بازگشت

لم لم ينزل علي حكم يزيد


إن الوتر الذي يضرب عليه المعترضون، والأمر الذي يطلبون به ويزمّرون من اول قدوم كتاب يزيد الي حين قتل الحسين هو عدم إجابته لبني أمية في إعطائهم سؤلهم، ونحن قد بيّنا العذر في امتناعه من بيعتهم أوّل الأمر، فقد كان يظن في أمة جده الخير فيعاونونه علي نصرة الحق وخذلان الباطل، وقد أكّد ذلك في رأيه مكاتبةُ أهل الكوفة له وابتداؤهم إياه أن يوازروه علي إقامة كتاب اللَّه، وإحياء سنّة رسول اللَّه، أما الآن وقد أخذوا بكظمه وانقطع عنه المدد، فقد غرتهم كثرة جنودهم وقوة عدّتهم، ولم يستمعوا لنداء الحق «كم مِن فئةٍ قليلةٍ غَلَبت فئَةً كَثيرةً بإذنِ اللَّه» [1] وقوله تعالي: «ولَن تُغني عَنكمُ فئَتكم شيئاً وَلَو كَثُرت» [2] لذلك أعرضوا عن ذكر البيعة، وترَقّوا الي طلب نزول الحسين علي حكم يزيد وابن زياد.

ونحن نقول لهم لاُمِكم الهَبَل [3] - إذا كان الحسين لم يصالِح معاوية فكيف يبايع يزيد، واذا لم يدر في خلده أن يبايع يزيد فكيف ينزل علي حكمه، ألكثرة جنودكم؟، فإن جنود معاوية أكثر، وعزمه يغنيه عن العدد والعدّة، واعتمادُه علي اللَّه وحده، ومن أشد من اللَّه قوة، ومن أعظم منه محاولةً، ومن أكثر منه جنوداً، واستمعوا له ينشدكم بلسان حاله.



رأيتُ اللَّه أكبر كل شيءٍ

محاولةً وأكثرهُم جنوداً



إذن:



لا تفخروا بجنودٍ لا عِدادَ لها

إن الفخارَ بغيرِ السيفِ لم يكن [4] .




وليت شعري هل يعلم المعترضون تفسير هذه الكلمة ومغزي هذه العبارة فيحتموا علي الحسين إجابة القوم إليها.

نعم معناها سلب اختيار الحسين بالكُلية، وعدم معارضته ليزيد وابن زياد في أمر من أموره، وها نحن نذكر ما نعرفه من وجوه العذر ضمن كلماتنا الآتية، ولعل هناك وجوهاً قدر رئاها الحاضر ولم يرها الغائب:


پاورقي

[1] سورة البقرة / 249.

[2] سورة الانفال / 19.

[3] الهبل بالتحريک: الثکل والفقد.

[4] من قصيدة جيدة في رثاء الحسين عليه السلام للمرحوم الشيخ کاظم الازري مطلعها:



إن کنت في سنة من غارة الزمن

فانظر لنفسک واستيقظ من الوسن.