بازگشت

لا يلقي الحسين بيده الي التهلكة


قد عرفت أن السبب الوحيد في نزول البلاء من معاوية وعماله علي العراق هو ميلهم لأهل البيت عليهم السلام، حتي كتب معاوية لعماله أن اقتلوا علي الظنّة واحبسوا علي التهمة [1] ، ناسخاً لقوله أولاً من قامت عليه البيّنة انه يُحب علياً فاقتلوه، وهو الذي لم يسغ له في دينه ان يتمتع حجر وأصحابه بالحياة [2] ، ما لم يتبرأوا من خصمه علي بن ابي طالب المولود علي الفطرة والذي لم يقم بناء الإسلام إلا بسيفه، علي أن معاوية هو الموسوم عند القوم برجل الحلم والدهاء.

فليت شعري هل يتصور عاقل أن يكفّ يزيد غضبه عن الحسين بن علي خصمه وخصم أبيه بعد ما جاهره بالعداوة وأعلن معه القتال فيعفوا عنه ولا يقتله، وقد شقّ عصا المسلمين بزعمه ونازعه سلطان جده محمد، ويزيد أولي به من


كل أحد فيما يظن.

كلا ثم كلا وإن تبرء الحسين من أبيه أبي تراب سبعين مرةً وما أدري من الذي يمضي من هؤلاء المعترضين مع ابن رسول اللَّه خفيراً له من فتك ابن مرجانة وابن هند، أم يريدون الحسين يمد عنقه لخصمه الألد وهو ممتليء عليه غيظاً وحنقاً، ثمل بسكراته التي لم يعرف الصحو منها طرفة عين، فيقتله انتقاماً له (من بني أحمد ما كان فعل [3] فيسجّلون عليه - لا محالة - أنه القي بيده الي التهلكة، ويلزمونه أنه أعان علي نفسه إلزاماً لا ينفلت منه، ولا يمكن أحداً الأعتذار عنه.

كلا فقد قرء سيد بني هاشم من اقتراحهم النزول علي حكمهم ومن نظره في سيرة أمية القاسية مع أهل البيت عليهم السلام وأشياعهم أنه مخير بين أن يقتل في خطة الحرب عزيزاً، مدافعاً عن شرف نفسه، ذائداً بسلاحه عن حوض مجده، أو يقتل في مجلس أمية ذليلاً علي النطع الذي قتل عليه خيار اصحاب أبيه أيام صلح معاوية وقد رجع تراثاً ليزيد، فأي القتلين أولي لو أنصف الحكم.


پاورقي

[1] کتب کهف المنافقين معاوية بن ابي سفيان الي عماله کتاباً جاء فيه بعد کلام: (ومن اتهمتموه بمولاة هؤلاء القوم - يريد علياً واولاده - فنکلوا به واهدموا داره).

وتحدث الامام الباقر - وبألم - عما جري علي شيعة أهل البيت من الاظطهاد والاذي في زمن معاوية فقال: (وقتلت شيعتنا بکل بلدة وقطعت الايدي والارجل علي الظنة وکان من يذکر بحبنا والانقطاع الينا سجن أو نهب ماله او هدمت داره).

انظر الغدير للعلامة الاميني ج 11 ص 16 وما بعدها.

[2] حجر بن عدي الکندي نور اللَّه قبره من ألمع اصحاب الامام أمير المؤمنين وابنه الامام الحسن، سيد من سادات المسلمين في الکوفة.

کان علي جانب عظيم من العبادة والطاعة والمعرفة... شهد مع الامام أمير المؤمنين الجمل وکان أمير کندة يوم صفين وأمير الميسرة في النهروان.

وهو أول من قتل صبراً في الاسلام قتله معاوية بن أبي سفيان في مرج عذراء علي بعد 12 ميلاً من دمشق وذلک سنة 51 هجرية.

انظر ترجمته في الاصابة لابن حجر ج 2 ص 37 واسد الغابة لابن اثير ج 1 ص 437.

[3] هذا هو عجز البيت الخامس من الابيات التي تمثل بها يزيد بن معاوية بعد ان وضع بين يديه رأس الحسين عليه السلام وهي:



ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخزرج من وقع الاسل



لاهلوا واستهلوا فرحاً

ثم قالوا يا يزيد لا تشل



قد قتلنا القرم من ساداتهم

وعدلناه ببدرٍ فاعتدل



لعبت هاشم بالملک فلا

خبرٌ جاء ولا وحي نزل



لستُ من خندف ان لم انتقم

من بني احمد ما کان فعل



.