بازگشت

كيف ركن الي الكوفة


علم الحسين أنه إذا بقي في المدينة قُتل وأهل بيته لا محالة، فكان اول انتهاك لحرم رسول اللَّه صلي اللَّه عليه وآله بقتل ذرية رسول اللَّه فلم يجد بُداً من مغادرة المدينة، واذا خرج فالي أي بلاد يتوجه يا تري ألليمن - ولا منعة فيه - أم الي الكوفة وهو يعهدها بالخيانة، ولم تتبدل حالها في نظره، بل كان الحزم له أن يتوجه الي مكة، لأنه لم يسبق لأحدٍ انتهاك حُرمتها في جاهلية ولا إسلام، وبعد فإنه، سوف يجتمع هناك وفود المسلمين، وفيهم أهل الحل والعقد، فيتمكن أن يصدع بحجته، ويدعم ببراهينه أمام الرأي العام، وهناك يصفو جو الخلافة وتسكن زوابعه.

لكن بني أمية اخلفوا ظنه وخالفوا شرايع الاسلام والقواعد العربية، فاجتهد عمرو بن سعيد [1] امير الحاج بالقبض عليه، وأمدّه يزيد فدس في الحاج ثلاثين رجلاً من شياطين بني أمية [2] ، وأمرهم بالفتك بالحسين عليه السلام ولو وجدوه متعلقاً بأستار الكعبة [3] بين الركن والمقام، الأمر الذي اضطر الحسين أن يخرج من مكة قبل إكمال حجه [4] ، لئلا تنتهك بقتله حرمة الحرم، ويعم الخوف والقتل وفود


بيت اللَّه، ولعل له في خروجه حينذاك مآرب أخري منها أن يعلن للرأي العام من أمة جده أن بني أمية لا حظ لهم في الاسلام حيث أخافوه واخرجوه من البيت وقد جعله اللَّه حرماً آمناً ولا يمتّون للنواميس العربية بصلة، فقد كان عاراً في الجاهلية أن يتعرض أحدهم في الحرم لقاتل أخيه أو أبيه، والحمام في الحرم آمن لا يهيجه أحد بسوء ومن كان هذا شأنه كيف يجوز للحسين مبايعته، وتسليم أزمّة الخلافة بيده، وهو لا يؤمن علي حمامة.

وقد ألح الكثير من محبي الحسين ونصحائه أن لا يتخذ الكوفة دار هجرة له، إذ لم يعهد لها سابقة جميلة مع أهل البيت عليهم السلام، وكان رأي الحسين عليه السلام في بادي الأمر أن يلحق بالشعاب والرمال، إن لم تطمئن به الدار في مكة، حتي تسفر له الأيام عن نتيجة صالحة يمشي علي خطتها [5] .

لكن أهل الكوفة ساداتهم وسوادهم نقضوا عزيمته بما ارسلوا إليه من كتبهم المملوة بالعهود والمواثيق التي لا تقوم لها السموات والأرض، والمشتملة علي فنون الإستغاثة والطلب، فيمم الكوفة بخروجه من مكة، وهذا من الأمور التي يعترض بها القوم علي الحسين ولا يرون له فيها عذراً لأنه جرّب المجرّب وأتمن الخائن، وذلك نتيجة النظر في التاريخ سطحياً، ومفاسد قلة التأمل مما يضيق عنها نطاق البيان ونظرة إجمالية في تاريخ الكوفة مع أهل البيت عليهم السلام يزيل الستار عن وجه الحقيقة وتقصر الخطأ والتقصير كلّه لأهل الكوفة دون الحسين، فهلم معي لننظر في تاريخها نظرةً عابرةً، إذ لا يسعنا طول المكث والوقوف في تلك العرصة.

نعم لقد كبا تاريخ الكوفة كبوته العظيمة، حيث خدعهم ابن العاص برفع المصاحف يوم صفين، فخالفوا المرتضي في وضع أوزار الحرب، وقد بلغ الحق


مقطعه، وخفقت علي جيشهم ألوية النصر، ولاحت لهم مخائل الظفر [6] .

ثم سقط تاريخهم لِحُرِّ وجهه، إذ غدروا بالمجتبي، وكتبوا لمعاوية بما كتبوا، حتي الجأوا الحسن لصلح معاوية، وصفا له الملك، فهناك دارت عليهم دوائره، فولي عليهم عمّاله الجفاة الشداد، مثل المغيرة بن شُعبة [7] وزياد بن أبيه [8] ، وسمرة بن جندب [9] يجرّعونهم الغصص، ويسيغونهم الرنق، فقتلوا خيارهم واستبقوا شرارهم، وسملوا أعينهم، وقطعوا أيديهم وأرجلهم، تشفياً من علي بشيعته، وطلباً بأوتار آبائهم المقتولين بسيفه عند تأسيس قواعد الإسلام، وإن


اظهروا بذلك الطلب بدم عثمان وكيف يطوي معاوية وعماله صحيفة الطلب بدم عثمان من علي وشيعته، وما قام ولا استقام ملكهم إلا بنشر تلك الصحيفة، وقد قال الحكماء عِلة الحدوث هي علّة البقاء.

فندم اهل الكوفة - طبعاً - علي ما فرطوا في جنب أهل البيت عليهم السلام ندامة ما عليها مزيد، وطلبوا منهم غير مرّة أن ينهضوا بهم لمعارضة هذا الحكم الغاشم، لكن سبطي رسول اللَّه أنفا أن يعلق بهما وصمة الغدر، وإن لم يكن عليهما لوم بذلك لأن معاوية لم يستقم لهما ولم يف بشيء من شروط الصلح، لكن «كل إناءٍ بالذي فيه ينضح [10] «، فلبث العراق لأنه عاصمة الشيعة يرزح في العذاب طيلة عشرين سنةً مدّة ملك معاوية المعدود من رجال الحلم والدهاء، ثم استخلف علي الأمة ولده يزيد، ولا يشك أحد أن جوره وعتوه علي أبيه يزيد، وقد تحقق أهل العراق أن صلح الحسن إنما كان لمعاوية، وأن ليس له أن يستخلف يزيداً وغيره، إذن فليس ليزيد المترقب ظلمه وتهتكه في الدين شيء في أعناق أهل البيت فخفّوا لبيعة الحسين - علي بكرة أبيهم - عن شوق ورغبة، وطاروا بأجابته لهم فرحاً وسروراً، هذا مع أن الحسين عليه السلام لم يكتف بكتبهم ورسلهم بل أرسل أمامه رائداً من أهله وثقة من بيته مسلم بن عقيل، فألفاهم فوق ما يظن


من تفانيهم في حب أهل البيت عليهم السلام واسراعهم لنصرتهم وبيعتهم، فكتب إليه يبشره بما لاقي منهم من الحفاوة ويستحثه علي القدوم اليهم [11] .

فلعمري إنه لا يتصور عاقل بعد هذا البيان غدر أهل الكوفة برجل من سائر بني هاشم، يثور بهم في وجه أمية ليصدّهم عن منكراتهم في الشرع والوجدان، فضلاً عن أن يكون سيد بني هاشم الذي انتهت اليه مواريث النبوة ورجعت إليه أمور الإمامة، ولكن له أسوةً بجده مع اليهود إذ كانوا ينتظرونه أشدَّ الأنتظار «وكانوا من قبل يستفتحون علي الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة اللَّه علي الكافرين» [12] من اليهود ومن أهل الكوفة الذين خسروا حظوظهم، فلم يستضيئوا بنور النبوة والإمامة، ولا لوم علي ابن المصطفي لأنه سلك الطريقة العقلائية والسيرة المألوفة، «ومن نكث فإنما ينكث علي نفسه ومن أوفي بما عاهد عليه اللَّه فسيؤتيه أجراً عظيماً» [13] .

هذا ولكني لا أظن المعترض يري أن الحسين تبدّل اعتقاده في أهل الكوفة ولو جئته بكل آيةٍ، بل يحتمُ علي الحسين استصحاب حالتهم مهما طالت المدّة وتوفرت الطواري ء والتطورات، فلنسلم له دعواه ونتنازل معه علي إرادته ثم علينا أن نسأله أين يتوجّه الحسين، وأي أرض تمنعه من القتل ولم يمنعه حرم اللَّه وحرم رسوله، إذن فهو مقتول علي كل حال ولا مزية للمقتول في الأرض التي يقتل فيها ليمكث في الحجاز، أو يسير إلي اليمن فيقتل هناك.

علي أن الذي أعرفه أنا في إختيار العراق إمورٌ:

الأول: أن المدد في الحجاز منقطع عنه، إذ ليس في المدينة بيتان من محبي أهل البيت، بخلاف الكوفة فإنها عاصمة شيعتهم الذين أبرمهم ظلم بني أمية، وقد


استغاثوا به ولاحت له مخايل صدقهم، فيكون امدادهم له معلوماً في سيرة العقلاء ومظنوناً - علي الأقل - في رأي المعترض.

الثاني: إقامة الحجة عليهم بين يدي اللَّه تعالي فإنهم دعوه ليوازروه علي العمل فيهم بكتاب اللَّه ويسير فيهم بسيرة جده رسول اللَّه صلي الله عليه وآله والحجة الشرعية مبنية علي ما يظهر للمرء في عقيدته، فإن خيانتهم بأبيه وأخيه قبل عشرين سنة لا تكون له عذراً في ترك ألوف النفوس من المسلمين في استبداد منكرات بني أمية ومبتدعاتهم في الدين، واللَّه تعالي يقول: «ولا تقولوا لمن ألقي اليكم السلام لست مؤمناً» [14] .

الثالث: أنه بقدومه العراق كان السبب العظيم الكثير منهم أدركوا به السعادة، وشملتهم نفحات ألطافه وبركاته، وهم طوائف كثيرة واليك المهم منها:

1 - أنصاره الذين قتلوا معه فإنهم كلهم - غير ما شذّ وغير الهاشميين - من أهل الكوفة، مثل حبيب بن مظاهر [15] ، والحر الرياحي [16] ، وثلاثين رجلاً إنسلوّا من معسكر ابن زياد ليلة عاشوراء [17] .

2 - الذين قتلهم ابن زياد قبل وصوله كربلاء، وكان من نياتهم نصرته كميثم التمار [18] وغيره.


3 - الذين حال ابن زياد بينهم وبين نصرته حيث زجّهم في أعماق السجون وغيابات الطوامير، وهم الكثير من أهل الكوفة كالمختار بن ابي عبيدة [19] ، والتوابين وعلي رأسهم سليمان بن صردٍ الخزاعي [20] .

4 - من تهياؤا لنصرته أو ساروا فلم يدركوها لمعاجلة ابن زياد له بالقتل، كابن مسعود النهشلي وجيشه الكثيف من أهل البصرة [21] .

5 - من هداهم رأسه الشريف وحُرَمُه المسبيات معه الي دين الإسلام وستأتي الإشارة الي هذا انشاء اللَّه تعالي.

6 - الباكون والمتباكون عليه وهم الكثير من الناس.

واين يقع أهل الكوفة - لو نصروه فلم يقتل - من انصاره برثائه والبكاء والتباكي عليه، جعلنا اللَّه منهم وكافة إخواننا المؤمنين


آمين آمين لا أرضي بواحدة

حتي أضيف إليها ألف آمينا ولكني أري المعترض وإن كفّ لسانه عن الحسين ما دام لم يسمع بقتل مسلم بن عقيل وانقلاب حالة الكوفة، أما بعد أن سمع بذلك، حتي لقد قام في اصحابه خطيباً [22] وأخبرهم بتبدّل الحالة، فتفرقوا عنه ذات اليمين وذات الشمال، فبقي في أصحابه المخلصين، وهم جماعة قليلة لا تقوم لاجناد الكوفة فضلاً عن أمدادهم من جنود الشام، فإنه لم تبق في رأي المعترضين حجة يتعلل بها الحسين في تصميمه علي قصد الكوفة، وقد صرّح له المخض عن الزبد، وتفرّي له الصبح عن بلجه.

والذي أعرفه أنا من وجوه العذر هنا ثلاثة:

الأول: أن الفوائد التي كان يتوخاها الحسين من الكوفة - وقد ذكرناها - لا يختلف عليها الأمر، فإنه لم ينقطع حينذاك أمله من أهل الكوفة بتاتاً، كيف وقد كان أوّل القوم لحوقاً به منهم عند ملاقاته للحُر، ثم اتصلت عناية اللَّه بهداية من اراد اللَّه هدايته الي ما بعد مقتل الحُر بين يديه.

الثاني: أن الركبان قد بشّروه بأن عامّة أهل الكوفة قلوبهم معك (وعلي ما في القلب المعوّل) وإن كانت سيوفهم بحسب الحالة الحاضرة مع بني أمية [23] ، فلا جرم أنه طمع بإفاقة أهل الكوفة من سكرتهم عندما يحضر لديهم شخصاً فيجتهد في تنبيههم من رقدة الغفلة وسِنة الضلال في اتباعهم ليزيد، لا سيّما إذا انضم لتلك البشارة أنه قد سبر أهل الكوفة كأصحاب موسي لا يصبرون علي طعام


واحد، بل سرعان ما يسأمون الوالي القديم ويزفون الي للجديد بأجنحة خوافيها الرغبة وقوادمها الترحيب، كما صنعوا أخيراً إذ تركوا بني أمية لقدوم المختار ثم هجروه لورود مصعب [24] عليهم، ثم قتلوه لمجيء عبد الملك بن مروان [25] ، وكم فعلوا مثل هذه الأفعال أولاً وأخيراً، فكان من الجائز في نظر العقلاء أن سيتركون بني أمية ويفيئون للحسين، كما تركوا بيعته لقدوم ابن زياد، لكن القوم عثر جدّهم فلم يسيروا هذه المرّة علي جاري عادتهم.

الثالث: أن قتل مسلم وابن يقطر [26] وانقلاب حالة الكوفة لم تبلغ الحسين إلا بطريق الآحاد، من رواةٍ لا يعرفون بالصدق ولا بالكذب «وما آفة الأخبار إلا رواتها».

وأما خطبته في اصحابه فإنها مبنيةٌ علي ما أخبر به الركبان، علي أن فيها فائدة تمييز الخبيث من الطيب، وهو أمر مرغوب اليه في كل حال.

هذا كله قبل ملاقاته، للحُر، أمّا بعد ذلك فقد رام تبعاً لرأي المعترض أن يرجع الي المدينة، ولو سُفك دمه علي قبر جدّه، أو اُريق علي شاذروان [27] بيت ربه أو علي غيرهما من البقاع، فإنه يعلم أن بني أمية لا يتركونه حتي يستخرجوا علقة جوفه، لكن الحُر ومن جعجعوا به وقطعوا عليه خط الرجوع، بل أرادوا إلجاءه أن


يستأسر معهم حتي يدخلوا به علي ابن زياد فيري فيه رأيه، وبعد هنٍ وهناتٍ انزلوه أرض كربلاء [28] فاحاط به الكرب والبلاء، واقبلت لقتاله، المواكب تتلوها المواكب، والكتائب تقفوها الكتائب.



مِلأ القفارِ علي ابنِ فاطمةٍ

جندٌ ملأُ صدورِهم ذَحَلُ



بعساكر بالطفِ أوّلهُا

وأخيرها بالشام متصلُ [29] .





پاورقي

[1] هو عمرو بن سعيد بن العاص ممن اترعت نفوسهم بالحقد علي علي أمير المؤمنين وأبنائه الطيبين انفذه يزيد بن معاوية في عسکر عظيم الي مکة وولاه أمر اموسم وأوصاه بقبض الحسين سراً وإن لم يتمکن منه يقتله غيلة.

وعمرو هذا هو الذي أعلم الناس بالمدينة بقتل الحسين عليه السلام ودعا ليزيد ولما سمع واعية بني هاشم في دورهم علي الحسين حين سمعوا النداء بقتله تمثل بقول عمرو بن معدي يکرب الزبيدي:



عجت نساءُ بني زيادٍ عجةً

کعجيج نسوتنا غداة الارنبِ



ثم قال هذه واعية بواعية عثمان.

[2] تظلم الزهراء ص 153.

[3] ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ج 2 ص 404.

[4] لما أراد الحسين عليه السلام الخروج من مکة طاف بالبيت وسعي بين الصفا والمروة وأحل احرامه وجعلها عمرة مفردة لأنه لم يتمکن من اتمام الحج مخافة أن يقبض عليه في مکة فتستباح به حرمة البيت الحرام وکان خروجه من مکة يوم الثلاثاء الثامن من شهر ذي الحجة سنة 60 من الهجرة کمانص علي ذلک غيرواحد من‏الاعلام منهم‏الشيخ‏المفيد في ج2 ص66 من کتابه‏الارشاد.

[5] ولا يذهب عليک أن هذا الکلام إنما يجري علي فرض الحسين من سائر افراد الأمة مماشاة للخصم، أما مع فرضه إماماً معصوماً مرضياً لإظهاره علي الغيب کما هو الحق فکيف يجهل - وحاشاه - امور نفسه / المؤلف.

[6] قصة رفع المصاحف في صفين قصة مشهورة معروفة وخلاصتها أن معاوية بن أبي سفيان لما أيقن أنه أوشک علي أن يخسر المعرکة وأن الجيش العلوي قاب قوسين أو أدني من النصر هرع الي مستشاره عمرو بن العاص قائلاً ما أصنع يا عمرو وقد أحدق بي وبأصحابي خطر الموت. فقال له عمرو: مرّ أصحابک أن يربطوا المصاحف علي رؤوس الرماح فأمرهم ففعلوا ثم راحوا يخاطبون العراقيين قائلاً (هذا کتاب اللَّه بيننا وبينکم).

فأنخدع کثير من جند الامام علي عليه السلام بذلک وراحوا يطالبون علياً بايقاف القتال ووضع حدٍ لنزيف الدماء وحاول عليه السلام اقناعهم بأن عملية رفع المصاحف ما هي إلا خدعة يراد من وراءها عرقلة تحقيق النصر الذي لاحت تباشيره في الافق غير أنهم ويا للأسف لم يستجيبوا لنداءاته المتکررة في هذا المضمار وأخيراً اضطر عليه السلام الي ايقاف القتال وانهاء الحرب ولکن علي مضض...

[7] هو المغيرة بن شعبة الثقفي المنحرف عن جادة الرسول وآل الرسول عليه وعليهم السلام ولاه عمر بن الخطاب الکوفة وعزله عثمان بن عفان عنها ولما ولي معاوية الخلافة ولاه إياها فلم يزل فيها الي أن مات بالطاعون سنة 50 هجرية.

[8] هو زياد بن أبيه من أخبث الناس وأقذرهم أراق أيام توليه البصرة والکوفة أنهراً من الدماء وتتبع شيعة أمير المؤمنين عليه السلام تحت کل حجر ومدر فقتلهم وشردهم وزجهم في غياهب السجون ولا ذنب لهم إلا اصرارهم علي تشيعهم وموالاتهم لاهل بيت نبيهم.

ولاه معاوية البصرة والکوفة فلم يزل يشغل هذا المنصب الي أن توفي سنة 53 هجرية.

[9] هو سمرة بفتح السين وضم الميم بن جندب من أعوان ابن آکلة الاکباد علي نشر الظلم والجور ومن المنحرفين عن نهج أمير المؤمنين عليه السلام.

ذکر بن أبي الحديد في ج 4 ص 73 من شرحه علي النهج أن معاوية بذل لسمرة بن جندب مئة الف درهم حتي يروي أن هذه الآية نزلت في علي بن أبي طالب (ومن الناس من يعجبک قوله في الحياة الدنيا ويشهد اللَّه علي ما في قلبه وهو ألد الخصام وإذا تولي سعي في الارض ليفسد فيها ويهلک الحرث والنسل واللَّه لا يحب الفساد) وأن هذه الآية نزلت في ابن ملجم (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات اللَّه) فلم يقبل فبذل له مائتي الف درهم فلم يقبل فبذل له ثلثمائة الف فلم يقبل فبذل له أربعمائةالف فقبل وروي ذلک.

[10] هذا هو عجز البيت الثالث من أبيات شهاب الدين سعد بن محمد بن سعد التميمي الشهير ب «ابن صيفي» وهي:



ملکنا فکان العفو منا سجيةً

فلما ملکتم سال بالدم أبطحُ



وحللتمُ قتل الاساري وطالما

غدونا عن الاسري نعف ونصفحُ



فحسبکم هذا التفاوت بيننا

وکل إناءٍ بالذي فيه ينضحُ



أقول: قرأت في ص 338 من الجزء الاول من کتاب الکني والالقاب للعلامة الشيخ عباس القمي قدس سره ما يلي:

قال بن خلکان قال الشيخ نصر اللَّه بن مجلي وکان من ثقات أهل السنة رأيت في المنام علي بن أبي طالب فقلت له يا أمير المؤمنين تفتحون مکة فتقولون من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ثم يتم علي ولدک الحسين يوم الطف ما تم.

فقال عليه السلام: أما سمعت أبيات ابن صيفي فقلت: لا. فقال: اسمعها منه. ثم استيقضت فبادرت الي داره فخرج الي فذکرت له الرؤيا فشهق وأجهش بالبکاء وحلف باللَّه إن کانت خرجت من فمي او خطي الي احد وان کنت نظمتها إلا في ليلتي هذه ثم انشدني.

ملکنا فکان العفو منا...

[11] قائلاً: (أما بعد فإن الرائد لا يکذب أهله وقد بايعني من أهل الکوفة ثمانية عشر ألفاً فعجّل الاقبال حين يأتيک کتابي والسلام).

انظر مسلم بن عقيل للعلامة المقرم ص 148.

[12] سورة البقرة / 89.

[13] سورة الفتح / 10.

[14] سورة النساء94.

[15] هو حبيب بن مظهر - بضم الميم وفتح الظاء - حسب ما ذکره العلامة الشيخ محمد السماوي في ص 61 من (إبصار العين في انصار الحسين) الاسدي.

کان رضوان اللَّه عليه من أفاخم أصحاب مولي الموحدين الامام علي عليه السلام ومن حملة علومه وقد شهد حروبه کلها الجمل وصفين والنهروان.

ذکر أهل السير أن حبيباً رحمه اللَّه خرج الي الحسين بعد وروده کربلاء مختفياً يسير الليل ويکمن النهار حتي وصل کربلاء ليلة الثامن من شهر محرم ولازم الامام عليه السلام حتي فاز بالشهادة بين يديه.

[16] مرت ترجمته قبل قليل.

[17] انظر العقد الفريد لابن عبد ربه الاندلسي ج 4 ص 379.

[18] هو ابو سالم ميثم بن يحيي التمار النهرواني کان رحمه اللَّه من خواص اصحاب أمير المؤمنين وأصفياءهم وقد أطلعه عليه السلام علي علم کثير وأسرار خفية من أسرار الوصية.

قتل عطر اللَّه مرقده في الثاني والعشرين من شهر ذي الحجة من سنة 60 هجرية کما في صفحة 74 من کتاب (ميثم التمار) للعلامة الشيخ محمد حسين المظفر.. قتله عبيد اللَّه بن زياد.

[19] هو المختار بن أبي عبيدة الثقفي قاتل قتلة سيدنا ومولانا سبط الرحمة وفطيم النبوة وربيب العصمة الحسين بن علي عليه السلام.

وقد وردت في شأنه طائفتان من الروايات طائفة تذمه وتقدحه وقد تصدي لردها لفيف من أکابر علمائنا الاعلام منهم آية اللَّه فقيه عصره المغفور له الشيخ عبد اللَّه المامقاني رحمه اللَّه في ص 204 وما بعدها من الجزء الثالث من کتابه (تنقيح المقال في علم الرجال).

وأما الطائفة الثانية فهي عبارة عن مجموعة نصوص مبارکة واردة عن الائمة الاطهار وقد تضمنت مدحهم له وترحمهم عليه ومنها نستکشف حسن عقيدته وجمال سيرته وسريرته ورضا القادة العظام بعمله.

[20] ارجع ايها القاري‏ء إن أردت الاحاطة بثورة التوابين ومعرفة أحوال قادتها ومنهم سليمان بن صرد الخزاعي وما يتصل بها من قريب أو بعيد الي المصادر التالية:

1 - لواعج الاشجان للسيد محسن الامين العاملي.

2 - الانتفاظات الشيعية عبر التاريخ للسيد هاشم معروف الحسني.

3 - ثمرات الاعواد للسيد علي الهاشمي.

[21] هو يزيد بن مسعود النهشلي من أشراف البصرة ومن عيون الشيعة فيها کتب اليه الحسين عليه السلام أيام اقامته في مکة کتاباً يدعوه فيه لنصرته فلما انتهي اليه الکتاب جمع بني تميم وبني حنظلة وبني سعد في مؤتمر واحد وقام فيهم خطيباً حيث القي عليهم خطبة بليغة دعاهم فيها للتوجه الي الحسين والانظواء تحت لوائه الشريف فأجابوه الي ما أراد فکتب الي الحسين عليه السلام کتاباً بليغاً ينم عن وعي ومعرفة بمقام أهل البيت عليهم السلام ويعرب فيه عن کامل استعداه لنصرته وبعث الکتاب مع رجل يقال له الحجاج بن بدر السعدي فوصله وهو عليه السلام في ساحة المعرکة ولما تجهز يزيد بن مسعود للخروج الي الحسين وإذا بنبأ استشهاده يطرق سمعه فتأسف عليه وحزن.

[22] فقال عليه السلام (أما بعد فإنه قد أتانا خبر فظيع قتل مسلم بن عقيل وهاني بن عروة وعبد اللَّه بن يقطر وقد خذلنا شيعتنا فمن أحب منکم الانصراف فلينصرف ليس عليه حرج منا ولا ذمام).

فتفرق عنه النفعيون وطلاّب الدنيا وعبدة المادة.

انظر نفس المهموم للشيخ عباس القمي ص 185.

[23] لما انتهي الحسين عليه السلام الي (الصفاح) وهو موضع بين مکة والعراق التقي بالشاعر العربي المعروف الفرزدق بن غالب الاسدي فسأله عليه السلام عن خبر الناس خلفه فقال الفرزدق: (قلوبهم معک وأسيافهم عليک والقضاء...).

انظر ارشاد الشيخ المفيد ج 2 ص 67.

[24] هو مصعب بن الزبير بن العوام الاسدي ولاه اخوه عبد اللَّه علي البصرة سنة 68 هجرية وقتل سنة 71.

[25] هو عبد الملک بن مروان بن الحکم بن أبي العاص بن امية... ولد سنة 26 هجرية وتوفي في المدينة سنة 86 هجرية.

[26] هو عبد اللَّه بن يقطر الحميري کان رضوان اللَّه عليه صحابياً وکان لدة الحسين عليه السلام - واللدة الترب الذي ولد معک وتربي - لان يقطر أباه کان خادماً عند رسول اللَّه وکانت زوجته ميمونة في بيت أمير المؤمنين فولدت عبد اللَّه قبل ولادة فاطمة الحسين بثلاثة أيام.

انظر ترجمته في تنقيح المقال ج 2 ص 224 وإبصار العين ص 52 وتاريخ الکوفة للبراقي ص 292.

[27] الشاذروان من جدار البيت الحرام وهو الذي ترک من عرض الأساس خارجاً کالإزار / المؤلف.

[28] في الثاني من شهر محرم سنة 61 هجرية نصَ علي ذلک:

1 - الطبري في تاريخه ج 4 ص 309.

2 - الشيخ المفيد في ارشاده ج 2 ص 84.

3 - الفتال النيسابوري في روضة الواعظين ج 1 ص 181.

4 - ابن نما في مثير الاحزان ص 49.

5 - السيد بن طاووس في الملهوف علي قتلي الطفوف ص 139. وآخرون.

[29] ب- من قصيدة عصماء للمرحوم الشيخ حمادي الکواز الحلي المتوفي سنة 1283 هجرية مطلعها:



ومقوظين تحملوا وعلي

مسراهم المعروف مرتحلُ.