بازگشت

الدعوة الي القران


ولما باءت بالفشل جميع الجهود التي بذلها الامام من أجل حقن الدماء ندب الامام أصحابه، لرفع كتاب الله العظيم ودعوة القوم الي العمل بما فيه، وأخبرهم أن من يقوم بهذه المهمة فهو مقتول فلم يستجب له أحد سوي فتي نبيل من أهل الكوفة فانبري الي الامام، وقال: " أنا له يا أمير المؤمنين ". فاشاح الامام بوجهه عنه، وطاف في أصحابه ينتدبهم لهذه المهمة فلم يستجب له أحد سوي ذلك الفتي فناوله الامام المصحف، فانطلق الفتي مزهوا لم يختلج في قلبه خوف ولا رعب، وهو يلوح بالكتاب أمام عسكر عائشة، قد رفع صوته بالدعوة الي العمل بما فيه ولكن القوم قد دفعتهم الانانية الي الفتك به فقطعوا يمينه، فاخذ المصحف بيساره، وهو يناديهم بالدعوة الي العمل بما فيه، فاعتدوا عليه وقطعوا يساره، فاخذ المصحف


باسنانه وقد نزف دمه، وراح يدعوهم الي السلم وحقن الدماء قائلا: " الله في دمائنا ودمائكم ". وانثالوا عليه يرشقونه بنبالهم فوقع علي الارض جثة هامدة، فانطلقت إليه أمه تبكيه وترثيه بذوب روحها قائلة:



يا رب ان مسلما أتاهم

يتلو كتاب الله لا يخشاهم



فخضبوا من دمه لحاهم

وأمه قائمة تراهم



وراي الامام بعد هذا الاعذر ان لا وسيلة له سوي الحرب فقال لاصحابه: " الان حل قتالهم، وطاب لكم الضراب " [1] ودعا الامام حضين ابن المنذر وكان شابا فقال له: " يا حضين دونك هذه الراية فو الله ما خفقت قط فيما مضي، ولا تخفق فيما بقي راية أهدي منها إلا راية خفقت علي رسول الله (ص). ". وفي ذلك يقول الشاعر:



لمن راية سوداء يخفق ظلها

اذا قيل قدمها حضين تقدما



يقدمها للموت حتي يزيرها

حياض المنايا يقطر الموت والدما [2] .




پاورقي

[1] مروج الذهب 2 / 246.

[2] أنساب الاشراف ج 1 ق 1 ص 180.