بازگشت

معاوية مع ابن العاص


وراي معاوية انه لن يستطيع التغلب علي الاحداث الا اذا انضم إليه داهية العرب عمرو بن العاص فيستعين به علي تدبير الحيل، ووضع المخططات التي تؤدي الي نجاحه في سياسته فراسله طالبا منه الحضور الي دمشق، وكان ابن العاص فيما يقول المؤرخون: قد وجد علي عثمان حينما عزله عن مصر، فكان يؤلب الناس عليه، ويحرضهم علي الوقيعة به، وهو ممن مهد للفتنة والثورة عليه، ولما ايقن بحدوث الانقلاب عليه خرج الي ارض


كان يملكها بفلسطين فاقام فيها، وجعل يتطلع الاخبار عن قتله. ولما انتهت رسالة معاوية الي ابن العاص تحير في أمره فاستشار ولديه عبد الله ومحمدا أما عبد الله فكان رجل صدق وصلاح فاشار عليه ان يعتزل الناس ولا يجيب معاوية الي شئ حتي تجتمع الكلمة ويدخل فيما دخل فيه المسلمون واما ابنه محمد فقد طمع فيما يطمع فيه فتيان قريش من السعة والتقدم، وذيوع الاسم، فقد اشار عليه بان يلحق بمعاوية لينال من دنياه. فقال عمرو لولده عبد الله! أما انت فامرتني بما هو خير لي في ديني، وقال لولده محمد: أما انت فامرتني بما هو خير لي في دنياي، واتفق ليله ساهرا يفكر في الامر هل يلتحق بعلي فيكون رجلا كسائر المسلمين له مالهم وعليه ما عليهم من دون ان ينال شيئا من دنياه، ولكنه يضمن امر آخرته او يكون مع معاوية فيظفر بتحقيق ما يصبو إليه في الدنيا من الثراء العريض، وهو لم ينس ولاية مصر فكان يحن إليها حنينا متصلا، وقد أثر عنه تلك الليلة من الشعر ما يدل علي الصراع النفسي الذي خامره تلك الليلة. ولم يسفر الصبح حتي آثر الدنيا علي الاخرة فاستقر رايه علي الالتحاق بمعاوية، فارتحل الي دمشق ومعه ابناه فلما بلغها جعل يبكي امام اهل الشام كما تبكي المراة وهو يقول: " وا عثماناه انعي الحياء والدين " [1] .

قاتلك الله يا بن العاص أأنت تبكي علي عثمان وانت الذي اوغرت عليه الصدور واثرت عليه الاحقاد، وكنت تلفي الراعي فتحرضه عليه سفك دمه الصدور واثرت عليه الاحقاد، وكنت تلفي الراعي فتحرضه عليه حتي سفك دمه لقد بلغ التهالك علي السلطة في ذلك العصر مبلغا انسي الناس دينهم فاقترفوا في سبيل ذلك كل ما حرمه الله. ولما التقي ابن العاص بمعاوية فتح معه الحديث في حربه مع الامام فقال ابن العاص:


" أما علي فو الله لا تساوي العرب بينك وبينه في شئ من الاشياء وان له في الحرب لحظا ما هو لاحد من قريش إلا ان تظلمه ". واندفع معاوية يبين دوافعه في حربه للامام قائلا: " صدقت ولكنا نقاتله علي ما في أيدينا، ونلزمه قتلة عثمان ". واندفع ابن العاص ساخرا منه قائلا: - واسواتاه ان أحق الناس أن لا يذكر عثمان انت!! - ولم ويحك؟!! - أما أنت فخذلته ومعك أهل الشام حتي استغاث بيزيد بن أسد البجلي فسار اليه وأما أنا فتركته عيانا وهربت الي فلسطين... [2] .

واستيقن معاوية ان ابن العاص لا يخلص له، وراي ان من الحكمة أن يستخلصه ويعطيه جزاءه من الدنيا، فصارحه قائلا: - أتحبني يا عمرو؟ - لماذا؟ للاخرة فوالله ما معك آخرة، أم للدنيا. فوالله لا كان حتي أكون شريكك فيها. - أنت شريكي فيها؟ - اكتب لي مصر وكورها. - لك ما تريد. فسجل له ولاية مصر، وجعلها ثمنا لانضمامه إليه [3] في مناهضته لوصي رسول الله (ص) وقد ظفر بداهية من دواهي العرب وبشبخ من شيوخ قريش قد درس أحوال الناس، وعرف كيف يتغلب علي الاحداث.



پاورقي

[1] تاريخ ابن الاثير 3 / 129.

[2] تاريخ اليعقوبي 2 / 162.

[3] العقد الفريد 3 / 113.