما يخصها ويرتبط بها، كما إني التمست من إخواني


الادباء والشعراء المشاركة بما تجود به قرائحهم الوقّادة بما يناسب هذه الليلة حدثاً وموقفاً وتسليط الاضواء عليها ـ تخليداً لهذه الذكري الاليمة ـ وقد رتبت تسلسل القصائد عليي حسب الحروف الهجائية لأسماء الشعراء الأولي، مع دراسة نقدية ايضاً حولها بقلم الاستاذ ثامر الوندي وذلك لاهمية مثل هذه الدراسات، فكان هذه هو القسم الثاني (ليلة عاشوراء في الادب) والذي يشتمل علي الأمور التالية:

1 ـ من خصائص الأدب الشيعي وميزاته.

2 ـ أهمية النقد الأدبي الموضوعي.

3 ـ مرايا ليلة عاشوراء (دراسة نقدية).

4 ـ القصائد في ليلة عاشوراء.

وكما لا يفوتني أن أقدم جزيل شكري وامتناني لكل أديب بارع وشاعر مبدع استجاب معي في المشاركة في هذا العمل الحسيني.

كما آمل أني قدمتُ بذلك خدمة متواضعة للمكتبة الحسينية إذ لا زلنا في حاجة ماسة إلي الاطلاع الواسع في هذه الواقعة الاليمة، والمعرفة التامة علي أبعادها ونتائجها، والارتباط الشديد بها وإحيائها وعدم إغفالها في أي زمان ومكان، وليتحقق بذلك إحياء أمر أهل البيت (عليهم السلام) إذ هو وظيفة علي عاتق كل من يُدين بالولاء الصادق لهم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وصلاته وسلامه علي عباده الذين اصطفي.

عبداللّه الحسن

الجمعة 9 / 11 / 1416 هـ