بازگشت

و نحوهما في قتل الحسين


تقول الرواية لمّا مات ابراهيم بن رسول اللَّه - وكان ذلك في أيام ليالي المحاق [1] - وافق موته كسوف الشمس، فرأي المسلمون في ذلك معجزة، وقالوا إنما كسفت الشمس لموت ابن نبينا، وانتهي كلامهم الي اذن الرسول، فلم يقرّ لهذا الإعتقاد، ولم يسكت عن إنكاره، وحبُّ الإنسان لنفسه قد يرضيها بأن تمدح بما ليس فيها، وربّما ملك الحزن والأسي فوأد المصاب، فوجد بهذا التعظيم له أو لفقيده سلوةً يخفف بها بعض وجدِه وألمه، غير أن النبي يقول الحق ولو علي نفسه أو الوالدين، وحاشاه أن يُقر المنكر طرفة عين، فقد جمع هؤلاء الذين ندَّت منهم هذه الكلمات وخَطبَهُم قائلاً «إن الشمس والقمر آيتان من ايات اللَّه لا ينخسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا الي ذكر اللَّه بالصلاة» [2] .

فللمعترض أن يقول ما بال الشيعة هكذا يكذبون علي الحسين، ويروون أن الشمس انكسفت لموته في اليوم العاشر من المحرم، وخسف القمر لأجله في الليلة الحادية عشر منه، وهبّت ريح سوداء مظلمة، وأمطرت السماء دماً وتراباً أحمر، ولم يرفع حجر إلا وجد تحته دمٌ عبيطٌ أي طري، ولم تكن الحمرة التي تري بعد غروب الشمس موجودة، وانما وُجدت يوم قتل الحسين واستمرت الي يوم تبدّل الأرض غير الأرض والسموات، ونحو ذلك مما لا يرتضيه عقل ولم يقم عليه برهان، ولكن فرط الحب يخرج المحب الي الغُلو في حبيبه فضلاً عن المبالغة والاغراق.

نقول فإذا اعتقدت أنها من أكاذيب الشيعة، فعلي الكاذب كذبه يوم تجزي كل


نفس بما تسعي، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت فتوجيه الإعتراض عليهم لا علي حبيبهم كما تزعم «ولا تزر وازرةٌ وزر أخري» [3] علي أن الكثير من هذه الروايات لم يختص بها الشيعة لحبّهم للحسين بل رواها أكابر المؤرخين من غيرهم كابن حجر في صواعقه، والمقريزي في خُططه، وابن سعد في طبقاته وابن الجوزي وسبطه في تذكرته، والثعالبي في تفسيره وغيرهم [4] ، والأن فإن شئت فأجعل ذلك لحبهم للحسين، وان شئت فأجعله لبغضهم، وعلل أبو الفرج حدوث الحمرة في كتاب التبصرة أنه لمّا كان الغضبان يحمر وجهه عند الغضب فيستدل بذلك علي غضبه وأنه إمارة السخط واللَّه تعالي ليس بجسم، فاظهر تأثير غضبه علي مَن قتل الحسين بحمرة الأفق، وذلك دليل علي عِظم الجناية، أما الشيعة فلم يزيدوا علي نقلها تاركين لها في سُنبلها من الصحة أو الرد كغيرها من أمثالها، وذكر بعضهم أن الحمرة الحادثة في قتل الحسين، حُمرة أخري غير التي تحدث عند غروب الشمس، وهما متفاوتتان بالشدّة والضعف، فإن الحادثة أشد وأعظم، وذكرها منهم في قصيدة [5] له الشيخ محمد رضا الأزري نوّر اللَّه مضجعه، فقال:



فَسلْ كَربلا ماذا جَري يَوم كَربلا

مُصابٌ مَتي الأفلاكُ تذكُره تَرعدِ



وانّي وتِلكم حُمرةٌ في جَبينَها

الي الآن مِن ذاك الجَوي المُتوقدِ






وَما ظهَرت مِن قبل ذلك في الأولي

لِراءٍ وَلم تُعرف قديماً وتُعهدِ



وَلو جَلّ رزءٌ في النَبيينَ مِثلهُ

لَبانت، وفي هذا بلاغٌ لمهتدي



وأما الدم الذي أمطرته السماء فيروي أن أمير المؤمنين كان في الرحبة وهو يتلو «فما بكت عليهم السماء والأرض» [6] فخرج الحسين من بعض أبواب المسجد، فقال أما إن هذا سيقتل وتبكي عليه السماءُ والأرض، وقد جاء في كثير من الأخبار تفسير هذا البكاء من السماء بأنها أمطرت دماً وتراباً أحمر، وأنها اسودّت أو احمرّت أو هبّت ريح سوداء مظلمه، أو ظهرت الكواكب نهاراً واشتبكت، وتجد صحة قولنا إذا راجعت مظنةَ هذه الأشياء في كتب الفريقين، فإن شئت حينذاك فاقبلها وإن شئت فرُدها، ولكن الأولي لك والأحري بك أن تقول كما قال الكواز:



بَكتِ السماءُ دماً ولم تبرد به

كَبدٌ، ولو أن النجومَ عُيونُ



وأما ما كان منه في عالم الكائنات فيدعم رواياته ما يُنقل لنا متواتراً كوجود الهند في اعتقادنا أن فيه حتي الآن أشجاراً كالسدر تمطر الدم العبيط من أوراقها من أوّل غروب الشمس لليلة قتل الحسين الي زوال شمس ذلك اليوم أو إلي غروبها، ويوجد في غيرها الكثير من أمثال هذا، فإن قدِر المعترض أن يردَّ المتواترات فليفعل فإنا ننكر أمامه أن يكون أحد منّا روي هذه الروايات، وإلا كانت باؤه تجر باؤنا لا تجر «سبحانك هذا بهتانٌ عظيم» [7] .

أما كسوف الشمس والقمر في مقابلة خطبة النبي الآنفة الذكر فلنا في الجواب عن ذلك وجوه:

الأول: أن اللَّه علي كل شي ء قدير، وقد رُوي لنا ذلك وهو ممكن ذاتاً وإن امتنع عادة، وقدرة اللَّه فوق العادة، وسنتكلم عما يتوهم ما نعيته في الوجه الآتي.


الثاني: أنه لا منافاة بين خطبة النبي، وبين ما روينا من انكسافهما لقتل الحسين، فإن الموت والحياة اللتين أجري اللَّه فيهما عادته في عباده لا يسببان للَّه غضباً، بل يرضي اللَّه بهما لأنهما تزيدان خلقه معرفةً به، وقد قال تعالي في الحديث القدسي «كنت كنزاً مخفياً فأحببت أن اُعرف، فخلقت الخلق لكي اُعرف» فأنت تري أن الحياة والوت وغيرهما من طواري ء النفوس كلها من اثار قدرته تعالي محبوبةٌ للَّه، لأنها تزيد الخلق معرفةً به، وهو «الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً» [8] وقد ندبهم في كتابه التدويني أي القران العظيم في مواضع كثيرة منه أن يتفكروا أعمق التفكير، في كتابه الأنفسي والأفاقي ليزدادوا بصيرةً به، ويقطعوا اليه كثيراً من مراحل معرفته «أولم يتفكروا في أنفسهم...» [9] وأما مثل قتل الحسين عليه السلام فيوجب غضبه الشديد العظيم «وأعوذ باللَّه من غضب الحليم» ولقد أخبر الحسين نفسه - ولم يعرف بمحاباةٍ لها - عن مبلغ غضب اللَّه علي هذه الأمة بقتله، حيث ضرب علي لحيته الشريفة بيده، حين تحقق أن الأمة قاتلته لا محالة، وقال «اشتد غضب اللَّه علي اليهود إذ جعلوا له ولداً، واشتد غضبه علي النصاري إذ جعلوه ثالث ثلاثة، واشتد غضبه علي المجوس إذ عبدوا الشمس والقمر دونه، واشتد غضبه علي قوم إجتمعت كلمتهم علي قتل ابن بنت نبيهم» [10] .

ولعل المعترض يقول هَب أن اللَّه غضب علي هذه الأمة باجتماع كلمتها علي قتل ابن بنت نبيها، كما غضب علي النصاري واليهود والمجوس، فما ذنب المسكينين الشمس والقمر لينتقم منهما بالكسوف ويأخذهما بذنب غيرهما من


أهل الكوفة، وهو القائل «ولا تزر وازرةٌ وزر أخري» [11] ولكنّا نقول في جوابه خفض عليك فليس كسوفهما تعذيباً لهما بفعل غيرهما لينشدا بلسان حالهما.



غيري جني وأنا المعاقب فيكم

فكأنني سبّابة المتندم



وها هما ينخسفان يوم القيامة كما قال تعالي «وخسف القمر وجمع الشمس والقمر» [12] ولا ذنب لهما ليؤاخذهما اللَّه به بالإنخساف، بل العلّة في ذلك أن آثار غضب اللَّه تظهر في مخلوقاته التي هي آيات وجوده وبيّنات قدرته واثارُ غضبه أو رحمته، «فانظر الي آثار رحمة اللَّه» وقد روينا أنه إذا كثُرَت ذنوب بني آدم أراد اللَّه أن يذكرهم نفسه لينزعوا عن ذنوبهم خشية بأسه وخيفة أخذه فإن أخذه أليم شديد، فينخسفان بأن يغمسهما في بحر الظلمة، ولعل المراد بها الظلمة المعنوية للذنوب التي تكون احر الأسباب لغمسها في بحر الظلمة الحقيقية، أعني مخروط ظل الأرض، علي ما سيأتي، ويدل علي ما قُلنا دلالةً واضحةً قوله تعالي في توبيخ مَن قالوا إن اللَّه اتخذ ولداً «وقالوا اتخذ الرحمن ولداً لقد جئتم شيئاً إداً تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدّاً أن دعوا للرحمن ولداً» [13] وإذا كان الحسين قد جعل غضب اللَّه علي هؤلاء مساوياً لغضبه علي اُمة اجتمعت كلمتها علي قتل ابن بنت نبيها فقد قارب أن تتفطر السموات غضباً لقتله وتنشق الأرض وتخر الجبال هدّاً، ولكن هذه الأمور أمكنت إمكاناً قريباً من الوقوع فكادت توجد، ولكنها لمّا لم تجب لم توجد، وكان الخسوف في إمكانه أقرب استعداداً للوجوب من هذه الأمور المذكورة في الأية الشريفة لأنه يتكرر في كل سنة لذنوب بني آدم العادية، ولكنّه وجب لقتل الحسين لأن غضب اللَّه في قتله أعظم والممكن إذا وجب وجد بل وجد هذا الخسوف


خرقاً للعادة، فقد كسفت الشمس في اليوم العاشر وخسف القمر في الليلة الحادية عشرة، لأن الذنب الذي هو سبب الخسوف خارج عن العادة.

ويتنبه المعترض فيأخذ من جوابنا هذا إعتراضاً فيقول، ألم يتقرر عند علماء الهيئة والنجوم أن القمر لا ينخسف وقت التربيع، بل لا بد أن يكون خسوفه في إحدي اليالي البيض، لأنها ليالي كماله الثالثة عشرة والرابعة عشرة والخامسة عشرة، ولذا مثّل المنطقيون للضرورية بقولهم «لا شي ء من القمر بمنخسف وقت التربيع بالضرورة» وهكذا تقرر عندهم أن الشمس لا تنكسف إلا في أيام ليالي المحاق الثامن والعشرين والتاسع والعشرين والسلخ، وذلك لما عللوا به الخسوف من أن القمر يدخل في مخروط ظل الأرض، حيث تكون الشمس تحت الأرض مقابلة له، والمقابلة لا توجد في وقت التربيع ببداهة العقل وعللوا كسوف الشمس بأن القمر يكون في خط مجراها ذلك اليوم، وبما أن فلكه تحت فلكها إذ هو أقرب الأفلاك الي الأرض، وفلكها في الرابع أوسط الأفلاك، فإذا صار تحتها حال بيننا وبينها، ولا يتفق لهما هذا إلا في أحد الأيام الثلاثة، بضرورة الوجدان، ونضم الي هذه المقدمة كبري صادقةً، وهي أن أقوال اصحاب كل فن تؤخذ عنهم من باب إرسال المسلّمات، وهي من اصول البرهانيات غير أنّا نقول له نعم ولكنّا نعارضك بسلاحك الذي به تصول وذلك ما تقرر في اصول العقائد من أن اللَّه علي كل شي ء قدير، وله خرق العادة إذا شاء لأنه هو الذي أجري العادة في الأشياء، وقد سلب الحرارة عن نار النمرود لئلا تحرق خليلة ابراهيم، وهذا معني المعجزة، وقد ذكرنا أنها تصدر للنبي والولي، وإن رغم أنف الطبيعة وأنف الشاني ء القالي، فخذ هذا من باب إرسال المسلّمات، فإنها من اصول البرهانيّات، أما الفلكيون فلا يرضون بأشياء كثيرة قام البرهان والدليل علي وقوعها، ولا أدل علي الإمكان من الوقوع، كعروج النبي بجسمه الشريف المادي وهم يقولون الفَلك لا يقبل الخرق والإلتئام


وانشق له القمر وقد صرّح بذلك القرآن [14] ، وردّت الشمس ليوشع بن نون وصي موسي بن عمران مرةً واحدةً، ولوصي محمدصلي الله عليه وآله مرتين [15] وفي الحديث أربع مرات، وفي آخر أكثر من ذلك، قال ابن ابي الحديد المعتزلي شارح نهج البلاغة في إحدي قصائده العلويات السبع:



إن كانَ يوشعُ ردَّ يوحي [16] مرَّةً

فَلهُ اثنتان وفي حديثٍ أربعُ



أما إذا قلت إن اللَّه أبي أن يجري الأشياء إلا بأسبابها وإن كان له قَسرُ طبايعها التي ركَّبها فيها، ودع ما قالوا في اسباب انشقاق القمر وما تكلّفوا من أن ذلك كان تصرفاً في المادة أو الصورة ولكن هل هذا الخسوف والكسوف سبب نتعقله ونرضي به ما لم نسنده الي صرف القدرة فحسب ومحض التسليم للإمكان فقط.

قلنا نعم هذا أول الوجوه وأولاها بالقبول والإذعان «وواحدٌ كالألف إن خَطبٌ عري».

وهنا سبب ثاني وهو ما ورد أن الأفلاك وقفت يوم عاشوراء، وتعطّلت عن سيرها العادي، ولعل السيد جعفر الحلي اشار الي هذه الرواية بقوله:



اللَّه أي دمٍ في كربلا سُفِكا

لم يَجرِ في الأرضِ حتي أوقفَ الفَلكا



وإذا وقف الفَلكُ عند جريان دم الحسين حيرةً وحزناً، وتعرقل عن مسيره وهناً ووجوماً، فيمكن أن يكون في بعض أوقاته أغذَّ [17] في المسير هرباً من أفعال بني اُمية، وفرقاً من أعمالهم، واستنكاراً لخروجهم علي الدين، واعتدائهم علي الإنسانية نعم


وربّك «لو طلعت عليهم لولّيت منهم فراراً ولمُلئت منهم رعباً» [18] وإذا جرت حركاته وسكناته علي هذه الشاكلة من سرعة الهروب فراراً طوراً، وطول المكث واللبث حيراً طوراً آخر، فضع القمر تحت خط مسير الشمس نهاراً إن أردت، واجعل الشمس مقابلةً للقمر ليلة الحادية عشرة إن شئت، ليكون الخسوف والكسوف صادرين عن سببهما العادي كما يقتضيه رأي أهل الفن.

وسبب ثالث: لعلك تؤمن به كل الإيمان وهو ما رواه المنجّمون، أنفسهم أن القمر خُسف في وقت التربيع، والشمس كسفت في منتصف الشهر في زمان عيسي بن مريم فضايقتهم هذه الحادثة، وكذبت احدوثتهم، فما لبثوا أن عللوا ذلك بأن اللَّه خلق بين السماء والأرض كواكب سوداء، وهي سيارة لا تدركها الأبصار لفرط بعدها عن الأنظار، غير أنها حَجَبت النيّرين عن أبصار أهل الأرض لمصادفة وقوعها تحت خط مسيرهما، فكان كسوفاً وخسوفاً لهما غير عاديين، ولكنهما مسببان بسبب معقول، إذن فلماذا نستبعد أن يكون الزمان المتطاول، أو بالأحري هول الخطب الفظيع النازل، أعاد الكرة وجاء بتلك المصادفة فصارت هذه الكواكب تحت خط مسير الشمس نهاراً وتحت خط مسير القمر ليلاً.

الوجه الثالث: أيها المعترض الكريم، إن أبيت ركوب جادة الحقيقة بحمل كل من الشمس والقمر علي الحقيقة، فتعالوا الي كلمة سواء بيننا وبينكم، لتقرب المسافة ولا تروا بيننا ولا نري بينكم، فقد قلنا غير مرة أن باب المجاز واسع، وأكثر كلام العرب خصوصاً في مفردات كلامهم محمول عليه، فلنجعل القمر وجه قمر بني هاشم أبي الفضل العباس الذي خسف رأسه عمود من حديد [19] ، فكوّر من ظهر جواده وقد قطّعت يداه، فوقع - بأبي وأمي - منكوساً علي رأسه المنخسف بالعمد، فصار الخسوف كلياً، وتحقق للعيان مرئياً، ولقد كان حجاب النقع وملاءة


القسطل الثائر في ليل الحرب والقتال قد حجبا نور القمر قمر بني هاشم الذي كان يستمده من ضياء شمس العالم أبي عبد اللَّه الحسين ولكنه جعل اللواء الخافق علي رأسه بريح النصر والظفر دليل طلوعه، وشادة بزوغه وسطوعه، فما راعه إلا وقد هوي، فعلم أن قد ترجل من ظهر جواده حامل اللواء، فتداعت منه الأركان وانهدَّت منه القوي غير أنه امتطي صهوة جواده، وقصد إليه [20] والجوي ملؤء فؤاده، فرأه بتلك الحالة المشجية والصورة المحزنة المبكية.



وَهوي عليهِ ما هنالِك قائلاً

اليومَ بانَ عن اليمينِ حُسامُها



اليومَ نامتْ أعينٌ بكَ لم تَنَم

وَتَسهّدَت اُخري فعزَّ منامُها [21] .



أما تكميل الرواية بأن خسوف القمر كان ليلة الحادية عشرة فلعله زيادة من الراوي ظناً منه أن القمر لا يخسف إلا ليلاً، فألحقها بعبارةِ أن الشمس كسفت في عاشر المحرم نهاراً، ولعلك عرفت أن المقصود بها شمس العالم وذكاءُ افق الدين والهدي، والنير الأعظم في سماء الحق والرشاد، أبو عبد اللَّه الحسين، فلقد كوّرت بالرماح والسيوف، بعد أن ابتدأ بها بصفحة جبينها الخسوف، في الحجر الذي صك جبهته به أبو الحتوف [22] .



شمسُ اُفقِ الدينِ أضحَت في كسوفٍ بالسيوف

وَتَوارت عَن عُيونِ الناسِ في أرضِ الطّفوف






فأصابَ الشمسَ والبدرَ كسوفٌ وخُسوف

لكِن الاُفق مُضي ءٌ بسنا رأسِ الحُسينِ [23] .





پاورقي

[1] المِحاق و المُحاق: آخر الشهر اذا امَّحق الهلال فلم يرَ.

انظر لسان العرب لابن منظور ج 13 ص 38.

[2] بحار الانوار ج 22 ص 155.

[3] سورة الانعام / 164.

[4] وغيرهم کثير مثل:

(1)- البيهقي في سننه.

(2)- السيوطي في الدر المنثور في ذيل الآية الکريمة (وحناناً من لدنا وزکاة وکان تقيا).

(3)- ابو نعيم في حلية الاولياء.

(4)- المحب الطبري في ذخائر العقبي.

(5)- ابن منظور في مختصر تاريخ دمشق.

(6)- ابن حجر في تهذيب التهذيب.

[5] اقرأها - إن احببت - في ذيل ترجمته المثبتة في الجزء السادس من (ادب الطف) للسيد جواد شبر.

[6] سورة الدخان / 29.

[7] سورة النور / 16.

[8] سورة الملک / 2.

[9] سورة الروم / 8.

[10] الملهوف علي قتلي الطفوف ص 158.

[11] سورة الانعام / 164.

[12] سورة القيامة / 9 - 8.

[13] سورة مريم / 91 - 90 - 89 - 88.

[14] في قوله تعالي (اقتربت الساعة وانشق القمر).

[15] انظر الارشاد للشيخ المفيد ج 1 ص 345.

ويطيب لي هنا اخي القاري‏ء الکريم ان اذکرک بالبحث القيم الذي کتبه العلامة الاميني رحمه اللَّه حول رد الشمس للامام امير المؤمنين عليه السلام والمُودع في ج 3 ص 107 وما بعدها من کتابه الغدير فراجع إن احببت.

[16] يوحي وذکاء وبراح اسماء علمية للشمس / المؤلف.

[17] أغذّ في السير: اسرع فيه، والفَرَق: الخوف / المؤلف.

[18] سورة الکهف / 18.

[19] مناقب آل ابي طالب ج 4 ص 108.

[20] تظلم الزهراء ص 199.

[21] البيتان من قصيدة غراء للشاعر الکبير الشيخ محمد رضا الازري المتوفي سنة 1240 هجرية يرثي بها العباس عليه السلام مطلعها:



أوما أتاک حديث وقعة کربلا

أني وقد بلغ السماء قتامها.

[22] لواعج الاشجان ص 187.

[23] من قصيدة عامرة للشيخ حسن الدمستاني البحراني رحمه اللَّه وقد تقدمت الاشارة اليها.