بازگشت

مع القاسطين والناكثين


وفزعت القبائل القرشية كاشد ما يكون الفزع هولا من حكومة الامام وأيقنت أن جميع مخططاته السياسية والاقتصادية إنما هي امتداد ذاتي للاتجاهلات الفكرية والاجتماعية عند الرسول الاعظم (ص) الذي أطاح بغلوائهم، وكبريائهم، وحطم حياتهم الاقتصادية القائمة علي الربا والاحتكار والاستغلال ومما زاد في فزعهم القرارات الحاسمة التي أعلنها الامام فور انتخابه للحكم والتي كان منها اقصاء ولاة عثمان عن جميع مراكز الدولة، ومصادرة جميع ما نهبوه من الخزينة المركزية، كما اضطربوا من اعلان الامام (ع) للمساواة العادلة بين جميع الشعوب الاسلامية، مساواة في الحقوق، والواجبات، ومساواة في كل شئ، وقد هالهم ذلك فكانوا يرون أن لهم التفوق علي بقية الشعوب، ولهم امتيازات خاصة علي بقية الناس. لقد ورمت آناف القرشيين وسائر القوي المنحرفة عن الحق من حكومة الامام فاجمع رايهم علي اعلان العصيان المسلح، واشعال نار الحرب في البلاد للاطاحة بحكومته التي اتخذت الحكم وسيلة للاصلاح الاجتماعي، وتطوير حياة الانسان، وأول الحروب التي اثيرت علي الامام هي حرب الجمل، وأعقبها حرب صفين ثم حرب النهروان، وقد وضعت تلك الحروب الحواجز والسدود أمام حكمه الهادف الي رفع مستوي القيم الانسانية، والقضاء علي جميع ألوان التاخر في البلاد. ويقول الرواة ان الرسول (ص) قد أحاط الامام علما بما يمني به في عهد خلافته من تمرد بعض الفئات عليه، وقد عهد اليه بقتالهم وقد أسماهم الناكثين والقاسطين والمارقين [1] ولا بد لنا أن نعرض - بايجاز -


لهذه الحروب التي تصور لنا الحياة السياسية والفكرية في ذلك العصر الذي اترعت فيه عواطف الكثيرين بحب الملك والسلطان كما تصور لنا الاحقاد التي تكنها القبائل القرشية علي الامام، ومن المقطوع به أن هذه الاحداث قد ساهمت مساهمة ايجابية في خلق كارثة كربلاء فقد نشرت الاوبئة الاجتماعية وخلقت جيلا انتهازيا، لا ينشد إلا مطامعه الخاصة، وفيما بلي ذلك:


پاورقي

[1] مستدرک الحاکم 3 / 139، تاريخ بغداد 8 / 340، أسد الغابة 4 / 33، کنز العمال 6 / 82، مجمع الزوائد 9 / 235.