بازگشت

مقدمة


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام علي أشرف الخلائق محمّد وآله الطاهرين. انّ في تاريخ الإسلام الأبلج قضايا غاربت بعد أن نبعت، وأحدثت في النفوش آثاراً متوقّعة منها، وما دار عليها زمن قصير، إلاّ وذهبت أدراج الاُمور المعطّلة لا يجري لها ذكر. وهناك قضايا غمرت أفكار المفكّرين قبل أن تحدث، فيبحثون فيما هو السبب أن تحدث، والنتائج المترتّبة علي وقوعها، والقائم بها. وبعد وقوعها تسري في أعمقا طالبي الحقائق بإستطلاع صميم الوقائع، وإستقصاء القرائن من قريب وبعيد. وهذه الثلّة من القضايا هي المرتكزة في قرارة النفوس، والمرتسمة في مرايا الأفكار، لا يمحوها كرّ الأزمان، وإنقلاب الأعمار وفي مقدّمة هذه الثلّة: قضيّة تأريخيّة عظيمة، إستعملت من إمكانيات المفكّرين والمصلحين أكثر ممّا حصلت عليه أيّة قضيّة اُخري، وهي نهضة أبي الشهداء الإمام أبي عبدالله الحسين بن علي (عليهما السلام). فانّها بعظمة الناهض بها، وهول وقوعها، وعمق أسرارها: إنطوت علي عظمة محيّرة للعقول، شذّ تفسيرها عن قول العقل، وليس بإمكانه تفسيرها إلاّ بـ«السرّ الإلهي الخالد»: ولذلك لا يمرّ بها عابر علي سطح التأريخ الإسلامي إلاّ وتدور في خلده أسئلة تدلّ علي شعوره بعظمة الأمر فيروح سائلا: لماذا خرج الحسين(عليه السلام) إلي العراق من مقرّه؟ وما هي نتائج


نهضته المقدّسة؟ ولماذا لم يصالح يزيد؟ ولماذا أخرج أهل بيته؟ إلي غيرها من الاُمور، وكذلك جوبهت (لجنة الثقافة الدينيّة) الموقّرة من أحد قرّائها بهذه الأسئلة، وإختارتني اللجنة لأُمثّلها في الجواب؛ فكان ـ ممّا بذلت من الجهد ـ للجواب هذا الكتاب. وبعد: فهذا عرض وجيز في هذه المواضيع، تلقيّته من اُمّهات المصادر التأريخيّة عسي أن أكون محلّلا بعض هذه الأبحاث ومؤدّياً لبعض ما يجب عليّ تجاه هذه الثورة المقدّسة. ووطيد الأمل: أن يجوز رضي المتأمّلين فيه. وأسأل الله أن يجعله خالصاً لوجهه الكريم انّه قريب مجيب:

كربلاء المقدّسة 3 / 12 / 1385

محمّد الرضا الحسيني الجلالي