بازگشت

لماذا يأمر السيوف ان تاخذه






إن كانَ دينُ مُحَمدٍ لَم يَستَقِم

إلا بقَتلي يا سُيوُفُ خُذيني



هذا البيت ينشده الكثير من الناس عن لسان الحسين، ظناً منهم أنه قد أنشأه يوم عاشوراء وقد حفظه من كثرة تردد إنشاده حتي النساء في مقاصيرها، والأطفال في ملاعبها، فاتلع [1] المُعترض رقبته صارخاً كيف جاز للحسين أن يأمر السيوف، ويراد بها مطلق السلاح - والسيوف من باب التمثيل - أن تأخذه فيلقي بيده الي التهلكة مع أن الواجب علي المسلم الدفع عن نفسه ما أمكن الدفع عنها، وأن لا يُحِبَّ لها طرفة عين تلفاً، وإلا كان جانياً عليها وقاتلاً لها، وقاتلُ نفسه من أهل النار، إذ السبب أقوي من المباشر.

قلنا سمعنا في علم البيان سَبك المجاز في المجاز، وسمعنا في هذا الإعتراض سبك الغلط في الغلط، فإن هذا البيت لم تات رواية ولو ضعيفة أنه من إنشاء الحسين، بل ولا من إنشاده، وأنه لغيره فاستشهد به وإنما قاله عن لسانه الشاعر الشهير الشيخ محسن ابو الحب الحائري المتوفي سنة 1305 ه في ضمن قصيدة له يرثي بها الحسين [2] .



وما أكثر القصائد التي اشتهر منها البيت الواحد والبيتان فقط.



وقد يفضل البيتُ البليغ قصيدةً

مطولة الألفاظ من غير طائلٍ



وبعد شهرته الطائلة اشتبه الرأي العام فنسبه الي الحسين، فما ذنب الحسين يا معشر المسلمين، فأنصفوه إن كنتم لأنفسكم منصفين، هذا مع أن الشاعر إذ أنشأه عن لسان حال الحسين، لم يُرد الحقيقة كما يتراأي من حاق الألفاظ حسب وضعها الأفرادي أو التركيبي، بل أراد بقوله «يا سيوف خذيني» الكناية عن


توطين الحسين نفسه أن تسيل علي ظُبي السيوف وأطراف الرماح في وطيس المعركة حمايةً لدين جدّه المصطفي وذياداً عن حوضه الأقدس أن تهدمه أيدي الإستبداد اليزيدي والظُلم الأموي، ولسان حاله ينشدُ قول جدّه الأعلي عبد المطلب بن هاشم عليه السلام.



لنا نفوسٌ لِنيلِ المجدِ عاشِقَةٌ

وَلَو تَسَلت أسَلناها عَلي الأسلِ



وهذا المعني الكنائي الذي ذكرناه مساوق لقول السيد جعفر الحلي في يزيد (لع):



قَد اصبحَ الدّينُ مِنهُ يشتَكي سقَماً

وَما الي أحد غَير الحُسين شَكا



فما رَأي السِبط للدّين الحَنيفِ شِفاً

إلا إذا دَمُه في كَربلا سُفِكا



نَفسي الفِداء لفادٍ شَرعَ والِده

بِنفسِه وبأهلِيه وَما مَلكا [3] .



وقد نضمت هذا المعني بعد أن كسوته حلّة الإستعارة فقلت في الحسين:



ضحّي بمُهجَته ليَسقي دَوحَةً

للدِينِ هَدَّدها العَدو وكادَها



وسَخا بها زيتاً ليوُقِد شُعلةً

للرُّشد قد رامَ العِدي إخمادَها



وإن أبيت ألا تجعل قوله «يا سيوف خذيني جارياً علي الحقيقة فليكن من خيال الشاعر، وللشعراء خيال واسع الأفق ممتد الأطراف والنواحي، لا تؤخذ عليهم الدّقة فيه، ولا يحاسبون عليه حساباً عسيراً، ولا ينشر لهم في دنياهم كتاب يقولون فيه «ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها» [4] .

ألم تسمع ما قيل فيهم «الشعراء اُمراء الكلام يسوغ لهم ما لا يسوغ لغيرهم» وكلّما كان خيال الشاعر واسعاً بحيث يجعل الأشياء الموهومة حقايق راهنةً، بل أشباحاً ماثلةً للعيان كان أوقع في النفوس وأشد قبولاً في الأذواق، وانظر الي عنترة الشاعر الفحل كيف يقول لمحبوبته عبلة بنت مالكٍ في معلقته الشهيرة:




ولقد ذَكرتُكِ والرِماحُ نواهلٌ

مِنّي، وبيضُ الهِندِ تقطر من دمي



ووَددتُ تَقبيلَ السُيوفِ لأنها

لَمَعت كبارقِ ثغرِكَ المُتبسِم



وفي ظني أن خيراً منه قولي في خِطاب بطل نهضتنا وبطل الإسلام والعرب، شهيد الحق والدين، وصريع الإباء والعظمة:



رَضيتَ بأن تَناهَبكَ المواضي

وليسَ يكونُ بَينكُما حجابُ



هيَ الأقلامُ للإسلامِ خَطَّت

قَوانياً وأنتَ لها كِتابُ



ومن هنا أعدتُ الكرة في هذا المعني لمّا أعجبني، فقلت من قصيدةٍ اُخري:



صَبرتَ علي تلك الخطوبِ لأنها

علي مَجدِكَ السّامي الاثيلَ شواهدُ



تَري البيضَ أقلاماً وجسمُك مُصحفٌ

تُحررُ للإسلام فيهِ القواعِدُ



ولعلك تقول هذا الكلام كله خيال في خيال، ولسنا الآن بصدد الشعر والشعراء ولا في بيان المذهب الكلامي الذي يُبحث عنه في علم البديع لننظر مَن كان الُمجلي في هذه الحلبة ومن يا تري يكون المُصلي، بل كأن هذا الشاعر إن ثبتَ أن هذا البيت له يضربُ علي وترٍ وينظم روايةً جاءت في هذا المعني، ليس لها في التاريخ الصحيح عين ولا أثر من أن السيوف والرماح كانت تمر علي الحسين، فتسلم عليه ولا تعمل في جسده شيئاً، حتي أمَرها بأن تعمل في جسده وتأخذ منه مأخذها، فأخذته من كل جانب ومكان.

قُلنا إن كانت هذه الرواية مكذوبةً علي الحسين فما ذنب الحسين، وقد كذّب الناس علي جدّ الحسين بل وربِّ الحسين، فقال ابو الحسين:



قد قيلَ أن الإلهَ ذو ولدٍ

وَقيلَ أن الرسولَ قد كهَنا



لم يسلَمِ اللَّهُ والرسولُ معاً

مِن افتراءِ الوري فكيف أنَا



وإن كانت صادقةً فإنها تحقق لنا بوضوح أن في هذه النهضة أسراراً لا تُحيط نفوسنا بكنهها، وإن بلغت رتبة العقول، لأنها فوق المحسوس والمعقول، وقد


اقترنت بقرينة تجعلنا نؤمن بذلك كل الإيمان أن قد سلّمت السيوف والرماح والسهام علي الحسين، ولم تعمل في جسده إلا بعد إذنه لها، مُرغماً لأنف الطبيعة وخرقاً لناموس العادة، وإذا خرق حكم الطبيعة وناموس العادة، لأنه فوق مستوي البشر - وهو خلاف فرض البحث - فَلِم لا يكون له حكم خاص فيه بأن يُحتّم عليه واجبه الديني الأذن للسيوف بأن تعمل في جسده، بعد أن كانت تُسلّم عليه «أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض» [5] ونقول في مقام الإثبات أنه لا بأس علينا أن نعتبر الرواية صادقةً إذ كانت مرويةً ولا مانع من قبولها، لأننا نروي الكثير من نظائرها وأمثالها كرواية تسليم الحجارة علي النبي المصطفي والوصي المرتضي [6] إذا رماهمّا بهما عُتاة قريش وغيرهم واقتضت حكمة الظروف ذلك وضربه أبو جهل بن هشام يوماً آخر بحجر، وهو ساجد لوجه اللَّه فلصق الحجر بيده [7] ، وكان عبرةً للناظرين، فقال ابو طالب في ذلك من قصيدةٍ يمدح بها ابن أخيه:



أفيقوُا بَني عَمِنا وانتهوا

عَن الغي من بَعض ذا المَنطقِ



الي أن قال:



وأعجَب مِن ذاك في أمرِكم

عَجائب في الحَجرِ المُلصَقِ



بِكَفِ الذي قامَ مِن خُبثهِ

الي الصابرِ الصادقِ المُتقي



فأثبَتهُ اللَّهُ في كَفِّهِ

عَلي رَغمَةِ الخائنِ الأحمَقِ



وضربه يوماً آخر، وهو علي الصفا يُبشر بدين اللَّه، ويضرب لهم الأمثال فأدمي جبهته الشريفة وتبعه غيره من طواغيت قريش رضخاً بالحجارة فطار خبر قتله الي وزيريه علي بن أبي طالب وخديجة ام المؤمنين [8] ، وهكذا لما خرج من الطائف، ولم تنجح دعوته فيها وشوا به أحداثهم وصبيانهم فوقفوا علي


طريقه سماطين، وكلما رفع رجله أو وضعها ضربه أحدهم بالحجر، حتي خرج من الطائف وساقاه تشخبان دماً [9] ، وللَّه في صفوته حكمةٌ بالغةٌ وتدبيرٌ هو أعلم بمصلحته.



فطوراً تَراهُم ظافِرين وتارةً

بِهم من عِداهم يَنشبُ الناب والظُفرُ



وتشفع رواية تسليم الحجارة رواية تسليم النخل الصيحاني عليهما، كُلما تشرفت برؤيتهما [10] ، ومن هنا اختص هذا النوع من النخيل بهذا الإسم الي يوم الناس هذا، وعليك بخطبة أمير المؤمنين المعروفة بالقاصعة المروية في كتاب نهج البلاغة في تسليم الشجرة بلسان الحال واعترافها للنبي بالرسالة وللوصي بالولاية، حين قلعِها واتيانِها تخذُّ الأرض خذاً، ووضعها غصنها الأعلي علي رأس النبي الكريم، وبعض أغصانها علي منكب وصيّه النبأ العظيم، وانشقاقها كأمره وإلتئهامها ورجوعها الي موضعها كلما اقترح عليه ذلك قريش [11] ، الي كثير من روايات تسبيح الحصي، وإنطاق الجمادات، وخطاب الوحوش في الفلا وكلام العجماوات، ودونك الكتب المعدَّة لذكر الفضائل والمعجزات الخارقة للعادة مما لا تحصي كثرةً ولا يأتي عليها قلم البيان [12] ، والقران فوق الكل ينادي بانشقاق القمر [13] لحبيبه المصطفي، وانفجار العيون من الحجر حيث ضربه بالعصا كليمه موسي [14] وإحياء الموتي علي إثر دعاء روحه عيسي [15] «ولا يشفعون لأحدٍ إلا من بعد أن يأذن اللَّه لمن يشاء ويرضي» [16] .


ونعود الي الحسين في توطين نفسه علي الذبح قرباناً لدين الحق ومبدئه المقدس فنقول ما كان بدعاً من سلفه الكريم، فقد قرّب جدَّه إسماعيل الذبيح وفاءً لنذر أبيه خليل الرحمن فتقبل اللَّه قربانه وفداه بذبحٍ عظيم، وكذلك عبد اللَّه أبو رسول اللَّه حيث نذر أبوه عبد المطلب إن رزقه اللَّه عشرة بنين ليذبحنَّ أحدهم قرباناً لوجهه الكريم، فلما أجال القِداح [17] وخرج سهم عبد اللَّه علي الذبح [18] لم يتلكأ [19] الولد الشاب، ولم تأخذ الشيخ الوالد به رأفةٌ ولا رحمة دون تنفيذ أمر اللَّه وإرادته فيه حتي فداه اللَّه من الذبح كما فدي جدّه إسماعيل من قبل إكراماً لنور نبيّه المصطفي، حيث خلل صلبهما وتألق ضياؤه في أسارير جبهتيهما، ليفخر الرسول بذلك وله الفخر والشرف فيقول «أنا ابن الذبيحين» [20] .

وجاء المرتضي فاعاد تاريخهما المجيد كأحسن ما يتصوره العقل وأتم ما يقتضيه له المجد فقد أسلم أبواه نفسيهما للذبح بمدية واحدة بكف أبويهما ولا شك أنهما أرأف الناس بهما، وأما أمير المؤمنين فقد أسلم نفسه للذبح في مبيته علي فراش الرسول إذ بات يقيه شر الأعداء الفئة المنتخبة من جميع قبائل قريش، فأنزل اللَّه فيه قُراناً يتلي الي يوم القيامة شكراناً لسعيه وتنويهاً بفضله وعظمته «ومن الناس من يشتري نفسه ابتغآء مرضاة اللَّه واللَّه رؤوف بالعباد» [21] أجل لقد رأف اللَّه الرؤف الرحيم بهذا العبد الكريم المنقاد لأمره، إذ جعله أداةً لمكره بأعدائه فالقي عليه شبه حبيبه المصطفي، وقد مكروا به ليضربوه بسيوفهم ضربةً واحدةً فيضيع دمه في القبائل كلها «ويمكرون ويمكر اللَّه واللَّه خير الماكرين» [22] ونصره اللَّه بوليه «إذ أخرجه الذين كفروا ثاني إثنين إذ


هما في الغار» [23] ثم رفع شبه المصطفي عنه، وقد أزف الأجل المضروب لهجومهم عليه في الدار وضربهم له بسيوفهم المحدودة الأشفار، وقد كتب اللَّه له بكل نفس من أنفاسه في ليلته تلك ما يعجز الإنس والجن بل والملائكة عن إحصاء ثوابه، فأرغم اللَّه انافهم ومدَّد له في أجله أربعين سنة لكل سيف سنة ليضاعف له الثواب بعدد أنفاس تلك السنين فقد أنفق أنفاسها في سبيل اللَّه علي الشاكلة التي أنفقها ليلة مبيته علي فراش رسول اللَّه، فقد ظل دائباً في الجهاد بين يدي رسول اللَّه، ورفع قواعد الدين بجهاده وصبره وعبادته وزهده وبث علومه التي ورثها من مدينة العلم وكان لها باباً كما قال صلي الله عليه وآله «أنا مدينة العلم وعلي بابها» [24] .



إنما المُصطفي مَدينةُ علمٍ

وَهو البابُ من أتاه أتاها [25] .



ثم ختم له بالشهادة التي لا زال يتوق إليها، وقد وطّن نفسه منذ مبيته بالفراش بل قبله عليها فقُتل بسيف عدو اللَّه ابن ملجم صائماً لربه وسط محراب صلاته في أحب بيوته إليه.

إذن فأي عجب يكون من الحسين إذا كان الرابع من نوعه، فقرّب أولاً قرابينه العزيزة من صفوة أنصاره وأطائب فصيلته، فتقبل اللَّه تلك القرابين مِنه قبولاً حسناً فاكلتهم نار الوغي بعد نار الظما.



نارُ الوَغي أكلَت نُفوسهم التي

قَد قَرّبُوها إيما قُربانِ [26] .



ثم لم يكفه ذلك حتي قرب بطفله الرضيع بعد أخيه الأكبر، والولد قطعةٌ من الكبد بل الكبد كلُّه، ولم تقنَع نفسُه بذلك حتي أكمل قُربانه بجسده الشريف


وهيكله اللطيف فقدمه طعمة للسيوف ومنهلاً للرماح ومنتصلاً للسهام وموطئاً للخيل، وما كفاه ذلك دون أن قدّم سلطان الجسد والمدبر لمملكة الجسم قلبه الطاهر الزكي فأكلته - قرينة القبول - نار الحزن ونار فقد الأحباب والآل، ونار الظمأ ونار السهم ذي الشعب الثلاث ونار السم الذي نفثه به وكان كامناً فيه.



إيهِ يا قلبهُ الزكي الذي ما

زالَ للعَطفِ مَوضِعاً والسلامِ



كيف أصبحتَ في الطُفوفِ محلاّ

للرَّزايا وللخُطوبِ العِظامِ [27] .



هذا والشمس تُرسلُ أشعتها وحرارتها الوهاجة ونيرانها الملتهبة لتصهر خدّه الشريف وتحمي النصال المتكسرة في جسده، وتذيب الدماء المنجمدة من جُراحاته التي لا تحصي، وتضاعف حرارة السموم لينصهر الرمل الذي إتخذه وسادةً لخده الوضيء ومهاداً لجسده الجريح فيتقلّب عليه فتزداد السهام ركوزاً ببدنه الموزع والسيوف ولُوجاً بجراحاته المستغرقة لجوارحه، أتراهُ اكتفي من نفسه بهذا كلّه من خدمة مولاه - وبعض هذا لا تقاومه الجبال - بل بقي في ضراعته الي اللَّه وابتهاله ولسان حاله يهتف قائلاً فيرن صداه في مسمع التاريخ والأبد:



تركتُ الخلقَ طُراً في هَواكا

وأيتَمتُ العِيالَ لِكي أراكا



فَلَو قَطَعتَني في الحُبِ إرباً

لَما مالَ الفُؤادُ الي سِواكا



حتي جاد بنفسه في سبيل اللَّه وقدمها ضحيةً لدين رسول اللَّه «والجود بالنفس أقصي غاية الجود» فلم يتلكأ ولم يبخل بصدره الذي حوي العلوم الإلهية أن يرقاه شمرٌ متربعاً عليه ولم يضنَّ بنحره الذي كان يترشفه رسول اللَّه فيهبرُ أوداجه بسيفه وكلّما قطع ودجاً منها نادي وا جدّاه وا محمداه وا أباه وا علياه [28] ، يريد هَلمَّ وانظر إني كيف ضحيّت بنفسي وفديت له حياتي الغالية لدينكما الذي


اشتركتما في رفع قواعده حتي قطع رأسه ورفعه علي قناة طويلة لواءً لدين جدّه المصطفي، وإلا لو لم يفدِ نفسه فما تظنُّ.



أمثلَ حُسينٍ يَركبُ الشِمرُ صَدرهُ

وَما هو صَدرٌ بَلُ خِزانَةُ تَوحيدِ



أمثلَ حُسينٍ يَقطَعُ الشِمرُ رأسهُ

وَيرفعَهُ مِن فوق أسمرَ أملودِ



يقول الشاعر «والجود بالنفس أقصي غاية الجود» ولكن الحسين تجاوز في وجوده الغاية، ولم ينته كرمُه العبقري الي نهاية، حتي أتمَّ نهضته وكُلها جودٌ وكرم، واكمل سيرته وكلُّها مجد وشمم، بأن قدَّم نِساءهُ لذل السبأ وأطفاله لهوان الأسر بعد وحشةِ اليتمِ كما خاطبناه في بعض قصائدنا بعد قتله فقلنا:



وَلَم تَقنَع بهذا الأمر حَتي

قَضي من فَعلكَ العَجَبُ العُجابُ



وَقَد أكمَلتَ سِيرَتِكَ المُعلّي

بأسرِ ذَويكَ تحمِلها الصِعابُ



أحَقاً تِلكَ زَينَبُ واليَتامي

تَنُضُّ الي الشامِ بِها الرِكابُ



أحَقاً تِلكَ زَينَبُ وَالأيامي

حَواسِرَ ما لا وَجهها نِقابُ



تم الجزء الأول من كتابنا «سياسة الحسين» ويتلوه الجزء الثاني انشآء اللَّه تعالي علي يد مؤلفه الأقل الجاني والمتعطش لفيض ربّه السبحاني عبد العظيم الربيعي، حامداً للَّه رب العالمين ومصلياً علي نبيه محمد وآله الطاهرين المعصومين المظلومين».


پاورقي

[1] اتلع رقبته: مدّ عنقه متطاولاً، والمقصود منه الإهتمام بالأمر / المؤلف.

[2] ومطلعها:



إن کنتِ مشفقةً عليَّ دعيني

لا زال لومک في الهوي يغريني.

[3] جاءت ابياته هذه في ضمن قصيدته العامرة التي يرثي بها الحسين عليه السلام ومطلعها:



اللَّه اي دمٍ في کربلا سفکا

لم يجر في الارض حتي اوقف الفلکا.

[4] سورة الکهف / 49.

[5] سورة البقرة / 85.

[6] اثبات الهداة ج 1 ص 407.

[7] بحار الانوار ج 18 ص 52.

[8] انظر بحار الانوار ج 18 ص 242.

[9] السيرة النبوية لابن هشام ج 2 ص 61.

[10] انظر مناقب آل ابي طالب ج 2 ص 327.

[11] انظر نهج البلاغة شرح محمد عبده ج 2 ص 137.

[12] انظر الباب الثامن من الجزءالاول من کتاب (اثبات الهداة) للحر العاملي.

[13] قال اللَّه تعالي في کتابه المنزل علي نبيه المرسل (اقتربت الساعة وانشق القمر).

[14] قال اللَّه تعالي (واذ استسقي موسي لقومه فقلنا اضرب بعصاک الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عيناً...).

[15] قال الله تعالي (ورسولاً الي بني اسرائيل - الي قوله - وابري‏ء الاکمه والابرص واحيي الموتي بإذن الله).

[16] سورة النجم / 26.

[17] القِداح: جمع قِدح: سهم الميسر / المؤلف.

[18] انظر بحار الانوار ج 15 ص 128.

[19] تلکّأ عن الأمر: أبطأ وتوقف / المؤلف.

[20] يريد بالاول جده اسماعيل عليه السلام وبالثاني أباه عبد اللَّه الذي نجا من الذبح کما نجا جده اسماعيل عليه السلام.

[21] سورة البقرة / 207.

[22] سورة الانفال / 30.

[23] سورة التوبة / 40.

[24] حديث مشهور ذکره اکابر علماء المسلمين علي اختلاف مذاهبهم في کتبهم المعتبرة قاطعين بصحة صدوره عن النبي (ص).

انظر مستدرک الصحيحين ج 3 ص 126، وتأريخ بغداد ج 2 ص 377، وکنز العمال ج 6 ص 156.

[25] للشيخ کاظم الازري وقد جاء في ضمن ازريته الشهيرة.

[26] من قصيدة للمؤلف قدس سره مطلعها:



أأمنت مکر الواحد الديّان

فعصيته بالسر والاعلانِ.

[27] من قصيدة لمؤلف الکتاب مطلعها:



حي‏بالحزن والدموع السجامِ

کربلا واندب الشهيد الضامي.

[28] انظر اسرار الشهادة ص 246.