بازگشت

القاسطون


ولم يكد يفرغ الامام (ع) من حرب الناكثين كما اسماهم رسول الله (ص) حتي جعل يتاهب لحرب القاسطين الذين اسماهم النبي (ص) بذلك، وراي الامام ان يغادر البصرة الي الكوفة ليستعد لحرب عدو عنيف هو معاوية بن ابي سفيان الذي حارب رسول الله (ص) وابلي في حربه أشد


البلاء وأقواه، ولم يكن معاوية باقل تنكرا للاسلام وبغضا لاهله من أبيه، وكان المسلمون الاولون ينظرون إليهما نظرة ريبة وشك في اسلامهما، وقد استطاع بمكره ودهائه أن يغزو قلب الخليفة الثاني، ويحتل المكانة المرموقة في نفسه فجعله واليا علي الشام، وظل يبالغ في تسديده وتاييده، وبعد وفاته أقره عثمان وزاد في رقعة سلطانه، وظل معاوية في الشام يعمل عمل من يريد الملك والسلطان فاحاط نفسه بالقوة واشتري الضمائر، وسخر اقتصاد بلاده في تدعيم سلطانه، وبعد الاحداث التي ارتكبها عثمان علم معاوية أنه مقتول لا محالة، فاستغاث به عثمان حينما حوصر فابطا في نصره، وظل متربصا حتي قتل ليتخذ من قميصه ودمه وسيلة للتشبث بالملك، وقد دفعه الي ذلك حرب الجمل التي كان شعارها المطالبة بدم عثمان، فاتخذه خير وسيلة للتذرع لنيل الملك ويقول المؤرخون انه استعظم قتل عثمان وهول أمره، وراح يبني ملكه علي المطالبة بدمه. وكان الامام (ع) محتاطا في دينه كاشد ما يكون الاحتياط فلم يصانع، ولم يحاب، وانما سار علي الطريق الواضح، فامتنع أن يستعمل معاوية علي الشام لحظة واحدة لان في اقراره علي منصبه تدعيهما للظلم وتركيزا للجور. وعلي اي حال فان الامام بعد حرب الجمل قد غادر البصرة مع قواته المسلحة، واتجه الي الكوفة ليتخذها عاصمة ومقرا له، واتجه فور قدومه إليها يعمل علي تهياة وسائل الحرب لمناهضة عدوه العنيف الذي يتمتع بقوي عسكرية هائلة اجمعت علي حبه ونصرته، وكان الشني يحرض الامام ويحفزه علي حرب اهل الشام، بعد ما أحرزه من النصر في وقعة الجمل وقد قال له:



قل لهذا الامام قد خبت الحر

ب وتمت بذلك النعماء



وفرغنا من حرب من نكث

العهد وبالشام حية صماء




تنفث السم ما لمن نهشته

- فارمها قبل ان تعض - شفاء [1] .




پاورقي

[1] الاخبار الطوال (ص 145).