بازگشت

كيف رمي الغرفة من يده


الحب ينموا في القلب ويشتدُ، حتي يتمكن من القلب ويمتلكه، وله مراتب متعددة، ولتلك المراتب آثار وخواص، وأعلاها فناء العاشق في ذات المعشوق، فيسيطر الحب فيها علي القلب، ولا شك أن الجوارح تابعة للقلب تبع الرعية للسلطان، وخصوصية هذه المرتبة أن تطغي الجوارح علي الطبيعة وتخرج عن أحكامها، فلا تعود تحس بالآلام التي تحس بها لو خليت وطبعها، ولا تدرك اللذات التي تدركها لولا تمكن الهوي من القلب، وربما كانت لها آثار وانفعالات لم تكن لولا بلوغ هذه المرتبة من العشق والهيام، حتي كأن اللَّه ركب فيهما طبيعة أخري تخالف طباع البشر، يسوط أحدهم القدر بيده فينتثر لحمه في مرقها وهو لا يجد للحرارة أي ألم [1] ، وتأمر امرأة العزيز بضرب يوسف سبعين سوطاً - وبينه وبينها حجاب- فتضرب الأرض قبل تمام السبعين ضرباً شديداً، ثم يضرب هو تمام السبعين سوطاً واحداً ضربة خفيفةً فتؤذيها هذه الضربة، وتحسُّ أن السوط وقع علي فؤادها، فتفزع لذلك فزعاً عظيماً، وَتفتصِدُ فيجري دمها علي الأرض، وهو يكتب، يوسف يوسف، ويدفن عاشق الي جنب معشوقته فتنبت علي قبريهما شجرتان تتقاربان وتتعانقان تعانق العاشق والمعشوق، ويخبر النجاشي بسقوط رباعية رسول اللَّه فتسقط رباعيته، ثم يخبر بموته فيموت لوقته وساعته [2] .


والعباس [3] في عشق أخيه الحسين لا بد أن يكون قد بلغ الذروة العالية،


والمرتبة القصوي التي يضيق عنها نطاق البيان، والتي لا يعلم مداها إلا اللَّه خالق حقائق الأشياء، فقد توافرت عليه دواعي حبّه وهواه، وعاد لا يري في الوجود غيره ولا يبصر سواه، أحبّه للَّه في اللَّه، وأحبّه لذاته ومعناه، وأحبّه لأنه كان أخاه، بل سيّده ومولاه، وأحبّه لشدّة حب الحسين إياه، وأحبّه حباً جماً، لغير ما ذكرناه فلا بدْع ولا عجب إذا رمي الغرفة من يده بعد أن ذكر عطش أخيه الحسين ولم يُحس للعطش ألماً، عِلماً منه أن الماء سيذكي جذوة الظمأ في فؤاده الذي ملكه حب الحسين، فليس لحب الماء فيه مكان، ولا عجب لو أكل الندم أصابعه وجرت دموع الأسف علي وجنتيه، حيث همَّ بشرب الماء قبله، وقرع باب التوبة في عتاب نفسه الكريمة بقوله [4] .:



يا نفسِ من بعدِ الحسينِ هوني

فبَعدَه لا كانَ أن تكوني



هذا الحسينُ شاربَ المنون

وتشربينَ باردَ المعينِ



يا نفس ما هذا فعالَ ديني

ولا فعالُ صادقِ اليقينِ



فهل في هذا الدليل مقنع لمن يتخذلقون [5] في عذله، ويتحكمون في وجوب شربه الماء، ليقوي به علي الجهاد ويبلغ الغاية التي توخاها، من إيصال الماء الي الحسين، ثم يزيد بعضهم في الطين بلّه وفي الطنبور نغمة، فيقول انه بترك شرب الماء جني علي نفسه وقتلها، وبعضهم يسترسل في عذره عن مقارفة هذا الذنب، بأن العباس غير معصوم، كأنه لم يعلم أن قاتل نفسه في النار، وليس هو مذنباً من صغار الذنوب التي قد تصدر من غير المعصوم.

هذا ولنا في الجواب عن هذه الإعتراضات علاوةً علي الوجه الآنف أجوبةً اخري وإليك تفصيلها:

الأول: أن فعل العباس لا بد أن يحمل علي الصحة لأنه مسلم، واحمل فعل أخيك المسلم علي أحسنه، - استغفر اللَّه - بل فعله حجة لأنه معصوم من الزلل


مفطوم من الخلل، أليس هو تلميذ مدرسة أبيه المرتضي باب مدينة علم المصطفي، وخريج جامعة أخويه السبطين الأمامين إن قاما وإن قعدا، وقد شهد له الإمام بأنه قد تلبس بالملكة النفسانية التي تسدد صاحبها عن اقتراف المآثم والإنحراف عن الطريق المستقيم، إذ يقول: «كان عمنا العباس عليه السلام صلب الإيمان، نافذ البصيرة» [6] .

وفي رأيي أن للعصمة مرتبتين:

الاولي: التي يتلبس بها حملة عهد اللَّه الذي لا ينال الظالمين، وهم الأنبياء والأئمة، وهي المشار إليها بقوله تعالي: «اللَّهُ أعلمُ يحثُ يجعلُ رسالتَهُ» [7] وهذه المرتبة لا يتناولها موضوع بحثنا لأن واحداً من الشيعة لم يدَّع أن العباس إمام ثالث عشر.

الثانية: ما ذكرنا من الملكة النفسانية التي تمنع صاحبها عن ارتكاب صغير الذنوب وكبيرها، وهي فوق ملكة العدالة، وهي مطلوبة من الاُمة بأسرها لقوله تعالي: «فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره - ومن يعمل مثقال ذرةٍ شراً يره» [8] فنقول هل مثقال الذرة من الشر من صغار الذنوب أم من كبارها، واذا كان من صغارها فهل نهانا اللَّه عن ارتكابه ام لا، وإذا كان اللَّه نهانا عنه فهل هو تحت قدرتنا واستطاعتنا أم لا، لا بد أن تكون الأجوبة كلها إيجابية، فإن مقدار الذرة كحبة الخردل في غير موضع تمثيل لصغير الذنوب، ولا بد أن يكون العبد منهياً عنه وإلا لم يكن ذنباً، ولم يرَ الإنسان له جزاءً شراً، ولا بد أن يكون تركه مقدوراً لنا، لأن اللَّه لم يكلف الطاعة إلا دون الوسع والطاقة.

والعباس - وحاشاه - إذا سلّمنا معهم جَدَلاً بأنه قارف هذا الذنب لم يكف الاعتذار عنه بأنه غير معصوم، فارتكب ذنباً صغيراً، لأنه قاتل نفسه، وقاتل نفسه


من أهل النار، فيكون ذنبه اكبر من الجبال والأرض والسماوات، وليس أكبر منه إلا عفو اللَّه، وقد ادُّعيت هذه المرتبة من العصمة للكثير من الناس، فكيف يخلو منها مثل أبي الفضل العباس [9] .

ثم لم يكن لتقاريض المعصوم عليه وجهٌ مقبول، فهل جاء في التاريخ أن أحد الصالحين -فضلاً عن النبيين - قتل نفسه، ليقول له الإمام [10] : «أشهدُ أنك مضيت علي بصيرةٍ من أمرك مقتدياً بالصالحين ومتبعاً للنبيين».

ثم إرجع البصر وأعد النظر لتري عظمة الثناء عليه من الامام - ولا يعرف الفضل إلا أهله - إذ يقول له: «أشهدُ أنك مضيت علي ما مضي عليه البدريون والمجاهدون في سبيل اللَّه المبالغون في نصرة أوليائه الذابّون عن أحبائه» فمن هم البدريون الذين شبّه الإمام موقف العباس بموقفهم، هل هو عمير بن الحمام الأنصاري [11] الذي رمي التمرات من يده، حيث سمع النبي يحض علي الجهاد، ويرغب في دخول الجنة قال: «فما بيني وبين دخول الجنة إلا أن أرمي هذه التمرات من يدي» ثم القي بنفسه في وطيس المعركة واستُشهِد [12] ، ولم يقل له حامل الرسالة الخالدة كل تمراتك أولاً لتقوي بها علي الجهاد، وإلا كنت قاتلاً لنفسك، أم هو سيدهم وممثلهم أمير المؤمنين الذي فُسّر فيه قوله تعالي: «يا أيّها


النبي حسبك اللَّه ومن اتبعك من المؤمنين» [13] وأمير المؤمنين معصوم من اللمم [14] ، ومتبع للنبي الأعظم، أفيكون تابعهما مرتكباً لخطيئة ليحتاج للأعتذار عنه بأنّه غير معصوم.

وليت شعري ما وجه المبالغة في نُصرة العباس للحسين المشار اليها في قول الإمام «المبالغون في نصرة أوليائه الذّابون عن أحبائه» ونحو هذه العبارة مما يوجد في غير هذه الزيارة فهل يريد قطع يديه فقد قُطعت يدا غيره كوهب بن حُباب الكلبي [15] ، أم غير هذه من الملكات والحالات التي حازها العباس، مما لا يعلمه إلا اللَّه والراسخون في العلم، إني أظن، (وظنُ الألمعي يقينٌ) أن الإمام أراد اختصاص العباس بأنه قدر علي شرب الماء فهتف به وجدانه ونادي به ضميره:



يا نفس من بعدِ الحسينِ هوني

وبعده لا كانَ أن تكوني



فالامام يُقرِّض عليه من أجلها هذا التقريض العظيم الخالد والمعترض يجعله أكبر ذنب للعباس، فانظر مقدار المسافة بين المذهبين، والبون الشاسع بين القولين ثم اختر لنفسك ما يحلو واتبع أيهما شئت.

الثاني: قد تبلغ قوة الإرادة وصدق العزيمة أن يسيطر الإنسان علي نفسه فيقسرها عن تناول ما تُحبُ ويوطئها علي التلبس بما تكره، وذلك رياضة النفس حتي تهش لما تُبغضه لولا هذه الرياضة، فمن ذلك أن النفس تُحبُ نفسها وتحب آثارها تبعاً لها واذا كبح جماحها بعنان الرياضة عادت تبذل نفسها لمحبوبها وهي أعلي مراتب الإيثار، وقد تفسر بالمُفادة وبعدها مرتبة الإيثار فقط، وهي تقديم المحبوب علي نفسها بتخصيصه بما تحب واختصاصها دونه بما تكره.


والعباس فرع تلك الدوحة الكريمة وشبل فادي النبي العظيم الذي أنزل اللَّه فيه «ومن الناس من يشري - أي يبيع نفسه - ابتغاء مرضات اللَّه» [16] لما أمره النبي أن ينام علي فراشه فادياً له بنفسه من الأعداء، فوطّن نفسه علي القتل وأجاب ولم يتلكأ في المبيت، وبقاء النفس للنفس محبوبٌ، ألا تري اللَّه يباهي به ملائكته جبرئيل وميكائيل، حيث أوحي إليهما، «إني آخيت بينكما وجعلت عُمر أحدكما أطول من الآخر فأيّكما يؤثر صاحبه بطول الحياة [17] «فاختار كلٌ منهما طول الحياة، فأوحي إليهما: «ألا كنتما كوليي علي آخيت بينه وبين محمد نبيي فآثره بالحياة علي نفسه ورقد في فراشه يقيه بمهجته، إهبطا الي الأرض جميعاً فاحفظاه من عدوّه [18] «فهبط جبرئيل فجلس عند رأسه وميكائيل عند رجليه، يقول: «بخٍ بخٍ مَن مثلك يا ابن أبي طالب، واللَّه عزّ وجلّ يباهي بك الملائكة» [19] .

والعباس هو ابن الذين يؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصةٌ «ويطعمون الطعام علي حُبّه مسكيناً ويتيماً وأسيراً إنما نطعمكم لوجه اللَّه لا ريد منكم جزاءً ولا شكوراً» [20] .

طبيعي لهؤلاء المعترضين أن ينكروا حديث هذه الواقعة لو لم ينطق بها القرآن ويأتي التفسير شيعيُّه وسنيُّه، بأن علياً وفاطمة والحسن والحسين وجاريتهم فضّة قد اطعموا قوتهم كُلَّه، وهو خمسة أقراص من الشعير مسكيناً في اليوم الأول، ويتيماً في اليوم الثاني، وأسيراً في اليوم الثالث، وصاموا ثلاثة أيام لم يطعموا في لياليها إلا الماء القَراح [21] ، ولولا ورود القرآن والتفسير لسجَّلوا عليهم بأنهم


قاتِلون لأنفسهم، وللحسن والحسين - علي أقل تقدير - لأنهما حينذاك طِفلان لا يتحملان هذا الجوع كلّه إذا قِسناهما علي أطفالنا، وخمسة الأقراص في اليوم الثالث كلها تزيد علي قوت الأسير ليومه، وقد أشرف الطفلان علي الموت، فهلاّ دفع أبوهما نصف قُرصيهما للأسير وتركا النصف الآخر لُيمسكا به رمقهما.

ثم ما الذي أمسك حياتَهما - وإن عادا يرتعشان كالفراخ - لولا قوّة إرادتهما ومضاءُ عزيمتهما، وليت شعري فهل يمكن الإعتذار عنهم بعد الإذعان بحدوث هذه الواقعة بأن أهل البيت غير معصومين وإذن فما وجه مدح اللَّه لهم وثنائه عليهم في قرآن يتلي الي يوم القيامة، والعباس ممن يتلوه حق تلاوته.

الثالث: لقد ورد في الحديث عن النبي صلي اللَّه عليه وآله: «أحب من دنياكم ثلاثاً: النِساء، والطيب، وقرة عيني الصلاة [22] «وقد علق عليه الحكماء أنه لما ذكر النساء والطيب، وقد صدّر الحديث بأن هذه المحبوبات من الدنيا كان سبب ذكر هذه المحبّة لأنه بشرٌ مثلنا، ولكن جنبة تعلقه بالدنيا جدُّ ضعيفةٍ، فكأنها معدومة لديه، فكان حبه للنساءِ ليس لقضاء الشهوة، بل لتكثير النسل فيباهي بأُمته التي هداها اللَّه به ساير الأمم، وهكذا حبه للطيب لأن الملائكة تحبه وتنفر من الأقذار، وصلاة المتطيب تعدل سبعين صلاة [23] ، غير أنها من المواد الدنيوية التي لم تتمحض للآخرة، وأما جنبةُ تعلقه بالآخرة فانها جدُ قوية وكأن لم يكن له سواها، لذلك جذبته سريعاً الي اللّذة الروحية لتمحظها للآخرة، وليست هي محبوبته فقط كغيرها من المحبوبات، بل هي قُرةُ عينه الصلاة.

والعباس لمّا اغترف غرفة من الماء وقرّبها الي فمه وهمَّ أن يشربها كان ذلك منه جهاداً ممزوجاً، بالمواد الدنيوية، فإنه بشرٌ مثلنا وله جنبة تعلق بالدنيا ثم جذبته سريعاً جنبة تعلقه بالآخرة الي اللذة الروحية والجهاد المتمحض للآخرة، وعدم إعطاء النفس البشرية ما تُمسك به حياتها، فإن النفس المطمئنة أولي بأن


تعطي مرادها، لترجع الي ربها راضيةً مرضية، لم تعلق بشي ءٍ من شوائب الدنيا، وبكاء العباس وعتابُ نفسه البشرية بعد أن رمي الماء من يده معناه الأسف والندم علي إغترافه الماء وتقريبه الي فمه وهمّه بأن يشرب، لأنه اعتبرها ذنوباً من مثله، حيث كان جهاداً مشوباً بالمواد الدنيوية، وقد ورد أن حسنات الأبرار سيئات المقرّبين.

الرابع: جاء في بعض الروايات المرسلة أن أباه أمير المؤمنين أوصاه عند الإحتضار بأن لا يشرب الماء إذا ملك الشريعة يوم الطف - قبل أخيه الحسين - فأراد العباس بامتناعه من الشرب تنفيذ وصية أبيه، وأمير المؤمنين أعلم بوجه الحكمة حين أوصي بذلك ولده الحبيب، وقد قال لأخيه محمد قبله أنت ولدي وهذان ولدا رسول اللَّه صلي الله عليه وآله وأنا أجعل ولدي فداءً لولدي رسول اللَّه [24] ، أما إذا شاء المعترض أن ينكر هذه الوصية لأن روايتها مرسلة فلينكر رواية رمي العباس للماء من يده لأن روايتها مرسلة أيضاً وحُكم الإمتثال فيما يجوز ولا يجوز واحد.

الخامس: لقد كان الحسين ضنيناً بأخيه العباس فلمّا جاء يطلب الإذن منه للبراز شقَّ علي الحسين أن يأذن له [25] ، فلم يجد العباس ذريعةً يحظي بها علي حصول الإذن من أخيه الحسين إلا أن يبين له أنه لا صبر له أن يجلس في الخيمة، وهو يسمع بكاء الأطفال من العطش، ويراهم يتلوون من الظمأ ويده تملك قائم سيفه، فأجازه الحسين عليه السلام بأن يطلب لهؤلاء الأطفال قليلاً من الماء [26] .

نقول فإذا كان الإنسان يسعي في مهمّة، ولم يكن كالعباس كِبرَ نفسٍ وعلوَّ همة فإن أمانة السعي تحول بينه وبين أية غاية سواها، ونفسه العصامية تربأ به


أن يقضي لها معها لُبانة، وضميره الحر ينازعه أن لا يشوب بغرضه الأسمي غرضاً آخر، ولو كان سامياً وإلا لم يجد نفسه وافياً بأمانته ولا صادقاً في دعوي هواه ومحبته، فصاحب الحاجة لا يري إلا قضاها.



والمرءُ أعمالهُ تتلو مقاصدَه

لذاك قبلَ أخيهِ المألم يَذُقِ [27] .



ولعل هذا هو الجواب الحقيقي عن أمير المؤمنين حيث قتل بطل الأحزاب عمر بن عبد ود، فاعترض عليه بعض المهاجرين [28] قائلاً له: هلاّ سلبته درعه، فإنها دواودية، وليس للعرب مثلها [29] ، فإن أمير المؤمنين عليه السلام حاشاه أن يحبط سعيه الكريم بأن يشرك غرضاً بغرضه الأسمي في إزالة حجر العثرةِ عن طريق المسلمين، بل يكشف العار عنهم ويرفع الذل الذي شملهم من جراء [30] نداء عمر والذي عجب بنفسه وهجم علي المسلمين يتحداهم في عقر دارهم، منادياً فيهم بِمِلأ فِيه: 0



ولقد بححتُ من النداءِ

بجمعِهم هل مِن مبارِز [31] .



فبرز الإيمان كله للشرك كلّه كمالخّص لنا أمرهما رسول اللَّه الذي اُتي جوامع الكَلِم، نعم برز الإيمان كله وقد تجسّم بشخصيّة بطل الإسلام مُجيباً صوت عمرو وقد تجسّم الشرك كلّه في شخصيته، فلم يلبث أن صرعه اللَّه بسيف ولي اللَّه بضربة لم يعرف قدرها ولم يزن ثقل أجرها إلا النبي الأعظم - ولا يعرف الذهب إلا ناقده - حيث قال: «ضربةُ علي لعمرو بن عبد ود تعدل أعمال الثقلين الي يوم


القيامة [32] «فم يشأ له إيمانه المتين وفناؤه في ذات اللَّه أن يشرك بغرضه الأسمي ومقصده الأعلي طمعاً في حطام الدنيا، ولو كانت درعاً داودية ليس للعرب مثلها، وإن لم يكن عليه في سلبها أية غضاضة وحرج من عرف أو شرع، فقد قال المشرع الأعظم: «من قتل قتيلاً فله سلبه [33] «وقال أمير المؤمنين بعد هذه الواقعة:



نَصرَ الحجارةَ من سفاهة رأيهِ

ونصرتُ ربَّ محمدٍ بصوابِ



وعففتُ عن أثوابهِ ولو إنني

كنتُ المقطَّر بزَّني اثوابي [34] .



فلو لم يكن سلبُ الأثواب بعد القتل معروفاً عندهم لما همَّ به عمرو الباسل السري لو كان - لا قدر اللَّه - هو القاتل لمناجزه علي.

ونحن نقول - لهذا المعترض أو المشير علي أمير المؤمنين مناصحاً له كما تري من كلامه - لاُمِكَ الهَبَلُ، إنك تري علياً قد صبر علي ذبحه مدّة طويلة انجابت فيها عن الأسدين المتصاولين ملاءة [35] القسطل التي نسجتها سدة مصاولة البطلين المتناجزين لأن علياً لمّا جثا علي صدره [36] شتم عِرضه، والعِرض أعز من النفس فخاف أن يعاجله بالذبح فيكون قد أشرك في غرضه التشفي جزاء شتم عرضه، فصبر عليه طويلاً حتي سكن غضبه لنفسه ثم ذبحه قربةً الي اللَّه، ونصرة لدينه، فكيف يشوب بالقربة الطمع بالحطام الزائل، ويدسه في غرضه العظيم ومقصده الكريم، لا هَا اللَّه لا يمكن أن يصدر ذلك أبداً من أمير المؤمنين وسيد العارفين، وللَّه در عبد الباقي العمري حيث يخاطبه ويقول:



وانتَ انتَ الذي للَّهِ ما فعلا

وانتَ انتَ الذي للَّهِ ما صنعا [37] .




السادس: قال اللَّه تعالي: «فلما فصل طالوت بالجنود قال إن اللَّه مبتليكم بنهرٍ فمن شرب منه فليس مني ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفةً بيده فشربوا منه إلا قليلاً» [38] فقد كانوا ثمانين أو سبعين ألفاً [39] وكل منهم يدّعي الرغبة في الجهاد وقالوا ما لنا ألا نقاتل في سبيل اللَّه وقد اُخرجنا من ديارنا وأبنائنا فامتحنهم اللَّه أي اختبرهم - وللَّه أن يختبر عباده وليس لعباده أن يختبروه - بأن مَن كان صادقاً في نيّة الجهاد فلا يدع فرصة اعتراض النهر ويكتفي منه بالغرفة الواحدة، واين من يكفُ نفسه عن الظلم ما لم توجد عِلّة لتركه وهي عدم القدرة علي ارتكابه نعم واللَّه إن الأمر كما قال المتني حكيم الشعراء:



الظلم من شِيم النفوسِ فإن تجد

ذا عفةٍ فلعلةٍ لا يظلمُ [40] .



فشربوا منه إلا قليلاً قيل كانوا عدّة اصحابِ بدرٍ ثلثمائةٍ وثلاثة عشر رجلاً [41] .

نقول صحيح أن اللَّه قد اختبرهم وابتلاهم لتمييز الخبيث من الطيب، ولكن ألا يحتملُ أنه أراد أن لا يثقلوا بشرب الماء فيمنع من الخفة في الحرب، كما كان مالك يطوي ثلاثاً إذا اشتغل في الحرب، لئلا يثقله الأكلُ عن الجهاد [42] ، والشرب والأكل كلاهما من مقومات حياةِ الإنسان، ولكن إذا رآهما المجاهد الصادق في




نيّة الجهاد يشتغلانه ويثقلانه عن مهمته أمسك عنهما إلا من اغترف غرفة بيده كأصحاب طالوت، بل أمسك عنهما بتاتاً، كمالكٍ الأشتر عن الطعام وبطل روايتنا العباس عن الطعام والشراب، ولعل استثناء الغُرفة كان لهم علي طريق الرُخصة ولو تركوها لكان أحسن، والعباس بهمته القعساء حرّم علي نفسه الماء قبل أخيه الحسين الغرفة فما فوقها، لئلا يثقل في الجهاد، وليعلم اللَّه منه صدق النية وحسن الطويّة، ولأن الغرفة وحدها تزيد نار عطشه إتقاداً وما زاد عليها يثقله عن الجهاد، وأما اكتفاء اصحاب طالوت بالغُرفة حتي روي من اغترف بيده وظميء من كرع في النهر فمن باب المعجزة وخرق العادة وعقوبة من اللَّه للظالمين علي سوء نيتهم، فكرعوا ليرتووا فزادهم ظمأً ولوُاحاً، بخلاف المطيعين له.

السابع: تقديم الأهم علي المهم من سيرة العقلاء التي اقرتهم عليها الشرايع السماوية، ويعد خلاف ذلك تقديم المرجوح علي الراجح، وهو باطل شرعاً وعرفاً، فنقول لا شك أن حفظ مهجة الإمام حجة العصر أهم من حفظ مهجة الإنسان نفسه، فكيف يسوّغ للعباس أن يشرب غرفة الماء ليحفظ مهجته وحشي أخيه الحسين تلتهب اواماً وتشب ضراماً، كلا لعمري.



فابت نقيبتهُ الزكيّةُ رِيّها

وحَشي ابنِ فاطمةٍ يَشبُ ضِرامها [43] .



اليس هو ابن القائل جلوسي في المسجد أحب الي من جلوسي في الجنة لأ جلوسي في المسجد فيه رضا ربي وجلوسي في الجنة فيه رضا نفسي [44] ، وإني اُقدم رضا ربي علي رضا نفسي، وذلك لأن رضا ربه كان أهم في نفسه من رضا نفسه، بل هو لا يري لنفسه وجوداً أمام واجب الوجود.

وهذا ابو ذر يحمل الماء الي الرسول وهو عطشان تقديماً للأهم علي المهم،


فكيف يحمل العباس الماء لأخيه الحسين وهو ريان.



وهل تري صادقاً دعوي اُخوّته

رَوّي حَشيً وأخوه في الهَجير ظَمي



ومهما تبعد بك الأمثال فلا تنس الحسين حين نزل الي المشرعة واغترف - بأبي وأمي - غرفة بيده ليشربها، فصاح عليه صايح من القوم: «يا حسين أتستلذ بشرب الماء، وقد هُتكت حُرمك [45] «هذا ولم يبلغ الماء إلا بعد جهد وعناء، وقد خلا ظهره من جميع أنصاره وحُماته، وطمع القوم في قتله فضلاً عن منعه الماء، وقد بلغ العطش منه غايته، وأخذت الحرب والتعب منه مأخذاً عظيماً، وبعد هذا كله يرمي الماء من يده أن سمع تلك الصيحة المشومة، حيث كان حفظ عِرضه أهم عليه من نفسه، ثم رآي الخيمة سالمة، فعلم أنها حيلة من القوم ومكيدة «ويمكرون ويمكر اللَّه واللَّه خير الماكرين» [46] أم يستطيع أحد هؤلاء أن يعتذر عن الحسين كما اعتذر عن العباس بأنه غير معصوم، وغير المعصوم قد يقارف الذنب - اللَّه أكبر - لقد جئتم شيئاً إداً تكاد السموات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخرُّ الجبال هدّاً.

الثامن: لتشريع الصوم حِكم كثيرة، منها أن يذوق الأغنياء لباس الجوع عن طاعة للَّه وإذعان، فيذكروا إخوانهم الفقراء والمساكين الذين يعانون جهد السغب ويذوقون ألم الطوي عن فقر وإقلال، فتطيب حينذاك نفوسهم، بتأدية حقوق اللَّه الواجبة التي فرضها للفقراء في أموال أهل الثروة الأغنياء [47] ، فقد اقتضت حكمته تعالي حين قسّم الأرزاق علي عباده أن يبتليهم ويختبرهم بأن يجعل رزق بعضهم في ايدي بعض «فليعلمن اللَّه الذين صدقوا وليعلمن


الكاذبين» [48] ولو اكتفي بوصف مرارة الجوع وشدة السغب لم يذعنوا لوصفه إذعانهم لمعاناته لأن آثار الأشياء كلّها إنما تترتب علي وجودها الخارجي كالأحراق للنار، دون وجودها الذهني - نعم وربك -.



لا يعرفُ الوجدَ إلا من يكابِدهُ

ولا الصّبابة إلا من يُعانيها



فإن كلَّ واحدٍ منّا لو قام مقام العباس، ثم أطفأ وقدة عطشه بشرب الماء بردت نار عزمه، ولم يواصل سعيه مطرداً ومستمراً علي الشاكلة التي ابتدأ بها الأمر في إيصال الماء الي أخيه الحسين، وقد عاد عطشه في ذاكرته أثراً بعد عين، وإيصال الماء الي الحسين كان مِدعاة جهاده، والأبقاء علي مهجته كان غايته الوحيدة وضالته المنشودة، والمتيّم الولهان يبالغ في دفع الحواجز وكشف الحجب دون بلوغ اُمنيته.

التاسع: من المحقق أن الحسين قد خطب اصحابه وهو في مكة المكرمة عندما أراد السفر الي العراق، فقال فيما قال: «من كان فينا باذلاً مهجته موطّناً علي لقاء اللَّه نفسه فليرحل معنا، فإني راحل مُصبحاً انشاء اللَّه [49] «والمهجة كما فسّرها اللغويون هي الروح أو دم القلب، هذا مع أن علي العباس غير هذه الخطبة عهوداً كثيرة بأن يتفاني في سبيل نصرة الحسين و يبذل مهجته، فلو أنه - وحاشاه - شرب الماء وقد كان ترك الحسين منذ ودّعه الأكبر ولسانه كالخشبة اليابسة ليس عليه شيء من رطوبة الريق فمن ذا يؤمنه أن الحسين يموت في مكانه، وإذا استردّ العباس حياته وقوته في الجهاد، والحسين مات في مكانه فأي فائدةٍ تبقي للجهاد، وهل يكون قد وفي بعهده وبيعته أم تراه يستحق أن ينشده الحسين عليه السلام بلسان حاله:



لا ألفينكَ بعدَ الموتِ تَندُبني

وفي حياتيَ ما زوّدتني زادي [50] .




هذا مالك الأشتر [51] لما قال له رسول أمير المؤمنين عليه السلام إليه وقد شارف الفتح «أيسُرُك أن تَفتحَ وإمامكَ يُقتلُ في مكانه [52] «وقع السيف من يده وارسل زمام الفتح والظفر لعدوّه بعد معالجة تلك الحروب الطاحنة [53] وللظفر بالعدو نشوةٌ عظيمة تسيطر علي المشاعر وتأخذ بالقوي والمدارك إلا من حاز قوّة الإرادة ولم تتغلب عاطفته علي عقله، وقد سرد التاريخ كثيراً من أخبار أهل الوفاء الذين وفوا بعهدهم لغيرهم بأدني علاقةٍ وأقل ملابسة، شروي كعب بن مامةَ الذي قتله العطش حيث أعطي حصته من الماء الذي اقتسموه بالحصاة لصاحبه كلما جاءت نوبته فقال له «إذكر صاحبك يا كعب [54] «وبضدّها تتبيّن الأشياء، فقد سجّل التاريخ غدرات الكثير من ساقطي الهمم وصغار النفوس الذين كانوا علي أنفسهم عاراً، ولم يحسبوا للإنسانية أي حساب، فخرجوا منها وكأنهم لم يدخلوا فيها، حيث غدروا بذمتهم وأرخصوا ضمائرهم وخانوا بعهدهم «فمن نكث فإنما ينكثُ علي نفسه ومن أوفي بما عاهد عليه اللَّه فسيؤتيه أجراً عظيماً» [55] واستمر العباس بالوفاء والمواساة لأخيه الحسين كأعظم ما يتصوره العقل من الوفاء بالعهد والمواساة بالنفس الي آخر نفس يلفظه أمام أخيه الحسين، لا تأخذه في اللَّه لومة لائم، ولا يصغي باُذنه لعذل اللواحي، وذلك حن وَضَع الحسين رأسه في


حجره، فرفعه ومرّغه في التراب، - يفعل ذلك ثلاثاً - وحاشا العباس من مخالفة الحسين كما قد يتراآي من فعله، لذلك سأله حتي يبوح بالحقيقة المنطوية في ضميره، وليسجّله التاريخ أنه خير مَن وَفي ببيعته فأجابه «الآن انت تأخذ رأسي وترفعه عن التراب وبعد ساعة من يأخذ رأسك، ومَن يمسح التراب عن خدّك» [56] بأبي أنت وأمي يا أبا الفضل ما أخذ رأس أخيك بعد ساعة إلا الشِمر الضبابي، ثم شهق العباس شهقةً عظيمة - وأظنها لتذكّر الساعة الرهيبة ساعة ذبح الحسين - وهكذا مات بين يدي أخيه شهيد أمانته وصريع وفائه فصاح أخوه وا أخاه وا عَباساه، الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي وشمت بي عدوي [57] .



وهوي عليهِ ما هنالكَ قائلاً

اليومَ بانَ عن اليمينِ حسامُها



اليومَ نامتْ أعينٌ بكَ لَم تَنم

وتسهَّدت اُخري فعزَّ منامُها [58] .





پاورقي

[1] إقرأ جميع ما ذکره المؤلف هنا في (الانوار النعمانية) للسيد نعمة اللَّه الجزائري رحمه اللَّه ج 3 ص 167 وما بعدها.

[2] اقول: ما ذکره المؤلف هنا غير صحيح للاخبار القائلة بأن النبي صلي اللَّه عليه وآله وسلم هو الذي أخبر بموت النجاشي ونعاه للمسلمين وبکي عليه بکاءاً شديداً وقال إن اخاکم اصحمةَ مات ثم خرج الي الجبانة فصلي عليه وکبّر سبعاً فخفض اللَّه له کل مرتفع حتي رأي جنازة النجاشي وهو بالحبشة...

انظر البحار ج 18 ص 130.

[3] هو العباس بن امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام.

ولد سلام اللَّه عليه في الرابع من شهر شعبان سنة ست وعشرين هجرية.

امه السيدة الزکية فاطمة بنت حزام الکلابية العامرية.. تزوجها امير المؤمنين بعد ان ثکل بوفاة بضعة المصطفي الزهراء عليها السلام فانجبت له من الاولاد ما يلي:

1 - العباس وهو اکبر اخوته سناً واعلاهم شأناً.

2 - عبد اللَّه.

3 - جعفر.

4 - عثمان وقد سماه ابوه امير المؤمنين باسم عثمان بن مضعون وهو صحابي جليل يمکنک ان تقف علي جلالة قدره وسمو شخصيته من خلال ما کتبه علماء الرجال ومنهم الشيخ المامقاني في کتابه المنيف (تنقيح المقال) ج 2 ص 249 حيث وصفه بأنه فوق مرتبة الوثاقة والعدالة.

کنيته ابو الفضل وانما کني بذلک لان له ولداً اسمه الفضل وهو من زوجته لبابة بنت عبيد اللَّه بن العباس بن عبد المطلب.

القابه کثيرة منها باب الحوائج وقمر بني هاشم وحامي الضعينة والسقّا.

ثناء الائمة عليه:

اثني عليه القادة العظام عليهم افضل الصلاة والسلام ثناء عاطراً وذکروه بکل تجلّة واحترام فهذا ابوه امير المؤمنين يقول فيه کما في اسرار الشهادة ص 334 (ان العباس زقَّ العلم زقاً).

وقال فيه زين العابدين کما في امالي الصدوق ص 548: (رحم اللَّه العباس فلقد آثر وابلي وفدا اخاه بنفسه حتي قطعت يداه فابدله اللَّه عزَّ وجل بهما جناحين يطير بهما مع الملائکة في الجنة کما جعل لجعفر بن ابي طالب وان للعباس عند اللَّه تبارک وتعالي منزلة يغبطه عليها جميع الشهداء يوم القيامة).

وقال فيه الامام الصادق عليه الاف التحية والثناء کما في ابصار العين ص 25 (کان عمنا العباس بن علي نافذ البصيرة صلب الايمان جاهد مع ابي عبد اللَّه وابلي بلاءً حسناً ومضي شهيداً).

وقال فيه الحجة بن الحسن في الزيارة المعروفة بزيارة الناحية والمثبتة في بحار الشيخ المجلسي ج 45 ص 66 (السلام علي ابي الفضل العباس المواسي اخاه بنفسه الآخذ لغده من امسه الوافي له الساعي اليه بمائه المقطوعة يداه...).

مکانته عند اخيه الحسين:

لا يرتاب احد في ان لقمر بني هاشم عليه السلام منزلة عظيمة عند اخيه الحسين عليه السلام ولعلي لا ابتعد عن الواقع اذا ما قلت لا تضارعها منزلة أيٍ من الشهداء الآخرين وآية ذلک قوله عليه السلام حين وقف عليه وهو شلوٌ مبضّع (الآن انکسر ظهري وقلت حيلتي...) الکاشف عن عميق تأثر الحسين لهذا الحادث الاليم وعن مکانة العباس عنده.

ولقد اجاد العالم العارف الشيخ محمد حسين الاصفهاني في قوله:



وبان الانکسار في جبينه

فاندکت الجبال من حنينه



وکيف لا وهو جمال بهجته

وفي مُحياه سرور مهجته



کافل اهله وساقي جيشه

وحامل اللوا بعالي همته



.

[4] کما في مقتل الحسين للعلامة المقرم ص 268.

[5] التخذلق: إدّعاء الحذق والکياسَة والتظرُّف في الکلام / المؤلف.

[6] مقتل العباس للشيخ حسن البلادي البحراني ص 5.

[7] سورة الانعام / 124.

[8] سورة الزلزلة / 8 - 7.

[9] مرَّ عليک اخي القاري‏ء في مطلع هذا الکتاب تعريف العصمة وانها (قوة تمنع صاحبها من الوقوع...).

وتنقسم العصمة الي قسمين (واجبة) کما في الانبياء والائمة عليهم السلام لوقوعهم في طريق التبليغ اذ لو لم يکونوا معصومين جاز ان تصدر منهم المعصية وبذلک يسقط اعتبارهم عند الناس ولم يعد لکلامهم اي اثر في النفوس، و (غير واجبة) وقد نالها جمٌ غفير من عباد اللَّه عز وجل وذلک نتيجة اخلاصهم له سبحانه وتعالي وتفانيهم في طاعته وانما کانت عصمتهم غير واجبه لانهم لم يقعوا في طريق التبليغ ومن هؤلاء وهم کثيرون: سلمان الفارسي والصديقة الصغري الحوراء زينب وسيدنا ومولانا العباس بن امير المؤمنين فهو معصوم ولا ريب إلا ان عصمته غير واجبه للسبب المتقدم.

[10] جعفر بن محمد الصادق عليه السلام في الزيارة المروية عنه والتي ذکرها بن قولويه في کتابه کامل الزيارات ص 441 وما بعدها.

[11] له ترجمة في الاستيعاب لابن عبد البر ج 3 ص 289.

[12] انظر السيرة النبوية لابن هشام ج 2 ص 279.

[13] سورة الانفال / 64.

[14] معني اللمم کما في کثير من التفاسير: صغار الذنوب.

[15] من اصحاب الحسين عليه السلام الذائبين فيه والمخلصين له قاتل بين يديه قتال الشجعان البواسل حتي قطعت يمينه وشماله ثم قتل رضوان اللَّه عليه.

انظر مقتل الحسين للخورزمي ج 2 ص 12.

[16] سورة البقرة / 207.

[17] الفصول المهمة لابن الصباغ المالکي ص 48.

[18] تذکرة الخواص لسبط بن الجوزي ص 35.

[19] انظر التفسير الکبير للفخر الرازي ج 5 ص 223 ومجمع البيان للطبرسي ج 2 ص 535.

[20] سورة الانسان / 9 - 8.

[21] انظر تفسير الکشاف للزمخشري ج 4 ص 670 والتفسير الکبير للفخر الرازي ج 30 ص 244 وتفسير القرطبي ج 19 ص 131.

[22] الخصال للشيخ الصدوق ج 1 ص 165.

[23] مرآه الکمال ج 2 ص 52.

[24] انظر منهاج البراعة للسيد ميرزا حبيب اللَّه الخوئي ج 3 ص 177.

[25] العوالم للشيخ عبد اللَّه البحراني ج 17 ص 284.

[26] تظلم الزهراء ص 197.

[27] من قصيدة جزلة لمؤلف الکتاب يرثي بها قمر العشيرة العباس بن امير المؤمنين عليهما السلام مطلعها:



لم يحلُ في ناظري کالدمع والارق

لأن فرط البکا والوجد من خلقي.

[28] اقول: هو عمر بن الخطاب.

انظر الارشاد للشيخ المفيد طاب ثراه ج 1 ص 104.

[29] السيرة الحلبية ج 2 ص 320.

[30] مِن جراک ومن جرائک: أي من اجلک / المؤلف.

[31] منتهي الامال ج 1 ص 148.

[32] انظر تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ج 13 ص 19.

[33] انظر سفينة البحار باب السين بعده اللام.

[34] السيرة النبوية لابن هشام ج 3 ص 236.

[35] الملاءة: الريطة الکبيرة ودخيلها أو فارسيها - پرده / المؤلف.

[36] غزوات امير المؤمنين للعلامة النقدي ص 137.

[37] البيت من قصيدته العينية الشهيرة ومطلعها:



انت العلي الذي فوق العلي رفعا

ببطن مکة وسط البيت اذ وضعا.

[38] سورة البقرة / 249.

[39] انظر مجمع البيان للطبرسي ج 2 ص 617.

[40] البيت من قصيدة مطلعها:



لهوي النفوس سريرة لا تعلم

عرضاً نظرتُ وخلتُ اني اسلمُ.

[41] انظر التبيان للشيخ الطوسي ج 2 ص 295.

[42] والي هذا اشار هو عطر اللَّه تربته في ابيات اجاب بها عائشة بنت ابي بکر بعد حرب الجمل بقليل لما قالت له انت الذي اردت ان تثکل اختي اسماء بابنها - تريد عبد اللَّه بن الزبير - قال:



أعائشُ لولا انني کنت طاوياً

ثلاثاً لالفيت ابن اختک هالکا



غداة ينادي والرماح تنوشه

بآخر....

[43] من قصيدة غراء للحاج محمد رضا الازري رحمه اللَّه يرثي بها العباس بن امير المؤمنين مطلعها:



يا للرجال لحادث متفاقمِ

لو حلَّ هابطةً لدکَّ شمامها.

[44] لئالي‏ء الاخبار ج 4 ص 134.

[45] الايقاد للسيد العظيمي ص 130.

[46] سورة الانفال / 30.

[47] سأل هشام بن الحکم مولانا الامام الصادق عليه السلام عن علة الصيام فقال: (إنما فرض اللَّه الصيام ليستوي به الغني والفقير وذلک ان الغني لم يکن ليجد مسَّ الجوع فيرحم الفقير لان الغني کلما اراد شيئاً قدر عليه فاراد اللَّه تعالي ان يسوي بين خلقه وان يُذيق الغني مسَّ الجوع والالم ليرقَ علي الضعيف ويرحم الجائع...).

انظر وسائل الشيعة للحر العاملي ج 10 ص 3.

[48] سورة العنکبوت / 3.

[49] انظر کشف الغمة للاربلي ج 2 ص 203.

[50] لعبيد اللَّه بن الابرص.

[51] هو مالک بن الحارث بن عبد يغوث بن سلمة... بن يعرب بن قحطان من اجلاء اصحاب امامنا علي بن ابي طالب عليه السلام ومن اکثرهم اخلاصاً ومحبة له سلام اللَّه عليه.

ولد بين عامي 30 - 25 قبل الهجرة النبوية المبارکة وتوفي مسموماً عام 38 فحزن امير المؤمنين حزناً شديداً وأبّنه بکلمات توقفک علي جلالة قدره ونباهة شأنه فقال عليه السلام: (للَّه در مالک وما مالک وهل قامت النساء عن مثل مالک وهل موجود کمالک رحم اللَّه مالکاً فلقد کان لي کما کنت لرسول اللَّه).

انظر ترجمته في اعيان الشيعة ج 9 ص 38 والاعلام للزرکلي ج 5 ص 259 وسفينة البحار باب الشين بعده التاء.

[52] تاريخ الطبري ج 4 ص 35 بلفظ قريب.

[53] يشير المؤلف رحمه اللَّه الي قصة رفع أهل الشام المصاحف علي رؤوس الرماح داعين أهل العراق الي حکم القران فانخدع بهذه اللعبة کثير من جند الامام امير المؤمنين عليه السلام فاجبروه علي ايقاف القتال... لاحظ في هذا المجال الاخبار الطوال للدينوري ص 189 وما بعدها.

[54] بوسعک أن تقرأ قصة کعب هذا في کتاب قصص العرب ج 1 ص 155.

[55] سورة الفتح / 10.

[56] اقول: لم اعثر علي قول العباس هذا رغم التتبع إلا في کتاب معالي السبطين للشيخ محمد مهدي الحائري رحمه اللَّه ج 1 ص 443.

[57] مقتل الحسين للخوارزمي ج 2 ص 30.

[58] من قصيدة للمرحوم الحاج محمد رضا الازري المتوفي سنة 1240 هجرية وقد مرت الاشارة اليها قبل قليل.