بازگشت

الحسين مصباح الهدي


ليس غريباً ولا عجيباً حينما تظهر الكرامات علي يد الإمام الحسين …، لأننا لو تتبعنا سيرة الإمام الحسين …، من ولادته إلي لحظات استشهاده وعرفنا شيئاً عن عظيم شخصيته ومقامه عند الله عزوجل، لزال هذا الاستغراب عنا.

فقد روي أن النبي كان يضع إبهامه في فم الحسين … والحسين يمصّ منها ما يكفيه اليومين والثلاثة، ثم يقول النبي: «إيهاً يا حسين، إيهاً يا حسين، أبي الله إلا ما يريد، هي فيك وفي ولدك» [1] .

كما أخذت ملائكة الله تعالي بالنزول والسلام والتهنئة للرسول الأعظم، بمناسبة مولد الحسين … وذلك بأمر من الله عز وجل، فقد قال الإمام الصادق … أنه قال: «كان ملك بين المؤمنين يقال له صلصائيل بعثه الله في بعث فأبطأ فسلبه ريشه ودق جناحيه وأسكنه في جزيرة من جزائر البحر إلي ليلةِ ولد الحسين … فنزلت الملائكة واستأذنت الله في تهنئة جدي رسول الله وتهنئة أمير المؤمنين … وفاطمة فأذن الله لهم فنزلوا أفواجاً من العرش ومن سماء سماء، فمروا بصلصائيل وهو ملقي بالجزيرة فلما نظروا إليه وقفوا، فقال لهم: يا ملائكة ربي، إلي أين تريدون وفيم هبطتم؟

فقالت له الملائكة: يا صلصائيل قد ولد في هذه الليلة أكرم مولود ولد في الدنيا بعد جده رسول الله وأبيه علي … وأمه فاطمة وأخيه الحسن … وهو الحسين …، وقد استأذنا الله في تهنئة حبيبه محمد لولده فأذن لنا.

فقال صلصائيل: يا ملائكة الله إني أسألكم بالله ربنا وربكم وبحبيبه محمد وبهذا المولود أن تحملوني معكم إلي حبيب الله، وتسألونه وأسأله أن يسأل الله بحق هذا المولود الذي وهبه الله له أن يغفر لي خطيئتي ويجبر كسر جناحي ويردني إلي مقامي مع الملائكة المقربين، فحملوه وجاء وا به إلي رسول الله فهنئوه بابنه الحسين… و قصوا عليه قصة الملك و سألوه مسألة الله والإقسام عليه بحق الحسين … أن يغفر له خطيئته، ويجبر كسر جناحه، ويرده إلي مقامه مع الملائكة المقربين.

فقام رسول الله فدخل علي فاطمة فقال لها: ناوليني ابني الحسين فأخرجته إليه مقموطاً يناغي جده رسول الله، فخرج به إلي الملائكة فحمله علي بطن كفه فهللوا وكبروا وحمدوا الله تعالي وأثنوا عليه، فتوجه به إلي القبلة نحو السماء، فقال: اللهم إني أسألك بحق ابني الحسين أن تغفر لصلصائيل خطيئته وتجبر كسر جناحه وترده إلي مقامه مع الملائكة المقربين، فتقبل الله تعالي من النبي ما أقسم به عليه وغفر لصلصائيل خطيئته، وجبر كسر جناحه ورده إلي مقامه مع الملائكة المقربين» [2] .

إلي غير ذلك من الأحاديث الواردة في فضل الإمام الحسين … وعلو شأنه، ومكانته عند الله، وعند رسوله.

فقد جاء عن أبيّ بن كعب أنه قال: دخل علي النبي الحسين …، فقال له: «مرحباً بك يا أبا عبد الله، يا زين السماوات والأرضين».

فقال له أبيّ: وكيف يكون يا رسول الله زين السماوات والأرضين أحد غيرك؟.

فقال: «يا أبيّ، والذي بعثني بالحق نبياً، إن الحسين بن علي پ في السماء أكبر منه في الأرضين، وإنه لمكتوب من يمين العرش، الحسين مصباح الهدي وسفينة النجاة» ثم أخذ بيده، وقال…: «أيها الناس هذا الحسين بن علي فاعرفوه وفضلوه، كما فضله الله، فوالذي نفسي بيده، إنه لفي الجنة، ومحبيه في الجنة، ومحبي محبيه في الجنة» [3] .

وقال أبو عبد الله الإمام الصادق …: «بأبي قتيل كل عبرة، قيل: وما قتيل كل عبرة يا بن رسول الله؟ قال: لا يذكره مؤمن إلا بكي» [4] .

وهناك حادثة تاريخية مشهورة تدل فيما تدل علي عظمة الإمام الحسين … وشدة محبة النبي له حيث ذكروا أن النبي كان يخطب علي المنبر، إذ خرج الحسين … فوطئ في ثوبه وسقط فبكي، فنزل النبي فضمه إليه، وقال: «... والذي نفسي بيده، ما دريت أني نزلت عن منبري» [5] .

هذا موقع الإمام الحسين … من قلب رسول الله، وهذا مقدار الحب الذي يكنه الرسول له، ولعل كل ما قاله الرسول في الإمام الحسين … هو مقدار من عظمته …، ولعل الذي وصلنا هو أقل من ذلك بكثير.


پاورقي

[1] راجع مناقب آل أبي طالب: ج4 ص50 فصل في معجزاته …، وفيه فجعل لسانه في فمه فجعل الحسين … يمص، حتي قال النبي: «إيهاً يا حسين إيهاً حسين، ثم قال: أبا الله إلا ما يريد هي فيک وفي ولدک، يعني الإمامة».

[2] بحار الأنوار: ج43 ص258 ب11 ح47.

[3] معالي السبطين: ج1 ص86 المجلس4.

[4] مستدرک الوسائل: ج10 ص318 ب49 ح12084.

[5] معالي السبطين: ج1 ص86 المجلس4.