بازگشت

بعض ما يوضح رأينا في هذا البحث


فنقول: ان من الأدلة علي عدم وقوع هذا العقد قوله تعالي: (و لكم في رسول الله أسوة حسنة) [1] ، و بيان ذلك أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم رد أبابكر، و عمر، حين خطب كل واحد منها فاطمة الزهراء عليهاالسلام، فالواجب علي علي عليه السلام أن لا يزوج عمر بنته، و يرد من رده رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم اقتفاء لأثره، و اتباعا لسنته.

أما رد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أبابكر، و عمر، خطبتهما؛ فلا يخفي علي المتتبع الخبير، ولكن نذكر هنا طرفا من عبارات كتب القوم:

ففي الطبقات لابن سعد البصري: و أخبرنا مسلم بن ابراهيم، حدثنا المنذر بن شعبة، عن علباء بن أحمد اليشكري، أن أبابكر خطب فاطمة الي النبي صلي الله عليه و آله و سلم، فقال: يا أبابكر، أنتظر بها القضاء، فذكر ذلك أبوبكر لعمر، فقال له عمر: ردك يا أبابكر، ثم ان أبابكر قال لعمر: اخطب فاطمة الي النبي صلي الله عليه و آله و سلم، فخطبها، فقال له مثل ما قال لأبي بكر: أنتظر بها القضاء. فجاء عمر الي أبي بكر فأخبره، فقال له: ردك يا عمر، ثم ان أهل علي قالوا لعلي: اخطب فاطمة الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فقال: بعد أبي بكر و عمر؟ فذكروا له قرابته من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فخطبها، فزوجه النبي صلي الله عليه و آله و سلم، فباع علي بعيرا له و بعض متاعه، فبلغ أربعمائة و ثمانين، فقال له النبي صلي الله عليه و آله و سلم اجعل ثلثين في الطيب، و ثلثا في المتاع [2] .

و في مسند أحمد بن حنبل الشيباني علي ما نقل عنه، حدثنا عبدالله بن حنبل، قال: حدثنا أبوعمر محمد بن محمود الأصفهاني، قال: حدثنا خشرم، قال: حدثنا الفضل بن موسي الشيباني عن الحسين بن واقد، عن عبدالله بن بريدة، عن أبيه، و قال المحب الطبري


أيضا في الرياض النضرة و المشكاة، و قال علي القارئ في المرقاة أيضا: أن أبابكر و عمر خطبا الي النبي صلي الله عليه و آله و سلم فاطمة، فقال: انها صغيرة، و في رواية: فسكت و لعلها محمولة علي مرة أخري، فخطبها علي فزوجها منه [3] .

أخرجه أبوحاتم و النسائي، و قال ابن الأثير الجزري في أسد الغابة، في ترجمة فاطمة عليهاالسلام: أخبرنا أبوأحمد عبدالوهاب بن علي الصوفي، أخبرنا أبوالفضل بن ناصر، أخبرنا الخطيب ابن أبي الصقر الأنباري، أخبرنا أبوالبركات أحمد بن عبدالوهاب بن نظيف، أخبرنا أبومحمد ابن رشيق، حدثنا أبوبشر الدولابي، أخبرنا أحمد بن يحيي الصوفي، أخبرنا اسماعيل بن أبان، أخبرنا أبومريم، عن أبي اسحاق، عن الحارث، عن علي، قال: خطب أبوبكر و عمر - يعني فاطمة - الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فأبي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عليهما، فقال عمر: أنت لها، يا علي، فقلت: ما لي من شي ء الا درعي أرهنها، فزوجه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فاطمة، فلما بلغ ذلك فاطمة بكت، قال: فدخل عليها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فقال: ما لك تبكين يا فاطمة؟ فوالله لقد أنكحتك أكثرهم علما، و أفضلهم حلما، و أولهم سلما [4] .

و قال المحب الطبري في الرياض النضرة (و قال أيضا نورالدين السمهودي في جواهر العقدين، في الذكر الثامن من القسم الثاني، عند ذكر حديث تزويج النبي صلي الله عليه و آله و سلم عليا بفاطمة عليهاالسلام: و أورده أبوداود السجستاني، بسنده من طريق قتادة، عن الحسن، عن أنس): عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: جاء أبوبكر الي النبي صلي الله عليه و آله و سلم فقعد بين يديه، فقال: يا رسول الله قد علمت مناصحتي و قدمي في الاسلام، و أني و أني... قال: و ما ذاك؟ قال: تزوجني فاطمة، فسكت عنه (جواهر العقدين: فأعرض عنه).

قال: فرجع أبوبكر الي عمر، فقال: هلكت و أهلكت، قال: و ما ذاك؟ قال: خطبت


فاطمة الي النبي صلي الله عليه و آله و سلم فأعرض عني. قال: مكانك حتي آتي النبي صلي الله عليه و آله و سلم فأطلب مثل الذي طلبت. فأتي عمر النبي صلي الله عليه و آله و سلم فقعد بين يديه، فقال: يا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قد علمت مناصحتي و قدمي في الاسلام، و أني و أني... قال: و ما ذاك؟ قال: تزوجني فاطمة، فسكت عنه. فرجع الي أبي بكر فقال: انه ينتظر أمر الله بها، قم بنا الي علي حتي نأمره يطلب مثل الذي طلبنا، قال علي عليه السلام: فأتياني و أنا أعالج فسيلا [5] لي، فقالا: انا جئناك من عند ابن عمك بخطبة، قال علي عليه السلام: فنبهاني لأمر، فقمت أجر ردائي حتي أتيت النبي صلي الله عليه و آله و سلم، فقعدت بين يديه، فقلت: يا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، قد علمت قدمي في الاسلام و مناصحتي، و أني و أني... قال: و ما ذاك؟ قلت: تزوجني فاطمة، قال: و ما عندك؟ قلت: فرسي و بزتي [6] ، قال: أما فرسك فلابد لك منها، و أما بزتك فبعها، قال: فبعتها بأربعمائة و ثمانين، قال: فجئت بها حتي وضعتها في حجر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فقبض منها قبضة فقال: أي بلال! أبغنا بها طيبا، و أمرهم أن يجهزوها، فحمل لها سريرا مشرطا بالشرط، و وسادة من أدم حشوها ليف، و قال لعلي عليه السلام: اذا أتتك فلا تحدث شيئا حتي آتيك، فجاءت مع أم أيمن حتي قعدت في جانب البيت و أنا في جانب، و جاء رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فقال: هاهنا أخي؟ قالت أم أيمن: أخوك و قد زوجته ابنتك؟ قال: نعم. و دخل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم البيت فقال لفاطمة: ائتني بماء، فقامت الي قعب في البيت، فأتت به بماء، فأخذه النبي صلي الله عليه و آله و سلم، مج فيه ثم قال: تقدمي فتقدمت، فنضح بين ثديها و علي رأسها، و قال: «اللهم اني أعيذها بك و ذريتها من الشيطان الرجيم». ثم قال لها: أدبري فأدبرت، فصب بين كتفيها و قال: «اللهم اني أعيذها بك و ذريتها من الشيطان الرجيم»، ثم قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: ائتوني بماء، قال علي: فعلمت الذي يريد، فقمت فملأت القعب ماء و أتيته به، فأخذه و مج فيه، ثم قال لي: تقدم، فصب علي رأسي و بين ثديي و قال: «اللهم اني أعيذه بك و ذريته من الشيطان الرجيم». ثم قال: أدبر فأدبرت، فصب بين كتفي، و قال: «اللهم اني أعيده بك و ذريته من الشيطان الرجيم». ثم قال لعلي: ادخل بأهلك


بسم الله و البركة [7] . أخرجه أبوحاتم.

و قال المحب الطبري أيضا في الرياض النضرة و ذخائر العقبي: و قال علي القارئ في المرقاة أيضا، و أخرج أبوالخير القزويني عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: خطب أبوبكر الي النبي صلي الله عليه و آله و سلم ابنته فاطمة، فقال صلي الله عليه و آله و سلم: يا أبابكر، لم ينزل القضاء بعد، ثم خطبها عمر مع عدة من قريش كلهم يقول لهم مثل قوله لأبي بكر. الي آخر الحديث. و قال بعد سياق الحديث بتمامه: أخرجه أبوالخير القزويني الحاكمي [8] .

و قال المحب الطبري: في ذخائر العقبي، و عن أنس رضي الله عنه قال: جاء أبوبكر رضي الله عنه، ثم عمر رضي الله عنه، يخطبان فاطمة عليهاالسلام. فسكت و لم يرجع اليهما شيئا، فانطلقا الي علي رضي الله عنه، يأمرانه بذلك، الي آخر الحديث. و قال بعد سياق الحديث بتمامه: أخرجه أبوحاتم.

و قال الشيخ عبدالحق الدهلوي في أشعة الملعات: (و عن بريدة)، روايت است از بريده اسلمي (قال) گفت: (خطب أبوبكر و عمر فاطمة رضي الله عنهم) خطبه كردند، و خواستگاري نمودند، أبوبكر و عمر فاطمه را، (فقال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: انها صغيرة)، پس آن حضرت عذر آورده و گفت: وي صغير است، (فخطبها علي فزوجها منه)، پس خواستگاري او را علي نمود، پس نكاح كرد او را به علي رضي الله عنه، رواه النسائي [9] .

و قال علي القارئ [10] في المرقاة: و عن بريدة قال: خطب أبوبكر و عمر فاطمة، فقال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: انها صغيرة، و في رواية: فسكت، و لعلها محمولة علي مرة أخري، ثم خطبها علي فزوجها منه [11] .


قد ذكر السهيلي في كتابه الروض الأنف: و أم زيد[بن عمرو بن نفيل]هي: الحيداء بنت خالد الفهينة، و هي امرأة جده نفيل، ولدت له الخطاب، فهو أخو الخطاب لأمه و ابن أخيه، و زيد هذا هو: والد سعيد بن زيد، أحد العشرة الذين شهد لهم بالجنة [12] .

و قال أبومحمد عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري في كتابه المسمي - بالمعارف - تحت ترجمة تسمية من خلف علي امرأة أبيه بعده و هذا لفظه.

امرأة من فهم: كانت تحت نفيل بن عبدالعزي جد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فتزوجها عمرو بن نفيل من بعده، فولدت له زيدا، فأمه أم الخطاب، و زيد هذا هو أبوسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل [13] .

و قال ابن قتيبة الدينوري أيضا: في كتابه - المعارف - تحت ترجمة عمر بن الخطاب، كان الخطاب بن نفيل من رجال قريش و أمه امرأة من فهم، و كانت تحت نفيل، فتزوجها عمرو بن نفيل بعد أبيه، فولدت له زيدا و أمه أم الخطاب، و زيد هو أبوسعيد ابن زيد ابن عمرو بن نفيل، أحد العشرة الذين بشرهم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بالجنة، فولد الخطاب، زيد بن الخطاب، و عمر بن الخطاب [14] .

و قال ابن قتيبة الدينوري: في كتابه - المعارف - أيضا، تحت ترجمة سعيد بن زيد: هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبدالعزي بن قرط بن رياح بن عبدالله بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة، و عمر بن الخطاب ابن عم أبيه، و كان نفيل ولد عمرو بن نفيل و الخطاب بن نفيل، و أم الخطاب امرأة من فهم، فتزوج عمرو بن نفيل امرأة أبيه بعد موت أبيه، فولدت له زيد بن عمرو، فأمه أم الخطاب [15] .


قال ابن عساكر الدمشقي: زيد بن عمرو بن نفيل بن عبدالعزي بن رياح بن عبدالله ابن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب القرشي العدوي، أخبرنا أبوغالب، و أبوعبدالله ابنا أبي علي، أنا أبوجعفر محمد بن أحمد، أنا محمد بن عبدالرحمان بن العباس، أنا أحمد ابن سليمان، نا الزبير بن بكار، قال: و ولد عمرو بن نفيل: زيد بن عمرو، و أمه حنة بنت جابر بن أبي حبيب بن مالك بن نصر بن حرام بن نصر بن عامر بن سليم بن سعد بن قيس بن فهم، و أخواه لأمه: الخطاب، و عبد نهم ابنا نفيل. كان عمرو بن نفيل خلف عليها بعد أبيه.

قال ابن اسحاق [16] : و كان الخطاب عم زيد و أخاه لأمه، و كان عمرو بن نفيل قد خلف علي أم الخطاب بعد، فولدت له زيد بن عمرو، و كان الخطاب عمه و أخاه لأمه [17] .

لقد ذكر علامة علم النسب هشام بن محمد الكلبي في كتاب المثالب، علي ما نقل عنه في عداد من ولد من سفاح، نقلا عن أبيه، قال: كانت صهاك أمة حبشية لهاشم بن عبد مناف، فوقع عليها، فجاءت بنضلة بن هاشم، ثم وقع عليها عبدالعزي بن رباح، فجاءت بنفيل جد عمر بن الخطاب [18] . انتهي.

و قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة، في شرح قول علي عليه السلام في وصف الرسول صلي الله عليه و آله و سلم: لم يسهم فيه عاهر، و لا ضرب فيه فاجر، الي أن قال: في الكلام رمز الي جماعة من الصحابة في أنسابهم طعن، الي أن قال نقلا عن كتاب مفاخرات قريش، قال أبوعثمان: بلغ عمر بن الخطاب أن أناسا من رواة الأشعار و حملة الآثار يعيبون الناس و يسلبونهم في أسلافهم، فقام علي المنبر و قال: اياكم و ذكر العيوب و البحث عن الأصول، فلو قلت: لا يخرج اليوم من هذه الأبواب الا من لا وصمة فيه، لم يخرج منكم أحد، فقام رجل من قريش نكره أن نذكره فقال: اذا كنت أنا و أنت يا أميرالمؤمنين نخرج. فقال: كذبت، بل كان يقال لك يا قين بن قين أقعد.


قلت: الرجل الذي قام هو المهاجر بن خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي، كان عمر يبغضه لبغضه أباه خالدا، و لأن المهاجر كان علوي الرأي جدا، و كان أخوه عبدالرحمان بخلافه، شهد المهاجر صفين مع علي عليه السلام، و شهدها عبدالرحمان مع معاوية، و كان المهاجر مع علي عليه السلام في يوم الجمل، وفقئت ذلك اليوم عينه، و لأن الكلام الذي بلغ عمر بلغه عن المهاجر، و كان الوليد بن المغيرة مع جلالته في قريش و كونه يسمي ريحانة قريش، و يسمي العدل، و يسمي الوحيد حدادا يصنع الدروع و غيرها بيده، ذكر ذلك عنه عبدالله بن قتيبة في كتاب المعارف.

و روي أبوالحسن المدائني هذا الخبر في كتاب - أمهات الخلفاء - و قال: انه روي عند جعفر بن محمد عليه السلام بالمدينة فقال: لا تلمه يا ابن أخي، انه أشفق أن يخدج بقضية نفيل ابن عبدالعزي، و صهاك أمة الزبير بن عبدالمطلب، ثم قال: رحم الله عمر، فانه لم يعد السنة، و تلا: (ان الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم) [19] .

و قال أبوعبيد القاسم بن سلام في كتاب الشهاب علي ما نقل عنه، في تسمية من قطع من قريش في الجاهلية في السرق ما هذا لفظه: و الخطاب بن نفيل بن عبدالعزي بن رياح بن قرط بن عبدالله بن رياح بن عدي بن كعب، أبوعمر بن الخطاب، قطعت يده في سرق قدر و شي ء ذكره، و محاه ولاية عمر و رضي أناس عنه. انتهي.

و قال الزبيدي في تاج العروس في شرح القاموس: المبرطش، أهمله الجوهري و الصاغاني و صاحب اللسان، و هو الدلال أو الساعي بين البائع و المشتري، ورد في الحديث: كان عمر رضي الله عنه في الجاهلية مبرطشا، أي كان يكتري للناس الابل و الحمير و يأخذ عليه جعلا [20] . انتهي.

قال الطبري في تاريخه عند قصة قتل خالد مالك بن نويرة و أصحابه: فلما بلغ قتلهم عمر بن الخطاب، تكلم فيه عند أبي بكر فأكثر، و قال: عدو الله عدا علي امرئ مسلم


فقتله، ثم نزا علي امرأته، و أقبل خالد بن الوليد قافلا حتي دخل المسجد، و عليه قباء له عليه صدأ الحديد معتجرا بعمامة له، قد غرز في عمامته أسهما، فلما أن دخل المسجد قام اليه عمر فانتزع الأسهم من رأسه فحطمها، ثم قال: اربأ، قتلت امرءا مسلما ثم نزوت علي امرأته، والله لأرجمنك بأحجارك. و لا يكلمه خالد بن الوليد، و لا يظن الا أن رأي أبي بكر علي مثل رأي عمر فيه، حتي دخل عليه، فلما أن دخل عليه أخبره الخبر و اعتذر اليه، فعذره أبوبكر و تجاوز عنه و عن ما كان في حربه تلك.

قال: فخرج خالد حين رضي عنه أبوبكر و عمر جالس في المسجد، فقال: هلم الي يا ابن أم شملة، قال: فعرف عمر أن أبابكر قد رضي عنه، فلم يكلمه و دخل بيته. انتهي [21] .

فقال أبوالمظفر يوسف يبن قزاوغلي، المعروف بسبط ابن الجوزي في كتابه المسمي - مرآة الزمان في تاريخ الأعيان -، في قصة قتل خالد مالك بن نويرة: و لما بلغ عمر بن الخطاب خبر خالد و قتله مالكا و أخذه لامرأته، قال: أي عباد الله! قتل عدو الله امرءا مسلما ثم وثب علي امرأته، والله لنرجمنه بالحجارة، فلما قدم خالد المدينة و دخل المسجد، و عليه ثياب عليها صدأ الحديد، معتجرا بعمامة قد غرز فيها ثلاثة أسهم فيها أثر الدم، فوثب اليه عمر فأخذ السهم من رأسه فحطمها و قال: يا عدو الله! عدوت علي امرئ مسلم فقتلته ثم نزوت علي امرأته، والله لنرجمنك بأحجارك، و خالد لا يرجع عليه بلا و لا نعم، و هو يظن أن رأي أبي بكر فيه كرأي عمر، فدخل خالد علي أبي بكر و عمر في المسجد، فذكر لأبي بكر عذره ببعض الذي ذكر له فتجاوز عنه، و رأي أنها الحرب و فيها، فرضي عنه، فخرج خالد من عنده و عمر في المسجد، فقال له خالد: هلم يا ابن حنتمة الي، يريد أن يشاتمه، فعرف عمر أن أبابكر قد رضي عنه، فقام فدخل بيته [22] انتهي.

قال الطبري أيضا في تاريخه: في ذكر فتح العراق، فكتب أبوبكر الي خالد و هو بالحيرة أن يمد أهلا الشام بمن معه من أهل القوة و يخرج فيهم، و يستخلف علي ضعفة


الناس رجلا منهم، فلما أتي خالد كتاب أبي بكر بذلك قال: هكذا عمل الأعيسر ابن أم شملة، يعني عمر بن الخطاب، حسدني أن يكون فتح العراق علي يدي، فسار خالد بأهل القوة من الناس، ورد الضعفاء و النساء الي المدينة، مدينة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و أمر عليهم عمير بن سعد الأنصاري [23] .

و قال الطبري في تاريخه في حوادث سنة ثلاث عشرة من الهجرة في خبر اليرموك: كتب الي السري، عن شعيب، عن سيف، عن أبي عثمان البناني، عن أبيه قال: قال عكرمة ابن أبي جميل يومئذ: قاتلت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في كل موطن، و أفر منكم اليوم؟ ثم نادي: من يبايع علي الموت؟ فبايعه الحارث بن هشام، و ضرار بن الأزور في أربعمائة من وجوه المسلمين و فرسانهم، فقاتلوا قدام فسطاط خالد حتي أثبتوا جراحا و قتلوا الا من برأ منهم ضرار بن الأزور.

و قال: و أتي خالد بعدما أصبحوا بعكرمة جريحا، فوضع رأسه علي فخذه و بعمرو بن عكرمة فوضع رأسه علي ساقه، و جعل يمسح عن وجوههما و يقطر في حلوقهما الماء و يقول: كلا زعم ابن الحنتمة أن لا نستشهد [24] .

و قال سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان: لم يزل عمر ساخطا علي خالد مدة خلافة أبي بكر لكلام كان يبلغه عنه من الاستخفاف به، و اطراح جانبه، و ما كان يسميه الا باسم أمه و ب «الأعيسر»، و كان أكبر ذنوبه - خالد - عنده قتل مالك بن نويرة بعد اسلامه و أخذه لامرأته، و دخوله المسجد و علي رأسه السهام فيها دم، و كان يحث أبابكر علي عزله، و يحرضه علي قتله بسبب قتله لمالك، و كان أبوبكر يتوقف، فلما مات أبوبكر، و ولي عمر قال: والله لا يلي لي خالد عملا أبدا.

و قال ابن سيرين [25] قال عمر بن الخطاب: والله لأعزلن خالدا عن الشام، و مثني بن


سنان عن العراق، حتي يعلما أن الله ينصر هذا الدين، و لسنا ناصريه.

قال سيف: فكتب عمر الي أبي عبيدة: سلام عليك، أما بعد... فاني عزلت خالدا عن جند الشام، و وليتك أمرهم، فقم به، و السلام.

فوصل الكتاب الي أبي عبيدة، فكتم الحال حياء من خالد، و خوفا من اضطراب الأمور، و لم يوقفه علي الكتاب حتي فتحت دمشق، و كان خالد علي عادته في الامرة، و أبوعبيدة يصلي خلفه [26] . انتهي.

و قال سبط ابن الجوزي أيضا في مرآة الزمان، في وقائع السنة الثالثة عشرة: و كتب عمر الي أبي عبيدة: أما بعد... فان أكذب خالد نفسه فهو أبين علي من معه، و ان لم يكذب نفسه فأنت الأمير علي ما هو عليه، ثم انزع عمامته عن رأسه و قاسمه ماله نصفين.

و بلغ خالدا قال: فعلها الأعيسر، ابن حنتمة، لا يزال كذا، و دخل علي أخته فاطمة بنت الوليد، و كانت عند الحارث بن هشام، فقال: ما تريدين كذا و كذا؟ فقالت: والله لا يحبك عمر أبدا، و ما يريد الا أن تكذب نفسك، فيعزلك، فقبل رأسها، و أرسل الي أبي عبيدة و قال: لا أكذب نفسي أبدا، فقال: فقاسمني مالي، فقاسمه حتي أخذ بغلا و أعطاه بغلا، فتكلم الناس في عمر و قالوا: هذه والله العداوة.

و لم يعجب الصحابة ما فعل بخالد، و قد روي أن خالدا امتنع من ذلك، فقام اليه بلال ابن حمامة المؤذن ليعقله بعمامته، فقال له: ايها ما تريد؟ و نال منه، ثم قال لبلال: افعل ما تريد، فيقال: انه عقله بعمامته. انتهي [27] .

تعبير عمرو بن العاص عن عمر بقوله: ابن حنتمة.

قال ابن الأثير الجزري، في النهاية، في لغة - بعج -: و منه حديث عمرو بن العاص في صفة عمر: ان ابن حنتمة بعجت له الدنيا معاها، أي كشفت له كنوزها بالفي ء و الغنائم، و حنتمه أمة [28] .


و قال أيضا في لغة - حنتم - و منه حديث ابن العاص: ان ابن حنتمة بعجب له الدنيا معاها، حنتمة أم عمر بن الخطاب، و هي بنت هشام بن المغيرة، ابنة عم أبي جهل [29] .

و قال ابن منظور الأفريقي في لسان العرب، في لغة - بعج -: و في حديث عمرو و وصف عمر رضي الله عنه، فقال: ان ابن حنتمة بعجت له الدنيا معاها، هذا مثل ضربه أراد أنها كشفت له عما كان فيها من الكنوز و الأموال و الفي ء، و حنتمة أمة [30] .

و قال أيضا في لسان العرب: في لغة حنتمة، و في حديث ابن العاص: ان ابن حنتمة بعجت له الدنيا معاها، حنتمة أم عمر بن الخطاب رضي الله عنه، و هي بنت هشام بن المغيرة [31] .

و قال محمد مرتضي الزبيدي، في تاج العروس، في لغة - بعج - و في حديث عمرو وصف عمر رضي الله عنه فقال: ان ابن حنتمة بعجت له الدنيا معاها، هذا مثل ضربه أراد أنها كشفت له عما كان فيها من الكنوز و الأموال و الفي ء، و حنتمة أمة [32] .

و قال أيضا في تاج العروس: في لغة (حنتم) في ذكر حنتمة و هي أم أميرالمؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، و منه حديث عمرو بن العاص: ان ابن حنتمة بعجت له الدنيا معاها [33] .

قال شهاب الدين أحمد المعروف بابن عبد ربه الأندلسي القرطبي المالكي في كتابه العقد الفريد: و كتب عمر بن الخطاب الي عمرو بن العاص، و كان عامله علي مصر: من عبدالله ابن الخطاب الي عمرو بن العاص: سلام عليك، فانه بلغني أنه فشت لك فاشية من خيل و ابل و غنم و بقر و عبيد، و عهدي بك قبل ذلك أن لا مال لك، فاكتب الي من أين أصل هذا المال و لا تكتمه[...]

فكتب اليه عمرو بن العاص: لعبدالله عمر أميرالمؤمنين: سلام عليك، والله اني لأعرف الخطاب يحمل فوق رأسه حزمة من الحطب، و علي ابنه مثلها، و ما منهما الا في غزة


لا تبلغ من سعيه، والله ما كان العاص بن وائل يرضي أن يلبس الديباج مزورا بالذهب.

قال له محمد بن مسلمة: اسكت، و الله عمر خير منك، و أما أبوك و أبوه ففي النار، والله لولا الزمان الذي سبقه به لا ألفيت معقل شاة يسرك غزوها، و يسرك بكؤها، فقال عمرو: هي عندك بأمانة الله، فلم يخبر بها عمر [34] .

قد ذكرها ابن أبي الحديد المدائني، في شرح نهج البلاغة أيضا، و تلك ألفاظه.

و كتب عمرو بن العاص و هو عامل في مصر: أما بعد: فقد بلغني أنه قد ظهر لك مال من ابل و غنم و خدم و غلمان، و لم يكن لك قبله مال، و لا ذلك من رزقك، فأني لك هذا؟ و لقد كان لي من السابقين الأولين من هو خير منك، ولكني استعملتك لغنائك، فاذا كان عملك لك و علينا، فبم نؤثرك علي أنفسنا؟ فاكتب الي، من أين مالك؟ و عجل، والسلام.

فكتب اليه عمرو بن العاص: قرأت كتاب أميرالمؤمنين، و لقد صدق، فأما ما ذكره من مالي، فاني قدمت بلدة الأسعار فيها رخيصة، و الغزو فيها كثير، فجعلت فضول ما حصل لي من ذلك فيما ذكره أميرالمؤمنين، والله يا أميرالمؤمنين لو كانت خيانتك لنا حلالا ما خناك ما ائتمنتنا، فأقصر عنا عناك، فان لنا أحسابا اذا رجعنا اليها أغنتنا عن العمل لك، و أما من كان لك من السابقين الأولين، فهلا استعملتهم؟! فوالله ما دققت لك بابا.

فكتب اليه عمر: أما بعد: فاني لست من تسطيرك و تشقيقك الكلام في شي ء، انكم معشر الأمراء، أكلتم الأموال، و أخلدتم الي الأعذار، فانما تأكلون النار، و تورثون العار، و قد وجهت اليك محمد بن مسلمة ليشاطرك ما في يديك، والسلام.

فلما قدم اليه محمد، اتخذ له طعاما و قدمه اليه، فأبي أن يأكل فقال: ما لك لا تأكل طعامنا؟ قال: انك عملت لي طعاما هو تقدمة للشر، و لو كنت عملت لي طعام الضيف لأكلته، فأبعد عني طعامك و أحضر لي مالك.


فلما كان الغد و أحضر ماله، جعل محمد يأخذ شطرا و يعطي عمرا شطرا، فلما رأي عمرو ما حاز محمد من المال قال: يا محمد أقول؟ قال: قل ما تشاء، قال: لعن الله يوما كنت فيه واليا لابن الخطاب، والله لقد رأيته و أريت أباه و ان علي كل واحد منهما عباءة قطوانية مؤتزرا بها ما تبلغ مأبض ركبتيه، و علي عنق كل واحد منهما حزمة من حطب، و ان بن العاص بن وائل لفي مزررات الديباج.

فقال محمد: ايها يا عمرو، فعمر والله خير منك، و أما أبوك و أبوه ففي النار، و والله لولا ما دخلت فيه من الاسلام لألغيت معتلف شاة يسرك غزوها و يسوءك بكؤها.

قال: صدقت، فاكتم علي، قال: أفعل [35] .

قال الزمخشري في كتابه المسمي - بالفائق - ما لفظه: غبر، و قال لعمر رضي الله عنه: اني والله ما تأبطتني الاماء، و لا حملتني البغايا في غبرات المآلي، أي لم يحضنني، البغايا جمع بغي، فعول بمعني فاعلة من البغاء - الغبرات - جمع غير جمع غابر، و هو البقية - المآلي - جمع مئلات، و هي خرقة الحائض هاهنا، و خرقة النائحة في قوله: و أنواحا عليهن المآلي... و يقال: ألت المرأة ايلاء، اذا اتخذت مئلاة، و يقولون: المتئلية، المتآلية، نفي عن نفسه الجمع بين سبتين احداهما أن يكون لغية، و الثانية أن يكون محمولا في بقية حيضة.

و أضاف الغبرات الي المآلي لملابستها لها [36] .

و قال ابن الأثير الجزري في النهاية: في لغة (أبط) ما لفظه، و منه حديث عمرو بن العاص أنه قال لعمر: اني والله ما تأبطتني الاماء، أي لم يحضنني و يتولين تربيتي [37] .

و قال ابن الأثير في النهاية في لغة (غبر) و هذا لفظه: و منه حديث عمرو بن العاص: و لا حملتني البغايا في غبرات المآلي، أراد أنه لم يتول الاماء تربيته، و المآلي خرق الحيض،


أي بقاياها [38] . انتهي.

و قال الزبيدي في تاج العروس: الغبر جمع غابر، و الغبرات جمع غبر، و قال أبوعبيد: الغبرات البقايا واحدها غابر، ثم يجمع غبرا ثم غبرات جمع الجمع، و في حديث عمرو بن العاص: تأبطتني الاماء و لا حملتني البغايا في غبرات المآلي، أراد أنه لم تتول الاماء تربيته و غبرات المآلي بقايا خرق الحيض [39] .

ان هذه المكالمة التي جرت بين عمر بن الخطاب، و عمرو بن العاص، قد ذكرها أبوعبيد القاسم بن سلام الهروي (المتوفي 224 ه) في غريب الحديث، و ذكرها ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة مع مزيد توضيح و تشرين يشتمل علي ذكر صهاك.

قال أبوعبيد: في حديث عمرو بن العاص حين قدم علي عمر رضي الله عنه من مصر، و كان و اليه عليها، فقال: كم سرت؟ قال: عشرين، قال عمر: لقد سرت سير عاشق، فقال عمرو: اني والله ما تأبطتني الاماء و لا حملتني البغايا في غبرات المآلي. فقال عمر: والله ما هذا بجواب عن الكلام الذي سألتك عنه، و ان الدجاجة لتفحص في الرماد، فتضع لغير الفحل البيضة منسوبة الي طرقها، فقام عمرو مربد الوجه [40] .

قال أيضا ابن أبي الحديد، قلت: المآلي خرق سود يحملها النوائح و يشرف بها بأيديهن عند اللطم، و أراد خرق الحيض هاهنا، و شبهها بتلك، و أنكر عمر فخره بالأمهات و قال: ان الفخر للأب الذي اليه النسب. و سألت النقيب أباجعفر عن هذا الحديث في عمر فقال: ان عمرا فخر علي عمر لأن أمة الخطاب زنجية تعرف بباطحلي تسمي صهاك، فقلت له: و أم عمرو النابغة أمة من سبايا العرب، فقال: أمه عربية من عترة سبيت في


بعض الغارات، فليس يلحقها من النقص عندهم ما يلحق الاماء الزنجيات. فقلت له: أكان عمرو يقدم علي عمر بمثل ما قلت، قال: قد يكون بلغه عنه قول قدح في نفسه فلم يحتمله له، و نفث بما في صدره منه و ان لم يكن جوابا مطابقا للسؤال، و قد كان عمر مع خشونته يحتمل نحو هذا، فقد جبهه الزبير مرة و جعل يحكي كلامه يمططه و جبهه سعد ابن أبي وقاص أيضا فأغضي عنه.

و مر يوما في السوق علي ناقة له فوثب غلام من بني ضبة، فاذا هو خلفه، فالتفت اليه فقال: ممن أنت؟ قال: ضبي، قال: جسور والله، فقال الغلام: علي العدو، فقال عمر: و علي الصديق أيضا، ما حاجتك؟ فقضي حاجته، ثم قال: دع الآن لنا ظهر راحلتنا [41] .

قال علي المتقي [42] في كنز العمال، في فضائل عمر قسم الأفعال، ما لفظه: أنبأنا ابن عيينة، أخبرني عمرو بن دينار، عن أبي جعفر، أن العباس بن عبدالمطلب، قال لعمر بن الخطاب: ان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أقطع لي البحرين، فقال له عمر: من شهودك؟ قال: المغيرة بن شعبة، قال: و من معه؟ قال: ليس معه أحد، قال عمر: فلا اذن، فأبي عمر أن يأخذ باليمين مع الشاهد، فقال له العباس: أعضك الله بظر أمك، فقال عمر لابن عباس: يا عبدالله خذ بيد أبيك فاقمه عنا [43] .

قال أبواسحاق ابراهيم بن علي المعروف بالحصيري القيرواني المالكي [44] . في زهر الآداب و ثمر الآداب، و قال ولي الله في قرة العين: و روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حج، فلما كان بضجنان قال: «لا اله الا الله العلي العظيم، المعطي من شاء، ما شاء، كنت في هذا الوادي في مدرعة صوف أرعي ابلا للخطاب، و كان فظا يتعبني اذا عملت، و يضربني اذا قصرت،


و قد أمسيت الليلة ليس بيني و بين الله أحد» [45] .

و مما يدل علي بطلان هذا العقد الموهوم مسألة الكفاءة، فان مراعاة الكفاءة واجبة في عقد النكاح، و عمر بن الخطاب لم يكن كفؤا لسيدتنا أم كلثوم سلام الله عليها بوجه من الوجوه، و هذا ظاهر كل الظهور، و لذلك تري علماء العامة يأتون في دفع هذا الاشكال بكلمات متهافتة متناقضة.

قال أبوبكر بن شهاب العلوي الحسيني الشافعي الحضرمي [46] في كتابه المسمي - رشفة الصادي - ما نصه:

فائدة، عد صاحب التلخيص صلي الله عليه و آله و سلم أنساب أولاد فاطمة اليه، و اطراد الحكم بذلك الانتساب في الكفاءة و غيرها، و عده الشيخان في الروضة و أصلها من الخصائص أيضا تبعا له، و أنكر ذلك القفال.

قالوا: و انكار القفال ذلك مردود بما مر من الأحاديث، و قد صرحوا بأن من القواعد الانتساب اليه صلي الله عليه و آله و سلم أن يطلق عليه أنه أب لهم، و أنهم بنوه، كما في آية المباهلة [47] و غيرها من الأحاديث، حتي يعتبر هذا في الأحكام، كالوقف و الوصية، و الكفاءة أيضا، فلا يكافئ غير المنسوب اليه صلي الله عليه و آله و سلم المنسوبة اليه، لكونها من ذريته.

و أما قولهم: ان بني هاشم و بني المطلب أكفاء محله في غير هذه الصورة.

قال العلامة ابن ظهيرة [48] : بنوهاشم و بنوالمطلب أكفاء بعضهم لبعض، و ليس أحد


من غيرهم كفوا للشريفة من أولاد الحسن و الحسين رضي الله عنهما، لأن المقصود من الكفاءة: الاستواء في القرب اليه صلي الله عليه و آله و سلم، و ليسوا بمنسوبين فيها، فهذه خصلة خصوا بها لا توجد في غيرهم من بنات قريش، و لهذا يقال: كان علي بن أبي طالب كفؤا لفاطمة عليهاالسلام.

فهذه دقيقة مستثناة من اطلاق المصنفين في عامة كتبهم، و أنهم أكفاء، و ليس كذلك و هو مفهوم لمن تأمله و تدبره، و قواعد الشرع تقبله، و هذا هو الحق، فليتنبه له فانه مهم. انتهي [49] .

و قد ذكر العلامة ابن حجر في فتاواه، نحوا من هذا، و يؤيد قول ابن حجر في الصواعق، حيث قال فيه بعد ذكر آية المباهلة و ما يتعلق بها: خاتمة... علم من الأحاديث السابقة اتجاه قول صاحب التلخيص من أصحابنا، من خصائصه صلي الله عليه و آله و سلم: أن أولاد بناته ينسبون اليه صلي الله عليه و آله و سلم، و أولاد بنات غيره لا ينسبون الي جدهم من الكفاءة و غيرها.

و أنكر ذلك القفال و قال: لا خصوصية، بل كل أحد ينسب اليه أولاد بناته، و يرده الخبر السابق، كل بني أم ينتمون الي عصبة، الي آخره.

ثم معني الانتساب اليه صلي الله عليه و آله و سلم الذي هو من خصوصياته أنه يطلق عليه أنه أب لهم، و أنهم بنوه، حتي يعتبر ذلك في الكفاءة، فلا يكافي شريفة هاشمي غير شريف.

و قولهم: ان بني هاشم و المطلب، محله فيما عدا هذه الصورة، كما بينته بما فيه في افتاء هو، بل مشعر في الفتاوي، و حتي يدخلون في الوقف علي أولاده و الوصية بهم.

و أما أولاد بنات غيره فلا يجري فيهم مع جدهم لأمهم هذه الأحكام، نعم يستوي الجد للأب و الأم في الانتساب اليهما من حيث تطلق الذرية و النسل و العقب عليهم، فأراد صاحب التلخيص بالخصوصية بأمر، و أراد القفال بعدمها، و هذا و حينئذ فلا خلاف بينهما في الحقيقة و أتي بما ليس عليه مزيد، فراجعه.


و قال العلامة محمد بن أبي بكر الأشخر [50] في فتاويه: فان قلت يؤيد ما دل عليه اطلاقهم أن نحو الهاشمي يكافئ من انتسب الي البضعة الكريمة فاطمة الزهراء عليهاالسلام، تزويج علي رضي الله عنه ابنته أم كلثوم و أمها فاطمة، من عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لأنه اذا كافأها من ليس هاشميا و لا مطلبيا فمن ثم يزوجه جبرا، لأنها كانت صغيرة جدا اذ ذاك، فلأن يكافئها هاشمي و مطلبي من باب أولي.

قلت: لا دليل في هذه القضية علي ما ذكر، اذ لا تصريح بأن عمر رضي الله عنه كفؤ لها حتي يستدل علي أولوية مكافأة من مر، و غاية ما فيه وقوع عقدها بالاجبار، فلعلهما كانا يريان صحة العقد ثم تخير اذا بلغت، كما هو أحد قولي الشافعي، و ان كان الأظهر خلافه، و قد سمعت بعض مشايخنا، أجاب بأن عمر رضي الله عنه لما كان أفضل منها و من أبيها علي المذهب السني، اقتضي كمال حالها أن لا ينظر الي فضيلة الانتماء اليه صلي الله عليه و آله و سلم المحض، و هذا لا يأتي علي قاعدة المذهب أن بعض الخصال لا تقابل ببعض، والله أعلم [51] .

أقول: هذا الكلام فيه من الهفوات و السقطات ما لا يخفي علي صغار الطلبة فضلا عن العلماء الأعلام.

منها: نفي كفاءة مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام لسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليهاالسلام، فانه جرأة عظيمة، و جسارة جسيمة، يالله و للعجب، كيف يجترئ مسلم علي أن ينسب الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم تزويج ابنته فاطمة الزهراء سلام الله عليها برجل ليس لها بكفؤ؟!


فهذه من المنكرات التي لا يجوز نسبتها الي رجل عامي من عوام المسلمين، فضلا عن سيد المرسلين صلي الله عليه و آله و سلم.

و منها: نسبة الاجبار الي سيدنا و مولانا أميرالمؤمنين عليه آلاف السلام ما اختلف الليل و النهار، باطلة، لأن ابنته سيدتنا أم كلثوم (س)، و لو فرض صغر سنها لا يتصور معها الاجبار، نعم لا شك في تحقق ولايته عليها (س)، ولكن ولاية الولي تسقط عند التزويج بغير الكفؤ قطعا، فكيف يصدق مسلم عاقل أن ينسب الي مثل أميرالمؤمنين عليه السلام هذا الظلم الصريح، و الجور الفضيح؟!

و منها: أن احتمال كون علي عليه السلام يري صحة العقد ثم تخير اذا بلغت احتمال باطل، لا دليل عليه أصلا، و هو شي ء عجاب يؤذن أن قائله ممنو بالتهافت و الاضطراب، و كيف يصح في ذهن أحد من العقلاء بعد ملاحظة حال مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام أن يجوز لهذا الامام المعصوم أن يعقد عقدا لابنته مع غير الكفؤ لا يصح في حال من الأحوال، أو عقدا متزلزلا يفقد فيه الكفاءة، و يبطل في زمن الاستقبال.

و منها: احتمال كون عمر بن الخطاب، يري جواز عقد يفقد فيه الكفاءة، يثبت فيه التخيير للزوجة في البلوغ، لأن هذا اقدام علي المنكر الفضيح، و تجاسر علي الظلم القبيح لا يتأتي نسبته الي عمر من سني، و لو كان جاهلا، فضلا ممن يدعي العلم.

و منها: قول بعض المشايخ الذي تفوه فيه، بأن عمر لما كان أفضل من سيدتنا أم كلثوم (س)، بل و من أبيها عليه آلاف التحية و الثناء، علي المذهب السني، اقتضي كمال حالها أن لا ينظر الي فضيلة الانتماء اليه صلي الله عليه و آله و سلم المحض، فان في هذه التفوه الباطل الفاسد، و القطع البهمرج الكاسد، ظلمات بعضها فوق بعض، و كيف يجترئ عاقل متدين أن يتقول هذه الأباطيل في هذا المقام؟! و أن يتجاهر بهاتيك الخزعبلات و الطوام، و يوهن بمثلها فضيلة البضعة النبوية عليها و علي أبيها وجدها آلاف السلام و التحية؟!

و لقد ظهر بطلان هذا الكلام بالقول المذكور في آخره، و اتضح أن هذا التلبيس الصادر من بعض المشايخ باطل، لأن هذا لا يأتي علي قاعدة المذهب، و الحمدلله أولا و آخرا.


و من العجائب أن الكفاءة وجوبها بلغ مبلغا عظيما في الاسلام، بحيث أن عمر بن الخطاب شدد في أمرها تشديدا كبيرا، و قال فيها قولا ذكره علماء السنة في كتبهم، بأسفارهم محتجين به.

قال شمس الدين السرخسي [52] . في كتابه المبسوط في كتاب النكاح، قال: و بلغنا عن عمر رضي الله عنه أنه قال: لأمنعن النساء فروجهن الا من الأكفاء، و في هذا دليل علي أن للسلطان يدا في الأنكحة، فقد أضاف المنع الي نفسه، و ذلك يكون بولاية السلطنة.

و فيه دليل علي أن الكفاءة في النكاح معتبرة، و أن المرأة غير ممنوعة من أن تزوج نفسها يكافأها، و أن النكاح ينعقد بعبارتها [53] .

فصل: قال أبوبكر بن شهاب الدين العلوي الحسيني الشافعي الحضرمي في كتابه، رشفة الصادي، أيضا في ضمن فائدة ذكر فيها كلام العلماء علي أولاد بنات رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم غير الحسن و الحسين عليهماالسلام بوجوه:

منها: أنهم لا يكافئون أولاد الحسن و الحسين، فالزينبي مثلا ليس كفوا للحسنية، و لا للحسينية. انتهي.

فلينظر العاقل الذي أوتي حظا من الانصاف أنه اذا كان أمر الكفاءة عند العلماء بالغا الي حد يمنع كون الزينبي كفوا للحسنية و الحسينية، فكيف يمكن أن يجتري ذو فهم و دين علي أن يجعل عمر بن الخطاب و هو بعيد عن الرسول صلي الله عليه و آله و سلم في النسب بمراحل شاسعة، و فيافي نازحة، كفوا لأم كلثوم (س) و هي بنته صلي الله عليه و آله و سلم بلا شك و لا ارتياب. ان هذا الا زعم أهل التبار و التباب، و قول المستهترين باللغو و الكذاب.

فصل: لقد أتي العلامة أبوبكر بن شهاب الدين الشافعي الحضرمي بكلام مبرم في تأييد عمل السادة العلويين الحسينيين قديما و حديثا، و في عدم تزويج بناتهم الا من


شريف صحيح النسب، حيث قال في كتابه رشفة الصادي ما نصه:

تتمة، جري عمل ساداتنا العلويين الحسينيين رضوان الله عليهم، قديما و حديثا أنهم لا يزوجون بناتهم الا من شريف صحيح النسب، غيرة منهم علي هذا النسب العظيم، و لا يجيزون تزويجها بغير شريف و ان رضيت و رضي وليها مثلا، لأنهم يرون أن الحق في هذا النسب الطاهر، راجع لكل من انتسب الي الحسنين عليهماالسلام لا للمرأة و وليها فقط، و رضاء جميع أولاد الحسنين بذلك متعذر، و علي هذا العمل الي الآن، و هم نعم القدوة و الأسوة، اذ فيهم من الفقهاء و الصلحاء و الأقطاب، و الأولياء من لا ينبغي لنا أن نخالفهم فيما أسسوه، و درجوا عليه، لا يسعنا غير السير بسيرتهم، و الاقتداء بهم، و لهم اختيارات و أنظار لا مطمع للفقيه في ادراك أسرارها، و يؤيد هذا الاختيار أيضا قول سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لأمنعن تزوج ذوات الأحساب الا من الأكفاء، والله أعلم [54] . انتهي.

و أنت اذا أحطت خبرا بهذا الكلام، استبان لك أن السادات الكرام قديما و حديثا لا يعتقدون صحة تزويج سيدتنا أم كلثوم (س) لعمر بن الخطاب، اذ لو كان عندهم خبر يوثق به في هذا الباب، لما وسعهم الاتفاق علي العمل بخلاف عمل جدهم المعصوم الذي يدور الحق معه حيثما دار [55] ، عليه آلاف سلام الله الملك الغفار، و هذا واضح عند أولي الأحلام و الأبصار، كالشمس في رائعة النهار.

فصل: ان من العجائب، الآيات القائدة الي الحق، أن القاضي شهاب الدين بن شمس الدين الدولت آبادي الحنفي، الملقب بملك العلماء، الذي هو من كبار علماء أهل السنة، قد شدد في عدم جواز تزويج العلويات بغير العلويين بأتم التشديد، و أتي في ذلك بكلام متين، و قول سديد، حيث قال في كتابه المسمي - هداية السعداء - في الهداية الحادية عشر في الجلوة الرابعة ما هذا لفظه:

و تصحيح نسب واجب است، تا كسي خود را به دروغ علوي نگوياند، و دختران


رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم با غير كفو نكاح نشوند، و در نسب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم اختلاط و استخفاف روي نيارد، و مردمان از اين قول كافر نشوند، و در دعوي حرامزادگي نيافتند، و تبه كار نشوند، و دين بباد ندهند، و اگر پادشاه در هر قصبة سيد أجل نصب نكند هر چه از اين فساد و تسلسل ضلاله روي نمايد و ذمه ي پادشاه باشد، فرداي قيامت مصطفي صلي الله عليه و آله و سلم خصم او گردد، و سيد اجل را بايد كه دختر سيد غير كفو را دادن ندهد، و اگر داده باشد فسخ نكاح و خلع كناند، انتهي.

و في هذه العبارة الرشيقة فوائد عديدة و حقائق سديدة:

منها: أن تزويج العلوية بغير علوي تزويج بغير كفو، و لو كان مدعيا كونه علوي النسب. و منها: أن تزويج العلوية بغير علوي يوجب اختلاط نسب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و يورث استخفافه. و منها: أن هذا التزويج يوجب الكفر. و منها: أن هذا التزويج يورث دعوي التولد من الحرام. و منها: أن هذا التزويج يورث الاثم. و منها: أن هذا التزويج يوجب تضييع للدين. و منها: أن هذا التزويج يوجب الفساد و تسلسل الضلال. و منها: أن هذا التزويج يوجب أن يكون الرسول خصما للمزوج يوم القيامة. و منها: أن سيدنا الأجل، الذي هو نقيب الأشراف، لا يجوز له الرضا بهذا التزويج لأنه تزويج بغير كفو. و منها: أن هذا التزويج لو وقع، فعلي السيد الأجل أن يفسخ هذا العقد، و يحكم بالخلع.

و اذا أحطت خبرا بما ذكره هذا الحبر الجليل، ظهر لك أن تزويج العلوية بغير العلوي قد كان مورثا لهذه المفاسد الجمة، كيف يجوز مسلم عاقل تزويج سيدتنا أم كلثوم (س) بعمر بن الخطاب؟! فأنه يستجمع تمام هذه المفاسد، بألف أولوية، و الله العاصم عن التعصب و التعسف و أنه شر بلية.

فصل: قد أورد غلام علي المتخلص بآزاد البلجرامي [56] ، الذي هو من كبار علماء الهند في التخلص عن أعضال عدم كفاءة عمر بن الخطاب لسيدتنا أم كلثوم (س) أضعف من


التمام، و أتي بقول هو أوهن من بيت العنكبوت عند ذوي الأحلام، حيث قال في كتابه المسمي - سند السعادات في حسن خاتمة السادات -، ما لفظه:

در روايت صحيحه آمده از عمر بن الخطاب أنه خطب أم كلثوم من علي، فاعتل بصغرها، و بأنه أعدها لابن أخيه جعفر، فقال له: ما أردت الباه، ولكن سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: كل سبب و نسب ينقطع يوم القيامة، ما خلا سببي و نسبي، و كل نبي عصبتهم لأبيه ما خلا ولد فاطمة، فاني أنا أبوهم و عصبتهم [57] ؛ يعني خطبه كرد عمر ام كلثوم را از علي، پس عذر آورد به صغر سن ام كلثوم، و به اينكه نگهداشته است او را براي پسر برادر خود جعفر طيار، پس عمر گفت: كه اراده نكرده ام باه را ولكن شنيدم رسول خدا كه مي فرمود: هر سببي و نسبي كه هست منقطع مي شود در روز قيامت سواي سبب و نسب من، و همه فرزندان دختري عصبه ايشان پدران ايشان باشند جز فرزندان فاطمه، پس به درستي كه من پدر ايشان و عصبه ايشانم.

صاحب صواعق محرقة گويد حاصل كلامش اين كه انتسابي كه از خصائص حضرت در اين حديث و امثال آن مفهوم مي شود اين است كه حضرت را پدر بني فاطمه توان گفت: و بني فاطمه را پسران آن حضرت، و چون بني فاطمه را با جناب نبوت نسبت ابوت و بنوت بهم رسيد، اين نسبت را در كفائت اعتبار خواهد بود، پس هاشمي غير شريف نمي شود شريفه را، و قول علماء كه بني هاشم و بني عبدالمطلب اكفائند محل آن در ماعداي اين صورت است، و اگر كسي وصيت كرد كه مال مرا پس از من به فرزندان حضرت بدهند وصي را مي بايد كه به بني فاطمه بدهد، و اگر هم چنين كسي وقف كند بر فرزندان حضرت مصرف آن بني فاطمه خواهد بود، و اين حكم در اولاد دختري غير حضرت صلي الله عليه و آله و سلم جاري نشود، مثلا كسي وصيت كند كه مال مرا به فرزندان زيد تقسيم كنند اولاد دختر زيد را هيچ نمي رسد.

راقم الحروف گويد: در اين مقام شبهه وارد مي شود كه هر گاه از حديث مفهوم شد


كه غير شريف كفائت ندارد با شريف، پس علي عليه السلام چرا خطبه ي عمر را اجابت كرد، و جوابش اين كه اين معني بنا بر ضرورت بود چه در آن وقت عنفوان نشوت نماي شجره ي سيادت بود، و شريفي كه با شريفه نسبت كفائتي داشته باشد و هم شرعا با هم مناكحت او جائز بوده باشد اصلا به عرصه ي وجود نيامده [58] . انتهي.

و في هذا الكلام الجالب لضروب التعنيف و الملام علل و أسقام:

منها: ادعاء البلجرامي صحة رواية أوردها، و الحال، ان كل ما روي في هذا الباب، أعني تزويج علي عليه السلام ابنته بعمر، من أبين البهت و الكذاب، و ان ادعي أحد من المتجاسرين صحة رواية في هذا الشأن، فعليه الاتيان بالبيان،و علينا دمغ رأسه بمقمعة الحجة و السلطان، و كسر ظهره بضرب البينة و البرهان.

و منها: ان الجواب عن الاعضال الوارد علي اعتلال علي عليه السلام بصغرها، فأية ضرورة تفرض في هذه الحال الي تزويجها من شيخ، فان ليس لها بكفو في حال من الأحوال، و لعمري أن فرض الضرورة ليس له صورة في هذا العقد، لا من الخاطب و لا من المزوج.

و منها: ادعاؤه أن في ذلك الزمان لم يكن لسيدتنا أم كلثوم كفو، قول فاسد، لأن الخبر الذي ذكره مشتمل علي أن عليا عليه السلام اعتل عند خطبة عمر بأنه أعدها لابن أخيه جعفر، فهل يجتري مسلم علي أن يقول: ان اعداد علي عليه السلام سيدتنا أم كلثوم لابن أخيه جعفر كان اعدادا لغير كفو، ما هذا الا تقول باطل، و زعم عن حلية الصدق عاطل.

مبحث عدم مناسبة السن: و مما يبطل دعوي هذا العقد، أنه يستلزم كون عمر من الذين قال الله تعالي: (و أنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون) [59] .

قال ابن أبي الحديد في الشرح: و في حديث[عمر بن الخطاب]أنه خطب الناس، فقال: «أيها الناس لينكح الرجل الرجل منكم لمته من النساء، و لتنكح المرأة لمتها من


الرجال» [60] .

قال: لمة الرجل من النساء مثله في السن، و منه ما روي أن فاطمة عليهاالسلام خرجت في لمة من نسائها[تتوطأ ذيلها] [61] ، حتي دخلت علي أبي بكر [62] .

و أراد عمر بن الخطاب: لا تنكح الشابة الشيخ الكبير، و لا ينكح الشاب العجوز، و كان سبب هذه الخطبة أن شابة زوجها أهلها شيخا فقتلته [63] .

قال الزبيدي في تاج العروس في لغة اللؤم: «قول عمر رضي الله عنه: و قد زوجت شابة شيخا فقتلته، أيها الناس لينكح الرجل لمته من النساء و لتنكح المرأة لمتها من الرجال، قوله لمته بالضم أي شكله و مثله [64] .

قال الفيروزآبادي في القاموس، في لغة اللؤم: و قول عمر رضي الله عنه لينكح الرجل لمته بالضم، أي شكله و مثله، و الهاء عوض عن الهمزة الذاهبة. انتهي.

فلينظر العاقل هذا الكلام الصادر عن عمر بن الخطاب، و ليتأمل هل كانت سيدتنا أم كلثوم (س)، و هي ابنة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم، شكلا و مثلا له؟!

مبحث عدم جواز الجمع بين بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و بين بنات أعداء الله: و من الأدلة علي بطلان هذا الافك، أنه يستلزم اجتماع بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم مع بنات أعداء الله، و الحال، ان اجتماع بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم مع بنت واحد لعدو الله لا يحل، فكيف اذا اجتمعت مع عدة بنات لأعداء الله، و بيان ذلك:

ان البخاري و مسلم [65] و غيرهما، من أسلاف السنية، يروون في قصة خطبة بنت أبي


جهل التي وضعوها لعداوة أميرالمؤمنين عليه السلام: ان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم خطب فقال في خطبته: «والله، لا تجتمع بنت رسول الله و بنت عدو الله عند رجل واحد». و لا يخفي عن أهل العلم بالأخبار، أن عمر بن الخطاب كانت عنده عدة أزواج كلهن من بنات أعداء الله، كما لا يخفي علي من طالع كتاب الطبقات لابن سعد البصري، و تاريخ الرسل و الملوك لابن جرير الطبري، و كتاب المعارف لابن قتيبة الدينوري، و كتاب الرياض النضرة لمحب الدين الطبري، و الرياض المستطابة للعامري، و غيرها من أسفار السنية.

فكيف جاز وساغ لعمر بن الخطاب الاقدام علي التزوج بسيدتنا أم كلثوم (س) و هي بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بلا شك و لا ارتياب، و الجمع بينها و بين بنات أعداء الله الضائرين الي المتاد و الرقاب، و من هنا ظهر أن هؤلاء النوكي لا يدرون في أي سبيل مهانات يسعون و يجرون؟!

فصل: يظهر من افادات بعض أسلاف السنية، ان اجتماع أية امرأة كانت مع بنت من بنات رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لا يجوز، لأنه يوجب تأذي الزهراء عليهاالسلام، و اذا كان الأمر كذلك، ظهر أن حديث تزوج عمر لسيدتنا أم كلثوم (س) باطل، لأنه كانت عند عمر عدة أزواج بعضهن من بنات الكفار، بعضهن من بنات المسلمين، و اجتماع ضرة واحدة من تلك النسوة مع بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يوجب تأذي الزهراء (س)، فكيف اذا جمعت مع عدة ضرائر؟ فكيف جائز لعمر الاقدام علي ذلك؟ فانه من أدهي الطوام و أم المهالك.

قال أحمد بن حنبل و المحب الطبري في ذخائر العقبي، و قال السمهودي في جواهر العقدين، و قال علي القارئ في المرقاة في شرح حديث: و عن المسور بن مخرمة، انه بعث اليه حسن بن حسن يخطب ابنته، فقال له: فلتأتني في العتمة فلقيه، فحمد المسور الله عزوجل و أثني عليه و قال: أما بعد، فما من نسب و سبب و لا صهر أحب الي من نسبكم و صهركم، ولكن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال: فاطمة بضعة مني يقبضني ما يقبضها، و يبسطني ما يبسطها، و ان الأنساب يوم القيامة تنقطع الا نسبي و سببي و صهري، و عندك ابنته، و لو زوجتك لقبضها ذلك، فانطلق عاذرا له.


خرجه أحمد في المناقب، و فيه دليل علي أن الميت يراعي منه كما يراعي من الحي. و قد ذكر الشيخ أبوعلي السبخي، في شرح التلخيص: انه يحرم التزويج علي بنات النبي صلي الله عليه و آله و سلم، و لعله يريد من ينتسب اليه بالبنوة، و يكون هذا دليله [66] .

و قال السمهودي: و قوله «و عندك ابنتها» وهي فاطمة بنت الحسين، و ذلك لعهد وفاة فاطمة الكبري، و مع ذلك راعي غضبها من أجل بنت، و علم به أن الانسان، و ان توفي، يراعي غضبه و سخطه في بنيه، لاسيما فاطمة رضي الله عنها.

و قال شيخ بن عبدالله العيدروس اليمني [67] في كتابه المسمي - العقد النبوي - في ذكر فاطمة (سلام الله عليها): فكل من يشاهد اليوم من ولدها بضعة من تلك البضعة، و ان تعددت الوسائط، كما سبقت الاشارة اليه، فمن تأمل ذلك كيف لا يبعث من قبله داعي الاجلال و التعظيم بهم، و يجتنب بغضهم علي أي حالة كانوا عليها؟

و لما أخرجه أبوسعيد في شرف النبوة، و ابن المثني في معجمه، عن علي رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «ان الله يغضب لغضبك، و يرضي لرضاك»، فمن أذي شخصا من ولد فاطمة و أبغضه، فقد جعل نفسه عرضة لهذا الخطر العظيم، و بضده من تعرض لطلب مرضاتها في حبهم و اكرامهم بالشفاعة في القيامة [68] .

فصل: مبحث ظلم عمر علي السيدة فاطمة سلام الله عليها: من الدلائل علي بطلان دعوي هذا العقد، أن عمر بن الخطاب كان من أعداء سيدة نساء العالمين سلام الله عليها، فكيف يمكن أن ينسي أميرالمؤمنين عليه السلام هذه المظالم الصادرة من عمر علي هذه المظلومة المهضومة، و يزوج ابنتها و بضعتها و فلذة كبدها من هذا، و لا يلتفت الي أن هذا التزويج يؤذي روح أمها صلوات الله عليها،كلا ان هذا الا محال بين السفاسف، باطل لا يخفي


علي من أوتي حظا من القسط و الانصاف.

و لنذكر هنا طرفا يسيرا من الوقائع التي تدل علي مظالم عمر و جوره علي بضعة الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و تأذيها من ظلم هذا، مقتصرين في ذكرها علي ما أوردته العامة في كتبهم دون ما روته الخاصة في أسفارهم.

فقال أبومحمد، عبدالله بن مسلم بن قتيبة الدينوري في كتاب الامامة و السياسة، ما لفظه: ان أبابكر رضي الله عنه تفقد قوما تخلفوا عن بيعته عند علي كرم الله وجهه، فبعث اليهم عمر، فجاء فناداهم و هم في دار علي، فأبوا أن يخرجوا، فدعا بالحطب و قال: و الذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنها علي من فيها. فقيل له يا أباحفص: ان فيها فاطمة، فقال، و ان. فخرجوا و بايعوا الا عليا فانه زعم أنه قال: حلفت أن لا أخرج و لا أضع ثوبي علي عاتقي حتي أجمع القرآن، فوقفت فاطمة رضي الله عنها علي بابها فقالت: لا عهد لي بقوم حضروا أسوأ محضر منكم، تركتم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم جنازة بين أيدينا، و قطعتم أمركم بينكم، لم تستأمرونا، و لم تردوا لنا حقا.

فأتي عمر الي أبي بكر فقال له: ألا تأخذ هذا المتخلف عنك بالبيعة؟ فقال أبوبكر لقنفذ و هو مولي له: اذهب فادع لي عليا، قال: فذهب الي علي فقال له: ما حاجتك؟ فقال: يدعوك خليفة رسول الله، فقال علي: لسريع ما كذبتم علي رسول الله، فرجع فأبلغ الرسالة، قال: فبكي أبوبكر طويلا، فقال عمر الثانية: لا تمهل هذا المتخلف عنك بالبيعة، فقال أبوبكر رضي الله عنه لقنفذ: عد اليه، فقل له: خليفة رسول الله يدعوك لتبايع، فجاءه قنفذ فأدي ما أمر به، فرفع علي صوته فقال: سبحان الله، لقد ادعي ما ليس له، فرع قنفذ، فأبلغ الرسالة، فبكي أبوبكر طويلا، ثم قام عمر فمشي معه جماعة حتي أتوا باب فاطمة، فدقوا الباب، فلما سمعت أصواتهم نادت بأعلي صوتها: يا أبت! يا رسول الله! ماذا لقينا بعدك من ابن الخطاب و ابن أبي قحافة؟

فلما سمع القوم صوتها و بكاءها، انصرفوا باكين، و كادت قلوبهم تنصدع، و أكبادهم تنفطر، و بقي عمر و معه قوم، فأخرجوا عليا فمضوا به الي أبي بكر، فقالوا له: بايع، فقال:


ان أنا لم أفعل، فمه؟ قالوا: اذا والله الذي لا اله الا هو نضرب عنقك، فقال: اذا تقتلون عبدالله و أخا رسوله، قال عمر: أما عبدالله فنعم، و أما أخو رسوله فلا، و أبوبكر ساكت لا يتكلم، فقال له عمر: ألا تأمر فيه بأمرك؟ فقال: لا أكرهه علي شي ء ما كانت فاطمة الي جنبه.

فلحق علي بقبر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يصيح و يبكي و ينادي: يا ابن أم ان القوم استضعفوني و كادوا يقتلونني، فقال عمر لأبي بكر (رضي الله عنهما): انطلق بنا الي فاطمة فانا قد أغضبناها، فانطلقا جميعا فاستأذنا علي فاطمة، فلم تأذن لهما، فأتيا عليا فكلماه، فأدخلهما عليها، فلما قعدا عندها، حولت وجهها الي الحائط، فسلما عليها فلم ترد عليهماالسلام.

فتكلم أبوبكر فقال: يا حبيبة رسول الله، والله ان قرابة رسول الله أحب الي من قرابتي، و انك لأحب الي من عائشة ابنتي، و لوودت يوم مات أبوك أني مت، و لا أبقي بعده، أفتراني أعرفك و أعرف فضلك و شرفك و أمنع حقك و ميراثك من رسول الله، الا أني سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: لا نورث، ما تركناه صدقة.

فقالت: أرأيتكما ان حدثتكما حديثا عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم تعرفانه و تفعلان به، قالا: نعم، فقالت: نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله يقول: «رضا فاطمة من رضاي، و سخط فاطمة من سخطي، فمن أحب فاطمة ابنتي فقد أحبني، و من أرضي فاطمة فقد أرضاني، و من أسخط فاطمة فقد أسخطني»، قالا: نعم، سمعناه من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، قالت: فاني أشهد الله و ملائكته أنكما أسخطتماني و ما أرضيتماني، و لئن لقيت النبي لأشكونكما اليه.

فقال أبوبكر: أنا عائذ بالله تعالي من سخطه و سخطك يا فاطمة، ثم انتحب أبوبكر يبكي، حتي كادت نفسه أن تزهق، و هي تقول: والله لأدعون الله عليك في كل صلاة أصليها، ثم خرج باكيا [69] .

عليك أن تنظر بعين التثبت و الاعتبار الي ما ننقله عنه، أن عمر جاء الي علي في عصابة


فيهم: أسيد بن الحصين، و سلمة بن أسلم الأشهلي، فقال: اخرجوا أو لنحرقها عليكم [70] .

قال أبوبكر أحمد بن عبدالعزيز الجوهري [71] في كتابه السقيفة، علي ما نقل عنه: لما جلس أبوبكر علي المنبر، كان علي و الزبير و ناس من بني هاشم في بيت فاطمة، فجاء عمر اليهم فقال: و الذي نفسي بيده، لتخرجن الي البيعة أو لأحرقن البيت عليكم! فخرج الزبير مصلتا سيفة، فاعتنقه رجل من الأنصار، و زياد بن لبيد فدق به فبدر السيف، فصاح به أبوبكر و هو علي المنبر: اضرب به الحجر، قال أبوعمرو بن خماش: فلقد رأيت الحجر فيه تلك الضربة، و يقال: هذه ضربة سيف الزبير.

و قال أبوبكر الجوهري أيضا في كتاب السقيفة: علي ما نقل عنه، و قد روي في رواية أخري أن سعد بن أبي وقاص كان معهم في بيت فاطمة، و المقداد بن الأسود أيضا و أنهم اجتمعوا علي أن يبايعوا عليا عليه السلام فأتاهم عمر ليحرق عليهم البيت، فخرج اليه الزبير بالسيف، و خرجت فاطمة عليهاالسلام تبكي و تصيح.

و قال أبوبكر الجوهري أيضا في كتاب السقيفة: علي ما نقل عنه عن الشعبي، قال: سأل أبوبكر فقال: أين الزبير؟ فقيل: عند علي، و قد تقلد سيفه، فقال: قم يا عمر، قم يا خالد بن الوليد، انطلقا حتي تأتياني بهما، فانطلقا فدخل عمر و قام خالد علي باب البيت من خارج، فقال عمر للزبير: ما هذا السيف؟ فقال: نبايع عليا، فاخترطه عمر فضرب به حجرا فكسره. ثم أخذ بيد الزبير فأقامه ثم دفعه و قال: يا خالد: دونكه فامسكه، ثم قال لعلي: قم فبايع لأبي بكر، فتلكأ و احتبس، فأخذه بيده و قال: قم، فأبي أن يقوم، فحمله و دفعه كما دفع الزبير فأخرجه، و رأت فاطمة ما صنع بهما، ففاضت علي باب الحجرة و قالت: يا أبابكر ما أسرع ما أغرتم علي بيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، والله لا أكلم عمر حتي ألقي الله [72] .


و قال أبوبكر عبدالله بن محمد بن أبي شيبة العبسي [73] في المصنف، ما لفظه: حدثنا محمد بن بشر، حدثنا عبدالله بن عمر، حدثنا زيد بن أسلم، عن أبيه أسلم، أنه حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم كان [74] علي و الزبير يدخلان علي فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فيشاورونها و يرتجعون في أمرهم [75] ، فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب، خرج حتي دخل علي فاطمة فقال: يا بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم! والله ما من الخلق أحب الينا من أبيك، و ما من أحد أحب الينا بعد أبيك منك، و أيم الله ما ذاك بما نعي ان اجتمع هؤلاء النفر عندك أن أمرتهم أن يحرق عليهم البيت.

قال: فلما خرج عمر جاؤوها، فقالت: تعلمون أن عمر جاءني و قد حلف بالله لئن عدتم ليحرقن عليكم البيت، و أيم الله ليمضين ما حلف عليه، فانصرفوا راشدين، فرؤا رأيكم و لا ترجعوا الي، فانصرفوا عنها فلم يرجعوا اليها حتي بايعوا لأبي بكر [76] .

قاله أيضا ابن عبدالبر في الاستيعاب و أبوبكر الجوهري في كتاب السقيفة علي ما نقل ابن أبي الحديد عنه و السيوطي في جمع الجوامع و علي المتقي في كنز العمال و ولي الله في ازالة الخلفاء و قرة العين [77] .

و قال أبوجعفر محمد بن جرير الطبري في تاريخه: ما لفظه، حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن مغيرة، عن زياد بن كليب، قال: أتي عمر بن الخطاب منزل علي و فيه طلحة و الزبير، و رجال من المهاجرين، فقال: والله لأحرقن عليكم أو لتخرجن الي البيعة، فخرج عليه الزبير مصلتا بالسيف، فعثر فسقط السيف من يده، فوثبوا عليه فأخذوه [78] .


و قال ابن عبد ربه القرطبي في كتابه المسمي - العقد الفريد -: الذين تخلفوا عن بيعة أبي بكر، علي و العباس و الزبير، و سعد بن عبادة. فأما علي و العباس و الزبير فقعدوا في بيت فاطمة، فبعث اليهم أبوبكر، عمر بن الخطاب ليخرجهم من بيت فاطمة، و قال له: ان أبوا فقاتلهم، فأقبل بقبس من نار علي أن يضرم عليهم الدار، فلقيته فاطمة، فقالت: يا ابن الخطاب أجئت لتحرق دارنا؟ قال: نعم أو تدخلوا فيما دخلت فيه الأمة. [79] .

و قال أبوالفضل جعفر بن الفضل بن جعفر بن محمد بن موسي بن الحسن بن الفرات المصري المعروف بابن خنزابه [80] في كتاب - الغرر - علي ما نقل عنه، قال زيد بن أسلم: كنت ممن حمل الحطب مع عمر الي باب فاطمة حين امتنع علي و أصحابه عن البيعة، أن يبايعوا، فقال عمر لفاطمة: اخرجي من البيت و الا أحرقته و من فيه، و قال: و في البيت علي و فاطمة و الحسن و الحسين و جماعة من أصحاب النبي، فقالت فاطمة: تحرق علي ولدي؟ قال: اي والله أو ليخرجن و ليبايعن [81] .

و قال أبوالفداء الأيوبي في تاريخه [82] المسمي بالمختصر، ما لفظه: ثم أن أبابكر بعث عمر بن الخطاب الي علي و من معه ليخرجهم من بيت فاطمة رضي الله عنها، و قال: ان أبو عليك فقاتلهم، فأقبل عمر بشي ء من نار علي أن يضرم الدار، فلقيته فاطمة رضي الله عنها، و قالت: الي أين يا ابن الخطاب، أجئت لتحرق دارنا؟ قال: نعم أو يدخلوا فيما دخل فيه الأمة، فخرج علي حتي أتي أبابكر فبايعه، كذا نقله القاضي جمال الدين بن واصل و أسنده الي ابن عبد ربه المغربي [83] .


و قد نقل السيد الأجل علم الهدي [84] طاب ثراه، خبر هذا الظلم العظيم في كتابه - الشافي - عن بعض كبار العامة، حيث قال: قد روي البلاذري عن المدائني، عن مسلمة ابن محارب عن سليمان التيمي، عن ابن عون: أن أبابكر أرسل الي علي يريده علي البيعة، فلم يبايع، فجاء عمر و معه قبس، فلقيته فاطمة علي الباب فقالت: يا ابن الخطاب! أتراك محرقا علي بابي؟ فقال: نعم، و ذلك أقوي فيما جاء به أبوك، و جاء علي فبايع، و هذا الخبر قد روته الشيعة من طرق كثيرة، و انما الطريف أن ترويه شيوخ محدثي العامة [85] .

و من الفجائع التي تبكي لها عيون الاسلام و الدين، و الوقائع التي أحرقت قلوب المؤمنين و الموقنين، ما ارتكبه عمر بن الخطاب من الظلم العظيم الذي أوجب سقوط المحسن من بطن سيدتنا فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، و هذه الواقعة الهائلة قد بلغ حد التواتر و اليقين عند أهل الحق المبين، ولكن من عجائب براهين علو كلمة الحق، و سمو مرتبة الصدق، أن ابراهيم بن سيار بن هاني البصري المعروف بالنظام [86] ، الذي هو من كبار علماء المعتزلة و أجلة كبراء المخالفين، قد اعترف بوقوع هذه الواقعة الهائلة بكمال الابانة و الصراحة، و لم يقدر علي كتمانه أو انكاره كما فعله بعض أرباب الصفاقة و الوقاحة.

قال أبوالفتح محمد بن عبدالكريم الشهرستاني في كتاب الملل و النحل، في ذكر مقالات النظام ما لفظه: ان عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة حتي ألقت الجنين من بطنها، و كان يصيح أحرقوها بمن فيها، و ما كان في الدار غير علي و فاطمة و الحسن و الحسين [87] .

و قال صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي في الوافي بالوفيات، في ترجمة نظام


المعتزلي [88] ، في ذكر أقواله: و قال، ان عمر ضرب بطن فاطمة يوم البيعة، حتي ألقت المحسن من بطنها [89] . انتهي.

عليك أن تغتنم اعتراف هذا الرجل الذي هو من كبار العامة بوقوع هذه الواقعة العظمي و تلك الطامة، و لا تغتر و لا تلتفت الي نكير الشهرستاني و تغريد الصفدي، فانهما بمعزل عن قبول الحق و الاذعان.

و من عجائب آيات علو الحق، أن أبابكر أحمد بن محمد بن السري التميمي الكوفي المعروف بابن أبي دارم، الذي أبان جلالته الذهبي في تذكرة الحفاظ [90] ، حيث أثبت كونه حافظا مسندا، و محدث الكوفة، و ذكر أنه سمع ابراهيم بن عبدالله الغفار، و أحمد بن موسي الحماد، و موسي بن هارون، و مطينا، و عدة، و ذكر أيضا أنه روي عنه الحاكم و أبوبكر ابن مردويه، و أبوالحسن الحمامي، و يحيي بن ابراهيم المزكي، و أبوبكر الحيري، و القاضي، و آخرون، كما لا يخفي علم علي ناظم تذكرة الحفاظ للذهبي، قد كشف الحجاب و أذعن الحق و الصواب، حيث قرر رواية صدور هذا الظلم العظيم و الجرم الكبير من عمر بن الخطاب.

قال الذهبي في الميزان، في ترجمة ابن أبي دارم: و قال محمد بن أحمد بن حماد الكوفي الحافظ، بعد أن أرخ موته: كان مستقيم الأمر عامة دهره، ثم في آخر أيامه كان أكثر ما يقرأ عليه المثالب، حضرته و رجل يقرأ عليه: ان عمر رفس فاطمة حتي أسقطت بمحسن [91] . انتهي.

و من الخطوات التي أتت علي سيدتنا فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)، رد فدك، و هو من الوقائع التي تورث العجب العجاب فتحير عقول أولي الألباب.


و قال العلامة سبط ابن الجوزي الحنفي في كتابه المسمي - مرآة الزمان - في الباب العاشر في طلب آل رسول الله الميراث من أبواب مرض رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في وقائع السنة الحادية عشر، ما لفظه:

و قال علي بن الحسين عليهماالسلام: جاءت فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم الي أبي بكر، و هو علي المنبر، فقالت: يا أبابكر! أفي كتاب الله أن ترث ابنتك و لا أرث أبي، فاستعبر أبوبكر باكيا، ثم قال: بأبي أبوك، و بأبي أنت، ثم نزل فكتب لها بفدك. و دخل عليه عمر فقال: ما هذا؟ فقال: كتاب كتبته لفاطمة، ميراثها من أبيها، قال: فماذا تنفق علي المسلمين و قد حاربتك العرب كما تري، ثم أخذ عمر رضي الله عنه الكتاب فشقه [92] .

و قال نورالدين الحلبي في انسان العيون، في المجلد الثالث عنه عند ذكره دعوي فاطمة عليهاالسلام في أمر فدك ما لفظه:

و في كلام سبط ابن الجوزي رحمه الله، أنه رضي الله عنه كتب لها بفدك، و دخل عمر رضي الله عنه فقال: ما هذا؟ قال: كتاب كتبته لفاطمة بميراثها من أبيها، فقال: مماذا تنفق علي المسلمين و قد حاربتك العرب كما تري، ثم أخذ عمر الكتاب فشقه [93] .

فصل: و مما يدل علي استحالة وقوع هذا العقد، أن مولانا أميرالمؤمنين عليه السلام كان يعتقد أن عمر بن الخطاب كان كاذبا آثما غادرا خائنا، و من كانت هذه صفاته، محال أن يزوجه مولانا عليه السلام ابنته الكريمة.

أما اعتقاد أميرالمؤمنين عليه السلام في حق عمر بكونه كاذبا غادرا خائنا، فقد صح كالشمس في رابعة النهار، لأن مسلم بن الحجاج القشيري، صاحب الصحيح، قد أخرج في صحيحه في كتاب الجهاد حديثا طويلا عن مالك بن أوس، و فيه عن عمر أنه قال: في خطاب أميرالمؤمنين عليه السلام و العباس، فلما توفي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال أبوبكر: أنا ولي


رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فجئتما تطلب ميراثك من ابن أخيك، و يطلب هذا ميراث امرأته من أبيها، فقال أبوبكر: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: ما نورث ما تركنا صدقة، فرأيتماه كاذبا غادرا خائنا، والله يعلم أنه لصادق بار راشد تابع للحق، ثم توفي أبوبكر و أنا ولي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و ولي أبوبكر، فرأيتماني كاذبا آثما غادرا خائنا، والله يعلم أني لصادق بار راشد تابع للحق [94] .

ان عمر بن الخطاب كان فظا غليظا بل أفظ و أغلظ، و قد ورث الفظاظة و الغلظة عن أبيه الفظ الغليظ، و أحوال سوء عشرته مع النساء خاصة تدهش الناظر، فكيف جاز له أن يخطب الي أميرالمؤمنين عليه السلام ابنته، و هي ريحانة من رياحين الرسول صلي الله عليه و آله و سلم، و كيف جاز لأميرالمؤمنين عليه السلام أن يزوجها منه مع علمه بسوء خلقه و غلظته و فظاظته؟ هل هذا الا ظلم قبيح، و جور فضيح قد عصم الله أميرالمؤمنين عليه السلام من الركون اليه؟

ذكر كونه وارثا للفظاضة و الغلظة عن أبيه الخطاب:

قال ابن سعد في الطبقات: أخبرنا يزيد بن هارون، و عفان بن مسلم، و عارم بن الفضل، قالوا: حدثنا حماد بن زيد، قال يزيد بن حازم، عن سليمان بن يسار، قال: مر عمر بن الخطاب بضجنان، فقال: لقد رأيتني أني لأرعي علي الخطاب في هذا المكان، و كان والله ما علمت فظا غليظا، ثم أصبحت الي أمر أمة محمد صلي الله عليه و آله و سلم، ثم قال متمثلا:



لا شي ء فيما تري الا بشاشته

يبقي الاله و يودي المال و الولد



ثم قال: لبعيره، حوب [95] .

أخبرنا سعيد بن عامر و عبدالوهاب بن عطاء، قالا: أخبرنا محمد بن عمرو، عن يحيي بن عبدالرحمان بن حاطب، عن أبيه، قال: أقبلنا مع عمر بن الخطاب قافلين من مكة حتي اذا كنا بشعاب ضجنان، وقف الناس، فكان محمد يقول: مكانا كثير الشجر و الأشب، قال فقال: لقد رأيتني في هذا المكان و أنا في ابل الخطاب، و كان فظا غليظا،


احتطب عليها مرة، و اختبط عليها أخري، ثم أصبحت اليوم يضرب الناس بجنباتي ليس فوقي أحد، قال ثم مثل بهذا البيت:



لا شي ء فيما تري الا بشاشته

يبقي الاله و يودي المال و الولد [96] .



قال محمد بن جرير الطبري في تاريخه: حدثنا عمر بن شبة، قال: حدثنا علي بن محمد، عن ابن جعدة، عن اسماعيل بن أبي حكيم، عن سعيد بن المسيب، قال (و قال ابن عبدالبر في الاستيعاب، و قال ولي الله الدهلوي في ازالة الخلفاء أيضا): [97] حج عمر، فلما كان بضجنان قال: [98] «لا اله الا الله العلي العظيم، المعطي ما شاء من شاء، كنت [99] أرعي ابل الخطاب بهذا الوادي في مدرعة صوف، و كان فظا [100] يتعبني اذا عملت، و يضربني اذا قصرت، و قد أمسيت [101] و ليس بيني و بين الله أحد» [102] .

ذكر كون عمر فظا غليظا بنص أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: قال أبويوسف يعقوب بن ابراهيم البغدادي [103] صاحب أبي حنيفة في كتاب الخراج الذي صنفه للرشيد العباسي، ما لفظه:

حدثني اسماعيل بن أبي خالد، عن زيد بن الحارث، عن ابن سابط، قال: لما حضرت الوفاة أبابكر رضي الله عنه أرسل الي عمر يستخلفه، فقال الناس: أتستخلف علينا فظا غليظا؟ لو قد ملكنا كان أفظ و أغلظ؟ فماذا تقول لربك اذا لقيته و قد استخلفت علينا عمر؟ قال: أتخوفونني ربي! أقول: اللهم أمرت عليهم خير أهلك [104] .


و قال محمد بن سعد البصري في كتاب الطبقات في ترجمة أبي بكر في قصة استخلاف أبي بكر لعمر، ما لفظه (حكي الرياض النظرة عنه و حكي عنه كنز العمال في ذكر خلافة عمر، و قال أيضا ابن حجر في الصواعق قريب بهذا المضمون، و قال أيضا ابراهيم بن عبدالله الوصاني اليمني الشافعي في كتاب «الاكتفاء في فضل الأربعة الخلفاء): و سمع بعض أصحاب النبي صلي الله عليه و آله و سلم بدخول عبدالرحمان و عثمان علي أبي بكر و خلوتهما به، فدخلوا علي أبي بكر، فقال له قائل منهم: ما أنت قائل لربك اذا سألك عن استخلافك لعمر علينا؟ و قد تري غلظته؟ فقال أبوبكر: أجلسوني، أبالله تخوفونني! خاب من تزود من أمركم بظلم، أقول: اللهم استخلفت عليهم خير أهلك، أبلغ عني ما قلت لك من ورائك ثم اضطجع [105] .

و قال أبوبكر عبدالله بن محمد العبسي المعروف بابن أبي شيبة في كتابه المصنف: حدثنا وكيع، و ابن ادريس، عن اسماعيل بن أبي خالد، عن زيد بن الحارث (و حكي كنز العمال في ذكر خلافة عمر، و حكي ولي الله الدهلوي في ازالة الخلفاء في المقصد الأول في الفصل الرابع و قرة العين أيضا) أن أبابكر حين حضره الموت أرسل الي عمر يستخلفه، فقال الناس: تستخلف علينا فظا غليظا؟ و لو قد ولينا كان أفظ و أغلظ! فما تقول لربك اذا لقيته و قد استخلفت علينا عمر [106] ؟ فقال أبوبكر: أبربي تخوفونني؟ أقول: اللهم استخلفت عليهم خير خلقك.

و قال ابن تيمية، في منهاج السنة، في ضمن كلام له يذكر فيه عمر، ما لفظه: و لهذا لما استخلفه أبوبكر كره خلافته طائفة حتي قال له طلحة: ماذا تقول لربك اذا وليت علينا فظا غليظا؟ فقال: أبالله تخوفوني! أقول: و ليت عليهم خير أهلك [107] .

و رواه ابن جرير عن أسماء بنت عميس، و عن عثمان بن عبيدالله بن عبدالله بن عمر ابن الخطاب، قال: لما حضرت أبابكر الصديق الوفاة، دعا عثمان بن عفان فأملي عليه


عهده، ثم أغمي علي أبي بكر قبل أن يملي أحدا، فكتب عثمان «عمر بن الخطاب»، فأفاق أبوبكر فقال لعثمان: كتبت أحدا، فقال: ظننتك لما بك، و خشيت الفرقة، فكتبت «عمر ابن الخطاب»، فقال: يرحمك الله، أما كتبت نفسك لكنت لها أهلا، فدخل عليه طلحة ابن عبيدالله، و قال: أنا رسول من روائي اليك يقولون: قد علمت غلظة عمر علينا في حياتك، فكيف بعد وفاتك اذا أفضيت اليه أمورنا؟ و الله يسألك عنه، فانظر ما أنت قائل؟ فقال: أجلسوني، أبالله تخوفونني! قد خاب امري ظن من أمركم و هما، اذا سألني الله قلت: استخلفت علي أهلك خيرهم لهم، فأبلغهم هذا عني.

حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن اسحاق، عن الزهري، عن القاسم بن محمد، عن أسماء ابنة عميس، قالت: دخل طلحة بن عبيدالله علي أبي بكر، فقال: استخلفت علي الناس عمر، و قد رأيت ما يلقي الناس و منه أنت معه؛ فكيف به اذ خلا بهم! و أنت لاق ربك فسائلك عن رعيتك. فقال أبوبكر - و كان مضطجعا -: أجلسوني، فأجلسوه، فقال لطلحة: أبا لله تفرقني - أو أبالله تخوفني - اذا لقيت ربي فساءلني قلت: استخلفت علي أهلك خير أهلك [108] .

و قال الوصابي أيضا في كتاب الاكتفاء:[هذا الخبر الذي رواه ابن جرير عن أسماء بنت عميس]أخرجه اللالكائي في السنة.

و قال الوصابي أيضا في كتاب الاكتفاء: عن زيد بن الحارث، أن أبابكر حين حضره الموت أرسل الي عمر يستخلفه، فقال الناس: تستخلف علينا عمر؟ قال أبوبكر: أبربي تخوفوني! أقول: اللهم استخلفت عليهم خير أهلك، أخرجه عبدالرحمان بن سعد في الطبقات، و أخرجه ابن جرير في تهذيب الآثار، عن أسماء بنت عميس.

و قال حسين بن أحمد الدياربكري في كتابه المسمي بالخميس، في قصة استخلاف أبي بكر لعمر، ما لفظه: فقال طلحة و الزبير: ما كنت قائلا لربك اذا وليته مع غلظته؟ و في رواية قال طلحة: أتولي علينا فظا غليظا! ما تقول لربك اذا لقيته؟ [109] الي آخره.


ذكر اعتراف عمر بكونه غليظا شديدا: [110] قال ابن سعد في الطبقات في ترجمة عمر ما لفظه: أخبرنا وهب بن جرير، قال: خبرنا شعبة عن جامع بن سداد، عن ذي قرابة له، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: ثلاث كلمات اذا قلتها فهيمنوا عليها [111] ، اللهم اني ضعيف فقوني، اللهم اني غليظ فليني، اللهم اني بخيل فسخني [112] .

و قال ابن سعد أيضا في الطبقات: أخبرنا أبومعاوية الضرير عن الأعمش عن جامع ابن شداد عن أبيه (حكي ابن الجوزي في سيرة عمر و الدياربكري في تاريخ الخميس عنه)، قال: كان أول كلام تكلم به عمر حين صعد المنبر أن قال: اللهم اني شديد فليني، و اني ضعيف فقوني، و اني بخيل [113] فسخني [114] .

ذكر كون عمر أفظ و أغلظ بنص أزواج النبي صلي الله عليه و آله و سلم: قال محمد بن سعد البصري في كتابه الطبقات: أخبرنا محمد بن عمر، حدثني ابراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن الزهري عن عبدالحميد بن عبدالرحمان بن زيد بن الخطاب عن محمد بن سعد بن أبي وقاص، قال: استأذن عمر بن الخطاب علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و عنده نساء من قريش يكلمنه و يستكيسنه عالية أصواتهن، فلما استأذن عمر تبادرن الحجاب، فدخل عمر و رسول الله يضحك، فقال عمر: أضحك الله سنك يا رسول الله، فقال رسول الله: ضحكت من هؤلاء اللاتي كن عندي، فلما سمعن صوتك بادرن الحجاب، فقال عمر: يا عدوات أنفسهن! أتهبنني و لا تهبن رسول الله؟ قلن: أنت أغلظ و أفظ من رسول الله، فقال رسول الله: و الذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا الا سلك فجا غير فجك [115] .


أخبرنا محمد بن عمر، قال: و حدثني أبوبكر بن اسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن جده، قال: كن عنده نساء النبي صلي الله عليه و آله و سلم يستكسينه، فدخل عمر علي ذلك، فذكر كذلك [116] .

و قال أحمد بن حنبل الشيباني في مسنده: حدثنا يعقوب، حدثنا أبي عن صالح، قال ابن شهاب: أخبرني عبدالحميد بن عبدالرحمان بن محمد بن زيد، أن محمد بن سعد بن أبي وقاص، أخبرنا أن أباه سعد بن أبي وقاص، قال (و قال أيضا مسلم و البخاري في الصحيحين في كتاب مناقب عمر): استأذن عمر علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و عنده نساء من قريش يكلمنه و يستكثرنه عالية أصواتهن، فلما استأذن قمن يبتدرن الحجاب، فأذن له رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، يعني فدخل و رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يضحك، فقال عمر: أضحك الله سنك يا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي، فلما سمعن صوتك ابتدرن بالحجاب! قال عمر: فأنت يا رسول الله كنت أحق أن يهبن، ثم قال عمر: أي عدوات أنفسهن! أتهبنني و لا تهبن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم! قلن: نعم، أنت أغلظ و أفظ من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: و الذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا الا سلك فجا غير فجك [117] .

ذكر شدة عمر علي باكيات أبي بكر: قال محمد بن سعد بن منيع البصري في كتابه الطبقات في ترجمة أبي بكر، أخبرنا عثمان بن عمر، قال: أنبأنا يونس بن يزيد عن الزهري عن سعيد بن المسيب، قال: لما توفي أبوبكر، أقامت عليه عائشة النوح، فبلغ عمر، فجاء فنهاهن عن النوح علي أبي بكر، فأبين أن ينتهين، فقال لهشام بن الوليد: أخرج الي ابنة أبي قحافة، فعلاها بالدرة ضربات فتفرق النوائح حين سمعن ذلك، و قال: تردن أن يعذب أبوبكر ببكائكن، ان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم قال: ان الميت يعذب ببكاء أهله عليه.


قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: أخبرنا مالك بن أبي الرجال عن أبيه عن عائشة، قالت: توفي أبوبكر بين المغرب و العشاء، فأصبحنا، فاجتمع نساء المهاجرين و الأنصار و أقاموا النوح، و أبوبكر يغسل و يكفن، فأمر عمر بن الخطاب بالنوح ففرقن، فوالله علي ذلك ان كن ليفرقن و يجتمعن [118] .

و قال عزالدين ابن الأثير الجزري، في تاريخه المسمي الكامل: في ذكر وفاة أبي بكر، و أقامت عليه عائشة النوح، فنهاهن عن البكاء عمر، فأبين، فقال لهشام بن الوليد: ادخل فأخرج الي ابنة أبي قحافة، فأخرج اليه أم فروة ابنة أبي قحافة، فعلاها بالدرة ضربات فتفرق النوح حين سمعن ذلك [119] .

شدة عمر علي ابنته حفصة: قد سمعت آنفا ما تجرأ به عمر علي نساء الرسول صلي الله عليه و آله و سلم بمحضر منه، و لنذكر وقائع أخري حرية بالسمع و التدبر، واقعة ضرب عمر زوجته و ذكر ذلك عند رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

قال محمد بن سعيد البصري في كتاب الطبقات، أخبرنا محمد بن عمر، حدثتنا جارية ابن أبي عمران قالت: سمعت أباسلمة الحضرمي يقول: جلست مع أبي سعيد الخدري و جابر بن عبدالله، و هما يتحدثان و قد ذهب بصر جابر، فجاء رجل فسلم، ثم جلس فقال: يا أباعبدالله! أرسلني اليك عروة بن الزبير، أسألك فيم هجر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم نساءه، فقال جابر: تركنا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يوما و ليلة لم يخرج الي الصلاة، فأخذنا ما تقدم و ما تأخر، فاجتمعنا ببابه نتكلم ليسمع كلامنا و يعلم مكاننا، فأطلنا الوقوف فلم يأذن لنا و لم يخرج الينا، قال: فقلنا قد علم رسول الله مكانكم و لو أراد أن يأذن لكم لأذن، فتفرقوا لا تؤذوه، فتفرق الناس غير عمر بن الخطاب يتنحنح و يتكلم و يستأذن، حتي أذن له رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، قال عمر: فدخلت عليه و هو واضع يده علي خده أعرف به الكآبة، فقلت: أي نبي الله! بأبي أنت و أمي ما الذي رابك، و ما لقي الناس بعدك من


فقدهم لرؤيتك؟ فقال: يا عمر يسألنني أولاء ما ليس عندي، يعني نساءه، فذاك الذي بلغ مني ما تري.

فقلت: يا نبي الله! قد صككت جميلة بنت ثابت صكة ألصقت خدها منها بالأرض، لأنها سألتني مالا أقدر عليه، و أنت يا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم علي موعد من ربك و هو جاعل بعد العسر يسرا، قال: فلم أزل أكلمه حتي رأيت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قد تحلل عنه بعض ذلك [120] .

و قال أحمد بن حنبل الشيباني في المسند (و قال ابن كثير في تفسيره و السيوطي في الدر المنثور و عنه القنوجي في فتح البيان، و مثله أيضا قال مسلم في صحيحه، و قال محي السنة البغوي في تفسيره المسمي «معالم التنزيل» عن مسلم، و قال علاء الدين علي بن محمد الخازن البغدادي في تفسيره المسمي «لباب التأويل»): حدثنا عبدالملك بن عمرو و أبوعامر، قال: حدثنا زكريا يعني ابن اسحاق عن أبي الزبير عن جابر، قال: أقبل أبوبكر يستأذن علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و الناس ببابه جلوس، فلم يؤذن له، ثم أقبل عمر فاستأذن، فلم يؤذن له، ثم أذن لأبي بكر و عمر فدخلا و النبي صلي الله عليه و آله و سلم جالس و حوله نساؤه، و هو ساكت، فقال عمر رضي الله عنه: لأكلمن النبي صلي الله عليه و آله و سلم لعل يضحك. فقال عمر: يا رسول الله! لو رأيت بنت زيد امرأة عمر فسألتني النفقة آنفا فوجأت عنقها، فضحك النبي صلي الله عليه و آله و سلم حتي بدا نواجذه، قال: هن حولي كما تري يسألنني النفقة، فقام أبوبكر رضي الله عنه الي عائشة ليضربها، و قام عمر الي حفصة كذلك، و كلاهما يقولان: تسألان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم ما ليس عنده، فنهاهما رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فقلن نساؤه: والله لا نسأل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بعد هذا المجلس ما ليس عنده [121] .

و قال أيضا: حدثنا حسن، حدثنا ابن لهيعة، حدثنا أبوالزبير، سمع جابر بن عبدالله


أنه قال: ان أزواج رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم سألته النفقة فلم يوافق عنده شي ء حتي أحجرنه، فأتاه أبوبكر فاستأذن عليه فلم يؤذن له، ثم أتاه عمر فاستأذن عليه فلم يؤذن له، ثم استأذنا بعد ذلك فأذن لهما و وجداه بينهن، فقال له عمر: يا رسول الله! ان ابنة زيد سألتني النفقة فوجأتها أو نحو ذلك، و أراد بذلك أن يضحكه، فضحك حتي بدت نواجذه، و قال: و الذي نفسي بيده ما حبسني غير ذلك، فقاما الي ابنتيهما فأخذا بأيديهما، فقالا: أتسألان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بما ليس عنده، فنهاهما رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عنهما، فقالتا: لا نعود فعند ذلك التخيير [122] .

و قال الطبري في تفسيره: حدثني يعقوب بن ابراهيم، قال: حدثنا ابن علية عن أيوب عن أبي الزبير، أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لم يخرج صلاة، فقالوا: ما شأنه؟ فقال عمر: ان شئتم لأعلمن لكم شأنه، فأتي النبي صلي الله عليه و آله و سلم فجعل يتكلم و يرفع صوته حتي أذن له، قال: فجعلت أقول في نفسي: أي شي ء أكلم به رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لعله يضحك أو كلمه نحوها، فقلت: يا رسول الله! لو رأيت فلانة، و سألتني النفقة، فصككتها صكة، فقال ذلك: حبسني عنكم، فأتي حفصة فقال: لا تسألي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم شيئا ما كانت لك من حاجة فالي، ثم تتبع نساء النبي صلي الله عليه و آله و سلم فجعل يكلمهن، فقال لعائشة: أيغرك أنك امرأة حسناء، و أن زوجك يحبك، لتنتهين أو لينزلن فيك القرآن؟ قال: فقالت أم سلمة: يا ابن الخطاب! أو ما بقي لك الا أن تدخل بين رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و بين نسائه، و لن تسأل المرأة الا لزوجها، قال: و نزل القرآن: (يا أيها النبي قل لأزواجك ان كنتن تردن الحيوة الدنيا و زينتها فتعالين أمتعكن و أسرحكن سراحا جميلا و ان كنتن تردن الله و رسوله و الدار الآخرة فان الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما) [123] .

ذكر شدة عمر علي النساء الباكيات في عهد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: قال أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني في المسند: حدثنا يزيد، أخبرنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس، قال: لما مات عثمان بن مظعون قالت امرأته: هنئيا لك


الجنة يا عثمان بن مظعون، فنظر رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم اليها نظر غضبان فقال: و ما يدريك؟ قالت: يا رسول الله! فارسك و صاحبك، فقال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: والله اني رسول الله و ما أدري ما يفعل بي؟ فأشفق الناس علي عثمان. فلما ماتت زينب ابنة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: ألحقوها بسلفنا الصالح الخير عثمان بن مظعون، فبكت النساء، فجعل عمر يضربهن بسوطه، فأخذ رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يده و قال: مهلا يا عمر! ثم قال: ابكين، و اياكن و نعيق الشيطان، ثم قال: انه مهما كان من العين و القلب فمن الله عزوجل، و من الرحمة، و ما يكون من اللسان واليد فمن الشيطان [124] .

و في مسند أحمد أيضا: حدثنا عبدالله، حدثني أبي، حدثنا عبدالصمد و حسن بن موسي، قالا: حدثنا حماد عن علي بن زيد، قال أبي: حدثنا عفان، ثنا ابن سلمة، ثنا علي بن زيد بن يوسف بن مهران، عن ابن عباس، قال: لما مات عثمان بن مظعون قالت امرأته: هنيئا لك يا ابن مظعون بالجنة، قال: فنظر اليها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم نظرة غضبا فقال لها: ما يدريك، فوالله، اني لرسول الله ما أدري ما يفعل بي؟ قال عفان: و لابد، قالت: يا رسول الله! فارسك و صاحبك، فاشتد ذلك علي أصحاب رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حين قال ذلك لعثمان و كان من خيارهم.

حتي ماتت رقية ابنة رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، فقال: الحقي بسلفنا الخير عثمان بن مظعون، قال: و بكت النساء، فجعل عمر يضربهن بسوطه، فقال النبي صلي الله عليه و آله و سلم لعمر: دعهن يبكين، و اياكن و نعيق الشيطان، ثم قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: مهما يكن من القلب و العين فمن الله و الرحمة، و مهما كان من اليد و اللسان فمن الشيطان، و قعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم علي شفير القبر و فاطمة الي جنبه تبكي، فجعل النبي صلي الله عليه و آله و سلم يمسح عين فاطمة بثوبه رحمة لها [125] .

ذكر كراهة أم أبان لعمر و ابائها عن زوجيته و لسوء عشرته: قال الطبري في تاريخه


و ابن الأثير في الكامل في ذكر أسماء ولد عمر و نسائه: قال المدائني، و خطب أم أبان بنت عتبة بن ربيعة، فكرهته و قالت: يغلق بابه، و يمنع خيره، و يدخل عابسا، و يخرج عابسا [126] .

و أنت اذا أحطت خبرا بهذه الواقعات التي تشهد بغلظة عمر و فظاظته و شدة ظلمه و سوء خلقه مع النساء خاصة لا تستغرب في بطلان دعوي عقد سيدتنا أم كلثوم (س) مع عمر.

و من العجائب أن ثقات العلماء من العامة يروون أن عمر لما أراد أن يتزوج أم كلثوم بنت أبي بكر، و خطبها الي عائشة، استنكفت و أبت أم كلثوم و قالت: انه خشن العيش، شديد علي النساء [127] .

[هكذا ذكرناه في ص 608 - 607 عن تاريخ الطبري، و ص 657، كامل ابن الأثير من هذا الباب].

قال الزمخشري، في كتابه ربيع الأبرار، في الباب السادس و السبعين (قال أيضا الشيخ شهاب الدين محمد بن أحمد الخطيب الابشيهي في كتابه - المستطرف - الباب الرابع و السبعون في تحريم الخمر): أنزل الله سبحانه و تعالي في الخمر ثلاث آيات أولها قوله تعالي: (و يسألونك عن الخمر و الميسر قل فيهما اثم كبير و منافع للناس) الآية [128] ، فكان من المسلمين بين شارب و تارك، الي أن شرب رجل فدخل في الصلاة فهجر، فنزل قوله تعالي: (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة و أنتم سكاري حتي تعلموا ما تقولوا) [129] ، فشربها من شربها من المسلمين[و تركها من تركها] [130] ، حتي شربها عمر رضي الله عنه فأخذ لحي بعير وشج به رأس عبدالرحمان بن عوف، ثم قعد ينوح علي قتلي بدر، بشعر الأسود بن


يعفر [131] ، الذي يقول:



كائن بالقليب قليب بدر

من الفتيان و الشرب [132] الكرام



كائن بالقليب قليب بدر

من الشيزي المكلل بالسنام



أيوعدني ابن كبشة أن سنحيا

و كيف حياة أصداء وهام



أيعجز أن يرد الموت عني؟

و ينشرني و اذا بليت عظامي



ألا من مبلغ الرحمان عني

بأني تارك شهر الصيام



فقل لله: يمنعني شرابي

و قل لله: يمنعني طعامي



فبلغ ذلك رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فخرج مغضبا يجر رداءه، فرفع شيئا كان في يده ليضربه [133] به فقال: أعوذ بالله من غضبه و غضب رسوله، فأنزل الله تعالي: (انما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة و البغضاء في الخمر و الميسر و يصدكم عن ذكر الله و عن الصلاة فهل أنتم منتهون) [134] ، فقال عمر رضي الله عنه انتهينا انتهينا [135] .

و قال ابن الأثير الجزري في النهاية، في لغة حمز: و منه حديث عمر أنه شرب شرابا فيه حمازة، أي لدغ وحدة أو حموضة [136] .

و قال محمد بن محمود الخوارزمي في كتابه المسمي - جامع مسانيد أبي حنيفة -،


عن حماد عن ابراهيم عن عمر بن الخطاب، أتي بأعرابي قد سكر، فطلب له عذر، فلما أعياه قال: احبسوه فان صحا فاجلدوه، و دعا عمر بفضله و دعا بماء فصبه عليه فسكره ثم شرب و سقي أصحابه، ثم قال: هكذا فاكسروه بالماء اذا غلبكم شيطانه، قال: و كان يحب الشراب الشديد [137] .

أخرجه الحافظ الحسين بن محمد بن خسرو في مسنده، عن أبي القاسم بن أحمد بالاسناد السابق الي أبي حنيفة، و أخرجه الامام محمد بن الحسن في الآثار [138] ، فرواه عن أبي خيثمة [139] .

و قال أبوبكر محمد بن أبي سهل السرخسي في كتابه - المبسوط -: و عن محمد بن الزبير رضي الله عنه قال: استشار الناس عمر رضي الله عنه في شراب مرقق، فقال رجل من النصاري: انا نصنع شرابا في صومنا، فقال عمر رضي الله عنه ائتني بشي ء منه، قال: فأتاه بشي ء منه، قال: ما أشبه هذا بطلاء الابل، كيف تصنعونه؟ قال: نطبخ العصير حتي يذهب ثلثاه و يبقي ثلثه، فصب عليه عمر رضي الله عنه ماء و شرب منه ثم ناوله عبادة، ما أري النار تحل شيئا، فقال عمر: يا أحمق أليس يكون خمرا ثم يصير خلا فتأكله [140] .

و قال السرخسي أيضا في المبسوط: و عن عمر رضي الله عنه أنه أتي بنبيذ الزينب فدعا بماء و صبه عليه و شرب، و قال: ان النبيذ زبيب الطائف غراما [141] .

و روي عتبة بن مرثد أيضا، قال: قدمت علي عمر بحلولاء من بلاد فارس، في سلال عظام، فقال: ما هذه؟ قلت: طعام طيب، أتيتك به، قال: ويحك! و لم خصصتني به؟ قلت: أنت رجل تقضي حاجات الناس أول النهار، فأحببت اذا رجعت الي منزلك أن


ترجع الي طعام طيب، فتصيب منه فتقوي علي القيام بأمرك. فكشف عن سلة منها، فذاق فاستطاب، فقال: عزمت عليك يا عتبة اذا رجعت الا رزقت كل رجل من المسلمين مثله! قلت: و الذي يصلحك يا أميرالمؤمنين! لو أنفقت عليه أموال قيس كلها لما وسع ذلك، قال: فلا حاجة لي فيه اذا. ثم دعا بقصعة من ثريد، و لحم غليظ، و خبر خشن، فقال: كل، ثم جعل يأكل أكلا شهيا، و جعلت أهوي الي البضعة البيضاء أحسبها سناما، و اذا هي عصبة، و أهوي الي البضعة من اللحم أمضغها، فلا أسيغها، و اذا هي من علباء العنق، فاذا غفل عني جعلتها بين شعير الخوان و القصعة. فدعا بعس من نبيذ كاد يكون خلا، فقال: اشرب، فلم أستطعه و لم أسغه أن أشرب، فشرب، ثم نظر الي و قال: ويحك! انه ليس بدرمك العراق وودكه، ولكن ما تأكله أنت و أصحابك.

ثم قال: اسمع، انا ننحر كل يوم جروزا، فأما أوراكها و ودكها و أطايبها فلمن حضرنا من المهاجرين الأنصار، و أما عنقها فلآل عمر، و أما عظامها و أضلاعها فلفقراء المدينة، نأكل من هذا اللحم الغث، و نشرب بمن هذا النبيذ الخاثر، و ندع لين الطعام ليوم تذهل كل مرضعة عما أرضعت، و تضع كل ذات حمل حملها [142] .

قال علي المتقي في كنز العمال: عن عتبة بن فرقد قال: قدمت علي عمر بسلال خبيص، فقال: ما هذا؟ فقلت: طعام أتيتك به لأنك تقضي في حاجات الناس أول النهار، فأحببت اذا رجعت أن ترجع طعام فتصيب منه فقواك، فكشف عن سلة منها، فقال: عزمت عليك يا عتبة، أرزقت كل رجل من المسلمين سلة؟ فقلت: يا أميرالمؤمنين! لو أنفقت مال قيس كلها ما وسعت ذلك، قال: فلا حاجة لي فيه، ثم دعا بقصعة ثريد خبزا خشنا و لحما غليظا و هو يأكل معي أكلا شهيا، فجعلت أهوي الي البضعة البيضاء أحسبها سناما، فاذا هي عصبة.

و البضعة من اللحم أمضغها فلا أسيغها، فاذا غفل عني جعلتها بين الخوان و القصعة،


ثم دعا بعس من نبيذ قد كاد أن يكون خلا، فقال: اشرب، فأخذته و ما أكاد أسيغه، ثم أخذه فشرب، ثم قال: اسمع يا عتبة! انا ننحر كل يوم جزورا فأما ودكها و أطائبها فلمن حضرنا من آفاق المسلمين، و أما عنقها فلآل عمر، يأكل هذا اللحم الغليظ، و نشرب هذا النبيذ الشديد، و يقطع في بطوننا أن يؤذينا [143] .

قال الحاكم النيسابوري في المستدرك و قال علي المتقي في كنز العمال: عن أبي وائل قال: غزوت مع عمر الشام، فنزلنا منزلا، فجاء دهقان يستدل علي أميرالمؤمنين، حتي أتاه، فلما رأي الدهقان عمر سجد، فقال عمر: ما هذا السجود؟ فقال: هكذا نفعل بالملوك، فقال عمر: اسجد لربك الذي خلقك؟ فقال: يا أميرالمؤمنين! اني قد صنعت لك طعاما، فأتني، فقال عمر: هل في بيتك من تصاوير العجم؟ قال: نعم، قال: لا حاجة لي في بيتك، ولكن انطلق فابعث لنا بلون من الطعام و لا تزدنا عليه، فانطلق فبعث اليه بطعام فأكل منه، ثم قال عمر لغلامه: هل في اداوتك شي ء من ذلك النبيذ؟ قال: نعم، فأتاه [144] فصبه في اناء، ثم شمه فوجده منكر الريح، فصب عليه ماء شمه فوجده منكر الريح، فصب عليه ماء ثلاث مرات ثم شربه، ثم قال: اذا رابكم من شرابكم شي ء فافعلوا به هكذا، ثم قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: لا تلبسوا الديباج و الحرير، و لا تشربوا في آنية الفضة و الذهب، فانها لهم في الدنيا و لنا في الآخرة [145] .

و قال ولي الله في ازالة الخلفاء و في الموطأ ما صورته: مالك، عن يحيي بن سعيد، عن عبدالرحمان بن القاسم، أن أسلم مولي عمر بن الخطاب أخبره، أنه زار عبدالله بن عياش المخزومي، فرأي عنده نبيذا و هو بطريق مكة، فقال له أسلم: ان هذا الشراب يحبه عمر ابن الخطاب، فحمل عبدالله بن عياش قدحا عظيما، فجاء به الي عمر بن الخطاب، فوضعه


بين يديه، فقربه عمر الي فيه ثم رفع رأسه، فقال عمر: ان هذا لشراب طيب، فشرب منه، ثم ناداه رجلا عن يمينه، فلما أدبر عبدالله، ناداه عمر بن الخطاب فقال: أأنت القائل لمكة خير من المدينة؟ فقال عبدالله: فقلت: هي حرم الله و أمنه و فيها بيته، فقال عمر: لا أقول في بيت الله و لا في حرمه شيئا، ثم قال عمر: أأنت القائل لمكة خير من المدينة؟ قال: هي حرم الله و أمنه و فيها بيته، فقال عمر: لا أقول في حرم الله و لا في بيته شيئا، ثم انصرف [146] .

و أورد محمد بن سعد البصري في كتاب الطبقات في ترجمة عمر خبرا يشتمل علي قتل عمر، و فيه: فقال له الناس ليس عليك بأس، فدعا بنبيذ فشربه، فخرج من جرحه، ثم دعا بلبن فشربه، فخرج من جرحه [147] .

و ذكر ابن سعد في الطبقات خبرا آخر و فيه: فحمل عمر الي منزله، فأتي الطبيب فقال: أي الشرب أحب اليك؟ قال: النبيذ، قال: فدعا بنبيذ فشرب منه، فخرج منه احدي طعناته، فقالوا: انما هذا الصديد صديد الدم، قال: فدعا بلبن فشرب منه فخرج، فقال: أوص بما كنت موصيا، فوالله ما أراك تمسي [148] .

و ذكر ابن سعد في الطبقات خبرا آخر في قتل عمر و فيه: فاحتمل عمر فدخل الناس عليه، فقال: يا عبدالله بن عباس! اخرج فناد في الناس: أيها الناس! ان أميرالمؤمنين يقول: أعن ملأ منكم هذا؟ فقالوا: معاذ الله ما علمنا و لا أطلعنا، فقال: أدعوا لي طبيبا، فدعي له الطبيب فقال: أي شراب أحب اليك؟ قال: نبيذ، فسقي نبيذا فخرج من بعض طعناته، فقال الناس: هذا صديد، اسقوه لبنا، فسقي لبنا فخرج، فقال الطبيب: ما أري أن تمسي فما كنت فاعلا فأفعل [149] .


و قاله أيضا ابن قتيبة الدينوري في الامامة و السياسة في ذكر مقتل عمر مثله، و قاله أيضا ابن عبدالبر في الاستيعاب في ترجمة عمر في ذكر مقتله مثله، و قاله أيضا في الرياض النضرة في ذكر أن قتل عمر كان قبل الدخول في الصلاة [150] .

و ذكر ابن سعد في الطبقات خبرا آخر و فيه: ان عمر بن الخطاب لما طعن، قال الناس: يا أميرالمؤمنين! لو شربت شربة، قال: اسقوني نبيذا و كان من أحب الشراب اليه، قال: فخرج النبيذ من جرحه مع صديد الدم، فلم يتبين لهم ذلك أنه شرابه الذي شرب، فقالوا: لو شربت لبنا، فاتي به، فلما شرب اللبن، خرج من جرحه، فلما رأي بياضه بكي و أبكي من حوله من أصحابه، فقال: هذا حين لو أن لي ما طلعت عليه الشمس لافتديت به من هول المطلع [151] .

و ذكر ابن سعد في الطبقات في ترجمة عمر خبرا آخر، و فيه قال: أتي عمر بن الخطاب بشراب حين طعن، فخرج من جراحته، فقال صهيب: وا عمراه، وا أخاه من لنا بعدك؟ فقال له عمر: مه يا أخي! أما شعرت أنه من يعول عليه يعذب [152] .

قال: أخبرنا عبيدالله بن موسي، عن اسرائيل بن يونس، عن كثير النواء، عن أبي عبيد مولي ابن عباس، عن ابن عباس، قال: كنت مع علي، فسمعنا الصيحة علي عمر، قال: فقام و قمت معه حتي دخلنا عليه البيت الذي هو فيه، فقال: ما هذا الصوت، فقالت له امرأة: سقاه الطبيب نبيذا فخرج، و سقاه لبنا فخرج، فقال: لا أري تمسي، فما كنت فاعلا فافعل، فقالت أم كلثوم: وا عمراه، و كان معها نسوة، فبكين معها، و ارتج البيت بكاء، فقال عمر: والله لو أن لي ما علي الأرض من شي ء لافتديت به من هول المطلع، فقال ابن عباس: والله اني لأرجو أن لا تراها الا مقدار ما قال الله: (و ان منكم الا واردها) [153] .


ان كنت ما علمنا لأميرالمؤمنين و أمين المؤمنين و سيد المؤمنين تقضي بكتاب الله و تقسم بالسوية. فأعجبه قولي فاستوي جالسا، فقال: أتشهد لي بهذا يا ابن عباس؟ قال: فكففت، فضرب علي كتفي فقال: اشهد لي بهذا يا ابن عباس، قال: قلت: نعم، أنا أشهد [154] .

وقال الطبري في تاريخه، في ذكر مقتل عمر، قال: فجعل يدخل عليه المهاجرون و الأنصار، فيسلمون عليه و يقول لهم: أعن ملأ منكم كان هذا؟ فيقولون: معاذ الله، قال: و دخل في الناس كعب، فلما نظر اليه عمر أنشأ يقول:



فأوعدني كعب ثلاثا أعدها

و لا شك أن القول ما قال لي كعب



و ما بي حذار الموت اني لميت

ولكن حذار الذنب يتبعه الذنب



قال: فقيل له: يا أميرالمؤمنين! لو دعوت الطبيب، قال: فدعي طبيب من بني الحارث بن كعب، فسقاه نبيذا، فخرج نبيذ مشكلا، قال: فاسقوه لبنا، قال: فخرج اللبن محضا، فقيل له: يا أميرالمؤمنين! اعهد، قال: قد فرغت [155] .

الموسوي الهندي، افحام الأعداء و الخصوم، /125 - 46

و يتلخص الرأي في جميع ما تقدم: ان أباحفص كان يهوي أم كلثوم بنت أبي بكر، الذي كان أبوحفص صاحبه المتميز و خليفته، و كانت السيدة الجليلة أختها قد وعدته بأن يقنع أم كلثوم أختها بالرضا به، ولكن أم كلثوم عدلت عن ذلك و لم ترض به و حنثت بوعدها، فقرروا أن يفوز أبوحفص بمن يهوي و هو أحق الناس بذلك، و أن يشيعوا أن الذي فاز بها أم كلثوم، ابنة علي و فاطمة، فيضربوا عدة عصافير بحجر واحد كما يقول المثل. فمن جهة فاز أبوحفص بمن يهوي، من جهة أخري كانوا قد انتقموا من علي و فاطمة عدوهما اللدودين حسب رأيهما - و لبلوغ هذه الغاية، أشادوا بالسيدة، فجعلوها أفضل


أزواجه صلي الله عليه و آله و سلم، أفضلهن جمالا و علما و فقها، أراها له جبرئيل عليه السلام - و هي في السابعة من عمرها أو لم تبلغها في سراقة من حرير، فهواها صلي الله عليه و آله و سلم و لم يتخذ زوجا بكرا غيرها، و أشادوا بأبي حفص و جعلوه أعدل رجلين، و أنه طلب الزواج من ابنة فاطمة الصديقة الطاهرة عليهاالسلام - لأنه سمعه صلي الله عليه و آله و سلم يقول: «كل نسب و سبب سينقطع يوم القيامة الا نسبي و حسبي» - و لفقوا ما أمكنهم و ان كان متناقضا و متهافتا، فألجؤوا أولاد الصديقة الطاهرة عليهاالسلام و شيعتها الي الاتقاء منهم، فأصبح كلامهم في ذلك متناقضا و متهافتا، اذ لم يكن يمكنهم التصريح بواقع الأمر، و هكذا الحال في تراجم و سير الأئمة عليهم السلام، كالامام الحسن عليه السلام و أولاد و أزواجه، و أولاد الحسين عليه السلام كالسيدة فاطمة و السيدة سكينة، و أعانهم عليه قوم آخرون و هم بنو أمية الذين كانوا يرون في علي أميرالمؤمنين عليه السلام خصمهم الذي لا يستحق أن يرحم بعد أن فاز بالخلافة التي ما زانته بل زانها، و الذي حرمهم من خليفتهم عثمان الذي قتله الثائرون، لأنه أبي أن ينزع قميصا ألبسه الله للناس، و اشترك مع هؤلاء الزبيريون، الذين كانوا ينتصرون للناكثين طلحة و الزبير، الذين تطوعا للبيعة لأميرالمؤمنين عليه السلام و أسرعا لنكث بيعتهما و أشعلا الحرب عليه، فقتل أحدهما بسهم مروان و الآخر بسيف ابن جرموز، فلفقوا ما لفقوا و حرفوا ما حرفوا و لا يسع المجال الا لهذه الاشارة.

العلامة محمدرضا الجعفري



پاورقي

[1] سورة الأحزاب: 21.

[2] الطبقات الکبري 12 - 11: 8 (ط ليدن).

[3] الرياض النضرة 144: 3 (ط بيروت).

[4] أسد الغابة 520: 5 (ط بيروت).

[5] الفسيل: النخل الصغير و کل عود يقطع من شجرته.

[6] و في رواية: ما عندي الا درعي الحطمية.

[7] الرياض النضرة 143 - 142: 3 (ط بيروت). جواهر العقدين: 302 - 301 (ط بيروت). کفاية الطالب: 302 ، 298 (ط دار احياء التراث لأهل البيت).

[8] الرياض النضرة 145 - 144: 3 (ط بيروت). ذخائر العقبي: 30 - 29 (ط بيروت).

[9] أشعة اللمعات 670: 4 (ط الهند 1220).

[10] نورالدين علي بن سلطان محمد الهروي القاري الحنفي، المتوفي 1014، عالم مشارک في أنواع من العلوم. خلاصة الأثر 185: 3. البدر الطالع 445: 1. معجم المؤلفين 100: 7.

[11] مرقاة المفاتيح 574: 5.

[12] الروض الأنف، 354/1 (ط عبدالسلام - مصر).

[13] المعارف 113: 1 (ط مصر، طبع بالأفست في قم).

[14] المعارف 179: 1 (ط مصر، طبع بالأفست في قم).

[15] المعارف 245: 1 (ط مصر، طبع بالأفست في قم).

[16] سيرة ابن‏اسحاق: 97 تحت رقم 132.

[17] تاريخ دمشق، 351 ، 350/22، و مختصر ابن‏منظور، 162/9.

[18] مثالب العرب، /88 (ط بيروت).

[19] ابن أبي الحديد 69 ، 68 ، 67: 11 (ط دار احياء الکتب العربية)، و حکاه أيضا مجدالدين الفيروزآبادي في القاموس.

[20] تاج العروس 281: 4 (ط مصر)، و ج 17 (دار الهداية - بيروت)، /173.

[21] تاريخ الطبري 280: 3 (ط دار المعارف - مصر). الغدير 158: 7.

[22] مرآة الزمان، لم يطبع بعد، و مخطوطاته في ترکيا.

[23] تاريخ الطبري 415: 3 (ط مصر).

[24] تاريخ الطبري 401: 3 (ط مصر).

[25] أبوبکر محمد بن سيرين البصري، المتوفي 110. تهذيب الأسماء و اللغات 83: 1. تاريخ الاسلام 192: 4. الأعلام 52: 7. روضات الجنات 249: 7.

[26] مرآة الزمان.

[27] مرآة الزمان.

[28] النهاية 139: 1 (ط مصر، طبع بالأفست في مؤسسة اسماعيليان بقم).

[29] النهاية 449: 1.

[30] لسان العرب 214: 2 (ط دار صادر - بيروت).

[31] لسان العرب 162: 2 (ط دار صادر - بيروت).

[32] تاج العروس 9: 2 (ط مصر) و ج 5 (ط دار الهداية - بيروت)، /42.

[33] تاج العروس 265: 8 (ط مصر).

[34] العقد الفريد 36 - 35: 1 (ط دار الفکر). صبحي الأعشي 386: 6. جمهرة رسائل العرب 201: 1.

[35] ابن أبي الحديد 44 - 43: 12 (ط دار احياء الکتب العربية).

[36] الفائق 198: 1. الأزهري، تهذيب اللغة، 122: 8. لسان العرب، 3: 5 (دار صادر - بيروت).

[37] النهاية 15: 1 (ط اسماعيليان).

[38] النهاية 338: 3 (ط اسماعيليان).

[39] تاج العروس 436: 3 (ط مصر).[قوله: أولا حملتني البغايا في غبرات المآلي، أما البغايا فانها الفواجر و المآلي في الأصل: خرق تمسکهن النوائح اذا نحن يشرن بها بأيديهن... واحدتها مئلاة، و انما أراد عمرو خرق المحيض، فشبهها بتلک المآلي. و أما الغبرات فانها البغايا، واحدتها: غابر، ثم تجمع غبر ثم غبرات جمع الجمع].

[40] غريب الحديث 162 - 161: 4 (ط دار المعارف عثمانية بحيدر آباد دکن). العقد الفريد 106: 4 (ط دار الفکر). شرح نهج‏البلاغة لابن أبي الحديد 39: 12 (ط دار احياء الکتب العربية).

[41] ابن أبي الحديد 39: 12 (ط دار احياء الکتب العربية).

[42] علاءالدين علي بن حسام الدين بن عبدالملک الجونبوري الهندي، المتوفي 975. فقيه محدث واعظ مشارک في بعض العلوم له تصانيف. کشف الظنون: 1989 ، 675 ، 597 ، 561. هدية العارفين 746: 1. النور السافر: 314.

[43] کنزالعمال 427 - 426: 4. هامش مسند ابن‏حنبل (ط بيروت).

[44] المتوفي 413..

[45] ولي الله عبدالرحيم العمري الدهلوي، المتوفي 1176، محدث مفسر فقيه أصولي له آثار: هدية العارفين 500: 2. معجم المؤلفين 169: 13. قرة العينين: 98 ط الهند، 131 حجر. تاريخ الطبري 219: 4 (سنة 23: شي‏ء من سيرة ما لم يمض ذکره...) (ط دار المعارف - مصر). الاستيعاب بهامش الاصابة 464: 2 (ط بيروت). زهر الآداب و ثمر الآداب 36: 1.

[46] کان حيا قبل 1303. ايضاح المکنون 575 ، 522: 1..

[47] (فان حاجک فيه من بعدما جاءک من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا و أبناءکم و نساءنا و نساءکم و أنفسنا و أنفسکم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله علي الکاذبين) آل عمران: 61.

[48] جمال الدين محمد بن أمين المکي الحنفي، کان حيا 96. الکني و الألقاب 345: 1. شذرات الذهب 243: 8، کشف الظنون: 577: 3.

[49] رشفة الصادي: 40.

[50] جمال الدين محمد بن أبي‏بکر الأشخر الزبيدي اليمني الشافعي، المتوفي 991، فقيه أصولي، نحوي، نسابة، ناظم، مشارک في علوم. النور السافر: 390. الشذرات 425: 8. البدر الطالع 146: 2، ايضاح المکنون 363: 2. الأعلام 285: 6. هدية العارفين 257: 2.

[51] اتفقت کلمة النبي الأعظم صلي الله عليه و آله و سلم و کلمات الصحابة و التابعين علي أن أفضل الأمة بعد الرسول الأقدس صلي الله عليه و آله و سلم هو أميرالمؤمنين عليه‏السلام، بلا منازع، و قد روي الهيثمي عن عبدالله بن مسعود قال: کنا نتحدث أن أفضل أهل المدينة علي بن زبي طالب. مجمع الزوائد 152: 9 (ط دار الفکر). الرياض النظرة 209: 2.

و قول ابن‏عباس بعدما سأله معاوية عن علي بن أبي‏طالب: رحم الله أباالحسن، کان والله علم الهدي، و کهف التقي، و محل الحجا، و طور البها، و نور السري... و أفضل من حج و سعي. الاستيعاب 456: 2. فضائل الخمسة 246: 2..

[52] شمس الدين محمد بن أحمد بن أبي‏سهر السهرخسي الحنفي، المتوفي حدود 483. متکلم أصولي مجتهد، سجن مدة طويلة و کتب المبسوط في السجن. معجم المؤلفين 239: 8.

[53] المبسوط 23: 5.

[54] رشفة الصادي.

[55] الغدير 177: 3.

[56] غلام علي آزاد بن نوح الحسيني الواسطي، المتوفي 1194. فقيه مؤرخ عالم بالأدب، له مؤلفات. الأعلام 314: 5. معجم المؤلفين 41: 8. کتابهاي چاپي فارسي 3. 71. 3.

[57] فضائل الصحابة لابن حنبل 626: 2 رقم 1070.

[58] سند السادات.

[59] سورة البقرة: 44.

[60] الفائق 156: 2.

[61] من الفائق.

[62] الفائق 476: 2.

[63] شرح ابن أبي الحديد 163: 12 (ط دار احياء الکتب العربية).

[64] تاج العروس 54: 9 (ط مصر).

[65] جاء في هامش المخطوطة: طالع باب ذکر اصهار النبي صلي الله عليه و آله و سلم من صحيح البخاري، و باب فضائل فاطمة من صحيح مسلم.

[66] مسند أحمد بن حنبل 324: 4. فضائل الصحابة 758: 20 رقم 1333. ذخائر العقبي: 38 (ط بيروت). جواهر العقدين: 350 (ط بيروت) (راجع ج 12: زواج الحسن و الحسن عليه‏السلام).

[67] شيخ بن عبدالله بن شيخ بن عبدالله العيدروسي اليمني الشافعي، المتوفي 99. النور السافر: 372. الشذرات 423: 8. ايضاح المکنون 520 ، 258: 1، ج 664 ، 212 ، 111 ، 7: 2.

[68] العقد النبوي، الغدير 20: 3، و ج 231 ، 174: 7.

[69] الامامة و السياسة 20 - 19: 1 (ط مؤسسة الحلبي و شرکاء مصر).

[70] الامامة و السياسة 18: 1.

[71] عالم فقيه محدث کثير الأدب ثقة ورع، أثني عليه المحدثون، و رووا عنه مصنفاته. فهرست الطوسي: 3، الکني و الألقاب 163: 2. معالم العلماء: 18. جامع الرواة 52: 1.

[72] شرح ابن أبي الحديد 57 - 56: 2 و 49 - 48: 6 (ط مصر، طبع بالأفست في دار احياء الکتب العربية).

[73] أبوبکر عبدالله بن محمد بن ابراهيم بن عثمان بن أبي شيبة الکوفي، المتوفي 235، فقيه محدث حافظ مؤرخ مفسر. تذکرة الحفاظ 18: 2. تاريخ بغداد 66: 10. البداية و النهاية 315: 10. النجوم الزاهرة 282: 2.

[74] [ابن أبي الحديد: الزبير و المقداد يختلفان في جماعة من الناس الي علي عليه‏السلام و هو في بيت فاطمة، فيتشاوران و يتراجعون أمورهم].

[75] [ابن أبي الحديد: الزبير و المقداد يختلفان في جماعة من الناس الي علي عليه‏السلام و هو في بيت فاطمة، فيتشاوران و يتراجعون أمورهم].

[76] المصنف 567: 15 رقم 18891 (ط بمبئي)، 572: 8 (ط بيروت).

[77] الاستيعاب 246 - 245: 2 (ط بيروت بهامش الاصابة) و شرح ابن أبي الحديد 45: 2. جمع الجوامع و کنز العمال 651: 5 (ط بيروت).

[78] تاريخ الطبري 202: 3 (ط مصر).

[79] العقد الفريد 12: 5 (ط دار الفکر).

[80] وزير بني الأخشيد، مات 391. أعيان الشيعة 88: 16. ايضاح المکنون 481: 2. معجم المؤلفين 142: 3.

[81] سليم بن قيس: 587 - 585: 2 (ط قم).

[82] أبوالفداء اسماعيل بن علي بن محمود الشافعي الحموي، المتوفي 732، الملک المؤيد صاحب حماة، و قد تمکن من الفقه و التاريخ و الطب و الهيئة. الکني و الألقاب 136: 1. الدرر الکامنة 371: 1. طبقات الشافعية 84: 6. فوات الوفيات 16: 1. الشذرات 98: 6. ايضاح المکنون 382: 2: 1.

[83] المختصر في أخبار البشر 156: 1.

[84] الشريف علم الهدي المرتضي أبوالقاسم علي بن الحسين بن موسي بن محمد بن ابراهيم ابن الامام موسي الکاظم عليه‏السلام، مات 436، سيد علماء الامة و محيي آثار الأئمة و مجددي مذهب الامامية في رأس المائة الرابعة.

[85] الشافي.

[86] أحد فرسان أهل النظر و الکلام علي مذهب المعتزلة، و له في ذلک تصانيف، مات 231. لسان الميزان 67: 1. معجم المصنفين 158: 3. تاريخ بغداد 97: 6. فهرست ابن‏النديم: 186.

[87] الملل و النحل 57: 1 (ط بيروت).

[88] ابراهيم بن سيار 14: 6 رقم 2444.

[89] الوافي بالوفيات 17: 6 (ط بيروت).

[90] تذکرة الحفاظ 884: 3 رقم 852 (ط بيروت).

[91] ميزان الاعتدال 139: 1 (ط دار المعرفة - بيروت).

[92] مرآة الزمان.

[93] السيرة الحلبية 362: 3 (ط مصر، طبع بالأفست في دار احياء التراث العربي).

[94] صحيح مسلم 236: 3 باب حکم الفي‏ء حديث 49 (ط دار الحديث - القاهرة).

[95] الطبقات الکبري 191 - 190: 3 (ط ليدن، ترجمة عمر بن الخطاب).

[96] الطبقات 191: 3 (ط ليدن، ترجمة عمر بن الخطاب).

[97] [الاستيعاب: في انصرافه من حجته التي لم يحج بعدها الحمدلله].

[98] [الاستيعاب: في انصرافه من حجته التي لم يحج بعدها الحمدلله].

[99] [أضاف في ابن أبي الحديد: أذکر و أنا].

[100] [أضاف في الاستيعاب: غليظا].

[101] [أضاف في ابن أبي الحديد: اليوم].

[102] تاريخ الطبري 219: 4 (سنة 23: شي‏ء من سيرة سالم...). الاستيعاب، هاشم الاصابة 464: 2 (ط بيروت) و شرح ابن أبي الحديد 64: 12 (ط دار احياء الکتب العربية).

[103] أبويوسف يعقوب بن ابراهيم بن حبيب الأنصاري البغدادي، مات 182، فقيه أصولي مجتهد محدث حافظ عالم بالتفسير و المغازي و أيام العرب. تاريخ بغداد 242: 14. الکامل لابن الأثير 53: 6. تذکرة الحفاظ 269: 1. البداية و النهاية 180: 10. تاج التراجم: 60. مفتاح السعادة: 100.

[104] الخراج: 11.

[105] الطبقات الکبري 142: 3 (ط ليدن)، و الرياض النظرة 260: 1 (ط بيروت)، و الصواعق المحرقة: 53 (ط بولاق 1324)، و کنز العمال 675: 5 رقم ذيل حديث 14175.

[106] المصنف 574: 8 رقم 1 (ط بيروت)، و کنز العمال 678: 5 رقم 14178.

[107] منهاج السنة 170: 2 (ط بولاق).

[108] تاريخ الطبري 432: 3 (ط مصر).

[109] تاريخ الخميس 241: 2 (ط مصر، طبع بالأفست في مؤسسة شعبان للنشر و التوزيع - بيروت).

[110] [قال علي المتقي في کنز العمال، عن جامع بن شداد عن أبيه، قال: کان أول کلام تکلم به عمر ابن‏الخطاب حين صعد المنبر، أن قال:].

[111] [قال علي المتقي في کنز العمال، عن جامع بن شداد عن أبيه، قال: کان أول کلام تکلم به عمر ابن‏الخطاب حين صعد المنبر، أن قال:].

[112] الطبقات 197 - 196: 3 (ط ليدن)، و کنز العمال 683: 5 رقم 14186.

[113] [ابن أبي‏الحديد: شحيح].

[114] الطبقات 196: 3 (ط ليدن)، و سيرة عمر: 278، و شرح ابن أبي‏الحديد 31: 12 (ط دار احياء الکتب العربية)، و تاريخ الخميس 241: 2 (ط بيروت).

[115] الطبقات 181: 8 (ط دار صادر - بيروت) و 131 - 130: 8 (ط ليدن). الغدير 94: 8، نقلا عن البخاري.

[116] الطبقات 181: 8 (ط دار صادر - بيروت)، و 131: 8 (ط ليدن).

[117] مسند أحمد 171: 1 (ط بيروت). صحيح مسلم 169 - 168: 4 کتاب فضائل الصحابة رقم 2396. صحيح البخاري مناقب عمر 459: 2 رقم 3683، کتاب الأدب باب التبسم و الضحک رقم 6085. شرح ابن أبي‏الحديد 178 - 177: 12.

[118] الطبقات 148: 3 (ط ليدن).

[119] الکامل في التاريخ 288: 2 (ط بيروت). تاريخ الطبري 323: 3 (ط مصر).

[120] الطبقات 179: 8 (ط دار صادر - بيروت)، 129: 8 (ط ليدن).

[121] مسند أحمد بن حنبل 328: 3 (ط بيروت). صحيح مسلم 543 - 542: 2 رقم 1478 کتاب الطلاق رقم 29، و معالم التنزيل 210: 5، هامش تفسير الخازن و تفسير الخازن 11: 5، و تفسير ابن‏کثير 18: 8 بهامش فتح الباري و الدر المنثور 194: 5 (ط بيروت)، و فتح البيان 270: 7.

[122] مسند أحمد بن حنبل 342: 3 (ط بيروت).

[123] سورة الأحزاب: 29 - 28. تفسير الطبري 99: 2 (ط دار المعرفة - بيروت).

[124] مسند أحمد 237: 1 (ط بيروت). مستدرک الحاکم 190: 3 (ط دار الفکر - بيروت). مسند أبي‏داود الطيالسي: 351 رقم 2694 (ط دار المعرفة - بيروت). مجمع الزوائد: 107: 3 رقم 4046 (ط دار الفکر). الغدير 159: 6.

[125] مسند أحمد 335: 1 (ط بيروت).

[126] تاريخ الطبري 200: 4 (ط مصر)، و الکامل 29: 3 (ط بيروت).

[127] المصدر السابق.

[128] سورة البقرة: 219.

[129] سورة النساء: 43.

[130] [من المستطرف].

[131] أبونهشل الأسود بن يعفر الدارمي التميمي، شاعر جاهلي من سادات تميم من أهل العراق، کان فصيحا جوادا. الشعر و الشعراء: 78. طبقات ابن‏سلام: 32. خزانة الأدب 195: 1. الموشح: 81.

[132] [المستطرف: العرب].

[133] [المستطرف: فضربه].

[134] سورة المائدة: 91.

[135] الغدير 251: 6، نقلا عن ربيع الأبرار 51: 4 (ط بغداد). المستطرف 260: 2. تفسير الطبري 211: 2 (ط المعرفة). مسند أحمد 53: 1 (ط بيروت). سنن النسائي 287: 8 کتاب الأشربة (ط مصر). تاريخ الطبري 22: 7. سنن البيهقي 285: 8 (ط مصر، طبع بالأفست في دار المعرفة - بيروت). أحکام القرآن 245: 2. المستدرک 278: 2 (دار الفکر - بيروت)، تفسير القرطبي 200: 5 (دار احياء التراث العربي - بيروت). تفسير الخازن 513: 1. فتح الباري 225: 8. الدر المنثور 165: 3 (ط دار الفکر - بيروت).

[136] النهاية 440: 1 (ط اسماعيليان).

[137] جامع مسانيد أبي‏حنيفة 192: 2.

[138] الآثار: 226.

[139] السنن النسائي 326: 8 (ط مصر). أحکام القرآن 565: 2.

[140] المبسوط 7: 24.

[141] المصدر السابق 8: 24.

[142] شرح ابن أبي‏الحديد 36 - 35: 12 (ط دار احياء الکتب العربية).

[143] کنز العمال 627: 12 رقم 3536، نقلا عن ابن أبي‏شيبة، محاضرات الراغب 319: 1. السنن الکبري 299: 8 في هامشه (ط مصر، طبع بالأفست في دار المعرفة - بيروت). الغدير 257: 6.

[144] [المستدرک: قال: فابعث لنا].

[145] المستدرک 82: 3 (ط دار الفکر - بيروت)، و کنز العمال 630: 12 رقم 35943 (مؤسسة الرسالة - بيروت).

[146] الموطأ 894: 2، کتاب الجامع رقم 21 (ط دار احياء التراث العربي - بيروت).

[147] الطبقات الکبري 244: 3 (ط ليدن).

[148] الطبقات 246: 3، عن عمرو بن ميمون (ط ليدن).

[149] الطبقات 247: 3، عن عمرو بن ميمون (ط ليدن).

[150] الامامة و السياسة 26: 1، عن عمرو بن ميمون (مؤسسة الحلبي و شرکاء للنشر و التوزيع)، و الاستيعاب 461 - 460: 2 هامش الاصابة (ط بيروت)، و الرياض النضرة 411 - 410: 2 (ط بيروت).

[151] الطبقات 257: 3، عن عبدالله بن عبيد بن عمير (ط ليدن).

[152] الطبقات 263: 3، عن محمد بن سيرين (ط ليدن).

[153] مريم: 71.

[154] الطبقات 255: 3 (ط ليدن).

[155] تاريخ الطبري 193: 4 (ط مصر).