بازگشت

رجع الحديث الي الاول


قال: ولما حضر معاوية دعا يزيد بن معاوية فأوصاه بما أوصاه به، وقال: اُنظر حسين بن علي بن فاطمة بنت رسول الله صلّي الله عليه وسلّم، فانّه أحبّ الناس إلي الناس، فصل رحمه وارفق به، يصلح لك أمره، فان يك منه شيء فاني أرجوا أن يكفيكه الله بمن قتل أباه وخذل أخاه.

وتوفّي معاوية ليلة النصف من رجب سنة ستين وبايع الناس ليزيد.

فكتب يزيد مع عبدالله بن عمرو بن اويس العامري / [49 / أ] ـ عامر ابن لؤي ـ إلي الوليد بن عقبة بن أبي سفيان وهو علي المدينة:

أن ادع الناس فبايعهم، وابدأ بوجوه قريش وليكن أول من تبدأ به الحسين بن علي، فإنّ أمير المؤمنين عهد إليّ في أمره الرفق به واستصلاحه.

فبعث الوليد بن عقبة من ساعته ـ نصف الليل ـ إلي الحسين بن علي وعنده عبدالله بن الزبير فاخبرهما بوفاة معاوية ودعاهما إلي البيعة ليزيد! فقالا: نصبح وننظرما يصنع [الناس].

ووثب الحسين فخرج وَخرج معه ابن الزبير، وهو يقول: هو يزيد الذي تعرف، والله ما حدث له حزم ولا مروءة.

وقد كان الوليد أغلظ للحسين فشتمه الحسين واخذ بعمامته فنزعها من رأسه، فقال الوليد: ان هجنا بأبي عبدالله إلاّ أسدا.

فقال له مروان ـ أو بعض جلسائه ـ: اقتله! قال: انّ ذاك لدم مظنون في بني عبد مناف.


فلمّا صار الوليد إلي منزله قالت له امراته أسماء بنت عبدالرحمان بن الحارث بن هشام: أسببت حسينا؟! قال: هو بدأ فسبّني! قالـت: وان سبّك تسبّه؟! وان سبّ أباك تسبّ أباه؟!

وخرج الحسين وعبدالله بن الزبير من ليلتهما إلي مكة، فاصبح الناس فغدوا علي البيعة ليزيد! وطُلب الحسين وابن الزبير فلم يُوجدا، فقال المسوّر بن مخرمة: عجّل أبو عبدالله، وابن الزبير الآن يلفته ويزجيه إلي العراق ليخلو [49 / ب] بمكة.

فقدما مكة، فنزل الحسين دار العباس بن عبدالمطلب، ولزم ابن الزبير الحجر ولبس المعافري وجعل يحرّض الناس علي بني اُميّة.

وكان يغدو ويروح إلي الحسين ويشير عليه أن يقدم العراق! ويقول: هم شيعتك وشيعتك أبيك.

وكان عبدالله بن عباس ينهاه عن ذلك، ويقول: لا تفعل. وقال له عبدالله بن مطيع: [1] أي فداك أبي واُمّي متّعنا بنفسك، ولا تسر إلي العراق، فوالله لئن قتلك هؤلاء القوم ليتخذنّا خولاً وعبيداً.


ولقيهما عبدالله بن عمرو عبدالله بن عيّاش [2] بن أبي ربيعة بالأبواء منصرفين من العمرة، فقال لهما ابن عمر: اُذكّركما الله إلاّ رجعتما فدخلتما في صالح ما يدخل فيه الناس!. وتنظروا، فإن اجتمع الناس عليه لم تشذّا، وإن افترق عليه كان الذي تريدان!

وقال ابن عمر لحسين: لا تخرج، فانّ رسول الله صلّي الله عليه وسلّم خيّره الله بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة، وانت بضعة منه ولا تنالها ـ يعني الدنيا ـ، فاعتنقه وبكي وودّعه.

فكان ابن عمر يقول: غلبنا حسين بن علي بالخروج، ولعمري لقد رأي في أبيه وأخيه عبرة، ورأي من الفتنة وخذلان الناس لهم ما كان ينبغي له أن لا يتحرّك ما عاش، وان يدخل في صالح ما دخل فيه الناس فانّ الجماعة خير!!

وقال له ابن عياش: أين تريد يابن فاطمة؟ قال: العراق وشيعتي، [50/ أ] فقال: انّي لكاره لوجهك هذا، تخرج إلي قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك حتي تركهم سخطة وملّة لهم، اُذكّرك الله أن تغرّر بنفسك.

وقال أبو سعيد الخدري: غلبني الحسين علي الخروج، وقد قلت له: اتق الله في نفسك! والزم بيتك، فلا تخرج علي إمامك!!. [3] .

وقال أبو واقد الليثي: بلغني خروج حسين فادركته بملل، فناشدته الله ان لا يخرج، فانّه يخرج في غير وجه خروج، انّما يقتل نفسه، فقال: لا أرجع.


وقال جابر بن عبدالله: كلّمت حسيناً، فقلت: اتق الله! ولا تضرب الناس بعضهم ببعض!! فوالله ما حمدتم ما صنعتم؟! فعصاني. [4] .

وقال سعيد بن المسيب: لو ان حسيناً لم يخرج لكان خيراً له!

وقال أبو سلمة بن عبدالرحمان: قد كان ينبغي لحسين أن يعرف أهل العراق ولا يخرج اليهم، ولكنّ شجّعه علي ذلك ابن الزبير.

وكتب إليه المسوّر بن مخرمة: اياك ان تغّتر بكتب أهل العراق، ويقول لك ابن الزبير: إلحق بهم فانّهم ناصروك، اياك أن تبرح الحرم، فانّهم ان كانت لهم بك حاجة فسيضربون إليك اباط الإبل حتي يوافوك فتخرج في قوة وعدة، فجزّاه خيراً وقال: أستخيرالله في ذلك.

وكتبت إليه عمرة بنت عبدالرحمن تعظّم عليه ما يريد أن يصنع، وتأمره بالطاعة ولزوم الجماعة! وتخبره انّه انّما يساق إلي مصرعه، وتقول: اشهد لحدّثتني [50 / ب] عائشة انّها سمعت رسول الله صلّي الله عليه وسلّم يقول:

يقتل حسين بأرض بابل، فلمّا قرأ كتابها قال: فلا بدّ لي إذاً من مصرعي، ومضي.

وأتاه أبوبكر بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام، فقال: يابن عم ان الرحم تضارّني عليك، وما أدري كيف أنا عندك في النصيحة لك، قال: يابابكر ما أنت ممّن يستغشّ ولا يتهم، فقل.

فقال: قد رأيت ما صنع أهل العراق بأبيك وأخيك وأنت تريد أن تسير إلهيم وهم عبيد الدنيا، فيقاتلك من قد وعدك أن ينصرك، ويخذلك من أنت أحبّ إليه ممّن ينصره، فاذكّرك الله في نفسك.


فقال: جزاك الله يابن عم خيراً، فلقد اجتهدت رأيك، ومهما يقضي الله من أمر يكن.

فقال أبوبكر: إنّا لله، عندالله نحتسب أبا عبدالله.

وكتب عبدالله بن جعفر بن أبي طالب إليه كتاباً يحذّره أهل الكوفة ويناشده الله أن يشخص إليهم.

فكتب إليه الحسين: انّي رأيت رؤيا، ورأيت فيها رسول الله صلّي الله عليه وسلّم وأمرني بأمر أنا ماض له، ولست بمخبر بها أحداً حتي اُلاقي عملي. [5] .

وكتب إليه عمرو بن سعيد بن العاص: انّي أسأل الله أن يلهمك رشدك، وان يصرفك عمّا يرديك، بلغني انّك قد اعتزمت علي الشخوص إلي العراق، فاني اعيذك بالله من الشقاق، فان كنت خائفاً فاقبل إليّ، فلك عندي الأمان والبرّ والصلة.

فكتب إليه الحسين: إن كنت أردت بكتابك إليّ برّي وصلتي فجزيت خيرا [51 / أ] في الدنيا والآخرة، وانّه لم يشاقق من دعا إلي الله وعمل صالحاً وقال انني من المسلمين، وخير الأمان أمان الله، ولم يؤمن بالله من لم يخفه في الدنيا، فنسأل الله مخافة في الدنيا توجب لنا أمان الآْخرة عنده.

وكتب يزيد بن معاوية إلي عبدالله بن عباس يخبره بخروج الحسين إلي مكة ونحسبه جاءه رجال من أهل هذا المشرق فمنّوه الخلافة وعندك علم منهم خبرة وتجربة فان كان فعل فقد قطع واشج القرابة وأنت كبير أهل بيتك والمنظور إليه فاكففه عن السعي في الفرقة!!

وكتب بهذه الأبيات إليه، والي من بمكة والمدينة من قريش:



يا أيّها الراكب الغادي (مطيته)

علي عذافِرِةٍ في سيـــرهــا قحم



أبلــغ قريشاً علي نأي المزاربها

بيني وبين حسين الله والرحـــمُ






وموقف بفناء البيت انشده

عهد الاله وما توفي به الذمم



عنيتم قومكم فخرابامكم

ام لعمري حصان (عفة) كرم



هي التي لا يداني فضلها احد

بنت الرسول وخير الناس قدعلموا



وفضلها لكم فضل وغيركم

من قومكم لهم في فضلها قسم



اني لاعلم او ظنا كعالمه

والظن يصدق احيانا فينتظم



ان سوف يترككم ما تدعون بها

قتلي تهاداكم العقبان والرخم



ياقومنا لا تشبوا الحرب اذ سكنت

ومسّكوا بحبال السلم واعتصموا[51/ ب]



قد غرت الحرب من قد كان قبلكم

من القرون وقد بادت بها الاُمم



فانصفوا قومكم لا تهلكوا بذخا

فرب ذي بذخ زلت به القدم



قسال: فكتب إليه عبدالله بن عباس: انّي أرجو أن لا يكون خروج الحسين لأمر تكرهه، ولست أدع النصيحة له فيما يجمع الله به الاُلفة وتطفأ به النائرة.

ودخل عبدالله بن عباس علي الحسين فكلّمه طويلاً، وقال: أنشدك الله أن تهلك غداً بحال مضيعة، لا تأتي العراق، وان كنت لا بدّ فاعلاً فأقم حتي ينقضي الموسم، وتلقي الناس وتعلم علي ما يصدرون، ثم تري رأيك، وذلك في عشر ذي الحجة سنة ستين.

فأبي الحسين إلاّ أن يمضي إلي العراق، فقال له ابن عباس: والله إنّي لأظنّك ستقتل غداً بين نسائك وبناتك كما قتل عثمان بين نسائه وبناته، والله انّي لأخاف أن تكون الذي يقاد به عثمان، فإنّا لله وانّا إليه راجعون.

فقال الحسين: أبا العباس إنّك شيخ قد كبرت، فقال ابن عباس: [6] .


لولا أن يزري ذلك بي أو بك لنشبت يدي في رأسك، ولو أعلم انّا إذا تناصينا أقمت لفعلت، ولكنّ لا أخال ذلك نافعي.

فقال له الحسين: لئن اُقتل بمكان كذا وكذا أحبّ إليّ أن تستحلّ بي ـ يعني مكة ـ، قال: فبكي ابن عباس، وقال: أقررت عين ابن الزبير فذلك الذي سلا بنفسي عنه.

ثم خرج عبدالله بن عباس من عنده وهو مغضب [52/ أ] وابن الزبير علي الباب، فلما رآه قال: يابن الزبير قد أتي ما أحببت، قرّت عينك، هذا أبو عبدالله يخرج ويتركك والحجاز.



يالـك مــــن قبــرة بمـعـــمــــر

خلا لك الجوّ فبيضي واصفري



ونقري ما شئت ان تنقري [7]

وبعث حسين إلي المدينة فقدم عليه من خفّ معه من بني عبدالمطلب وهم تسعة عشر رجلاً ونساء وصبيان من إخوانه وبناته ونسائهم.



وتبعهم محمد بن الحنفية فأدرك حسيناً بمكة واعلمه انّ الخروج ليس له برأي يومه هذا، فأبي الحسين أن يقبل.

فحبس محمد بن علي ولده فلم يبعث معه أحداً منهم! حتي وجد الحسين في نفسه علي محمد، قال: ترغب بولدك عن موضع اُصاب فيه؟!

فقال محمد: وما حاجتي أن تُصاب ويصابون معك، وان كانت مصيبتك أعظم عندنا منهم.

وبعث أهل العراق إلي الحسين الرسل والكتب يدعونه إليهم، فخرج متوجهاً إلي العراق في أهل بيته وستين شيخاً من أهل الكوفة، وذلك يوم الإثنين في عشر ذي الحجة سنة ستين.


فكتب مروان إلي عبيدالله بن زياد: أمّا بعد، فانّ الحسين بن علي قد توجّه إليك وهو الحسين بن فاطمة، وفاطمة بنت رسول الله صلّي الله عليه وسلّم، وبالله ما أحد يسلّمه الله أحبّ إلينا من الحسين! فاياك أن تهيج علي نفسك مالا يسدّه شيء، ولا تنساه العامة ولا تدع ذكره، والسلام

وكتب [52/ ب] إليه عمرو بن سعيد بن العاص: أمّا بعد، فقد توجّه إليك الحسين، وفي مثلها تعتق، أو تسترقّ كما تسترقّ العبيد. [8] .

284ـ [9] قال: أخبرنا عبدالله بن الزبير الحميدي، قال: حدّثنا سفيان بن عيينة، قال: حدّثني لبطة بن الفرزدق ـ وهو في الطواف وهو مع ابن شبرمة ـ، قال: أخبرني أبي، قال: خرجنا حجّاجاً فلما كنا بالصفاح إذا نحن بركب عليهم اليلامق ومعهم الدرق، فلما دنوت منهم إذا أنا بحسين بن علي، فقلت: أي أبو عبدالله؟ قال: يا فرزدق ما وراءك؟ قال: أنت أحبّ الناس إلي الناس، والقضاء في السماء، والسيوف مع بني اُمية.

قال: ثم دخلنا مكة، فلمّا كنّا بمني قلت له: لو أتينا عبدالله بن عمرو فسألناه عن حسين وعن مخرجه، فأتينا منزله بمني فاذا نحن بصبية له سود مولدين يلعبون، قلنا: أين أبوكم؟ قالوا: في الفسطاط يتوضأ، فلم يلبث أن خرج علينا من فسطاطه، فسألناه عن حسين؟ فقال: أما إنّه لا يحيك فيه السلاح! قال: فقلت له: تقول هذا فيه وأنت الذي قاتلته وأباه؟! فسبّني وسببته!

ثم خرجنا حتي أتينا ماء لنا يقال له: تعشار، فجعل لا يمرّ بنا أحد إلاّ سألناه عن حسين، حتي مرّ بنا ركب فناديناهم ما فعل حسين بن علي قالوا: قُتلْ! فقلت: فعل الله بعبدالله بن عمرو، وفعل.


قال سفيان: ذهب الفرزدق إلي غير المعني ـ أو قال: الوجه ـ انّما قال: لا يحيك فيه السلاح ولا يضرّه [53/ أ] القتل، مع ما قد سبق له.

285ـ قال: أخبرنا عبدالله بن الزبير الحميدي، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا شيعي لنا يقال له: العلاء بن أبي العباس، عن أبي جعفر، عن عبدالله ابن عمرو، أنّه قال في حسين: خرج، أما إنّه لا يحيك فيه السلاح. [10] .

286ـ قال: أخبرنا موسي بن اسماعيل، قال: حدثنا معاوية بن عبد الكريم، عن مروان الأصغر، قال: حدّثني الفرزدق بن غالب قال:

لما خرج الحسين بن علي رحمه الله لقيت عبدالله بن عمرو، فقلت له: انّ هذا الرجل قد خرج، فما تري؟ قال: أري أن تخرج معه، فانّك أن أردت دنيا أصبتها، وان أردت آخرة أصبتها.

قال: فرحلت نحوه، فلمّا كنت في بعض الطريق بلغني قتله، فرجعت إلي عبدالله بن عمرو، فقلت: أين ما قلت لي؟! قال: كان رأياً رأيته!

287ـ قال: أخبرنا علي بن محمد، عن الهذلي، انّ الفرزدق قال: لقيت حسيناً، فقلت: بأبي أنت لو أقمت حتي يصدر الناس، لرجوت أن يتقصّف أهل الموسم معك، فقال: لم آمنهم يا أبا فراس.

قال: فدخلت مكة فاذا فسطاط وهيئة، فقلت: لمن هذا، قالوا: لعبدالله ابن عمرو بن العاص، فأتيته فاذا شيخ أحمر فسلّمت، فقال: من؟ قلت: الفرزدق، أتري أن أنصر حسيناً؟ قال: إذا تصيب أجراً وذخراً، قلت بلا دنيا، فاطرق، ثم قال: يابن غالب لتتمّن خلافة يزيد، فانظرن، فكرهت ماقال.

قال: فسببت يزيد ومعاوية، قال: مه! [53/ ب] قبّحك الله!! فغضبت، فشتمته وقمت، ولو حضر حشمه لأوجعوني.

فلمّا قضيت الحج رجعت، فاذا عير فصرخت: ألا ما فعل الحسين؟ فردّوا عليّ: ألا قُتل.


288ـ قال: أخبرنا علي بن محمد، عن جويرية بن أسماء وعلي بن مدرك، عن اسماعيل بن يسار، قال:

لقي الفرزدق حسيناً بالصفاح فسلّم عليه، فوصله بأربعمائة دينار، فقالوا: يا أباعبدالله تعطي شاعراً مبتهراً؟! قال: انّ خيرما أمضيت ما وقيت به عرضك، والفرزدق شاعر لايؤمن.

فقال قوم لاسماعيل: وما عسي أن يقول في الحسين ومكانه مكانه، وأبوه واُمّه من قد علمت؟

قال: اُسكتوا، فانّ الشاعر ملعون، ان لم يقل في أبيه واُمّه قال في نفسه.

289ـ [11] قال: أخبرنا علي بن محمد، عن حباب بن موسي، عن الكلبي عن بحير بن شداد الأسدي، قال: مرّ بنا الحسين بالثعلبية، فخرجت إليه مع أخي، فاذا عليه جبّة صفراء لها جيب في صدرها، فقال له أخي: انّي أخاف عليك، فضرب بالسوط علي عيبة قد حقبها خلفه، وقال: هذه كتب وجوه أهل المصر.

290ـ قال: أخبرنا موسي بن اسماعيل، قال: حدّثنا جعفر بن سليمان، عن يزيد الرشك، قال: حدّثني من شافه الحسين، قال:

رأيت أبنية مضروبة بفلاة من الأرض، فقلت: لمن هذه؟ قالوا: هذه لحسين، قال: فأتيته فاذا شيخ يقرأ القران [54/ أ] قال: والدموع تسيل علي خديه ولحيته، قال: قلت: بأبي واُمي يابن رسول الله ما أنزلك هذه البلاد والفلاة التي ليس بها أحد؟ فقال: هذه كتب أهل الكوفة إليّ ولا أراهم إلاّ قاتليّ، فاذا فعلوا ذلك لم يدعوا لله حرمة إلاّ انتهكوها، فيسلّط الله عليهم من يذلّهم حتي يكونوا أذلّ من فَرمَ الأمة ـ يعني مقنعتها ـ!.


پاورقي

[1] ترجم ابن سعد في الطبقات 5: 144 لعبدالله بن مطيع هذا، وقال:

أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدّثني عبدالله بن جعفر بن أبي عون، قال: لما خرج حسين بن علي من المدينة يريد مکة مرّبابن مطيع وهو يحفر بئره، فقال له: أين فداک أبي واُمّي؟ قال: أردت مکة... وذکر له انّه کتب إليه شيعته بها، فقال له ابن مطيع: اني فداک أبي واُمي، متعنا بنفسک ولا تسر إليهم، فأبي حسين، فقال له ابن مطيع: إنّ بئَري هذه قد رشحتها وهذا اليوم أوان ما خرج إلينا في الدلو شيء من ماء، فلو دعوت الله لنا فيها بالبرکة، قال: هات من مائها، فاتي من مائها في الدلو فشرب منه ثمّ مضمض ثمّ ردّه في البئر فأعذب وأمهي.

حدّثنا محمد بن سعد، قال: أخبرنا محمد بن عمر، عن عبدالله، عن أبيه، قال: مرّ حسين بن علي علي ابن مطيع وهو ببئره قد انبطها، فنزل حسين عن راحلته فاحتمله ابن مطيع احتمالاً حتي وضعه علي سريره، ثمّ قال:

بأبي واُمّي أمسک علينا نفسک، فوالله لئن قتلوک ليتّخذنّا هؤلاء القوم عبيداً.

ورواه ابن العديم في ترجمة الحسين عليه السلام من کتابه بغية الطلب في تاريخ حلب، المجلد: 7 الورقة 51/ أ بإسناده عن ابن سعد.

[2] هو عبدالله بن عيّاش بن أبي ربيعة بن المغيرة المخزومي الزرقيّ ـ بضمّ الزاي وفتح الراء، نسبة إلي بني زريق، مصغّراً ـ: ترجم له في اُسد الغابة 3/ 240 وقال: وُلد بأرض الحبشة، وروي عن النبي. قال ابن حجر في الإصابة 2/ 349: ذکره الباوردي في الصحابة وأورد من طريقه خبراً في صفة علي موقوفاً.

وبنو عمّه هم: خالد بن الوليد وابنه عبدالرحمان وأضرابهم من المنافقين من مبغضي علي عليه السلام.

[3] لقد جوزي أبوسعيد الخدري عن إمامه يزيد! خيراً يوم الحرّة حيث صرعه جيشه علي الأرض ونتفوا لحيته شعرةً شعرة.

ولا بدّ أن يکون في الأبکار المفتضّات يوم أباح إمامه المدينة لجيشه ثلاثه أيام غير واحدة من قرائب أبي سعيد وأرحامه.

[4] هذا تقوّل علي جابر وافتراء، فإنّ جابراً يجلّ عن مثل هذا الکلام وقد ورد في رواياتنا في مدحه عن الصادق عليه السلام: کان رجلاً منقطعاً إلينا أهل البيت.

وقد شهد هو صفّين مع أميرالمؤمنين عليه السلام فکيف ينسب إليه هذا الهذيان؟!

ثمّ کان جابر ـ رحمه الله ـ أول من زار قبر الحسين عليه السلام قصده من المدينة إلي کربلاء ووافاه يوم الأربعين من مصرعه عليه السلام.

ولعلّه صدر عن بعض الأمويين أو الخوارج أو بعض المنافقين فنسبه الراوي خطأ إلي جابر.

[5] قال ابن الأثير في اُسد الغابة 1/ 21: فنهاه جماعة، منهم: أخوه محمد بن الحنفية وابن عمر وابن عباس، وغيرهم، فقال: رأيت رسول الله صلّي الله عليه وسلّم في المنام وأمرني بأمر فأنا فاعل ما أمر.

[6] أخرج الحافظ يعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ 1: 541 قال: حدّثنا أبوبکر، قال: حدّثنا سفيان، قال: حدّثنا ابراهيم بن ميسرة، قال: سمعت طاووساً يقول: سمعت ابن عباس يقول: إستشارني الحسين بن علي في الخروج فقلت: لولا أن يزري ذلک بي أو بک لنشبت يدي في رأسک، فکان الذي ردّ عليّ ان قال: لئن اُقتل بمکان کذا وکذا أحبّ إليّ من أن تنجدني ـ يعني مکة ـ، قال ابن عباس: فذلک الذي سلا بنفسي عنه.

واخرجه الحافظ الطبراني في المعجم الکبير 3: 128 في ترجمة الحسين عليه السلام برقم 2859، قال: حدّثنا علي بن عبدالعزيز، حدّثنا اسحاق حدثنا سفيان...

[7] البيت لطرفة بن العبد، وراجع قصّته في مجمع الأمثال 1/ 239 وحياة الحيوان (القبرة)، وربّما نٌسب إلي کليب بن ربيعة، راجع لسان العرب 20/ 385.

[8] من أول المقتل إلي هنا، أورده المزي في تهذيب الکمال 6/ 412 ـ 422 عن ابن سعد.

ومن أوله إلي هنا أيضاً رواه الحافظ کمال الدين ابن العديم في کتابه بغية الطلب في ترجمة الإمام الحسين عليه السلام ج 7 الورقة 58 ب إلي 64/ أ يطابق ج 6 ص 2605 ـ 2612 من مطبوعه، بإسناده عن أبن سعد إسناداً ومتناً.

[9] ورواه يعقوب بن سفيان الفسوي في المعرفة والتاريخ 2: 673 عن الحميدي وذکره بکنيته أبي بکر. ورواه الذهبي في تذکرة الحفاظ 372 في ترجمة أبي عبيدة عنه عن لبطة بأوجز مما هنا ورواه الطبري 5/ 386. رواه ابن عساکر برقم 257.

[10] من أول المقتل إلي هنا رواه ابن عساکر بإسناده عن ابن سعد في ترجمة الحسين عليه السلام من ص 196 ـ 206.

[11] رواه ابن عساکر برقم 266 عن عمر ابن سعد.