بازگشت

حياة السيدة زينب في المدينة بعد وقعة الطف و الي وفاتها


حدثنا زهران بن مالك، قال: سمعت عبدالله بن عبدالرحمان العتبي، يقول: حدثني موسي بن سلمة، عن الفضل بن سهل، عن علي بن موسي، قال: أخبرني قاسم بن عبدالرزاق و علي بن أحمد الباهلي، قالا: أخبرنا مصعب بن عبدالله، قال: كانت زينب بنت علي و هي بالمدينة تؤلب الناس علي القيام بأخذ ثأر الحسين، فلما قام عبدالله بن الزبير بمكة و حمل الناس علي الأخذ بثأر الحسين و خلع يزيد، بلغ ذلك أهل المدينة، فخطبت فيهم زينب و صارت تؤلبهم علي القيام للأخذ بالثار، فبلغ ذلك عمرو بن سعيد فكتب الي يزيد يعلمه بالخبر، فكتب اليه أن فرق بينها و بينهم، فأمر أن ينادي عليها بالخروج من المدينة و الاقامة حيث تشاء.

فقالت: قد علم الله ما صار الينا، قتل خيرنا، و سقنا كما تساق الأنعام و حملنا علي الأقتاب، فوالله لا خرجنا؛ و ان أهريقت دماؤنا.

فقالت لها زينب بنت عقيل: يا ابنة عماه! قد صدقنا الله وعده و أورثنا الأرض نتبوأ منها حيث نشاء فطيبي نفسا و قري عينا و سيجزي الله الظالمين، أتريدين بعد هذا هوانا، ارحلي الي بلد أمن، ثم اجتمع عليها نساء بني هاشم [1] و تلطفن معها في الكلام و واسينها [2] .

و بالاسناد المذكور مرفوعا الي عبيدالله ابن أبي رافع قال: سمعت محمد أباالقاسم بن علي يقول: لما قدمت زينب بنت علي من الشام الي المدينة مع النساء و الصبيان ثارت فتنة بينها و بين عمرو بن سعيد الأشدق و الي المدينة [3] من قبل يزيد، فكتب الي يزيد يشير عليه بنقلها من المدينة [4] ، فكتب له بذلك فجهزها هي و من أراد السفر معها من نساء بني هاشم الي مصر فقدمتها لأيام بقيت من رجب [5] .

حدثني أبي، عن أبيه، عن جدي، عن محمد بن عبدالله، عن جعفر بن محمدالصادق،


عن أبيه، عن الحسن بن الحسن قال: لما خرجت عمتي زينب من المدينة خرج معها من نساء بني هاشم فاطمة ابنة عم الحسين و أختها سكينة.

و حدثني أبي قال: روينا بالاسناد المرفوع الي علي بن محمد بن عبدالله قال: لما دخلت مصر في سنة 145 سمعت عسامة المعافري يقول: حدثني عبدالملك بن سعيد الأنصاري، قال: حدثني وهب بن سعيد الأوسي، عن عبدالله بن عبدالرحمان الأنصاري، قال: رأيت زينب بنت علي بمصر بعد قدومها بأيام، فوالله ما رأيت مثلها، وجهها كأنه شقة قمر.

و بالسند المرفوع الي رقية بنت عقبة بن نافع الفهري، قالت: كنت فيمن استقبل زينب بنت علي لما قدمت مصر بعد المصيبة، فتقدم اليها مسلمة بن مخلد و عبدالله بن الحارث و أبوعميرة المزني فعزاها مسلمة و بكي، فبكت و بكي الحاضرون و قالت: (هذا ما وعد الرحمن و صدق المرسلون) [6] ثم احتملها الي داره بالحمراء. فأقامت به أحد عشر شهرا و خمسة عشر يوما و توفيت و شهدت جنازتها، و صلي عليها مسلمة بن مخلد في جمع بالجامع، و رجعوا بها فدفنوها بالحمراء بمخدعها من الدار بوصيتها.

حدثني اسماعيل بن محمد البصري - عابد مصر و نزيلها - قال: حدثني حمزة المكفوف، قال: أخبرني الشريف أبوعبدالله القرشي، قال: سمعت هند بنت أبي رافع بن عبيدالله بن رقية بنت عقبة بن نافع الفهري تقول: توفيت زينب بنت علي عشية يوم الأحد لخمسة عشر يوما مضت من رجب سنة 62 من الهجرة، و شهدت جنازتها و دفنت بمخدعها بدار مسلمة المستجدة بالحمراء القصوي حيث بساتين عبدالله بن عبدالرحمان بن عوف الزهري.

العبيدلي، أخبار الزينبات، /122 - 115 - عنه: السابقي، مرقد العقيلة زينب، /85 - 83؛ موسي محمد علي، السيدة زينب، /140 - 137

مسجد راوية مستجد علي[قبر]أم كلثوم. و أم كلثوم هذه ليست بنت رسول الله صلي الله عليه و سلم التي كانت عند عثمان، لأن تلك ماتت في حياة النبي صلي الله عليه و سلم، و دفنت بالمدينة، و لا هي أم


كلثوم بنت علي من فاطمة التي تزوجها عمر بن الخطاب لأنها ماتت هي و ابنها زيد بن عمر بالمدينة في يوم واحد و دفنا بالبقيع، [7] و انما هي امرأة من أهل البيت سميت بهذا الاسم، و لا يحفظ نسبها، و مسجدها مسجد بناه رجل قرقوبي من أهل حلب [8] . [9] .

ابن عساكر، تاريخ دمشق، 2 - 5 - 204/2 - عنه: الأمين، أعيان الشيعة، 136/7؛ السابقي، مرقد العقيلة زينب، /108

رواية [10] [11] بكسر الواو و ياء مثناة من تحت مفتوحة [12] بلفظ راوية الماء [13] قرية من غوطة دمشق بها قبر أم كلثوم.

ياقوت الحموي، معجم البلدان، 743/2 - عنه: الأمين، أعيان الشيعة، 136/7؛ الهاشمي، عقيلة بني هاشم، /69

زينب الكبري (رضي الله عنها) بنت علي بن أبي طالب رضي الله عنه - و أمها فاطمة (رضي الله تعالي عنها) - أخت سيدنا الحسن و الحسين (رضي الله عنهما). و هي مدفونة بقرية راوية قرب حجيرا من غوطة دمشق المعروفة بقبر الست. (9 آ)[ثم ذكر زوجها و أولادها كما ذكرناه].

وذكر[ها]ابن طولون في مصنف له فيها، و ذكر لها مناقب و كرامات. و مشهدها الحاوي من الجلالة و الاكرام ما هو لائق بمنصب بنت الكرام (رضي الله عنها).

قال الشيخ أبوبكر الموصلي في كتابه «فتح الرحمان»: بقيت نحو اثنتي عشر سنة أزور السيدة زينب الكبري بنت علي بن أبي طالب (رضي الله عنها)، و هي أخت الحسن و الحسين و محسن الذي مات صغيرا، و كلهم من فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و سلم. و هي مدفونة بقرية بقرب دمشق يقال لها (راوية). و كنت لما أزورها لا أدخل قبرها و لا أستقبله بوجهي، بل أنحرف عنها لكونها أم المؤمنين (كذا)، علي صورة ما ذكره العلماء أن يعامل الزائر


الميت كما يعامله لو كان حيا. فبعض الأيام زرتها علي هذه الحالة، و نمت فرأيتها خرجت من قبرها و اذا بها (9 ب) امرأة محترمة متجالة. فقالت: يا بني! زادك الله أدبا، ان جدي و أصحابه كانوا يزورون أم أيمن حاضنته بعد موتها، و ان أبابكر رضي الله عنه قال لعمر رضي الله عنه: اذهب بنا نزول أم أيمن. انتهي. [14]

العدوي، الزيارات، /23 - 21

قال الشيخ الشعراني في متنه: أخبرني سيدي علي الخواص، أن السيدة زينب المدفونة بقناطر السباع ابنة الامام علي [15] ، و أنها في هذا المكان بلا شك، و كان يخلع نعله من عتبة الدرب و يمشي حافيا حتي يجاوز مسجدها و يقف تجاه وجهها و يتوسل [16] الي الله تعالي في أن الله يغفر له ا ه. [17] و في سنة ثلاث و سبعين و مائة و ألف جدد رحابها و وسعه حضرة


المشار اليه أحسن الله وقوفه بين يديه [18] . [19] .


الصبان، اسعاف الراغبين، /218 - مثله الشبلنجي، نور الأبصار، /379 ، 377؛ المازندراني، معالي السبطين، 224/2؛ موسي محمد علي، السيدة زينب، /146

ان أهل السير ذكروا أنها لم تمكث بعد أخيها الا يسيرا و قد قيل: انها توفيت بعد ورود المدينة بثمانين يوما و ان قبرها بها ولكن لها قبر معروف بالشام و آخر بمصر و من شاء شرح ذلك فليراجع كتب السير، و عمرها حين توفيت دون الستين و لم أتحقق تاريخ وفاتها فتفحص.

المامقاني، تنقيح المقال، 80/2 - 3

(تنبيهات الأول) ان في خارج دمشق موضعا يعرف بالزينبية و فيه بقعة يقال: انها بقعة زينب الكبري بنت أميرالمؤمنين، ولكن لم أعثر في المزارات المعتبرة و المقاتل ما يؤيد ذلك بل قد صرح الفاضل ميرزا عباس قليخان المستوفي في تاريخه الطراز المذهب بأن الذي يصح عنده أن زينب لما رجعت من الشام توفيت بالمدينة المنورة و دفنت هناك، قال: و لا أدري متي كان وفاتها، ثم قال: و أظن أن البقعة المزبورة هي لزينب الصغري بنت الحسين عليه السلام، أو لأحد بناتها أو أحفادها هذا. و نقل بعض الموثقين عن أستاده المحدث النوري [20] انه وقع قحط عظيم في المدينة، و أن عبدالله بن جعفر انتقل الي الشام فرارا من القحط، و من قصده الرجوع الي المدينة بعد ارتفاع القحط عنها، و كانت زينب معه. فاتفق أنها مرضت في أيام اقامتها في الشام في القرية التي فيها المزار الآن فماتت هناك في ضيعة في تلك القرية، انتهي.

[21] و يحتمل أن تكون البقعة لزينب الصغري بنت أميرالمؤمنين عليه السلام المكناة بأم كلثوم. قال ابن جبير في رحلته: و من مشاهد أهل البيت (رضي الله عنهم) مشهد أم كلثوم ابنة علي ابن أبي طالب (رضي الله عنهما) و يقال لها: زينب الصغري و أم كلثوم كنية أوقعها النبي


صلي الله عليه و آله و سلم عليها لشبهها بابنته أم كلثوم (رضي الله عنها) و الله أعلم بذلك و مشهدها الكريم بقرية قبل البلد تعرف برواية علي مقدار فرسخ و عليه مشهد كبير و خارجه مساكن و له أوقاف و أهل هذه الجهات يعرفونه بقبر الست أم كلثوم مشينا اليه و تبركنا برؤيته، نفعنا الله بذلك.

آل بحرالعلوم، تحفة العالم، 236 - 235/1 - عنه: السابقي، مرقد العقيلة زينب، /192

محل قبرها: يجب أن يكون قبرها في المدينة المنورة فانه لم يثبت أنها بعد رجوعها للمدينة خرجت منها و ان كان تاريخ وفاتها و محل قبرها بالبقيع و كم من أهل البيت أمثالها من جهل محل قبره و تاريخ وفاته خصوصا النساء و فيما الحق برسالة (نزهة أهل الحرمين في عمارة المشهدين) في النجف و كربلاء المطبوعة بالهند، نقلا عن رسالة تحية أهل القبور بالمأثور عند ذكر قبور أولاد الأئمة عليهم السلام ما لفظه: و منهم زينب [22] الكبري بنت أميرالمؤمنين عليه السلام و كنيتها أم كلثوم [23] قبرها في قرب زوجها عبدالله بن جعفر الطيار خارج دمشق الشام معروف جاءت مع زوجها عبدالله بن جعفر أيام عبدالملك بن مروان الي الشام سنة المجاعة ليقوم عبدالله بن جعفر في ما كان له من القري و المزارع خارج الشام حتي تنقضي المجاعة فماتت زينب هناك و دفنت في بعض تلك القري هذا هو التحقيق في وجه دفنها هناك و غيره غلط لا أصل له [24] فاغنتنم فقدوهم في ذلك جماعة فخبطوا العشواء [25] ا ه بحروفه.

و في هذا الكلام من خبط العشواء مواضع:

(أولا) ان زينب الكبري لم يقل أحد من المؤرخين أنها تكني بأم كلثوم فقد ذكرها المسعودي و المفيد و ابن طلحة و غيرهم و لم يقل أحد منهم أنها تكني أم كلثوم بل كلهم سموها زينب الكبري و جعلوها مقابل أم كلثوم الكبري و ما استظهرناه من أنها تكني أم


كلثوم ظهر لنا أخيرا فساده كما مر في ترجمة زينب الصغري.

(ثانيا) قوله قبرها في قرب زوجها عبدالله بن جعفر، ليس بصواب و لم يقله أحد، فقبر عبدالله بن جعفر بالحجاز ففي عمدة الطالب و الاستيعاب و أسد الغابة و الاصابة و غيرها أنه مات بالمدينة و دفن بالبقيع، و زاد في عمدة الطالب القول بأنه مات بالأبواء و دفن بالأبواء و لا يوجد قرب القبر المنسوب اليها براوية قبر ينسب لعبدالله بن جعفر.

(ثالثا) مجيئها مع زوجها عبدالله بن جعفر الي الشام سنة الجماعة لم نره في كلام أحد من المؤرخين مع مزيد التفتيش و التنقيب و ان كان ذكر في كلام أحد من أهل الأعصار الأخيرة فهو حدس و استنباط كالحدس و الاستنباط من صاحب التحية، فان هؤلاء لما توهموا أن القبر الموجود في قرية راوية خارج دمشق منسوب الي زينب الكبري و ان ذلك أمر مفروغ منه، مع عدم ذكر أحد من المؤرخين، لذلك استنبطوا لتصحيحه وجوها بالحدس و التخمين لا تستند الي مستند، فبعض قال: ان يزيد (عليه اللعنة) طلبها من المدينة، فعظم ذلك عليها، فقال لها ابن أخيها زين العابدين عليه السلام: «انك لا تصلين دمشق»، فماتت قبل دخولها و كأنه هو الذي عده صاحب التحية غلطا لا أصل له، و وقع في مثله، وعده غنيمة، و هو ليس بها، وعد غيره خبط العشواء و هو منه، فاغتنم فقدوهم كل من زعم أن القبر الذي في قرية راوية منسوب الي زينب الكبري، و سبب هذا التوهم ان من سمع أن في رواية قبرا ينسب الي السيدة زينب سبق الي ذهنه زينب الكبري لتبادر الذهن الي الفرد الأكمل، فلما لم يجد أثرا يدل علي ذلك لجأ الي استنباط العلل العليلة. و نظير هذا أن في مصر قبرا و مشهدا يقال له مشهد السيدة زينب و هي زينب بنت يحيي و تأتي ترجمتها و الناس يتوهمون أنه قبر السيدة زينب الكبري بنت أميرالمؤمنين عليه السلام، و لا سبب له الا تبادر الذهن الي الفرد الأكمل و اذا كان بعض الناس اختلق سببا لمجي ء زينب الكبري الي الشام و وفاتها فيها، فماذا يختلقون لمجيئها الي مصر؟ و ما الذي أتي بها اليها؟ لكن بعض المؤلفين من غيرنا رأيت له كتابا مطبوعا بمصر غاب عني الآن اسمه ذكر لذلك توجيها بأنه يجوز أن تكون نقلت الي مصر بوجه خفي علي الناس. مع أن زينب التي بمصر هي زينب بنت يحيي حسنية أو حسينية كما يأتي، و حال زينب التي براوية حالها.


(رابعا) لم يذكر مؤرخ أن عبدالله بن جعفر كان له قري و مزارع خارج الشام حتي يأتي اليها و بقوم بأمرها، و انما كان يفد علي معاوية فيجيزه فلا يطول أمر تلك الجوائز في يده حتي ينفقها بما عرف عنه من الجود المفرط، فمن أين جاءته هذه القري و المزارع؟ و في أي كتاب ذكرت من كتب التواريخ؟

(خامسا) ان كان عبدالله بن جعفر له قري و مزارع خارج الشام كما صورته المخيلة فما الذي يدعوه للاتيان بزوجته زينب معه و هي التي أتي بها الي الشام أسيرة بزي السبايا و بصورة فظيعة و أدخلت علي يزيد مع ابن أخيها زين العابدين و باقي أهل بيتها بهيأة مشجية، فهل من المتصور أن ترغب في دخول الشام و رؤيتها مرة ثانية و قد جري عليها بالشام ما جري؟ و ان كان الداعي للاتيان بها معه هو المجاعة بالحجاز فكان يمكنه أن يحمل غلات مزارعه الموهومة الي الحجاز أو يبيعها بالشام و يأتي بثمنها الي الحجاز ما يقوتها به فجاء بها الي الشام لاحراز قوتها فهو مما لا يقبله عاقل، فابن جعفر لم يكن معدما الي هذا الحد مع أنه يتكلف من نفقة احضارها و احضار أهله أكثر من نفقة قوتها فما كان ليحضرها وحدها الي الشام و يترك باقي عياله بالحجاز جياعي.

(سادسا) لم يتحقق أن صاحبة القبر الذي في راوية تسمي زينب، لو لم يتحقق عدمه فضلا عن أن تكون زينب الكبري، و انما هي مشهورة بأم كلثوم كما مر في ترجمة زينب الصغري لا الكبري، علي أن زينب لا تكني بأم كلثوم و هذه مشهورة بأم كلثوم.

الأمين، أعيان الشيعة، 141 - 140/7

قبر الست الذي في قرية راوية: يوجد في قرية تسمي راوية علي نحو فرسخ من دمشق الي جهة الشرق، قبر و مشهد يسمي قبر الست، و وجد علي هذا القبر صخرة رأيتها و قرأتها كتب عليها: «هذا قبر السيدة زينب المكناة بأم كلثوم بنت سيدنا علي رضي الله عنه» و ليس فيها تاريخ، و صورة خطها تدل علي أنها كتبت بعد الستمائة من الهجرة، و لا يثبت بمثلها شي ء، و مع مزيد التتبع و الفحص لم أجد من أشار الي هذا القبر من المؤرخين سوي ابن جبير في رحلته، و ياقوت في معجمه، و ابن عساكر في تاريخ دمشق، و ذلك


يدل علي وجود هذا القبر من زمان قديم و اشتهاره. [26] قال ابن جبير في رحلته: التي كانت في أوائل المائة السابعة عند الكلام علي دمشق ما لفظه و من مشاهد أهل البيت (رضي الله عنهم) مشهد أم كلثوم ابنة علي بن أبي طالب (رضي الله عنهما)، و يقال لها: زينب الصغري و أم كلثوم كنية أوقعها عليها النبي صلي الله عليه و سلم لشبهها بابنته أم كلثوم (رضي الله عنها)، والله أعلم بذلك و مشهدها الكريم بقرية قبلي البلد تعرف براوية علي مقدار فرسخ و عليه مسجد كبير و خارجه مساكن و له أوقاف و أهل هذه الجهات يعرفونه بقبر الست أم كلثوم مشينا اليه و بتنا به و تبركنا برؤيته نفعنا الله بذلك ا [27] ه.

[ثم ذكر كلام ياقوت الحموي و ابن عساكر كما ذكرناه].

فابن جبير و ان سماها زينب الصغري و كناها أم كلثوم حاكيا أن الرسول صلي الله عليه و آله و سلم كناها بذلك الا أن الظاهر أن ذلك اجتهاد منه بدليل قوله: ان أهل هذه الجهات يعرفونه بقبر الست أم كلثوم مما دل علي أنها مشهورة بأم كلثوم دون زينب و قوله: أولا الله أعلم بذلك مشعر بتشكيكه في ذلك، و ياقوت و ابن عساكر كما سمعت لم يصرحا باسم أبيها و لا بأنها تسمي زينب بل اقتصرا علي تسميتها بأم كلثوم فقط [28] و من هنا قد يقع الشك في أنها بنت علي عليه السلام فضلا عن أن اسمها زينب و يظن أنها امرأة من أهل البيت لم يحفظ نسبها كما قال ابن عساكر. و ان كان ما اعتمد عليه في ذلك غير صواب لتعدد من تسمي بأم كلثوم من بنات علي و عدم انحصارهن في زوجة عمر، و كيف كان فلو صح أنها زينب الصغري فهي التي كانت تحت محمد بن عقيل فما الذي جاء بها الي راوية دمشق ولكن ذلك لم يصح كما عرفت، و ان كانت أم كلثوم كما هو الظاهر لدلالة كلام ابن جبير و ياقوت و ابن عساكر [29] علي اشتهارها بذلك، فليست أم كلثوم الكبري لما مر ابن عساكر [30] .


فيتعين كونها اما أم كلثوم الوسطي زوجة مسلم بن عقيل التي تزوجها عبدالله بن جعفر بعد قتل زوجها و وفاة أختها زينب الكبري.

و اما أم كلثوم الصغري التي كانت مزوجة ببعض ولد عقيل.

و حينئذ فمجي ء احداهما الي الشام و وفاتها في تلك القرية و ان كان ممكنا عقلا لكنه مستبعد عادة.

هذا علي تقدير صحة انتساب القبر الذي في راوية الي أم كلثوم بنت علي، لكن قد عرفت أنه ليس بيدنا ما يصحح ذلك لولم يوجد ما ينفيه. ثم أنه ليس في كلام من تقدم نقل كلامهم ما يدل علي أن من تسمي بزينب تكني بأم كلثوم سوي كلام المفيد.

الأمين، أعيان الشيعة، 137 - 136/7 - عنه: السابقي، مرقد العقيلة زينب، /137 - 136

و في كتاب نهضة الحسين للسيد الجليل السيد هبة الدين (دام علاه) قال:[...]

و قد أفرغ [31] لسان الملك ترجمتها في مجلد خاص بها من موسوعة ناسخ التواريخ و جاء في الخيرات الحسان و غيره: ان مجاعة أصابت المدينة فرحل عنها عبدالله بن جعفر بأهله الي الشام في ضيعة له هناك و قد حمت زوجته زينب عليهاالسلام من وعثاء السفر أو ذكريات أحزان و أشجان من عهد سبي يزيد لآل الرسول صلي الله عليه و آله و سلم ثم توفيت علي أثرها في نصف رجب سنة خمس و ستين من الهجرة و دفنت هناك حيث المزار المشهور [32] ، و قال جماعة: ان هذا لزينب الصغري كما هو مرسوم علي صخرة القبر، و أن الكبري توفيت بمصر و دفنت عند قناطر السباع حيث المزار المشهور بالقاهرة، انتهي.

النقدي، زينب الكبري (الهامش)، /30 - 29 - مثله المازندراني، معالي السبطين، 225 - 224/2؛ الميانجي، العيون العبري، /307؛ الزنجاني، وسيلة الدارين، /433 - 432؛ السابقي، مرقد العقيلة زينب، /198

(أما السفرة الرابعة) الي مصر، علي قول النسابة العبيدلي، فسيأتي تفصيلها عند


تحقيق مدفنها ان شاء الله تعالي.

ان من المأسوف عليه، أن حملة التأريخ علي توسعهم في سرد القصص و الأحوال في أشياء كثيرة، ربما يكون القارئ في غني عنها، أهملوا حقائق من التاريخ تمس اليها حاجة المنقب، و تساق اليها طلبة الباحث، و لسنا الآن في صدد الأسباب الباعثة علي ذلك، و لعلها لا تخفي علي الناقد البصير، غير أن المهم في هذا الكتاب هي ناحية واحدة أصبحت من مواضيعه، و هو البحث عن وفاة (عقيلة بني هاشم زينب الكبري)، و تحري الوقوف علي مدفنها، و ان كانت المصادر التي نستمد منها لا تخلو جملة منها من تشويش و اضطراب، و علي العلات فنحن نتقدم الي القارئ الكريم ما قيل في ذلك و نحيل الحكم اليه.

(فقيل): انها توفيت و دفنت في المدينة المنورة، و كان ذلك بعد رجوعهم من الشام، ذكره صاحب الطراز عن بحر المصائب، و لو صح هذا، لبقي لعظيمة بنت الوحي أثر خالد و مشهد يزار كما بقي لمن دونها في المرتبة من بني هاشم، بل لمن يمت اليهم بالولاء من رجالات الأمة.

(و قيل): انها توفيت حوالي الشام، نقله صاحب الطراز أيضا عن أنوار الشهادة و بحرالمصائب، في تفصيل لا مقيل له من ظل الحقيقة، و هو بالروايات الخرافية أشبه، فالاعراض عنه أجدر.

(و قيل): انها توفيت في الشام، نقله في الطراز أيضا عن كنز الأنساب، لكن قائله تفرد بروايته قصة في ذلك لم تتأكد.

(و قيل): انها توفيت في احدي قري الشام، نسبه في الطراز أيضا الي بعض المتأخرين، و تلهج الألسن في سبب ذلك بحديث المجاعة التي أصابت أهل المدينة المنورة فهاجرت مع زوجها عبدالله الي الشام و توفيت هنالك.

و هو حديث لا أثر له في كتب التأريخ و السير و الأنساب و التراجم، و لم يذكره المنقبون في الآثار ممن كتب في أهل البيت، كالكليني و الصدوق، و الشيخ المفيد، و السيد المرتضي، و الشيخ الطوسي، و ابن شهر آشوب، و الطبرسي، و ابن الفتال، و العلامة الحلي، و ابن


طاوس، و الوزير الاربلي، و المجلسي الذي جمع فأوعي، و قد احتوت مكتبته علي ما لا يوجد في غيرها من آلاف الكتب، و تبرز هو في الاحاطة بالسير و الآثار و أخبار أهل البيت عليهم السلام، الي غيرهم كسبط ابن الجوزي و ابن الصباغ المالكي، و ابن طلحة الشافعي، و الحافظ الكنجي، و ابن الصبان، و الشبلنجي، و المحب الطبري، و البدخشي، و السيد علي الهمداني الي نظرائهم، و ما أدري (و لا المنجم يدري) من أين جاء القائل بحديث المجاعة، و قد خلت عنه زبر الأولين الذين هم أقرب عهدا بأمثال هذه الوقائع من هذا القائل و ذويه؟ و أغرب من ذلك أن بعض من (يدعي وصلا بليلي) عزاه الي كتاب لم نجده فيه بعض الفحص و التتبع.

و ذكر النسابة العبيدلي في (أخبار الزينبات) علي ما حكاه عنه مؤلف كتاب (السيدة زينب) ص 21: ان زينب الكبري بعد رجوعها من أسر بني أمية الي المدينة أخذت تؤلب الناس علي يزيد بن معاوية، فخاف (عمر بن سعيد الأشدق) انتقاض الأمر، فكتب الي يزيد بالحال، فأتاه كتاب يزيد يأمره بأن يفرق بينها و بين الناس، فأمر الوالي باخراجها من المدينة الي حيث شاءت، فأبت الخروج من المدينة و قالت: «قد علم الله ما صار الينا، قتل خيرنا، و سقنا كما تساق الأنعام، و حملنا علي الأقتاب، فوالله لا أخرج و ان أهرقت دماؤنا»، فقالت لها زينب بنت عقيل: «يا ابنة عماه! قد صدقنا الله وعده و أورثنا الأرض نتبوء منها حيث نشاء، فطيبي نفسا و قري عينا و سيجزي الله الظالمين، أتريدين بعد هذا هوانا؟ ارحلي الي بلد آمن»؛ ثم اجتمع عليها نساء بني هاشم و تلطفن معها في الكلام فاختارت (مصر)، و خرج معها من نساء بني هاشم فاطمة ابنة الحسين و سكينة، فدخلت مصر لأيام بقيت من ذي الحجة، فاستقبلها (الوالي مسلمة ابن مخلد الأنصاري) في جماعة معه، فأنزلها داره بالحمراء، فأقامت به أحد عشر شهرا و خمسة عشر يوما و توفيت عشية يوم الأحد، لخمسة عشر يوما مضت من رجب سنة اثنتين و ستين هجرية، و دفنت بمخدعها في دار مسلمة المستجدة بالحمراء القصوي [33] ، حيث


بساتين عبدالله بن عبدالرحمان بن عوف الزهري، انتهي نص العبيدلي.

و نقل الموافقة له في الدفن الشريف، ناشر كتاب الزينبات، عن ابن عساكر الدمشقي في تاريخه الكبير، و المؤرخ ابن طولون الدمشقي في الرسالة الزينبية، و وجدنا الموافقة له أيضا في كتاب (لواقح الأنوار) للشعراني ص 23 ج 1، و في كتاب (اسعاف الراغبين) للشيخ محمد صبان ص 196 بهامش نور الأبصار، و في كتاب (نور الأبصار) للشبلنجي ص 166، و في (الاتحاف) للشبراوي ص 93، و في (مشارق الأنوار) للشيخ حسن العدوي ص 100 نقلا عن الشعراني في الأنوار القدسية و المنن و عن العلامة المناوي في طبقاته، و عن جلال الدين السيوطي في رسالته الزينبية، و عن العلامة الأجهوري في رسالته علي مسلسل عاشوراء.

قال مؤلف كتاب (السيدة زينب) ص 60: ثم بعد مرور عام علي وفاتها، و في نفس اليوم الذي توفيت فيه، اجتمع أهل مصر قاطبة و فيهم الفقهاء و القراء و غير ذلك، و أقاموا لها موسما عظيما برسم الذكري علي ما جرت به العادة، و من ذلك الحين لم ينقطع هذا الموسم الي وقتنا هذا، من يوم وفاتها الي الآن و الي ما شاء الله، و هذا الموسم المذكور هو المعبر عنه بالمولد الزينبي، الذي يبتدئ من أول شهر رجب من كل سنة، و ينتهي ليلة الختام، و تحيي هذه الليالي بتلاوة آي القرآن الحكيم و الأذكار الشرعية، و يكون لذلك مهرجان عظيم و يفد الناس من كل فج عميق الي زيارة ضريحها الشريف، و كذلك يقصدها الناس بالزيارة بكثرة، لا سيما في يوم الأحد، و هي عادة قديمة ورثها الخلف عن السلف، قال: و الأصل في ذلك أن أفضل ما يزار فيه الولي من الأيام هو اليوم الذي توفي فيه، بل قالوا لا يزار الا في هذا اليوم، ان علم ذلك، و الا ففي اليوم المجمع عليه جريا علي العادة، و السيدة (رضي الله عنها) و أرضاها لا يقصدها الزائرون بكثرة الا في هذا اليوم، اقتداء بما تواتر عن أسلافهم، و كان يزورها كافور الأخشيدي في ذلك اليوم كما كان


يزور السيدة نفيسة بنت سيدي الحسن في يوم الخميس، و كذلك كان يفعل أحمد بن طولون، و كان الظافر بنصر الله الفاطمي لا يزورها الا في نفس هذا اليوم، و اذا أتي الي مقامها الشريف يأتي حاسر الرأس، مترجلا، و يتصدق عند قبرها و ينذر لها النذور و غير ذلك، و اقتفي أثر هؤلاء من جاء بعدهم من الملوك و السلاطين و الأمراء، و كان الظاهر جقمق أحد ملوك مصر في القرن الثامن الهجري يوقد له في هذا اليوم الشموع، و تنار أرجاء المشهد بالقناديل الملونة، و لازم زيارتها في هذا اليوم كثير من العلماء و الأولياء و أهل الفضل، و لا زال ذلك جاريا الي الآن.

المشهد الزينبي في مصر: يتحدث في وصف هذا المشهد الرحالة أبوعبدالله محمد الكوهيني الفاسي الأندلسي، و قد دخل القاهرة في 14 محرم سنة 369، و الخليفة يومئذ أبوالنصر نزار بن المعز لدين الله أبو تميم معد الفاطمي، فزار جملة من المشاهد، من بينها هذا المشهد، (قال): دخلنا مشهد زينب بنت علي فوجدناه داخل دار كبيرة، و هو في طرفها البحري يشرف علي الخليج، فنزلنا اليه بدرج، وعاينا الضريح، فوجدنا عليه دربوزا قيل لنا: انه من القماري، فاستبعدنا ذلك، لكن شممنا منه رائحة طيبة، و رأينا بأعلي الضريح قبة بناؤها من الجص، و رأينا في صدر الحجرة ثلاثة محاريب أطولها الذي في الوسط، و علي ذلك كله نقوش غاية في الاتقان، و يعلو باب الحجرة زليجة قرأنا فيها بعد البسملة: (و أن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا) (هذا ما أمر به عبدالله و وليه أبوتميم أميرالمؤمنين الامام العزيز بالله صلوات الله تعالي عليه و علي آبائه الطاهرين و أبنائه المكرمين، أمر بعمارة هذا المشهد علي مقام السيدة الطاهرة بنت الزهراء البتول زينب بنت الامام علي بن أبي طالب صلوات الله تعالي عليها و علي آبائها الطاهرين و أبنائها المكرمين). و في القرن السادس، أيام الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب، أجري في هذا المشهد عمارة أمير مصر، و نقيب الأشراف الزينبيين بها، الشريف فخرالدين ثعلب الجعفري الزينبي، صاحب البساتين التي عرفت بمنشاة ابن ثعلب، و منشئ المدرسة الشريفية التي تعرف الآن بجامع العربي بالجودرية، و ما برح هذا المشهد علي هذه العمارة الي أن كان في القرن العاشر الهجري، فاهتم بعمارته و تشييده، و جعل له مسجدا يتصل به الأمير علي باشا الوزير والي مصر من قبل السلطان سليمان خان ابن السلطان سليم


الفاتح، و كان ذلك في شهور سنة 956، و في سنة 1174 أعاد بنيانه، و شيد أركانه الأمير عبدالرحمان كتخدا القازدوغلي و أنشأ به ساقية و حوضا للطهارة، و بني أيضا مقام الشيخ محمد العتريس، و في سنة 1210 جددت المقصورة الشريفة من النحاس الأصفر و كتب فيه علي بابها: (يا سيدة زينب يا بنت فاطمة الزهراء مددك سنة 1210) و في سنة 1212 ظهر الصدع في حوائط المسجد و بنائه، فندبت حكومة المماليك عثمان بك المرادي لتجديده و انشائه، فابتدأ بالبناء فيه، و ما لبث أن توقف العملة لدخول الفرنسيين القطر المصري، فأكمله بعد ذلك يوسف باشا الوزير في شهور سنة 1216، و أرخ ذلك بأبيات خطت علي لوح من الرخام (و نصها):



نور بنت النبي زينب يعلو

مسجدا فيه قبرها و المزار



قد بناه الوزير صدر المعالي

يوسف و هو للعلي مختار



زاد اجلاله كما قلت أرخ

(مسجد مشرق به أنوار)



(قلت) هذا التاريخ، كما تراه، لا يوافق العدد المذكور، و لعله كان متقدما علي هذا الاكمال، (قال): ثم حالت دون تمام عمارته موانع فأكملها المغفور له محمد علي باشا الكبير جد الأسرة العلوية، و أراد عباس باشا أيام حكومته أن يجدد هذا المسجد و يوسعه، و شرع في ذلك و وضع الأساس بيده سنة 1270، ولكنه عاجله الأجل فانقطع العمل، فأتمه من بعده المرحوم سعيد باشا، و أمر بتجديد الواجهة الغربية و البحرية و مقام العتريس و العيدروس، و كان ذلك في سنة 1276 و بعد تمام هذه العمارة كتب علي لوح من الرخام تاريخها في أبيات (و نصها):



في ظل أيام السعيد محمد

رب الفخار مليك مصر الأفخم



من فائق الأوقات أتحف زينبا

عون الوري بنت النبي الأكرم



من يأت ينوي للوضوء مؤرخا

(يسعد، فان وضوءه من زمزم)



و كتب علي باب المقام هذا البيت:



يا زائريها قفوا بالباب و ابتهلوا

بنت الرسول لهذا القطر مصباح



و في سنة 1294 جدد الباب المقابل لباب القبة من المرمر المصري و الاستانبولي علي


الهيئة الموجودة الآن بأمر الخديوي محمد توفيق باشا، و في سنة 1297 أمر بتجديد القبة و المسجد و المنارة، فتم ذلك في شهور سنة 1302 و كتب علي أبواب القبة الشريفة:



باب الشفاعة عند قبة زينب

يلقاه غاد للمقام و رائح



من يمن توفيق العزيز مؤرخ

(نور علي باب الشفاعة لائح)



قف توسل بباب بنت علي

بخضوع وسل اله السماء



تحظ بالعز و القبور و أرخ

(باب أخت الحسين باب العلاء)



قلت: يوافق العدد باسقاط الهمزة من علاء.



رفعوا لزينب بنت طه قبة

علياء محكمة البناء مشيده



نور القبول يقول في تاريخها

(باب الرضا و العدل باب السيده)



(قلت) و هذا التاريخ كما تراه 1293، و هو ينقص واحدا عن تجديد الباب بأمر الخديوي محمد توفيق سنة 1294، قال و في عصر هذا التاريخ نقشت القبة و المشهد بنقوش بديعة، ألبستها ثوبا جديدا، و أنيرت أرجاء المسجد و المشهد بالأنوار الكهربائية (انتهي).

النقدي، زينب الكبري، /126 - 119 ، 94

و في كتاب لواقح الأنوار توفيت زينب بنت علي بن أبي طالب عليه السلام بدمشق الشام في سنة أربع و سبعين هجرية فعلي هذا يكون عمرها يوم وفاتها سبعا و ستين سنة.

المازندراني، معالي السبطين، 224/2 - مثله الهاشمي، عقيلة بني هاشم، /69؛ الزنجاني، وسيلة الدارين، /433

و ينسب اليها في مصر مسجدها. و في سنة 1173 ه جدد بناؤه. و توفيت نحو سنة 65 ه و دفنت بقناطر السباع بمصر و يزار و يتبرك به.

كحالة، أعلام النساء، 99/2

و في زينب الكبري أنها توفيت عشية يوم الأحد لخمسة عشر يوما مضت من رجب سنة اثنتين و ستين هجرية، و دفنت في دار مسلمة بمصر (الي آخره).

و قيل: انها توفيت في الرابع عشر من رجب من تلك السنة و قيل: انها توفيت في


المدينة و العلم عندالله. [34] .

الميانجي، العيون العبري، /308 - 307


السيدة زينب عليهاالسلام كانت من المقيمين المجالس العزاء علي أخيها الشهيد سيد شباب أهل الجنة الامام الحسين عليه السلام، و من الداعين الي ضيافته عليه السلام، و ذلك في كل زمان و مكان، عند ورودها الي كربلاء، و خاصة بعد شهادة أخيها الامام الحسين عليه السلام، و عند دخولها الكوفة و علي رؤوس الأشهاد، و خاصة في مجلس ابن زياد، و علي أبواب دمشق الشام، و خاصة في حفل يزيد، و علي الأخص في خرابة الشام، و عند رجوعها من الأسر الي كربلاء و اقامة ذكري الأربعين علي أخيها الشهيد الامام الحسين عليه السلام، ثم علي مشارف مدينة جدها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و في حرم جدها و روضته صلي الله عليه و آله و سلم، و في بيتها عليه السلام، و بكلمة واحدة في كل عمرها و أيام بقائها بعد أخيها الامام الحسين عليه السلام، و ذلك أينما حلت و نزلت، فانها كانت المقيمة لعزائه صلي الله عليه و آله و سلم، و الداعية اليه.

نعم، كان ذلك حال السيدة زينب عليهاالسلام بعد أخيها الامام الحسين عليه السلام، حتي فارقت الحياة عن عمر لا يربو علي الخمس أو الست و الخمسين سنة، و ذلك علي أثر حزنها و كمدها، فاشبهت عليهاالسلام في كمدها و حزنها أمها فاطمة الزهراء عليهاالسلام، فانها مضافا الي ما ورثته من أمها من المصائب العظيمة، واست أمها من حيث خفاء تاريخ وفاتها، و من حيث خفاء قبرها.

أما الخفاء من حيث التاريخ، فلم نعرف حتي اليوم بطريق معتبر تاريخا معينا لوفاة السيدة زينب عليهاالسلام، و ان قال بعض بأن وفاة السيدة زينب عليهاالسلام كان بعد ثمانين يوما من وفاة السيدة أم كلثوم أخت العقيلة السيدة زينب عليهاالسلام، علما بأن وفاة السيدة أم كلثوم - علي ما قيل - كان بعد رجوع موكب أهل البيت من كربلاء الي المدينة بأربعة أشهر، لكن مع ذلك لم يكن تاريخ الوفاة واضحا و جليا، بل هو الي اليوم في هالة من الخفاء و الغموض.

و أما الخفاء من يحث المكان، فلم يطمأن بعد الي مكان يقطع بأنه هو محل قبرها الشريف - و ان كان المشهور، بل المظنون قويا كونه بالشام - اذ هناك اختلاف كبير بين


المؤرخين و أرباب المقاتل في تعيين محل قبرها، فمنهم من قال: انه في المدينة، و منهم من قال: انه في قناطر السباع بمصر، و منهم من قال: انه في محلة الخراب بدمشق الشام، كما أنهم اختلفوا في كيفية وجودها عليهاالسلام للمرة الثانية في الشام، حيث قال بعضهم: بأن يزيد أسر أهل البيت عليهم السلام مرة ثانية غير المرة الأولي، و من المدينة المنورة في هذه المرة، لا من كربلاء المقدسة كما كان في المرة الأولي، و بعضهم قال: بأن يزيد طلب من أهل البيت عليهم السلام بعد رجوعهم الي المدينة، أن يأتوا اليه في الشام و يكونوا عنده معززين مكرمين، و بعض قال: بأن يزيد طلب من السيدة زينب عليهاالسلام بعد زوجها عبدالله بن جعفر بن أبي طالب عليه السلام السفر الي الشام، و أراد منها الوفود عليه بعد أن عرض عليها خطبة الزواج منها. ولكن في كل هذه الثلاثة نظر، و هو بعيد أيضا. لأن الأسر لم يتحقق الا مرة واحدة، و قد أدي الي افتضاح يزيد، و انكشاف مساوي بني أمية، و انقلاب الرأي العام علي النظام الأموي، و معه لم يقدم يزيد بعدها علي أسرهم ثانيا، خوفا من الافتضاح الأكثر، كما أن يزيد لم يقدم علي طلب أهل البيت عليهم السلام الي الشام، و لا الي خطبة السيدة زينب عليهاالسلام، لأنه لم يكن ليؤمن بهم باطنا، بل انه لم يؤمن بالوحي رأسا علي ما صرح بذلك في أشعاره، كما أنه لم يكن وجود أهل البيت عليهم السلام في الشام بصالحه و بصالح النظام الأموي. و كيف كان، فانه ينبغي للمؤمنين، اذا تسني لهم الزيارة، أن يزوروا السيدة زينب عليهاالسلام في كل الأمكنة التي اشتهر أنها محل مرقدها عليهاالسلام، فان زيارتها عليهاالسلام ليس أقل ثوابا من زيارة أخيها الامام الحسين عليه السلام.

أللهم ارزقنا و شفاعتها، و احشرنا معها و في زمرتها، و ثبتنا علي محبتها و ولايتها، ان شاء الله.

الجزائري، الخصائص الزينبية، /198 - 196 ، 113

و لما أوت الي المدينة لم تنثن عن ذكره حتي ضجروا منها، و ضجرت منهم.. و طلبوا اليها أن تختار غير المدينة منزلا، و جاءها نساء من بني هاشم و علي رأسهن ابنة عمها «زينب بنت عقيل» التي قالت لها مشفقة عليها: «يا ابنة عمي! قد صدقنا الله وعده، و أورثنا الأرض نتبوأ منها حيث نشاء، و سيجزي الله الشاكرين.. ارحلي الي بلد أمن».

مغنيه، من مجموعة الحسين و بطلة كربلاء، /273


و ذهبت السيدة زينب الي المدينة، و كان وجودها فيها كافيا لأن تلهب المشاعر و تؤلب الناس علي الطغاة، فأخرجت من المدينة بعد ان اختارت مصر دارا لاقامتها.

و قد شرفت مصر بقدومها (رضي الله عنها) عند بزوغ هلال شعبان سنة احدي و ستين هجرية.

و تقدم لها مسلمة بن مخلد الأنصاري والي مصر، و عزاها في خشوع و خضوع، و بكي فبكت، و بكي الحاضرون.

محمود يوسف، من مجموعة الحسين و بطلة كربلاء، /250، الموسم، /943

ثم رحلت بعد ذلك الي المدينة، ثم الي القاهرة، الي أن توفيت سنة 62 و دفنت في مسجدها المعروف.

حسين البتنوني، من مجموعة الحسين و بطلة كربلاء، /267، الموسم، /945

انتقلت السيدة الي جوار ربها و رحمته في 15 رجب سنة 65 ه. فعاشت بعد أخيها الحسين 4 سنوات، و 6 أشهر، و 5 أيام. و قيل: انها أول من لحق به من أهل بيته.

و اختلفوا في قبرها علي ثلاثة أقوال:

القول الأول: انها دفنت في مدينة جدها رسول الله، و مال الي ذلك المرحوم السيد محسن الأمين في ج 33 من الأعيان مستدلا بأنه قد ثبت دخولها الي المدينة، و لم يثبت خروجها، فنبقي ما كان علي ما كان... و كأنه عليه الرحمة يتمسك بالاستصحاب لاثبات دفنها بالمدينة.. و بديهة أن الأخذ بالاستصحاب هنا لا يعتمد علي أساس.

لأن موضع الاستصحاب أن نعلم بوجود الشي ء، ثم نشك في ارتفاعه. بحيث يكون المعلوم هو المشكوك بالذات. كما لو فرض أن علمنا بدفن الجثمان الشريف في المدينة قطعا، ثم شككنا: هل نقل الي بلد آخر، أو بقي حيث كان. فنستصحب. و نبقي ما كان علي ما كان. لاتحاد الموضوع. أما اذا علمنا بدخولها الي المدينة. ثم شككنا في محل قبرها فلا يمكن الاستصحاب بحال. لأن الدخول الي المدينة شي ء، و القبر شي ء آخر.. و اثبات اللازم باستصحاب الملزوم باطل. كما تقرر في علم الأصول.

ثم لو كان قبرها في المدينة لعرف و اشتهر. و كان مزارا للمؤمنين كغيره من قبور الصالحات و الصالحين.


القول الثاني: انه دفنت في قرية بضواحي دمشق. أي في المقام المعروف بقبر الست و لم ينقل هذا القول عن أحد من ثقاب المتقدمين.

القول الثالث: انها دفنت في مصر. و نقل هذا عن جماعة منهم العبيدلي، و ابن عساكر الدمشقي، و ابن طولون، و غيرهم.

و يلاحظ أن علماءنا الذين عليهم الاعتماد، كالكليني و الصدوق و المفيد و الطوسي و الحلي لم يتعرضوا لمكان قبرها، حتي نرجح بقولهم كلا أو بعضا أحد الأقوال الثلاثة، فلم يبق الا الشهرة بين الناس. ولكن الشهرة عند أهل الشام تعارضها الشهرة عند أهل مصر...

و هكذا لا يمكن الجزم بشي ء.. و ليس من شك أن زيارة المشهد المشهور بالشام، و الجامع المعروف بمصر بقصد التقرب الي الله سبحانه تعظيما لأهل البيت الذين قربهم الله، و رفع درجاتهم و منازلهم، حسنة و راجحة، لأن الغرض اعلان الفضائل، و تعظيم الشعائر، و المكان وسيلة لا غاية، و قد جاء في الحديث: «نية المرء خير من عمله».

مغنية، من مجموعة الحسين و بطلة كربلاء، /239 - 238

أما العقيلة فكانت تقضي أكثر أيامها عند الامام زين العابدين عليه السلام و كانت متفرغة للبكاء و النحيب علي المصاب العظيم، فكانت كما يقول المؤرخون لا تجف لها عبرة و لا تفتر عن البكاء، و قد نخبت المصائب قلبها حتي صارت كأنها جثة هامدة.

و أقامت المآتم في بيتها - بيت عبدالله بن جعفر - و لبست كسائر آل الرسول صلي الله عليه وآله و سلم المسوح و السواد و هن نائحات الليل و النهار و السجاد عليه السلام يعمل لهن الطعام [35] .

و عن الصادق عليه السلام ما اختضبت هاشمية و لا أدهنت و لا أجيل مرود في عين هاشمية خمس حجج حتي بعث المختار برأس عبيدالله بن زياد.

و حين كان وجود زينب في المدينة بحد ذاتها ثورة عارمة ضد حكم الطاغي يزيد طلب الوالي الي السيدة زينب أن تخرج من المدينة فتقيم حيث تشاء.


فقالت و هي غاضبة: «قد علم و الله ما صار الينا، قتل خيرنا، و سيق الباقون كما تساق الأنعام، و حملنا علي الأقتاب، فوالله لا خرجنا، و ان أريقت دماؤنا».

ولكن نساء بني هاشم عالجن الوضع فأقنعنها بالرحيل فقالت لها زينب بنت عقيل بن أبي طالب: «يا ابنة عمي! قد صدقنا الله وعده و أورثنا الأرض نتبوأ منها حيث نشاء و سيجزي الله الظالمين، ارحلي الي بلد آمن».

قيل الي أرض مصر [36] و قيل الي أرض الشام.

لقد تضاربت أخبار المؤرخين حول وفاة الصديقة زينب الكبري عليهاالسلام و مدفنها. و لم يذكروا الكثير حول تاريخ وفاتها و محل دفنها، و اكتفوا باليسير في هذا المجال.

و اختلفت الأقوال حول محل دفنها، فقال بعض المؤرخين: انها عليهاالسلام ماتت في المدينة و دفنت في البقيع، و ذهب آخرون الي أنها ماتت في مصر و دفنت هناك، حيث لها هناك مشهد معروف يزوره الناس، و هناك قول ثالث يقول بأنها عليهاالسلام جاءت برفقة زوجها عبدالله بن جعفر الي الشام و تمرضت هناك و دفنت في قرية تسمي راوية، حيث مرقدها المعروف حاليا.

و من الطبيعي أن لكل فريق أدلته علي التمسك برأيه، فالقائلين بالقول الأول انما استدلوا بأنه ثبت تاريخيا أنها عليهاالسلام ذهبت مع سائر أهل البيت بعد واقعة كربلاء الي المدينة، و ليس هناك ما يثبت أنها خرجت منه، فلذلك يجب التمسك ببقائها في المدينة حتي يثبت بالدليل و البرهان أنها خرجت منه. و عندما لم يثبت بالدليل خروجها من المدينة لذلك فيجب القول بأنها ماتت في المدينة و دفنت فيها. كما عليه صاحب أعيان الشيعة.

و قد اعتمد القائلون بأنها مدفونة في مصر علي بعض المؤرخين الذين انفردوا بهذا القول، حيث ذهبوا الي أنها جاءت الي مصر، فرحب بها الناس، فأقامت هناك حتي ماتت.


و القائلون بأنها مدفونة بالشام يرون أنها سافرت الي دمشق، و ذلك بسبب قحط أصاب المدينة، و كانت لزوجها عبدالله بن جعفر قرية بالقرب من دمشق، فأخذها عبدالله بن جعفر الي الشام فرارا من المجاعة، فمرضت هناك و ماتت و دفنت في المكان المعروف حاليا في قرية راوية، حيث مزارها الآن.

و نتيجة القول: ان السيدة زينب بعدما عانت من المصائب و الرزايا، لم تعش سوي فترة قصيرة لا تتجاوز سبعة عشر شهرا، ثم وافاها الأجل في الخامس عشر من شهر رجب سنة 62 هجرية.

و سواء كانت العقيلة مدفونة في الشام أو في مصر أو المدينة، فان الغرض من زيارتها انما هو الاستنارة بروحها البطلة الشجاعة و التزود من روحانيتها، و طلب التوفيق للسير في دربها و طريقها، و هذا يحصل أيضا بالاخلاص في زيارتها -أينما كانت - بقصد الرجاء.

و الاختلاف في محل قبرها و تاريخ وفاتها لا يؤثر شيئا في شخصيتها و عبقريتها، فهي أينما كانت بطلة عبقرية يعترف بشجاعتها و بسالتها التاريخ، و يقف عظماء التاريخ أمام عظمتها مبهوتين.

الصادق، زينب وليدة النبوة و الامامة، /192 - 189

و السفرة الأخيرة، كانت مع زوجها عبدالله بن جعفر رحمه الله، حين جاء بها الي دمشق ليتعاهد أمور ملكه في قرية راوية، و في هذه السفرة توفيت و دفنت في راوية من أعمال دمشق، و التي تبعد عنها من الجهة الشرقية الجنوبية ما يقرب من سبعة كيلومترات، و تعرف اليوم بقرية قبر الست، و لم يحدثنا التاريخ عن غير هذه السفرات للسيدة زينب عليهاالسلام.

و قد جهد الفاطميون في عهدهم علي أنه يجعلوا مصر شيعية محضة موالية لآل الرسول، و من وجبت علي الخلق مجيئهم، و قاموا بأشياء توطئة لقصدهم منها جلبهم الصندوق الذي فيه رأس الحسين عليه السلام من عسقلان [37] الي مصر و بنوا عليه مسجدا فخما و حتي


اليوم يزار مسجد رأس الحسين عليه السلام.

ذكر الشيخ عبدالوهاب الشعراني، في طبقات الأولياء عند ترجمته للحسين عليه السلام قال: دفنوا رأسه ببلاد المشرق، ثم رشي عليه طلايع بن رزيك بثلاثين ألف دينار و نقله الي مصر. و بني عليه المشهد الحسيني، و خرج هو و عسكره حفاة الي نحو الصالحية من طريق الشام يتلقون الرأس الشريف ثم وضعه طلايع في كيس من حرير أخضر علي كرسي آبنوس، و فرشوا تحته المسك و العنبر و الطيب قدر وزنه مرارا.

و من قال: ان الرأس الشريف بالمشهد الذي بالقاهرة اليوم، نقل اليها من عسقلان، علي بن أبي بكر المشهور بالسائح الهروي المتوفي سنة 611 ه قال في (الاشارات الي أماكن الزيارات) عند كلامه علي عسقلان: و بها مشهد الحسين رضي الله عنه، كان رأسه بها، فلما أخذتها الفرنج نقله المسلمون الي مدينة القاهرة سنة 549 ه و ذكر مجير الدين الحنبلي في - الأنس الجليل - عند ذكره لعسقلان، قال: و بها - أي بعسقلان - مشهد عظيم بناه بعض الفاطميين من خلفاء مصر علي مكان زعموا أن فيه رأس الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام.

كما و أنهم شيدوا مرقد السيدة نفيسة و نوهوا بنسبها و عظم شأنها و هو يزار حتي اليوم، و كذلك شيدوا أيضا قبر أم كلثوم الملقبة بزينب الصغري و نوهوا بأن هذا هو مرقد السيدة زينب عقيلة بني هاشم.

و هاك من كتب علي باب المرقد: (بسم الله الرحمن الرحيم، و ان المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا)، هذا ما أمر به عبدالله و وليه أبوتميم أميرالمؤمنين الامام العزيز بالله صلوات الله تعالي عليه و علي آبائه الطاهرين و أبنائه المكرمين أمر بعمارة هذا المشهد علي مقام السيدة الطاهرة بنت الزهراء البتول، زينب بنت الامام علي بن أبي طالب صلوات الله تعالي عليها و علي آبائها الطاهرين، و أبنائها المكرمين.

و قد أخذ المؤرخون علي ما وجدوا من الكتابات علي جدران مرقدها و التي رقمت في أيام الفاطميين بعين الاعتبار و جاء مؤلف كتاب (العدل الشاهد في تحقيق المشاهد)، مشاهد مصر، فذكر أن هذا هو قبر زينب الكبري، و تبعه المتأخرون و أثبتوا ذلك في


مؤلفاتهم و هذا المقريزي [38] لم يذكر لزينب الكبري مشهد في مصر، و جل قوله: في ما كان يعمل في يوم عاشوراء من سنة ثلاث و ستين و ثلاث مائة، قال: انصرف خلق من الشيعة و أشياعهم الي المشهدين قبر[أم]كلثوم و نفيسة، و معهم جماعة من فرسان المغاربة و رجالاتهم بالنياحة و البكاء علي الحسين عليه السلام... الي آخره.

و عند ذكره للشيعة [39] : و قد كانت مصر لا تخلو منهم في أيام الاخشيدية و الكافورية في يوم عاشوراء عند قبر[أم]كلثوم و قبر نفيسة... الي آخره.

مع أنه يذكر واقعة الطف و مقتل الحسين في نفس المصدر و يذكر زينب الكبري و مواقفها يوم عاشوراء.

فالحقيقة هي أن المشهد الذي في مصر هو مشهد أم كلثوم بنت علي عليه السلام و المشهد الذي بالشام هو مشهد السيدة زينب الكبري، و قد تسلمته الشيعة يدا عن يد، و جيلا عن جيل، اذن لا يرتاب أحد في ذلك أبدا و هذا الحجة الأكبر و امام عصره سيدنا السيد عبدالحسين شرف الدين فان رأيه الصواب و قوله الفصل يري أن هذا هو مشهد العقيلة زينب الكبري، و له مقالة مسهبة، بمناسبة وصول الضريح الأثري الذي تبرع به المرحوم محمد حبيب الباكستاني، و نصب علي قبر السيدة زينب في قرية الست من ضواحي الشام، و ذلك بعد أن ذكر عطر الله مرقده طرفا من ترجمتها، و المقالة ذات فصول، و هذا عنوان مشهدها (مشهد العقيلة)

و هذه أم المصائب، عقيلة الوحي و النبوة و خفرة علي و فاطمة - زينب - بلغ من عناية الله تعالي بها و كرامتها عليه أن كان مشهدها هذا منذ حلت رمسه، كل سنة هو أفخم و أعظم منه في سابقتها، حتي بلغ اليوم أوج العظمة و العلاء، يطوف المسلمون بهذا المشهد، و يعتصمون به، فاذا هو علي الدوام أمل الراغب، الراجي عفو ربه ذنوبه، و أمن الراهب التائب الراجي في ستر عيوبه، يتضرع به الي الله تعالي في طلب حوائجه الدنيوية و الأخروية، منيبا اليه، توابا مخلصا لله في ذلك ليغفر ذنوبه و يستر عيوبه و يقضي حوائجه،


متوسلا اليه تعالي بأم المصائب في سبيله عزوجل.

هذا شأن المخلصين لله تعالي في حفظ رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في عترته من بعده، يعظمون شعائر الله تعالي: (ذلك و من يعظم شعائر الله فانها من تقوي القلوب) [40] .

و ذكر المغفور له الحجة السيد حسن الصدر نور الله رمسه، في كتاب (نزهة أهل الحرمين) زينب الكبري بنت أميرالمؤمنين عليه السلام و كنيتها أم كلثوم، قبرها قرب زوجها عبدالله بن جعفر الطيار، خارج دمشق الشام معروف.

جاءت مع زوجها عبدالله بن جعفر أيام عبدالملك بن مروان الي الشام سنة المجاعة ليقوم عبدالله بن جعفر في ما كان له من القري و المزارع خارج الشام حتي تنقضي المجاعة، فماتت زينب هناك، و دفنت في بعض تلك القري - قلت - و اليوم تعرف القرية التي فيها مرقدها باسمها - قرية الست زينب - انتهي.

و جاء في رحلة ابن بطوطة، عند سرده للقبور التي حوالي دمشق الشام قال: و بقربه قبلي البلد و علي فرسخ منها مشهد أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب من فاطمة عليهم السلام، و يقال: ان اسمها زينب، و كناها النبي صلي الله عليه و سلم أم كلثوم لشبهها بخالتها أم كلثوم بنت رسول الله صلي الله عليه و سلم و عليه مسجد كريم و حوله مساكن و له أوقاف، و يسميه أهل دمشق قبر الست أم كلثوم... الي آخره.

و ذكر ابن جبير في رحلته، عند عرض ذكره للمشاهد و القبور في دمشق الشام، قال: و من مشاهد أهل البيت (رضي الله عنهم) مشهد أم كلثوم ابنة علي بن أبي طالب (رضي الله عنهما)، و يقال لها زينب الصغري و أم كلثوم كنية أوقعها عليها النبي صلي الله عليه و سلم لشبهها بابنته أم كلثوم (رضي الله عنها) والله أعلم بذلك، و مشهدها الكريم بقرية قبلي البلد تعرف براوية علي مقدار فرسخ و عليه مسجد كبير و خارجه مساكن و له أوقاف، و أهل هذه الجهات يعرفونه، بقبر الست أم كلثوم مشينا اليه و بتنا به و تبركنا برؤيته نفعنا الله بذلك.

و ذكر الشيخ الشبلنجي في كتابه القيم - نور الأبصار - ص 238 ط العثمانية في مناقب


السيدة رقية المدفونة بدمشق الشام، قال:

و قد أخبرني بعض الشوام، أن للسيدة رقية بنت الامام علي (كرم الله وجهه) ضريحا بدمشق الشام، و ان جدران قبرها كانت قد تعيبت، فأرادوا اخراجها منه لتجديده فلم يتجاسر أحد أن ينزل من الهيبة، فحضر شخص من أهل البيت يدعي السيد ابن مرتضي فنزل في قبرها، و وضع عليها ثوبا لفها فيه، و أخرجها فاذا هي بنت صغيرة دون البلوغ، و قد ذكرت ذلك لبعض الأفاضل فحدثني به ناقلا عن أشياخه - انتهي كلام الشبلنجي - قلت: لم يذكر التاريخ أن رقية بنت علي عليه السلام مدفونة بالشام، و انما المأثور و المنقول أن هذه هي الطفلة رقية بنت الحسين بن علي عليه السلام التي توفيت بالخربة، و الذي يؤكد ذلك قول الشبلنجي نفسه: (اذا هي بنت صغيرة) و قبرها اليوم في سوق الشام في الجامع المعروف باسمها، يزار و يتبرك به، و قد جددوا ضريحه قبل أعوام، و أرخت عام تجديده (حلو ضريح رقية).

و أما السيد الذي نزل في قبرها و أخرجها و وضع عليها ثوبا لفها فيه ثم دفنها بمكانها، هو جد الأسرة السادة آل مرتضي و هم سدنة مرقد السيدة زينب بنت الامام علي عليه السلام المدفونة في قرية (راوية) و تعرف اليوم قرية الست زينب عليهاالسلام و سدانة هذا المرقد تقوم به اليوم هذه الأسرة العلوية و الدوحة الهاشمية منذ مئات الأعوام، السادة آل مرتضي يتوارثون هذه السدانة و خدمة هذه العتبة المشرفة يدا عن يد و يتسلم مفاتيح هذه الروضة المباركة الخلف بعد السلف.

الهاشمي، عقيلة بني هاشم، /71 - 64 ، 44

المزار المشهور: و لها مزار و قبة شيدت بأسلوب بديع بناها الحاج مهدي البهبهاني.

الزنجاني، وسيلة الدارين، /433

و دفنت (رضي الله عنها) بمصر المحروسة، بموضع يقال له «الحمراء القصوي» حيث بساتين الزهري.

أخرج ابن عساكر في تاريخه: ان السيدة زينب الكبري بنت الامام علي قدمت مصر، و ماتت و دفنت بها، و أن دفينة الشام هي زينب الوسطي أختها، و لا صحة لما يزعمه


أهل دمشق.

و أخرج العبيدلي النسابة في كتابه النفيس «السيدة زينب و أخبار الزينبات»: «ان السيدة زينب قدمت مصر بعد مصرع أخيها الحسين رضي الله عنه، بيسير من الزمن، و ماتت بها، و دفنت بموضع يقال له: الحمراء القصوي حيث بساتين الزهري».

و يعلق صاحب الخطط علي هذا فيقول: «لا يوجد نظيره - أي كتاب العبيدلي النسابة - اذ هو الحجر الأساسي الذي قضي علي هذا الخلاف القائم بين جمهرة المؤرخين من قرون عديدة، لاسيما و أن مؤلفه المذكور ممن جمع بين العلم و الدين و طهارة الحسب و شرف النسب، فهذه الرسالة مع صغر حجمها هي نفسها الحجة علي من كان يستبعد دخول السيدة زينب مصر، و وفاتها بها، و دفن جثمانها الشريف في هذا الموضع» اه.

و وافق دخول السيدة الي مصر أول شعبان سنة 61 من الهجرة، و كان قد مضي علي الموقعة نحو ستة أشهر و أياما، بما يسع مدة أسفارها.

و بعد... فيقول صاحب النفحات الأحمدية: و أما من دفن بمصر من النساء من أولاد السيدة الزهراء، سيدة نساء العالمين علي الاطلاق: صاحبة المواهب الربانية و الامدادات الصمدانية و الاشارات الرحمانية سيدتي السيدة الشفيقة صاحبة الحسب و النسب، كريمة الدارين، صاحبة الشوري و الكرامات الظاهرة، كعبة القاصدين، محبوبة رسول رب العالمين، عليه و عليها الصلاة و التسليم من رب العالمين. شقيقة الحسنين بنت أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، و رضي عنه، السيدة زينب رضوان الله عليها و نفعنا بها في الدارين.. آمين.

موسي محمد علي، السيدة زينب، /145 ، 142 - 141 ، 65 - 64

شاهدت حادثة كربلاء سنة 61 ه، و كانت تواصل البكاء و تقيم النياحة علي شهداء كربلاء في دارها بالمدينة، مما أخاف الحكام الأمويين. فقرروا ابعادها الي مصر، و كانت بها حتي توفيت في الرابع عشر من رجب عام 62 ه (مزارات أهل البيت عليهم السلام في القاهرة لمحمد حسين الحسيني الجلالي)، و قيل ان مدفنها في قرية خارج مدينة دمشق تعرف باسمها.

الجلالي الحسيني، شرح الأخبار (الهامش)، 193/3


حديث مدفنها: لأقوال في مدفن العقيلة زينب (سلام الله عليها) منحصرة في ثلاثة أماكن.

فمن قائل أنها في جبانة البقيع مع أسرتها الكريمة، و هذا القول يرتكز علي ظن و تخمين، اذ لو كان لها قبر بالبقيع لجاء ذكره صريحا في الكتب المؤلفة في مزارات المدينة المنورة قديما و حديثا، كما احتفظ التاريخ بذكر عدد واف من قبور من هو دونها فضلا عن قومها، بل و لمن يمت اليهم بالولاء و تلقتها أهل المدينة عن آبائهم يدا عن يد.

و من قائل أنها مدفونة في مصر، و هو قول منشؤه اشتراك الاسم (زينب) بين نساء كثير، و الذهن أسرع انتقالا الي الفرد الأكمل؛ و سوف تعرف أنه لم يدخل أحد من ولد أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام لصلبه مصر و لم يمت بها.

و من قائل أنها مدفونة في قرية (راوية) بغوطة دمشق، و هذا القول له شواهد جمة، و شهرة ضافية بين أهل الشام قديما. و تحدثنا الكتب المؤلفة في ترجمة السيدة نفيسة المتوفاة 208 ه بمصر، من مؤلفات أعلام القرون الوسطي، أنها زارت مشهدها سنة 193 ه ولنا في هذه الأقوال الثلاثة بحوث رصينة طافحة بالدقة و التحقيق علي ضوء مئات المصادر فيما يلي، و اختيار الأصح، فالأصح منها موكول الي القارئ الكريم بعد تشبعه من هذه البحوث المقنعة والله ولي التوفيق.

بحثنا حول المشهد الزينبي في مصر: ما زلنا نسمع عن جماعة من العلماء، و نقرأ في ثلة من الكتب، أن قبر العقيلة السيدة زينب الكبري بنت أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في بلدة القاهرة عاصمة حكومة مصر، حتي أن أكثر المؤلفين في عصرنا يتناقلونه في بحثهم عن هذا الموضوع.

و الي هذا الرأي مال العلامة الشيخ جعفر النقدي النجفي رحمه الله، وكنا قبل خوضنا في هذا البحث نذهب الي هذا الرأي تعويلا علي الشيخ النقدي رحمه الله.

بيد أن تنقيبنا و بحثنا العميق زحزحنا عن هذا الرأي - لأن رحلة السيدة العقيلة عليهاالسلام الي مصر، و اقامتها هناك، و تلبيتها لداعي حمامها، و حديث مدفنها بها، قضية من أهم القضايا التي لا يفوت ذكرها كل مؤرخ يقظان محيط بالأخبار و الآثار.


و لا أقل من أن يذكره المؤرخون الذين نشأوا في مصر خاصة، ولكنهم بأجمعهم لم يشيروا اليه أدني اشارة.

و تتجلي لنا هذه الحقيقة، بعدما نري اهتمام المصريين باحاطة الأخبار، و ضبط الحوادث المتعلقة ببلادهم، و توسعهم في تنسيقها و تزويقها بما هو موضع عجب و اعجاب، فأول مدون لتاريخ مصر في الاسلام هو عبدالرحمان بن عبدالحكم المصري المتوفي 257 ه، له في تاريخ مصر كتاب حافل سماه (منهج السالك في أخبار مصر و القري و الممالك)، يوجد مخطوطا في المتحف البريطاني، ذكر فيه تراجم كثير من الصحابة ممن دخل مصر.

و تبعه أبوعمرو محمد بن يوسف الكندي، المتوفي 354 ه، و له عدة تأليفات في تاريخ مصر، و طبع له «ولاة مصر» حديثا في بيروت، ثم برع في تدوين أخبار مصر و الاحاطة بحوادثها أبومحمد حسن بن ابراهيم بن ذولاق الليثي المصري المتوفي 387 ه، و مجهوداته في التدوين تمتاز عن مجهودات أسلافه دقة و براعة و استكمالا، ترجمه ابن خلكان [41] ، و قال: كان فاضلا في التاريخ، و له خطط مصر و تاريخ مصر و فضائل مصر.

ثم تلاه في هذا الموضوع عز الملك محمد بن عبدالله بن أحمد الحراني المسبحي المتوفي 420 ه، و ترجمه ابن خلكان و ذكر له تاريخ مصر في ثلاثة عشر ألف ورقة [42] .

ثم المؤرخ المتتبع القاضي أبوعبدالله محمد بن سلامة القضاعي الشافعي المتوفي 453 ه، و لم يقصر همه علي ضبط الحوادث التاريخية فقط، بل ألف في المزارات المقصودة للزيارة و التبرك التي تشد اليها الرحال، و له في هذا الموضوع كتاب «أنس الزائرين» ترجم فيه السيدة نفيسة، و عين مدفنها، و ليس فيه لقبر زينب الكبري عين و لا أثر، و من المتأخرين ممن توسع في التدوين محمد بن سرور البكري المتوفي 1061 ه، و له في التاريخ


مساع مشكورة و كتب قيمة منها «عيون الأخبار و نزهة الأبصار» ضبط فيه الحوادث المتعلقة بمصر خاصة و غيرها منذ بدء الخلقة، و جميع الدول الحاكمة علي مصر بغاية الشرح و البسط الي عصره في دولة خليل باشا سنة 1041 ه.

ثم اعطف الي المقريزي و السيوطي و القلقشندي و غيرهم، لم نجد أحدا من هؤلاء أنه ذكر دخول السيدة زينب الكبري في مصر و مدفنها بها، علي أن هناك جماعة من مؤرخي مصر ممن أفرد تأليفه في تحقيق المزارات و القبور و المساجد كابن يونس و الهتناني و القرشي صاحب المزارات المصرية، و ابن أسعد النسابة صاحب مزارات الأشراف، و ابن عطايا و الحموي الذي ذكر جملة من مزارات مصر، و ابن عبدالكريم و الحافظ السلفي و حرملة و ابن بللوة و المكي و سراج الدين الملقن، و ابن الزيات الأنصاري، و جوهر السكري، و السخاوي، و ابن عنتر، و ابن حمامة، و مجدالدين بن الناسخ، و ابن أبي طلحة صاحب «هادي الراغبين»، و موفق الدين صاحب «مرشد الزوار». تري هؤلاء الأعلام يترجمون أصحاب القبور، و يميزون بين المزارات الصحيحة و المزورة من العلويين و غيرهم في مصر [43] ، و لم يذكر أحد من هؤلاء أن العقيلة زينب الكبري بنت أميرالمؤمنين عليه السلام مدفونة في مصر و سوف تجد المباحث النافعة فيما يلي بشرح و بسط.

لم يدخل أحد من أولاد علي عليه السلام لصلبه في مصر: ان كبار المؤرخين المطلعين علي تاريخ مصر بدقة و تحقيق لم يصح لديهم دخول أي ولد لأميرالمؤمنين علي عليه السلام لصلبه في مصر. قال الحافظ أبوطاهر أحمد بن محمد السفلي المتوفي 576 ه [44] : لم يمت له (أي لعلي عليه السلام) ولد لصلبه في مصر [45] . و قال الحافظ المؤرخ الكبير أبومحمد حسن بن ابراهيم بن زولاق الليثي المصري المتوفي 387 ه: أول من دخل مصر من ولد علي سكينة بنت علي


ابن الحسين؛ و به قال السخاوي، و اعترف به الأستاذ حسن محمد قاسم المصري [46] .

و قال المقريزي و ابن دقماق: ان أول علوي قدم مصر محمد بن علي بن محمد بن عبدالله بن حسن بن حسن بن علي عليه السلام، دخلها في امارة يزيد بن حاتم المهلبي بمصر سنة 145 ه [47] .

و في لفظ آخر للسخاوي: ان المنقول عن السلف، أنه لم يمت أحد من أولاد علي لصلبه في مصر [48] .

و قال المؤرخ الكبير الحافظ أبوعبدالله شمس الدين محمد بن ناصر الدين الأنصاري المتوفي 814 ه: «لم أجد أحدا من أرباب التاريخ من صحح مشهدا غير القرافة من أولاد علي الا المشهد النفيسي، لأنها أقامت به في أيام حياتها و حفرت قبرها بيدها».

هذا ما يراه العلماء الكبار المصريون من عدم صحة دخول أي ولد للامام علي لصلبه في مصر، فكيف يكون من المعقول أن تدخل العقيلة زينب الكبري في مصر، و تقيم هناك زهاء سنة ثم تقبر في تربة مصر علي مرأي من المحاشد الجمة من أهل مصر، و مسمع، و لا يعرف أمرها أحد من المؤرخين الذين عهدهم قريب بتلك الحادثة المهمة، حتي أن الامام الشافعي مع ادعائه بالولاء الناصع لأهل البيت عليهم السلام لا يعرفها في مصر و لا يزور قبرها، كما تواتر الخبر بأنه كان يزور السيدة نفيسة، فكيف يسعنا الاثبات الي أن العقيلة زينب الكبري عليهاالسلام مدفونة بمصر، و محمد بن الربيع الجيزي الذي كان أبوه من أصحاب الشافعي ألف جزء في ذكر الصحابة، و ترجم منهم مائة و نيفا، و ليس فيهم ذكر زينب و دخولها مصر و موتها بها [49] .

السياحون و قبر زينب عليهاالسلام: ان الرحالين المسلمين الذين تجولوا جولات واسعة في


مختلف البلاد الاسلامية في القرون الوسطي، ضبطوا ما شاهدوه من الآثار النفيسة من الجوامع و المقابر و المدارس و غيرها من الأشياء التي لا يفوت ذكرها أي رحالة متتبع، و دونوا مشاهداتهم في الكتب المنفردة لذلك الموضوع، فكتبهم تعطينا وثوقا كاملا لشهرة تلك الآثار في عصورهم.

دخل جملة من مشاهير الرحالين في مصر كابن جبير، و ابن بطوطة، و ابن شاهين، و ذكروا ما شاهدوه من القبور المعروفة المقصودة للزيارة في عهدهم، ولكن لا تجد أحدا منهم يذكر قبر زينب الكبري عليهاالسلام في مصر، و نحن نزف اليك ما شاهدوه من قبور العلويين في مصر.

1- السانح الهروي: أبوالحسن علي بن أبي بكر الهروي المتوفي 611 ه، دخل في مصر، و ذكر في كتابه «الاشارات في معرفة الزيارات» هذه المشاهد: مشهد السيدة نفيسة، و مشهد السيدة فاطمة بنت محمد بن اسماعيل بن جعفر الصادق عليه السلام، و مشهد آمنة بنت محمد بن علي بن الحسين عليه السلام، و مشهد رقية بنت علي عليه السلام [50] ، و لا نجده يذكر قبرا ينسب الي العقيلة زينب عليهاالسلام. أما رقية بنت علي فسوف نبحث عن قبرها بمصر بالتفصيل.

2- ابن جبير الأندلسي: أبوالحسين محمد بن أحمد بن جبير الكنافي الغرناطي المتوفي 614 ه بمصر، دخل في مصر و ذكر في رحلته مشاهد أهل البيت، وعدها أربعة عشر مشهدا للرجال، و خمسا للنساء، و قال: علي كل واحد منها بناء حافل، و هي بأسرها روضات بديعات الاتقان عجيبة البنيان، و سرد ذكر العلويات و مشاهدهن هكذا: «مشهد أم كلثوم بنت قاسم، و مشهد زينب بنت يحيي المتوج، و مشهد أم كلثوم بنت محمد بن جعفر، و مشهد أم عبدالله، و مشهد مريم بنت علي» [51] و لا نراه يذكر قبرا ينسب الي زينب الكبري عليهاالسلام.


3- ابن بطوطة المغربي: أبوعبدالله محمد بن عبدالله بن بطوطة المغربي المتوفي 777 ه، دخل مصر، و ذكر جملة من مشاهد مصر المعروفة، كمشهد السيدة نفيسة، و مشهد رأس الحسين عليه السلام، و تربة الشافعي، ثم قال: بقرافة مصر من قبور العلماء و الصالحين ما لا يضبطه الحصر، و بها جم غفير من قبور الصحابة و قبور السلف و الخلف [52] ، و لا تري في مشاهداته عينا و أثرا لقبر السيدة زينب عليهاالسلام.

4- الحموي البغدادي: ياقوت بن عبدالله الحموي البغدادي، المتوفي 624 ه، الجغرافي الكبير، دخل مصر، و ذكر عدة مزارات معروفة للعلويات هناك، وعد منها مشهد آمنة، و مشهد رقية، و مشهد السيدة نفيسة، و مشهد فاطمة بنت محمد بن اسماعيل ابن الامام جعفر الصادق عليه السلام، و مشهد أم عبدالله، و مشهد أم كلثوم بنت القاسم [53] ، و ليس فيهن ذكر مشهد ينسب الي العقيلة زينب الكبري بنت الامام علي عليه السلام.

5- ابن شاهين الزاهري: غرس الدين خليل من شاهين الزاهري الاسكندري المصري المتوفي 873 ه، ذكر عددا وافيا من مشاهد العلويات المدفونات بمصر، وعد مشهد السيدة نفيسة و مشهد فاطمة بنت محمد بن اسماعيل بن جعفر الصادق و مشهد آمنة و مشهد أم عبدالله بن القاسم و مشهد أم كلثوم و مشهد رقية [54] .

و كلهن علويات يتصلن بأميرالمؤمنين علي عليه السلام بوسائط كثيرة كما سوف نبين ولكن لم يذكر لقبر زينب الكبري بنت الامام عينا و لا أثرا مع أنه مصري الأصل و المحتد، و أعرف الناس بقبور بلاده، و صاحب البيت أدري بما فيه.

هذا. وضع يدك علي أي كتاب رحالة زار مصر في القرون الأولي و الوسطي لا تجد فيه ذكرا لمشهد زينب العقيلة عليهاالسلام، أما ما يستدل بعبارة الرحالة الكوهيني فسوف نبحث فيه بدقة في موضعه.


قدمنا تراجم عدة من قدامي المؤرخين الذين ألفوا في تاريخ مصر، و هم أكثر اهتماما بضبط الوقائع المتعلقة ببلادهم، و في رعيلهم الأول عز الملك محمد بن عبدالله الحراني المسبحي المتوفي 420 ه، الذي ألف في أخبار مصر في ثلاثة عشر ألف ورقة، كما ذكره ابن خلكان و ابن تغري بردي [55] .

و نحن نورد هنا أسماء جماعة من مؤرخي مصر ممن قصر همه في تأليف الكتب في خطط مصر و مساجدها و مقابرها المقصودة للزيارة، و من ألف في أخبار ملوك مصر و حوادثها الجامعة، و كتبهم تعد مصادر وثيقة في تاريخ مصر بالخصوص.

1- المقريزي: أحمد بن علي بن عبدالقادر المقريزي، المتوفي 845 ه، أصله من بعلبك من محلة المقارزة، و ولد في مصر، و تفقه علي مذهب أبي حنيفة، و له في تاريخ مصر و أخبار الفاطميين كتب قيمة، ترجمه عمر رضا الكحالة في معجم المؤلفين، ج 2، ص 11، ذكر المقريزي المشاهد المتبركة عند أهل مصر المقصودة للزيارة، وعد منها مشهد زين العابدين، يعني مشهد رأس زيد بن علي، المدفون بمصر، و مشهد أم كلثوم بنت محمد بن جعفر الصادق عليه السلام، و مشهد السيدة نفيسة؛ و قال في محل آخر: بخارج باب النصر في أوائل المقابر قبر زينب بنت أحمد بن جعفر بن محمد الحنفية يزار، و تسميه العامة «مشهد السيدة زينب» [56] . و تصريح المقريزي هذا يكفي في رد ادعاء المدعي أن قبر السيدة العقيلة بمصر كالكشف عن منشأ و هم العامة.

و يذكر المقريزي الشيعة بمصر و رسومهم في عهد الفاطميين و اجتماعهم يوم عاشوراء عند مشهد كلثم و السيدة نفيسة [57] ، ولكن لا نجد في جميع كتبه ذكرا لقبر العقيلة زينب الكبري، اذ لو كانت هناك تربة للسيدة العقيلة عليهاالسلام لما فات الشيعة قط أن يجتمعوا عندها و ينوحوا و يبكوا في يوم عاشوراء، كما كانوا ينوحون و يبكون علي الحسين عليه السلام


عند مشهد أم كلثوم بنت محمد بن جعفر الصادق، و مشهد السيدة نفيسة، مع أن المقريزي ذكر مقتل الحسين عليه السلام و أخبار العقيلة زينب عليهاالسلام في كربلاء عند ذكره لرأس السبط عليه السلام المدفون بمصر كما قالوا.

2- ابن الزيات الأنصاري: الحافظ شمس الدين أبوعبدالله محمد بن ناصرالدين الأنصاري المصري، المتوفي 814 ه، له في ذكر المقابر المصرية المقصودة للزيارة كتاب حافل في غاية التحقيق و المتانة، سماه «الكواكب السيارة في ترتيب الزيارة»، ذكر فيه جميع المسميات بزينب المدفونات في مصر مع تراجمهن و وفاتهن و مقابرهن، و غيرها من المقابر المعروفة بمصر، نحن نسوق الي القارئ قائمة لسائر الزينبات اللواتي ذكرهن مع قيد الصفحة، و لا تري فيهن زينب الكبري بنت الامام علي عليه السلام:

زينب بنت الأباجلي 43، زينب بنت سنان 55، زينب الكلثمية 92، زينب بنت المهذب 97، زينب بنت يونس 105، زينب بنت شعيب 106، زينب الفارسية 224، زينب بنت محمد بن علي بن عبدالله بن محمد بن يحيي بن ادريس بن عبدالله المحض بن الحسن المثني بن حسن السبط بن علي بن أبي طالب 91، زينب بنت هاشم 90، زينب بنت يحيي المتوج 31، و زينب الحنفية 242 و 284.

و لو كانت العقيلة زينب الكبري بضعة البتول (سلام الله عليها) مدفونة بمصر، لما فاته ذكرها، و لذكرها بكل عز و افتخار، علي أنه صرح في مقدمة الكتاب عدم دخول ولد للامام علي عليه السلام في مصر كما قدمناه.

3- ابن الناسخ المصري: مجدالدين بن الناسخ المصري، المتوفي قرب سنة 800 ه، له في المزارات المصرية كتاب منفرد سماه «مصباح الدياجي و غوث الراجي»، يوجد في الخزانة التيمورية بالقاهرة مخطوطا برقم 84 في فهرس البلدان، ذكر فيه قبر السيدة زينب بقناطر السباع، و عده من قبور الرؤيا التي لا تستند الي سند تاريخي، و أنشئت لأجل الرؤيا لأحد، ما يدل علي أنه قبر، و لم يعرفنا لمن كانت هذه الرؤيا، ثم لم يصرح بأن المدفونة هنا بنت للامام علي عليه السلام المسماة بزينب الكبري، لأن اسم «زينب» فقط


لا يقضتي أنها العقيلة الكبري، و ان كان الذهن أسرع انتقالا الي الفرد الأشهر الأكمل، و لنا في هذا المعني بحث ضاف يأتي في محله.

4- الحافظ السخاوي: شمس الدين محمد بن عبدالرحمان أبوالخير السخاوي المصري، المتوفي 902 ه، نابغة عصره في الفقه و العربية و القراءات و التاريخ و الرجال، و له في ترجمة العقيلة زينب الكبري عليهاالسلام تأليف منفرد، ذكر فيه فروع شرفها و فضائلها و محنها، و لم يذكر فيه أنها دفنت في مصر، مع طول باعه، وسعة اطلاعه في تاريخ بلاده مصر، و قد سبق منا قوله: ان المنقول عن السلف أنه لم يمت أحد من ولد علي عليه السلام لصلبه في مصر، حكاه عنه علي مبارك باشا في الخطط،ج 5، ص 11.

5- ابن ظهيرة المصري: ابراهيم بن علي بن محمد بن ظهيرة المخزومي، المؤرخ المصري المتتبع، تولي قضاء مكة، و تاريخ وفاته 891 ه، و له في تاريخ مصر كتاب حافل سماه «الفضائل الباهرة في محاسن مصر و القاهرة»، ذكر فيه من محاسن أهل مصر اختصاصهم بضريح السيدة نفيسة بنت زيد بن حسن الأنور، المتوفاة سنة 208 ه التي دفنت في مشهدها المعروف بجوار بيوت الخلفاء العباسيين بمصر [58] .

فلو كانت العقيلة زينب الكبري بضعة الزهراء (سلام الله عليها) مدفونة بمصر، لعد ضريحها الشريف من محاسن مصر، لكونها عليهاالسلام أجل شرفا، و أسمي رتبة من السيدة نفيسة.

6- نورالدين السخاوي: الحافظ نورالدين أبوالحسن علي بن أحمد بن عمر بن خلف السخاوي الحنفي المصري، من تلاميذ ابن الزيات، المتوفي 814 ه، له في تحقيق المزارات المصرية كتاب جليل باسم «تحفة الأحباب»، ترجم فيه عدة علويات مسميات بزينب، المدفونات بمصر، و ذكر منهن زينب بنت يحيي بن حسن بن زيد بن حسن في ص 213، و زينب بنت هاشم في ص 217، و زينب بنت محمد بن علي بن عبدالله، ص 218،


و زينب بنت حسن بن ابراهيم في ص 171، و ذكر مزارات قناطر السباع في ص 111، و ليس هنالك لقبر السيدة زينب الكبري بنت الامام علي عليه السلام عين و لا أثر.

7- الحافظ السيوطي: الحافظ الكبير المؤرخ المتتبع جلال الدين عبدالرحمان بن أبي بكر السيوطي المصري، المتوفي 911 ه، عرفه المسلمون بغزارة العلم، وسعة الاطلاع في علوم متشعبة، و تأليفاته تربو علي خمسمائة، و له في تاريخ مصر كتاب قيم سماه «حسن المحاضرة في تاريخ مصر و القاهرة»، ذكر فيه قبر السيدة نفيسة مع ترجمتها [59] .

و له رسالة أخري في تراجم الصحابة و الصحابيات الذين دخلوا مصر أو ماتوا بها سماها «در السحابة فيمن دخل مصر من الصحابة» منقولة بأسرها في حسن المحاضرة، ج 1، من صفحة 81. الي صفحة 171 ترجم فيها سبع صحابيات دخلن مصر و ليس فيها ذكر العقيلة زينب العقيلة عليهاالسلام.

كما أن رسالته الأخري «العجاجة الزرنبية في السلالة الزينبية»، المعروفة ب «الرسالة الزينبية» مطبوعة شائعة ذائعة لم يشر فيها أدني اشارة الي أن زينب العقيلة عليهاالسلام سافرت الي مصر و ماتت بها.

8- ابن تغري بردي: جمال الدين أبوالمحاسن يوسف بن تغري بردي، المتوفي 704 ه، له في تاريخ مصر و أخبار ملوكها و أمرائها و خلفائها تأليف ضخم في غاية المتانة، سماه «النجوم الزاهرة في أخبار ملوك مصر و القاهرة» ذكر فيه دخول السيدة نفيسة في مصر و وفاتها بها و مدفنها [60] ، و ليس فيه ذكر لدخول العقيلة زينب عليهاالسلام في مصر و وفاتها و دفنها هناك.

9- ابن دقماق المصري: المؤرخ المتتبع ابن دقماق ابراهيم بن محمد ايدمر العلائي، المتوفي 792 ه، له في أخبار مصر و خططها و خلفائها تاريخ حافل سماه «الانتصار لواسطة عقد الأمصار»، اطلعنا علي الجزء الرابع منه، ذكر فيه قبر السيدة زينب، و كلثم بنت محمد بن


جعفر، و زينب هذه هي بنت المتوج، كما سيأتي، و قال في موضع آخر: ان أول علوي قدم مصر هو علي بن محمد بن عبدالله بن الحسن المثني، دخلها سنة 145 ه [61] ، و ليس لذكر دخول العقيلة زينب في مصر عين و لا أثر.

10- ابن ميسر المصري: المؤرخ المصري الكبير محمد بن علي بن ميسر، المتوفي 677 ه، له في تاريخ مصر كتاب حافل، ذيله لتاريخ عزالملك المسجي، ذكر فيه حوادث مصر بالتفصيل، و أخبار الفاطميين، و ليس فيه ذكر لقبر العقيلة و رحلتها الي مصر.

هؤلاء المؤرخون الكبار عباقرة الفن، و أكثر الناس تتبعا في احاطة الحوادث و ضبطها، خلت زبرهم عن ذكر قبر زينب العقيلة في مصر؛ فلو كان لها عليهاالسلام هناك مشهد، لكان معروفا طائر الصيت، تشد اليه الرحال، و سار بخبره الركبان، كما لم يختلف أحد قط في مرقد السيدة نفيسة بمصر، حتي قال القضاعي: لم يختلف فيه أحد من أهل التاريخ علي أن السيدة نفيسة تتصل بأميرالمؤمنين عليه السلام بوسائط، و مع ذلك، لأهل مصر بها عقيدة صادقة، و ذكروا لها كرامات، و لمرقدها رواق و حرم و قبة و بناء حافل، و لا يزال غاصا بالزائرين منذ ألف سنة، فما ظنك بزينب الكبري عليهاالسلام لو كانت مدفونة هناك لكان مشهدها معروفا بين المؤرخين القدامي و الجدد، و لافتخر بها أهل مصر افتخارا زاهيا، و هي شجنة كبد البتول الطاهرة، و ربيبة حجر النبي الأعظم صلي الله عليه و آله و سلم، ولكن نصوص المؤرخين و الرحالين دالة علي عدم وجود مرقد ينسب الي العقيلة زينب عليهاالسلام في أعصارهم، انما شهرته حادثة العهد كما سيأتي.

عهد الخلفاء الفاطميين في مصر و مرقد زينب عليهاالسلام: من أجلي البراهين علي عدم وجود قبر السيدة زينب عليهاالسلام في مصر، أننا لا نجد في أخبار الخلفاء الفاطميين في عداد المزارات التي كانت معروفة في عهدهم مزارا منسوبا الي السيدة زينب الكبري عليهاالسلام،


و الخلفاء الفاطميون من السادة الأنجاب، الذين جمعوا بين حسب باذخ و نسب طاهر، لا يطعن فيه الا مكابر مائق، بعدما يقول فيهم السيد الشريف الرضي المتوفي 406 ه.



ما مقامي علي الهوان و عندي

مقول صارم و أنف حمي



ألبس الذل في بلاد الأعادي

و بمصر الخليفة العلوي



من أبوه أبي و مولاه مولا

ي اذا ضامني البعيد القصي



لف عرقي و عرقه سيد النا

س جميعا محمد و علي [62] .



و دولة الفاطميين من أوفر الدول الاسلامية بهاء و ازدهارا، حيث نجحت كل النجاح في تنفيذ خططها، و توفير الثروة علي بلادها، و زهت الحركات العلمية في أيامهم زهاء باهرا، و لا يزال الجامع الأزهر شاهدا حيا علي عظمتهم، و نشاط دولتهم، اذ هو غرس يدهم، و رمز خالد لعهدهم الزاهي يبقي مرور الدهور دائبا علي بث الثقافة الاسلامية و اشعاعها في كافة البلاد.

ازدهرت الشيعة في دولتهم، و نجحوا نجاحا باهرا في بث دعايتهم [63] ، و نادية مراسمهم، و الخلفاء الفاطميون هم الذين سنوا مرسوما جليلا في اكبار يوم الغدير في مصر باهتمام خاص، فكان الخليفة يخرج في هذا اليوم من قصره مع جمع غفير من الوزراء و الأمراء و القضاة و الرعاع و يأتي الي الأيوان الكبير، و هو مزدان بحلل قشيبة من أنواع الزينة و الستور القرقوبية و المصابيح اللامعة و الكراسي المنضدة، فيجلس الخليفة و أركان الدولة الي يمينه و يساره مع وجهاء البلد، و الأيوان غاص، و الخطيب يقرأ ديوان الانشاء، و فيه ذكر نص النبي علي أميرالمؤمنين بالخلافة يوم غدير خم، و بعد الفراغ كان القاضي يصلي بهم ركعتين، ثم يتهادي بينهم هدايا التهاني و التبشير و التبريك [64] و كان مذهب أهل البيت شائعا في عهدهم و ضربوا علي السكة الحمراء لا اله الا الله محمد رسول الله، و علي أفضل


الوصيين و وزير المرسلين، ثم ذكرت أسماء الخمسة النجباء عليهم السلام، و كانت المآذن ترن في عهدهم بصوت «حي علي خير العمل» و يعلو به الهتاف في كل مسجد بمصر [65] .

و هكذا يوم عاشوراء كان في عهدهم يوم حزن تعطل فيه الأسواق و المنشدون يخرجون الي جامع القاهرة محتشدين بالنياحة و النشيد، و كان الخليفة يجلس علي الأرض متلثما محزونا، و كان يحتجب عن الناس أول النهار، ثم يجلس عند الزوال في الجامع، و ذلك قبل أن ينقل الرأس الشريف للامام السبط عليه السلام من عسقلان الي القاهرة، و بعد نقله اليها كانوا يجتمعون في مشهد الرأس و القراء يقرؤون المصيبة نوبة نوبة في رثاء أهل البيت عليهم السلام الي ثلاث ساعات، ثم يفرش سماط الحزن و عليه أطعمة ساذجة شعارا للحزن علي الداهية الكبري [66] .

و قوي أمر الشيعة، فكانوا يجتمعون يوم عاشوراء في جمع غفير عند مشهد السيدة نفيسة، و مشهد كلثم بنت محمد بن جعفر الصادق عليه السلام، مشتغلين بالنياحة و البكاء [67] و استمر دأبهم عليه حتي انقرضت الدولة الفاطمية.

فما ذكره المؤرخون علي اختلاف الكلمات في هذا الباب كاشف عن عدم وجود قبر ينسب الي العقيلة زينب بنت أميرالمؤمنين عليه السلام في عهدهم، و الا فكيف يمكن أنهم يختارون محل الاجتماع للنياحة و البكاء يوم عاشوراء مشهد السيدة نفيسة، و السيدة كلثم، و لا يجتمعون علي قبر زينب العقيلة التي هي الرئيسة المطلقة لحرم الحسين سبايا آل محمد بعد كارثة كربلاء؟ مضافا الي ما للشيعة من ولاء عريق و عقيدة صادقة بالعقيلة الحوراء (سلام الله عليها)، و لا تزال نكباتها الفظيعة تقرح جفونهم حتي اليوم، و نحن بعد سبرنا الدقيق أغوار تاريخ الخلفاء الفاطميين و دراسته دراسة شاملة، علمنا أن قبور العلويات التي كانت تزار في عهدهم و يقصدها الخلفاء هي ما يلي:


1- قبر السيدة نفيسة بنت الحسن الأنور.

2- قبر السيدة كلثم بنت محمد بن جعفر الصادق عليه السلام.

3- قبر السيدة زينب بنت يحيي المتوج بن الحسن الأنور، و هذه السيدة كانت عند أهل مصر في غاية الاكرام، و لهم فيها عقيدة راسخة، و لها كرامات كثيرة يتناقلها المصريون و كان الخليفة ظاهر الفاطمي يزورها ماشيا؛ و قال السخاوي: ليس في قبرها خلاف [68] . و زيارة ظافر الفاطمي لمرقدها ذكره جميع أصحاب المزارات المصرية، لا يختلف فيه اثنان حتي جاء الدهر بالأستاذ حسن قاسم المصري، فادعي أن ظافر كان يزور مرقد العقيلة زينب الكبري بنت أميرالمؤمنين و تبعه العلامة النقدي [69] ، اشتباه واضح منشؤه اشتراك الاسم، و بينا لك أنه لم يكن في عهد ظافر و جميع الخلفاء الفاطميين بمصر قبر ينسب الي زينب بنت أميرالمؤمنين عليه السلام.

و قبر زينب بنت يحيي قبال قبر أم كلثوم بنت محمد بن جعفر عليه السلام، كما ذكره أصحاب المزارات، و هذان المشهدان يذكرهما ابن دقماق، و قال: أمر مأمون البطائحي في شهر ربيع الأول سنة 516 ه بتجديد مشاهد أولها مشهد السيدة زينب و آخرها مشهد أم كلثوم، و أن يجعل علي كل مشهد لوح رخام عليه اسمه و تجديد عمارته [70] . و المأمون البطائحي هو أبوعبدالله محمد بن الفاتك وزير الخليفة الفاطمي الآمر بالله اعتلي منصب الوزارة سنة 515، ذكره ابن ميسر [71] و عبارة ابن دقماق مشعرة بأن السيدة زينب عند أهل مصر هي بنت يحيي المتوج بن حسن الأنور بلا ريب عند اطلاق الاسم و هكذا كلثم أو أم كلثوم المدفونة عندهم هي بنت محمد بن جعفر عليه السلام، و الذهن أسرع تبادرا بتصور أكمل الأفراد و أشهرها عند الاطلاق، فنحن لا ننكر أن تكون زينب مدفونة


بمصر، ولكن ليست هي بنت أميرالمؤمنين عليه السلام لصلبه، فالجوهر السكري يذكر بناء محمد علي باشا لقبر السيدة زينب و مسجدها [72] ، و لم يصرح أنها بنت أميرالمؤمنين لصلبه، و العجب من الشيخ جعفر النقدي كيف حسبها زينب العقيلة بنت الامام علي [73] ؟! و لعمري، أنه اشتباه لا يخفي علي المتتبع البصير.

ذكر بعض مشاهد العلويين المعروفة بمصر: لا بأس أن نذكر ههنا عدة من مشاهد العلويين المعروفة في مصر لم تزل تقصد للزيارة، و زارها السلف و الخلف، و ذكرها أصحاب التاريخ و المزارات قديما و حديثا:

1- السيدة نفيسة بنت حسن بن زيد بن حسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام، المتوفاة 208 ه، دخلت مصر مع زوجها اسحاق المؤتمن بن جعفر الصادق عليه السلام، فأقامت بها حتي توفيت، و أراد زوجها أن ينقلها الي المدينة لتدفن في البقيع، فسأله المصريون ابقائها عندهم ليكون لهم الشرف، فدفنت في دارها، حيث قبرها الآن، و مشهدها فوق القرافة، كان يعرف قديما بدرب السباع، و كانت من النساء الصالحات، لها زهد و تقوي و عبادة، روت زينب بنت يحيي المتوج عن ابنة أخيها و قالت: خدمت عمتي أربعين سنة، ما رأيتها نامت قط ليلا و لا أفطرت قط نهارا، و كنت أجد عندها ما لا يخطر ببالي، و لا أعلم من يأتي به عندها، فتعجبت من ذلك، فقالت: يا زينب! من استقام مع الله كان الكون بيده. و قد أفرد جماعة من القدامي فضلا عن المتأخرين و المعاصرين، في ترجمتها، و ذكروا لها فضائل و كرامات، منهم أبوعلي محمد بن أسعد الجواني الحسيني المتوفي 600 ه، و له كتاب «الروضة الأنيقة بفضل السيدة نفيسة»، ذكره المقريزي، و منهم شمس الدين محمد بن طولون الدمشقي المتوفي 953 ه، له «الدرة النفيسة في ترجمة السيدة نفيسة»، ذكره في الفلك المشحون في ترجمة ابن طولون له، ص 35، طبع دمشق.

قال القضاعي المتوفي 452 ه: ليس في قبر السيدة نفيسة خلاف، فأنه قد زارها الخلف من السلف، و هو مكان جليل معروف باجابة الدعاء. و قال ابن أسعد الجوالي:


ليس في قبر السيدة نفيسة خلاف، فقد زارها الأعلام. و ذكر ابن الزيات جماعة عظيمة من العلماء و المحدثين ممن تشرف بزيارتها، و توفيت في شهر رمضان سنة 208 ه، و كان يوم وفاتها يوما مشهودا أتوها من أقاصي البلاد و الضواحي حتي صلوا عليها بعد دفنها، و لأهل مصر بها كمال الاعتقاد، و يفتخرون بضريحها قديما و حديثا؛ راجع لترجمتها المصادر التالية:

حسن المحاضرة للسيوطي ج 1 ص 242، تاريخ ابن خلكان ج 2 ص 301، الفضائل الباهرة في محاسن مصر و القاهرة ص 193، تحفة الأحباب للسخاوي ص 126، الكواكب السيارة لابن الزيات ص 31، الأعلام للزركلي ج 9 ص 17، شذرات الذهب ج 2 ص 21، الخطط و الآثار للمقريزي ج 3 ص 341، النجوم الزاهرة ج 2 ص 185، و الكامل لابن الأثير ج 5 ص 207، معجم البلدان ج 4 ص 554، فوات الوفيات ج 2 ص 310، طبقات الشعراني ج 1 ص 66، مراقد المعارف ج 2 ص 344، الغدير ج 5 ص 197.

2- السيدة زينب بنت أحمد بن محمد بن جعفر بن محمد الحنفية بن الامام علي بن أبي طالب، دخلت مصر سنة 212 ه مع أخيها، و قبرها خارج باب النصر المعروف عند العامة قبر السيدة زينب، ذكره المقريزي و السخاوي و ترجمها العبيدلي [74] .

3- السيدة زينب بنت يحيي بن حسن بن زيد بن حسن السبط بن علي بن أبي طالب عليه السلام، ذكرها ابن الجباس في طبقات الأشراف، و العبيدلي في أخبار الزينبات؛ و قال السخاوي: ليس في قبرها خلاف، كان أهل مصر يأتون الي زيارتها، و كان ظافر يزورها ماشيا، و توفيت سنة 240 ه، و ذكر المصريون لها كرامات كثيرة يطول المقام بذكرها، ذكرها ابن الزيات و غيره [75] .


4- السيدة آمنة الوسطي بنت الامام موسي بن جعفر عليه السلام، ذكر النسابة أبوالحسن العمري في المجدي أن قبرها بمصر، و ذكره الحموي و الاسكندري و عبدالرزاق كمونة النجفي [76] .

5- السيدة أم كلثوم بنت محمد بن جعفر الصادق عليه السلام، ذكر المقريزي اجتماع الشيعة يوم عاشوراء عند قبرها بالنياحة و البكاء في عهد الفاطميين، كما سبق، و ذكر مرقدها بمصر الحموي، و ابن جبير، و السيد محمد كاظم الموسوي في «النفحة العنبرية» المخطوط، و الجرجاني في «تعليقة بحر الأنساب».

6- السيد اسماعيل بن موسي بن جعفر عليه السلام، قال النجاشي: سكن مصر و هو صاحب كتاب «الجعفريات»، و مات بها و ولده هناك، ذكر مرقده بمصر السيد حسن الصدر، و ترجمه الامام الخوئي (أدام الله ظله)، و السيد جعفر بحرالعلوم و غيره [77] .

7- السيد أبومحمد عبدالله بن أحمد بن علي بن الحسن بن ابراهيم بن طباطبا العلوي الحسني المتوفي 348 ه، توفي بمصر، و مرقده معروف باجابة الدعاء، ذكره ابن خلكان [78] .

8- مشهد زين العابدين المعروف علي لسان العامة، و هو مشهد رأس زيد بن علي ابن الحسين (سلام الله عليهم)، قطعه يوسف بن عمر عندما استشهد بكناسة الكوفة، و سير برأسه في الأرجاء، و بقي مدة منصوبا علي باب دمشق، و بعثه هشام الي المدينة و منها الي مصر، فنصب بالجامع، ثم سرقه أهل مصر، فدفنوه في مسجد محرس الخصي؛ قال النسابة ابن أسعد الجواني: «هو مشهد صحيح، لأنه طيف به في مصر ثم نصب علي المنبر بالجامع سنة 122 ه»، ثم كشفه أمير الجيوش فوجد في الجبهة أثر في سعة درهم، فضمح و عطر، و كان الكشف يوم الأحد تاسع عشر ربيع الأول سنة 525 ه، و هو اليوم مزار معروف يقصده الناس ليلا و نهارا، و معروف باجابة الدعاء. قال المقريزي: هذا المشهد باق بين كيمان مدينة مصر، يتبرك به الناس و يقصدونه، لاسيما في يوم عاشوراء،


و العامة تسميه زين العابدين و هو وهم، انما زين العابدين أبوه و ليس بمصر، بل قبره بالبقيع [79] .

9- مشهد رأس الحسين عليه السلام معروف بمصر، زاره ابن جبير، و ذكره المقريزي، و هو محل شريف لاستجابة الدعاء، ظهرت منه الكرامات الكثيرة، ذكرها الشبراوي و العدوي [80] .

هذه المشاهد لأهل البيت عليهم السلام معروفة في مصر، و لا يزال الناس يواظبون علي زيارتها و تعهدها منذ قديم، و لهم ترتيب خاص في زيارتها، ذكره الأستاذ أحمد فهمي، و قال: كان السلف الصالح يلتزمون زيارة مشاهد آل البيت و قبور الأئمة و السادة من الأولياء و الصالحين، و كان بعضهم يري أن يبدأ الزيارة من مشهد الامام الحسين، و بعضهم يري أن يبدأ بالمشهد النفيسي، أما زائرو القرافة من الخلفاء و الأمراء و الوزراء و العلماء الصالحين، فانهم كانوا يبدأون بزيارة السيدة نفيسة و يختمون الزيارة بمشهد الحسين. و قال المقريزي في خططه: و قبر السيدة نفيسة أحد المواضع المعروفة باجابة الدعاء بمصر، و هي أربعة مواضع: سجن نبي الله يوسف الصديق، و مسجد موسي، و هو الذي بطرا، و مشهد السيدة نفيسة، و المخدع لدي يسار المصلي في قبلة مسجد الاقدام بالقرافة، فهذه المواضع لم يزل المصريون من أصابته مصيبة أو لحقته فاقة أو جائحة يمضون الي أحدها فيدعون الله فيستجيب لهم، و مجرب ذلك [81] .

هذا هو الترتيب الذي التزم به السلف الصالح من زيارة المشاهد، و لا تري أحدا منهم يزور قبر السيدة العقيلة زينب، و ان كان لها هناك مشهد، فلماذا يبدأون زيارتهم بمشهد السيدة نفيسة، اذ هي ليست بأفضل من فلذة كبد الزهراء (سلام الله عليها)، و لماذا لا نراهم ملتجئين عند الشدائد الي مشهدها و هي التي تربت و ترعرعت في حجر النبوة و الولاية، و ارتضعت بدر بضعة النبي الطاهرة صلي الله عليه و آله و سلم؟ و لماذا لا يعد أهل مصر مشهدها


أحد مواضع استجابة الدعاء عند النوازل و الشدائد؟ هل مشهدها أقل رتبة من سجن يوسف النبي، و مسجد موسي، و قبر السيدة نفيسة؟! و هذا برهان قاطع علي أن السلف الصالح ما كان يخطر ببالهم أن هناك تربة تضم جثمان السيدة زينب العقيلة عليهاالسلام.

منشأ الاشتباه بوجود قبر زينب بمصر: ظهر لنا، بعد التتبع الدقيق، أن الاشتباه بوجود قبر العقيلة زينب بنت أميرالمؤمنين عليه السلام نشأ لتعدد المسميات بزينب من العلوية و غيرهم المدفونات بمصر، و الذهن أسرع تبادرا عند سماع الاسم الي أشهر الأفراد و أكملها، و المسميات بزينب في مصر كثير؛ ذكر ابن الزيات منهن زينب الكلثمية، و زينب بنت محمد بن علي، المنتهي نسبها الي الحسن المثني بن الحسن السبط عليه السلام، و زينب بنت المهذب، و زينب بنت هاشم، و زينب بنت يونس، و زينب بنت يحيي المتوج، و زينب الحنفية المدفونة عند باب النصر، و زينب بنت الأباجلي، و زينب بنت سنان، و زينب بنت شعيب، و زينب الفارسية.

و زاد السخاوي: زينب بنت حسن بن ابراهيم. و زاد العبيدلي عليهن زينب بنت قاسم ابن محمد بن جعفر، و زينب بنت موسي بن جعفر، و زينب بنت أحمد بن محمد بن محمد ابن عبدالله بن جعفر الصادق عليه السلام [82] .

و من المعلوم أن عادة العامة و الخاصة جرت منذ قديم أنهم ينسبون العلويين الي رسول الله و أميرالمؤمنين عليهماالسلام بلا واسطة، ولو كانوا يمتون بهما بوسائط كثيرة [83] ، و يريدون بذلك التبجيل بنسبهم الباذخ؛ أما تري الفرزدق يقول في مدح الامام زين العابدين علي ابن الحسين عليه و علي آبائه آلاف التحية والسلام:



هذا ابن خير عباد الله كلهم

هذا التقي النقي الطاهر العلم



هذا الذي أحمد المختار والده

صلي عليه الاله ما جري قلم






هذا ابن سيدة النسوان فاطمة

و ابن الوصي الذي في سيفه نقم



هذا علي رسول الله والده

أمست بنور هداه تهتدي الظلم



هذا ابن فاطمة ان كنت جاهله

العرب تعرف من أنكرت و العجم



و كل يعرف أن رسول الله و أميرالمؤمنين علي عليهماالسلام لم يكونا والديه عليه السلام بلا واسطة، و لا فاطمة الزهراء عليهاالسلام أما بلا واسطة، بل هو يتصل بهم بواسطة الحسين عليه السلام.

فان هذه النسبة ربما أوهمت كثيرا من البسطاء الذين لم يعرفوا حقائق النسب، فكم من قبر صاحبه علوي يمت الي الامام علي بن أبي طالب عليه السلام بقرابة بعيدة نسبوه الي أولاد الامام بلا واسطة؛ مثلا يذكر ابن جبير من مشاهد العلويات بمصر، مشهد مريم بنت علي بن أبي طالب، مع أن علماء الأنساب لا يعرفون في بنات أميرالمؤمنين عليه السلام من تسمي مريما، و ظهر لنا بعد التحقيق أنها مريم بنت عبدالله بن محمد بن أحمد بن اسماعيل ابن قاسم الرسي بن ابراهيم بن اسماعيل بن ابراهيم الغمر بن حسن المثني بن حسن السبط بن علي بن أبي طالب عليهم السلام [84] . و ذكر الحموي و ابن شاهين من قبور العلويات بمصر قبر رقية بنت علي بن أبي طالب، مع أنها رقية بنت عبدالله بن أحمد بن الحسين الحسينية ذكرها ابن الجباس [85] .

ذكر الأستاذ أحمد فكري في كتاب «مساجد مصر» أنه عثر أخيرا علي تابوت خشبي عليه نقوش في كتابة كوفية، و هي «هذا ضريح السيدة رقية بنت أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، أمر بعمل هذا الضريح المبارك الجهة الأمرية التي يقوم بخدمتها القاضي مكنون الحافظي علي يد السني أبوتراب حيدرة بن أبي الفتح، فرحم الله من ترحم عليه في سنة ثلاث و ثلاثين و خمسمائة» [86] .

فالوجه فيه بناء علي صحة المرقد المذكور هو ما ذكرناه، و لا يصح أن تكون رقية


هذه بنتا للامام علي بن أبي طالب لصلبه، لأنها ان كانت من بطن الزهراء عليهاالسلام، كما يقول الدار قطني، و الليث بن سعد، و ابن الجوزي، فماتت في صغرها [87] ، لا يمكن أن تقبر في مصر، و هي لم تفتح الا في خلافة عمر بن الخطاب؛ و ان قلنا أنها رقية أخت عمر الأكبر من بطن الصهباء أم حبيب، فسبق منا التصريح بعدم دخول أي من ولد علي لصلبه في مصر، فما جاء في كتاب مشاهد العترة، ص 327 أن رقية المدفونة بمصر هي زوجة مسلم بن عقيل و هم بلا ريب.

كما لا مقيل من الحقيقة لما جاء به حسن قاسم من أنها رقية بنت علي بن موسي الرضا عليه السلام، تعويلا علي بيت شعر مكتوب علي حجر منصوب هناك:



بقعة شرفت بآل النبي

و بنت الرضا علي رقية



لأن أهل النسب اتفقوا علي أنه لم يكن للرضا عليه السلام بنت اسمها رقية، أما ما نسب الي الصدوق أنه ذكر له بنتا اسمها فاطمة، فقول شاذ، و الأصح أنها أخته، و الأكثر علي أنه عليه السلام لم يكن له الا الخلف الصالح محمد بن علي الجواد سلام الله عليه [88] .

نظرة في عبارة الرحالة الكوهيني: اذا عرفت هذا، فلا يخفي عليك و هن الاستدلال الذي جاء به الأستاذ حسن قاسم المصري، و تبعه علي ذلك العلامة الشيخ جعفر النقدي رحمه الله، حيث نقل عن الرحالة أبي عبدالله محمد الكوهيني الفاسي الأندلسي الذي دخل القاهرة في 14 محرم الحرام سنة 369 ه، فزار جملة من المشاهد، و منها المشهد الزينبي، و الخليفة يومئذ أبوالنصر نزار بن المعز لدين الله أبوتميم الفاطمي، و قال عندما وصف هذا المشهد: دخلنا مشهد زينب بنت علي فوجدناه داخل دار كبيرة، و هو في طرفها البحري ليشرف علي الخليج، فنزلنا اليه بدرج وعاينا الضريح، فوجدنا عليه دربوزا قيل لنا انه من القماري، و استبعدنا ذلك، ولكن شممنا رائحة طيبة، و رأينا علي الضريح


قبة بناءها من الجص، و رأينا في صدر الحجرة ثلاثة محاريب، أطولها الذي في الوسط، و علي ذلك منقوش غاية في الاتقان، يعلو باب الحجرة زليجة قرأنا فيها بعد البسملة: (ان المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا)، هذا ما أمر به عبدالله و وليه أبوتميم أميرالمؤمنين، الامام العزيز بالله صلوات الله عليه و علي آبائه الطاهرين و أبنائه المكرمين بعمارة هذا المشهد علي مقام السيدة الطاهرة بنت الزهراء البتول زينب بنت الامام علي ابن أبي طالب صلوات الله عليهما و علي آبائها الطاهرين و أبنائها المكرمين» [89] .

فان هذا المشهد الذي يصفه الكوهيني ليس للسيدة زينب الكبري بنت أميرالمؤمنين عليه السلام، اذ لو كان لها مشهد بمصر بهذه الأبهة و الفخامة التي يذكرها، فلماذا اختفي عن بقية الرحالين و المؤرخين الذين لم يذكروا عنه شيئا؟ و لماذا اختفي أمره علي معاصر الكوهيني المؤرخ الكبير الذي صرف همه في تحرير حوادث مصر، خاصة حسن بن ابراهيم بن زولاق المتوفي 388 ه، الذي كان حيا في عين الزمان، الذي ورد فيه الكوهيني في مصر و شاهد هذا المشهد و هو ينكر دخول أي ولد لعلي عليه السلام لصلبه في مصر، و يقول: أول من دخل مصر من علي سكينة بنت علي بن الحسين عليه السلام، كما ذكرناه؛ فالظاهر أن هذا المشهد للسيدة زينب بنت يحيي المتوج بن الحسن الأنور بن زيد بن حسن بن علي بن أبي طالب، و به قال شيخ الأزهر محمد بخيت المطيعي: ان المدفونة بالمشهد الزينبي في مصر هي زينب بنت يحيي، و لأهل مصر اعتقاد كامل بهذه السيدة، و ذكروا لها كرامات أوردها ابن الزيات في الكواكب السيارة، ص 87، و ذكرنا فيما سبق أن ظافر الفاطمي كان يزورها ماشيا، فلو كانت هذه المدفونة السيدة زينب الكبري عقيلة بني هاشم، لذكر مدفنها المقريزي و السيوطي و السخاوي و الحافظ السلفي كما ذكروا غيرها من العلويات المدفونات بمصر، ولكن ليس في كتبهم لهذا المشهد عين و لا أثر.[...]

و مشهد السيدة زينب عند قناطر السباع، الذي يصر الشعراني و حسن قاسم، و جعفر النقدي النجفي، أنه للعقيلة زينب الكبري بنت علي بن أبي طالب عليه السلام، ولكن مجد الدين


ابن الناسخ المتوفي قرب 800 ه يحدثنا أن قبر السيدة زينب بقناطر السباع من مشاهد الرؤيا [90] .

آراء علماء مصر الكبار في المشهد الزينبي: اذا أحطت خبرا بالقيمة التاريخية لمشهد السيدة زينب بالقاهرة و ما ارتأه فيه عباقرة الفن من علماء مصر القدامي، فنحن نزف اليك آراء المحققين الجدد من أعلام مصر، و ذوي الخبرة منهم، و في طليعتهم شيخ جامعة الأزهر، أكبر جامعة اسلامية، و شيخها عالم مرموق الشخصية، بلغ من الحنكة حتي أتيح له أن يكون شيخا لجامعة كالأزهر، و فوضت اليه قيادة الدين و الزعامة المطلقة في جميع الأقطار الاسلامية التي تقدر للأزهر مكانتها العلمية، فلا محيص لحسن قاسم و زملائه عن البخوع الي تحقيقه.

كلمة علي مبارك باشا: الأستاذ علي بن مبارك بن سليمان الروجي المتوفي 1311 ه، وزير الأشغال العمومية لحكومة مصر، و أحد أركان النهضة العلمية و العمرانية، اشتهر بعلمه الجم، و فضله في تأسيس المطبعة العربية، و بناء القناطر الخيرية، و الخطوط الحديدية، و دار العلوم و المكتبة الخديوية، و كتابه الخطط التوفيقية، مصدر خصب وثيق في تاريخ مصر الحديث، لا تخفي قيمته العلمية علي كل مصري ثقيف. قال رحمه الله: اني لم أر في كتب التاريخ أن السيدة زينب بنت علي (رضي الله عنها) جاءت الي مصر في الحياة أو بعد الممات. و قد ذكر الثقة القدوة أبوالحسين محمد بن جبير الأندلسي الغرناطي في رحلته التي عملها في أواخر القرن السادس من الهجرة النبوية: أن ما حصله العيان بمصر المحروسة من مشاهد الشريفات العلويات رضي الله عنهن، و تلقيناه من التواريخ الثابتة عليها مع تواتر الأخبار بصحته، هو مشهد أم كلثوم بنت القاسم بن محمد بن جعفر، و مشهد السيدة زينب بنت يحيي بن زيد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب، و مشهد أم كلثوم بنت محمد بن جعفر، و مشهد السيدة أم عبدالله بن محمد. و قال: و هي أكثر من ذلك، و لم يذكر مشهد السيدة زينب أخت الحسين؛ و في المزارات للسخاوي: أن المنقول


عن السلف، أنه لم يمت أحد أولاد الامام علي لصلبه بمصر، و انما يذكر ذلك في كتب بعض الصوفية [91] .

ثم نقل أقوالا عن حسن العدوي و الصبان و من لف لفهم، يرجع القول جميعهم الي الشعراني صاحب الأنوار القدسية، و هو يروي عن شيخه علي الخواص المجذوب، و سوف يوافيك تحقيقنا عنه و عن شيخه المذكور و نزعاته و ميوله و شذوذه.

كلمة شيخ الأزهر: وجه الأستاذ محمد توفيق، عضو الوزارة الداخلية بمصر، مسألة الي الهيئات العلمية و أهل الخبرة و التحقيق من علماء مصر، نصها: «هل قبر زينب الكبري بنت الامام علي في مصر؟» و طلب منهم أجوبة شافية محفوفة بالبراهين الوافية نشرتها مجلة الاسلام المصرية العدد 40 الصادرة 5 شعبان 1351 ه، و تسلمت المجلة عدة مقالات لجماعة من أفاضل مصر و نشرتها في أعدادها المتعاقبة، و منهم الشيخ محمد بخيت المطيعي شيخ الأزهر، و مفتي الديار المصرية المتوفي 1354 ه [92] ، و بالأسف أننا بعد جهدنا الوافي لم نوفق للعثور علي أصل مقالة الشيخ، بل وجدناها مترجمة الي اللغة الفارسية في بعض الكتب المطبوعة، و خلاصة ما احتوته مقالته: أنه بعدما أنكر وجود قبر العقيلة زينب بمصر، و استدل بكلمة علي مبارك باشا التي أوردناها آنفا، قال: ان المدفونة في المشهد المنسوب الي زينب بنت علي في مصر هي زينب بنت يحيي بن زيد ابن حسن الأنور [93] ، ثم قال: ان يقين المتصوفة بأن هذا المشهد للسيدة زينب بنت علي


مبني علي المكاشفة و المشاهدة علي أثر الرياضيات، و أما التاريخ فلم يذكره مؤرخ، و لم يسمع عن أحد أبدا أن أحدا من القرون الأولي أو الوسطي جاء لزيارة قبر السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب الي مصر، مع أنها من ذرية رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و الذي هو المتسالم عليه أن المدفونة بالجامع الزينبي هي زينب بنت يحيي بن زيد بن علي عليه السلام.

كلمة الأستاذ أحمد الشرباصي: الأستاذ أحمد الشرباصي رئيس وزارة الأوقاف لشؤون الأزهر الشريف بمصر، و خريج مدرستها الكبري، ألف في ترجمة السيدة زينب بنت علي عليه السلام كتابا، و الأستاذ أحد المساندين للأديب حسن قاسم لصحة المشهد الزينبي المصري، الا أنه لا يقطع بعين المشهد المخصوص الذي يزار الآن في مصر باسمها، فقال: انه من الصعب تحديد المكان الذي دفنت فيه تحديدا مضبوطا، و خصوصا بعد تقادم العهد، و تبدل الأبنية، و تغير العالم، و كذلك يرون أن أكثر الروايات و الأخبار التي وردت في هذا الباب تعتبر حوادث شخصية و أخبارا فردية، أو منامات، أو رؤيا لا يعتمد عليها المؤرخ [94] .

كلمة فريد و جدي: البحاثة المصري الكبير الفاضل محمد فريد وجدي المصري المتوفي 1373 ه، أحد مشاهير الكتاب المؤلفين، و مؤلف الموسوعة الكبيرة دائرة المعارف، و هو أحد القائلين بأن زينب مدفونة بالقاهرة، ولكن له رأي انفرد به عن جميع من سواه فقال: (زينب) هي السيدة زينب بنت الحسين بن علي بن أبي طالب، كانت من كرام العقائل، و شريفات الكرائم، ذات تقي و طهر، هاجرت الي مصر، و توفيت بها، و لها قبر يزار في القاهرة [95] . و من العجيب ما قال العلامة النقدي حاكيا عن فريد و جدي هذه


العبارة عن كنز العلوم و اللغة له: لعل الأصل أخت الحسين بن علي، و تبديل الأخت بالبنت غلط مطبعي [96] ، و ليس فيه مجال الغلط، لأن فريد وجدي ترجم زينب بنت علي أخت الحسين قبل زينب بنت يحيي بعنوان مستقل من صفحة 795 الي 897، و ذكر خطبتها في الكوفة، و جملة من أحوالها، و ترجم زينب بنت الحسين بعنوان خاص بعد ترجمة العقيلة زينب عليهاالسلام، فهذا رأي فريد وجدي الطريف في زينب المدفونة بالقاهرة، فتأمل اذ هو منكر أن تكون المدفونة في مصر هي زينب بنت علي بن أبي طالب عليه السلام كما هو المدعي.

نظرة في المصادر - المنوه بها لوجود قبر السيدة زينب بمصر -: يحق لنا أن نسبر المصادر التي يتشبث بها في اثبات قبر العقيلة زينب في مصر.

رسالة أخبار الزينبات و قيمتها العلمية: اذا ثبت مما مضي أن عباقرة التاريخ و السير القدامي لم يعرفوا لزينب الكبري قبرا في مصر، و ظهر خطأ من نسب هذا القول الي ابن عساكر و ابن طولون، و ما لكتب الشعراني من قيمة في سوق الاعتبار، بقي ههنا مصدر أصبح حجرا أساسيا في هذا البحث عند أصحابنا المتأخرين، و اعتمد عليه ثلة من الأفاضل، حتي أن البحاثة الكبير العلامة السيد عبدالرزاق الموسوي المقرم المتوفي 1391 ه، عول عليه مدة كما يظهر من قوله عند ذكره لقبر زينب بمصر في هامش كتابه «زيد الشهيد» [97] .

و اعتمد عليه سيدنا العلامة الكبير السيد محمد صادق بحرالعلوم (دام مجده) في مجموعته المخطوطة الحديقة الغناء، ص 257 عند بحثه عن قبر زينب، و هكذا اعتمد عليه العلامة الأردوبادي و النقدي و غيرهم، ولكن لنا حق التنقيب و الفحص عن قيمة هذا المصدر العلمية قبل أن نطمئن الي هؤلاء المشايخ، و ما أرتاؤه، و لهم العذر فيه لا يخفي.

الا - و ذلك المصدر رسالة صغيرة في و ريقات تعد بالأنامل، اسمها «أخبار الزينبات»،


عثر عليها الأستاذ حسن قاسم المصري في بلاد الشام، و طبعها مع اضافات أخر، و استدل برواياتها علي تصحيح المرقد الزينبي بمصر.

و ذكر أنها لأمير المدينة و ابن أميرها يحيي بن الحسن بن جعفر بن عبيدالله بن حسين الأصغر بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام المتوفي 270 ه، و لا ريب في أن هذا الرجل جاء ذكره مكررا مع مدحه و توثيقه في كتب الرجال و الأنساب ذكره النجاشي و وصفه بالعالم الفاضل الصدوق، و قال: «روي عن الرضا عليه السلام، و صنف كتبا منها نسب آل أبي طالب و كتاب المسجد» [98] .

أما المتأخرون من أعلامنا فمنهم من قدح فيه، فقال الطريحي يحيي بن الحسن بن جعفر: «مشترك بين جماعة» لا حظ لهم في التوثيق. و قال الكاظمي: «مشترك بين ثقة و غيره». و قال المجلسي: «ممدوح»، و حكي ذلك أيضا عن صاحب البلغة، و قال المامقاني حسن كالصحيح [99] .

و المحقق القهبائي ذكره مشتركا بين ستة [100] .

ففي غاية الاختصار: يحيي بن الحسن بن جعفر الحجة هو السيد الفاضل الدين الخير النسابة المصنف أظن أنه أول من جمع الأنساب بين دفتين، و هو أوحد رجال الامامية، كان الي بنيه اعادة المدينة، و هي في عقبه الي يومنا هذا صنف نسب آل أبي طالب، ابتدأ فيه بولد أبي طالب ابن عبدالمطلب بن هاشم لصلبه، ثم بولدهم بطنا بعد بطن الي قريب من زمانه، و هو كتاب حسن ما رأيت مثله في مصنفات الأنساب أحسن و لا أعدل و لا أنصف و لا أرضي منه؛ ولد الأمير أبوالحسين يحيي النسابة في المحرم سنة 214 ه، بمدينة سيدنا رسول الله بالعقيق، في قصر عاصم، و توفي سنة 277 ه بمكة [101] .


ولو سلمنا كونه من الامامية، كما في «غاية الاختصار»، فلا مجال أيضا للاعتماد عليه فيما يروي عن الزبير بن بكار و من لف لفه، المنحرفين عن أهل البيت عليهم السلام؛ فالشيخ المفيد رد روايته عن الزبير بن بكار في المسائل السروية [102] .

تصنيفات يحيي النسابة: أما تصنيفاته، فالنجاشي رحمه الله عد منها كتاب «المناسك» عن علي بن الحسين عليه السلام، و كتاب «نسب آل أبي طالب»، و كتاب «المسجد» [103] .

علي أن القدامي من أصحاب الفهارس و الرجال، كالنجاشي، و ابن شهر آشوب، و من المتأخرين حاجي خليفة صاحب كشف الظنون و غيرهم ذكروا في ترجمة يحيي بن حسن العبيدلي تصنيفاته، و لم يذكر أحد منهم أخبار الزينبات.

هب أن هذه الروايات التي تروي في أخبار الزينبات للعبيدلي، فلماذا لم يروها نفس العبيدلي في كتبه الأخري، كأخبار المدينة، و كتاب النسب و غيرهما؟ و تأليفاته لم تكن مخفية علي الباحثين القدامي، و لم تزل كمصدر خصب لدي المؤلفين، و نقل عنها كثيرا أبوالفرج الاصفهاني في «مقاتل الطالبيين»، و شيخ الشرف العبيدلي في «تهذيب الأنساب»، و ابن طقطقي في «النسب الأصيلي»، و النسابة العمري في «المجدي»، و أكثرهم تعرضوا لترجمة زينب الكبري، ولكن لم ينقل أحد عن يحيي بن الحسن العبيدلي أنها ذهبت الي مصر و ماتت بها.

بحثنا حول ما قيل بأن قبر السيدة زينب في البقيع بالمدينة المنورة: هناك ثلة من علماء الشيعة و السنة ممن يري أن قبر العقيلة السيدة زينب الكبري عليهاالسلام بالمدينة، و دفنت عند قبور أسرتها الكريمة.

و نحن لا ننكر أن يكون مدفنها الطاهر في البقيع في المدينة المنورة، اذ هي وطنها الكريم، و بها قبور اخوتها، و شيوخ قومها، و جدها، و أمها، ولكن بشرط أن يقوم عليه دليل قاطع أو نص تاريخي.

لأن قبور البقيع ذكرها المؤرخون قديما، و حديثا يذكرها ابن النجار في تاريخه، و السمهودي في تاريخه الحافل [104] في باب مخصوص لذكر مزارات أهل البيت و الصحابة،


و لا نجد فيها قبر العقيلة زينب عليهاالسلام، لا في القبور المعمورة، و لا المطموسة، اذ من طبع الحال أن يكون مرقدها بجنب مرقد أخيها الحسن، و أمها الزهراء و بقية أهل البيت عليهم السلام، و هذه المزارات مع قبر فاطمة الزهراء عليهاالسلام كانت بارزة معروفة في زمان المؤرخ أبي الحسن علي بن الحسين المسعودي المتوفي 346 ه، فذكر في ترجمة الحسن السبط عليه السلام: دفن ببقيع الفرقد مع أمها فاطمة عليهاالسلام، و هناك الي هذا الوقت، رخامة مكتوب عليها: «الحمدلله مبيد الأمم، و محيي الرمم، هذا قبر فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم سيدة نساء العالمين، و الحسن بن علي بن أبي طالب، و علي بن الحسين بن علي، و محمد بن علي، و جعفر بن محمد رضوان الله عليهم أجمعين» [105] . فلو كان مرقدها الطاهر عند هذه المزارات، لكان اسمها مكتوبا علي هذه الرخامة التي كانت في عهد المسعودي في القرن الرابع، و لم يخف مرقدها علي المؤرخين، كما أن مرقد زوجها عبدالله بن جعفر معروف قديما و حديثا، و قال السمهودي أن عبدالله بن جعفر مدفون مع عمه في قبة أول البقيع.

و لكان لمرقدها ذكر، و لو في القرون الأولي، كما بقي لمن دونها في الرتبة من بني هاشم، بل و لمن يمت اليهم بالولاء أيضا.

لم يخف علي أهل المزارات و التاريخ ذكر وفاة أم البنين و مدفنها؛ ففي كنز المطالب المخطوط للعلامة محمد باقر القراباغي: أن أم البنين توفيت بعد مقتل الحسين، و دفنت بالبقيع، بالقرب من فاطمة الزهراء.

اذا لم يخف مدفن أم البنين و خبر وفاتها بالمدينة صريحا، فكيف يخفي خبر وفاة العقيلة بالمدينة و محل دفنها هناك؟ علي أن الذين ذهبوا الي هذا القول انما مستندهم الاستصحاب الأصولي، و هو أنه ثبت أن العقيلة زينب عليهاالسلام دخلت المدينة بعد محنة أخيها و روجوعها من الشام، و كانت بالمدينة في قيد الحياة، ثم شككنا: هل ماتت في الشام أم لا؟ فالاستصحاب يقول: الأصل عدم موتها بالشام، بل بالمدينة، حتي يحصل


لنا شي ء يزيل هذا الشك و يثبت لنا باليقين أنها ماتت بالشام.

و هذا الدليل لا غبار عليه في نفسه، ولكن لا يستدل بمثله في القضايا التاريخية؛ ولو قلنا به فثبت، ما أزال هذا الشك بما رواه ابن طولون الدمشقي من ذهابها الي الشام و موتها بها، و عليه أكثر الفقهاء المجتهدين الأصوليين كما سيأتي.

و لو كان لدينا خبر يثبت لنا أن العقيلة توفيت بالمدينة، لأراحنا الأمر بأن المدينة محيطة بجثمانها، فلا يعدوها مرقدها، ولكنه بعيد و دون اثباته خرط القتاد، و التواريخ ساكتة، و الكتب المؤلفة في مزارات المدينة خالية عن ذكره.

مشهد السيدة زينب الكبري بنت أميرالمؤمنين علي عليه السلام في قرية راوية بغوطة دمشق الشام في الجهة الشرقية الجنوبية من عاصمة سوريا، دمشق اليوم، علي بعد سبع كيلومترات، مشهد فخم، جليل القدر للسيدة زينب بنت علي بن أبي طالب عليهماالسلام، في قرية تعرف «بقبر الست»، لم يزل و لا يزال كعبة القصاد، و نجعة الرواد، و مهوي أفئدة المؤمنين المزدلفين اليه من جميع الأقطار الاسلامية، و قضت العدالة الالهية أن يكون هذا المشهد الكريم مزارا باسم العقيلة الكبري زينب بنت أميرالمؤمنين (ع) حتي في عاصمة الأمويين بالشام.

تقع الروضة الشريفة في أرض منبسطة فيحاء، تحف بها البساتين الغناء، و الأبنية الفخمة، و لا يزال العمران في ازدياد بسرعة.

و هذا المشهد قديم، و كان مزارا مقصودا في القرن الثاني؛ فقد زارته السيدة نفيسة زوجة اسحاق المؤتمن ابن الامام جعفر الصادق عليه السلام، و هو محل استجابة الدعاء، و لا تزال الكرامات ظاهرة منه تناقلتها الأفواه، و سارت بها الركبان.

الاختلاف في دفينة (راوية): لا اختلاف في أن المدفونة بقرية راوية هي أم كلثوم من أهل البيت عليهم السلام. و صرح أكثر العلماء من الشيعة و السنة أنها السيدة زينب المكناة بأم كلثوم بنت أميرالمؤمنين عليه السلام، و علي القبر حجر قديم بخط كوفي شاهده العلامة الكبير السيد محسن الأمين العاملي، المتوفي 1371 ه، كما ذكره في أعيان الشيعة، ج 33 ص 189،


و شاهده العلامة السيد محمد صادق بحرالعلوم النجفي سنة 1353 ه، أراه اياه سادن الحرم الزينبي الأسبق السيد عباس مرتضي، و قال: رأيت فيه هذه العبارة: «هذا قبر السيدة زينب، المكناة بأم كلثوم بنت علي بن أبي طالب»، كما حدثنا به (دام ظله)، فلنعدد المسميات بزينب، و المكنيات بأم كلثوم في بنات أميرالمؤمنين عليه السلام، تشعبت الآراء في هذا الباب، و يمكن أن نقسم القائلين بها في أربع طوائف.

الطائفة الأولي: ممن ذكر أن المدفونة بقرية راوية هي أم كلثوم، و لم يزد عليه شيئا و هم:

1- علي بن حسن بن هبة الله بن عساكر الدمشقي، المتوفي 561 ه، قال في تاريخه، عند ذكر مساجد دمشق:[ثم ذكر كلام ابن عساكر كما ذكرناه]. و صرح أيضا بأن أم كلثوم هذه تسمي بالسيدة زينب (رضي الله عنها)، كما نقله عنه ابن الحوراني [106] .

2- أبوالحسن علي بن أبي بكر الهروي، المتوفي بحلب سنة 611 ه، ترجمه ابن خلكان، و ابن طولون، و حاجي خليفة [107] ، قال في كتابه «الاشارات الي معرفة الزيارات»: «راوية قرية أعمالها بها قبر الست أم كلثوم» [108] .

3- شهاب الدين أبوعبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي البغدادي، المتوفي 624 ه، قال في معجم البلدان: راوية قرية من غوطة دمشق، بها قبر أم كلثوم و قبر مدرك الصحابي [109] .

4- عزالدين أبوعبدالله محمد بن علي بن ابراهيم بن شداد الحلبي، المتوفي 684 ه، قال في الأعلاق الخطيرة: راوية بها قبر أم كلثوم [110] .


5- صلاح الدين محمد بن شاكر الدارمي الدمشقي، المتوفي 764 ه، قال في تاريخه المسمي بعيون التواريخ، عند ذكر مساجد دمشق: «و أما المساجد الخارجة عند البلد، فمنها مسجد بين حجيرا و راوية، علي قبر مدرك بن زياد، و مسجد علي قبر أم كلثوم من أهل البيت» [111] .

الطائفة الثانية: من العلماء و المؤرخين ممن ذكر أن المدفونة بقرية راوية هي زينب المكناة بأم كلثوم بنت أميرالمؤمنين عليه السلام، و من ذكر أنها من فاطمة الزهراء (سلام الله عليها).

1- أبوالحسين محمد بن أحمد بن جبير الكناني الغرناطي، المتوفي 614 ه، قال في رحلته المعروفة عند ذكر المزارات الشامية:

و من مشاهد أهل البيت مشهد أم كلثوم بنت علي، و يقال لها: زينب الصغري، و أم كلثوم كنية أوقعها عليها النبي صلي الله عليه و آله و سلم لشبهها بابنته أم كلثوم، و مشهدها الكريم قبلي البلد، يعرف براوية، علي مقدار فرسخ، و عليه مسجد كبير و خارجه أوقاف، و أهل هذه الجهات يعرفونه (بقبر الست)، و مشينا اليه و بتنا به و تبركنا برؤيته [112] .

2- أبوعبدالله محمد بن عبدالله بن بطوطة، المتوفي 770 ه، قال عند ذكر مزارات دمشق بقرية القبلي: و علي فرسخ منها مشهد أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب من فاطمة عليهاالسلام، و يقال ان اسمها زينب، و كناها رسول الله لشبهها بخالتها أم كلثوم بنت رسول الله، و عليه مسجد كبير، و له مساكن، و له أوقاف، و يسميه أهل دمشق «قبر الست أم كلثوم» [113] .

3- عثمان بن أحمد بن محمد بن رجب بن سريح السويدي الحوراني الدمشقي، المتوفي 970 ه، أو 1003 ه، ترجمة بروكلمن في الذيل الثاني ص 401، قال في كتابه «الاشارات الي أماكن الزيارات» الذي توجد منه نسخة مخطوطة في مكتبة الأزهر بمصر،


كما في فهرس مخطوطات جامع الأزهر ج 5 ص 312، و طبع هذا الكتاب في دمشق سنة 1302 ه، قال فيه: و منها قرية يقال لها راوية بها السيدة زينب أم كلثوم ابنة علي بن أبي طالب، توفيت بغوطة دمشق، عقيب محنة أخيها الحسين، و دفنت في هذه القرية، ثم سميت القرية باسمها، و هي الآن معروفة بقبر الست [114] . و صرح ابن الحوراني بأن هذه أم كلثوم التي تزوجها الخليفة الثاني.

4- عزالدين محمد الصيادي الشافعي، المتوفي 1330 ه، قال في كتابه «الروضة البهية في فضائل دمشق المحمية» عند ذكر المزارات الشمالية: و منها قرية يقال لها راوية، قبلي دمشق، فيها قبر السيدة زينب أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب، توفيت بغوطة دمشق عقيب محنة أخيها الحسين، و دفنت في هذه القرية، ثم تسمت القرية باسمها، و هي الآن معروفة بقبر الست، و علي قبرها حجر منقوش قديم محفور عليه اسمها، و غربي السيدة المذكورة قبر مدرك الفزاري الصحابي، قاله ابن عساكر.

5- الأستاذ أحمد فهمي محمد المصري المعاصر قال في ترجمة السيدة نفيسة المدفونة بمصر المتوفاة سنة 208 ه: زارت، أي السيدة نفيسة، مقام السيدة زينب أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب، توفيت عقب محنة أخيها الحسين، و دفنت بغوطة دمشق، و هي تعرف بقرية قبر الست [115] .

6- الاستاذ حسن محمد قاسم المصري المعاصر قال في كتابه «السيدة زينب»: السيدة زينب الوسطي دفينة الشام. فقد ذكرنا فيما تقدم أن أمها هي السيدة فاطمة الزهراء، سمتها زينب، ثم أطلق عليها الكبري للتميز بينها و بين أختها لأبيها أم كلثوم الصغري [116] .

7- الأستاذ عبدالقادر الريحاوي الدمشقي المعاصر، أحد عباقرة التاريخ و الأدب اليوم، قال: زينب الصغري بنت علي بن أبي طالب، الملقبة بأم كلثوم، لها قبر فخم في


ضاحية جنوبي دمشق تعرف بقرية الست زينب فيها، و علي القبر اليوم تابوت ثمين، صضع حديثا في ايران من خشب الموزائيك و حوله قفص من الفضة [117] .

8- الأستاذ توفيق أبوعلم المصري، رئيس مجلس ادارة السيدة نفيسة بمصر، ذكر زيارة السيدة نفيسة لمرقد السيدة زينب، المكناة بأم كلثوم، بنت أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب بقرية راوية بالشام [118] .

9- الكاتبة المصرية الدكتورة عائشة عبدالرحمان بنت الشاطئ قالت: أم كلثوم قد توفيت عند عبدالله بن جعفر، فيما يقول الخبر، بغوطة دمشق عقب محنة أخيها الحسين [119] .

و هناك طائفة من علماء الشيعة من ذكر هذا المعني و اليك أسماءهم:

1- عمادالدين حسن بن علي بن محمد الطبري المعاصر للفقيه المحقق أبي القاسم نجم الدين صاحب الشرائع، المتوفي 676 ه، قال في كتابه «الكامل البهائي» الذي فرغ من تأليفه 675 ه، و ألفه للوزير محمد بن شمس الدين الجويني المقتول سنة 704 ه، روي أن أم كلثوم أخت الحسين عليه السلام توفيت بدمشق [120] .

2- ابراهيم بن يحيي بن محمد بن سليمان العاملي، المتوفي 1214 ه، أحد أعلامنا الأجلاء و الشعراء المعروفين، قال العلامة الشيخ علي والد العلامة الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء في الحصون المنيعة ج 9، ص 181 - المخطوط في ترجمته -: كان حاويا لجملة من العلوم و مصنفا فيها، ورد العراق، و حضر علي السيد محمد مهدي بحرالعلوم، و الشيخ جعفر كاشف الغطاء، هذا الشيخ كان زار مرقد السيدة زينب بقرية راوية و كتب شعرا علي الحائط:



مقام لعمرو الله ضم كريمة

زكي الفرع منه في البرية و الأصل






لها المصطفي جد و حيدرة أب

و فاطمة أم و أجودهم بعل



كما ذكره في أعيان الشيعة ج 5 ص 514.

3- العلامة الشيخ جعفر بن محمد الربعي النقدي المتوفي 1369 ه قال: أما هذا القبر الذي هو بالشام، فقد ذكر جماعة من المؤلفين أنه للسيدة أم كلثوم بنت أميرالمؤمنين و المشهور أن اسمها زينب أيضا، و يفرق بينها و بين أختها زينب الكبري بالوسطي، ولدت هذه السيدة بعد أختها زينب الكبري، و كانت من أجل النساء فضلا و زهدا و تقوي و عبادة و شرفا و عفة، و الي غير ذلك من الصفات الكريمة و الأخلاق الفاضلة، أخذت العلم من أبيها و أخويها، و نشأت نشأتها المباركة في البيت العلوي الطاهر، و محل قبرها الشريف بقرية راوية من غوطة دمشق المعروفة بقرية الست [121] .

الطائفة الثالثة: من علمائنا الامامة المتأخرين من صرح بأن المدفونة بالشام هي زينب الصغري المكناة بأم كلثوم التي أمها أم ولد و كانت عند محمد بن عقيل منهم:

1- السيد محسن بن السيد عبدالكريم بن علي بن محمد الحسيني العاملي المتوفي 1371 ه، صرح في كتابه «مفتاح الجنات» ج 2 ص 263: ان المدفونة بقرية راوية هي زينب الصغري بنت أميرالمؤمنين. و قال في أعيان الشيعة ج 33 ص 190: «فلو صح، فانها زينب الصغري، فهي التي كانت تحت محمد بن عقيل، فما الذي جاء بها الي راوية دمشق؟ ولكن لم يصح كما عرفت، و ان كانت هي أم كلثوم، كما هو الظاهر لدلالة كلام ابن جبير و ياقوت و ابن عساكر، فتعين كونها أم كلثوم الوسطي زوجة مسلم بن عقيل التي تزوجها عبدالله بن جعفر بعد قتل زوجها و وفاة زينب الكبري أو أم كلثوم الصغري


التي كانت مزوجة ببعض ولد عقيل، و حينئذ فمجي ء احداهما الي الشام و وفاتها في تلك القرية، و ان كان ممكنا، لكنه مستبعد عادة علي تقدير صحة انتساب القبر الذي في راوية الي أم كلثوم، و قد عرفت أنه ليس في أيدينا ما يصحح ذلك، و لو لم يوجد ما ينفيه [122] .

2- العلامة الشيخ ذبيح الله المحلاتي الطهراني المولود سنة 1331 ه، قال: زينب الصغري، و هي التي دفنت بالشام ظاهرا، و اشتهرت بزينب الكبري، و هكذا مكتوب علي الصخرة التي علي قبرها، كانت مع محمد بن عقيل في كربلاء، و ذهبت الي الشام أسيرة مع سبايا أهل البيت، ثم رجعت الي المدينة و تزوجها فراس بن جعدة بن هبيرة المخزومي [123] .

3- العلامة السيد جعفر بحرالعلوم، المتوفي 1377 ه، قال، بعد نقل حديث وقوع المجاعة بالمدينة، و رحلة عبدالله بن جعفر مع عائلته الي الشام: و يحتمل أن تكون البقعة الشريفة لزينب الصغري المكناة بأم كلثوم بنت أميرالمؤمنين [124] .

4- الأديب الفاضل السيد حسن الأمين بن العلامة السيد محسن الأمين العاملي نزيل بيروت، تابع والده العلامة الكبير رحمه الله في أن المدفونة بقرية راوية هي زينب الصغري، كما في كتابه دائرة المعارف الشيعية الاسلامية ج 1 ص 69.

الطائفة الرابعة: من علماء الشيعة و السنة من صرح بأن المدفونة بقرية راوية زينب الكبري بنت أميرالمؤمنين التي أمها فاطمة الزهراء و شقيقة السبطين عليهماالسلام و زوجة عبدالله ابن جعفر التي ولدت منه عليا و عونا و عباسا و أم كلثوم، و في هذه الطائفة كبار أهل الخبرة و الاطلاع و التتبع من علماء الفريقين، و اليك أسماء بعضهم، و نفصل تراجمهم مع نصوص كلامهم فيما يأتي:

1- الحافظ الكبير شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي الدمشقي المتوفي


748 ه.

2- الحافظ المؤرخ عزالدين محمد بن علي بن ابراهيم بن شداد الحلبي المتوفي 748 ه، كما في نسخة من كتابه «الأعلاق الخطيرة» المخطوطة بمكتبة لندن رقم 800.

3- المؤرخ العلامة أبوالبقاء عبدالله بن محمد البدري المصري المولود بمصر سنة 847 ه.

4- الحافظ الكبير شمس الدين محمد بن علي بن طولون الدمشقي المتوفي 953 ه بدمشق.

5- الحافظ الكبير برهان الدين أبواسحاق ابراهيم بن محمد الدمشقي المتوفي 900 ه.

6- القاضي نورالدين محمود بن علي الشافعي المتوفي 1035 ه.

7- الفقيه الحنفي عبدالغني النابلسي الدمشقي يالمتوي 1142 ه و قضاة دمشق السبعة من أهل دمشق في سنة 768 ه و هم:

8- قاضي القضاة مصطفي بن مصطفي أفندي الدمشقي.

9- القاضي خليل بن ابراهيم قاضي مدينة بعلبك.

10- القاضي علي بن ناجي من أهل عسكر المنصورة.

11- القاضي السيد يونس بن نور الدين الحسيني الدمشقي.

12- القاضي الشيخ محمد بن عزالدين الحنبلي.

13- القاضي ابراهيم الدمشقي.

14- القاضي السيد محمد عجلان الحسيني الدمشقي.

و اعتراف بصحة النسبة للمرقد الزينبي بقرية راوية الي زينب بنت أميرالمؤمنين عليه السلام من علماء الشيعة الكبار من المتأخرين هؤلاء الأجلاء، و اليك أسماء بعضهم:

1- الفقيه الكبير الشيخ حسن الآشتياني المتوفي 1319 ه.


2- الفقيه الكبير الامام المجدد الميرزا محمد حسن الشيرازي النجفي المتوفي 1312 ه.

3- العلامة الكبير و شيخ الفقهاء في عصره، و من تلامذه الشيخ الأنصاري الميرزا علي الكني الطهراني المتوفي 1306 ه.

4- الفقيه الجليل العلامة الشيخ محمد حسين الكاظمي المتوفي 1308 ه بالنجف الأشرف.

5- المؤرخ المتتبع الميرزا محمد حسن خان المراغي المتوفي 1312 ه.

6- الفقيه الجليل الشيخ حسين بن علي الرازي الطهراني المتوفي 1326 ه.

7- المحدث الكبير الشيخ حسين بن محمد تقي النوري الطبرسي المتوفي 1320 ه.

8- الفقيه المحقق السيد حسن الصدر الكاظمي المتوفي 1954 ه.

9- العلامة الكبير الشيخ محمد حرزالدين النجفي المتوفي 1365 ه.

10- المصلح الكبير العلامة الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء النجفي المتوفي 1373 ه.

11- العلامة المجاهد السيد عبدالحسين شرف الدين العاملي المتوفي 1377 ه.

12- الفقيه الكبير آية الله العظمي السيد محسن الطباطبائي الحكيم المتوفي 1390 ه.

13- البحاثة الكبير العلامة السيد عبدالرزاق المقرم النجفي المتوفي 1391 ه.

نظرة في آراء الطوائف الأربع: هذه هي الآراء في المدفونة بقرية راوية، فهلم معي لنلقي عليها نظرة مرة أخري.

رأي الطائفة الأولي صريح في أن المدفونة براوية أم كلثوم من أهل البيت، و أقرب الناس و شيجة الي النبي صلي الله عليه و آله و سلم، و هو لا ينافي ما ترتئيه الطائفة الثانية بعدما أوقفناك علي أن هذا المشهد معروف باسم أم كلثوم زينب بنت علي عليه السلام منذ القرن الثاني، وزارته السيدة نفيسة سنة 193 ه؛ رأي الطائفة بأن المدفونة هنالك أم كلثوم زينب بنت أميرالمؤمنين عليه السلام رأي وجيه لا غبار عليه، أما قولهم بأنها هي التي تزوجها الخليفة الثاني فوهم بلا ريب، لا مسيس له بالحقيقة، بعدما اتفق مترجمو أم كلثوم زوجة عمر


بأنها ماتت في امارة معاوية، و امارة سعيد بن العاص علي المدينة سنة 54 ه [125] ، و دفنت بالبقيع.

فلا معني لكونها مدفونة بالشام، و أنها توفيت عقب محنة أخيها الحسين بالشام، كما هو المدعي، فلا تغفل، و ان ماشينا بمن يقول بوجودها في الطف، و كان وفاتها في عهد أخويها الحسنين. فذكر البحراني في شرح نهج البلاغة وفاتها بالمدينة بعد حادثة كربلاء فكيف تكون مدفونة بالشام؟

أما رأي الطائفة الثالثة أن المدفونة بقرية راوية هي زينب بنت علي الصغري من أم ولد، التي تزوجها محمد بن عقيل، ثم فراس بن جعدة بن هبيرة المخزومي، فرأي ناشئ عن اجتهاد، لأن هؤلاء لما تنبهوا الي أن أم كلثوم زينب بنت علي من فاطمة لا يصح أن تكون مدفونة في الشام، فاحتملوا كونها زينب الصغري، لكونها مكناة بأم كلثوم، و ليس لديهم شاهدة تاريخي لاثبات دعواهم، مضافا الي أن هذا الرأي متأخر، حادث، لم يذهب اليه الا عدة من الأعلام الأفاضل المعاصرين.

أما رأي الطائفة الرابعة، فوجيه من جهاد شتي، مضافا الي أن هؤلاء المرتائين، منهم أجلاء المؤرخين، و أهل التحقيق و الخبرة، كالذهبي، و ابن طولون، و الناجي، و قضاة دمشق، و أجلاء فقهاء الشيعة المتأخرين، و سوف نسوق نصوص عباراتهم فيما يأتي:

وجه الجمع بين جميع الآراء: اذا نظرنا في هذه الآراء الأربعة بدقة، فلا يصعب علينا أن نجمع بين جميعها، لأن جل هؤلاء الأعلام لا يختلفون في أن المدفونة براوية هي زينب المكناة بأم كلثوم بنت الامام علي، و انما الاختلاف في تعيين المسماة بهذا الاسم، و المكناة بهذه الكنية. و الذين ينكرون أن تكون البقعة لزينب الكبري بنت علي عليه السلام، فانكارهم يبتني علي انكارهم عن كون العقيلة الحوراء مكناة بأم كلثوم، فاذا ثبت ذلك فلا معني للانكار.


زينب الكبري هي المكناة بأم كلثوم أيضا: الكنية، بضم الكاف، ما صدر من الأعلام بأب أو أم، كأبي الحسن، و أم كلثوم، و أم الحسن. و التكنية مستحب باضافة الكنية الي الاسم حذرا من لحوق النبز، و هو ما يكره من اللقب. و جاء في حديث: «انا نكني صغارنا حذرا من النبز».

فكني النبي الأعظم نفسه بأبي القاسم، و كنية أميرالمؤمنين عليه السلام أبوالحسن، و هلم جرا الي سائر الأئمة الأطهار.

و ثبت بالأخبار أن الزهراء عليهاالسلام تكني بأم أبيها. و أما كنية العقيلة زينب الكبري فلم تزل في غموض، و علماء النسب ساكتون في هذا الباب، أللهم الا ابن عنبة النسابة، فهو يدعي أنها تكني بأم الحسن، و هو المنفرد في دعواه، لأن العقيلة لو كانت تكني بهذه الكنية، لاستفاض الخبر عنها في الكتب مكررا، ولكن لا نجد ذكرها في غير كتابه، و كل من ادعي ذلك فتابع ان عنبة النسابة، فلذلك قال العلامة النقدي، عند ذكر هذه الكنية: و لم نقف علي حقيقة [126] .

ولكن الباحث الحثيث لا تخفي عليه هذه الحقيقة، و ثبت لدي جماعة من المحققين أنها أيضا تكني بأم كلثوم، لأن الأخبار تنبؤنا أن النبي الأعظم هو الذي سمي العقيلة زينب هذا الاسم، فجاء في الأثر أن جبرائيل نزل بعد ولادة العقيلة علي النبي صلي الله عليه و آله و سلم يقرأ عليه السلام من الله الجليل و قال له سم هذه المولودة زينب [127] .

و في أثر آخر، أنه صلي الله عليه و آله و سلم قال أوصي الشاهد و الغائب من أمتي، و أخبروهم أن يكرموا هذه الصبية، لأنها تشبه خالتها أم كلثوم [128] .

فالاحتمال القوي أن النبي هو الذي كناها به، بل ثبت بحديث رواه ابن جبير و ابن بطوطة، فلذلك ورد في زيارة العقيلة عليهاالسلام: السلام عليك يا زينب التقية، والسلام عليك


يا أم كلثوم النقية [129] .

و لا مانع من أن تكون كلتا بنتي الزهراء مكناتين بأم كلثوم، حتي أن المكنيات في بنات الامام علي عليه السلام أربع، كما ادعي السيد الأمين [130] ، كما لا مانع أن يكون المسمون بعلي أكثر من واحد، لما روي أن مروان بن الحكم لما تأمر علي المدينة، ففرض لشباب قريش، فقال علي بن الحسين عليه السلام: فأتيته، فقال: ما اسمك؟ قلت: علي بن الحسين. فقال: ما اسم أخيك؟ فقلت: علي. فقال: علي! و علي! ما يريد أبوك يدع أحدا من ولده الا سماه عليا؟ ثم فرض لي فرجعت الي أبي فأخبرته، فقال: و يلي علي ابن الزرقاء دباغة الأدم، لو ولد لي مائة لأحببت أن لا أسمي أحدا منهم الا عليا.

لولا مخافة التطويل لأوردنا هذا البحث مفصلا، ولكن أرجأنا ذلك الي كتابنا الآخر «العقد المنظوم في أحوال أم كلثوم»، فنذكر منها بعض أهم النكات، و هناك شواهد علي أن زينب العقيلة تكني بأم كلثوم.

الشاهد الأول: كون أم كلثوم أكبر بنات الزهراء:

ذكر جماعة من أعلام السنة و الشيعة أن أكبر بنات الزهراء عليهاالسلام هي أم كلثوم، ثم زينب؛ و بهذا الترتيب ذكره أكثر المؤرخين، و اليك أسماء بعضهم:

1- الذهبي الدمشقي المتوفي سنة 748 ه في «سير أعلام النبلاء» ج2 ص 88 و 91.

2- أبوعمرو في «الاستيعاب» ج 2 ص 246. 3- ابن سعد في «الطبقات» ج 3 ص 29.

4- صلاح الدين الصفدي في «الوافي بالوفيات» ج 1 ص 82.

5- المسعودي في تاريخه «مروج الذهب» ج 3 ص 91.

6- ابن قتيبة الدينوري في «المعارف» ص 210.

7- الخوارزمي في «مقتل الحسين» ج 2 ص 83.

8- السيوطي في «الرسالة الزينبية» ص 2.

9- محب الدين الطبري في كتابيه «السمط الثمين» ص 151، «الرياض النضرة» ج 2 ص 333.

10- مؤمن الشبلنجي المصري في «نور الأبصار» ص 114.

11- حسن


العدوي المصري في «مشارق الأنوار» ص 158.

12- أحمد فهمي في «العقيلة الطاهرة زينب» ص 11.

13- آقا بن رمضان الدربندي في «الأسرار» كما في «الطراز المذهب»، ولكن المتسالم عليه أن زينب العقيلة هي الكبري من بنات الزهراء.

و ذكرها بلقب «الكبري» الطبري في تاريخه ج 6 ص 89، و ابن الأثير في تاريخه ج 3 ص 158، و ابن حجر في «الاصابة» ج 4 ص 314، و السيوطي، بعدما يذكر أول بنات الزهراء أم كلثوم، يصرح في مقام آخر، أن زينب ولدت قبل وفاة جدها بخمس سنين، و أم كلثوم بثلاث سنين، في المحكي عن كلامه في «معالي السبطين» ج 2 ص 685، ثم انه كيف من المعقول أن تكون أم كلثوم أخت زينب العقيلة عليهاالسلام أكبر من زينب، و هي كانت في سنة 17 ه سنة تزويجها بالخليفة الثاني صبية صغيرة و جارية لم تبلغ الحلم [131] كما قيل؟! و لا ريب أن زينب أكبر منها حتي ان حسن قاسم المصري يقول: انها أكبر من أخيها الحسين بعام تقريبا [132] ؛ فاذن لا محيص عن القبول بأن زينب العقيلة هي المكناة بأم كلثوم، و الذين ذكروا أن أم كلثوم أكبر، فمرادهم هذه السيدة الجليلة، و لكون بنتي الزهراء كلتاهما مكناتين بأم كلثوم نشأ الاشتباه، و لم يعين بأن الخليفة الثاني بأيتهما تزوج. فقال ابن الأنباري في ترجمة العقيلة زينب: ان ابن عمها عبدالله بن جعفر الطيار ذي الجناحين كان متزوجا بأختها أم كلثوم، فماتت فتزوج بزينب الكبري بعد وفاة أم كلثوم الكبري عنده [133] ، و هو رأي مزيف بلا ريب، لأن المؤرخين اتفقوا علي أن أم كلثوم عائلة الخليفة ماتت في امارة سعيد بن العاص علي المدينة التي ابتدأت من سنة 49 ه و انتهت الي سنة 56 ه، و ان كان عبدالله بن جعفر تزوج بزينب العقيلة بعد موت أم كلثوم، فمعني ذلك أن العقيلة بقيت الي سنة 54 ه، سنة موت أم كلثوم بلا زواج، و هو باطل بلا ريب.


و ليس لهذا الاشتباه سبب الا كون العقيلة زينب مكناة بأم كلثوم التي كانت سنة 17 ه جارية صغيرة، و زفت الي الخليفة الثاني هي التي خلف عليها بعد قتل الخليفة عون بن جعفر، فتوفي عنها، فخلف عليها محمد بن جعفر، فتوفي عنها فخلف عليها أخوه عبدالله بن جعفر [134] ؛ و مراده واضح بأنه أراد، أن عبدالله بن جعفر تزوج أم كلثوم بعد وفاة زينب العقيلة، اذ لا يجوز الجمع بين الأختين، و لنا في هذا الزواج بحث سوف يوافيك.

الشاهد الثاني: كثرة روايات أم كلثوم

المتتبع البصير، المتضلع بالسير و الأخبار، لا يخفي عليه أن أكثر بنات الامام علي رواية هي أم كلثوم، حتي وقع اسمها مكررا في أحوال الزهراء و أخبار أميرالمؤمنين عليه السلام، المروية في «علل الشرائع» و «روضة الواعظين» و «تاسع البحار» و غيرها، حتي أن الأخبار المروية عن زينب لا تساوي عشر ما يروي عن أم كلثوم، مع أنه ثبت كون العقيلة زينب أكبر بنات الزهراء، و أكثر بنات الامام علي علما، و أوفرهن معرفة. و روي عن الصدوق، أنه كانت لها نيابة خاصة عن الحسين، و كان الناس يرجعون اليها في الحلال و الحرام. و قال الطبرسي: ان زينب روت أخبارا كثيرا عن أمها الزهراء [135] .

و لا سبب له، الا أن أم كلثوم هي زينب الكبري العقيلة أيضا. و صرح الشيخ جعفر النقدي، أن أم كلثوم هي (العقيلة) زينب اذا أطلقت في لسان المحدثين، و ان أريد غيرها، قيدوا الاسم بالوسطي أو الصغري [136] ، فكان المتبادر عند المحدثين عند اطلاق أم كلثوم اسم العقيلة زينب، و له شواهد أخر سوف نشير اليها.

الشاهد الثالث: شهادة الامام جعفر الصادق عليه السلام:

تواتر الأخبار عن طرق الخاصة و العامة: ان الخطبة التي رواها حذلم، أو حزام، أم


خديجة (باختلاف الكلمات و الراوي واحد) في الكوفة هي للعقيلة الحوراء زينب بنت علي عليه السلام لم يختلف فيه اثنان.

فروي الطبرسي صاحب الاحتجاج، و ابن طاوس، و ابن نما الحلي، و شيخ الطائفة، و الجاحظ باختلاف الكلمات و المعني واحد. قال حذيم بن شريك الأسدي: رأيت زينب بنت علي يومئذ، و لم أر خفرة، و الله، أنطق منها، كأنها تفرغ عن لسان أميرالمؤمنين علي ابن أبي طالب، و قد أومأت الي الناس أن اسكتوا، فارتدت الأنفاس، و سكنت الأجراس، ثم قالت: و ساق الخطبة الي آخرها، و كل هؤلاء العلماء صرحوا باسم زينب بنت علي عليه السلام، و لا خلاف بينهم أن زينب هذه هي الكبري.

ولكن يرويها الثقة الأقدم أحمد بن أبي طاهر بن طيفور البغدادي المتوفي 280 ه، بثلاثة أسانيد أخر، اثنان منها ينتهيان الي حزام الأسدي، أو حذيم الأسدي، و فيهما: «سمعت أم كلثوم بنت علي، و هي تقول، فلم أر خفرة والله أنطق منها، كأنما تنزع عن لسان أميرالمؤمنين».

و قال في سند آخر: أخبرنا يحيي بن حماد البصري، عن يحيي بن الحجاج، عن جعفر بن محمد، عن آبائه، و فيه «رأيت أم كلثوم عليهاالسلام، و لم أر خفرة والله أنطق منها، كأنما تنطق علي لسان أميرالمؤمنين»، ثم ساق الخطبة.

فبمقارنة جميع الروايات السابقة بثلاثة روايات بأسانيد أخر لابن طيفور، و فيها رواية الامام الصادق عليه السلام، يتضح الأمر بينا، أن مراد الامام بأم كلثوم عليهاالسلام زينب الكبري العقيلة بلا ريب، و لا يشك أحد من علماء الفريقين في أن الامام عني بأم كلثوم غير العقيلة زينب، و أني لغيرها مثل هذه البلاغة و الطلاقة؟! فثبت أن أم كلثوم كنية للعقيلة زينب بلا نزاع، و يتضح منه أيضا أن اطلاق أم كلثوم منصرف الي العقيلة الحوراء عليهاالسلام، و هي أم كلثوم عند المتقدمين اذا أطلقت كما قال النقدي رحمه الله.

و أما خطبة أم كلثوم غير العقيلة زينب، فليست هي هذه الخطبة التي رواها حزيم الأسدي، بل غيرها، و أولها: «يا أهل الكوفة! سوءة لكم، خذلتم حسينا و قتلتموه»


رواها ابن طاوس، و ابن نما [137] ، بل الحق كما قال البحاثة الكبير المغفور له السيد عبدالرزاق المقرم أن هذه الخطبة جزء من كلام العقيلة زينب السابق [138] ، و ليست هي خطبة علي حدة، فلذلك لم يروها الطبرسي في «الاحتجاج»، و الشيخ الطوسي في «الأمالي» و الجاحظ في «البيان و التبيين»، و انما أوردها أهل المقاتل، و هي تساوي نصف صفحة. فلو كانت خطبة مستقلة، كخطبة العقيلة زينب، لاستفاض ذكرها، فلا تجد لها خطبة في مجلس يزيد، كما تجد خطبة العقيلة، و خطبة علي بن الحسين عليه السلام مستقلتين، و هما من محاسن الخطب، و من أروع أمثلة البلاغة العربية؛ فخطبة أم كلثوم هي نفس خطبة العقيلة و جزء منها، انما فرقها أرباب المقاتل.

الشاهد الرابع: تكرر أم كلثوم في أخبار الطف و سبايا آل محمد:

لا يخفي علي الباحث المتتبع أن أكثر أخبار الطف وقع فيها مكررا اسم أم كلثوم، و قال الشيخ الجليل جعفر النقدي: «أم كلثوم الوارد في أكثر الموارد المراد بها هذه الطاهرة (أي العقيلة زينب)، و أيضا بقرينة أن بعض الرواة يذكر اسم زينب في الخبر الذي يذكره غيره باسم أم كلثوم، لأنها الرئيسة المطلقة للحرم الحسيني، و الكفيلة الوحيدة لعياله و أطفاله [139] .

و اعترف البحاثة عباس قلي المستوفي المتوفي قرب سنة 1340 ه، بأن أم كلثوم هي زينب العقيلة، تذكر مرة باسمها و مرة بكنيتها، كما أن النبي مرة يذكر بمحمد و مرة بأبي القاسم، و أميرالمؤمنين عليه السلام يذكر مرة باسمه و مرة بأبي تراب، و هلم جرا الي سائر الأئمة عليهم السلام، و جرت العادة، أنه في حالة المصيبة و الفزع، يجي ء الخطاب مكررا تارة بالاسم و تارة بالكنية [140] ، و سوف نورد من أخبار الطف ما يؤيد هذا المعني، و هو توجيه وجيه لا يخفي لطفه.


الشاهد الخامس: تصريح العلماء الأجلاء بأن أم كلثوم هي زينب الكبري:

هناك جماعة من عباقرة التحقيق ممن يعترف بأن العقيلة زينب تكني بأم كلثوم، نورد بعض عباراتهم.

1- سبعة من قضاة دمشق منهم القاضي مصطفي ابن مصطفي الأفندي، و غيره ممن سوف نذكر أسماءهم، أنهم وقعوا شهاداتهم علي وثيقة الوقف للسيد حسين بن موسي سنة 768 ه للمرقد الزينبي بالشام، و وقع في الوثيقة مكررا «أم كلثوم زينب الكبري بنت أميرالمؤمنين و بضعة الزهراء»، و هو يدل علي أن أم كلثوم كنية لزينب العقيلة و معروفة منذ القديم.

2- العلامة المجتهد الأكبر السيد حسن الصدر المتوفي 1354 ه، قال: «زينب الكبري كنيتها أم كلثوم» [141] .

3- البحاثة الكبير المرزا محمد تقي سبهر الكاشاني مؤلف الموسوعة الضخمة «ناسخ التواريخ» صرح مرارا بأن المراد بأم كلثوم في الروايات هي زينب الكبري، نقل كلامه الشيخ جعفر النقدي.

4- المحدث المتتبع السيد نور الدين محمد بن المرتضي، صرح بأن أم كلثوم التي روي عنها ابن طاوس خبر دفن أميرالمؤمنين عليه السلام في النجف الأشرف، و خرجت هي مشيعة جنازة أبيها عليه السلام هي زينب بنت علي عليه السلام [142] .

5- العلامة المحقق السيد هبة الدين الشهرستاني المتوفي 1388 ه، قال: بأنه لأميرالمؤمنين بنتان باسم زينب و بلقب أم كلثوم، و الكبري هي سيدة الطف. و كان ابن عباس ينوه عنها بعقيلة بني هاشم، ولدتها الزهراء بعد شقيقها الحسين بسنتين [143] .

6- الشيخ البحاثة عباس قلي المستوفي المتوفي قرب سنة 1340 ه، صرح في عدة


أماكن من الطراز المذهب، أن أم كلثوم هي العقيلة زينب الكبري، و نقلنا كلامه فيه [144] .

7- العلامة السيد نورالدين الجزائري مؤلف كتاب «الخصائص الزينبية»، صرح بأن أكثر الخطب و المراثي التي تنسب الي أم كلثوم فهي هذه السيدة المحترمة (أي زينب العقيلة)، و هو أقوي الأقوال فيه، و يؤيده أن النبي شبه زينب بخالتها أم كلثوم [145] .

8- الشيخ الجليل جعفر النقدي المتوفي 1369 ه، صرح مرارا، و نقلنا كلماته في هذا الباب أن زينب الكبري تكني بأم كلثوم [146] .

9- البحاثة الكبير العلامة السيد عبدالرزاق المقرم المتوفي 1391 ه، صرح في عدة مواضع من كتابه «مقتل الحسين» أم كلثوم هي زينب العقيلة عليهاالسلام، بل هو القائل أن للزهراء عليهاالسلام بنتا وحيدة، و هي زينب، و هي أم كلثوم [147] .

10- البحاثة العلامة السيد رضي الدين أحمد المستنبط النجفي (دام ظله) صرح بأن زينب العقيلة تكني بأم كلثوم [148] .

11- البحاثة الجليل الأستاذ محمد سامي الدوهان عضو المجمع العلمي الدمشقي صرح بأن زينب الكبري كنيتها أم كلثوم كذلك [149] .

الأخبار الدالة علي اشتهار العقيلة زينب بأم كلثوم: اذا عرفت خمسة شواهد علي أن أم كلثوم هي زينب العقيلة مشفوعة بشهادة الامام الصادق عليه السلام، فنسوق اليك عدة أخبار من كتب التاريخ و المقاتل تعلن بأن أم كلثوم في أخبار الطف غالبا هي العقيلة زينب.


دفع شبهة: لا يفوتنا دحض اشكال المستشكل، بأن جل هذه الأخبار انما يثبت منها كون أم كلثوم زينب، و أما أن زينب هذه هي الكبري، فلا دلالة عليه في هذه الأخبار. لأنا نقول لم يشك أحد أن زينب المذكورة في أخبار الطف هي العقيلة بلا ريب، لأن الأصل العقلائي يقتضي أن المتكلم اذا كان في مقام البيان و التفهيم، لا في مقام الاهمال و الايهام، خصوصا اذا كان حكيما جادا، و ساق كلامه باطلاق صالح للتقييد، و لم يقيده، فكلامه ظاهر في أجلي موارد الاطلاق، و الفرد الأكمل له لأن الذهن ينصرف اليه فطريا. و ثبت في الأصول أن الانصراف اذا كان ناشئا من ظهور اللفظ في المقيد، بمعني أن نفس اللفظ ينصرف الي المقيد لكثرة الاستعمال و شيوع ارادته منه، فلا شك حينئذ أن لا مجال للتمسك بالاطلاق، لأن هذا الظهور يجعل اللفظ بمنزلة المقيد بالتقييد اللفظي لشيوعه. مثلا لو قال الامام عليه السلام: ابكوا علي مصيبة زينب بنت علي، فلا يفهم أحد أنه أراد بزينب زينب بنت علي الصغري زوجة محمد بن عقيل، لأنه لم يقيدها بقيد، و يتبادر الذهن الي العقيلة زينب. و شيوع زينب بنت علي علي الاطلاق في هذه الأخبار يدلنا أنها هي العقيلة عليهاالسلام بلا ريب، و الظهور حجة قطعية علي المتكلم و السامع، فلاحظ و لا تغفل.

الخبر الأول: روي أن الحسين عليه السلام جلس، في الليلة التي قتل في صبيحتها، و هو يقول و يصلح سيفه:



يا دهر أف لك من خليل

كم لك بالاشراق و الأصيل



الي آخر الأبيات، فأعادها مرتين أو ثلاثا؛ قال علي بن الحسين: عرفت ما أراد، و خنقتني العبرة، و لزمت السكوت، و علمت أن البلاء قد نزل؛ و أما عمتي زينب لما سمعت ذلك، و ثبت تجر ذيلها حتي انتهت اليه و قالت: وا ثكلاه، ليت الموت أعدمني الحياة! اليوم ماتت أمي فاطمة، و أبي علي، و أخي الحسن، يا خليفة الماضي و ثمال الباقي؛ فعزاها الحسين و صبرها، و فيما قال: يا أختاه! تعزي بعزاء الله، و اعلمي أن أهل الأرض يموتون، و أهل السماء لا يبقون، هكذا رواه ابن الأثير، و الطبري، و الخوارزمي، و أبوالفرج الأصفهاني، ولكن الثقة الأجل السيد ابن طاوس الحلي المتوفي 664 ه، و الاسفرائني رويا هذا الخبر


لأم كلثوم بدل زينب، و قال: «جعلت أم كلثوم تنادي: وا محمداه! وا علياه! وا أماه! وا أخاه! وا حسيناه! وا ضيعتاه بعدك يا أباعبدالله! فعزاها الحسين و قال لها: يا أختاه! تعزي بعزاء الله، فان سكان السماوات يفنون، و أهل الأرض كلهم يموتون، و جميع البرية يهلكون. فبمقارنة كلا الخبرين يتضح الأمر أن زينب بنت علي من فاطمة، و شقيقة الحسنين في الخبر الأول هي نفس أم كلثوم في الخبر الثاني، و ابن نما و أبومخنف رويا الخبر في زينب بنت علي عليه السلام و أمر كنية زينب الكبري أم كلثوم من هذا الخبر واضح لا يخفي.

الخبر الثاني: روي أبومخنف: ثم أقبل الحسين الي أم كلثوم و قال لها: يا أختاه! أوصيك بولدي الأصغر، فانه طفل صغير، و له من العمر ستة أشهر؛ فقالت له: يا أخي! ان هذا الطفل له ثلاثة أيام ما شرب الماء، فاطلب له شربة من الماء. و هكذا رواه في معالي السبطين ج 1 ص 259، و نفائس الأخبار ص 275.

و نقله الاسفرائني هكذا، ثم دخل الحسين الخيمة و قال: يا أختي! ناوليني ولدي الصغير حتي أودعه، فقالت: هذا ولدك منذ ثلاثة أيام لم يذق الماء؛ و هكذا نقله البحاثة العلامة السيد عبدالرزاق المقرم: و دعا بولده الرضيع، فأتته زينب بابنه عبدالله.

فلا يطعن علي الاسفرائني لأنه لم ينفرد بنقل الرواية وحده.

فبمقارنة الخبرين يتضح أن أم كلثوم في الرواية الأولي هي نفس زينب العقيلة عليهاالسلام في الرواية الثانية.

الخبر الثالث: روي أنه هجم القوم علي المخيم، و تفرقت النساء و الأطفال، أقبلت زينب عليهاالسلام، و وقفت علي زين العابدين و كانت تدافع عنه، قال حميد بن مسلم: انتهيت الي علي بن الحسين، و هو مريض و منبسط علي فراش، اذ أقبل الشمر و معه جماعة، و هم يقولون: ألا تقتل هذا الغلام؟ فهم اللعين بقتله، و سل سيفه، فألقت زينب نفسها عليه، و قالت: لا يقتل حتي أقتل، هكذا رواه القرماني و الدربندي و الشيخ النقدي و المقرم و في لفظ الاسفرائني: ثم أقبلوا علي علي بن الحسين، و هو ضعيف، و أرادوا قتله، فلما رأتهم أم كلثوم أقبلت و هي حاسرة الوجه، و طرحت نفسها عليه، و قالت و نادت:


وا هتكاه! وا قلة ناصراه! و ان كان و لابد من قتله فاقتلوني معه.

فبمقارنة كلا الخبرين لا يخفي علي الخبير أن زينب هي نفس أم كلثوم، و لا يلام الاسفرائني بعدما عرفت أنه ليس بمنفرد في النقل.

الخبر الرابع: روي أنه كان في سوق دمشق روشن عال فيه خمس نسوة، و معهن عجوز محدودبة الظهر، فلما صارت بأزاء رأس الحسين أخذت حجرا و ضربت به الرأس، فبكت زينب حتي غشي عليها. رواه الشيخ محمد باقر البهبهاني، و نسب الاسفرائني هذه الرواية الي أم كلثوم؛ و بينا لك أن الاسفرائني لا يلام في نقل الروايات التي لها شواهد أخر، فعلم منه أن زينب هي أم كلثوم.

الخبر الخامس: روي ابن طاوس و ابن نما في أخبار مجلس ابن زياد بالكوفة: «جلست زينب بنت علي متنكرة، فسأل عنها، فقيل: زينب بنت علي، فأقبل اليها، فقال: الحمدلله الذي فضحكم و أكذب أحدوثتكم. قالت: انما يفتضح الفاسق و يكذب الفاجر و هو غيرنا» هكذا رواه الطبري في تاريخه ج 6 ص 262، و الخوارزمي في مقتله ج 2 ص 42، و غيرهما، ولكن نسب الاسفرائني هذه الواقعة الي أم كلثوم، و هي التي قالت لابن زياد: انما يفتضح الفاسق الكاذب، و لا سبب له الا أن زينب العقيلة هي أم كلثوم، و هي أسن من حمل الي ابن زياد، كما صرح المبرد في الكامل ج 3 ص 263.

الخبر السادس: ما رواه أبومخنف عن سهل الساعدي قال: دخل الناس من باب الخيزران، فدخلت في جملتهم، و اذ أقبل ثمانية عشر رأسا، و اذا السبايا علي المطايا بغير وطاء، و رأس الحسين بيد الشمر و هو يقول: أنا صاحب الرمح الطويل، و أنا قاتل ذي الدين الأصيل، أنا قتلت ابن سيد الوصيين، و أتيت رأسه الي أميرالمؤمنين. فقالت له أم كلثوم: كذبت يا لعين ابن اللعين ألا لعنة الله علي القوم الظالمين، يا ويلك! تفتخر بقتل من ناغاه في المهد جبريل و ميكائيل؟ و من اسمه مكتوب علي سرادق عرش رب العالمين؟ و من ختم الله بجده المرسلين؟ و قمع بأبيه المشركين؟ فمن أين لك مثل جدي محمد المصطفي و أبي علي المرتضي و أمي فاطمة الزهراء؟!


و لا ريب أن أم كلثوم هذه هي نفس العقيلة زينب التي أمها الزهراء، لأن أم كلثوم أخت زينب العقيلة ماتت حوالي سنة 54 ه، و شهد الحسنان جنازتها [150] ، و لم تكن موجودة في الطف، كما ذكرناه آنفا، و ثبوت كنية أم كلثوم لزينب العقيلة من هذا الخبر أجلي من الشمس.

الخبر السابع: ما رواه العلامة النقدي و غيره، أن يزيد بن معاوية لما عزم علي ارجاع سبايا النبوة من الشام الي المدينة، صب الأموال العظيمة علي الأنطاع، و أحضر أهل بيت النبوة، و قال لزينب: يا (أم كلثوم)! خذي هذه الأموال عوضا عن الحسين، و احسبي كأن قد مات. فقالت: يا يزيد! ما أقسي قلبك؟! تقتل أخي و تعطيني المال؟! والله لا كان ذلك أبدا. رواه المجلسي في جلاء العيون، و فيه قال يزيد لأم كلثوم: خذي هذه الأموال عوضا عن دم أخيك. و رواه أيضا أبومخنف هكذا. و روي الاسفرائني: ان هذا الخطاب كان لزينب، و لا شك أن الخطاب كان لرئيسة سبايا آل محمد، و هي العقيلة زينب، كما دل عليه لفظ البكري، أن يزيد خاطب العقيلة زينب بقوله: يا أم كلثوم! و ظهر منه أن أم كلثوم هي العقيلة بلا ريب.

لعل في هذا القدر كفاية للمستبصر. و لو استقصينا ما ورد في هذا الباب، لأريناك الأخبار أكثر و أكثر يضيق عنها نطاق الكتاب، و ربما خرجنا بنقلها ههنا عن موضوعنا، و جمعنا منها شيئا وافرا في كتابنا الآخر «العقد المنظوم في أحوال أم كلثوم».

فاذن لا زنة لقول سيدنا الأمين أن زينب الكبري لم يقل أحد من المؤرخين أنها تكني بأم كلثوم، فقد ذكرها المسعودي، و المفيد، و ابن طلحة و غيرهم، و لم يقل أحد منهم أنها تكني بأم كلثوم، بل كلهم سموها زينب الكبري، و جعلوها مقابل أم كلثوم [151] .


و نري أن سيدنا المبجل بنفسه اعترف في الجزء الثالث ص 11 من أعيان الشيعة ان: «أم كلثوم الكبري هي زينب الكبري، و أم كلثوم الصغري هي زينب الصغري».

نتيجة البحث: اذا عرفت أن زينب الكبري أيضا تكني بأم كلثوم، و أم كلثوم في لسان المحدثين علي الاطلاق هي العقيلة زينب، فلم يبق خلاف بين الطوائف الأربع السابقة في أن المدفونة بقرية راوية هي أم كلثوم زينب بنت علي من فاطمة عليهاالسلام، و ليست هي أم كلثوم أخت العقيلة التي توفيت سنة 54 ه قبل كارثة الطف، بلا ريب، كما عليه أكثر أعلام السنة، و أن النقطة التي دارت عليها هذه الآراء هي عدم جزم البعض منهم أن العقيلة زينب تكني أيضا بأم كلثوم و أثبتناه بكل وضوح.

ملاحظات علي «أعيان الشيعة»: لقد أورد العلامة الجليل المجتهد المتتبع السيد محسن الأمين العاملي الدمشقي المتوفي 1372 ه في موسوعته «أعيان الشيعة» بحثا عن مرقد السيدة زينب بقرية راوية قرب دمشق، بيد أن السيد لم يشبع البحث حقه، لقلة اطلاعه علي المصادر المتوفرة لدراسة هذا المرقد، فتورط في شبهات لابد من ازاحتها، فاليك نص عبارته، قال رحمه الله:

[ثم ذكر كلام الأمين في الأعيان كما ذكرناه].

الأول: اعترافه بأنه وجد الصخرة القديمة: «هذا قبر السيدة زينب المكناة بأم كلثوم بنت سيدنا علي»، ثم تعقيبه بأنه لم يثبت بمثلها شي ء و ان أقر بأن الصخرة كتبت بعد الستمائة، فنقول: انه تدلنا المصادر علي وجود هذا القبر مزارا معروفا حتي في القرن الثاني، فزارته السيدة نفيسة بنت حسن الأنور المدفونة بمصر سنة 193 ه، و سوف تري في الصك الذي كتب سنة 768 ه، أن المدفونة هناك السيدة زينب الكبري المكناة بأم كلثوم، شقيقة السبطين، و بضعة البضعة الأحمدية و الجوهرة المحمدية، و هو يدل علي أن الشهرة بأن القبر للسيدة زينب (الكبري)، المكناة بأم كلثوم قديمة معروفة.

و هذه الصخرة التي قلعت من داخل القبر الشريف سنة 1302 ه، عند انهدام القبة الشريفة، كانت طويلة بقدر قامة الانسان، عليها عبارات كثيرة مطموسة بالكتابة


الكوفية، و لم يستطع أحد قراءتها، حتي وجد بالشام رجل طاعن في السن، عالم بالسير و التواريخ، فقرأ السطرين الأولين و هما: «هذا قبر أم كلثوم السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب بنت فاطمة الزهراء، و توفيت في هذا المكان، و أقبرت في رجوعها الثاني»، كما حدث به سادن الروضة الزينبية، في سنة 1302 ه، السيد سليم بن السيد علي بن موسي بن علي بن محمد أبي طالب لآية الله الفقيه الأكبر الشيخ محمد حسين الكاظمي المتوفي سنة 1308 ه من تلامذة الشيخ الأنصاري، و محمد حسن صاحب الجواهر رحمهما الله [152] .

فان كانت عبارة الصخرة القديمة لا يثبت بمثلها شي ء، فلما نسي سيدة الأعيان هذه الدعوي عندما قال: «رأيت بعد سنة 1321 ه في المقبرة المعروفة بباب الصغير مشهدا، فوق بابه صخرة كتب عليها: «هذا مدفن رأس العباس بن علي، و رأس علي بن الحسين الأكبر، و رأس حبيب بن مظاهر»، ثم أنه هدم بعد ذلك بسنتين هذا المشهد، و أعيد بناؤه، و أزيلت هذه الصخرة، و بني ضريح داخل المشهد، و نقش عليه أسماء كثيرة لشهداء كربلاء، لكن الحقيقة أنه منسوب الي الرؤوس الشريفة الثلاث المتقدم ذكرها بحسب ما كان موضوعا علي بابه، و هذا المشهد الظن القوي بصحة نسبته، لأن الرؤوس الثلاث الشريفة بعد حملها الي دمشق، و الطواف بها، و انتهاء غرض يزيد من اظهار الغلبة و التنكيل بأهلها، و التشفي، لابد أن تدفن في احدي المقابر، فدفنت هذه الرؤوس في مقبرة باب الصغير، و حفظ محلها، و الله أعلم [153] .

لا أدري كيف يعتمد سيد الأعيان علي هذه الصخرة التي لم يعرف من نقش عليها العبارة المذكورة، و لا تاريخ كتابتها، و لا من نصبها علي الباب المذكور، مع أن كتب مزارات دمشق بأسرها خالية عن ذكر هذا المشهد قديما و حديثا، فمن أين حصل له الظن القوي بصحته بمجرد هذه الصخرة المجهول حالها، علي أنه ثبت عند المحققين اعادة الرؤوس الشريفة الي كربلاء، و الحاقها بالأبدان.


و ذكر العلامة السيد عبدالرزاق المقرم النجفي، أنه طلب علي بن الحسين الرؤوس كلها من يزيد ليرجعها الي الأبدان، فلم يتباعد يزيد عن رغبته، فدفع اليه رأس الحسين مع رؤوس أهل بيته و صحبه، فألحقها الامام بالأجساد المطهرة [154] ، ثم قال رحمه الله بعد نقل عبارة سيد الأعيان المذكورة: «هذا ما ذكره سيدنا الحجة أيده الله، و لو اطلع علي حبيب السير، لاعتقد عدم صحة الدفن هنا، علي أن التغيير الذي ذكره يدلنا علي أن الحفظة لذلك المشهد لهم غرض آخر في اظهار المشهد [155] ؛ فاذا كانت الصخرة المجهولة تفيد الظن القوي لصحة المشهد علي أنها مضادة للتاريخ الصحيح المتسالم عليه، فأي مانع لدي السيد أن يعتبر هذه الصخرة القديمة المنصوبة علي قبر السيدة زينب موجبا للظن القوي، بل القطع، اذ الأدلة قائمة علي صحة هذا المرقد و شهرته منذ ألف عام و ذكره أكثر من ثلاثين مؤرخا من أهل السنة.

الثاني: عدم صحة ما ذكر أنه لم يجد أحدا من ذكر هذا المشهد، سوي ياقوت و ابن عساكر، بل ذكره الهروي، و ابن شاكر، و ابن طولون الدمشقي، و الناجي، و البدري، و ابن بطوطة، و الذهبي، و ابن الجوزي، و غيرهم ممن نذكرهم فيما يأتي.

الثالث: عدم صحة الاحتمالات التي تردد فيها السيد الجليل بعد تصريح كثير منهم، أن المدفونة هناك هي زينب الكبري بنت الزهراء، شقيقة السبطين، و زوجة عبدالله بن جعفر. و أما من يذكرها بزينب الصغري، فانما هو اجتهاد ليس لديه نص في ذلك، لعدم جزمه بأن العقيلة زينب أيضا تكني بأم كلثوم.

الرابع: ليس في قول ابن جبير، و «الله أعلم»، اشعار للتشكيك أو الترديد، بل لا نجد هذه الكلمة في النسخ المطبوعة بمصر. و علي فرض التسليم، أي اشعار للتشكيك! بل هو دأب العلماء المتألهين الدينيين، فان أكابر الفقهاء يكتبون بعد اصدار فتاويهم «والله أعلم»، اعترافا بقصور علمهم و استكانتهم الي عظمة الله جل جلاله، و لا يقول أحد أنه متردد أو شاك فيما أفتي به، كما زعم سيدنا الأجل رحمه الله.


تاريخ مشهد زينب الكبري بقرية (راوية): ان لهذا المشهد الكريم شهرة ضافية بين العلماء و المؤرخين منذ ألف سنة تقريبا، و لم يزل يتقاطر عليه الزائرون و رواد البركات من أقاصي البلاد و أدانيها منذ قرون متمادية؛ فزارته السيدة الجليلة السيدة نفيسة بنت حسن الأنور، بن زيد الأبلج، بن الحسن السبط، بن أميرالمؤمنين عليه السلام، زوجة اسحاق المؤتمن ابن الامام الصادق عليه السلام سنة 193 ه، عندما زارت مرقد ابراهيم النبي عليه السلام، ثم يممت هذا المرقد العالي المعروف بمقام السيدة زينب أم كلثوم بنت علي عليه السلام، وزارت قبر عمتها فاطمة بنت الحسن عليه السلام، و قبر فضة جارية فاطمة عليهاالسلام [156] .

و قرب سنة 500 ه شيد رجل قرقوبي من أهل حلب بمشهدها جامعا كبيرا من أشهر جوامع دمشق.

و زاره الرحالة أبوبكر الهروي، المتوفي 611 ه، و ذكره في كتابه المعروف «بالاشارات الي معرفة الزيارات»، و زاره ابن جبير المتوفي 614 ه، و ذكر له أوقافا و مساكن خارج المشهد في رحلته، كما ننقل كلامه، و زاره ابن بطوطة المتوفي 770 ه.

و في سنة 768 ه وقف عليه نقيب الأشراف السيد حسين الموسوي، من كبار أعلام دمشق في زمانه، جميع ما كان يملكه من البساتين و الأراضي، و كتب صكا طويلا عليه شهادات سبع من قضاة دمشق الكبار في زمانهم، و سوف ننقل هذا الصك حرفيا، و وقع فيه مكررا بأن المدفونة في ذلك المشهد أم كلثوم زينب الكبري بنت أميرالمؤمنين عليه السلام، و هو يدل علي أن المشهد معروف باسم العقيلة عليهاالسلام منذ قديم لم يشك في ذلك أحد من هؤلاء الأعلام الدمشقيين.

و كذا لم يزل هذا المشهد موضع تصديق و اطمئنان عند فقهائنا الكرام في النجف الأشراف، كالشيخ محمد حسين الكاظمي، و الميرزا حسين الخليلي، و الميرزا حسين النوري، و المجدد الشيرازي، و غيرهم ممن نبسط أقوالهم فيما يأتي، و سدانة الحرم لم تزل منوطة بالسادة العلويين الموسويين، ينتهي نسبهم الوضاح الي السيد ابراهيم المجاب، و لم يزل


منهم أكابر العلماء و الفقهاء و أهل الفضل في دمشق يتوارثون الولاية كابرا عن كابر، و منهم السيد سليم كان أحد الأعيان ذوي القدر و الشأن، تجلي بأحسن الشيم، و توشح بجلباب السماحة و الكرم، كريم الطبع، سليم الصدر، ذا رفعة و مهابة، معظما و محترما عند الشيعة [157] .

هذا السيد زار العتبات المقدسة بالعراق سنة 1302 ه، و زار أعلامها و فقهاءها من الامامية، و ورد في النجف الأشرف، و حضر في مجلس درس آية الله الشيخ محمد حسين الكاظمي، و سأله الشيخ عن قبر زينب بقرية راوية، فقال في مجلس الدرس، أمام الطلبة الأفاضل: «أنا متولي قبرها، و الولاية لي و لآبائي، و أن قبرها بالشام مشهور عندنا لم يختلف فيه اثنان، ثم أنه في هذه السنة سقطت القبة علي قبرها، لقدم بنائها، و لم يكن عندي ما أبني به قبرها، فبلغ الوالي عبدالعزيز خان العثماني، فأخذ اعانة من التجار، و أمر البنائين فكشفوا التراب عن قبرها. و اذا بصخرة عظيمة من المرمر، طولها قدر قامة، و عليها كتابة، فقلعوها بالجهد، و أمر الوالي بقراءتها،فعجز المسلمون و اليهود و النصاري هناك من قراءتها، ثم أخبروا الوالي عن رجل طاعن في السن بنواحي الشام، و أنه عالم بالسير و التواريخ، فأحضروه و عرضت عليه الصخرة فما قدر أن يقرأ منها الا: «هذا قبر السيدة زينب بنت علي بن أبي طالب بنت الزهراء، توفيت في هذا المكان، و أقبرت في رجوعها الثاني».

و اطمئن الشيخ بقوله و لم ينكره، ذكر البراقي في «الثمر المجتني».

علي أن علماء دمشق عرفوا منذ قديم بشدة العقيدة، لا يرضون بالقبور المزورة، فاشتهر في القرن الثامن قبر عند باب جيرون، و لهجت الألسن بأنه قبر الست ملكة من ذرية علي بن أبي طالب، فكثر الرد و النكير عليه من جهات أهل العلم و التاريخ، و ألفت في رده كتب، و أصدرت فتاوي لمختلف العلماء. و قال القاضي علاء الدين بن عطار، المتوفي 724 ه: يجب ازالته و اعادته الي ما كان عليه، و ألف في رده الحافظ ناصر الدين


محمد بن أبي بكر و شمس الدين محمد البطلانسي المتوفي 863 ه كتابه «انكار البدع و الحوادث» و الحافظ ابن طولون المتوفي 993 ه له بحث رده [158] ، مع أنه بنفسه ألف في ترجمة السيدة زينب كتابا بحث فيه عن مرقدها و صحته بأنها مدفونة هناك في الموضع المعروف، و اتفق الحنابلة و الشوافع و الأحناف علي صحة المشهد، كما تراه واضحا، من شهادات قضاتهم علي صحة المشهد، كما تراه واضحا من شهادات قضاتهم علي صك الوقف الآتي ذكره.

شهرة مرقد زينب الكبري بالشام في القرن الثامن: بلغت شهرة مرقد العقيلة زينب الكبري بضعة الامام علي عليه السلام، في القرن الثامن مبلغا خطيرا طار صيته في الآفاق، و ازدلفت اليه آلاف القصاد الوافدين من الأقطار الشاسعة، و ذكرنا فيما مضي أنه في 768 ه، قام أحد السادة الأشراف من أعلام دمشق الكبار، و نقيب الأشراف السيد حسين بن موسي الموسوي، و وقف جميع ما كان يملكه من الأراضي و البساتين المحيطة بالمشهد الشريف، لينفق نماءها علي صمالح التربة الزكية و خدمتها، و تنوير المزار و المنارة و الجامع و القرية، و كتب له صكا طويلا في آخر ربيع الأول سنة 768 ه، و أشهد عليه كبار قضاة الشام من بعلبك و دمشق و المنصورة، و هذا الصك صدقته المحكمة الشرعية و قضاتها بتاريخ 9 ربيع الأول سنة 1010 ه، و لا يزال مصونا عند سدنة الروضة الشريفة بدمشق [159] ، و هو يلمسنا الحقيقة، و هي أن دفينة قرية راوية هي أم كلثوم زينب الكبري بضعة الزهراء عليهاالسلام، و شقيقة الحسين (سلام الله عليهما)، كما ذكر فيه مكررا، فلا مجال فيه للتأويلات التي تشبث بها من أنكر ذلك، و هذه الوثيقة تلقي علينا دلالة ضافية بأن هؤلاء القضاة السبعة الذين شهدوا عليها لم يشك أحد منهم في أن المشهد للسيدة زينب الكبري عليهاالسلام، و لذلك ذكر الذهبي الدمشقي مشهدها بالموضع بقرية «راوية». و ذكره ابن طولون، و الناجي الدمشقي، و أبوبكر الموصلي ممن ننقل نصوص كلماتهم في تصحيح هذا المشهد الكريم.


صورة وثيقة الأوقاف لمشهد العقيلة الجليلة السيدة زينب الكبري بالشام سنة 768 ه: أصل هذه الوثيقة المصدقة بالمحكمة الشرعية الدمشقية بتاريخ 9 ربيع الأول سنة 1010 ه، و شهادات القضاة السبعة من أعيان علماء الشام في سنة 768 ه، محفوظ عند سدنة المقام الزينبي بالشام، و نحن وجدناها بخط العلامة المتتبع الكبير السيد عبدالرزاق المقرم النجفي المتوفي 1391 ه، نقلها عن أصل الوثيقة في كتابه المخطوط في ترجمة العقيلة زينب عليهاالسلام، نوردها من الأول الي الآخر حرفيا:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين، و صلي الله علي سيدنا محمد، و بعده: «كان المتقرب الي الله بهذا المعروف الذي لا يضاهي، و العمل الذي أجوره و مثوباته لا تتناهي، مولانا و سيدنا و رابط عقد السيادة السرمدية، ذوالحسب الباهي الظاهر، و النسب الزاهي الباهر، شيخ العلماء و الأصوليين، علم النحاة و المعربين، شيخ الاسلام، مفتي الفرض و الأنام، صدر مكة و المدينة و الشام، مولانا الشريف حسين ابن المرحوم شيخ الاسلام، علم الأئمة الأعلام، السيد الشريف موسي بن شيخ الاسلام، قدوة الفقهاء السيد علي الحسيني الشافعي، النقيب علي السادة الأشراف، و شيخ الفتوي بمدينة بعلبك. سارع الي ايقاف ماله و أشهد علي نفسه، و هو بحال الصحة لدي العلامة قاضي القضاة مصطفي الموقع في صدر أعلي الكتاب، أنه وقف و أبد ما هو جار في ملكه، و ذلك جميع البستان الكبير الكائن بقرية راوية، المشتمل علي قسمين شرقي و غربي، تفصل بينهما الساقية العرضية الآخذة الي جهة القبلة، المشتمل كل فيه علي أشجار فواكه مختلفة الأنواع:

أ- يحدهما من القبلة (مزار حضرة السيدة الجليلة زينب الكبري رضي الله تعالي عنها)، و تمامه الطريق السلطاني، و من المشرق الطريق و أرض الخطيب، و من الشمال نهر قناة القرية، و من المغرب الطريق الي القرية و الي المزار الشريف.

ب - و أوقف جميع البستان المعروف (بجنينة الورد) بالقرب من ذلك، يحده من القبلة بستان الحاج تقي و اخوته، و من الشمال قناة مجري الماء للقرية المزبورة و المغرب كذلك.


ج - و أوقف جميع الأرض شرقي قناة الجدلية يحدهما قبلة مجري ماء (عين كيل)، و شرقا قناة الجدلية و أراضي قرية (عقربا)، و من الشمال أراضي قرية (راوية) المزبورة المعروفة بشرقي و غربي قناة الجدلية.

د - و أوقف جميع الأرض الكائنة غربي القرية المزبورة يحدها قبلة مجمع الطريق، و شرقا الطريق أيضا، و شمالا أرض بني حمود، و غربا الطريق.

ه - و أوقف الأرض المعروفة (بحقل التوت)، و تابع الأرض المذكورة يحدها قبلة النهر الفاصل بينها و بين جنينة الورد و روضة سياق الماء للحضرة المنورة و المصنع و مسكرة التوثة.

و - و أوقف الأرض الواسعة المعروفة بشكارة يحدها قبلة قناة توبل، و شرقا الطريق، و غربا الطريق.

ز- و أوقف الأرض الكائنة شمال القرية تعرف بالمأذنة، و لها في مكانها تغني عن التحديد، و شرب ذلك كله من ماء قرية راوية المزبورة في كل أسبوع عدنان جميع ماء النهر قادة يوما بتمامه، و في النوبة الثانية الليل بتمامه، و ذلك علي أنواب أهله المتعارف بينهم بالطريق الشرعي، و جميع ما اشتملت عليه البساتين المذكورة و الأراضي المذكورة، و الغراس، و الحدود لذلك كله، و أحاطت به أقطاره.

وقفا صحيحا شرعيا قاطعا ماضيا مرضيا، و حبسا دائما سرمديا، و معروفا مؤكدا، و سبيلا خالصا لوجه الله تعالي، و لمستحقيه علي الدوام مرصدا محرما بحرمات الله العظيمة، ابتغاء لوجهه الكريم، و طلبا لثوابه العميم، يوم يجزي الله المتصدقين، و لا يضيع أجر المحسنين.

و لا يباع شي منه و لا من حقوقه و مرافقه، و لا يرهن، و لا يملك، و لا يناقل به، و لا بشي ء منه، و لا يحل عقد من عقوده، و لا يرجع أمره لغير أهله، و لا يقابض به، و لا يستبدل و لا يدخل و لا يتلف بوجه تلف، و لا يبطله تقادم دهر، و لا يوهنه اختلاف عصر أبد الآبدين و دهر الداهرين، الي أن يرث الله الأرض و من عليها، و هو خير الوارثين. و جعل وقفه علي الشروط الآتي ذكرها.


شهرة مشهد زينب المكناة بأم كلثوم في ألف عام: و لا يخفي علي القارئ الكريم أن مشهد زينب بقرية راوية بالشام ليس من المشاهد الوهمية الخيالية التي تستند الي الرؤيا و المنامات، بل هو مشهد صحيح معروف مقصود للزيارة منذ قرون متمادية، و ثبت وجوده و شهرته الضافية في القرن الثاني، و زارته السيدة نفيسة زوجة اسحاق المؤتمن بن الامام جعفر الصادق عليه السلام سنة 193 ه، كما ذكره مترجمو السيدة نفيسة المتوفاة سنة 308 ه بمصر، و لا بأس أن نسوق ههنا أسماء المؤلفين الذين ذكروه، و لا يهمنا ههنا آرائهم في تعيين المدفونة بها، و انما مقصودنا اثبات شهرة المشهد.

1- علي بن حسن بن هبة الله الدمشقي، المتوفي 561 ه، ذكر أن المدفونة شرقي قبر مدرك هي السيدة زينب (رضي الله عنها). حكي عنه ابن الحوراني في الاشارات ص 31، و الصيادي في الروضة البهية، و ذكرها باسم أم كلثوم في تاريخه ج 2 ص 81.

2- أبوالحسن علي بن أبي بكر الهروي، المتوفي بحلب سنة 611 ه، ترجمه في كشف الظنون ج 1 ص 92، و اللمعات البرقية ص 34، ذكر هذا المشهد باسم أم كلثوم في كتابه الاشارات ص 13.

3- أبوالحسين محمد بن أحمد بن جبير الكناني، المتوفي بمصر 614 ه، ذكر هذا المشهد في رحلته ص 269 طبع مصر باسم (زينب المكناة بأم كلثوم) و روي أن هذه الكنية أوقعها عليها النبي لشبهها بأم كلثوم، و مشهدها الكريم قبلي البلد بقرية يعرف (براوية) علي مقدار فرسخ، و عليه مسجد، و خارجه مساكن و له أوقاف.

4- شهاب الدين أبوعبدالله ياقوت بن عبدالله الحموي، المتوفي 624 ه، ذكر هذا المشهد بقرية راوية باسم أم كلثوم [160] .

5- يوسف بن قزاوغلي المعروف بسبط ابن الجوزي، المتوفي 654 ه بدمشق، ذكر في مزاره هذا المشهد الكريم باسم السيدة زينب المكناة بأم كلثوم [161] .


6- عزالدين أبوعبدالله محمد بن علي بن ابراهيم بن شداد الحلبي المتوفي 684 ه، قال ابن الفرات: كان الوزير المشير ابن شداد فاضلا مؤرخا رئيسا معظما عند الأمراء [162] ؛ و ذكره ابن كثير بأنه كان فاضلا مشهورا، معنيا [163] بالتاريخ، ذكر هذا المشهد الكريم في نسخة من كتابه «بقبر زينب الكبري بنت الامام علي من فاطمة الزهراء، و في نسخة بأم كلثوم» [164] .

7- شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي الدمشقي، المتوفي 748 ه، ذكر مشهد زينب الكبري زوجة عبدالله بن جعفر في دمشق [165] .

8- صلاح الدين محمد بن شاكر الدارمي، المتوفي 764 ه، ذكر هذا المشهد بقرية راوية باسم أم كلثوم [166] .

9- أبوعبدالله محمد بن عبدالله بن بطوطة المغربي، المتوفي 770 ه، ذكر هذا المشهد بقرية راوية باسم السيدة زينب المكناة بأم كلثوم من فاطمة الزهراء عليهاالسلام بنت علي بن أبي طالب؛ و قال: كناها رسول الله لشبهها بخالتها أم كلثوم، و عليه مسجد كبير، و له مساكن و أوقاف، و يسميه أهل دمشق قبر الست أم كلثوم [167] .

10- السيد حسين بن موسي الموسوي، من أعلام السادة الموسويين بدمشق سنة 768 ه، صاحب الأوقاف لمشهد العقيلة، صرح في صك الوقف: بأن المدفونة بقرية راوية هي أم كلثوم زينب الكبري بنت الزهراء و شقيقة السبطين عليهماالسلام كما مر.

11- أبوالبقاء عبدالله بن محمد البدري، المولود 848 ه بمصر، ذكر بأن المدفونة براوية هي زينب الكبري، بنت الامام علي بن أبي طالب، و هي أخت أم كلثوم التي


تزوجها عمر [168] .

12- أبوبكر الموصلي الدمشقي، صاحب الزاوية المعروفة باسمه عند جبانة الباب الصغير، من أعلام القرن الثامن، ذكر بأن المدفونة بقرية راوية هي زينب الكبري بنت علي و أخت الحسن و الحسين، و محسن الذي مات صغيرا، و كلهم من فاطمة [169] .

13- برهان الدين أبواسحاق ابراهيم بن محمد بن محمود الحلبي الشافعي، المعروف بالناجي، المتوفي بدمشق سنة 900 ه، شيخ المحدثين في وقته، و كان حافظا الحديث و الفقه و الأنساب، و صاحب الكرامات في عصره، صرح: بأن المدفونة براوية هي زينب الكبري بنت علي بن أبي طالب [170] .

14- الحافظ شمس الدين محمد بن علي بن محمد بن طولون الصالحي الدمشقي، المتوفي 953 ه، من أكابر حفاظ دمشق، ذكر في رسالته التي ألفها في ترجمة العقيلة زينب الكبري بنت علي، أنها المدفونة بقرية راوية، و كانت قدمت اليها في وقعة الحرة [171] .

15-عبدالوهاب الشعراني المتصوف، المتوفي سنة 973 ه بمصر، صرح بأن زينب بنت علي توفيت بدمشق [172] . و انما أوردنا كلامه، لأنه مؤيد لما ذكره كبار المؤرخين و عباقرة الخبرة.

16- عثمان بن أحمد بن محمد بن رجب بن سريح المعروف بابن الحوراني، المتوفي 970 ه أو 1003 ه، صرح بأن المدفونة بقرية راوية هي السيدة زينب أم كلثوم ابنة علي بن أبي طالب، نقله أيضا عن ابن عساكر و الناجي [173] .

17- أحمد بن محمد البصروي، المتوفي 1003 ه، ذكر هذا المشهد الكريم باسم السيدة


زينب في كتابه (تحفة الأنام) في الباب الرابع في ضمن ذكر من مات بدمشق من الصحابة و التابعين (من مخطوطات الظاهرية برقم 6226).

18- القاضي نورالدين محمود بن علي بن موسي العدوي الشافعي، المتوفي 1035 ه، صرح بأن المدفونة بقرية راوية هي زينب الكبري بنت علي بن أبي طالب و أمها فاطمة، و هي أخت الحسن و الحسين، و قال مشهدها الحاوي من الجلالة و الاكرام ما هو لائق بمنصب بنات الكرام رضي الله عنها [174] .

19- أحمد الصباغ الدمشقي ذكر هذا المشهد نقلا عن مزارات العدوي الذي أشرنا اليه آنفا.

20- ياسين بن مصطفي الفرضي البقاعي، المتوفي 1095 ه، ذكر هذا المشهد في (النبذ اللطيفة في المزارات الشريفة)، المخطوط بالجامعة الأمريكية في بيروت برقم 1291، و مكتبة الأزهر بمصر في أوقاف أباضة برقم 7323.

21- محمد بن يحيي نجم الدين الدمشقي المتوفي 1091 ه، ذكره في كتاب (الاشارات في أماكن الزيارات) المخطوط في ليبزيغ برقم 286.

22- الشيخ عبدالغني الفقيه الحنفي النابلسي الدمشقي، المتوفي 1142 ه زار مرقد العقيلة زينب براوية، و له كرامة ظهرت من هذا المشهد الجليل نذكرها في ذكر كرامات المشهد، ذكرها البحاثة الكبير السيد عبدالرزاق المقرم النجفي رحمه الله في رسالة مخطوطة له.

23- اسماعيل بن محمد بن عبدالهادي العجلوني الشافعي، المتوفي 1162 ه، له في ترجمة السيدة زينب المدفونة براوية، و ترجمة مدرك الصحابي المدفون غربي مشهد زينب، رسالة سماها «عرف الزرنب في ترجمة مدرك بن زياد و السيدة زينب» مخطوط ذكرها صلاح الدين المنجد [175] .

24- السيد سليم مرتضي، صاحب أوقاف السيدة زينب سنة 1300 ه، ذكر في


مجلس درس الفقيه الشيخ محمد حسين الكاظمي بالنجف الأشرف سنة 1302 ه: «أنا متولي قبرها و هو مشهور لا يختلف فيه اثنان» سوف نذكره مفصلا.

25- عزالدين محمد الصيادي الكاتبي، المتوفي بدمشق سنة 1330 ه، ذكر في كتابه (الروضة البهية) أن المدفونة بقرية راوية، قبلي دمشق، فهي السيدة زينب المكناة بأم كلثوم بنت علي بن أبي طالب، توفيت بغوطة دمشق عقب محنة أخيها الحسين، و دفنت في هذه القرية، ثم تسمت القرية باسمها، و هي الآن معروفة بقبر الست [176] .

26- الأستاذ محمد كردعلي الدمشقي، المتوفي 1953 ه، ذكر هذا المشهد باسم أم كلثوم نقلا عن ابن شاكر [177] .

27- الأستاذ محمد سامي الدهان المعاصر، اعترف في هامش (الأعلاق الخطيرة)، أن المدفونة براوية هي زينب الكبري، و كنيتها أم كلثوم أيضا [178] .

28- صلاح الدين المنجد ذكر هذا المشهد في تاريخ دمشق و حقق كتاب الزيارات لشيخ الاسلام العدوي الذي نقل مدفن العقيلة زينب الكبري بالشام بقرية راوية و لم يعلق عليه بملاحظة و هو ينم عن قبوله لذلك [179] .

29- الأستاذ عبدالقادر الريحاوي ذكر هذا المشهد في تاريخه و قال: زينب الصغري بنت علي بن أبي طالب الملقبة بأم كلثوم لها قبر فخم في ضاحية جنوبي دمشق تعرف بقرية الست زينب و علي القبر اليوم تابوت ثمين صنع حديثا في ايران من خشب الموزائيك و حوله قفص من الفضة [180] .

30- أحمد فهمي المصري ذكر هذا المشهد باسم السيدة زينب المكناة بأم كلثوم بنت علي بن أبي طالب التي توفيت عقب محنة أخيها الحسين قال دفنت بغوطة دمشق و هي


تعرف بقرية قبر الست [181] .

31- الأستاذ توفيق أبوعلم رئيس مجلس ادارة السيدة نفيسة بمصر ذكر هذا المشهد بعين عبارة أحمد فهمي [182] .

32- الدكتورة عائشة عبدالرحمان المصرية المعاصرة ذكرت هذا المشهد باسم أم كلثوم بنت أميرالمؤمنين زوجة عبدالله بن جعفر توفيت بغوطة دمشق عقب محنة أخيها الحسين [183] .

33- الأستاذ حسن محمد قاسم مدير مجلة هدي الاسلام المصرية، ذكر أن أم كلثوم زينب الوسطي التي أمها هي السيدة فاطمة الزهراء، و سمتها زينب، ثم أطلق عليها الكبري للتمييز بينها و بين أختها لأبيها أم كلثوم الصغري زوجة عمر، توفيت بغوطة دمشق عقيب محنة أخيها الحسين، و دفنت في هذه القرية.

فلنكتف بايراد هذا المقدار من تصريحات الأعلام من أهل السنة؛ و أما علماء الشيعة فقد سبق منا أسماء من ذكر المشهد و سوف يأتي تراجم من صرح بكون العقيلة زينب مدفونة هناك.

مشهد (راوية) لزينب الكبري بلا ريب: اذا أحطت خبرا بما لهذا المشهد من شهرة ضافية منذ ألف عام، و وجه الجمع بين آراء الطوائف الأربع في تعيين صاحبة المشهد، فنقول: ثبت لدينا أن المدفونة بتلك البقعة المجللة هي العقيلة الحوراء زينب الكبري بنت أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، و هي المكناة بأم كلثوم، كما عرفت ذلك عن جماعة من الأعلام، و لذلك تذكر مرة بالاسم و مرة بالكنية، و لنا عدة شواهد عليه.

الأول: وجوب زيارة خصوص هذا المشهد، اذا أوصي أحد أن يرسل رجل بعد موته لزيارة قبر العقيلة زينب عليهاالسلام من ثلث ماله. و كذلك في العهد و اليمين، لأنه ليس للعقيلة الطاهرة (سلام الله عليها) أي قبر ينسب اليه قديما و حديثا، الا هذا، لأن القبر


المنسوب اليها في مصر قد عرفت حقيقته. و أما قبرها بالمدينة، كما قيل، و ليس له أثر ظاهر من القدم، و لم يرد له ذكر، و انما أثبته القائلون به بدليل الاستصحاب، فبقي هذا المشهد الكريم بلا معارض، و صرح به طائفة من أجلاء الأعلام كما سيأتي.

الثاني: تصريح ولي العصر عجل الله فرجه بأن المدفونة بالشام هي عمته زينب الكبري عليهاالسلام، علي ما نقل العلماء عن آية الله السيد محمد حسن الشيرازي، المتوفي 1312 ه، صاحب الكرامات، و قول الامام بانضمام تصريح العلماء الأجلاء حجة قاطعة، بل لا يبعد لأجله دعوي الاجماع.

الثالث: تصريح عباقرة التاريخ و التتبع، كالذهبي، و ابن طولون، و البدري، و القاضي العدوي، و كبار أعلام الشيعة المتأخرين بذلك.

الرابع: شهادات سبعة من قضاة دمشق من أعلام القرن الثامن بأن مدفونة راوية هي العقيلة زينب الكبري بضعة البضعة النبوية، و شقيقة السبطين عليهماالسلام، و هو ينم عن شهرة المشهد باسمها في هذا القرن.

الخامس: العناية الالهية الخاصة بهذا المشهد، و ازدهاره يوما فيوما، و كثرة الزائرين المتقاطرين المزدلفين اليه من كل صوب، فهي أحد مصاديق قوله تعالي: (في بيوت أذن الله أن ترفع و يذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو و الآصال) و هو في كل عام أفخم من السابق، و أصبح اليوم منار العالم الاسلامي، و مهوي أفئدة المؤمنين، و مطاف آلاف المسلمين المتعصمين به، و المتضرعين الي الله بباحته، متوسلين بالمدفونة الطاهرة في تلك التربة الزكية، و مثل هذه العناية لم يقدر الا لمشاهد أهل البيت الأطهار عليهم السلام، المبثوثة في مكة و المدينة و النجف و كربلاء و الكاظمية و سامراء و مشهد الرضا عليه السلام في خراسان، و مشهد فاطمة بنت موسي عليه السلام في قم، و غيرها. و هذه الأبهة و الفخامة تدل علي أن الله أحب أن يزدهر هذا المقام باسم العقيلة زينب الكبري عليهاالسلام حتي في عاصمة بني أمية الذين لعبوا دورا هاما من التاريخ، و بذلوا أقصي مجهودهم في اهانة أهل البيت عليهم السلام و ليس لقبورهم أثر.


علي أنه هناك مشاهد أخر لبنات أميرالمؤمنين عليه السلام تنسب اليهن، كمشهد خديجة بنت علي بن أبي طالب عليه السلام قرب مسجد الكوفة، ذكره المجلسي في مزار البحار، و مشهد زينب الصغري بمقبرة الباب الصغير بدمشق، ذكره أبوبكر الهروي في الاشارات الي أماكن الزيارات، و ليس لها شأن مثل شأن مرقد العقيلة الحوراء عليهاالسلام في دمشق بقرية راوية، حتي قال القاضي نورالدين العدوي الدمشقي، المتوفي 1035 ه، عند ذكر قبرها براوية: «مشهدها الحاوي من الجلال و الاكرام ما هو لائق ببنات الكرام» [184] .

السادس: كثرة ظهور الكرامات الباهرة في مشهدها براوية، رواها الثقات، و تناقلتها الألسن، و نذكر شيئا منها في آخر الكتاب، و استجابة الدعاء تحت قبتها الشريفة، و كشف الكروب و الهموم عند ضريحها الطاهر عليهاالسلام. و مثل هذه الجلالة لم تسمع الا لقبر النبي و مشاهد أهل البيت عليهم السلام ما يدل علي أن للدفينة بها براوية كرامة علي الله ككرامة أهل البيت عليهم السلام جميعا.

السابع: وجود قبر فضة جارية فاطمة عليهاالسلام، و خادمة العقيلة زينب بدمشق، و هي لم تزل تخدم الزهراء عليهاالسلام، فلما ماتت انضمت الي تاليتها زينب العقيلة و خرجت معها الي كربلاء، و منها أسيرة مع سيدتها و سبايا الحسين، ثم الي الكوفة و الشام، و منها الي المدينة، ثم لم تنفك عن خدمة العقيلة عليهاالسلام و سائر نسوة أهل البيت، حتي ماتت. و لم يختلف اثنان في أنها مدفونة بدمشق قرب مشهد أم كلثوم بنت علي بمقبرة الباب الصغير. فاذا لم تفارق العقيلة في أشد الرزايا و النوازل، فكيف من المعقول أن تسافر من المدينة الي دمشق و تفارق سيدتها الجليلة؟ و ورد في بعض الآثار أنها لم تزل مجاورة لقبر سيدتها حتي توفيت. و نتعرض لبسط شي ء من أحوالها في آخر الكتاب.

السابقي، مرقد العقيلة زينب، /169 - 167 ، 157 - 151 ، 147 - 138 ، 137 ، 136 - 107 ، 104 - 102 ، 81 ، 80 ، 79 ، 78 ، 77 ، 76 - 75 ، 66 - 65 ، 63 - 60 ، 59 - 29 ، 26 - 25.



پاورقي

[1] [لم يرد في مرقد العقيلة زينب].

[2] [لم يرد في مرقد العقيلة زينب].

[3] [لم يرد في مرقد العقيلة زينب].

[4] [لم يرد في مرقد العقيلة زينب].

[5] [مرقد العقيلة زينب: ذي الحجة].

[6] يس: 52.

[7] [لم يرد في مرقد العقيلة زينب].

[8] [لم يرد في مرقد العقيلة زينب].

[9] [زاد في الأعيان: قرقوبي منسوب الي قرقوب في أنساب السمعاني، بلدة بين واسط و کور الأهواز اه.].

[10] [لم يرد في الأعيان].

[11] [لم يرد في عقيلة بني‏هاشم].

[12] [لم يرد في الأعيان].

[13] [لم يرد في عقيلة بني‏هاشم].

[14] از مزارهاي اهل بيت رضي الله عنهم، مزار ام‏کلثوم دختر علي بن أبي‏طالب رضي الله عنهما است و گويند: مزار زينب صغري مکنا به ام‏کلثوم - که پيامبر صلي الله عليه و سلم به مناسبت شباهت وي با دخترش أم‏کلثوم رضي الله عنها اين کنيه را بر او نهاد - نيز آن جاست و خدا به حقيقت اين امر آگاه‏تر است. مزار گرامي او در روستايي واقع در سمت قبله‏ي شهر، موسوم به (راويه) است، و در فاصله‏ي يک فرسنگي آن قرار دارد و بر آن مزار مسجدي بزرگ ساخته‏اند. بيرون از مزار، خانه‏هايي است و اوقافي دارد و اهل اين نواحي، آن جا را به نام «قبر الست أم‏کلثوم» (مزار بانو أم‏کلثوم) مي‏شناسند. ما خود به آن جا رفتيم و شب خفتيم و از يارانش تبرک جستيم. خداوند ما را به سبب آن زيارت مأجور فرمايد.

اتابکي، ترجمه‏ي سفرنامه‏ي ابن‏جبير /342

در چهار ميلي شرقي دمشق، قريه‏اي معروف به منيحه است که آرامگاه سعد بن عباده در آن جا مي‏باشد. مسجد کوچک قشنگي بر سر خاک او بنا شده و بر سنگ گور او نبشته است: «هذا قبر سعد بن عبادة، رأس الخزرج صاحب رسول الله؛ اين است گور سعد بن عباده، رئيس قبيله‏ي خزرج از صحابه‏ي پيغمبر.»

در قريه‏ي جنوبي شهر که يک فرسخ با آن فاصله دارد، مزار أم‏کلثوم، دختر علي بن أبي‏طالب عليه‏السلام و حضرت فاطمه واقع است. گويند اسم او زينب بود و أم‏کلثوم کنيه‏اي است که حضرت رسول به مناسبت شباهتي که با خاله‏اش، أم‏کلثوم، دختر آن حضرت داشته، به وي داده است.

بر سر مزار أم‏کلثوم، مسجد بزرگي است که اطراف آن هم منزل‏هايي دارد و اوقافي براي آن معين شده است. مردم دمشق آن جا را قبر الست أم‏کلثوم (قبر بانو أم‏کلثوم) مي‏خوانند. در آن جا، قبر ديگري هم هست که مي‏گويند، متعلق به سکينه، دختر حسين بن علي عليه‏السلام مي‏باشد.

موحد، ترجمه‏ي رحلة ابن‏بطوطة، 99/1.

[15] [الي هنا حکاه في وسيلة الدارين، 433/3].

[16] [أضاف في نور الأبصار و المعالي و السيدة زينب: بها].

[17] [نور الأبصار و المعالي: و في لواقح الأنوار أن زينب المدفونة بقناطر السباع أخت الحسين (رضي الله عنهما).

(تنبيه) أول من أنشأ قناطر السباع الملک الظاهر رکن الدين بيبرس البندقداري و نصب عليها سباعا من الحجارة فان رکنه علي شکل سبع و لذلک سميت قناطر السباع، و أيضا في نور الأبصار، و کانت مرتفعة فلما أنشأ الملک الناصر محمد بن قلاوون الميدان السلطاني کان يتردد اليه کثيرا و يمر عليها و يتضرر من ارتفاعها و يقال: انه أشاع هذا و القصد انما هو کراهته لنظر أثر أحد من الملوک قبله و بغضه أن يذکر أحد غيره بشي‏ء يعرف به فأحب أن يزيلها لتبقي القنطرة منسوبة له و معروفة کما کان يفعل من محو آثار من تقدمه و تخليد ذکره فاستدعي الأمير علاء الدين والي مصر و أمره بهدمها و عمارتها أوسع مما کانت عليه بعشرة أذرع و أقصر من ارتفاعها الأول ففعل کما أمره و ذلک في سنة خمس و ثلاثين و سبعمائة و لم يضع سباع الحجر عليها فتحدث الناس بأن السلطان أزالها لکونها رنک سلطان غيره فامتعض لذلک و أمر علاء الدين بوضعها کما کانت عليه و هي باقية هناک الي الآن الا أن الشيخ محمدا المعروف بصائم الدهر شوه صورها کما فعل بوجه أبي الهول ظنا منه أن هذا الفعل من جملة القربات ا ه. خطط. و السيدة زينب: لأنها باب قبول الدعاء. و قال العلامة الصبان: و تجاه قبرها الشريف قبر سيدي محمد العتريس أخو السيد ابراهيم الدسوقي رضوان الله عنها... آمين].

[18] [نور الأبصار و المعالي: و في لواقح الأنوار أن زينب المدفونة بقناطر السباع أخت الحسين (رضي الله عنهما).

(تنبيه) أول من أنشأ قناطر السباع الملک الظاهر رکن الدين بيبرس البندقداري و نصب عليها سباعا من الحجارة فان رکنه علي شکل سبع و لذلک سميت قناطر السباع، و أيضا في نور الأبصار، و کانت مرتفعة فلما أنشأ الملک الناصر محمد بن قلاوون الميدان السلطاني کان يتردد اليه کثيرا و يمر عليها و يتضرر من ارتفاعها و يقال: انه أشاع هذا و القصد انما هو کراهته لنظر أثر أحد من الملوک قبله و بغضه أن يذکر أحد غيره بشي‏ء يعرف به فأحب أن يزيلها لتبقي القنطرة منسوبة له و معروفة کما کان يفعل من محو آثار من تقدمه و تخليد ذکره فاستدعي الأمير علاء الدين والي مصر و أمره بهدمها و عمارتها أوسع مما کانت عليه بعشرة أذرع و أقصر من ارتفاعها الأول ففعل کما أمره و ذلک في سنة خمس و ثلاثين و سبعمائة و لم يضع سباع الحجر عليها فتحدث الناس بأن السلطان أزالها لکونها رنک سلطان غيره فامتعض لذلک و أمر علاء الدين بوضعها کما کانت عليه و هي باقية هناک الي الآن الا أن الشيخ محمدا المعروف بصائم الدهر شوه صورها کما فعل بوجه أبي الهول ظنا منه أن هذا الفعل من جملة القربات ا ه. خطط. و السيدة زينب: لأنها باب قبول الدعاء. و قال العلامة الصبان: و تجاه قبرها الشريف قبر سيدي محمد العتريس أخو السيد ابراهيم الدسوقي رضوان الله عنها... آمين].

[19] ([قريب به مضمون اين مطلب در ناسخ التواريخ حضرت زينب عليهاالسلام، 534/2 تکرار شده است].) در کتاب بحر المصائب مسطور است که حضرت زينب خاتون صلوات الله عليها بعد از واقعه‏ي کربلا و آن محنت و بلا و رنج شام و زحمت ايام چندان بگريست که بالايش خميده و گيسوانش سفيد شد و دائم الحزن بزيست تا به ديگر سرا رخت کشيد. ([قريب به مضمون اين مطلب در ناسخ التواريخ حضرت زينب عليهاالسلام، 534/2 تکرار شده است].)

و هم در آن کتاب مروي است که چون جناب ام‏کلثوم بعد از چهار ماه از ورود اهل بيت به مدينه طيبه چنان که مسطور شد از اين سراي پر ملال به رحمت خداوند لايزال پيوست و هشتاد روز از وفات آن مخدره بگذشت، جناب زينب خاتون يکي شب بسيار بگريست و بر سر و صورت خويش بزد تا از هوش بيگانه شد و چون بيامدند و آن حضرت را حرکت دادند، مرغ روانش از اين تنگنا قفس عنصري به شاخسار رياض رضوان آشيان ساخته بود. پس آل رسول و بنات بتول صلوات الله عليهم در ماتم آن حضرت به زاري و سوگواري درآمدند و چنان ناله و فغان برآوردند که اندوه عاشورا و آشوب نشور برپاي شد. به تقريبي که در بعضي کتب نوشته‏اند، اين مخدره شبي مادرش فاطمه عليهاالسلام را به خواب ديد و بعد از آن خواب، همي‏بگريست تا وفات فرمود.

و نيز صاحب بحرالمصائب گويد: اين که از بعضي کتب مفهوم مي‏شود که زينب خاتون در ديار شام مدفون است و هنگامي که وفات مي‏فرمود، جناب ام‏کلثوم زنده بود، جمع بين القولين ممکن نمي‏شود؛ مگر اين که گوييم، جناب ام‏کلثوم و جناب زينب خاتون که در مدينه وفات يافته‏اند، ام‏کلثوم صغري و زينب صغري مي‏باشند، نه جناب ام‏کلثوم و جناب زينب خاتون که دختران حضرت فاطمه‏ي زهرا هستند؛ يا به عکس اين باشد؛ يعني آن دو دختر که در مدينه وفات کرده‏اند، از بطن مطهر حضرت صديقه طاهره سلام الله عليها و آن دو تن که در شام به خاک رفته‏اند، از زوجه‏ي أميرالمؤمنين عليه‏السلام مي‏باشند.

و در کتاب نورالابصار مسطور است که شعراني در متن خويش نوشته است که: سيد حسن علي الخواص مرا خبر داد: سيده زينب خاتون که در قناطر السباع دفن شده، دختر علي عليه‏السلام است؛ و بي‏شک در اين مکان است و علي الخواص چون به زيارت آن مرقد مطهر شدي، در عتبه درب نعلين بکندي و با پاي برهنه گام نهادي تا از مسجدش بگذشتي و در برابر رويش بايستادي و از او به خداي تعالي توسل جستي تا او را بيامرزد.

و در لواقح الانوار مسطور است: زينبي که در قناطر السباع مدفون شده، خواهر حسين عليه‏السلام است و در طبقات شعراني در ذيل ترجمه‏ي احوال امام حسين عليه‏السلام مذکور مي‏باشد که خواهر آن حضرت که در قناطر السباع مصر دفن شده است، با صوتي بلند اين شعر انشاد کرد، گاهي که از پرده سرش بيرون بود: «ماذا تقولون اذ قال النبي لکم»؛ تا آخر اشعار مذکوره. لکن در شرح عقود الجمان اين ابيات را از دختر عقيل بن ابيطالب چنان که اشارت يافت، مسطور داشته است.

صاحب نور الابصار مي‏گويد: مانع چيست که هر دو تن خوانده باشند؟ و هم روايتي که در نور الابصار از تاريخ قرماني باز مي‏نمايد، دليل بر اين است که آن مخدره آن خطبه مشهوره را در کوفه قرائت فرموده است.

معلوم باد اول کسي که انشاي قناطر السباع را نمود، ملک الظاهر رکن الدين بيبرس السنبد قداري است. در آن جا چندين صورت سباع را از سنگ برآورد. از اين روي قناطر السباع نام يافت و از آن پس، بعضي فرمان گذاران مصر ديگرگونش ساختند و تاکنون به حال خود باقي است.

شيخ عبدالرحمان الاجهوري المقري در کتاب خود مشارق الانوار مي‏گويد که در سال يک هزار و يک صد و هفتادم هجري اندوهي بزرگ مرا دريافت. پس به مقام سيده زينب مذکوره روي نهادم و اين قصيده را در حضرتش انشاد کردم و از برکتش آن غم زايل شد:



آل طه لکم علينا الولاء

لا سواکم بمالکم آلاء



مدحکم في الکتاب جاء مبينا

أنبأت عنه ملة سمحاء



حبکم واجب علي کل شخص

حدثتنا بضمنه الأنباء



انني لست أستطيع امتداحا

لعلاکم و أنتم البلغاء



کيف مدحي يفي بعلياء من قد

عجزت عن بلوغه الفصحاء



مدحکم انما يريد بليغ

وقفت عند حده الشعراء



شرفت مصرنا بکم آل طه

فهنيئا لنا و حق الهناء



منکم بضعة الامام علي

سيف دين لمن به الاهتداء



خيرة الله أفضل الرسل طرا

من له بيوم المعاد اللواء



زينب فضلها علينا عميم

و حماها من السقام شفاء



کعبة القاصدين کنز أمان

و هي فينا يتيمة عصماء



و هي بدر بلا خسوف و شمس

دون کسف و بضعة زهراء



و هي ذخري و ملجاي و أماني

و رجائي و نعم ذاک الرجاء



قد أنخت الخطوب عند حماها

فعسي تنجلي بها الضراء



ليس الاک و صلتي لنبي

خمدت عند نصره الأعداء



من کراماتها الشموس أضاءت

أين منها السها و أين السماء



من أتاها و صدره ضاق صدرا

من عسير أو ضاق عنه الفضاء



حلت الخطب مسرعا و جلته

فانجلي عنه عسره و العناء



لا يضاهي آل النبي و صيف

لا يوفي کمالهم أدباء



شرفت منهم النفوس و ساروا

حيثما أشرفوا فهم شرفاء



و عليهم جلالة و فخار

و وقار و هيبة و ضياء



نوروا الکون بعد کان ظلاما

اذ أضاءت ذراهم العرباء



کل مدح مقصر بعلاهم

کل فرد من هداهم لآلاء



بهم الفضل من الست فأني

من سواهم يکون فيه استواء



ان هل يستوي الذين دليل

و لتطهيرهم بذاک اقتفاء



ان لي يا کرام حق جوار

فاحفظوه فانکم أمناء



عن أبيکم روي الثقات حديثا

حدثتنا بضمنه الأنباء



ان بالجار لم يزل يوصي جبرا

ئيل معناه ليس فيه خفاء



لست أخشي الضياع و الحب عندي

طب قلبي و مقلتي و جلاء



بينکم مهبط لجبريل وحيا

فيه تغدو الملائک الکرماء



من أتي حبکم و کان أسيرا

لدواعيه زال عنه الشقاء



يا کرام الوري أغيثوا نزيلا

أجحفته الخطوب و الأدواء



قسما ان وصفکم في الثريا

أيدتکم نجومها و السماء



فتوسل بهم لکل صعيب

حيث جاء ابتغوا فهم شفعاء



و صلاة علي النبي و آل

و کذاک الصحابة الأتقياء



ما حمام بروضة قد تغني

أو علي الدوح تسجع الورقاء



أو عبيد الرحمان أنشا مدحا

آل طه لکم علينا الولاء



و نيز در رساله‏ي صبان چون نور الابصار مسطور است و در کتاب تحفة الاحباب نيز به مشهد سيده زينب بدون اين که معلوم باشد کيست، اشارت رفته است؛ والله تعالي اعلم.

صاحب انوار الشهادة و صاحب بحرالمصائب از کتب عديده نقل مي‏نمايند که چون مردم مدينه طيبه چنان که راقم حروف در کتاب احوال حضرت امام زين العابدين عليه‏السلام به تفصيل مرقوم نمود، بعد از شهادت حضرت سيدالشهدا صلوات الله عليه و ظهور فسق و فجور و کفر و شقاق يزيد لعنة الله عليه بر يزيد لعنت کرد و او را از خلافت و امارت خويش خلع کرد، عبدالله بن زبير نيز کوس مخالفت بنواخت و هواي خلافت برداشت و همه با وي گفتند که مردمان فوج از پس فوج به حضرت امام زين العابدين مي‏شوند و با آن حضرت بيعت مي‏نمايند.

و نيز بدو پيوست که عبدالله بن جعفر شوهر جناب زينب خاتون در همان سال از سراي پر ملال رخت بيرون نهاد و بر آن انديشه شد که به اين بهانه اهل بيت را ديگرباره به شام آورد و زينب خاتون را در حباله نکاح خويش درآورد.

پس مسلم بن عقبه را با لشکري گران به قتل مردم مدينه و تاراج اموال ايشان و ويران کردن محله‏ي بني‏هاشم و اسير ساختن اهل بيت رسول خدا و ديگرباره آوردن ايشان را به شهر شام فرمان داد و آن خبيث به مدينه بيامد و به قتل و غارت مردم مدينه بکوشيد و محله‏ي بني‏هاشم را ويران ساخت و اهل بيت را اسير کرد؛ اما به حالت احترام روي به شام نهاد.

و به قولي با هزارگونه رنج و آزار به سوي دمشق رهسپار شد و بر گردن جملگي غل و زنجير بگذاشت. حتي اطفال را از اين زحمت معاف نداشت و در طي منازل نيز بر تافتگي و تشنگي ايشان ترحم نمي‏کردند و با اين گونه زحمت و مشقت ايشان را منزل به منزل بکوچانيدند تا به دمشق نزديک شدند.

و چون سواد دمشق نمودار شد، حضرت زينب سلام الله عليها به گريستن آمد و به درگاه حضرت ذي المنن دست به دعا برکشيد که اي خداوند مهربان! اي پناه بي‏کسان و اي ياور درماندگان! بر ما مردم غريب و بي‏کس رحمت کن و مرا بميران که ديگرباره با اين حال به مجلس يزيد نشوم. ناگاه آن حضرت بيمار شد و در بستر بيماري بدون پرستاري و تيماري بيفتاد و حضرت سجاد عليه‏السلام را بخواند و گفت: «من وداع جهان خواهم گفت. چند وصيت با تو دارم:

نخست اين که، چون برادرم در هنگام شهادت اطفال خود را به من سپرد، من نيز سفارش ايشان را به تو گذارم. چه ايشان را پرستاري و غمخواري نيست و همه اسير و دستگير هستند. ديگر آن که چون به مجلس يزيد شويد، با آن ظالم به مدارا سخن کن و کلماتش را متعرض مباش و پاسخ مران. شايد به قتل تو فرمان کند و من نيستم که گزندش را برتابم.

ديگر اينکه، چون به شام درآمدي، سلام مرا به سر بريده‏ي پدرت برسان و در عوض من آن سر را ببوس و عرض کن که زينب در فراق تو بسوخت و دلش کباب گشت.

ديگر اينکه، بفرماي تا زنان مرا غسل دهند و کفن کنند و تو بر من نماز بگذار.»

آن وقت، از غسل ندادن و کفن ناکردن بدن سيدالشهدا سلام الله عليه بگريست.

و ادامه داد: «ديگر اينکه، بعد از دفن من بر قبر من تلاوت قرآن بفرماي! چه در اين بيابان غريب هستم.»

و از پس اين کلام نيز به ياد سيدالشهدا بگريست که در عوض اين اعمال بر بدن مبارکش اسب بتاختند.

چون از اين وصايا بپرداخت، زنان و اطفال را طلب کرد و با آن‏ها وداع فرمود و صورت جملگي را ببوسيد و آواي جملگي به گريه و ناله بلند گشت. آن گاه فرمود: «أشهد أن لا اله الا الله و ان جدي رسول الله و ان أبي ولي الله».

و روح مقدسش به آباء عظامش و امهات صالحين گرامش ملحق گشت.

از پس وفات آن حضرت، امام زين العابدين عليه‏السلام کسي را به آن گروه ملعون فرستاد و آبي از بهر غسل آن مظلومه طلب کرد. از ميان جماعت، ملعوني فرياد برآورد که: «شما خارجي هستيد و جايز نيست که شما را غسل دهند.»

آن حضرت آهي کشيد و بگريست و فرمود: «اگر آب نمي‏دهند، کار به تيمم کنيد.»

پس بدن شريفش را بدل غسل تيمم دادند و به روايت ديگر، به دعاي امام عليه‏السلام آبي آشکار گشت و آن حضرت را غسل دادند و در حوالي شام دفن کردند و روي به شام نهادند.

در انوار الشهادة از کتاب تبصرة الذاکرين مسطور است که شيخ محمد بغدادي شافعي در کتاب منتخب السير نوشته است: چون يزيد پليد بعد از شهادت حضرت امام حسين عليه‏السلام همي‏خواست اعمال شنيعه خود را پوشيده سازد، از اين روي اظهار کراهت مي‏کرد و آن امر را به ابن‏زياد منسوب مي‏داشت.

و چون عبدالله بن جعفر به سراي ديگر خراميد، در حضرت سجاد عليه‏السلام مکتوبي فرستاد و اظهار ارادت و خلوص نيت و تلافي گذشته مي‏داد و باز مي‏نمود که: «به آن اراده هستم که حضرت زينب خاتون را به حباله‏ي نکاح خود درآورم. چه بر طبق خبر صحيح، مي‏دانم که ملامسه‏ي جلد فرزند فاطمه اسباب رستگاري و درآمدن به بهشت است. او را در نهايت احتشام و عزت روانه شام کنيد.»

چون حضرت سجاد اين خبر را با عمه‏ي خويش باز داد، آن مخدره را گريه فروگرفت و قطرات اشک از ديده به ديدار آورد. امام عليه‏السلام فرمود: «اي عمه! زاري مکن. به اين سفر بايدت رفت و اين سفر آخر تو است و يزيد را ديدار نخواهي کرد و در حوالي شام وفات مي‏نمايي.»

لاجرم جناب زينب خاتون به فرمان آن حضرت سفر شام را ساخته گشت و همي راه پيمود تا به همين مقام که مدفن او است رسيد. در اين وقت خبر مرگ يزيد را بشنيد و صمايب شام را به نظر درآورد. بيرون شتافت و در پشت خيمه باغي بود که به آن خيمه نزديک بود. پس در کنار جويي آب تنها نشسته به گريه و زاري درآمد و چندان بگريست که مدهوش شد و در آن آب بيفتاد و آب نهر سد شد. باغبان شتابان بيامد و به دست اندر بيلي داشت به گمان اين که راه آب را بسته‏اند. با قوت تمام بيل را در آن آب فرود آورد؛ چنان که پيشاني آن حضرت را شکافت. باغبان آب را خون آلود ديد و حيران بماند.

مقارن اين حال، خدام آن مظلومه بيامدند و آن حضرت را با سر شکافته به خيمه درآوردند و آغاز گريه و زاري کردند. چون صاحب باغ به حال آن مخدره معرفت يافت، در طلب معذرت به خدمتش شتافت. حضرت زينب خاتون عذرش را بپذيرفت و قرار بر آن شد که آن باغ، مقبره و صحن مبارکش باشد. صاحب باغ نيز پذيرفتار گشت و آن حضرت به همان ضربت شهادت يافت و در آن باغ مدفون شد.

و بنا به آن روايت که تمامت اهل بيت را ديگرباره به شام بردند، نوشته‏اند که حضرت سيدالساجدين سلام الله عليه فرمود که: «مصيبت ما در اسيري دوم شام از دفعه نخست سخت‏تر بود؛ زيرا در دفعه اول چون خواستند ما را به مجلس يزيد برند، ريسمان به گردن داشتيم و به دفعه‏ي دوم زنجيرها به گردن ما درآوردند. در دفعه‏ي اول، چوب بر سر ما فرود آوردند و در مرتبه‏ي دوم کعب نيزه و پشت شمشيرها بر سر و پشت ما مي‏زدند. در دفعه‏ي اول، ما را در خرابه حبس نمودند و در کرت ثاني در زنداني تاريک محبوس بوديم. در دفعه‏ي نخست کنيزکان شامي به ديدن ما مي‏آمدند و به دفعه‏ي دوم، باب زندان را استوار کردند که هيچ کس را ممکن نبود تا بر ما درآيد.

و مي‏فرمود: چون ما را به مجلس يزيد مي‏بردند، سرايش را در بندهاي بسيار و به هر دربندي خادمانش ايستاده بودند و تيغ‏هاي برهنه در دست داشتند. چون به آن دربندها مي‏رسيديم، به ما فحش مي‏دادند و بر سر اطفال يتيم شمشير مي‏زدند و آن‏ها گريه و جزع مي‏کردند و هيچ کس بر آن‏ها ترحم نمي‏نمود و ما را با اين هيأت با سر برهنه و زنان را با موي پريشان وارد مجلس آن ظالم کردند و او به خوردن طعام مشغول بود و به هيچ وجه با ما متعرض نمي‏گشت و اطفال ما گرسنه و با دست بسته و گردن‏هاي جراحت يافته از زنجيرها نزدش ايستاده بودند و اشک از ديده مي‏باريدند. سکينه‏ي مظلومه روي به مدينه آورد با سوز دل به جدش خطاب کرد:



أيا جدنا صرنا غنائم للعدي

کأنا بأيديهم أسيرات ديلم



الي آخر الأبيات.

در کنز الأنساب مسطور است: در شهر دمشق، در مسجد بني‏اميه طاقي مخصوص بود که سر مبارک حضرت امام حسين عليه‏السلام را در آن طاق نهاده و خون سر مبارکش در آن جا چکيده بود. گاهي که مسيب ابن قعقاع خزاعي خروج کرد و اهل بيت را از کوه لبنان بيرون آورد، چون به شهر دمشق رسيدند و زينب خاتون را نظر به آن خون بيفتاد، در ساعت به جوار رحمت حضرت احديت برفت و تربت شريفش نزديک به همان طاق است و در آن جايگاه مسجدي ساخت که مسجد اکبرش خواندند. اين نام به سبب آن قطره‏ي خون مبارک يافت.

در بعضي کتب متأخرين نوشته‏اند که تربت منور حضرت زينب خاتون به اصح روايات در يکي از قراي شام و اينک آن مضجع مشهور و محل زيارت نزديک و دور است.

و پاره‏اي متتبعان اهل خبر نوشته‏اند: هنگامي چنان افتاد که در مدينة الرسول حالت قحط و غلا روي داد. عبدالله بن جعفر با عيال خود به طرف شام روي نهاد تا در آن جا بماند و بعد از رفع قحطي به مدينه باز شود. در آن ايام که در شام توقف داشت، در ضيعه و قريه‏اي که اکنون مزار منور حضرت زينب در آن جا واقع است، آن حضرت را حالت استقامت از مزاج عصمت امتزاج بگشت و به آن رنج درگذشت و در همان جا به خاک رفت.

راقم حروف گويد: در اين جمله اخبار که در باب مزار حضرت صديقه صغري زينب کبري و دوباره اسير شدن اهل بيت و رفتن به شام و وفات حضرت زينب سلام الله عليهم به روايات عديده مسطور گشت، به دلائل متعدده محل اعتماد نشايد شمرد.

زيرا در کتب متقدمين ياد نکرده‏اند و نيز علي سبيل التحقيق عبدالله بن جعفر سال‏هاي دراز بعد از يزيد وفات کرد و تا زنده بود، حضرت زينب از حباله نکاحش بيرون نشده بود که بگوييم يزيد مي‏توانست درصدد تزويج آن مخدره برآيد.

ديگر اين که، يزيد با هزارگونه بيم و تشويش مي‏زيست و اهل بيت را با نهايت حشمت به مدينه مراجعت داد و حضرت علي بن الحسين عليهماالسلام نيز کناري گرفت و يزيد از کردار آن حضرت خوشنود مي‏بود و چون مسرف بن عقبه را به مدينه مي‏فرستاد، در رعايت جانب آن حضرت بسي سفارش نمود و نيز قرائت پاره‏اي اشعار را که در اين سفر دوم به حضرت سکينه نسبت داده‏اند، همان ابيات است که در سفر نخست فرمود.

ديگر اين که، آن گونه وصايا که از حضرت زينب در حالت رحلت از اين سراي به حضرت امام زين العابدين سلام الله عليهما منسوب مي‏دارند، هرگز در نظر هيچ خردمند پسند نيايد. چگونه با امام زمان و حجت يزدان اين گونه سخن مي‏کنند؛ با مثل حضرت زينب؛ کسي که او را عالمه و فهمه و عارفه و کامله در لسان امام مي‏خوانند؟

ديگر اين که، سر مبارک امام حسين عليه‏السلام مگر در آن وقت در شام بود يا مکان معيني داشت که به امام عليه‏السلام وصيت فرمايد که آن سر مبارک را در عوض من ببوس؟ آنچه در کنزالانساب مسطور است، بيش‏تر از درجه‏ي اعتبار خارج است؛ چنان که چون بر ساير مرقومات آن کتاب نيز بنگرند، بر اين جمله شهادت دهند.

اين که اين مطالب در اين جا مسطور گشت، براي آن است که شايد در هر خبري مفصل فقره‏ي چند مقرون به صحت باشد و آنچه محل ترديد باشد، به آن اشارت رود تا از اين بعد ديگران در ورطه‏ي اشتباه دچار نشوند و آنچه صحيح مي‏نمايد اين است که حضرت زينب بعد از مراجعت به مدينه‏ي طيبه وفات کرده و در مدينه مدفون شده است. ديگر وفاتش در چه وقت بوده است؟ خدا مي‏داند.

و اين زينبيه که در شام است، گمان مي‏رود که همان دختر امام حسين عليه‏السلام باشد و آن که در قناطر السباع است، دختر أميرالمؤمنين صلوات الله عليه است؛ اما نه از بطن حضرت فاطمه زهرا سلام الله عليها.

و اگر گوييم: اين مزاري که در شام است، البته از حضرت زينب کبري است، بايد به آن روايت مذکور اعتماد کنيم که عبدالله بن جعفر آن حضرت را با خود ببرد و در شام وفات کرد و در خاک شد.

و نيز تواند بود که زينبيه‏ي شام منسوب به يکي از دختران يا فرزندزادگان ايشان باشد؛ چنان که در اغلب امام زادگان حالت بر اين منوال است که اسامي آباي او را بر زبان نمي‏آورند و به آن جدي که امام يا پسر امام است، منسوب مي‏دارند؛ زيرا وي مشهورتر است. در ساير مردم نيز در مقام نسبت همين معاملت مي‏رود. مثل آن که فلان شخص را که مثلا به پنج پشت به پادشاه يا وزير مي‏رسد، شاهزاده و وزيرزاده مي‏گويند يا فلان کس را شايد بيست پشت تا به امام فاصله دارد، امامزاده مي‏خوانند. هم اکنون بعد از اين چند مدت ديرباز و ساليان دراز، چگونه توانيم بدون خبري صحيح و يا حکمي صريح که از مقامات معتبره رسيده باشد، به چنين امور و اين نوع نسبت‏ها بالصراحة تصديق يا تکذيب نماييم؟

منتهاي امر اين است که به قرائن عقليه و نقليه و ترتيب پاره‏اي مقدمات و ملاحظه‏ي تناسب بعضي اخبار و امارات، ظني متاخم به علم را توانيم توليد کرد و به آن استنادي ناقص نمود؛ والله تعالي اعلم به حقايق الاسرار.

چنان که در مصر نيز به اين نام چند قبر موسوم است؛ يکي در قناطر السباع و ديگري قبري است که برآن نوشته‏اند: اين قبر شريفه‏ي زينب بنت احمد بن عبدالله بن جعفر بن محمد بن علي بن ابيطالب رضي الله عنهم است و اين محمد را همان محمد بن حنفيه دانند؛ اما صحيح نيست چه دخول محمد بن مصر معلوم نيست؛ چنان که در حق حضرت سکينه و رقيه سلام الله عليهما اين اختلافات وارد است؛ و کذلک غيرها.

سپهر، ناسخ التواريخ حضرت زينب کبري عليهاالسلام، 579 - 569 ، 534/2.

[20] [الي هنا لم يرد في مرقد العقيلة زينب].

[21] [من هنا لم يرد في مرقد العقيلة زينب].

[22] [في المعالي مکانه: قال المرحوم ثقة الاسلام السيد حسن صدر الدين طاب ثراه في کتاب نزهة أهل الحرمين زينب...].

[23] [الي هنا لم يرد في وسيلة الدارين].

[24] [الي هنا حکاه في وسيلة الدارين، /432].

[25] [الي هنا حکاه في المعالي، 224/2].

[26] [مرقد العقيلة زينب: ثم نقل السيد کلام ابن‏جبير، ياقوت الحموي و ابن‏عساکر في تاريخ دمشق لا ننقله حذرا من التکرار لأننا ننقله في موضعه].

[27] [مرقد العقيلة زينب: ثم نقل السيد کلام ابن‏جبير، ياقوت الحموي و ابن‏عساکر في تاريخ دمشق لا ننقله حذرا من التکرار لأننا ننقله في موضعه].

[28] [زاد في مرقد العقيلة زينب: و هو يؤيد ما قلناه من أن قول ابن‏جبير أنها زينب الصغري اجتهاد منه و أنها مشهورة بأم‏کلثوم فقط].

[29] [لم يرد في مرقد العقيلة زينب].

[30] [لم يرد في مرقد العقيلة زينب].

[31] [في المعالي و وسيلة الدارين: أفرد].

[32] [الي هنا حکاه في مرقد العقيلة زينب].

[33] الحمراء القصوي هي احدي الحمراوات الثلاث (الحمراء الدنيا) خطة بلي بن عمر بن الحاف بن قضاعة، (و الحمراء الوسطي) خطة بني نبه، و هم قوم من الروم حضر الفتح منهم مائة رجل، (و الحمراء القصوي) و هي خطة بني‏الأزرق و بني‏روبيل و هم من الروم، و هي من درب معاني الي القناطر الظاهرية يعني قناطر السباع و هي حد ولاية مصر من القاهرة و کانت هذه الحمراوات الثلاث جل عمارة مصر.

[34] سفر پنجم: از مدينه به مصر چنانچه علامه‏ي نسا به عبيدلي گفته است. پيش از نقل اين قضيه تذکر مي‏دهيم که در کلمات اکثر ارباب سير اثري از اين سفر نبوده و ما بين اين که آن خاتون معظمه در هنگام مراجعت از کربلا در دمشق شام، يا حوالي آن، يا در ديهي از ديهات آن، يا مدتي بعد از ورود مدينه در همان ارض اقدس وفات يافته، يا به واسطه‏ي مجاعه‏ي عمومي در مدينه، به مصاحبت شوهرش عبدالله بن جعفر باز به شام برگشته و در آن جا وفات يافته، به چندين عقيده بوده است؛ ولکن هيچ يک از اين اقوال، مستند به مدرک معتمدي نيست و مخصوص وفات در مدينه، ديگر واضح البطلان مي‏باشد.

پر واضح است که اگر رايحه‏ي صحتي و احتمال ضعيفي بودي، اثري براي مدفن شريف آن مخدره باقي مي‏ماند؛ چنانچه از کساني که ادني مناسبتي به اين خانواده‏ي جليله دارند. همچنين است قول به مراجعت از مدينه به شام که در هيچ کدام از کتب انساب و سير ذکري از آن نيست. کليني و صدوق و سيد مرتضي و شيخ طوسي و ابن شهر آشوب و ابن‏طاوس و علامه‏ي حلي و علي بن عيسي اربلي و مجلسي و نظاير ايشان از اماميه و همچنين ابن‏جوزي و ابن‏صباغ مالکي و ابن‏طلحه‏ي شافعي و حافظ گنجي و محب طبري و ديگر اکابر علماي عامه که در تاريخ خانواده‏ي عصمت تأليفات متنوعه دارند، اصلا از اين قضيه‏ي مراجعت شام و مجاعه‏ي مدينه نامي نبرده‏اند و با آن همه قرب زمان که البته اخبر و ابصر به وقوع قضايا بوده‏اند، تصريحا و تلويحا توجهي به اين موضوع نکرده‏اند. بخصوص علامه‏ي مجلسي که کتابخانه‏اش جامع‏ترين کتابخانه‏ها بوده و در کثرت احاطه به اخبار و آثار اهل بيت طهارت تخصصي بسزا و تبحري بي‏منتها داشته است.

پس از آن که اين مطلب خاطر نشان شد، گوييم علامه‏ي نسابه سيد يحيي بن حسن عبيدلي سابق الذکر در کتاب اخبار الزينبات گويد: «بعد از آن که زينب کبري از اسارت بني‏اميه خلاص شد و به مدينه آمد، مردم را عليه يزيد تحريض مي‏کرد. پس عمرو بن سعيد اشدق که والي وقت بود، از خلل اساس خلافت انديشناک شد و صورت قضيه را به يزيد بنگاشت و جوابا مأمور به مفترق ساختن آن مخدره از اهالي مدينه شد. اينک والي درخواست کرد که از مدينه بيرون شود. به هر جايي که موافق ميل و اراده‏ي خودش باشد، برود. آن مخدره صريحا امتناع کرد که اگر هم خون‏ها ريخته شود، از مدينه بيرون نرود. تا آن که بالاخرة در اثر بعضي از حرف‏هاي بيغرضانه و مصلحت آميز و ملاطفت انگيز، دختر عمويش زينب بنت عقيل و ديگر زنان بني‏هاشم به خروج از مدينه راضي شد و مصر را به بلاد ديگر ترجيح داد. حضرت سکينه و فاطمه بنتا الحسين عليه‏السلام در حضور مبارکش رهسپار مصر شدند. در حين ورود، مسلمة بن مخلد انصاري که والي مصر بود، با جماعتي استقبالش کرد و به فاصله‏ي يازده ماه و پانزده روز در روز يکشنبه، پانزدهم رجب شصت و دويم هجرت وفات يافت و در موضع حمراء القصوي نامي از فسطاط مصر مدفون شد. در همان روز وفات و روز آخر سال وفات، قراء و فقها و تمام اهل مصر جمع شدند و مراسم بزرگي ترتيب دادند و به همه گونه وظايف عزاداري قيام کردند و اين رسم را همه ساله خلفا عن سلف معمول مي‏داشتند؛ بلکه در هر سال از اول رجب شروع کرده و در شب نيمه‏ي آن ختم مي‏کردند.

مخفي نماند که: ناشر کتاب اخبار زينبات عبيدلي موافقت او در مسأله دفن حضرت زينب عليهاالسلام را چنانچه مذکور افتاد، از تاريخ کبير ابن‏عساکر دمشقي و رساله‏ي زينبيه‏ي ابن‏طولون دمشقي نيز نقل کرده و شيخ جعفر نقدي سابق الذکر نيز پس از آن که مراتب مذکوره را در کتاب زينب الکبري نام خود، از کتاب اخبار زينبات عبيدلي نقل کرده است، گويد: شعراني در صفحه 23 جلد اول لواقح الأنوار و شبلنجي در صفحه 166 نور الابصار و شيخ محمد صبان در صفحه 196 کتاب اسعاف الراغبين در حاشيه‏ي نور الابصار و شبراوي در صفحه 93 کتاب اتحاف و شيخ حسن عدوي در صفحه 10 مشارق الانوار به نقل از انوار القدسيه‏ي شعراني و طبقات علامه مناوي و رساله‏ي زينبيه‏ي سيوطي در همين مسأله دفن حضرت زينب کبري عليهاالسلام با عبيدلي موافقت دارند. در قاموس الاعلام نيز گويد: «تربت زينب علي عليه‏السلام در مصر زيارتگاه است.» غرض اصلي از اين جمله، تعيين تاريخ ولادت و وفات و مدفن مبارک حضرت زينب کبري سلام الله عليها مي‏باشد و بس که محل ترديد بوده و بخصوص مدفن مبارک که زياده از حد محل شبهه بوده است و اغلب اکابر زينبيه‏ي شام را منسوب به همين خاتون معظمه دارند.

چنانچه روشن شد، اين زينبيه‏ي منسوبه به آن خاتون معظمه، مدرکي از تاريخ ندارد؛ بلکه اصل رفتن آن مخدره از مدينه به شام (با آن همه شدايدي که در آن شهر شآمت فرجام به خانواده‏ي حضرت فخر الانام در پيش چشم آن خاتون عالي مقام رسيده است، به حدي که در نظر حقيقت و به مدلول بعضي از آثار وارده شديدتر از مصايب جانسوز روز عاشورا بوده است) بسيار مستبعد است و قحط و مجاعه‏ي مدينه نيز (که به عقيده‏ي بعضي سبب رفتن شام بوده) بر تقدير صحت باز سبب رفتن شام نمي‏باشد. منتها در صورتي که ضرورت و تکليف شرعي ديني مقتضي خروج از مدينه باشد، لازم ندارد که به شهر شام برود؛ تا چه رسد به اين که اصل مجاعه‏ي مدينه مدرک تاريخي معتمدي ندارد.

در اين اواخر، مسموع افتاد که در موقع تعمير و ترميم اين زينبيه‏ي شام، سنگ مزاري به دست آمده که به مدلول آن، اين زينبيه، متعلق به حضرت ام‏کلثوم زينب صغري (خواهر کهتر والاگهر حضرت زينب کبري) بوده و در قرون اخيره اشتباه اسمي شده است. گويا منشأ اين اشتباه نيز معروف به زينب نبودن اين مخدره مي‏باشد که تنها شهرتش به ام‏کلثوم بوده و در انظار عامه، دختر زينب نام حضرت علي عليه‏السلام منحصر به زينب کبري است که اين مزار معروف به زينبيه را هم به او متعلق گرفته‏اند. به هر صورت، اين قضيه نيز در نظر اين نگارنده به مرحله‏ي ثبوت نرسيده و محتاج به تتبع و تحقيقات عميقه است؛ والله العالم.

(کتاب زينب الکبري شيخ جعفر نقدي نقل از کتاب اخبار زينبات عبيدلي و غيره).

مدرس، ريحانة الادب، 331 - 328/8

وفات آن مخدره نيز غير معلوم است. بعضي در روز يکشنبه پنجم ماه رجب سنه 62 گفته‏اند.

و عبيدلي در اخبار زينبيات شب دوشنبه چهاردهم رجب سنه 62 گفته است؛ ولي دليل تاريخي در دست نيست که محل اعتماد بوده باشد.

بعضي گفته‏اند: چون چهارماه از ورود به مدينه منقضي شد، ام‏کلثوم در مدينه وفات کرد و بعد از هشتاد روز از وفات ام‏کلثوم، عليا مخدره زينب دار فاني را وداع گفت؛ البته اگر اين سخن مقرون به صحت بوده باشد و اهل بيت بيستم صفر وارد مدينه شده باشند. چنانچه علامه در منهاج الصلاح و کفعمي در مصباح و شيخ در ارشاد فرمودند: «بايستي وفات آن مظلومه در دهم رمضان سنه 62 هجرت در مدينه بوده باشد؛ الله العالم.»

کلام در محل دفن آن مخدره عليهاالسلام‏

اقرب به صحت اين است که در مدينه از دنيا رفت و در همان بلده‏ي طيبه مدفون شد. اگر چه علامت قبري ندارد، چه آن که صاحب کتاب (زينب کبري) و مترجم آن چندان که قلم فرسايي کرده‏اند، دليلي که قابل قبول و مورد اطمينان ما بشود، نياورده‏اند که مدفن آن مخدره در مصر يا در شام مي‏باشد و عبيدلي نسابه در کتاب اخبار زينبات فرمايشي کرده است که ابدا قابل اصغا نيست. گفته است: «زينب کبري از شام به مدينه رفت. بيان او و بين عمرو بن سعيد اشدق اموي، والي مدينه که از طرف يزيد بود، کدورتي حاصل شد، يزيد امر کرد، زينب کبري را از مدينه به مصر انتقال دهند، او هم به مصر رفت و وارد بر مسلم بن مخلد شد. در اول شعبان سال 61 هجري و تا رجب 62 در مصر اقامت داشت. در روز يکشنبه چهاردهم رجب طرف عصر وفات کرد و در محلي که فعلا الحمراء القصوي معروف است، مدفون شد.»

در عبارات ديگران چنين نقل کرده‏اند که يزيد به والي مدينه نوشت که زينب را مخير بنمايند براي اقامت غير الحرمين و زينب مصر را انتخاب کرد و به آن شهر هجرت فرمود. مردم شهر خوشحال شدند و استقبال شاياني کردند و مستقبلين تبريک مقدم گفتند با سطوت تمام و نبالت شأن در خيمه‏ي مخصوصي نزول اجلال فرمودند؛ الي آخره.

اقول: اين دعاوي از چند جهت قابل پذيرفتن نيست:

اولا، اين دعوي مخالفت با قول جمعي که مشهد او را در شام مي‏دانند و با قول کساني که در مدينه مي‏دانند، معارض است. علامه بيرجندي در کبريت احمر دعوي اجماع کرده است که قبر آن مظلومه در مدينه است.

ثانيا، به محض رسيدن اهل بيت به مدينه عبدالله بن حنظله‏ي غسيل الملائکه و اصحاب او يزيد را از خلافت خلع و بني‏اميه را از مدينه بيرون کردند. پس چگونه يزيد نامه مي‏فرستد و آن‏ها را به جانب مصر حرکت مي‏دهد. اين انقلاب در مدينه بود تا واقعه حرة اتفاق افتاد و در آن تاريخ که سنه 62 بوده، آن مظلومه از دنيا رفته بود.

به اتفاق مورخان، پس به هيچ وجه براي يزيد ممکن نبود که کوچک‏ترين امر او در آن وقت در مدينه نافذ باشد.

ثالثا، عبدالله بن جعفر با آن علاقه‏اي که به آن مظلومه دارد، چه طور مي‏شود او را بگذارد و با او مسافرت نکند و به اتفاق مورخان، عبدالله بن جعفر به مصر نرفت.

رابعا، کمال عجب است در صورتي که آن مظلومه را مخير بين بلاد کردند، به غير از مکه و مدينه آن مظلومه اختيار مصر بنمايد با اين که در آن تاريخ به اتفاق مورخان مصر همه عثماني الرأي، و از اتباع يزيد پليد بودند. چرا آن مظلومه کوفه را اختيار نکرد که رمح الله الاعظم و جمجمة العرب و مرکز شيعة و نفوس آن‏ها مهياي ثوره بود؟ و در مصر چه سابقه‏اي داشت آن مخدره که به جانب مصر برود.

خامسا، چگونه عاقل منصف متتبع تصديق کند که آن مظلومه در مصر وارد بر مسلم بن مخلد بشود؟ سبحان الله! تاريخ مسلم بن مخلد از کفر ابليس معروف‏تر است که بعد از قتل عثمان با اميرالمؤمنين بيعت نکرد و از آن حضرت منحرف بود تا آن حضرت شهيد شد. اکنون چگونه باور کردني است که عليا مخدره وارد بر چنين شخصي بشود؟ ابن‏حجر در اصابة به ترجمه‏ي همين مسلم بن مخلد مي‏گويد: از قبل معاويه و يزيد ولايت مصر را داشت. ابن ابي الحديد در شرح نهج‏البلاغه جلد اول صفحه 340 تصريح کرده است که مسلم بن مخلد با علي بيعت نکرده است. کذا سبط ابن جوزي و ديگران هم همين را گفته‏اند.

سادسا، اگر اين قضيه حظي از صحت مي‏داشت، مهره‏ي اخبار و اساتذه‏ي جامعين آثار درباره‏ي آن ساکت نمي‏ماندند و آن را در کتب خود ذکر مي‏کردند. اصلا از اين قضيه نامي و نشاني در کتب متقدمان مثل صدوقين و شيخ مفيد و کليني و شيخ طوسي و ابن شهر آشوب و نه در کتب متأخرين مثل مجليسيين و طبرسي و فيض کاشاني و غيرهم پيدا نمي‏شود. با آن سعي و کوششي که آن‏ها در جمع اخبار داشته‏اند و با اين که حرکت آن مظلومه به جانب مصر امر کوچکي نبود و اکابر مورخان سنيه هم با اين که حاطب الليل هستند، مثل طبري و ابن اثير جزري و ابوالفدا و صاحب روضة الصفا و يعقوبي که اقدام مورخان است، اصلا متعرض اين قضيه نشدند. طبري و ابي‏مخنف و ابن‏اثير مي‏گويند که سيده‏ي زينب عليهاالسلام بنت علي کرم الله وجهه، خواهر حسين رضي الله عنه با زنان و فرزندان برادر و خواهرهاي حسين پس از شهادت از کربلا به کوفه و شام به مدينه مراجعت کردند.

سابعا، شعراني که در لواقح الانوار مي‏گويد: «قبر زينب در مصر است!»[در جواب بايد گفت]گذشته از آن که شعراني مرد ديوانه‏اي است که بر مطالعه کنندگان کتاب او اين مطلب چون آفتاب نيم روز است، چنين کسي گفته‏ي او تضعيف مطلب مي‏کند و نه تأييد، و ديگران هم از او تقليد کرده‏اند و گفته‏ي او را در مجاميع خود درآورده‏اند. پس ممکن است که زينب نامي از خاندان رسالت در آن جا مدفون شده است. چنانچه بعضي احتمال داده‏اند که اين قبر در مصر، قبر زينب بنت اميرالمؤمنين است که مادرش صهبا تغلبيه بوده. چه آن که حضرت امير سه دختر داشته است مسمات به زينب، کبري وسطي و صغري. پس مي‏توان گفت: «وسطي در مصر است و صغري در شام و کبري در مدينه!» والله العالم.

در ترجمه‏ي کتاب زينب کبري از حسن بن قاسم مؤلف کتاب مزارات مصر نقل مي‏کند که او گفته: «براي اميرالمؤمنين سه دختر بوده است: زينب کبري، زينب وسطي و زينب صغري.»

و نيز از سخاوي نقل مي‏کند که او گفته است، زينب دختر حضرت علي عليه‏السلام نه در حيات و نه پس از مرگ به مصر نيامده است.

و بعضي برآنند که زينب مدفون در مصر زينب بنت يحيي بن زيد بن علي الحسين عليه‏السلام است؛ ولي اين قول بسيار ضعيف است. براي آن که تاريخ به ما نشان نمي‏دهد که يحيي بن زيد در مصر عقبي داشته باشد و احتمال قوي دارد که مدفون در مصر، دختر يحيي بن الحسن ابن زيد بن الحسن بن علي بن ابيطالب که در آن موقع امير مدينه بود بوده باشد که در سنه 193 با عمه‏اش نفيسة بنت الحسن العلوي داخل مصر شده است. و در اواسط قرن دوم هجري اين مسافرت انجام يافته و در اواخر قرن دوم هجري معروف به قبر سيده زينب بنت يحيي المتوج معروف بوده است.

اما قول به اين که در شام مدفون است! مأخذ اين قول از صاحب کامل بهايي است که حضرت زينب در شام وفات کرد و سبب آن را بعضي چنين نقل کرده‏اند: «در مدينه غلا و قحطي روي داد و بحر الجود عبدالله بن جعفر که عادت به بذل و عطا کردن داشت، اما چيزي ديگر در دست او نمانده بود، ناچار آن مخدره را برداشت و به طرف شام رفت. چه در آن جا علاقه به زراعت داشت.»

اين قول به ذهن نزديک‏تر است؛ الا آن که دليل تاريخي ندارد و در کتب تاريخ و انساب و سير و تراجم آثار صحيحي ندارد و مانند کليني و صدوقين و شيخ مفيد و سيد مرتضي و شيخ طوسي و ابن شهر آشوب و شيخ طبرسي و ابن‏فتال و علامه حلي و ابن‏طاوس و علي بن عيسي اربلي و علامه مجلسي که داراي هزارها کتاب در دسترس او بوده و در سير و آثار و اخبار اهل بيت احاطه کامل داشته و در اين فن، الحق مبرز بوده است، از اين قصه اصلا نامي نمي‏برد، و مانند سبط ابن جوزي و ابن‏طلحه و ابن‏صباغ و حافظ گنجي و ابن‏حبان و شبلنجي و محب طبري و بدخشاني و سيد علي همداني و حموي خراساني و ابن‏مغازلي و شهاب الدين دولت آبادي و ابن‏اثير جزري و ابن‏جرير طبري و... اصلا در کتب سير و مناقب خود نامي و نشاني از اين قصه نيست.

هرگاه اين دو قول بي‏دليل شد، بودن آن مخدره در مدينه دليل نمي‏خواهد و به اصل خود باقي است. به علاوه روي سنگ قبر بقعه شام نوشته است: «زينب الصغري» و البته زينب صغري غير از عليا مخدره زينب است.

و لا يخفي که زيارت آن مخدره در هر سه مکان، يعني در بقعه‏ي مصر و بقعه‏ي شام و مدينه مانعي ندارد و موجب اجر و ثواب است و قلب هر مؤمني مزار و مشهد آن مظلومه است؛ سلام الله عليها.

وفات عليا مخدره زينب عليهاالسلام‏

در بحرالمصائب گويد: حضرت زينب بعد از واقعه‏ي کربلا و رنج شام و محنت ايام چندان بگريست که بالايش خميده و گيسوانش سفيد شد. دائم الحزن بزيست تا به ديگر سراي رخت کشيد.

و نيز گويد: چون عليا مخدره ام‏کلثوم بعد از چهارماه از ورود اهل بيت به مدينه طيبه از اين سراي پر ملال به رحمت خداوند لا يزال پيوست و چون هشتاد روز از وفات ام‏کلثوم بگذشت، شبي در خواب عليا مخدره زينب مادرش را ديد. چون بيدار شد، بسيار بگريست و بر سر و صورت خويش بزد تا از هوش برفت. چون بيامدند و آن مخدره را حرکت دادند، ديدند که روح مقدس او به شاخسار جنان پرواز کرده است، اين وقت آل رسول و ذريه بتول در ماتم آن مخدره به زاري درآمدند؛ چنان که اندوه عاشورا و آشوب نشور بر پاي شد و اين واقعه جانگداز در دهم رمضان سال 62 هجري يا در چهاردهم رجب بنابر قول عبيدلي نسابه متوفي در سنه‏ي 277 در کتاب اخبار زينبات به تفصيلي که در اول ترجمه‏اش سبق ذکر يافت و وفات اين مخدره در سنه‏ي 62 اتفاقي است و بعضي وفات او را شب يکشنبه پنجم ماه رجب گفته‏اند؛ والله اعلم به حقايق الامور.

محلاتي، رياحين الشريعه، 207 - 206 ، 37 - 33/3.

[35] محاسن البرقي، ج 2، ص 420.

[36] السيدة زينب للدکتورة بنت الشاطئ، ص 153.

[37] عسقلان: مدينة کانت علي ساحل بحر الشام من أعمال فلسطين، و کان يقال لها عروس الشام لحسنها، و هي ذات بساتين و ضياع، بها مشهد رأس الحسين عليه‏السلام و هو مشهد عظيم، و فيه ضريح الرأس و الناس يتبرکون به، و قد نقل الفاطميون رأس الحسين منها الي مصر.

[38] انظر الخطط المقريزية، ج 2، ص 289.

[39] نفس المصدر، ج 2، ص 290.

[40] سورة الحج /32.

[41] تاريخ ابن‏خلکان، ج 1، ص 168.

[42] نفس المصدر، ص 653، و راجع لتراجم هؤلاء المؤرخين بالتفصيل «مؤرخو مصر الاسلامية» للأستاذ محمد عبدالله عنان، طبع لجنة التأليف و الترجمة في القاهرة.

[43] الکواکب السيارة في ترتيب الزيارة، ص 4، طبع مصر.

[44] الحافظ أبوطاهر عمادالدين أحمد بن محمد بن أحمد الاصفهاني کان اماما حافظ متقنا کان أوحد زمانه في الحديث و أعلمهم بقوانين الرواية، سکن مصر و مات سنة 576 ه، ترجمه السيوطي في حسن المحاضرة، ج 1، ص 300، طبع مصر، 1325 ه.

[45] الکواکب السيارة، ص 342 و 30.

[46] تحفة الأحباب للسخاوي، ص 115، (الهامش).

[47] الخطط المقريزية، ج 3، ص 193، و الانتصار، ج 4، ص 65، طبع بولاق.

[48] الخطط التوفيقية، ج 5، ص 10، طبع بولاق.

[49] حسن المحاضرة للسيوطي، ج 1، ص 99، طبع مطابع النيل بمصر.

[50] الاشارات في معرفة الزيارات، ص 35.

[51] رحلة ابن‏جبير، ص 13 و 14.

[52] رحلة ابن‏بطوطة، ج 1، ص 30.

[53] معجم البلدان، ج 4، ص 554، طبع أوربا.

[54] زبدة کشف السالک، ص 36، طبع باريس، 1893 م.

[55] تاريخ ابن‏خلکان، ج 1، ص 653، و النجوم الزاهرة، ج 4، ص 271.

[56] الخطط المقريزية، ج 2، ص 289 و 290، و ج 3، ص 334 و 353، طبع بيروت.

[57] نفس المصدر و اتعاط الحنفاء بأخبار الفاطميين الخلفاء له أيضا، ص 197 و 198.

[58] الفضائل الباهرة، ص 193، طبع مصر، و ابن‏ظهيرة ترجمه السيوطي في نظام العقيان، ص 17، و السخاوي في الضوء اللامع، ج 1، ص 88، و الزرکلي في الأعلام، ج 1، ص 47.

[59] حسن المحاضرة، ج 1، ص 243.

[60] النجوم الزاهرة، ج 2، ص 185، طبع مصر.

[61] الانتصار، ج 4، ص 65 و 121 طبع بولاق نص عبارته في ذکر قبر زينب و أم‏کلثوم کانت بين القرافة و مصر جملة مشاهد و انها کانت قد تهدمت فأمر المأمون البطائحي بتجديدها في شهر ربيع الأول 516 ه و أولها مشهد السيدة زينب و آخرها مشهد السيدة أم‏کلثوم، و سوف نوضح أن زينب و أم‏کلثوم هاتين ليستا بنتي فاطمة من بطنها، بل علويات يتصلن بالامام علي بوسائط.

[62] الکامل لابن‏الأثير، ج 8، ص 8، و اتعاط الحنفاء للمقريزي، ص 43، طبع مصر.

[63] الفاطميون في مصر،، ص 89.

[64] صبح الأعشي، ج 3، ص 315، و الخطط للمقريزي، ج 1، ص 221.

[65] ابن‏خلکان، ج 1، ص 221، و اتعاظ الحنفاء، ص 166.

[66] الخطط المقريزية، ج 1، ص 44، و اتعاظ الحنفاء، ص 169.

[67] الخطط المقريزية، ج 2، ص 289، و اتعاظ الحنفاء، ص 89.

[68] الکواکب السيارة، ص 87، تحفة الأحباب للسخاوي، ص 213، أهل البيت، ص 544، لأبي علم توفيق المصري، و کريمة الدارين، ص 19.

[69] زينب الکبري، ص 123، و کتاب السيدة زينب للأستاذ حسن قاسم، ص 60، طبع مصر.

[70] الانتصار، ج 4، ص 121.

[71] تاريخ مصر لابن‏ميسر، ص 9 و 66.

[72] الکوکب السائر الي زيارة المقابر، ص 22.

[73] زينب الکبري، ص 125.

[74] أخبار الزينبات، ص 26، الخطط المقريزية، ج 1، ص 314، تحفة الأحباب للسخاوي، ص 218، و الکواکب السيارة، ص 242 و 284.

[75] الکواکب السيارة، ص 87، تحفة الأحباب للسخاوي، ص 213، أهل البيت، ص 544، کريمة الدارين، ص 19.

[76] معجم البلدان، ج 4، ص 554، زبدة کشف الممالک، ص 36، و مشاهد العترة، ص 238.

[77] نزهة الحرمين، ص 70، معجم الرجال، ج 3، ص 182.

[78] ابن‏خلکان، ج 1، ص 282، الغدير للحجة الأميني، ج 5، ص 202.

[79] الخطط المقريزية، ج 3، ص 306، العدل الشاهد، ص 91، زيد الشهيد عليه‏السلام، ص 153.

[80] الاتحاف بحب الاشراف، ص 40 - 25، مشارق الأنوار، ص 92، رحلة ابن‏جبير، ص 12، الخطط المقريزية، ج 2، ذکر مشهد رأس الحسين عليه‏السلام.

[81] کريمة الدارين، ص 67، طبع مصر.

[82] الکواکب السيارة، تحفة الأحباب، 313 و 217 و 38 و 224، أخبار الزينبات، ص 25، طبع مصر.

[83] ذکر موفق بن عثمان أن السلف کانوا يقولون في زيارة السيدة نفيسة المدفونة بمصر: السلام عليک يا بنت الحسن المسموم، السلام عليک يا بنت فاطمة الزهراء «و هل تري أن السيدة نفيسة ابنة الزهراء أو الحسن بلا واسطة، بل انما يقصدون به اکرامها و احترامها» نور الأبصار، ص 212، طبع مصر.

[84] الکواکب السيارة، ص 184.

[85] الکواکب السيارة، ص 17.

[86] مساجد مصر، ص 103.

[87] ذخائر العقبي، ص 93، و نور الأبصار، ص 192، و ان تعجب فعجب أن الشبلنجي يعترف أن رقية بنت الامام علي ماتت قبل البلوغ ثم يدعي أن محل دفنها بعد السيدة سکينة بشي‏ء يسير علي يمين الطالب للسيدة نفيسة - نور الأبصار، ص 228 - و مصر لم تفتح الا في زمان الخليفة الثاني.

[88] سر السلسلة العلوية، ص 38 لأبي‏نصر البخاري.

[89] السيدة زينب، ص 75، طبع مصر.

[90] مصباح الدياجي المخطوط برقم 87 بالخزانة التيمورية بمصر کما في التذکرة التيمورية، ص 199.

[91] الخطط التوفيقية، ج 5، ص 9 و10، طبع بولاق.

[92] محمد بخيت بن حسين المطيعي الحنفي أحد کبار فقهاء الحنفية بمصر تولي منصب الافتاء سنة 1333 ه، أحد أعضاد جمال الدين الأفغاني في أول أمره ثم انحرف معارضا للاصلاح الذي قام به محمد عبده، توفي بمصر 1351 ه، تاريخ الأزهر، ص 173.

[93] هذا القول من الشيخ لم نعرف وجهه لعله اعتمد علي رحلة ابن جبير الرحالة و الا فأهل الأنساب متفقون علي أن يحيي بن زيد المستشهد بجوزجان سنة 125 ه لا عقب له، صرح به أبونصر البخاري و قال: من ينتسب اليه فهو دعي فان النسب الصحيح ليحيي بن حسين بن زيد، راجع کتابه «سر السلسلة العلوية، ص 61» نعم، حکي البحاثة العلامة السيدة عبدالرزاق المقرم عن الحدائق الوردية نقلا عن «سر السلسلة العلوية» الذي أجمع عليه أهل النسب انه ولد ليحيي أم الحسين و هي حبيبة و أمها محنة بنت عمر بن علي بن الحسين و لا توجد هذه العبارة في کتاب سر السلسلة العلوية المطبوع بل صرح فيه انه لم يعقب فکيفما کان لم يثبت انه ولدت ليحيي بنت اسمها زينب فضلا عن أن تکون مدفونة بمصر و لعل الاشتباه نشأ لتبادر زيد الي زيد الشهيد و الذهن أسرع انتقالا الي الفرد الأشهر کما بينا سابقا لأن زيد الشهيد له مشهد معروف بمصر.

[94] حفيدة الرسول، ص 70، و يقول السيد محسن الأمين في الأعيان، ج 33، ص 209: «أن في مصر قبر و مشهد للسيدة زينب و هي بنت يحيي و الناس يتوهمون انه قبر السيدة زينب بنت أميرالمؤمنين و لا سبب له الا تبادر الذهن الي الفرد الأکمل».

[95] دائرة المعارف، فريد وجدي، ج 4، ص 798 و 799، طبع مصر.

[96] زينب الکبري، ص 38، طبع النجف الأشرف للعلامة النقدي.

[97] زيد الشهيد، ص 106 للسيد البحاثة عبدالرزاق المقرم، الطبعة الثانية.

[98] رجال النجاشي، ص 344.

[99] تنقيح المقال، ج 3، ص 214، منتهي المقال، ص 326.

[100] مجمع الرجال، ج6، ص254.

[101] غاية الاختصار، ص 143، و هکذا في منتقلة الطالبية، ص 312، تأليف أبي‏اسماعيل ابراهيم بن ناصر ابن طباطبا من رجال القرن السادس المطبوع بالنجف الأشرف.

[102] المسائل السروية، ص 61.

[103] النجاشي، ص 344.

[104] وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفي ج 2 ص 83 طبع مصر.

[105] التنبيه و الاشراف للمسعودي ص 260 طبع مصر.

[106] الاشارات لابن‏الحوراني ص 31.

[107] تاريخ ابن‏خلکان ج 1 ص 347، و اللمعات البرقية ص 34.

[108] الاشارات للهروي ص 12 طبع دمشق.

[109] معجم البلدان، ج 3 ص 30.

[110] الأعلاق الخطيرة ج 1 ص 182.

[111] حکي عنه في الخطط الدمشقية للأستاذ محمد کردعلي ج 6 ص 64.

[112] رحلة ابن‏جبير ص 269 طبع مصر.

[113] رحلة ابن‏بطوطة ج 1 ص 61.

[114] الاشارات لابن الحوراني ص 18.

[115] کريمة الدارين ص 25.

[116] السيدة زينب، ص 64.

[117] تاريخ دمشق، ص 185.

[118] أهل البيت ص 550.

[119] بطلة کربلاء الطبعة الأخيرة ص 114 دار الکتاب العربي - بيروت.

[120] الکامل البهائي ص 302 طبع ايران.

[121] هکذا حکي فرج آل عمران القطيفي في وفاة زينب الکبري ص 50 طبع المطبعة الحيدرية عن کتاب زينب الکبري للنقدي ولکن لم نجده في الطبعة الرابعة من هذا الکتاب المطبوع بنفس المطبعة مع ان النقدي أشار الي هذا المطلب المحکي مرارا فقال في ص 8: أما أختها أم‏کلثوم فسيأتي تفصيل أحوالها عند الکلام علي موضع دفنها و هکذا في ص 17 و 30 من هذا الکتاب و لم ندر أين غابت عبارته هذه عن کتابه زينب الکبري الطبعة الرابعة و حاسبنا الناشر محمد کاظم الکتبي بذلک ولکن ما أفاد جوابا مقنعا.

[122] أعيان الشيعة ج 32 ص 210.

[123] رياحين الشريعة، ج 4 ص 316.

[124] تحفة العالم ج 1 ص 235.

[125] تاريخ ابن‏عساکر ج 2 ص 81، نور الأبصار ص 114، أعيان الشيعة ج 13 ص 16، مهذب الروضة الفيحاء في تواريخ النساء تأليف ياسين بن خيرالله الموصلي المتوفي 1213 ه ص 198.

[126] زينب الکبري ص 17 الطبعة الرابعة.

[127] نفس المصدر ص 17.

[128] الطراز المذهب ص 36، الخصائص الزينبية ص 20.

[129] الطراز المذهب ص 7.

[130] الوسائل ج 2 کتاب النکاح باب استحباب التسمية بعلي ص 170.

[131] مهذب الروضة الفيحاء ص 198، الاستيعاب ج 2 ص 772، ذخائر العقبي ص 170، طبقات ابن‏سعد ص 8 و 464، سيرة عمر لابن‏الجوزي ص 205، أعلام النساء ج 4 ص 257.

[132] السيدة زينب ص 30.

[133] مشارق الأنوار، ص 158.

[134] طبقات ابن‏سعد ج 8 ص 25.

[135] زينب الکبري، ص 97.

[136] نفس المصدر ص 35، و تاريخ ابن‏عساکر کما في أعلام النساء ج 2 ص 92.

[137] احتجاج الطبرسي ج 2، ص 29، اللهوف لابن‏طاوس ص 63، مثيرالأحزان ص 66، أمالي الشيخ الطوسي ج 1 ص 95 طبع النجف.

[138] بلاغات النساء ص 23، أعيان الشيعة، ج 13 ص 15 - 14 - 13 و 25، مقتل الحسين للمقرم 33 الطبعة الرابعة، دائرة المعارف، فريد وجدي ج 4 ص 797 و 798 طبع مصر عن ابن‏طيفور.

[139] زينب الکبري ص 97.

[140] الطراز المذهب ص 59.

[141] زينب الکبري ص 18.

[142] نفس المصدر ص 37، فرحة الغري ص 34.

[143] نهضة الحسين ص 91.

[144] الطراز، ص 25.

[145] الخصائص الزينبية ص 20.

[146] زينب الکبري ص 17 و 97، نزهة الحرمين ص 67.

[147] مقتل الحسين، ص 312 الطبعة الأخيرة.

[148] الوفاء و الأسي ص 255.

[149] هامش الأعلاق الخطيرة ج 1، ص 183.

[150] و ماتت في صغرها کما رواه حسن بن حسن القمي المتوفي 385 ه في تاريخ قم ص 193.

[151] و ان رأينا بقاءها بعد سنة 54 ه و انها شهدت الطف کما في تنقيح المقال للمامقاني فلا بأس به أيضا و ان ابن‏ميثم روي: «توفيت أم‏کلثوم بنت علي بالمدينة بعد رجوعها من کربلاء و کانت مدة مکثها بالمدينة أربعة أشهر و عشرة أيام و لم تزل تزداد فيها البکاء و الکآبة و الحزن و اقامة العزاء و النوح الي أن توفيت» فلم يثبت کونها مدفونة بالشام.

[152] الثمر المجتني للسيد حسين البراقي المتوفي 1320 ه المخطوط في النجف الأشرف.

[153] أعيان الشيعة ج 4 ص 290.

[154] قمر بني هاشم ص 116، مقتل الحسين ص 456، نفس المهموم ص 253، و رياض الأحزان ص 155.

[155] قمر بني هاشم ص 117.

[156] کريمة الدارين ص 25، و أهل البيت ص 549 توفيق أبوعلم المصري.

[157] روض البشر ص 118 لمفتي الحنابلة محمد جميل الشطي طبع دمشق.

[158] قرة العيون في أخبار باب جيرون ص 16 و 19 طبع دمشق.

[159] انظر البيان العام للتبرعات و النفقات في تعمير مقام السيدة زينب عليهاالسلام ص 4 طبع دمشق.

[160] معجم البلدان ج 3 ص30.

[161] السيدة زينب ص 65.

[162] تاريخ ابن الفرات ج 8 ص 33.

[163] ابن‏کثير ج 305 13.

[164] الأعلاق الخطيرة ج 3 ص 182 مع هامش الدکتور دهان.

[165] تجريد أسماء الصحابة ج 1 ص 188 طبع الهند.

[166] عن الخطط لکردعلي الدمشقي ج 6 ص 64.

[167] رحلة ابن‏بطوطة ج 1 ص 61.

[168] نزهة الأنام ص 374 و 381.

[169] نفس المصدر.

[170] نفس المصدر.

[171] عن کتابه المخطوط بخزانة آل الجوهري بنابلس، و حکي عنه العدوي في الزيارات ص 21 طبع دمشق.

[172] حکي عنه في المعالي السبطين ج 3 ص 134 تبريز.

[173] الاشارات ص 31.

[174] کتاب الزيارات ص 21 طبع دمشق.

[175] مؤرخو دمشق ص 67.

[176] عن السيدة زينب ص 64.

[177] خطط الشام ج 6 ص 64.

[178] هامش الأعلاق الخطيرة ج 3 ص 182.

[179] تاريخ مدينة دمشق ص 159 و 367.

[180] تاريخ دمشق ص 185.

[181] کريمة الدارين ص 35.

[182] أهل البيت ص 558.

[183] بطلة کربلاء ص 114.

[184] الزيارات ص 21 طبع دمشق.