بازگشت

خصائصها الفريدة


زينب الكبري بنت علي بن أبي طالب... امرأة جزلة.

ابن عساكر، تاريخ دمشق، 130/73، (تراجم النساء)، /119

و كانت زينب امرأة عاقلة لبيبة جزلة.

ابن الأثير، أسد الغابة 469/5 مساوي عنه: المامقاني، تنقيح المقال، 79/2 - 3؛ موسي محمد علي، السيدة زينب، /50؛ البحراني، العوالم (المستدرك)، 951/2 - 11؛ دخيل، أعلام النساء، /76

«الفصل الخامس و الثلاثون» (في فنون شتي من مناقبه عليه السلام):

منها: قوله صلي الله عليه و سلم: أنا مدينة العلم و علي بابها.

و قوله صلي الله عليه و سلم: أنا مدينة الجنة و علي بابها.

و منها: أنا دارالحكمة و علي بابها.

و منها: مثل علي في هذه الأمة مثل «قل هو الله أحد» في القرآن.

و قوله صلي الله عليه و سلم: لا يحل لرجل أن يري مجردي الا علي.

و قوله صلي الله عليه و سلم: لولاك ما عرف المؤمنون من بعدي.

و قوله صلي الله عليه و سلم: أنا و أنت من شجرة واحدة.

و قوله صلي الله عليه و سلم: علي مني كرأسي من بدني.

و قوله صلي الله عليه و سلم: مثل علي في هذه الأمة كمثل الكعبة.

و قوله صلي الله عليه و سلم: ان الله قد زينك بزينة الايمان.

و قوله صلي الله عليه و سلم: كل سبب و نسب ينقطع يوم القيامة الا سببي و نسبي.

و قوله صلي الله عليه و سلم: لا يدخل الجنة الا من جاء بجواز من علي بن أبي طالب عليه السلام.

و قوله صلي الله عليه و سلم: اللهم أدر الحق مع علي حيث دار.

و قوله صلي الله عليه و سلم: علي يوم القيامة علي الحوض.


و قوله تعالي: (في بيوت أذن الله أن ترفع) [1] .

و قوله تعالي: (سيجعل لهم الرحمان ودا) [2] .

و قوله تعالي: (فاسألوا أهل الذكر) [3] .

و قوله تعالي: (فجعله نسبا و صهرا) [4] .

و قوله تعالي: (و اعتصموا بجبل الله جميعا و لا تفرقوا) [5] .

و قوله تعالي: (و تعيها أذن واعية) [6] .

و قوله تعالي: (و صالح المؤمنين) [7] .

و قوله تعالي: (و من عنده علم الكتاب) [8] .

و قوله تعالي: (وقفوهم أنهم مسؤولون) [9] .

و قوله صلي الله عليه و سلم: اللهم لا تمتني حتي تريني عليا.

و قوله صلي الله عليه و سلم: انه أقرب الناس به عهدا.

و خطبة فاطمة صلوات الله عليها و خطبة أم كلثوم، و ان منكم من يقاتل علي التأويل كما قاتلت علي التنزيل، و قتاله يوم بدر.

ابن البطريق، العمدة، /86 - 85

قال: و قد صح أن بني أمية منعوا من اظهار فضائل علي عليه السلام، و عاقبوا ذلك الراوي له؛ حتي أن الرجل اذا روي عنه حديثا لا يتعلق بفضله بل بشرائع الدين لا يتجاسر علي ذكر اسمه؛ فيقول: عن أبي زينب.

ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، 73/4


[10] و كانت عاقلة لبيبة جزلة [11] . [12] .

ابن حجر، الاصابة، 315/4 مساوي عنه: النقدي، زينب الكبري، /27؛ موسي محمد علي، السيدة الزينب، /65


أقول: زينب، و ما زينب، و ما أدراك ما زينب؟ هي عقيلة بني هاشم و قد حازت من الصفات الحميدة ما لم يجزها بعد أمها أحد، حتي حق أن يقال: هي الصديقة الصغري، هي في الحجاب و العفاف فريدة، لم ير شخصها أحد من الرجال في زمان أبيها و أخويها الي يوم الطف، و هي في الصبر و الثبات و قوة الايمان و التقوي وحيدة و هي في الفصاحة و البلاغة كأنها تفرغ عن لسان أميرالمؤمنين عليه السلام [13] كما لا يخفي علي من أمعن النظر في


خطبتها، و لو قلنا بعصمتها لم يكن لأحد أن ينكر ان كان عارفا بأحوالها في الطف و ما بعده، كيف و لولا ذلك لما حملها الحسين مقدارا من ثقل الامامة أيام مرض السجاد عليه السلام و ما أوصي اليها بجملة من وصاياه و لما أنابها السجاد عليه السلام نيابة خاصة في بيان الأحكام و جملة أخري من آثار الولاية.

المامقاني، تنقيح المقال، 79/2 - 3 مساوي عنه: البحراني، العوالم (المستدرك)، 950/2 - 11؛ دخيل، أعلام النساء، /79 - 78

كانت زينب عليهاالسلام من فضليات النساء، و فضلها أشهر من أن يذكر، و أبين من أن يسطر، و تعلم جلالة شأنها، و علو مكانها، و قوة حجتها، و رجاحة عقلها، و ثبات جنانها، و فصاحة لسانها، و بلاغة مقالها، حتي كأنها تفرغ عن لسان أبيها أميرالمؤمنين عليه السلام من خطبها بالكوفة و الشام، [14] و احتجاجها علي يزيد و ابن زياد بما أفحمهما، حتي لجأ الي سوء القول و الشتم و أظهار الشماتة و السباب الذي هو سلاح العاجز عن اقامة الحجة [15] . و ليس عجيبا من زينب أن تكون كذلك، و هي فرع من فروع الشجرة الطيبة النبوية، و الأرومة الهاشمية، جدها الرسول، و أبوها الوصي، و أمها البتول، و أخواها لأبيه و أمها الحسنان، و لا بدع أن جاء الفرع علي منهاج أصله [16] .

و كان لزينب في وقعة الطف المكان البارز في جميع الحالات، و في المواطن كلها، فهي التي كانت تمرض العليل، و تراقب أحوال أخيها الحسين عليه السلام ساعة فساعة، و تخاطبه و تسأله عند كل حادث، و هي التي كانت تدبر أمر العيال و الأطفال، و تقوم في ذلك مقام الرجال، و هي التي دافعت عن زين العابدين لما أراد ابن زياد قتله، و خاطبت ابن زياد بما ألقمه حجرا حتي لجأ الي ما لا يلجأ اليه ذو نفس كريمة، و بها لاذت فاطمة الصغري، و أخذت بثيابها لما قال الشامي ليزيد: هب لي هذه الجارية! فخاطبت يزيد بما فضحه، و ألقمته حجرا حتي لجأ الي ما لجأ اليه ابن زياد. و الذي يلفت النظر، أنها في ذلك الوقت، كانت متزوجة بعبدالله بن جعفر، فاختارت صحبة أخيها علي البقاء عند زوجها


و زوجها راض بذلك مبتهج به، و قد أمر ولديه بلزوم و الجهاد بين يديه، ففعلا حتي قتلا؛ و حق لها ذلك، فمن كان لها أخ مثل الحسين، و هي بهذا الكمال الفائق، لا يستغرب منها تقديم أخيها علي بعلها. [17] .

الأمين، أعيان الشيعة، 137/7 مساوي عنه: البحراني، العوالم (المستدرك)، 949/11؛ دخيل، أعلام النساء، /82 - 81

مر فيما سبق: أن من ألقاب السيدة زينب عليهاالسلام كونها «عالمة غير معلمة» و هذا اللقب منحها الامام زين العابدين عليه السلام و وصفها به، و ذلك حينما أراد تسليتها و تعزيتها، و تكريمها و تزكيتها عليهاالسلام علي مرأي من الناس و مسمع، ليعلمهم أولا بالمقام الرفيع الذي وهبه الله تعالي لها سلام الله عليها، و ليهون من وقع المصائب العظيمة عليها ثانيا؛ فان الامام زين العابدين عليه السلام لما رأي عمته زينب عليهاالسلام و هي في أسرها تخطب علي الجماهير المتجمعة من أهل الكوفة، الذين قد خرجوا للتفرج عليهم، و التفت الي أنها عليهاالسلام قد استعادت في ذاكرتها كل المصائب العظيمة التي جرت عليها، و استعرضت كل انتهاكات القوم أمام مخيلتها، خاف عليها أن تموت حسرة و غصة، فخاطبها قائلا: «يا عمة! اسكتي، ففي الباقي من الماضي اعتبار، و أنت بحمدالله عالمة غير معلمة، و فهمة غير مفهمة...» و بهذا أبقي علي حياتها، و أبان للناس فضلها و قدرها.

[...] و السيدة زينب عليهاالسلام هي من هذا البيت الرفيع، بيت النبوة، و موضع الرسالة، و معدن العلم، و أهل بيت الوحي، فلا عجب أن تكون قد نالت درجة الالهام، فهي اذن


ملهمة بصريح كلام ابن أخيها الامام السجاد عليه السلام حين قال لها: «يا عمة... أنت بحمدالله عالمة غير معلمة» اذ لا يكون العلم بلا تعلم الا عن طريق الالهام.

و اذا كانت السيدة زينب عليهاالسلام «ملهمة»، فهي بطريق أولي تكون «محدثة»، كما مر في ألقابها عليهاالسلام بأنها «محدثة»، اذ كون الانسان محدثا أقل مقاما من كونه ملهما، فان مقام الالهام أرقي درجة و أرفع رتبة من مقام التحديث، كيف لا تكون كذلك و الحال أن مثل سلمان الفارسي، الذي من افتخاراته خدمة أهل البيت عليهم السلام، بما فيهم السيدة زينب عليهاالسلام، يكون محدثا، و مثل فضة خادمة فاطمة الزهراء عليهاالسلام تكون محدثة، علما بأن الخدمة في بيت فاطمة عليهاالسلام خدمة لمن في البيت أيضا، و أن من جملة من كان في البيت هي السيدة زينب عليهاالسلام.

[الأدلة علي علم زينب عليهاالسلام اللدني]:

و قد ظهر من السيدة زينب عليهاالسلام ما يدل علي علمها و فهمها و ذلك في مواقع و مواقف:

[الموقف الأول]: ما كان منها عليهاالسلام حينما كانت حاضرة عند أبيها الامام أميرالمؤمنين عليه السلام و قد أجلس العباس و هي صبي في حجره و قال له: قل واحد. فقال: واحد، فقال له: قل اثنين، فامتنع و قال: اني أستحيي أن أقول اثنين بلسان قلت به واحد، و هنا التفتت زينب عليهاالسلام الي أبيها و كانت هي أيضا صغيرة و قالت: أتحبنا يا أبه؟ فأجابها أميرالمؤمنين عليه السلام برأفة: يلي يا بنية: فقالت: لا يجتمع حبان في قلب مؤمن: حب الله، و حب الأولاد، و ان كان و لابد فالحب لله تعالي و الشفقة للأولاد، فاعجبه عليه السلام كلامها و زاد في حبه و عطفه عليهما».

لقد أشبهت زينب عليهاالسلام في احتجاجها علي يزيد و ابن زياد احتجاج أمها فاطمة الزهراء عليهاالسلام علي أبي بكر و عمر في قصة فدك، و قضية خلافة بعلها أميرالمؤمنين عليه السلام حيث بذلك بان كبير فضلها، و غزارة علمها، و وفور عقلها، و كثرة فهمها، و حسن معرفتها بالأحكام و القرآن، مما لم يتسن لأحد الا لمن هو ملهم من عندالله تعالي.

سبق في فصل ألقاب السيدة زينب عليهاالسلام: بأن من ألقابها: الموثقة، و كانت حقا


كذلك، فقد وثق بها أخوها الامام الحسين عليه السلام و ابن أخيها الامام زين العابدين عليه السلام، بعد أن وثق بها جدها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و أبوها أميرالمؤمنين عليه السلام و أمها فاطمة الزهراء عليهاالسلام و أخوها الامام الحسن عليه السلام، كيف لا و قد أهلها الله تعالي للوثاقة، و انتجبها لذلك، حيث جعلها «عالمة غير معلمة، و فهمة غير مفهمة» كما قال عنها الامام زين العابدين عليه السلام.

فكانت عليهاالسلام خازنة للأسرار، حافظة للودائع، مؤدية للأمانات، مأمونة عند الناس، مقبولة لديهم، حتي أن الامام زين العابدين عليه السلام كان اذا أراد أن يقع ما ينقله للناس في قلوبهم، و يأخذ منهم مأخذه، أسند الخبر الي عمته السيدة زينب عليه السلام، و كذلك كان ابن عباس مع جلالته و وجاهته بين الناس، و شهرته بينهم بحبر الأمة و صدق اللهجة، فانه، مع ذلك، كان اذا أراد وقع الخبر في النفوس أسنده الي السيدة زينب عليهاالسلام و قال: «حدثتنا عقيلتنا...».

مر في فصل ألقاب السيدة زينب عليهاالسلام: ان من ألقابها: «الفصيحة البليغة»، و كانت كذلك حقا. و لا يخفي، أن البلاغة و الفصاحة من الكمالات النفسية، و الفضائل المعنوية، التي ترفع قدر صاحبها، و تكسوه جمالا و جلالا، و هيبة و عظمة، و يكفي البلاغة و الفصاحة فخرا أن الله تبارك و تعالي جعلها أشرف معجزات رسوله صلي الله عليه و آله و سلم، بل و معجزته الخالدة التي كتب لها الخلود الي يوم القيامة، ألا و هو القرآن العظيم، و الكتاب العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه تنزيل من عزيز حميد.

نعم، كانت السيدة زينب عليهاالسلام جديرة بهذا اللقب، و حقيقة به و ذلك لأمور:

1 - انها عليهاالسلام من أهل بيت الوحي، الذين نزل القرآن في بيوتهم، فزانها كبقية أهل البيت عليهم السلام نور القرآن، و كساها جلاله و جماله، و فصاحته و بلاغته.

2 - انها عليهاالسلام عقيلة بني هاشم، و بنوهاشم سادة البطحاء، و لباب العرب، و من قد خصوا بالفصاحة و البلاغة و اشتهروا بها.

3 - انها عليهاالسلام عقيلة خدر الرسالة، و جدها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم القائل: «أنا أفصح من نطق بالضاد».


4 - انها عليهاالسلام رضيعة ثدي الولاية، و أبوها أميرالمؤمنين عليه السلام القائل عن نفسه و عن فاطمة الزهراء عليهاالسلام، بل و عن كل المعصومين الأربعة عشر عليهم السلام: «و انا لأمراء الكلام، و فينا تنشبت عروقه، و علينا تهدلت غصونه» - نهج البلاغة / الخطبة 233 -.

و لا عجب بعد ذلك كله أن تكون السيدة زينب عليهاالسلام الفصيحة البليغة، لأنها قد ورثت الفصاحة و البلاغة من معدنه و أصله، كما و يشهد لها ما ألقته من خطب و مواعظ، و ما قالته من شعر و نثر، و ما أفصحته من مناقشات و مخاصمات، في مجلس يزيد و ابن زياد، و أسواق الكوفة و الشام، حتي قال عنها بشر بن خزيم الأسدي: و نظرت الي زينب بنت علي عليهاالسلام يومئذ، و لم أر خفرة قط أنطق منها، كأنها تفرغ عن لسان أبيها أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، و قد أو مأت الي الناس أن اسكتوا، فارتدت الأنفاس، و سكنت الأجراس، ثم قالت: ألحمدلله، و الصلاة علي أبي محمد و آله الطيبين الأخيار... الي آخر الخطبة.

جاء فيما قاله بشر عن السيدة زينب عليهاالسلام، و هي في الكوفة، و في وسط جماهيرها: «بأنها أو مأت الي الناس أن اسكتوا، فارتدت الأنفاس، و سكنت الأجراس»، فما هو وجه سكوتهم مع كثرة ازدحام الناس، و شدة ضوضاء الجيش الفاتح - بتصورهم - و كثرة صخبهم، و ما كانوا عليه من التطبيل و التزمير، و الهتاف و الشعار؟ قد يوجه ذلك بما يلي:

1 - انها عليهاالسلام تصرفت فيهم تصرفا تكوينيا، يعني: أعلمت فيهم ما منحها الله تعالي من ولاية تكوينية، و قدرة ربانية، كما تصرف أخوها الامام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء بذلك في معسكر أهل الكوفة، حين استنصتهم ليعظهم و يتم عليهم الحجة فأبوا أن ينصتوا، و أخذوا يثيرون الضوضاء و الشغب، فأومأ عليه السلام اليهم أن اسكتوا و اسكنوا، فسكتوا و سكنوا حتي خيولهم و دوابهم، و ذلك بتصرف تكويني منه عليه السلام فيهم.

2 - انها عليهاالسلام - كما في التاريخ - كانت تفرغ عن لسان أبيها أميرالمؤمنين عليه السلام، حتي أن السامع كان يظن أن المتكلم هو أميرالمؤمنين عليه السلام، و حيث أن أهل الكوفة كانوا قد سمعوا كلام أميرالمؤمنين عليه السلام، و تأثروا بخطبه البليغة أيام كان عليه السلام بين ظهرانيهم في


الكوفة، ثم حرموا منها، كانوا قد اشتد بهم الشوق الي استماعها، و خاصة بعد طول مدة و يأس منها، و لذلك لما فوجئوا بصوت أميرالمؤمنين عليه السلام يقرع مسامعهم،أقبلوا علي استماعه بكل وجودهم، فارتدت في صدورهم أنفاسهم، و سكنت عن الحركة أجسامهم، شوقا اليه و تلهفا عليه، و يؤيد ذلك: التأثير الشديد الذي انطبع به أهل الكوفة من استماع خطبتها عليهاالسلام، حتي أن الراوي يقول: و اذا بشيخ كبير يبكي و يقول مكررا: بأبي أنتم و أمي، كهولكم خير الكهول، و نساؤكم خير النساء.

3 - انها عليهاالسلام لعظيم بلاغتها، و كبير فصاحتها، و جميل بيانها، و عذب لسانها، استطاعت أن تسخر قلوب أهل الكوفة، و أن تشل أبدانهم من الحركة، و أنفاسهم من التردد و الخلجان، و ذلك حرصا منهم علي الاصغاء لها و الاستماع اليها، فان من البيان لسحرا، كما ورد في الحديث الشريف.

4 - انها عليهاالسلام حين خطبت علي أهل الكوفة، كانت قد عرفت تلهفهم الي كلامها، و اشتياقهم الي بيانها، و أنهم سيصغون اليها للتعرف عليها، و كذلك كان أهل الكوفة، فانهم لما فوجئوا بدخول قافلة الأسري مع الرؤوس و السبايا، أحبوا أن يتعرفوا عليهم، و خاصة مع ما وجهته الهيئة الحاكمة من تهمة الخوارج اليهم، و من يكون أوثق عند التعريف من الشخص نفسه؟ و لذلك لما أومأت عليهاالسلام اليهم بالسكوت، و عرفوا أنها تريد بيان ما يتمنونه، أصغوا الي كلامها بكل وجودهم، حتي حبست أنفاسهم، و سكنت حركاتهم.

5 - و قد يوجه اصغاء أهل الكوفة و استماعهم اليها عليهاالسلام بكل الوجوه الأربعة، و لعله هو الأوجه، اذ لا منافاة بينها.

«اشارة ثانية» [زينب عليهاالسلام تشبه أباها]: يقول علماء النفس: ان قاعدة الوراثة الموجودة في الأولاد، و وراثتهم عن الآباء و الأمهات، تطبع عادة الأولاد الذكور علي الشباهة بالأب، و الاناث علي الشباهة بالأم، لكن هذه القاعدة الوراثية لم تنطبق بالنسبة الي فاطمة الزهراء عليهاالسلام، حيث أنها عليهاالسلام لم تشبه أمها خديجة، و انما أشبهت أباها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم،


حتي قيل عنها: «كانت مشيتها مشية أبيها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و منطقها كمنطقه».

و كذلك كانت ابنتها زينب عليهاالسلام، فأنها أشبهت أباها أميرالمؤمنين عليه السلام، حتي قيل عنها: «كأنها تفرغ عن لسان أبيها أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام».

«اشارة ثالثة» [زينب عليهاالسلام تشبه أمها]: ان زينب عليهاالسلام في خطبتها أشبهت أمها فاطمة الزهراء عليهاالسلام في خطبتها، و ذلك من وجهات و حيثيات تالية:

1 - من حيث الفصاحة و البلاغة، فانهما من هذه الحيثية متشابهان كاملا.

2 - من حيث الشجب و التنديد، فانهما عليهماالسلام كانا معا في مقام الاحتجاج و المخاصمة.

3 - من حيث المظلومية، فانهما عليهماالسلام كانا معا مظلومتين، و بخطبتهما أثبتا للتاريخ و الأجيال مظلوميتهما.

4 - من حيث احقاق الحق و اتمامه، و ابطال الباطل و كشفه، فالخطبتان معا متشابهتان في اظهار نفاق المنافقين، و ابطال مزاعم الذين صادروا الخلافة، و غصبوا الحق الشرعي الذي جعله الله تعالي للأئمة من أهل البيت عليهم السلام.

سبق في ألقاب السيدة زينب عليهاالسلام، أن من ألقابها: «العابدة»، علما بأن من أسرار تشريع العبادة و عللها: الشكر لله تعالي علي نعمه الكثيرة التي لا تحصي، و مواهبه العظيمة التي لا تعد و لا تدرك عظمتها.

[...] و السيدة زينب عليهاالسلام كانت قد وقفت نفسها لله تعالي، و صرفت عمرها في طاعة الله و عبادته، و أحست بوجودها برد العبودية لله تعالي و لذته، حتي أنه قيل: ان أخاها الامام الحسين عليه السلام كان قد قال لها في جملة وصاياه لها في وداعه الأخير من يوم عاشوراء: «يا أختاه! لا تنسيني في نافلة الليل»، كما ذكر ذلك العالم الجليل و الفاضل النبيل شيخنا الموثق الشيخ محمد باقر صاحب كتاب «الكبريت الأحمر» في بعض تأليفاته، نقلا عن بعض المقاتل المعتبرة، و ذكر عن الامام زين العابدين عليه السلام حديثا مفصلا أيضا خلاصته: ان عمته السيدة زينب عليهاالسلام كان لا يفوتها في طول السبي و الأسر نافلة الليل، بل كانت تصليه باقبال، مع ما جري عليها من المصائب و الرزايا، و مع ما


كان عليها من حفظ العيال و الأطفال، فحقا لزينب عليهاالسلام اذن أن تكون هي «العابدة»، و أن تحظي بهذا اللقب الكريم، و تشارك ابن أخيها الامام زين العابدين عليه السلام فيه.

الجزائري، الخصائص الزينبية، / 105، 104 - 98 - 95، 91، 72، 68 - 67، 64

و أما زينب بنت فاطمة فقد أظهرت أنها من أكثر آل البيت جرأة و بلاغة و فصاحة، و قد استطارت شهرتها بما أظهرته يوم كربلاء و بعده من حجة و قوة و جرأة و بلاغة حتي ضرب بها المثل و شهد لها المؤرخون و الكتاب.

أبوالنصر، فاطمة بنت محمد، /125 مساوي عنه: النقدي، زينب الكبري، /28، الهاشمي، عقيلة بني هاشم، /12؛ دخيل، أعلام النساء، /83

نشأتها و تربيتها عليهاالسلام: التربية هي من أهم الأمور للأطفال الذين يراد تثقيفهم و تهذيبهم و تأديبهم علي الوجه الصحيح لأنها أساس كل فضيلة و دعامة كل منقبة و أول شي ء يحتاج اليه في التربية هو اختيار المربي الكامل العامل بالدروس التي يلقيها علي من يراد تربيته، و لذلك تري الأمم الناهضة في كل دور من أدوار التأريخ ينتخبون لتربية ناشئتهم من يرون فيه الكفاءة و المقدرة من ذوي الأخلاق الفاضلة و الصفات الكاملة علما منهم أن الناشئ يتخلق بأخلاق مربيه و يتأدب بآدابه مهما كانت.

[18] و لقد كانت نشأة هذه الطاهرة الكريمة، و تربية تلك الدرة اليتيمة [19] (زينب عليهاالسلام) في حضن النبوة، و درجت في بيت الرسالة رضعت لبان الوحي من ثدي الزهراء البتول، و غذيت بغداء الكرامة من كف ابن عم الرسول، فنشأت نشأة قدسية، و ربيت تربية روحانية، متجلببة جلابيب الجلال و العظمة، متردية [20] رداء العفاف و الحشمة، فالخمسة أصحاب العباء عليهم السلام هم الذين قاموا بتربيتها و تثقيفها و تهذيبها، و كفاك بهم مؤدبين و معلمين [21] .


و لما غربت شمس الرسالة، و غابت الأنوار الفاطمية، و تزوج أميرالمؤمنين بأمامة بنت أبي العاص و أمها زينب بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بوصية من فاطمة عليهاالسلام اذ قالت: «و أوصيك أن تتزوج بأمامة بنت أختي زينب تكون لولدي مثلي» قامت أمامة بشؤون زينب خير قيام، كما كانت تقوم بشؤون بقية ولد فاطمة و كانت أمامة هذه من النساء الصالحات القانتات العابدات، و كانت زينب عليهاالسلام تأخذ التربية الصالحة و التأديب القويم من والدها الكرار و أخويها الكريمين الحسن و الحسين عليهماالسلام الي أن بلغت من العلم و الفضل و الكمال مبلغا عظيما كما سيأتي في بيان علمها و فضلها.

شرفها و مجدها عليهاالسلام: الشرف في اللغة هو العلو، و شرف شرافة و شرفا أي علا في دين أو دنيا فهو شريف أي ذو شرف، و الشرف في النسب اتصاله بعظيم من العظماء و أظهر أفراد هذا النوع هم الذرية الطاهرة من آل الرسول. و المجد لغة يطلق علي الشرف الواسع، و يطلق علي الكرم و العز و الجاه، و المجد المؤثل هو الشرف المؤصل، يقال تأثل الشي ء أي تأصل و تعظم، و عن الشيخ أبي علي: المجد هو العلو و الكمال و الرفعة و التمجيد أن ينسب الانسان الي المجد كما ينسب الي الشرف في الآباء أو الي عمله الشريف فهو التشريف و التعظيم، فاذا سمعت هذا فاستمع لما يوحي اليك، قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «كل بني أم ينتمون الي عصبتهم، الا ولد فاطمة فاني أنا أبوهم و عصبتهم» [22] ، و قد روي هذا الحديث بالاسناد الي فاطمة بنت الحسين عليهاالسلام عن فاطمة الكبري عليهاالسلام بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و رواه الطبراني و غيره بأسانيدهم المختلفة، كما في الشرف المؤبد للنبهاني [23] عنه صلي الله عليه و آله و سلم: «أن الله عزوجل جعل ذرية كل نبي في صلبه و أن الله تعالي جعل ذريتي في صلب علي بن أبي طالب» و الروايات بهذا المعني كثيرة، و هذا الشرف الحاصل لزينب عليهاالسلام شرف لا مزيد عليه، فاذا ضممنا الي ذلك أن أباها علي المرتضي و أمها فاطمة الزهراء و جدتها خديجة الكبري و عمها جعفر الطيار في الجنة و عمتها أم هاني بنت أبي


طالب و أخواها سيدا شباب أهل الجنة و أخوالها و خالاتها أبناء رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فماذا يكون هذا الشرف و الي أين ينتهي شأوه و يبلغ مداه، و اذا ضممنا الي ذلك أيضا علمها و فضلها و تقواها و كمالها و زهدها و ورعها و كثرة عبادتها و معرفتها بالله تعالي كان شرفها شرفا خاصا بها و بأمثالها من أهل بيتها، و مجدها مجدا مؤثلا لا يليق الا بها و بهم عليهم السلام، و مما زاد في شرفها و مجدها أن الخمسة الطاهرة أهل العباء عليهم السلام كانوا يحبونها حبا شديدا.

[24] و قال العلامة البرغاني في مجالس المتقين: ان المقامات العرفانية الخاصة بزينب عليهاالسلام تقرب من مقامات الامامة، و انها لما رأت حالة زين العابدين عليه السلام حين رأي أجساد أبيه و اخوته و عشيرته و أهل بيته علي الثري صرعي مجزرين كالأضاحي، و قد اضطرب قلبه و اصفر وجهه، أخذت عليهاالسلام في تسليته و حدثته بحديث أم أيمن [25] من أن هذا عهد من الله تعالي. (أقول): و سيأتي حديث أم أيمن أن شاء الله تعالي فيما نذكره من الأخبار المروية عنها عليهاالسلام. (و في الطراز المذهب): ان شؤونات زينب الباطنية و مقاماتها المعنوية كما قيل فيها [26] أن فضائلها و فواضلها و خصالها و جلالها و علمها و عملها و عصمتها و عفتها و نورها و ضياءها و شرفها و بهاءها تالية أمها عليهاالسلام و نائبتها عليهاالسلام [27] . [...] [28] .

[29] و في جنات الخلود ما معناه: كانت زينب الكبري في البلاغة و الزهد و التدبير و الشجاعة قرينة أبيها و أمها عليهاالسلام، فان انتظام أمور أهل البيت، بل الهاشميين بعد شهادة الحسين عليه السلام، كان برأيها و تدبيرها عليهاالسلام [30] . و قال ابن عنبة في أنساب الطالبيين: زينب الكبري بنت أميرالمؤمنين علي عليه السلام، كنيتها أم الحسن، تروي عن أمها فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، [31] و قد امتازت بمحاسنها الكثيرة و أوصافها الجليلة و خصالها الحميدة و شيمها السعيدة و مفاخرها البارزة و فضائلها الظاهرة.


و عن [32] (الحافظ) جلال الدين السيوطي في رسالته الزينبية: ولدت زينب في حياة جدها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و كانت لبيبة جزلة عاقلة لها قوة جنان [33] [...]

[34] (و عن النيسابوري) في رسالته العلوية: كانت زينب ابنة علي عليه السلام في فصاحتها و بلاغتها و زهدها و عبادتها كأبيها المرتضي عليه السلام و أمها الزهراء عليهاالسلام [35] (و قال) عمر أبوالنصر اللبناني في كتابه فاطمة بنت محمد صلي الله عليه و آله و سلم المطبوع ببيروت حديثا [36] [37] .

و قال أيضا في كتابه (الحسين بن علي) المطبوع حديثا أيضا: و مما يجب أن يصار الي ذكره في هذه الباب ما ظهر من زينب بنت فاطمة و أخت الحسين عليهاالسلام من جرأة و ثبات جأش في مواقفها هذه يوم المعركة، و عند ابن زياد و في قصر يزيد الي آخر ما قال، [38] (و قال) البحاثة فريد و جدي، علي ما نقله عنه بعض الأجلاء، السيدة زينب بنت علي (رضي الله عنها) كانت من فضليات النساء، و شريفات العقائل، ذات تقي و طهر و عبادة [39] ، هاجرت الي مصر و توفيت بها (ا ه). و الذي رأيته في كتابه (كنز العلوم و اللغة): زينب بنت الحسين ابن علي، و لعل الأصل أخت الحسين بن علي و تبديله الأخت بالبنت غلط مطبعي.

[40] [41] [42] (و قال) الفاضل الأديب حسن قاسم في كتابه السيدة (زينب): السيدة الطاهرة الزكية زينب بنت الامام علي بن أبي طالب ابن عم الرسول صلي الله عليه و آله و سلم و شقيقة ريحانتيه لها أشرف نسب، و أجل حسب، و أكمل نفس، و أطهر قلب، فكأنها ضيغت في قالب ضمخ بعطر الفضائل، فالمستجلي آثارها يتمثل أمام عينيه رمز الحق، رمز الفضيلة، رمز الشجاعة، رمز المروءة و فصاحة اللسان، قوة الجنان، مثال الزهد و الورع، مثال العفاف و الشهامة، ان في ذلك لعبرة [43] ...


(و قال أيضا): فلئن كان في النساء شهيرات، فالسيدة أولاهن، و اذا عدت الفضائل فضيلة فضيلة!، من وفاء و سخاء و صدق و صفاء و شجاعة و اباء و علم و عبادة و عفة و زهادة، فزينب أقوي مثال للفضيلة بكل مظاهرها [44] [45] . [...]

[46] (و قال) العلامة الأجل السيد هبة الدين الشهرستاني سلمه الله في كتاب نهضة الحسين المطبوع [47] لزينب أخت الحسين عليهاالسلام شأن مهم [48] و دور كبير النطاق في قضية الحسين عليه السلام (و في نساء العرب) نوادر أمثالها ممن قمن في مساعدة الرجال و شاركنهم في تاريخهم المجيد [49] ، و قد صحبت زينب أخاها في سفره الخطير صحبة من تقصد أن تشاطره في خدمة الدين و ترويج أمره، فكانت تدبر بيمناها ضيافة الرجال و باليسري حوائج الأطفال و ذاك بنشاط لا يوصف [50] ، و المرأة قد تقوم بأعمال يعجز عنها الرجل ولكن مادام منها القلب في ارتياح و نشاط أما لو تصدع قلبها أو جرحت منها العواطف فتراها زجاجة أرق و كسرها لا يجبر، و لذلك أوصي بهن النبي صلي الله عليه و آله و سلم اذ قال: رفقا بالقوارير، فجعلهن كزجاج القوارير يحتاج الي لطف المداراة، فكانت ابنة علي عليهاالسلام قائمة بمهمات رحل الحسين عليه السلام و أهله غير مبالية بما هناك من ضائقة عدو أو احصار أو عطش اذ كانت تنظر في وجه الحسين عليه السلام تراه هشا بشا فتزداد به أملا، و كلما ازداد الانسان أملا ازداد نشاطا و عملا، و أن في بشاشة وجه الرئيس أثرا في قوة آمال الأتباع و نشاط أعصابهم، [51] غير أن زينب باغتت أخاها الحسين عليه السلام في خبائه ليلة مقتله فوجدته يصقل سيفا له و يقول: «يا دهر أف لك» الي آخر الأبيات و المعني، يا دهر كم لك من صاحب قتيل في ممر الاشراق و الأصيل فأف لك من خليل [52] ذعرت زينب عند تمثل


أخيها بهذه الأبيات و عرفت أن أخاها قد يئس من الحياة و من الصلح مع الأعداء و أنه قتيل لا محالة و اذا قتل فمن يكون لها و العيال و الصبية في عراء و غربة و ألد الأعداء محيط بهم و متربص لهم الدوائر، لهذه و لتلك صرخت أخت الحسين عليهاالسلام نادبة أخاها و تمثل لديها ما يجري عليها و علي أهله و رحله بعد قتله، و قالت: «اليوم مات جدي و أبي و أمي و أخي» ثم خرت مغشية عليها، اذ غابت عن نفسها و لم تعد تملك اختيارها، فأخذ أخوها الحسين عليه السلام رأسها في حجره يرش علي وجهها من مدامعه حتي أفاقت و سعد بصرها بنظرة من شقيقها الحسين عليه السلام و أخذ يسليها (و بعض التسلية تورية) فقال: «يا أختاه أن أهل الأرض يموتون و أهل السماء لا يبقون فلا يبقي الا وجهه، و قد مات جدي و أبي و أمي و أخي و هم خير مني، فلا يذهبن بحلمك الشيطان» و لم يزل بها حتي أسكن بروحه روعها و نشف بطيب حديثه دمعها، ولكن في المقام سر مكتوم، فان زينب تلك التي لم تستطع أن تسمع من نعي أخيها و هو حي كيف تجلدت في مذبح أخيها و أهلها بمشهد منها و رأت رأسه و رؤوسهم مرفوعة علي القنا، و تلعب بها صبيان كالأكر، ينكت ابن زياد و يزيد ثنايا أخيها بين الملأ بالقضيب الي غير ذلك من مصائب لا تطيق رؤيتها


الأجانب، فضلا عن أمس الأقارب، فليت شعري ما الذي حول ذلك القلب الرقيق الي قلب أصلد و أصلب من الصخر الأصم، نعم كانت شقيقة الحسين عليه السلام أخته بتمام معاني الكلمة [53] ، فلا غرو ان شاطرت سيدة الطف زينب أخاها الحسين عليه السلام في الكوارث و آلام الحوادث فقد شاطرته في شرف الأبوين و مواريث الوالدين خلقا و خلقا و منطقا، [54] و عليه فانها علي رقة عواطفها و سرعة تأثرها تمكنت من تبديل حالتها و الاستيلاء علي نفسها بنفسها من حين ما أوحي اليها الحسين عليه السلام بأسرار نهضته و آثار حركته و أنه لابد أن يتحمل أعباء الشهادة و ما يتبعها من مصائب و مصاعب في سبيل الملة و احياء شريعة جده، و شعائر مجده لكنه سيار يطوي السري الي حد مصرعه في كربلاء [55] ، ثم لابد و أن تنوب هي عن أخيها في انجاز مهمته، و ابلاغ حجته، في تحمل الخطوب و القاء الخطب، و مكايدة الآلام من كربلاء الي الكوفة، ثم الي الشام، قائمة بوظيفته، محافظة علي أسرار نهضته ناشرة لدعوته في كل أين و آن، منتهزة سوانح الفرص، و هو معها أينما كانت يباريها، لكنه علي عوالي الرماح خطيبا كما هي الخطيبة بلسان المقال انتهي [56] .

(و قال) الفاضل العلامة الأجل المولي محمد حسن القزويني في كتابه المسمي (برياض الأحزان و حدائق الأشجان) [57] يستفاد من آثار أهل البيت جلالة شأن زينب الكبري بنت أميرالمؤمنين عليهماالسلام و وقارها و قرارها بما لا مزيد عليه حتي أوصي اليها أخوها عليه السلام ما أوصي قبل شهادته، و أنها من كمال معرفتها و وفور علمها و حسن أعراقها و طيب أخلاقها كانت تشبه أمها ست النساء فاطمة الزهراء عليهاالسلام في جميع ذلك، و في الخفارة و الحياء، و أباها في قوة القلب في الشدة، و الثبات عند النائبات، و الصبر علي الملمات، و الشجاعة الموروثة من صفاتها، و المهابة المأثورة من سماتها [58] و قد يستند في جميع ما ذكرناه الي ما رواه في كامل الزيارة من موعظتها لابن أخيها الامام السجاد زين العابدين عليه السلام حين المرور بمصارع الشهداء، ثم ساق حديث أم أيمن الآتي في الأخبار المروية عن زينب عليهاالسلام.


[59] [60] (و قال) محمد علي أحمد المصري في رسالته التي طبعها بمصر: السيدة زينب رضي الله تعالي عنها هي ابنة سيدي الامام علي كرم الله وجهه و ابنة السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و هي من أجل أهل البيت حسبا و أعلاهم نسبا، خيرة السيدات الطاهرات، و من فضليات النساء، و جليلات العقائل، التي فاقت الفوارس في الشجاعة، و اتخذت طول حياتها تقوي الله بضاعة، و كان لسانها الرطب بذكر الله علي الظالمين عضبا، و لأهل الحق عينا معينا، كريمة الدارين، و شقيقة الحسنين بنت البتول الزهراء، التي فضلها الله علي النساء و جعلها عند أهل العزم أم العزائم، و عند أهل الجود و الكرم أم هاشم، [61] (الي أن قال) ولدت رضي الله عنها سنة خمس من الهجرة النبوية أي قبل وفاة جدها صلي الله عليه و آله و سلم بخمس سنين، فسر بمولدها أهل بيت النبوة أجمعين و نشأت نشأة حسنة كاملة فاضلة عالمة من شجرة أصلها ثابت و فرعها في السماء، و كانت علي جانب عظيم من الحلم و العلم و مكارم الأخلاق، ذات فصاحة و بلاغة يفيض من يدها عيون الجود و الكرم، و قد جمعت بين جمال الطلعة و جمال الطوية حتي أنها اشتهرت في بيت النبوة، و لقبت بصاحبة الشوري، و كفاها فخرا أنها فرع من شجرة أهل بيت النبوة الذين مدحهم الله تعالي في كتابه العزيز (الي آخر ما قال) [62] .

علمها و فضلها عليهاالسلام: العلم من أفضل السجايا الانسانية، و أشرف الصفات البشرية، به أكمل الله أنبيائه المرسلين، و رفع درجات عباده المخلصين، قال تعالي: (يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات)، و قرن أهل العلم بنفسه و بملائكته في آية أخري، فقال جل شأنه: (شهد الله أنه لا اله الا هو و الملائكة و أولوا العلم قائما بالقسط)، و قال تعالي: (هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون)، و انما صار العلم بهذه المثابة، لأنه يوصل صاحبه الي معرفة الحقائق، و يكون سببا لتوفيقه في نيل رضا الخالق، و لذلك لما سئل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم عن رجلين أحدهما عالم و الآخر عابد؟ فقال صلي الله عليه و آله و سلم: «فضل العالم علي العابد كفضلي علي أدناكم رجلا». و كان صلي الله عليه و آله و سلم و الأئمة


من أهل بيته عليهم السلام يحثون الأمة علي طلب العلم، و كانوا يغذون أطفالهم العلم كما يغذونهم اللبن.

[63] أما زينب المتربية في مدينة العلم النبوي، المعتكفة بعده ببابها العلوي المتغذية بلبانه من أمها الصديقة الطاهرة سلام الله عليها، و قد طوت عمرا من الدهر مع الأمامين السبطين يزقانها العلم زقا، فهي من عياب علم آل محمد عليهم السلام و علب فضائلهم، التي اعترف بها عدوهم الألد (يزيد الطاغية) بقوله في الامام السجاد عليه السلام: «انه من أهل بيت زقوا العلم زقا»؛ و قد نص لها بهذه الكلمة ابن أخيها علي بن الحسين عليه السلام: «أنت بحمد الله عالمة غير معلمة و فهمة غير مفهمة» يريد أن مادة علمها من سنخ ما منح به رجالات بيتها الرفيع، أفيض عليها الهاما لا بتخرج علي أستاذ، و أخذ عن مشيخة، و ان كان الحصول علي تلك القوة الربانية بسبب تهذيبات جدها و أبيها و أمها و أخويها، أو لمحض انتمائها اليهم، و اتحادها معهم في الطينة، المكهربين لذاتها القدسية، فأزيحت عنها بذلك الموانع المادية و بقي مقتضي اللطف الفياض وحده [64] ، و اذ كان لا يتطرقه البخل بتمام معانيه عادت العلة لافاضة العلم كله عليها بقدر استعدادها تامة، فأفيض عليها بأجمعه الا ما اختص به أئمة الدين عليهم السلام من العلم المخصوص بمقامهم الأسمي، علي أن هنالك مرتبة سامية لا ينالها الا ذو حظ عظيم، و هي الرتبة الحاصلة من الرياضات الشرعية و العبادات الجامعة لشرائط الحقيقة لا محض الظاهر الموفي لمقام الصحة و الاجزاء، فان لها من الآثار الكشفية ما لا نهاية لأمدها، و في الحديث: «من أخلص لله تعالي أربعين صباحا انفجرت ينابيع الحكمة من قلبه علي لسانه» و لا شك أن زينب الطاهرة قد أخلصت لله كل عمرها، فماذا تحسب أن يكون المنفجر من قلبها علي لسانها من ينابيع الحكمة؟! و ما أحلي كلمة قالها علي جلال في كتابه (الحسين): من كان النبي صلي الله عليه و آله و سلم معلمه، و من كان أبوه علي بن أبي طالب عليه السلام و أمه فاطمة الزهراء، ناشئا في أصحاب جده و أصدقاء أبيه سادات الأمة، و قدوة الأئمة: فلا شك أنه كان يغر العلم غرا كما قال


ابن عمر. (و في كتاب بلاغات النساء) لأبي الفضل أحمد بن أبي طاهر طيفور قال: حدثني أحمد بن جعفر بن سلمان الهاشمي، قال: كانت زينب بنت علي عليه السلام تقول: «من أراد أن لا يكون الخلق شفعاءه الي الله فليحمده، ألم تسمع الي قولهم: سمع الله لمن حمده، فخف الله لقدرته عليك، و استح منه لقربه منك». [65] [66] (و عن الصدوق) محمد بن بابويه طاب ثراه: كانت زينب عليهاالسلام لها نيابة خاصة عن الحسين عليه السلام، و كان الناس يرجعون اليها في الحلال و الحرام حتي برئ زين العابدين عليه السلام [67] من مرضه (و قال الطبرسي): ان زينب عليهاالسلام روت أخبارا كثيرة عن أمها الزهراء عليهاالسلام عليهاالسلام. (و عن عماد المحدثين): ان زينب الكبري كانت تروي عن أمها و أبيها و أخويها و عن أم سلمة و أم هاني و غيرهما من النساء، و ممن روي عنها: ابن عباس و علي بن الحسين و عبدالله بن جعفر و فاطمة بنت الحسين الصغري و غيرهم. (و قال أبوالفرج): زينب العقيلة هي التي روي ابن عباس عنها كلام فاطمة صلي الله عليها في فدك فقال: حدثتني عقيلتنا زينب بنت علي عليه السلام [68] ، و تفسير العقيلة في النساء: السيدة، كعقال في الرجال، يقال للسيد (و روي مرسلا) أنها في طفولتها كانت جالسة في حجر أبيها، و هو عليه السلام يلاطفها بالكلام، فقال لها: يا بني! قولي واحد، فقالت: واحد، فقال لها: قولي اثنين، فسكتت، فقال لها: تكلمي يا قرة عيني، فقالت عليهاالسلام عليهاالسلام: يا أبتاه! ما أطيق أن أقول اثنين بلسان أجريته بالواحد. فضمها صلوات الله عليه الي صدره و قبلها بين عينيها، انتهي. ولكن الذي رأيته في كتاب مصابيح القلوب للشيخ الأجل، الشيخ أبي سعيد الحسن بن الحسين السبزواري المعاصر للشهيد الأول رحمه الله: ان هذا السؤال من أميرالمؤمنين عليه السلام كان لولده العباس عليه السلام، و انه لما سكت قال أميرالمؤمنين: لم لم تقل اثنين؟ فقال: اني لأستحيي أن أقول: واحد، ثم أقول: اثنين، ففرح أميرالمؤمنين عليه السلام بهذا الكلام و قبل ما بين عينيه، و أن زينب عليهاالسلام قالت لأبيها: أتحبنا يا أبتاه؟ فقال عليه السلام: و كيف لا أحبكم، و أنتم ثمرة فؤادي؟! فقالت عليهاالسلام: يا أبتاه! ان الحب لله تعالي و الشفقة لنا، و هذا الكلام عنها عليهاالسلام روي متواترا، و اذا تأمله


المتأمل رأي فيه علما جما، فاذا عرف صدوره من طفلة كزينب عليهاالسلام يوم ذاك بانت له منزلتها في العلم و المعرفة.

[69] (و يظهر) من الفاضل الدربندي و غيره: انها كانت تعلم علم المنايا و البلايا كجملة من أصحاب أميرالمؤمنين عليه السلام، منهم ميثم التمار، و رشيد الهجري، و غيرهما، بل جزم في أسراره أنها صلوات الله عليها أفضل من مريم ابنة عمران و آسية بنت مزاحم و غيرهما من فضليات النساء، و ذكر قدس سره عند كلام السجاد عليه السلام لها عليهاالسلام: «يا عمة! أنت بحمدالله عالمة غير معلمة و فهمة غير مفهمة»؛ ان هذا الكلام حجة علي أن زينب بنت أميرالمؤمنين عليه السلام كانت محدثة أي ملهمة، و أن علمها كان من العلوم اللدنية و الآثار الباطنية [70] ؛ (و من نظر) في أسرار الشهادة رأي فيه من الاستنباطات و التحقيقات في حق زينب صلوات الله عليها ما هو أكثر مما ذكرناه.

فصاحتها و بلاغتها و شجاعتها الأدبية: الفصاحة هي الأبانة و الظهور يقال: كاتب فصيح و شاعر فصيح. و البلاغة هي الوصول و الانتهاء يقال كلام بليغ و انسان بليغ و يجمعهما حسن الكلام (قال أبوهلال العسكري): انما يحسن الكلام بسلاسته و سهولته، و تخير لفظه، و اصابة معناه، وجودة مطالعه، و لين مقاطعه و استواء تقاسيمه، و تعادل أطرافه، و تشبه أعجازه بهواديه، و موافقة مآخره لمباديه فتجد المنظوم مثل المنثور، في سهولة مطلعه، وجودة مقطعه و حسن رصفه و تأليفه، و كمال صوغه و تركيبه، و متي جمع الكلام بين العذوبة و الجزالة، و السهولة و الرصانة، و الرونق و الطلاوة، و سلم من حيف التأليف و بعد من سماجة التركيب، ورد علي الفهم الثاقب فقبله و لم يرده، و علي السمع المصيب فاستوعبه و لم يمجه، و النفس تقبل اللطيف، و تنبو عن الغليظ، و الفهم يأنس بالمعروف، و يسكن الي المألوف، و يصغي الي الصواب، و يهرب من المحال، و ليس الشأن في ايراد المعاني، فالمعاني يعرفها العربي و العجمي، و القروي و البدوي، و انما هو جودة اللفظ و صفاؤه، و حسنه و بهاؤه و نزاهته و نقاؤه، و ليس يطلب من المعني الا أن يكون


صوابا مستقيما أما اللفظ فلا يقنع به قانع حتي يكون علي ما وصفناه (قلت) و هذا الذي ذكره لا ينطبق كل الانطباق الا علي كلام سيد الفصحاء، و امام البلغاء، أميرالمؤمنين عليه السلام، الذي قيل فيه: كلامه فوق كلام المخلوق و دون كلام الخالق، و شاهدي علي ما أقول هو كتاب نهج البلاغة الذي جمعه الشريف الرضي رضي الله عنه من كلامه عليه السلام و يعجبني أن أنقل كلمة العلامة الشيخ محمد عبده فيه فانها كلمة ثمينة لا يمكنني الاعراض عنها (قال): أوفي لي حكم القدر بالاطلاع علي كتاب نهج البلاغة صدفة بلا تعمل، أصبته علي تغير حال، و تبلبل بال، و تزاحم أشغال، و عطلة من أعمال، فحسبته تسلية، و حيلة للتخلية، فتصفحت بعض صفحاته، و تأملت جملا من عباراته، من مواضع مختلفات، و مواضيع متفرقات، و كان يخيل لي في كل مقام أن حروبا شبت، و غارات شنت، و أن للبلاغة دولة، و للفصاحة صولة، و أن للأوهام عرامة، و للريب دعارة، و أن جحافل الخطابة و كتائب الذرابة في عقود النظام، و صفوف الانتظام، تنافح بالصفيح الأبلج، و القويم الأملج، و تملج المهج، بروائع الحجج، و تفل ذعارة الوساوس، و تصيب مقاتل الخوانس، فما أنا الا و الحق منتصر، و الباطل منكسر، و مرج الشك في خمود و هرج الريب في ركود، و ان مدير تلك الدولة، و باسل تلك الصولة، هو حامل لوائها الغالب، أميرالمؤمنين علي ابن أبي طالب، بل كنت كلما انتقلت من موضع الي موضع، أحس بتغير المشاهد، و تحول المعاهد، فتارة كنت أجدني في عالم يغمره من المعاني أرواح عالية، في حلل من العبارات الزاهية تطوف علي النفوس الزاكية، و تدنو من القلوب الصافية توحي اليها رشادها و تقوم منها منآدها، و تنفر بها عن مداحض المزال، الي جواد الفضل و الكمال، و طورا كانت تنكشف لي الجمل عن وجوه باسرة، و أنياب كاشرة، و أرواح في أشباح النمور، و مخالب النسور، و قد تحفزت للوثاب، ثم انقضت للاختلاب، فخلبت القلوب عن هواها، و أخذت الخواطر دون مرماها، و اغتالت فاسد الأهواء و باطل الآراء، و أحيانا كنت أشهد أن عقلا نورانيا، لا يشبه خلقا جسدانيا، فصل عن الموكب الالهي و اتصل بالروح الانساني فخلعه من غاشيات الطبيعة، و سما به الي الملكوت الأعلي، و نما به الي مشهد النور الأجلي، و سكن به الي عمار جانب التقديس، بعد استخلاصه من شوائب


التلبيس، و آنات كأني أسمع خطيب الحكمة ينادي باعلياء الكلمة، و أولياء أمر الأمة، يعرفهم مواقع الصواب و يبصرهم مواضع الارتياب، و يحذرهم مزالق الاضطراب و يرشدهم الي دقائق السياسة، و يهديهم طريق الكياسة، و يرتفع بهم الي منصات الرياسة، و يصعدهم شرف التدبير، و يشرف بهم علي حسن المصير (ا ه).

(اذا عرفت) هذه المقدمات فاعلم ان هذه الفصاحة العلوية و البلاغة المرتضوية، قد ورثتها هذه المخدرة الكريمة، بشهادة العرب أهل البلاغة و الفصاحة أنفسهم، فقد تواترت الروايات عن العلماء و أرباب الحديث بأسانيدهم عن حذلم بن كثير [71] [...]

و من بلاغتها و شجاعتها الأدبية ما ظهر عليهاالسلام في مجلس ابن زياد [72] [...]

(أقول): ان بلاغة زينب عليهاالسلام و شجاعتها الأدبية ليس من الأمور الخفية و قد اعترف بها كل من كتب في وقعة كربلاء، و نوه بجلالتها أكثر أرباب التاريخ، و لعمري أن من كان أبوها علي بن أبي طالب الذي ملأت خطبه العالم، و تصدي لجمعها و تدوينها أكابر العلماء و أمها فاطمة الزهراء صاحبة خطبة فدك الكبري، و صاحبة الخطبة الصغري التي ألقتها علي مسامع نساء قريش و نقلها النساء لرجالهن، نعم ان من كانت كذلك فحرية بأن تكون بهذه الفصاحة و البلاغة، و أن تكون لها هذه الشجاعة الأدبية، و الجسارة العلوية، و يزيد الطاغية يوم ذاك هو السلطان الأعظم و الخليفة الظاهري علي عامة بلاد الاسلام تؤدي له الجزية الفرق المختلفة و الأمم المتباينة في مجلسه الذي أظهر فيه أبهة الملك و ملأه بهيبة السلطان، و قد جردت علي رأسه السيوف، و اصطفت حوله الجلاوزة و هو و أتباعه علي كراسي الذهب و الفضة، و تحت أرجلهم الفرش من الديباج و الحرير، و هي صلوات الله عليها في ذلة الأسر دامية القلب باكية الطرف، حري الفؤاد، من تلك الذكريات المؤلمة و الكوارث القاتلة، قد أحاط بها أعداؤها من كل جهة و دار عليها حسادها من كل صوب، و مع ذلك كله ترمز للحق بالحق، و للفضيلة بالفضيلة فتقول ليزيد غير مكترثة بهيبة ملكه، و لا معتنية بأبهة سلطانه: «أمن العدل يابن الطلقاء؟» و تقول له أيضا:


«و لئن جرت علي الدواهي مخاطبتك اني لأستصغر قدرك و أستعظم تقريعك و أستكثر توبيخك»، فهذا الموقف الرهيب الذي وقفت به هذه السيدة الطاهرة مثل الحق تمثيلا و أضاء الي الحقيقة لطلابها سبيلا، و أفحمت يزيد و من حواه مجلسه المشؤوم بذلك الأسلوب العالي من البلاغة، و أبهتت العارفين منهم بما أخذت به مجامع قلوبهم من الفصاحة، فخرست الألسن، و كمت الأفواه، و صمت الآذان و كهربت تلك النفس النورانية القاهرة منها عليهاالسلام تلك النفوس الخبيثة الرذيلة من يزيد و أتباعه بكهرباء الحق و الفضيلة حتي بلغ به الحال أنه صبر علي تكفيره و تكفير أتباعه و لم يتمكن من أن ينبس ببنت شفة، يقطع كلامها أو يمنعها من الاستمرار في خطابتها، و هذا هو التصرف الذي يتصرف به أرباب الولاية متي شاؤوا و أرادوا بمعونة الباري تعالي لهم و اعطائهم القدرة علي ذلك، و ما أبدع ما قاله الشاعر المفلق الجليل السيد مهدي ابن السيد داود الحلي عم الشاعر الشهير السيد حيدر الحلي رحمهما الله في وصف فصاحتها و بلاغتها من قصيدة:



قد أسروا من خصها بأية ال

تطهير رب العرش في كتابه



ان ألبست في الأسر ثوب ذلة

تجملت للعز في أثوابه



ما خطبت الا رأوا لسانها

أمضي من الصمصام في خطابه



و جلببت في أسرها آسرها

عارا رأي الصغار في جلبابه



و الفصحاء شاهدوا كلامها

مقال خير الرسل في صوابه



زهدها في الدنيا و نعيمها و قناعتها: الزهد في الشي ء خلاف الرغبة فيه، و زهد الانسان في الشي ء أي تركه فهو زاهد. (قال الصدوق رحمه الله) في معاني الأخبار: الزاهد من يحب ما يحب خالقه و يبغض ما يبغضه خالقه و يتحرج من حلال الدنيا و لا يلتفت الي حرامها. (و قال بعض الأعلام): الزهد يحصل بترك ثلاثة أشياء، ترك الزينة، و ترك الهوي، و ترك الدنيا، فالزاء علامة الأول، و الهاء علامة الثاني، و الدال علامة الثالث، و القناعة الرضا بالقسمة فهي تلازم الزهد دائما أو هما واحد بلسان الأخبار.


الزهد من أعلي مقامات السالكين، و من أظهر صفات الأنبياء و المرسلين و عباد الله الصالحين، به ينال الانسان الدرجات الرفيعة و به يصل الي المراتب العالية. (و قد جاء) عن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم أنه قال: «من أراد يؤتيه الله علما بغير تعلم، و هدي بغير هداية فليزهد في الدنيا». (و عنه) صلي الله عليه و آله و سلم: «من زهد في الدنيا أدخل الله الحكمة في قلبه، فأنطق بها لسانه و عرفه داء الدنيا و دواءها، و أخرجه منها سالما الي دار السلام». و عنه صلي الله عليه و آله و سلم: «ازهد في الدنيا يحبك الله و ازهد فيما بأيدي الناس يحبك الناس». و عنه صلي الله عليه و آله و سلم: «اذا أراد الله بعبد خيرا زهده في الدنيا، و فقهه في الدين، و بصره عيوبها، و من أوتيهن فقد أوتي خير الدنيا و الآخرة»، فالزهد من الصفات الكريمة التي خص الله بها المخلصين من عباده، و جعلها سببا للتقرب الي حوزة قدسه، و لذلك كان نبينا الهادي و الأئمة المعصومون من أهل بيته عليهم السلام علي جانب عظيم من هذه الصفة الحميدة، أما النبي صلي الله عليه و آله و سلم فقد أتاه جبرئيل عليه السلام بمفاتيح كنوز الدنيا و قال له: خذها و لا ينقص من حظك عند ربك شي ء، فردها اليه و رفع رأسه الي السماء فقال: «لا، يا رب! ولكن أجوع يوما و أشبع يوما، فأما اليوم الذي أجوع فيه فأتضرع اليك و أدعوك، و أما اليوم الذي أشبع فيه فأحمدك و أثني عليك»، و بلغ من زهده صلي الله عليه و آله و سلم أنه كان يشد حجر المجاعة علي بطنه.

(و أما) أميرالمؤمنين عليه السلام فكان و هو خليفة المسلمين يرقع مدرعته عند الخياط حتي أحصي فيها سبعين رقعة، و قد قال عليه السلام: و الله لقد رقعت مدرعتي هذه حتي استحييت من راقعها، و لقد قال لي قائل: ألا تنبذها؟ فقلت: اعزب عني فعند الصباح يحمد القوم السري (و دخل) عليه سويد بن غفلة بعد ما بويع بالخلافة فوجده جالسا علي حصير صغير ليس في البيت غيره، فقال: يا أميرالمؤمنين! بيدك بيت المال و لا أري في بيتك شيئا، فقال: يا ابن غفلة! ان البيت لا يتأثث في دار النقلة و لنا دار أمن نقلنا خير متاعنا اليها و انا عن قليل اليها صائرون.

(و أما) الزهراء عليهاالسلام فكان فراشها حصيرا افترش من سعف النخل، و جلد شاة، و كانت تلبس الكساء من صوف الابل و تطحن بيدها الشعير و تعجن و تخبز، و هكذا كان زهد الذرية الطاهرة. (أما) زينب عليهاالسلام فقد كانت في بيت زوجها عبدالله بن جعفر الجواد


و هو من علمت في ثروته و يساره و كثرة أمواله و خدمه و حشمه يوم ذاك، و كانت تخدمها العبيد و الاماء و الأحرار، و يطوف حول بيتها الهلاك من ذوي الحوائج، و طالبي الاستجداء، و كان بيتها الرفيع و حرمها المنيع لا يضاهيه في العز و الشرف و بعد الصيت الا بيوت الخلفاء و الملوك، فتركت ذلك كله لوجه الله، و انقطعت عن علائق الدنيا بأسرها في سبيل الله، و أعرضت عن زهرة الحياة من المال و البيت و الزوج و الولد و الخدم و الحشم، و صحبت أخاها الحسين عليه السلام ناصرة لدين الله، و باذلة للنفس و النفيس لامامها ابن بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم مع علمها بجميع ما جري عليها من المصائب و النوائب كما سمعته في حديث أم أيمن مؤثرة الآخرة علي الدنيا الآخرة خير و أبقي. و من زهدها عليهاالسلام بالدنيا و عدم ركونها الي نعيمها هو ما رواه البكري و غيره أن يزيد بن معاوية لعنه الله لما عزم علي ارجاع سبايا النبوة من الشام الي المدينة بعد أن أحس بغضب الرأي العام عليه في قتله الحسين عليه السلام، و سبيه بنات رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يطاف بهن من بلد الي بلد، خاف عاقبة أمره و أظهر أن هذه الأعمال لم تكن برضا منه، و صار يلعن عبيدالله بن زياد علي رؤوس الأشهاد. و من جملة أعماله التي كان يراها بزعمه تبرئ أفعاله أنه صب الأموال العظيمة علي الأنطاع، و أحضر أهل بيت النبوة و قال لزينب: يا أم كلثوم! خذي هذه الأموال عوضا عن الحسين و احسبي كأن قد مات، فقالت: يا يزيد! ما أقسي قلبك تقتل أخي و تعطيني المال، و الله لا كان ذلك أبدا، و خرجت مع أهل بيتها، و لم تقبل منه شيئا، و قد رد عليهن بعض ما كان أخذ منهن، و في ذلك مغزل فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و مقنعتها و قلادتها و قميصها عليهاالسلام (و هذه الرواية) رويت عن أبي مخنف أيضا بتغيير يسير.

[73] و من زهدها ما روي عن السجاد عليه السلام من أنها صلوات الله عليها ما ادخرت شيئا من يومها لغدها أبدا [74] . (و روي) المجلسي و غيره: أن الرسول الذي ساير أهل البيت في طريقهم من الشام الي المدينة كان قد أحسن صحبته لهم و لما قربوا من المدينة قالت فاطمة بنت أميرالمؤمنين عليهاالسلام لأختها زينب: قد وجب علينا حق هذا لحسن صحبته لنا فهل لك أن تصليه، قالت: و الله ما لنا ما نصله به الا أن نعطيه حلينا، قالت فاطمة:


فأخذت سواري و دملجي و سوار أختي و دملجها، فبعثنا به اليه و اعتذرنا من قلتها، و قلنا: هذا بعض جزائك لحسن صحبتك ايانا، فقال: لو كان الذي صنعت للدنيا كان في دون هذا رضاي ولكن و الله ما فعلته الا لله و قرابتكم من رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم. (أقول): و من هذه القصة يعرف المتأمل الكرم الجبلي الذي تلبس به أهل البيت عليهم السلام و الزهد الفطري الذي لازمهم، لأن تلك الحلي التي أكرمت بها زينب و أختها هذا الرجل هو جميع ما كان لهما من متاع الدنيا، و ذلك لكونهما لم يحصلا علي غيرها من أموالهما المنهوبة يوم الطف، و هذا نهاية الكرم و غاية الزهد.

عبادتها و انقطاعها الي الله تعالي: العبادة من العبودية و هي غاية الخضوع و التذلل. و لذلك كانت لله تعالي و لا تحسن لغيره لأنه جل و علا ولي كل نعمة، و غاية كل رغبة، و أكثر الناس عبادة هو أعرفهم بالله عزوجل كالأنبياء و الأئمة صلوات الله عليهم و كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يصلي الليل كله. و لقد قام صلي الله عليه و آله و سلم عشر سنين علي أطراف أصابعه حتي تورمت قدماه، و اصفر وجهه، فأنزل الله عليه: (طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقي) فقال صلي الله عليه و آله و سلم: أو لا أكون عبدا شكورا. و كان أميرالمؤمنين عليه السلام يصلي كل يوم و ليلة ألف ركعة، و لم يترك النافلة حتي في الحروب كما روي عنه ذلك في صلواته ليلة الهرير بصفين، و كذلك كانت الصديقة الكبري فاطمة الزهراء صلوات الله عليها تصلي عامة الليل، فاذا اتضح عمود الصبح أخذت تدعو للمؤمنين و المؤمنات، و كان الأئمة من ولدها صلي الله عليه و آله و سلم يضرب بهم المثل في العبادة.

[75] [76] (أما زينب) صلوات الله عليها فلقد كانت في عبادتها ثانية أمها الزهراء عليهاالسلام، و كانت تقضي عامة لياليها بالتهجد و تلاوة القرآن. قال بعض ذوي الفضل: انها صلوات الله عليها ما تركت تهجدها لله تعالي طول دهرها حتي ليلة الحادي عشر من المحرم [77] . (قال) و روي عن زين العابدين عليه السلام أنه قال: رأيتها تلك الليلة تصلي من جلوس، و عن الفاضل


القائيني البيرجندي عن بعض المقاتل المعتبرة عن مولانا السجاد عليه السلام أنه [78] قال: ان عمتي زينب مع تلك المصائب و المحن النازلة بها في طريقنا الي الشام ما تركت نوافلها الليلية [79] ، عن الفاضل المذكور أن الحسين عليه السلام لما ودع أخته زينب عليهاالسلام و داعه الأخير قال لها: يا أختاه! لا تنسيني في نافلة الليل، و هذا الخبر رواه هذا الفاضل عن بعض المقاتل المعتبرة أيضا.

و في مثير الأحزان للعلامة الشيخ شريف الجواهري قدس سره قالت فاطمة بنت الحسين عليه السلام: و أما عمتي زينب فانها لم تزل قائمة في تلك الليلة (أي العاشرة من المحرم) في محرابها تستغيث الي ربها فما هدأت لنا عين، و لا سكنت لنا رنة. (و روي) بعض المتتبعين عن [80] الامام زين العابدين عليه السلام: أنه قال: ان عمتي زينب كانت تؤدي صلواتها من قيام الفرائض و النوافل عند سير القوم بنا من الكوفة الي الشام، و في بعض المنازل كانت تصلي من جلوس، فسألتها عن سبب ذلك فقالت: أصلي من جلوس لشدة الجوع و الضعف منذ ثلاث ليال، لأنها كانت تقسم ما يصيبها من الطعام علي الأطفال، لأن القوم كانوا يدفعون لكل واحد منا رغيفا واحدا من الخبز في اليوم و الليلة [81] [82] .

(أقول): فاذا تأمل المتأمل الي ما كانت عليه هذه الطاهرة من العبادة لله تعالي و الانقطاع اليه لم يشك في عصمتها صلوات الله عليها، و انها [83] كانت من القانتات اللواتي وقفن حركاتهن و سكناتهن و أنفاسهن للباري تعالي، و بذلك حصلن علي المنازل الرفيعة، و الدرجات العالية التي حكت برفعتها منازل المرسلين، و درجات الأوصياء عليهم الصلاة و السلام [84] .

صبرها و تحملها المشاق و تسليمها لأمر الله: الصبر الممدوح حبس النفس علي تحمل المشاق تسليما لأمر الله تعالي كحبسها عن الجزع و الهلع عند المصاب و فقد الأحبة و حبسها عن الشهوات نزولا علي حكم الشريعة و حبسها علي مشقة الطاعة تزلفا الي


المبدأ الأعلي، و هو من أفضل الأعمال و من أشرف الخصال الانسانية، و انما يكون من قوة الايمان و الثبات علي المبدأ الحق، كما ان الجزع و الهلع و التكاسل عن العبادات تنبعث عن ضؤلة الايمان، و ضعف اليقين، و قد مدح الله تعالي الصابرين في كتابه الكريم، فقال عزوجل: (و بشر المخبتين الذين اذا ذكر الله و جلت قلوبهم و الصابرين علي ما أصابهم و المقيمي الصلاة و مما رزقناهم ينفقون) و قال تعالي: (و الذين صبروا ابتغاء وجه ربهم و أقاموا الصلاة و أنفقوا مما رزقناهم سرا و علانية و يدرؤن بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبي الدار) و قال تعالي: (و الصابرين في البأساء و الضراء و حين البأس أولئك الذين صدقوا و أولئك هم المتقون) و الآيات كثيرة في الصبر و الأحاديث أكثر، قال النبي صلي الله عليه و آله و سلم: «الايمان شطران: شطر صبر، و شطر شكر»، و قال صلي الله عليه و آله و سلم: «جائني جبرئيل عليه السلام فقال: يا رسول الله! ان الله أرسلني اليك بهدية لم يعطها أحدا قبلك، فقلت: ما هي؟ قال: الصبر، قلت: فما تفسير الصبر؟ قال: يصبر في الضراء كما يصبر في السراء، و في الفاقة كما يصبر في الغني، و في البلاء كما يصبر في العافية، فلا يشكو حاله عند المخلوق بما يصيبه»، و قال صلي الله عليه و آله و سلم: «ما من مسلم يصاب بمصيبة و ان قدم عهدها فأحدث لها استرجاعا (أي يقول: انا لله و انا اليه راجعون) الا أحدث الله له مثل أجره يوم أصيب بها»، و لما كان الصبر بهذه المثابة عند الله كان الأقربون الي الله أكثر صبرا من غيرهم كالأنبياء و أوصيائهم ثم الأمثل فالأمثل. و هذه الصديقة الطاهرة قد رأت من المصائب و النوائب ما لو نزلت علي الجبال الراسيات لا نفسخت و اندكت جوانبها، لكنها في كل ذلك كانت تصبر الصبر الجميل كما هو معلوم لكل من درس حياتها، و أول مصيبة دهمتها هو فقدها جدها النبي صلي الله عليه و آله و سلم و ما لاقي أهلها بعده من المكاره، ثم فقدها أمها الكريمة بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم بعد مرض شديد، و كدر من العيش، و الاعتكاف في بيت الأحزان، ثم فقدها أخاها المجتبي مسموما تنظر اليه و هو يتقيؤ كبده في الطست قطعة قطعة، و بعد موته ترشق جنازته بالسهام. ثم رؤيتها أخاها الحسين عليه السلام تتقاذف به البلاد حتي نزل كربلاء و هناك دهمتها الكوارث العظام من قتله عليه السلام و قتل بقية اخوتها و أولادهم و أولاد عمومتها و خواص الأمة من شيعة أبيها عطاشي، ثم المحن التي لاقتها


من هجوم أعداء الله علي رحلها و ما فعلوه، من سلب و سبي و نهب و اهانة و ضرب لكرائم النبوة و ودائع الرسالة، و تكفلها حال النساء و الأطفال في ذلة الأسر، ثم سيرها معهم من بلد الي بلد، و من منزل الي منزل، و من مجلس الي مجلس، و غير ذلك من الرزايا التي يعجز عنها البيان و يكل اللسان، و هي مع ذلك كله صابرة محتسبة و مفوضة أمرها الي الله تعالي قائمة بوظائف شاقة من مداراة العيال و مراقبة الصغار و اليتامي من أولاد اخوتها و أهل بيتها، رابطة الجأش بايمانها الثابت و عقيدتها الراسخة حتي كانت تسلي امام زمانها زين العابدين عليه السلام، أما ما كان يظهر منها بعض الأحيان من البكاء و غيره فذلك أيضا كان لطلب الثواب أو الرحمة التي أودعها الله عزوجل في المؤمنين، أما طلب الثواب فلعلمها بما أعده الله عزوجل للبكائين علي الحسين عليه السلام، قال الصادق عليه السلام: من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينه مثل جناح بعوضة غفر الله ذنوبه و لو كانت مثل زبد البحر. و عنه عليه السلام: كل الجزع و البكاء مكروه للعبد سوي الجزع و البكاء علي الحسين عليه السلام فانه فيه مأجور. و قال الباقر عليه السلام: أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين عليه السلام دمعة حتي تسيل علي خده بوأه الله بها في الجنة غرفا يسكنها أحقابا. كما أن السجاد عليه السلام كان يبكي أباه مدة حياته و هو الامام المقتدي به. (قال المجلسي رحمه الله): بعد أن ذكر كثرة بكاء السجاد علي أبيه و ذكر حكاية ملامة أحد مواليه له عليه السلام: ان بكاء المقربين بعضهم بعضا ليس لأجل المحبة البشرية بل لأغراض أخر، و هنا لما كان زين العابدين عليه السلام عالما بأحوال والده مما يخفي علي غيره، و يعلم أنه أحب الخلق الي الله و أن فقده سبب لضلالة الناس و ضياع و اندراس شريعة سيد المرسلين صلي الله عليه و آله و سلم، و ظهور البدع، بكي عليه السلام لذلك، انتهي.

(أقول): و زينب عليهاالسلام كان بكاؤها مضافا الي طلب الثواب لهذا الغرض أيضا، و أما الرحمة التي أودعها الله المؤمنين فمثل ما كان من النبي صلي الله عليه و آله و سلم علي ما رواه البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك عند ما دخل رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و ولده ابراهيم يجود بنفسه، قال: فجعلت عينا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم تذرفان، فقال له عبدالرحمان بن عوف: و أنت يا رسول الله؟ فقال: يابن عوف! انها رحمة ثم أتبعها بأخري، فقال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «ان العين


تدمع و القلب يحزن و لا نقول الا ما يرضي ربنا و انا بفراقك يا ابراهيم لمحزونون». [...]

(أقول): يكفي في علو مقام هذه الدرة المكنونة، و الجوهرة المصونة في الصبر و عظيم درجتها في التسليم لأمر الله و الرضا بقضائه ما نقله في الطراز المذهب أنها سلام الله عليها و علي جدها و أبيها و أمها و اخوانها: لما وقفت علي جسد أخيها الحسين عليه السلام قالت: اللهم تقبل منا هذا القليل من القربان، قال: فقاربت أمها في الكرامات و الصبر في النائبات، بحيث خرقت العادات و لحقت بالمعجزات، (قلت): و هذه الكلمات من هذه الحرة الطاهرة في تلك الوقفة التي رأت بها أخاها العزيز بتلك الحالة المفجعة التي كان فيها، تكشف لنا قوة ايمانها و رسوخ عقيدتها و فنائها في جنب الله تعالي، و غير ذلك مما لا يخفي علي المتأمل.

زينب و مصائب كربلاء: ان المصائب التي ألمت بالصديقة الصغري زينب الكبري ابنة علي في كربلاء مصائب متنوعة: (منها) ما رأته أول ما نزلت في كربلاء من معارضة الحر و اجبار أخيها عليه السلام علي النزول، (و منها) ما شاهدته من القلة في أصحاب أخيها و كثرة جيوش الأعداء، (و منها) ما شاهدته من تفرق من كان مع أخيها و ذهاب الأكثر ممن تبعه حين خطبهم بخطبته المشهورة بعد ما بلغه خبر قتل مسلم بن عقيل و هاني بن عروة (رضي الله عنهما) فتفرق الناس عنه يمينا و شمالا حتي لم يبق الا الذين قتلوا معه، (و منها) ما كانت تشاهده من اضطراب النساء و خوفهن حين نزلوا كربلاء، (و منها) ما شاهدته من عطشها و عطش أهل بيتها عندما منعهم القوم الماء، (و منها) ما كانت تقوم به من مداراة الأطفال و النساء و هم في صراخ و عويل من العطش، (و منها) ما كانت تنظر اليه من الانكسار في وجه أخيها عليه السلام، (و منها) حين شاهدت اخوتها و بني اخوتها و بني عمومتها و شيعة أخيها يبارزون و يقتل الواحد منهم بعد الواحد، (و منها) ما شاهدته من مقتل ولديها، (و منها) حين شاهدت أخاها الحسين عليه السلام وحيدا فريدا لا ناصر له و لا معين و قد أحاط به الأعداء من كل جانب و مكان، (و منها) حين شاهدت رأس أخيها علي الرمح دامي الوجه خضيب الشيبة، (و منها) حين ازدحم القوم علي رحل أخيها و مناديهم ينادي: احرقوا بيوت الظالمين، (و منها) حين أحرق القوم الخيام و فرت النساء و الأطفال


علي وجوههم في البيداء، (و منها) مرورها علي مصرع أخيها و رؤيتها جسده الشريف ملقي علي الأرض تسفي عليه الرياح، (و منها) لما أركبوها النياق المهزولة هي و العيال و الأطفال، (و منها) مداراتها زين العابدين عليه السلام و هو من شدة مرضه لا يطيق الركوب و قد قيدوه من تحت بطن الناقة، و هناك مصائب أخر أشدها انها كانت تنظر الي قتلة أخيها و أصحابه و هم يسرحون و يمرحون و السياط بأيديهم يضربون الأطفال و النساء و هم في غاية الشماتة بها و بأهل بيتها، (و بالجملة) فان مصائب هذه الحرة الطاهرة زادت علي مصائب أخيها الحسين الشهيد عليه السلام أضعافا مضاعفة، فانها شاركته في جميع مصائبه و انفردت عنه عليه السلام بالمصائب التي رأتها بعد قتله من النهب و السلب و الضرب و حرق الخيام و الأسر و شماتة الأعداء. (أما) القتل فان الحسين عليه السلام قتل و مضي شهيدا الي روح و ريحان و جنة و رضوان، و كانت زينب في كل لحظة من لحظاتها تقتل قتلا معنويا بين أولئك الظالمين، و تذري دماء القلب من جفونها القريحة، و نحن تحت هذا العنوان نذكر من أخبار الطف ما فيه اسم صريح لزينب عليهاالسلام، و ان كانت أم كلثوم الواردة في أكثر الموارد المراد بها هذه الطاهرة أيضا بقرينة ان بعض الرواة يذكر اسم زينب في الخبر الذي يذكره غيره باسم أم كلثوم، و لأنها هي الرئيسة المطلقة للحرم الحسيني و الكفيلة الوحيدة لعياله و أطفاله عليه السلام.

النقدي، زينب الكبري، /97 - 96، 75 - 72، 63 - 57، 50، 48 - 45، 36 - 27، 22 - 19

و قال ابن الأثير: و كانت زينب عليهاالسلام في الفصاحة و البلاغة و الزهد و العبادة و الفضيلة و الشجاعة و السخاوة أشبه الناس بأبيها و فاطمة الزهراء عليهاالسلام، و قال في شرح الخطبة: و كان بعد شهادة أخيها الحسين عليه السلام أمور أهل البيت بل جميع بني هاشم قاطبة بيدها و خطبها و مكالمتها مع عبيدالله بن زياد (لعنة الله عليه) و يزيد بن معاوية (لعنه الله) مشهورة مأثورة مذكورة في كتب المقاتل و السير و التراجم من العامة و الخاصة.

[85] أقول: لقد بينا و ذكرنا بعضا من حالاتها و فضائلها و مناقبها و علمها و كراماتها و صبرها في كتابنا الموسوم بشجرة طوبي و لا نعيدها ههنا فليراجع هناك [86] ، ثم اعلم أنه


من لدن آدم الي زماننا هذا لم يصب أحدا من النساء مثل ما أصاب الصديقة الصغري المسماة بزينب الكبري [87] الملقبة بالعقيلة [88] بنت فاطمة البتولة عليهاالسلام و لها رزايا و بلايا [89] كما أخبر بها النبي صلي الله عليه و آله و سلم منها مصيبة جدها خاتم الأنبياء، و منها مصيبة أمها فاطمة الزهراء عليهاالسلام، و منها رزايا أخيها الحسن المجتبي، و في هذه المدة كانت تذكر ما يرد علي أخيها الحسين عليه السلام، حيث أنها كانت عالمة برزايا الحسين عليه السلام، و ما يرد عليه من المحن و الشدة و البلاء كما يدل عليه خبر أم أيمن، و كم لها ليال موجعة مفجعة قاصمة الظهر، منها: ليلة وفاة جدها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و ليلة وفاة أمها فاطمة عليهاالسلام، و ليلة وفاة أبيها علي المرتضي و ليلة شهادة أخيها الحسن، و ليلة وداع المدينة مع أقربائها، و ليلة الخروج من مكة [90] ، و ليلة العاشر من المحرم مع أخيها الحسين عليه السلام، و قضايا يوم الطف من شهادة الأصحاب و الأحباب و فتيان بني هاشم و أولادها و أولاد اخوانها و بني عمومتها، و وداع أخيها الحسين عليه السلام، و مجي ء الفرس الي المخيم، و خروجها من الخيمة الي المعركة لتفقد من أخيها، و وقوفها عليه و هو مغشي عليه و الشمر جالس علي صدره، و ما جري بعد قتل أخيها الحسين عليه السلام لم تسابق القوم علي نهب بيوت آل الرسول فأخذوا ما كان في الخيام حتي أفضوا الي قرط كان في أذنها و أذن أختها أم كلثوم [91] فأخذوه و خرموا أذنها حتي كانت المرأة لتنازع ثوبها علي ظهرها حتي تغلب عليه، و مال الناس علي الورس و الحلي و الحلل و الابل فانتهبوها و أخرجوا النساء و الأطفال من الخيمة، و أشعلوا فيها النار، فخرجن حواسر مسلبات حافيات باكيات يمشين سبايا في أسر الذلة، و قلن بحق الله الا ما مررتم بنا علي مصرع الحسين عليه السلام [92] ، و ليلة الحادي عشر لما أظلم الليل و نظرت الي هؤلاء الأطفال يبكون من شدة الجوع و العطش، [93] قالت أم كلثوم: يا أختاه! ما نصنع بهذه الفتيات الضايعات و هذه الصبيان الصغار و هذه الأطفال الي غير ذلك. مما قد مر في محله و ليلة [94] ورودها مع النساء و الأطفال الي كناسة الكوفة، [95] و ليلة سكونها في حبس


عبيدالله بن زياد (لعنه الله) و لياليها في طريق الشام مع هؤلاء الأطفال، و ليلة ورودهم في الشام المشؤوم، و الليالي التي اسكنوها مع الأسراء و الأطفال في الخربة المشؤومة، لا سيما ليلة وفاة ابنة أخيها الحسين رقية. لا يكاد يتصور ما أصابها في ورودها علي ابن زياد (لعنه الله) و يزيد (لعنه الله) مع الأسراء و الأطفال و وقعت هذه البلايا [96] و لها من الحلم و العلم و الصبر و الرضا بقضاء الله و التسليم لأمر الله بحيث لا تشغلها هذه المصائب عن العبادات و ما صارت سببا لضجرتها [97] و كسالتها و كلالها [98] و ملالها عنها، و كانت في تلك المسافرة مع شدة التعب تتهجد بالنوافل و تقيم نوافل الصلاة، كما روي عن الامام زين العابدين عليه السلام: أن عمتي زينب كانت تصلي قائمة الا أنها صلت جالسة في بعض المنازل [99] و سألوها عن السبب، فقالت: ان ذلك من جهة شدة الجوع و الضعف، منذ ثلاث ليال، و كانت تقسم حصتها من الطعام علي الأطفال اذ كان الظلمة و الكفرة يعطون لكل واحد من الأسري في يوم و ليلة رغيفا من الخبز، و من المعلوم أن ذلك لا يكفيهم و كانت زينب الكبري تعطي حصتها لسائر الأطفال و تبيت جائعة، انتهي.

المازندراني، معالي السبطين، 224 - 222، 221/2 مساوي مثله الزنجاني، وسيلة الدارين، 434 - 433، 432

قال العلامة المجاهد السيد عبدالحسين شرف الدين قدس سره: فلم ير أكرم منها أخلاقا، و لا أنبل فطرة، و لا أطيب عنصرا، و لا أخلص جوهرا، الا أن يكون جدها و اللذين أولداها.

و كانت ممن لا يستفزها نزق، و لا يستخفها غضب، و لا يروع حلمها رائع؛

آية من آيات الله في ذكاء الفهم، و صفاء النفس، و لطافة الحس، و قوة الجنان، و ثبات الفؤاد، في أروع صورة من صور الشجاعة و الاباء و الترفع. [100]


قال العلامة أسد حيدر: و يرتفع صوت الفضيلة المنتصرة، فتظهر زينب ابنة علي عليهماالسلام في ميدان الجهاد بثبات قلب و رباط جأش؛

فتعلن هنا أهداف ثورة الحسين عليه السلام، و ترجع الناس ببليغ بيانها الي أيام الامام علي عليه السلام، لأنها ببلاغتها كأنها تفرغ عن لسان أبيها أميرالمؤمنين عليه السلام، كما وصفها شاهد الموقف: أنها لم تقف موقف المرأة التي استولي عليها التأثر و الحزن العميق، فيملك مشاعرها، فتكون أسيرة حزن، و حليفة ذهول، و رهينة فجيعة؛ لعظم المصاب و فداحة الرزء الذي أصابها. و اذا كان موقف زينب موقف جزع، فمن يكفل لهذه العائلة سلامتها؟ و من يرعي أطفالا صغارا لا كافل لهم سواها... فقد مثلت دور البطولة في جهادها، و ثبتت أمام المكاره ثبوت الجبل أمام العواصف، انها تحملت المصائب و النكبات طلبا لمرضاة الله، و جهادا في سبيله، و اعلاء لكلمته... [101] .

قال العلامة آية الله السيد أبوالقاسم الخوئي قدس سره: انها شريكة أخيها الحسين عليه السلام في الذب عن الاسلام و الجهاد في سبيل الله، و الدفاع عن شريعة جدها سيد المرسلين، فتراها في الفصاحة كأنها تفرغ عن لسان أبيها، و تراها في الثبات تنبئ عن ثبات أبيها، لا تخضع عند الجبابرة، و لا تخشي غير الله سبحانه، تقول حقا و صدقا، لا تحركها العواصف، و لا تزيلها القواصف.

فحقا هي أخت الحسين عليه السلام، و شريكته في سبيل عقيدته و جهاده. [102] .

و هي الصديقة الكبري، عقيلة بني هاشم، العالمة غير المعلمة، و الفهمة غير المفهمة، عاقلة، لبيبة، جزلة، و كانت في فصاحتها و زهدها و عبادتها كأبيها المرتضي و أمها الزهراء سلام الله عليهما، و امتازت بمحاسنها الكثيرة، و أوصافها الجليلة، و خصالها الحميدة، و شيمها السيعدة، و مفاخرها البارزة، و فضائلها الطاهرة.

عبادتها عليهاالسلام: عرفت زينب سلام الله عليها بكثرة العبادة و التهجد، شأنها في ذلك شأن


أبيها و أمها و جدها صلوات الله عليهم، و شأن أهل البيت جميعا عليهم السلام.

عن الامام زين العابدين عليه السلام، قال: ما رأيت عمتي تصلي الليل عن جلوس الا ليلة الحادي عشر، أي أنها سلام الله عليها، ما تركت تهجدها، و عبادتها المستحبة حتي في تلك الليلة الحزينة التي فقدت فيها كل عزيز، و لاقت ما لاقت في ذلك اليوم من مصائب.

أعلام النساء المؤمنات: و ذكر بعض أهل السير: ان العقيلة زينب سلام الله عليها كان لها مجلس خاص لتفسير القرآن الكريم تحضره النساء؛

و ليس هذا بمستكثر عليها، فقد نزل القرآن في بيتها، و أهل البيت أدري بالذي فيه، و خليق بامرأة عاشت في ظلال أصحاب الكساء، و تأدبت بآدابهم و تعلمت من علومهم، أن تكون لها هذه المنزلة السامية.

و نحن اذا تأملنا كلمة الامام زين العابدين عليه السلام لها: «أنت بحمدالله عالمة غير معلمة، و فهمة غير مفهمة»، أدركنا سمو منزلة العقيلة العلمية.

و ان لم تكن سلام الله عليها في عداد المعصومين، لأن المعصومين أربعة عشر، لكنها في درجة قريبة من العصمة، لأن من كان جدها النبي صلي الله عليه و سلم، و أبوها علي بن أبي طالب سلام الله عليه، و أمها فاطمة الزهراء سلام الله عليها، و أخواها الحسن و الحسين سلام الله عليهما، فلا شك أن تغر العلم غرا، و ما صدر منها في مأساة الطف أكبر شاهد علي علو منزلتها و سموها و قربها من العصمة.

علمها، و معرفتها بالله تعالي: كفاك في فضلها و معرفتها عليهاالسلام احتجاج الصادق عليه السلام بفعلها و عملها في حادثة الطف كما في «الجواهر» في جواز شق الثوب علي الأب و الأخ و عدمه؛

عن الصادق عليه السلام: و لقد شققن الجيوب و لطمن الخدود الفاطميات علي الحسين بن علي عليه السلام، و علي مثله تلطم الخدود و تشق الجيوب.


قال صاحب الجواهر قدس سره: اذ من المعلوم فيهن بناته و أخواته. [103] .

البحراني، العوالم (المستدرك)، 956، 955 - 954، 953، 952 - 951، 949/2 - 11

و نشأت نشأة حسنة كاملة فاضلة عالمة من شجرة أصلها ثابت و فرعها في السماء، و كانت علي جانب عظيم من الحلم و العلم و مكارم الأخلاق ذات فصاحة و بلاغة.

و قال في الطراز المذهب: هي في فضائلها و فواضلها و خصالها و جلالها و علمها و عصمتها و عفتها و نورها و ضيائها و شرفها و بهائها تالية أمها صلوات الله عليهما.

و قال بعض الأعلام: ان تهجدها لم يترك بحال في مدة عمرها حتي في الليلة الحادية عشر من المحرم مع تلك المصائب و الشدايد كما روي عن السجاد عليه السلام من أنه رآها في تلك الليلة جالسة مشغولة بالعبادة و تقدم في ص 93 من أنها سلام الله عليها في الليلة العاشرة لم تزل قائمة في محرابها تستغيث الي ربها.

الميانجي، العيون العبري، /306، 305

و يقول علماء النفس التربوي: ان الطفل بعد أن يتم الثالثة تبدأ مرحلة التوافق بينه و بين بيئته، و التمييز بين الألفاظ و المعاني، و ان نموه العقلي في هذه السن يتجه بصاحبه الي كشف ما يحيط به مما يري و يسمع، و ان هذا الكشف يترك آثارا تعمل عملها في نفس الطفل الي آخر يوم في حياته... و كانت زينب تري - في هذه المرحلة - أمها فاطمة تقم للصلاة، حتي تتورم قدماها، و تبيت علي الطوي هي و صغارها، و تطعم الطعام مسكينا و يتيما و أسيرا، و تلبس الثياب الخلقة، و تكسو الفقراء جديد الملابس...

رآها سلمان الفارسي مرة، فبكي، و قال: ان قيصر و كسري في السندس و الحرير، و ابنة محمد في ثياب بالية... و روي: أنه كان عند علي و فاطمة جلد كبش، و أن فاطمة كانت تعلف عليه البعير في النهار، فاذا كان الليل افترشته هي و علي... أما صدقها فقد نقل صاحب «الاستيعاب» ج 4 في ترجمتها عن عائشة أنها قالت: «ما رأيت أحدا أصدق لهجة من فاطمة الا أن يكون والدها» و بكلمة أن زينب رأت جدها الرسول


ممثلا في أمها فاطمة بجميع صفاته و مزاياه، و تجلت هذه الحقيقة فيما قالته، و هي ترثي والدتها. «يا أبتاه! يا رسول الله! الآن حقا فقدناك فقدا لا لقاء بعده».

و قد انعكست صفات الزهراء في نفس ابنتها زينب، و ظهرت جلية واضحة في زهدها و عبادتها و صبرها و جرأتها، قال الرواة: ان زينب بنت أميرالمؤمنين لم تدخر شيئا من يومها لغدها، و انها كانت تقضي عامة لياليها بالتهجد و تلاوة القرآن، حتي ليلة العاشر من المحرم، و هي الليلة التي قتل الحسين في صبيحتها، و ليلة الحادي عشر، حيث كان أخوها الحسين و أولاده و أصحابه صرعي مجزرين كالأضاحي، حتي في هذه الحال لم تدع صلاة الليل و التعبد و التهجد... أما صبرها و شجاعتها، فسنتكلم عنهما مفصلا في الصفحات الآتية.

مغنية، الحسين و بطلة كربلاء، /173 - 172

و كيف يصبر الامام عن جوهرته الكريمة، و قد رأي فيها مثاله و طبائعه و جميع شمائله؟... فلقد روي الرواة أنها كانت تنطق بلسان أبيها اذا تكلمت. و نقل الشيخ النقدي عن النيسابوري «أنها كانت في فصاحتها و بلاغتها، و زهدها و عبادتها كأبيها المرتضي و أمها الزهراء».

و ليست الفصاحة و البلاغة و الزهد و العبادة كل ما لعلي من أوصاف... كلا ثم كلا، ان صفات أبيها علي لا تدركها عقولنا نحن، و ما كان لأحد أن يدركها أو يحيط بها الا الأنبياء و الأوصياء، و لست أدري: هل يتطور العقل البشري في المستقبل، و يبلغ مرتبة و تؤهله لتفهم هذه الشخصية علي حقيقتها و من جميع جهاتها؟...

مغنية، الحسين و بطلة كربلاء، /184 - 183

و للسيدة زينب في طفولتها مواقف تريح النفس و تطمئن الحس و تبشر بمستقبل لها عظيم، فقد حدث ان كانت جالسة في حجر أبيها يلاطفها قائلا:

قولي: واحد.

فقالت: واحد.

قولي: اثنين... فسكتت، فقال علي بن أبي طالب:


- تكلمي يا قرة عيني.

فقالت الطاهرة:

- يا أبتاه ما أطيق أن أقول اثنين بلسان أجريته بالواحد.

و سألت أباها ذات يوم:

- أتحبنا يا أبتاه؟

فأجاب عليه السلام:

- و كيف لا أحبكم و أنتم ثمرة فؤادي.

فقالت:

- يا أبتاه! ان الحب الله تعالي، و الشفقة لنا. [104] .

محمود يوسف، من مجموعة الحسين و بطلة كربلاء، /248؛ الموسم، /942 - 941

سيدة جليلة ذات عقل راجح و رأي و فصاحة و بلاغة. [105] .

كحالة، أعلام النساء، 92/2 مساوي عنه: دخيل، أعلام النساء، /83


و تولي أبوها و جدها تربيتها و تنشئتها حتي بلغت سن التمييز، فظهرت عليها علامات النبوغ فعلمها علي عليه السلام و أحسن تعليمها و أدبها فأحسن أدبها، فنشأت متفقهة في دين الله.. تحفظ القرآن الكريم، و تروي أحاديث جدها الرسول صلي الله عليه و سلم، فكانت (رضي الله عنها) آية في العلم و الدين و حسن الخلق، و روي عنها ابن عباس كثيرا من الأحاديث النبوية الشريفة... [...]

صفاتها: كانت السيدة زينب عليهاالسلام رقيقة القلب سريعة الدمع شديدة الخوف من الله تصوم النهار و تقوم الليل... و كانت دائما تناجي الله و تدعوه سبحانه في خشوع و خضوع بدعاء رسول الله صلي الله عليه و سلم «يا من لبس العز و تردي به، و تعطف بالمجد و تحلي به أسألك بمعاقد العز من عرشك، و منتهي الرحمة من كتابك، و باسمك الأعظم و كلماتك التامات المباركات أن تصلي علي محمد و علي آل محمد الطيبين الطاهرين و أن تجمع لي خيري الدنيا و الآخرة برحمتك يا أرحم الراحمين».

توفيق علي و هبة، السيدة زينب بنت علي (من مجموعة الموسم)، /935، 934


أما قوة جنانها، فبرزت بطلة هاشمية، هزت بنبرات صوتها ذلك البلاط الأموي الغاشم الذي ألبسته عارا و شنارا، و تعرض في مجلس يزيد الخمور و هو يمتلك أزمة العرب و سلطنة البلاد، مع أبهة الملوكية، و هيبة السلطان، و تحف به الجلاوزة شاهرين سيوفهم و المجلس غاص بالرعاع و السوقة، فألجأتها الظروف أن تخطب، فانبرت خاطبة، كأنها تفرغ عن لسان أبيها الكرار، و تتدفق من بيانها سيول البلاغة و الفصاحة، تمثل الحق تمثيلا، و لا يرهبها سطوة خصومها، فامتلكت مشاعرهم بدوافع حججها، و قوامع براهينها، كأنها ألقمتهم حجرا، و كهربتهم بنبرات صوتها، كأنه الصوت الالهي الهابط من علياء السماء، فألبستهم لؤما و شقاء؛ أما حديث علمها، فحسبها أنها استقلت زعامة الدين بعد شهادة الحسين عليه السلام، و بقيت مرجعا للشيعة ردحا من الزمن حتي برئ الامام علي بن الحسين، و ما أسماها من وظيفة وظفها أخوها، و أكرم بعالمة غير معلمة استقلت بها، و حق لمثل حبر الأمة عبدالله بن عباس أن يذكرها بقوله «عقيلتنا زينب بنت علي».

السابقي، مرقد العقيلة زينب، /21

و يروي ابن عباس عنها و يقول قالت: عقيلتنا زينب.

و روي أنها كانت لا تدخر شيئا من يومها لغدها.

و روي عن السجاد عليه السلام: «انها كانت تقسم نصيبها من الطعام - في الأسر - علي الأطفال، لأن القوم كانوا يدفعون لكل واحد منا رغيفا واحدا من الخبز في اليوم و الليلة».

و روي عن الامام السجاد عليه السلام: «ان عمتي زينب كانت تؤدي صلاتها الفرائض من قيام عند سير القوم بنا من الكوفة الي الشام، و في بعض المنازل كانت تصلي من جلوس، فسألتها عن سبب ذلك، فقالت: أصلي من جلوس لشدة الجوع و الضعف منذ ثلاث ليال».

كانت تقضي عامة لياليها بالتهجد و تلاوة القرآن حتي ليلة العاشر و الحادي عشر من المحرم.

يقول الامام السجاد عليه السلام: «ان عمتي زينب، مع تلك المصائب و المحن النازلة بها في


طريقنا الي الشام، ما تركت نوافلها الليلية».

لقد كان النبي صلي الله عليه و آله و سلم لا يشغله عن بيت فاطمة عليهاالسلام شاغل، و لا ينساه في ليله و نهاره، و كلما دخل يقبل من فيه من أحفاده، و يشمهم و يبتسم لهم، في ذلك البيت ولدت الحوراء ورأت جدها المصطفي متمثلا في أمها فاطمة بجميع صفاته و مزاياه.

و لقد انعكست صفات فاطمة و مزاياها في نفس ابنتها العقيلة زينب، و ظهرت واضحة جلية في زهدها و عبادتها و صبرها في الشدائد.

حتي أنها في ليلة الحادي عشر من المحرم، و هي تتلوي من آلام تلك المجزرة الرهيبة، و اخوتها صرعي مجزرين كالأضاحي، لم تدع صلاة الليل و تلاوة القرآن.

لقد عاشت زينب مع جدها المصطفي خمس سنين، و بقيت مع أمها ستة سنوات الا أشهرا، و في هذه المرحلة كانت تري أمها و هي تقوم الي الصلاة و العبادة، و ربما انقضي الشطر الأكبر من الليل و بقيت جائعة و تعطي طعامها للفقراء و المساكين.

و لا شك في أن تلك الصور التي كانت تشاهدها الحوراء في سن الطفولة قد انعكست في نفسها و رافقتها حتي النفس الأخير من حياتها، لأن مشاهدات الأطفال دائما ما تبقي عالقة في أذهانهم، و تترك آثارا علي حياتهم، و تظل معهم ما داموا في الحياة.

ثم أن السيدة زينب قد عاشت برعاية أبيها أميرالمؤمنين عليه السلام بعد وفاة أمها فاطمة الزهراء، و تولت حضانتها مع الحسن و الحسين و أم كلثوم امرأة من كرام النساء و أفاضلهن، و هي أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و قد كان تزوجها أميرالمؤمنين عليه السلام بعد وفاة الصديقة الزهراء بوصية منها.

قالت: أوصيك يا ابن العم أن تتزوج بعد وفاتي من أمامة بنت أختي، فانها ستكون لولدي مثلي.

و فعلا فلقد كانت أمامة كما كانت ترجوه فاطمة عليهاالسلام.

و ظلت العقيلة زينب في هذا البيت الكريم في رعاية أبيها و أخويها و خالتها - أمامة -، و زوجة أبيها أسماء بنت عميس التي لم تكن أقل عطفا و حنوا علي أولاد فاطمة من أمها.


«و قد روي الرواة أن امرأة أصلها من الهند تسمي فضة، كانت تختلف و تتردد الي بيت فاطمة، تعينها علي بعض الأعمال البيتية، و أنها أصبحت بعد ذلك من القانتات الصالحات، فكيف بمن كان من هذا البيت في الصميم؟... و مما يحكي عن فضة هذه أنها بقيت بعد سيدتها فاطمة عشرين عاما لا تتكلم الا بالقرآن» [106] .

دخل النبي محمد صلي الله عليه و آله و سلم ذات يوم منزل علي و فاطمة، فأخذ الحسن و حمله، فأخذ علي الحسين و حمله، فأخذت فاطمة زينب و حملتها.

ذات يوم جاءت السيدة زينب الي أبيها، و هي في طفولتها، لتقدم السؤال الذي يختلج قلب كل الأطفال: فقالت: أتحبنا يا أبتاه؟

فأجاب علي عليه السلام: و كيف لا أحبكم و أنتم ثمرة فؤادي.

فقالت: يا أبتاه، ان الحب لله تعالي، و الشفقة لنا.

كانت السيدة زينب صغيرة و الايمان يتشعشع من جوانبها، ففي ذات يوم كانت جالسة في حجر أبيها، و هو يلاطفها قائلا: قولي: واحد. فقالت: واحد.

قولي: اثنين... فسكتت، فقال أبوها علي عليه السلام: تكلمي يا قرة عيني.

فقالت: يا أبتاه ما أطيق أن أقول اثنين بلسان أجريته بالواحد.

الصادق، زينب وليدة النبوة و الامامة، 44 - 41، 14/3

و لها كلام ليزيد و عبيدالله بن زياد، يدل علي بلاغة و علم و عقل و رباطة جأش و قوة جنان، و لا غرو فالثمرة من الشجرة، صلوات الله و سلامه علي آبائها و عليها.

مجد الدين اليمني، لوامع الأنوار، 201/3

و من فضلها و شرفها، أن الخمسة أهل العبا، عليهم سلام الله، كانوا يحبونها حبا جما، حتي ورد في بعض الأخبار أن الحسين عليه السلام كان اذا زارته زينب يقول اجلالا لها، و كان يجلسها بمكانه.


عبادتها: قلنا أن السيدة زينب بنت الامام علي عليه السلام كانت تشبه أباها عليا و أمها الزهراء بالعبادة. كانت تؤدي النوافل كاملة، في كل أوقاتها، حتي أن الحسين عليه السلام عندما أوصاها ليلة العاشر من المحرم، فمن جملة وصاياه، أن قال لها: أختاه يا زينب! و أوصيك أن لا تنسيني في نافلة الليل، كما ذكر ذلك الفاضل البيرجندي، و هو مدون في كتب السير و المقاتل.

و لم تغفل عن نافلة الليل قط، حتي ليلة العاشر من المحرم؛ فقد جاءت الرواية عن فاطمة بنت الحسين عليه السلام قالت: أما عمتي زينب، فانها لم تزل قائمة في تلك الليلة - أي ليلة عاشوراء - في محرابها تستغيث الي ربها، و النساء ما هدأت لهن عين، و لا سكنت لهن رنة.

الهاشمي، عقيلة بني هاشم، /14 - 13، 12

و سيدتنا الطاهرة الكريمة زينب الامام علي عليهماالسلام، هي ممن اختصهم الله بمحبته، و جعلهم من أهل ولايته، ففتح لها الباب و كشف عنها الحجاب، فشهدت أسرار ذاته، و لم يحجبها عنه آثار قدرته، فعرجت روحها من عالم الأشباح الي عالم الأرواح، و من عالم الملك الي عالم الملكوت، حتي اتستعت عليها دائرة أرزاق العلوم، و فتحت لها مخازن الفهوم، فأنفقت من سعة غناها جواهر العلم المكنون، و من مخازن كنوزها يواقيت السر المصون، فاتسع لها ميدان المجال، و ركبت أجياد البلاغة، و فصاحة المقال.

و صدق سيدنا علي بن الامام الحسين عليهماالسلام، اذ يقول مخاطبا لها: «أنت بحمدالله عالمة غير معلمة، و فهمة غير مفهمة».

و حقا أنها كذلك، و لعل سر ذلك، أو سبب هذا:

1 - مراقبتها الدائمة للحق سبحانه، و تقواها الحقيقية له تعالي، و الله سبحانه و تعالي يقول في ذلك: (و اتقوا الله و يعلمكم الله و الله بكل شي ء عليم) [107] ، و يقول سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا ان تتقوا الله يجعل لكم فرقانا و يكفر عنكم سيئاتكم و يغفر لكم و الله


ذو الفضل العظيم) [108] ، فمن اتقي الله تعالي، جعل الله له مخرجا في الدنيا و الآخرة، أو جعل له نجاة و نصرا، أو جعل له فصلا بين الحق و الباطل.

و هذا يستلزم: أن من اتقي الله بفعل أوامره و ترك زواجره، وفق لمعرفة الحق من الباطل، فكان ذلك سبب نصره و نجاته و مخرجا له من أمور الدنيا و سعادته يوم القيامة، و تكفير ذنوبه و سترها عن الناس، و سببا لنيل ثواب الله الجزيل، كقوله تعالي: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و آمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته و يجعل لكم نورا تمشون به و يغفر لكم و الله غفور رحيم) [109] .

لهذا كانت عليهاالسلام، كثيرة الخلوة بربها، غارقة في سبحات مناجاتها، حتي اذا ضمها الليل، و غارت النجوم، و هدأت الأصوات، و سكنت الحركات، و نامت العيون، و أغلقت أبواب الملوك، نصبت أقدامها للعبادة، فبدأت سريعة الدمعة، كثيرة الخوف، كبيرة الرجاء، تناجي ربها و تقول: «يا من لبس العز و تردي به، و تعطف بالمجد و تحلي به، أسألك بمعاقد العز من عرشك، و منتهي الرحمة من كتابك، و باسمك الأعظم، و جدك الأعلي، و كلماتك التامات التي تمت صدقا و عدلا، أن تصلي علي محمد، و آل محمد، الطيبين الطاهرين، و أن تجمع لي خيري الدنيا و الآخرة».

2 - عمق ذكائها و سداد تفكيرها، و رجاحة عقلها، فقد كانت عليهاالسلام راجحة العقل، ثاقبة الفكر، حصيفة الرأي، تسرد قولها سردا، فكأنه عقد منظم، حتي كانت مضرب الأمثال من بين أقرانها و أترابها في الفصاحة و البلاغة و حسن البيان.

ذلك لأن الله سبحانه و تعالي منحها صفاء القريحة، و سداد الرأي، و الغوص علي أسرار الكون الذي تضل في معانيه عقول البشر، حتي كانت فوق أترابها فقها، و أدبا، و حلما، و دينا، و خلقا.

و لا غرابة في ذلك علي من كان بيت النبوة تربتها الخصبة، و سيد الخلق صلي الله عليه و سلم جدها،


موجهها و قائدها.

و ها هي بنفسها تترجم عن هذا، فتقول كما رواه ابن حميد و ابن عساكر: «و من كجدي النبي العربي، الهاشمي القرشي، الذي اصطفاه الله تعالي و اختاره، ليبين للناس طريق الحياة من خير و شر في أسلوبه العذب الجميل، و عبارته الطلية الممتعة، التي تفيض رقة و حنانا، عطفا و اشفاقا».

3 - روايتها و تلقينها عن أبيها علي عليه السلام، و عن أمها فاطمة بنت رسول الله عليهماالسلام، كما أنها روت عن أسماء بنت عميس، و عن أم سلمة، و عن أم هاني، و غيرهن من الصحابيات الفضليات.

فاذا علمت أنها لمحة الامام علي عليه السلام، و نبعة فاطمة عليهاالسلام، و أنها روت فوائد العلم عن أبيها حيدرة، كما ذكرنا، و روت عن أخويها الحسنين عليهماالسلام، و أدركت ما لها من كريم الفضل، و أسمي المنازل.

أما من كان من رواتها في العلم، و حلبة البيان ممن أسعدهم الدهر بحمل جواهرها فمنهم: محمد بن عمرو، و عطاء بن السائب، و فاطمة بنت الحسين عليهماالسلام، و عبدالله بن جعفر، و عبدالله بن عباس.

و كان للعلم مجلس طيب عظيم عندها، تنشر فيه الدروس، و تستذكر فيه المسائل، و تدرس فيه القواعد التي تزدان بها النفوس، و تطمئن اليها القلوب، و تتحلي بها الأرواح، فيرق القاسي و يهتدي العاصي.

و مما أخذته رواية عن أبيها الامام علي بن أبي طالب عليه السلام، و تلقينا منه هذا الدعاء الذي أخذه عليه السلام عن رسول الله صلي الله عليه و سلم، و الذي ورد فيه كما يقول الحميدي: ان من قرأه فرج الله هموم دنياه، و كان له نورا في أخراه و نصه:

«يا عماد من لا عماد له، و يا ذخر من لا ذخر له، و يا سند من لا سند له، و يا حرز الضعفاء، و يا كنز الفقراء، و يا سميع الدعاء، و يا مجيب المضطرين، و يا كاشف السوء، و يا عظيم الرجاء، و يا منجي الغرقي، و يا منقذ الهلكي، يا محسن، يا مجمل، يا منعم، يا


مفضل، أنت الذي سجد له سواد الليل و ضوء النهار، و شعاع الشمس، و حفيف الأشجار، و دوي الماء، يا ألله الذي لم يكن قبله قبل، و لا بعده بعد، و لا نهاية له و لا حد، و لا كفو و لا ند، بحرمة اسمك الذي في الآدميين معناه، المرتدي بالكبرياء و النور و العظمة، محقق الحقائق، و مبطل الشرك و البوائق، و بالاسم الذي تدوم به الحياة الدائمة الأزلية التي لا موت و لا فناء، و بالروح المقدسة، و بالسمع الحاضر و البصر النافذ و تاج الوقار، و خاتم النبوة و توثيق العهد، و دار الحيوان، و قصور الجمال، يا ألله لا شريك له» ا ه.

و من طريف ما يذكر عنها - كما أخرج ابن عساكر و ابن مندة، و علي ملا القارئ:

جلست زينب بنت علي بن أبي طالب يوما في طفولتها، في حجر أبيها علي عليه السلام، فأخذ يلاطفها ثم قال لها: «قولي: واحد، فقالت واحد. فقال لها: قولي اثنين، فسكتت. فقال لها: تكلمي.

فقالت: يا أبتاه! ما أطيق أن أقول اثنين بلسان أجريته بالواحد.

فضمها عليه السلام الي صدره، و قبلها بين عينيها».

و أخرج أحمد في الخماسيات، قال:

«سألت زينب بنت علي بن أبي طالب والدها علي عليه السلام، فقالت: أتحبنا يا أبتاه؟

فقال: و كيف لا أحبكم و أنتم ثمرة فؤادي!

فقالت: يا أبتاه! ان الحب لله تعالي، و الشفقة لنا».

موسي محمد علي، السيدة زينب، /71 - 67

[110] قال محمد فريد و جدي:

هي زينب بنت علي بن أبي طالب، كانت من فضليات النساء، و جليلات العقائل، كانت مع أخيها الحسين بن علي في وقعة كربلاء [111] [112] [...]


قال الدكتور علي ابراهيم حسن:

السيدة زينب هي شقيقة الحسن و الحسين عليهماالسلام... و هي أشهر نساء العرب فصاحة، و أكثرهن تعبدا، و نزلت عليها المصائب بفجيعتها في أخوتها.

و قال: فتوفيت تلك السيدة الطاهرة الذيل، النقية القلب، البليغة، الفصيحة، الشجاعة، بعد أن مرت في حياتها بأيام كلها بؤس و شقاء، شهدت خلالها مصرع من شملوها بالرعاية من الأهل و الأعزاء [113] .

قال خير الدين الزركلي: كانت ثابتة الجنان، رفيعة القدر، خطيبة، فصيحة، لها أخبار [114] ...

قال السيد عبدالحسين شرف الدين: فكانت في الهاشميات كالتي أنجبتها، تنطق الحكمة و العصمة من محاسن خلالها، و يتمثلان و ما اليهما من أخلاق في منطقها و أفعالها، فلم ير أكرم منها أخلاقا، و لا أنبل فطرة، و لا أطيب عنصرا، و لا أخلص جوهرا، الا أن يكون جدها، و اللذين أولداها، و كانت ممن لا يستفزها نزق، و لا يستخفها غضب، و لا يروع حلمها رائع.

آية من آيات الله في ذكاء الفهم، و صفاء النفس، و لطافة الحس، و قوة الجنان، و ثبات الفؤاد، في أروع صورة من صور الشجاعة و الاباء و الترفع.. الي آخره [115] .

قال أحمد الشرباصي:

فشملها بجلال النبوة، و نور الحكمة، و أرضعها لبان الاسلام، و غذاها بأكف الحق، ورثت عن أبيها البطل المغوار، و سيف الله الغالب، صفة الشجاعة و الاقدام، و الفصاحة و البلاغة... و لها من جودها و كرمها، و علمها، و فضلها، و جرأتها، و اقدامها، و نصيحتها، و بذلها، و بلاغتها، و تأثيرها، و أدبها، و فكرها، لها من كل هذا لسان صدق يرفعها الي


قمة المجد حين تتسابق الأتراب، و تتفاضل خرائد البيوتات [116] .

دخيل، أعلام النساء، /85 - 84، 83، 81، 80، 79

و ليس خطبتها في الكوفة و الشام، الا دليلا واضحا علي فضلها و قدرتها البلاغية و العلمية.

الجلالي، شرح الأخبار (الهامش)، 198/3



پاورقي

[1] النور: 36.

[2] مريم: 96.

[3] النحل: 43.

[4] الفرقان: 54.

[5] آل عمران: 103.

[6] الحاقة: 12.

[7] التحريم: 4.

[8] الرعد: 43.

[9] الصافات: 24.

[10] [السيدة زينب: و السيدة زينب کانت امرأة].

[11] [زاد في السيدة زينب: نشأت في جو طيب هيأته العناية الالهية، فتفردت بالکمال، و تحللت بشريف الخصال].

[12] در فصاحت و بلاغت و عبادت و زهد و تدبير و شجاعت شبيه پدر و مادر خود بود و بعد از شهادت حضرت امام حسين عليه‏السلام، همگي امور اهل بيت، بلکه قاطبه‏ي زمره‏ي بني‏هاشم به رأي او تمشيت مي‏يافت و خطبه‏ها و گفت و گوهاي او با ابن‏زياد و يزيد عليهما اللعنه و العذاب الشديد و غيرهما در کتاب «احتجاج» مذکور است.

مدرسي، جنات الخلود، /19

شئونات باطنيه و مقامات معنويه‏ي حضرت صديقه صغري، نايبه زهرا، امينه خدا، ناموس کبريا، اختر برج عصمت، و گوهر درج عفت و ولايت، آسيه اسوت، هاجر تبت، مريم مکرمت، سارا سيرت، صفورا صفوت، خديجه آيت، فاطمه دلالت، امينة الله العظمي، موثقة عليا، بنت المصطفي، و قرة عين المرتضي، و شقيقة الحسن المجتبي، و الحسين سيدالشهدا، عالمه غير معلمه، فهمه غير مفهمه، عارفه کامله محدثه دختر عصمت پرور بتول عذرا، جناب زينب کبري صلوات الله عليهم و عليها را هيچ کس نتواند در حيز تحرير و تقرير درآورد.

قلم نويسندگان روزگار از احصاي فضايل و مناقب آن مخدره‏ي محترمه دو جهان و محبوبه خداوند منان عاجز است؛ چنان که نوشته‏اند: «فان فضائلها و فواضلها و خصالها و جلالها و علمها و عملها و عصمتها و عفتها و نورها و ضياءها و شرفها و بهاءها تالية أمها صلوات الله عليهما».

در مراتب فصاحت و بلاغت آن حضرت تمامت فصحا و بلغا اقرار و اعتراف دارند و مراسم عصمت و عفت و عقل و دانش او از آن افزون است که در حيطه‏ي گزارش گنجايش جويد.

درجه‏ي محبت و دوستي اين حضرت عصمت آيت نسبت به برادر والا گوهرش به آن ميزان بود که به هر روز چند مرتبه خدمت حسين عليه‏السلام را دريافتي و ديده به ديدار مبارکش روشن و خاطر به حضور شرافت دستورش گلشن ساختي تا به آنجا که گفته‏اند: «در اوقاتي که اقامت نماز خواستي، از نخست، نظر به صورت آن کعبه‏ي مقصود و قبله‏ي اهل حاجت و حقيقت افکندي. آن گاه در حضرت بي‏نياز به نماز و نياز بايستادي.»

شوق اين حضرت به منقبت را در امر جهاد و تقويت دين خالق عباد از آن جا معلوم توان کرد که در خدمت برادر والا اخترش از مدينه طيبه و حرم جدش رسول خداي صلي الله عليه و آله بيرون شد و از چنان مقام امن و امان به زمين بلا آيين کربلا برفت و در روز عاشورا آن مصيبت‏ها بديد که ديد و آن بليات و رزيات کشيد که کشيد. اگر نقل پاره‏اي از آن بليات را بر اذيال راسيات و آفاق ارضين و سماوات افکندند، به جمله متلاشي شدند و اگر آتش آن صوادر (صوادر جمع صادر: حوادثي که از گردش فلک کج مدار توليد مي‏شود.) را بر بحار بي‏کران عرض دادند، بتفتيدند و اگر ملائک هفت آسمان را در معرض آن مصيبات درآوردند، تا قيام قيامت از قيام و استقامت بيفتادند و اگر شکوه بر کوه افکندي به ستوه درآوردي و اگر شعله بر فلک اخضر برآوردي، پر شرر ساختي.

محققا از آغاز خلقت تاکنون از هيچ زني از زن‏هاي انبيا و اولاد اوليا اين حلم و بردباري به ديدار نيامد؛ بلکه اغلب انبيا و اوليا را مايه‏ي حيرت شد و آن گونه شکيبايي پيشه فرمود که شکيبايي در حضرتش جز به عجز، دروايي (دروا بر وزن فردا: سرگشته و حيران و «درواي» به اضافه‏ي تحتاني هم گفته‏اند.)، بيچارگي و شکيبايي چاره‏اي نداشت و در مقام ياري دين و حمايت امام مبين به آن درجه پيوست که کمتر مساعدتش، تقديم دو فرزند سعادت آيتش به ميدان شهادت بود.

و در مقام اتحاد نفساني با حضرت سيدالشهدا به آن مقام اتصال يافت که چون سر مبارک امام عليه‏السلام را روي نيزه نگران شد و آن خون بر چهره مبارکش بديد، چنان سر مبارک را بر چوبه‏ي محمل زد که خون از زير مقنعه جاري گشت.

و در درجه‏ي جلالت مقام و قوت نفس و صدق ايمان و نهايت حلم و علم به آن رتبت پا نهاد که با اين که در مقام امام عصر حضرت علي بن الحسين عليهم‏السلام در حکم رعيت بود، چون در چهره‏ي مبارکش حالت اضطراب بديد، به نصيحت امام روزگار زبان برگشاد و حديث ام‏ايمن را که در مقام خود مسطور مي‏شود، تذکره فرمود.

و در مراتب علم و فهم و دانش و بينش آن درجه را يافت که امام روزگارش عالمه غير معلمه و فهمه غير مفهمه و عارفه کامله خواند و در توانايي حفظ اسرار و لياقت وديعت اسرار امامت به آن رتبت نايل شد که تا مدتي به سبب تقيه و جهات ديگر از جانب آن مخدره‏ي محترمه به جماعت شيعه نقل احکام و اسرار مي‏شد.

و در مقام جلالت قدر و نبالت منزلت و قرب به مقام امامت و ادراک شئونات ولايت به آن مکانت استقامت گرفت که چون حضرت سيدالشهدا را شهيد ساختند، بر آن پيکر همايون و اندام غرقه به خون نظر کرد و در حضرت خالق بي‏چون عرض کرد: «اين قليل قرباني را از آل محمد قبول فرماي.»

و اگر اين خبر مقرون به صحت باشد، از تمامت مراتب ارفع است، چه در اين مقام آن گونه کلام بر زبان مبارکش بگذشته که از لسان مبارک جناب سيدالمرسلين صلي الله عليه و آله و اميرالمؤمنين و ائمه طاهرين صلوات الله عليهم اجمعين مي‏شايد و از عرض اين کلام در حضرت ملک علام تبيين مراتب و مقامات آن مخدره محترمه سلام الله عليها مشهود مي‏شود، تا ديگران بدانند و بشناسند که دختر اميرالمؤمنين عليهماالسلام را در حضرت خداوند چه منزلت و مقام است.

و اين عليا حضرت را همان رتبت باشد که خدايش در لوح محفوظ نام نوشت و به لسان معجزنشان پيغمبرش باز کرد و مصائب و بلياتي که خاصه نفوس قدسيه اولياست بر وي مقرر گشت و آن استعداد و لياقت در وي نهاد که حملش را نيرومند گشت و «البلاء للولاء» را مصداق و با چشم و دل پذيرا شد و بر آن خوان غم و اندوه و نطع (نطع: سفره‏ي چرمين؛ ستوه: افسردگي.) آزمايش و ستوه که «اول صلابه سلسله انبيا زدند» با قلب مطمئن و صدق صفوت و محبت مبادرت گرفت و آن پيمانه غم درکشيد که بحر محيط را گنجايش نبود ([تا اينجا اين مطالب در کتاب رياحين الشريعه، 44 - 42، 40 - 39/3 تکرار شده است].) و در آن پهنه‏ي آزمايش که از آشوب روز برانگيزش نمايش داشت، گزارش گرفت و در احتمال جبال مصائب و دواهي بر آن رجال که «لا تلهيهم تجارة و لا يبع عن ذکر الله» فزايش جست و با گوهر بحر امامت موافقت کرد.

بلکه مي‏توان گفت که مصيبت و شکيبايي اين مظلومه بيرون از حضرت سيدالشهدا از تمامت شهدا و مصيبت زدگان دشت کربلا و اغلب انبيا و اوليا بر افزون است. خداي داند در اين گوهر بحر عصمت و اختر برج عفت چه وديعتي بر نهاده است که عقول مردان روزگار و اولياي کردگار را متحير ساخته و در بحار تفکر، حيرت زده و سرگشته بيفکنده است.

همانا انبياي سلف را که مقام آزمايش فرا رسيدي، به هر تن يک بليت دچار شدي؛ چنان که آدم را فراق بهشت و خليل را آتش نمرود و نوح را زحمت قوم و موسي را رنج فرعون و سليمان را آفت ديو و جرجيس را صدمت قتل و يعقوب را هجران يوسف و زکريا را زحمت آن گونه کشته شدن و عيسي را مقاسات بر دار شدن و هم چنين اغلب انبياي عظام عليهم‏السلام هر يک به يک بليت خواه شديد يا اشد دچار شدند و زنان بزرگ جهان نيز پاره‏اي به پاره‏ي بليات مثل آسيه و امثال او گرفتار شدند؛ لکن مصيبت هيچ يک هم چون مصيبت حضرت زينب خاتون نبوده و مصيبت اين مخدره بزرگ‏تر و شديدتر است.

بيان مراتب رضا و تسليم حضرت زينب کبري سلام الله عليها

معلوم باد که برترين مراتب شرف نفس نفس و قوت ايمان، رضا به قضاي يزدان و تسليم صرف و توکل کامل است تا به هر چه از جانب خداي واحد رسد، از صميم قلب رضا دهند و هر تيري از سهام حوادث بر چشم و دل منزل نهند و در همه به چشم رضا و قلب سليم و سر تسليم بنگرند و اگر نيش بارد، نوش خوانند و اگر نوش رسد، شکر نمايند.

چون در مجاري حالات حضرت عصمت صغري آن مراتب حلم و بردباري و تسليم و رضا و توکل و توسل بنگرند، معلوم مي‏شود که در مراسم توحيد و عرفان در ميادين ائمه طاهرين صلوات الله عليهم أجمعين به عرض امتحان و آزمايش نمايش و در جلوه‏گاه اولياي اله گزارش دارد و اگر جز اين بودي، در احتمال اندکي از بسيارش جان از کالبد بگذاشتي؛ چنان که از پاره‏اي کلمات و حکايات و خطب آن حضرت در موارد عديده چنان که از اين پس مذکور شود، مراتب توکل تام و کمال توحيد و مدارج عرفان و ايمان و ايقان آن حضرت معلوم خواهد شد.

هم اکنون به پاره‏اي فقرات اشارت مي‏رود:

در کتاب مجالس المتقين از مؤلفات واصل به رحمت پروردگار شهيد احد ملا محمد تقي شهيد ثالث اعلي الله مقامه مسطور است که: «عرفان مراتب توحيد حضرت زينب خاتون سلام الله عليها قريب به مقامات امامت بود.»

چنان که در آن هنگام که امام زين العابدين صلوات الله عليه را در قتلگاه نظر بر جسد انور پدر و برادران افتاد، قلب مبارکش از جا کنده شد و به حدي چهره‏ي مبارکش زرد شده بود که گفتي روح مقدسش به آشيان قدس پرواز جسته است. زينب عليهماالسلام آن حضرت را تسلي همي‏داد و همي‏گفت: «اي جان برادرزاده‏ام! آرام باش که اين عهدي است که در ازل بود و حديث ام‏ايمن را مذکور فرمود.»

و نيز در کتاب مسطور مي‏فرمايد در آن حال که حضرت زينب و عباس عليهماالسلام هر دو تن کودک بودند، يکي بر زانوي راست جناب اميرالمؤمنين عليه‏السلام و يکي بر زانوي چپ آن حضرت نشسته بودند. جناب اميرالمؤمنين با عباس فرمود: «قل واحد»؛ «بگو واحد و يکي».

عباس گفت: «يکي».

پس از آن فرمود: «بگو دو».

عباس عرض کرد: «اي پدر! شرم همي‏دارم به آن زبان که يکي را گفته‏ام، دو گويم.»

اميرالمؤمنين فرزند ارجمندش را ببوسيد و مسرور شد.

اين وقت زينب سلام الله عليها عرض کرد: «اي پدر! ما را دوست مي‏داري؟»

فرمود: «آري!»

عرض کرد: «اي پدر! دو دوستي در يکدل جمع نمي‏شود. ديگر اين که دوستي خالص خاص خداي باشد و بر ما از روي مرحمت و شفقت؛ يعني از جانب خداي پدران مأمورند به رحمت و شفقت بر اولاد.»

راقم حروف گويد: «چنان که از اغلب اخبار معلوم مي‏شود، سن مبارک حضرت ابي‏الفضل عباس سلام الله عليه در سال شهادت آن حضرت 35 سال بوده است و به اين صورت تولد همايونش در سال بيست پنجم هجري خواهد بود. حضرت زينب قريب 20 سال از حضرت ابي‏الفضل بزرگ‏تر بوده است؛ مگر اين که اين قصه در يک مجلس روي نداده باشد؛ يا حضرت زينب صغري باشد؛ و الله اعلم.»

و اين که جناب اميرالمؤمنين عليه‏السلام با فرزندان گرامي خود آن گونه سخن فرمود، براي آن است که آن طور جواب عرض کنند تا مراتب عرفان ايشان بر مردمان آشکار شود. چه ايشان چون داراي مقام و رتبت امامت و ولايت نبودند تا فضايل و مراتب و معجزات و مناقب و کرامات ايشان را مردمان کاملا بنگرند و بدانند، آن حضرت خواست تا جهانيان بدانند که ايشان را نيز چگونه مقامات عرفان و فضايل و کرامات و ايمان است.

چنان که از بعضي اخبار و آثار مشهود مي‏افتد، حضرت عصمت آيت زينب کبري سلام الله عليها بالايي بلند و به چهره‏ي نورانيش هزار ماه و خورشيد مستمند بوده‏اند. مقامات سکينه و وقارش را به خديجه کبري، عصمت و حيايش را به فاطمه زهرا، فصاحت و بلاغت و تکلمش را به علي مرتضي، حلم و بردباريش را به حسن مجتبي، و شجاعت و نيروي قلبش را به سيدالشهدا صلوات الله عليهم همانند شمرده‏اند و رسول خدايش به حضرت خديجه کبري سلام الله عليها همانند فرمود.

در مراسم عبادت و اطاعت حضرت احديت به مقامي واصل شد که قريب به رتبت امامت است. هيچ زني از زن‏هاي روزگار را پس از صديقه طاهره سلام الله عليها اين بلاغت، تقوا، فصاحت، زهد، شجاعت، قدس، بردباري، عقل، علم، فهم، ادراک، فراست، عصمت، عفت، مناعت، عبادت، قناعت، امانت، صيانت، ديانت، بضاعت، استطاعت، طاقت، عرفان، ايقان، ايمان، لياقت، توحيد و معرفت نبوده است و نخواهد بود.

و آن مخدره داراي اين گونه مقامات عاليه بود که در ادراک هر مصيبت و بليت با حضرت سيدالشهدا عليه‏السلام شرکت گرفت و از ثمره‏ي فؤاد و فرزند جگربند بگذشت و آثار اندوه در وي ظاهر نشد و آنچه آن حضرت خواست، جز آن نخواست و متابعت امام به اندازه مراتب نفوس، عقول و مدارج ايمان و دانشمندي و بصيرت است.

لا جرم، چون کسي متابعت و مطاوعت و محبت و نهايت اطاعت اين حضرت را نسبت به امام عليه‏السلام و مراسم شکيبايي بر بلايا و شکرگذاري در هر حادثه از حوادث شديده روزگار را بنگرد، معلوم تواند کرد که اين وجود مقدس را چه مراتب عاليه و مقامات است که جز از انبيا و اوليا متوقع نتوان بود (ذلک فضل الله يؤتيه من يشاء).

اين حضرت جلالت آيت را عصمة الله، أمينة الله، ولية الله و عالمه غير معلمه و فهمه غير مفهمه و محدثه و مخبره موثقه و ناموس کبريا و نائبة الزهرا خوانند. از اين عناوين و ألقاب معلوم مي‏شود که خداي تعالي اين نفس قدسي را چگونه استعدادي عطا فرموده و چگونه بضاعت و رتبتي عنايت کرده است که بتواند داراي اين مراتب باشد.

مقام اين مخدره به جايي رسيد که در کربلا نسبت به امام زين العابدين عليه‏السلام که ولي کردگار است، درجه‏ي حضرت صديقه طاهره را نسبت به امام حسين صلوات الله عليهم دريافت. حضرت سيدالشهدا در مقامات احترام اين خواهر والا اختر بسي مبالغت مي‏فرمود و از اين گوهر بحر عصمت و طهارت و رضا و تسليم در تمامت آن مصائب هر وقت سخني بر زبان بگذاشت، همه از روي شکر و رضا به قضا و تسليم به امر و اراده‏ي خداوند تعالي بود.

صاحب جنات الخلود مي‏نويسد: «زينب کبري در بلاغت و زهد و تدبير و شجاعت با پدر و مادرش همانند بود و بعد از شهادت حضرت امام حسين عليه‏السلام به تمامت امور اهل بيت، بلکه قاطبه‏ي زمره بني‏هاشم به رأي و رويت آن حضرت اصلاح پذيرفت.»

راقم حروف گويد: «همين رتبت بس عالي است که کفالت جماعتي از اهل بيت رسالت و خاندان نبوت و رياست ايشان و ديگران را آن حضرت بر عهده کفايت گرفته باشد. اين امر عظيم را سهل و آسان نتوان شمرد و اين مقام عالي را درخور هر تن نتوان دانست. در حقيقت، قريب به رتبه و مقام ولايت و امامت وصايت است و متفرعات اين اصل اصيل را دانايان خبير و بينايان بصير توانند دريافت.»

فاضل دربندي در کتاب «اسرار الشهادة» در زير خطب احتجاج حضرت امام زين العابدين و اين مخدره عليهماالسلام تحقيقات لطيفه مي‏فرمايد و از جمله مي‏نويسد: هر کس در اين خطبه حضرت زينب صديقه در مجلس يزيد عنيد و احتجاج آن حضرت و نفحات انفاس قدسيه و اطراز کلمات شريفه‏اش بنگرد، مي‏داند که علم و معرفت آن حضرت نه از نوع علوم و معارف اکتسابيه است؛ چه مانند اين احتجاج بر سبيل ارتجال بدون تقدم فکر و رويت محال است که جز از صاحب عصمت «علي نمط الاستکفاء أو من يليه» صورت وقوع يابد.

و اين نفس نورانيه قاهره اين حضرت است که بر نفس خبيثه رذيله يزيد غلبه کرد و چندان که در اين خطب مبارکه و احتجاجات شريفه با اين که بر کفر و زندقه و ساير مثالب يزيد تصريح مي‏کرد و حاضران همه نگران بودند، آن خبيث را آن امکان نبود که سخن در دهان آن حضرت بشکند و مثالب و معايب خود و پدر و جد و اتباع و اشياع ايشان را به اين وضوح نشنود و اخبار زوال ملک و شرف دودمان خود را استماع نکند.

چه مراتب طغيان و کفر و عصيان مقتضي آن بود که اگر چند بداند، اگر آن حضرت را به قتل برساند، ملکش تباه و خودش و اولادش در معرض هلاکت مي‏رسند، قصور نکند و اين سکوت و سکون را هيچ راهي جز اقتدار نفساني و روحاني دختر اميرالمؤمنين عليهماالسلام چيزي باعث نبود و چنين اقتدار و قهاريت در حقيقت از خواص و خصايص صاحب نبوت مطلقه و اصحاب ولايت مطلقه است.

و هم از عبارت امام زين العابدين عليه‏السلام در اوقاتي که در زندان شام بودند: «لم يکن فينا أحد يحسن الرطانة غيري»، در ميان ما کسي نبود که به زبان مردم روم به خوبي من آگاه باشد، باز مي‏نمايد که علم به تمامت لغات و السنه و سخن کردن به آن جمله از خواص صاحب ولايت مطلقه و عصمت است «علي نمط الاستکفاء» و نه آن است که هر کس علم او در معارف و مقامات عاليه از علوم مبدأ و معاد و علوم احوال نفس و اخلاق و امثال آن از چشمه‏سار علوم لدنيه باشد، بايد به تمامت لغات اهل دنيا و ألسنه‏ي ايشان با آن کثرت و اختلافي که از حد و حصر بيرون است، عالم باشد.

اما از اين کلام معلوم مي‏شود که حضرت زينب و ام‏کلثوم عليهماالسلام به ألسنه و لغات آگاه مي‏باشند، اما نه به آن ميزاني که امام عالم است و نيز در بيان عالمه غير معلمه و فهمه غير مفهمه مي‏فرمايد، اين عبارت حجت است در اين که زينب دختر اميرالمؤمنين عليه‏السلام محدثه، يعني ملهمه بوده و علم شريفش از نوع علوم لدنيه و آثار باطنيه است و هم در مقامي که مي‏فرمايد، جناب سلمان فارسي و امثال او رضوان الله عليهم محدث و ملهم بوده‏اند، مي‏فرمايد: «پس حضرت زينب مي‏تواند محدثه باشد؛ يعني ملک با او حديث کند و خبر گويد.»

و اين بنده قليل البضاعة عرضه مي‏دارد که بر ارباب علم و بصيرت مکشوف است که عالمه غير معلمه و فهمه غير مفهمه رتبتي است بس عالي؛ چه غير معلمه به آن معني است که داراي علم لدني باشد و فاصله و واسطه در ميان او و حق يا مظهر حق که نور مطلق و سر اول و صادر اول است، نباشد و محدثه آن است که به توسط ملک و فرشته ادراک خبر و حديثي نمايد و مقام عالمه غير معلمه تالي مقام نبوت مطلقه و ولايت مطلقه است.

پس، از آنان که اين مخدره‏ي محترمه را عالمه غير معلمه مي‏دانند، هيچ نيفتاده است که پاره‏اي تحقيقات و قياسات نمايند تا حضرت صديقه صغري را محدثه بخوانند، زيرا محدثه بودن از عالمه‏ي غير معلمه بودن خيلي فرودتر است؛ چه معني عالمه غير معلمه اين است که بدون اين که از احدي آموخته باشد، مي‏داند؛ يعني بلا واسطه از خداوند فيض‏ياب مي‏شود و محدثه يعني حديث کرده شده و آن است که او را حديث گذارند و ملهم دارند و اين به واسطه‏ي ملک است.

معلوم باد که درجات علوم نيز متفاوت است؛ نه آن است که هر کس علم لدني داشته باشد بايد با پيغمبر و امام مساوي باشد؛ بلکه علوم پيغمبر و ائمه مقامات ديگر و از ديگران درجات ديگر دارد و به علاوه اين مي‏تواند بود که در علم بلاواسطه حقيقي پيغمبر صلي الله عليه و آله اختصاص داشته باشد و از آن مقام که تنزل رفت، ديگران از آن مقام صادر اول و نور اول که مقام خاتم انبياست، مستفيض باشند و آنان که بلا واسطه از آن حضرت مستفيض شوند، عالم غير معلم، يعني داناي غير آموزنده‏اند.

و چون مظهر کل و هادي سبل و عقل اول و نور اول است، هر کس بلا واسطه از آن حضرت مستفيض شده، چنان است که از حق تعالي شده باشد؛ اما هر کس داراي اين رتبت نتواند شد که بلا واسطه از عقل کل مستفيض شود و هر نفس و روحي را اين مقام و منزلت نتواند بود؛ بلکه نفوس قدسيه و ارواح مخصوصه مي‏خواهد.

با اين تحقيق معلوم مي‏شود که دختر اميرالمؤمنين عليه‏السلام را چه رتبت و مقام و نفس و روحي است که بتواند بدون واسطه به اين مقام نائل شود.

سپهر، ناسخ التواريخ حضرت زينب کبري عليهاالسلام، 83 - 73/1

مقام و منزلت حضرت زينب خاتون و مراتب حلم و وقار و سکون و شکيبائي و دانش و بينش و جلالت، شأن دختر اميرالمؤمنين سلام الله عليه به چه اندازه است و بر چه علم واقف و بر چه امتيازات برگزيده است؛ که در مقام و موقعي امام را تسليت فرمايد و از اسرار مخرونه و کنوز مخفيه به عرض رساند. و نيز در ضمن اين حديث راندن نيروي قلب و قوت ايمان آن حضرت مشهود شود، که در آن حالت اسيري و آن گونه سواري و ديدار آن کشتگان بي‏سر و بي‏کفن مقاسات آن اندوه و محن و روانه شدن مجلس دشمن به چنين حديث طولاني سخن مي‏راند. و از اين جمله رتبه آن حضرت باز نموده مي‏شود چنان که در هنگامي که در حبس يزيد بودند، حارسان به زبان رومي گفتند: آن چه گفتند امام مي‏فرمايد در ميان ما هيچ کس چون من باين زبان و مانند من رطانت را نيکو نمي‏دانست، نمي‏فرمايد، ديگران نمي‏دانستند؛ تا باز نموده آيد که در اين قوم که دخترهاي اميرالمؤمنين و اهل بيت رسول خداي جاي دارند. نيز بر زبان رومي بلکه تمامت السنه آگاه باشند، اما بآن طور که امام آگاه است آگاه نباشند. که اين جمله را اظهار مي‏فرمايد، تا باز نمايد که من که دختر اميرالمؤمنين هستم و مقام امامت ندارم؛ بر چنين مراتب باز رسيده‏ام، پس رتبت امام عليه‏السلام معلوم است چيست؟ چنان که خود آن حضرت وقتي که در مجلس يزيد ملعون از وي سؤال مي‏شود، مي‏فرمايد: جواب با علي بن الحسين است و بس، يعني پيشوا و امام اوست؛ و نيز گاهي که حالت انقلاب و اضطرابي براي آن حضرت پديد مي‏شود.

سپهر، ناسخ التواريخ حضرت سجاد عليه‏السلام، 304 - 303/2.

[13] [الي هنا حکاه عنه في أعلام النساء].

[14] [لم يرد في العوالم].

[15] [لم يرد في العوالم].

[16] [الي هنا حکاه عنه في أعلام النساء].

[17] و در الطراز المذهب في احوال زينب سلام الله عليها تأليف ميرزا عباس قلي خان سپهر مسطور است که: زينب خاتون که در وصف او گفته‏اند: «ان فضائلها و فواضلها و خصالها و جلالها و علمها و عصمتها و عفتها و نورها و ضيائها و شرفها و بهائها تالية أمها صلوات الله عليها و أنها نائبة أمها، قريب بيست سال از ابي‏الفضل العباس بزرگ‏تر بود.»

چه اکثر روايات دلالت دارد که سن ابي‏الفضل در زمان شهادت سي و پنج سال بوده است. در اين صورت تولد همايونش در سال بيست و پنجم هجري بوده و از اين راه اشکال وارد مي‏آيد در حديث نشانيدن اميرالمؤمنين آن دو را بر زانوي خود؛ چنان که بيايد و شايد در دو مجلس بوده و در يک روايت جمع شده است؛ يا زينب ديگر صغري باشد و هر گاه بگوييم در طفلي ابي‏الفضل و حال رشد زينب بوده باشد، اشکال ندارد.

القائني، الکبريت الأحمر، /376 - 375.

[18] [حکاه عنه في العوالم (المستدرک)، 949/2 - 11].

[19] [العوالم: الثمينة].

[20] [العوالم: مرتدية].

[21] [حکاه عنه في العوالم (المستدرک)، 949/2 - 11].

[22] أورده النبهاني في الشرف المؤبد (ص 51) و قال الصبان في اسعاف الراغبين هذه الخصوصية لأولاد فاطمة عليهاالسلام فقط دون أولاد بقية بناته صلي الله عليه و آله و سلم فلا يطلق عليه صلي الله عليه و آله و سلم أنه أب لهم و انهم بنوه کما يطلق ذلک علي أولاد فاطمة عليهاالسلام، نعم يطلق عليهم أنهم من ذريته و نسله و عقبه.

[23] ص 53 طبع بيروت سنة 1309.

[24] [حکاه عنه في أعلام النساء، /78 - 77].

[25] [حکاه عنه في أعلام النساء، /78 - 77].

[26] [حکاه عنه في أعلام النساء، /78].

[27] [حکاه عنه في أعلام النساء، /78].

[28] [ثم ذکر کلام أبوالفرج في مقاتل الطالبيين کما ذکرناه].

[29] [حکاه عنه في العوالم (المستدرک)، 951/2 - 11].

[30] [حکاه عنه في العوالم (المستدرک)، 951/2 - 11].

[31] [حکاه عنه في أعلام النساء، /77 - 76].

[32] [مثله في العوالم (المستدرک)، 945/2 11 و حکاه عنه في المعالي، 221/2 و وسيلة الدارين، /432].

[33] [مثله في العوالم (المستدرک)، 945/2 11 و حکاه عنه في المعالي، 221/2 و وسيلة الدارين، /432].

[34] [حکاه عنه في الحسين و بطلة کربلاء، /184 و عقيلة بني‏هاشم، /11 و العوالم (المستدرک)، 952/2 - 11].

[35] [حکاه عنه في الحسين و بطلة کربلاء، /184 و عقيلة بني‏هاشم، /11 و العوالم (المستدرک)، 952/2 - 11].

[36] [حکاه عنه في أعلام النساء، /77 - 76].

[37] [ثم ذکر کلام أبوالنصر کما ذکرناه].

[38] [حکاه في عقيلة بني‏هاشم، /11].

[39] [حکاه في عقيلة بني‏هاشم، /11].

[40] [حکاه في عقيلة بني‏هاشم، /11].

[41] [حکاه عنه في أعلام النساء، /86 - 85، 82].

[42] [حکاه عنه في العوالم (المستدرک)، 952/2 - 11].

[43] [حکاه في عقيلة بني‏هاشم، /11].

[44] [ثم ذکر کلام السيد جعفر آل بحرالعلوم الطباطبايي کما ذکرناه].

[45] [حکاه عنه في العوالم (المستدرک)، 952/2 - 11].

[46] [حکاه في العيون، /307 - 306].

[47] ستأتي هذه القضية في محلها و انما نقلتها هنا استيناسا بعبارات هذا العلامة الکبير و تحليلاته الثمينة دامت معاليه.

[48] [لم يرد في العيون].

[49] [لم يرد في العيون].

[50] [حکاه عنه في أعلام النساء، /86 - 85، 82].

[51] [العيون: الي أن يقول:].

[52] قال سلمه الله تعالي في هامش النهضة: لأميرالمؤمنين عليه‏السلام بنتان بهذا الاسم و يلقب أم‏کلثوم و الکبري هي سيدة الطف، و کان ابن‏عباس ينوه عنها بعقيلة بني‏هاشم ولدتها الزهراء بعد شقيقها الحسين بسنتين و تزوجها عبدالله ابن عمها جعفر الطيار ([الي هنا حکاه عنه في مرقد العقيلة زينب، /198]. (([في المعالي و وسيلة الدارين: کانت زينب خرجت مع أخيها الحسين عليه‏السلام].) بعد وفاة أختها في خلافة عثمان أو معاوية ([في المعالي و وسيلة الدارين: کانت زينب خرجت مع أخيها الحسين عليه‏السلام].)، و کانت قطب دائرة العيال في المخيم الحسيني ([الي هنا حکاه عنه في المعالي، 225 - 224 / 2 و وسيلة الدارين، /432]. (، و قد أفرغ لسان الملک ترجمتها في مجلد خاص بها من موسوعة (ناسخ التواريخ) و جاء في الخيرات الحسان و غيره أن مجاعة أصابت المدينة فرحل عنها عبدالله بن جعفر بأهله الي الشام في ضيعة له هناک و قد حمت زوجته زينب من و عثاء السفر أو ذکريات أحزان و أشجان من عهد سبي يزيد لآل الرسول ثم توفيت علي أثرها في نصف رجب سنة 65 و دفنت هناک حيث المزار المشهور، و قال جماعة: ان هذا لزينب الصغري کما هو مرسوم علي صخرة القبر و أن الکبري توفيت بمصر و دفنت عند قناطر السباع حيث المزار المشهور بالقاهرة أ ه (أقول) قد عرفت أخبار ولادتها مما تقدم و سيأتي خبر تزويجها و تحقيق حال أم‏کلثوم و وفاة زينب و محل دفنها و غير ذلک من أحوالها و أحوال أختها صلوات الله عليهما في مطاوي کتابنا هذا، أما صاحب الناسخ فلم يخص زينب بمجلد من کتابه و کتاب الطراز المذهب هو لولده عباس قليخان المستوفي و ليس للوالد.

[53] [العيون: الي أن يقول:].

[54] [العيون: الي أن يقول:].

[55] [العيون: الي أن يقول:].

[56] [حکاه في العيون، /307 - 306].

[57] [حکاه عنه في أعلام النساء، /80].

[58] [حکاه عنه في أعلام النساء، /80].

[59] [حکاه عنه في أعلام النساء، /88 - 87].

[60] [حکاه في عقيلة بني‏هاشم، /12].

[61] [حکاه في عقيلة بني‏هاشم، /12].

[62] [حکاه عنه في أعلام النساء، /88 - 87].

[63] [حکاه عنه في العوالم (المستدرک)، 957 - 956/2 - 11].

[64] [حکاه عنه في العوالم (المستدرک)، 957 - 956/2 - 11].

[65] [مثله في العيون، /306 - 305 و حکاه عنه في أعلام النساء، /76 - 75].

[66] [حکاه عنه في العوالم (المستدرک)، 957/2 - 11].

[67] [مثله في العيون، /306 - 305 و حکاه عنه في أعلام النساء، /76 - 75].

[68] [حکاه عنه في العوالم (المستدرک)، 957/2 - 11].

[69] [حکاه عنه في العوالم (المستدرک)، 957/2 - 11].

[70] [حکاه عنه في العوالم (المستدرک)، 957/2 - 11].

[71] [ثم ذکر خطبتها في الکوفة و سيأتي ذکرها].

[72] [ثم ذکر خطبتها عليهاالسلام في مجلس ابن‏زياد و يزيد لعنة الله عليهما].

[73] [حکاه عنه في أعلام النساء، /17].

[74] [حکاه عنه في أعلام النساء، /17].

[75] [حکاه عنه في أعلام النساء، /85، 20].

[76] [حکاه عنه في العوالم (المستدرک)، 954 - 953/ 2 - 11].

[77] [حکاه عنه في أعلام النساء، /85، 20].

[78] [حکاه عنه في أعلام النساء، /19].

[79] [حکاه عنه في أعلام النساء، /19].

[80] [حکاه عنه في أعلام النساء، /18 - 17].

[81] [حکاه عنه في أعلام النساء، /18 - 17].

[82] [حکاه عنه في العوالم (المستدرک)، 954 - 953/2 - 11].

[83] [حکاه في عقيلة بني‏هاشم، /14].

[84] [حکاه في عقيلة بني‏هاشم، /14].

[85] [لم يرد في وسيلة الدارين].

[86] [لم يرد في وسيلة الدارين].

[87] [لم يرد في وسيلة الدارين].

[88] [لم يرد في وسيلة الدارين].

[89] [وسيلة الدارين: من تلک الرزايا ليلة الخروج من مکة و الوقائع في الطريق من ملاقاة الأعداء].

[90] [وسيلة الدارين: من تلک الرزايا ليلة الخروج من مکة و الوقائع في الطريق من ملاقاة الأعداء].

[91] [لم يرد في وسيلة الدارين].

[92] [لم يرد في وسيلة الدارين].

[93] [لم يرد في وسيلة الدارين].

[94] [لم يرد في وسيلة الدارين].

[95] [وسيلة الدارين: و مجلس عبيدالله بن زياد و مجلس يزيد عليهما اللعنة، و وقعة هذه البلايا و شهادة أميرالمؤمنين و أخيها الحسن و وفاة أمها فاطمة عليهم‏السلام].

[96] [وسيلة الدارين: و مجلس عبيدالله بن زياد و مجلس يزيد عليهما اللعنة، و وقعة هذه البلايا و شهادة أميرالمؤمنين و أخيها الحسن و وفاة أمها فاطمة عليهم‏السلام].

[97] [لم يرد في وسيلة الدارين].

[98] [لم يرد في وسيلة الدارين].

[99] [الي هنا حکاه في وسيلة الدارين].

[100] عقيلة الوحي: 24.

[101] مع الحسين عليه‏السلام و نهضته، 294.

[102] معجم رجال الحديث: 191/23.

[103] جواهر الکلام: 307/4.

[104] زينب کبري بزرگ‏ترين دختران حضرت علي عليه‏السلام و فاطمه عليهاالسلام مي‏باشد که تحت تربيت پدر و مادر و جد امجد و دو برادر، داراي تمام اخلاق فاضله، در زهد و تقوي و فصاحت و بلاغت و وفور عقل و حسن تدبير و سياست و حيا و عفت و صبر و توکل و تسليم و رضا و ديگر مراحل باطنيه‏ي انسانيه، تالي پدر و مادر بود.

خطب بلاغت مشحون آن مخدره و جرأت و جسارتي که در منازل کربلا و مجلس يزيد و ابن‏زياد از آن خاتون معظمه به بروز آمده، در اثبات فضائل و کمالات ساميه‏اش کافي است و به نظر حقيقت شريک اين نهضت محير العقول حسيني و رواج مرام مقدس و خدمات دينيه‏ي متنوعه‏ي آن حضرت مي‏باشد.

مدرس، ريحانة الأدب، 326/8.

[105] شمايل عليا مخدره زينب عليهاالسلام: چنانچه از بعض اخبار و آثار مشهود مي‏شود، حضرت عصمت آيت زينب کبري سلام الله عليها بالا بلند و به چهره نورانيش هزار ماه و خورشيد مستمند بودند، مقامات سکينه و وقارش را به خديجه‏ي کبري، و عصمت و حيايش را به فاطمه‏ي زهرا، و فصاحت و بلاغتش را هنگام تکلم به علي مرتضي، و حلم و بردباريش را به حسن مجبتي، و شجاعت و قوت قلبش را به حضرت سيدالشهدا همانند نموده‏اند. رسول خدا صلي الله عليه و آله و سلم او را به خديجه کبري همانند فرموده است، و ارباب مقاتل نوشته‏اند: در روز عاشورا «خرجت امرأة من الخيمة کأنها الشمس» زني از خيمه سر به در کرد، گفتي آفتاب تابان از خيمه طالع گرديده است. چون از نام آن زن پرسيدند، گفته‏اند: «اين، زينب، دختر علي بن ابي‏طالب است.» بالأخره: «هر چه خوبان همه دارند، تو تنها داري.» [اين مطلب را ناسخ التواريخ حضرت زينب کبري عليهاالسلام بيان کرده است].

چه خوش مي‏گويد عمان ساماني:



زن مگو مرد آفرين روزگار

زن مگو بنت الجلال اخت الوقار



زن مگو خاک درش نقش جبين

زن مگو دست خدا در آستين



زبدة الأسرار:



دخت زهرا را اگر داني تو زن

ز اجتهاد افتاده‏اي در سوءظن



بر عقول بر نفوس او داور است

هر چه گويم او از آن بالاتر است



آنکه بر پا شد ز جودش بي‏سخن

جسم و جان و عقل و نفس مرد و زن



قال غيره:



زورق ايمان به وي شناخته ساحل

کشتي عرفان ز وي فراشته لنگر



فخر سماواتيان و دختر حيدر

بانوي عصمت و راست فاطمه مادر



دختر اگر اين بودي، نداشتي اي کاش

دايه‏ي امکان به بطن الا دختر



نخل شريعت ازو گرفت شکوفه

دين محمد ازو رسيد بافسر



جاه مؤبد به عون اوست مهيا

عزت و سرمد به نصر اوست ميسر



عقيده‏ي بنده اين است که بعد از فاطمه زهرا سلام الله عليها، حضرت زينب افضل از جميع زنان اولين و آخرين است و هر کس دوره‏ي زندگاني اين مظلومه از اين کتاب به دقت مطالعه کند، البته تصديق خواهد کرد؛ چه آن که اين مخدره جامع فضايل تکوينيه و تشريعيه بوده است. [اين مطلب را ناسخ التواريخ حضرت زينب کبري عليهاالسلام بيان کرده است].

شرح حال اين معلمه‏ي آسماني از بزرگ‏ترين مربيان عالم بشريت است و از مهم‏ترين مادران جامعه انسانيت است که در وصف اول بانوان عالم صفحات مهمي از تاريخ مدنيت و تربيت و نهضت ملي جامعه را اشغال کرده است. اين مخدره در آغوش نبوت و مهد امامت و ولادت مهبط وحي و نزول قرآن نشو و نما يافت، و از پستان عصمت و طهارت شير خورد، و با شخص امام مشترکا به يک نهضت ملي قيام کرد و در مدرسه‏ي عالم و مکتب جهان عملا فضايل اخلاقي را به جهانيان تدريس فرمود. اين عليه عاليه را که حالش در اين اوراق نگاشته مي‏شود، در فضايل نفساني ممتاز و بي‏نظير بود، و در صبر و شکيبايي، حلم و حزم، زهد و تقوا، فصاحت و بلاغت، دانش و بينش، تعليم و تربيت، تدبير و سياست، سيادت و بزرگواري، عظمت و بزرگ منشي، ثبات قدم و قوت قلب، راست‏گويي و درست رفتاري، نطق و خطابه، نصرت حق و حقيقت، طرفداري ضعفا و زيردستان، شرف و مجد، فضيلت و منقبت، عبادت و انقطاع از خلق، شجاعت و عزت نفس و مناعت طبع در تمام زنان عالم بشريت پس از مادر، يکتا و بي‏همتا است. در وفاداري و علاقه به ناموس اجتماع، در حق‏شناسي و قدرداني چشم روزگار را خيره ساخته است. اين نابغه‏ي زمان براي حفظ مقدسات اسلامي و ناموس ديانت و اثبات مرام و مقصود عالي آني آرام نداشت تا نهضت ملي را به پايان رساند و انقلاباتي در سرتاسر ممالک اسلامي ايجاد کرد، و در سايه‏ي آن انقلابات تعليمات عاليه خويش را که پرتو افاضات اسلامي بود، به جهانيان رساند، و مقام خود و خاندانش را به گوش عالميان آشنا کرد، و ظلم و خودسري و استبداد بني‏اميه را با تمام جنايات و فجايع اعمال آن‏ها بر همه‏ي مردمان جزيرة العرب در آن عصر و بر تمام ملل عالم در تمام اعصار فهماند، و در جامعه بشريت اگر زنان عالم را از مردان جدا کنند، و براي آن‏ها راهنمايي و پيشوايي و مشعلدار هدايتي بخواهند، برگزينند. به تحقيق در سر حلقه‏ي بانوان گيتي، حضرت صديقه کبري فاطمه‏ي زهرا سلام الله عليها و زعيم پيشواي سياست و قهرمان جهانداري و پهلوان ميدان تنازع بقاع جز حضرت زينب سلام الله عليها ديگري نتواند بود.

تا اين که گويد: حضرت زينب نه تنها پيشواي زنان عالم اسلامي و معلم تربيت و تعليم بانوان مسلمانان است؛ بلکه مردان عالم اسلام را نيز پيشوا و رهنماست. بالأخره حضرت زينب در هيچ ملتي از ملل راقيه عالم نظير ندارد. کدام يک از ملل راقيه عالم يا اقوام بني نوع آدم از اين نمونه بانو تربيت کرده و نشو و نما داده‏اند. حقا بايد مسلمانان به ساير ملل راقيه گيتي به وجود مبارک او مفاخرت بر جهانيان بنمايند، و تعاليم مقدسه او را سرمشق زندگاني فردي و اجتماعي قرار دهند و از او متابعت و پيروي کنند. بنابراين مقدمات، آن مخدره عليهاالسلام حق بزرگي بر جامعه‏ي مسلمانان عموما و بالأخص بر بانوان دارد.

محمد غالب شافعي گويد: ايشان در مجلة الاسلام شماره 27، سال اول گفته است: از بزرگ‏ترين زنان اهل بيت اطهار حسبا و نسبا و بهترين سيده‏ي طاهرات که صاحب روح عظيم و اهل تقوا و آينه سر تا پا نماي مقام رسالت و ولايت سيده‏ي زينب دختر علي بن ابي‏طالب (کرم الله وجهه) مي‏باشد که او را بهترين سبکي که نمونه‏ي مکارم اخلاق بود، پرورش و تربيت دادند، و از پستان علم و دانش خاندان نبوت آشاميد، و از سرچشمه‏ي غيبي نوشيد، تا در آيات فصاحت و بلاغت از آيات بزرگ الهي گشت. حضرت زينب در حلم و کرم و بصيرت، و در امور سياست، مشهور خاندان بني‏هاشم و عرب گشت، و بين جمال و جلال و سيرت و صورت و اخلاق و فضيلت جمع کرد، و شب‏ها در عبادت بود و روزها در روزه، و او معروف به اهل التقي بود؛ الي آخره.

و ابن‏حجر در اصابه و ابن‏اثير در اسد الغابه به ترجمه‏ي حضرت زينب نوشته‏اند که آن مخدره در مجلس يزيد «لها کلام يدل علي قوة قلبها»، بالجمله در خلال شرح حال آن مخدره مقاصد بيان خواهد شد.

و در کتاب عمدة الطالب مسطور است که حضرت زينب کبري سلام الله عليها از مادرش حضرت فاطمه عليهاالسلام روايت دارد و به محاسن کثيره و اوصاف جليله و خصال حميده و شيم سعيده امتياز داشت. مفاخرش چون مآثر خورشيد درخشان و نمايان و فضايلش چون ذخاير بحر بي‏کران و بي‏پايان بود. بزرگان اقوام از احاديثش بهره‏ياب و زعماي قبايل از افاضاتش مستفيد مي‏شدند. [سپس کلام أبوالفرج را نقل مي‏کند که ما آن را بيان خواهيم کرد].

و منقول از انساب الطالبيين است که مي‏فرمايد: زينب کبري، دختر اميرالمؤمنين که کنيت او ام الحسن بوده است، روايت مي‏کرد از مادرش زهرا: «و قال قد امتازت بمحاسنها الکثيرة و أوصافها الجليلة و خصالها الحميدة و شيمها المرضية السعيدة و مفاخرها البارزة و فضائلها الظاهرة».

و جلال الدين سيوطي در رساله‏ي زينبيه بنابر نقل علامه معاصر شيخ جعفر نقدي در زينب کبري مي‏نويسد: زينب عليهاالسلام در حيات پيغمبر متولد شد «و کانت لبيبة جزلة عاقلة لها قوة جنان الي آخره».

و نيشابوري در رساله‏ي علويه گويد: زينب عليهاالسلام دختر علي عليه‏السلام در فصاحت و بلاغت و زهد و عبادت مانند پدر و مادرش بود.

و ابونصر لبناني در کتاب فاطمه، دختر محمد صلي الله عليه و آله و سلم چاپ بيروت مي‏نويسد: «أما زينب بنت فاطمة فقد أظهرت انها من أکثر آل البيت جرأة و بلاغة و فصاحة و قد استطارت شهرتها بما أظهرت يوم کربلاء و بعده من حجة و قوة و جرأة و بلاغة حتي ضرب بها المثل و شهد لها المورخون و الکتاب».

و فريد و جدي در دائرة المعارف در ذيل لغت زين مي‏نويسد: زينب بنت علي بن ابي‏طالب عليه‏السلام از زنان فاضله روزگار و عقيله جليله بني‏هاشم است که با برادرش حسين بن علي در واقعه‏ي کربلا شريک بود و چون حسين شهيد شد، قائد باقي مانده‏اي از زن‏ها و کودکان او بود.

بعد، مجاري حال آن مظلومه را در کوفه و شام و خطبه‏ي او را در مجلس يزيد مي‏نگارد. الي آخره.

و اديب فاضل، حسن قاسم در کتاب السيدة زينب مي‏نويسد: «السيدة الطاهرة الزاکية زينب بنت الامام علي بن أبي‏طالب ابن عم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم لها أشرف نسب و أجل حسب و أکمل نفس و أطهر قلب، فالمستجلي آثارها يتمثل أمام عينه رمز الحق و رمز الحقيقة رمز الشجاعة رمز المروة و فصاحت اللسان و قوة الجنان و مثال الزهد و الورع و مثال العفاف و الشهامة ان في ذلک لعبرة، فلئن کان في النساء شهيرات فالسيدة أولاهن و اذا عدت الفضائل ففضائلها من وفاء و سخاء و صدق و صفاء و شجاعة و اباء و علم و عبادة و عفة و زهادة فزينب أقوي مثال للفضيلة بکل مظاهرها. الي آخره».

و جاحظ در کتاب البيان و التبيين خطبه‏ي عليا مخدره زينب را که در کوفه قرائت کرده است، مي‏نويسد.

و احمد بن ابي‏طاهر در کتاب بلاغات النساء، خطبه‏هاي آن مظلومه را ذکر کرده است.

و محمد علي احمد مصري در رساله‏ي السيدة زينب عليهاالسلام مي‏گويد: «ان بنت السيد الامام علي کرم الله وجهه و بنت السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله من أجل أهل البيت حسبا و أعلاهم نسبا خيرة السيدات الطاهرات و من فضليات النساء و جليلات العقائل التي فاقت الفوارس في الشجاعة و اتخذت طول حياتها تقوي الله بضاعة و کان لسانها الرطب بذکر الله علي الظالمين غضبا و لأهل الحق عونا و معينا کريمة الدارين و شقيقة الحسنين بنت البتول الزهراء التي فضلها الله علي النساء و جعلها عند أهل العزم أم العزائم و عند أهل الجود و الکرم أم هاشم» تا آنجا که گويد در سال 5 هجرت متولد گرديد و اهل بيت به ميلاد او مسرور شدند و او در محيط علم و نبوت و ولايت‏ها نشو و نما نموده است «نشأت نشأة حسنة کاملة فاضلة عالمة من شجرة أصلها ثابت و فرعها في السماء و کانت علي جانب عظيم من الحلم و العلم و مکارم الأخلاق ذات فصاحة و بلاغة يفيض من يدها غيث الجود و الکرم. الي آخره».

ملا محمد تقي معروف به شهيد ثالث در کتاب مجالس المتقين و شيخ ابي‏سعيد حسن بن حسين سبزواري معاصر شهيد اول در کتاب مصابيح القلوب حديث کنند که: حضرت زينب با قمر بني‏هاشم ابوالفضل العباس عليه‏السلام در کنار اميرالمؤمنين عليه‏السلام نشسته بودند و قمر بني‏هاشم در آن وقت کودک بود. حضرت به فرزند دلبند خود قمر بني‏هاشم فرمود:«بگو واحد.» گفت: «واحد.» فرمود: «بگو اثنين.» عرض کرد: «يا ابتا! به زباني که واحد گفته‏ام اثنين نگويم. مرا شرم مي‏آيد.»

حضرت فرزند ارجمند خود را بوسيد و مسرور شد. اين وقت زينب عليهاالسلام عرض کرد: «يا ابتاه! ما را دوست مي‏داري؟» فرمود: «آري! چگونه دوست ندارم که ميوه‏ي دل من هستي.» عرض کرد: «پدر عزيزم! دوستي براي خداست، و شفقت و مهرباني براي ماست.»

در کتاب زينب کبري تأليف علامه شيخ جعفر نقدي اين سؤال را نسبت به عليا مخدره زينب مي‏دهد و مي‏گويد: «زينب چون طفل بود، در دامن پدر مي‏نشست و حضرت علي عليه‏السلام او را با لطف و مهرباني کلام تعليم مي‏داد.»

آن گاه فرمود: «نور ديده! بگو يکي.»

چون گفت، فرمود: «بگو دو تا.»

زينب ساکت شد. فرمود: «صحبت کن، نور ديده‏ي من!»

عرض کرد: «پدر عزيزم! زباني که به گفتن يکي گردش کرد، چگونه کلمه‏ي دو تا را بر زبان آرد؟»

حضرت علي عليه‏السلام او را به سينه چسباند و بوسيد.

بعد مي‏فرمايد: اين روايت با کمي اختلاف متواتر است و نشان مي‏دهد که زينب از طفوليت داراي علم و کمال بود و از کوچکي شرح صدر داشت و در مکتب رسالت و امامت و عصمت و طهارت از منبع علوم و دانش سيراب بود؛ البته کسي که در مهد علم تربيت شده و در باب علم علوي معتکف بوده و از پستان عصمت و طهارت تغذيه کرده است و در تمام عمر تحت افاضات دو پيشواي بزرگ که سادات اهل بهشت هستند، پرورش يافته است، بايد چنين باشد.

علم و دانش عليا مخدره زينب عليهاالسلام: البته علم و دانش از افضل سجاياي بشري است و اشرف صفات انساني، دانش و ادب است. خداوند عالم، انبيا را به علم و دانش تکميل کرد و براي هدايت بشر فرستاد و بندگان خاص خود را به درجه‏ي رفيع رساند. کما قال الله: (يرفع الله الذين آمنوا منکم و الذين أوتوا العلم درجات)، و قال تعالي أيضا: (شهد الله أنه لا اله الا هو و الملائکة و أولو العلم قائما بالقسط) و قال الله تعالي: (هل يستوي الذين يعلمون و الذين لا يعلمون) آري! علم آدمي را به حقايق امور راهنمايي مي‏کند و موجبات نيل به سعادت و رضايت خدا را فراهم مي‏آورد. از اين رو رسول خدا صلي الله عليه و آله و سلم بين دو نفر که يکي عالم و ديگري عابد بود، فرمود: «فضل العالم علي العابد کفضلي علي أدني رجل من أمتي». و نيز فرمود: «اهل بيت من، خاندان علم هستند و همچنان که اطفال از شير تغذيه مي‏کنند، امت من از دانش و بينش اهل بيت من مي‏آشامند و هر کس بيش‏تر از سرچشمه‏ي فضيلت و علم آن‏ها بهره‏مند شود، درونش روشن‏تر مي‏شود.»

و بايد دانست، چنانچه شيخ جعفر نقدي هم مي‏فرمايد و البته همين قسم است که علم و دانش زينب مانند دانش ساير صنوف بشري نيست که از طريق اکتساب، تحصيل کرده باشد؛ بلکه از منبع علوم غيبي نبوت و باب علم و دانش امامت سيراب گشته است و سنخ معلومات ما نيست؛ بلکه به وسيله‏ي الهامات خفيه و افاضات نبويه و تعليمات علويه که معلمان مادي جهان را به آن راهي نيست، اخذ علم و دانش کرده و با نيروي رباني بوده است که توانسته از منبع علوم غيبي سرچشمه بگيرد و از تهذيب نفس جد و پدر و دو برادر والاگهر خود، علم و تربيت فراگيرد. مثل علم عليا مخدره زينب. مثل کاه و کهرباست. آن مخدره به قوه‏ي مغناطيس ذرات قدسي، نبوي و علوي و حسني و حسيني گشته و با اقتضاي ظرفيت به فوز و فلاح شاياني رسيده است. آري! چون بخل در مبدأ فيض نيست و هماره افاضات نور علم و دانش پرتو افکن بوده است، و او به قدر استعداد تام خود استفاضه کرده و مستفيد گشته است، و پهلو به پهلوي مقام و مرتبه‏ي سامي ذوحظ عليم و رتبه‏ي خاصه‏ي امامت و ولايت قدم مي‏زد، و به وسيله‏ي رياضات حقه‏ي شرعيه و عبادات جامع شرايط حقيقيه، و مواظبت بر ذکر خداوند عالم؛ موفق به مقامات کشف و شهود گشت. در حديث وارد است: «من أخلص الله تعالي عمله أربعين صباحأ انفجرت ينابيع الحکمة في قلبه و من قلبه علي لسانه». و در حديث ديگر مي‏فرمايد: آن کس که زاهد در دنيا باشد، خداوند متعال او را فقيه در دين مي‏کند «و أثبت الله الحکمة في قلبه و أنطق بها لسانه». و در حديث ديگر است که مي‏فرمايد: «ليس العلم في السماء فينزل عليکم و لا في تخوم الأرض فيخرج لکم، تخلقوا بأخلاق الروحانيين يظهر لکم». شکي نيست که حضرت عليا مخدره زينب عليهاالسلام تمام مدت عمر براي رضاي خدا قيام مي‏کرد و قدم مي‏زد. چگونه منابع علوم در قلبش ظاهر نشود و چگونه از قلبش به زبانش جاري نشود. به علاوه، کسي را که رسول خدا صلي الله عليه و آله و سلم معلم او و شخصي مانند علي عليه‏السلام مربي او بوده و فاطمه‏ي زهرا عليهاالسلام او را از پستان عصمت و طهارت شير داده است، البته او داراي قدرت بيان و فصاحت و بلاغت و علم و عمل مي‏شود. پس جاي استبعاد نيست آنچه را که فاضل دربندي نقل کرده است که عليا مخدره زينب، علم منايا و بلايا را از پدر بزرگوارش فراگرفته و مانند جمعي از اصحاب مثل سلمان و ابوذر و بعضي از تابعان مثل رشيد هجري و ميثم تمار، حضرت زينب اسرار داشته و خطبه‏ي او در مجلس يزيد شاهد است.

دربندي گويد: حضرت زينب افضل از آسيه و مريم بنت عمران است و کلام حضرت سجاد که فرمود: «يا عمة! أنت بحمدالله عالمة غير معلمة و فهمة غير مفهمة!» و همچنين حالات او بهترين دليل اين مدعي است.

عبادت عليا مخدره حضرت زينب عليهاالسلام: علامه شهير نقدي در کتاب زينب کبري گويد: عبادت از عبوديت و بندگي است و نهايت خضوع و خشوع و تذلل است و بديهي است جز خداي تعالي، کسي و چيزي قابل ستايش و بندگي و در خور خضوع و خشوع نيست. تنها خالق متعال و خداوند کريم بخشنده مهربان است که ولي نعمت همه‏ي موجودات و جانبخش همه‏ي هستي است و تمام موجودات عالم در مقام عبوديت و ستايش در مقام خويش هستند و همواره به تجليل و تقديس و تسبيح ذات واجب الوجود بي‏شبيه و نظير مي‏باشند و هر يک درخور استطاعت فهم و بينش خود، خالق متعال را مي‏ستايند و هر اندازه معرفت و شناسايي بيشتر باشد، خضوع و خشوع و تذلل به آستان قدس الهي بيشتر مي‏شود.

روي همين اصل بود که پيغمبر اسلام صلي الله عليه و آله و سلم شب‏ها را تماما قيام داشت و آن قدر در پيشگاه الهي ايستاد که قدم‏هاي او ورم کرد و رنگش زرد شد. آن گاه آيه‏ي (طه ما أنزلنا عليک القرآن لتشقي) نازل شد.

اميرالمؤمنين عليه‏السلام در هر شب و روز هزار رکعت نماز مي‏خواند. حتي در جنگ‏ها تا ممکن بود از خواندن نماز خودداري نمي‏کرد، و همچنين حضرت زهرا عليهاالسلام شب‏ها را نماز مي‏خواند و تا نزديک طلوع آفتاب، به مؤمنان و مؤمنان دعا مي‏کرد. ذريه‏ي او هم اين ميراث را داشته‏اند.

عبادت حضرت مجتبي و حضرت سيدالشهدا خصوصا نمازهاي روز عاشورا، يک حقيقت ثابتي را نشان مي‏دهد که عقول بشري از درک آن عاجز است.

اما عليا مخدره زينب عليهاالسلام در خضوع و خشوع و عبادت و بندگي، وارث مادر و پدر بود. اکثر شب‏ها را به تهجد صبح مي‏کرد، و دائما قرآن تلاوت مي‏فرمود، و به گفته‏ي بعضي از مورخان که مي‏نويسند، تهجد و شب بيداري زينب عليهاالسلام در تمام عمرش ترک نشد؛ حتي شب 11 محرم با آن همه فرسودگي و خستگي و ديدن آن مصيبت‏هاي دلخراش.

حضرت سجاد روايت مي‏فرمايد: «در آن شب، ديدم عمه‏ام در جامه‏ي نماز نشسته و مشغول عبادت است.»

و بيرجندي در کبريت احمر مي‏فرمايد: «از برخي مقاتل معتبره نقل شده است از حضرت سجاد عليه‏السلام که عمه‏ام زينب با اين همه مصيبت و محن وارده‏ي بر او از کربلا تا شام هيچگاه نوافل را ترک نکرد.»

و نيز او روايت مي‏کند: چون حضرت حسين براي وداع زينب آمد، فرمود: «يا أختاه! لا تنسيني في نافلة الليل؛ مرا در نماز شب فراموش مکن.»

و نقل از مثير الاحزان، علامه‏ي شيخ شريف جواهري شده است که مي‏نويسد: نقلا از فاطمه دختر حضرت حسين عليه‏السلام که فرموده است: «و أما عمتي زينب فانها لم تزل قائمة في تلک الليلة أي العاشرة من المحرم في محرابها تستغيث الي ربها، و ما هدأت لنا عين و لا سکنت لنا زفرة».

و نيز گفته است که بعضي از متتبعين اخبار از حضرت سجاد روايت مي‏کنند که فرمود: «ان عمتي زينب کانت تؤدي صلواتها من قيام الفرائض و النوافل عند مسيرنا من الکوفة الي الشام و في بعض المنازل کانت تصلي من جلوس لشدة الجوع و الضعف منذ ثلاث ليال لأنها کانت تقسم ما يصيبها من الطعام علي الأطفال لأن القوم کانوا يدفعون لکل واحد منا رغيفا واحدا من الخبز في اليوم و الليلة».

و در بحر المصائب از امام زين العابدين عليه‏السلام روايت مذکوره را چنين نقل کرده است که آن حضرت فرمود: «عمه‏ام زينب با آن کثرت رنج و تعب از کربلا تا به شام به نافله‏ي شب قيام و اقدام داشت و با آن حال گرفتاري و پرستاري عيال و تحمل زاري اطفال و تفقد احوال جمعي پريشان روزگار، از مراسم عبادت غفلت نداشت.

اما در يکي از منازل نگران شدم؛ نشسته به نماز نافله اشتغال داشت. من سبب اين ضعف را پرسيدم. گفت: «سه شب است که حصه طعام خود را به اطفال خردسال مي‏دهم و امشب از نهايت گرسنگي، قدرت به پاي ايستادن ندارم.» چه آن مردم نکوهيده خصال، بر اهل بيت بسيار سخت مي‏گرفتند.»

اقول: عبادت نه تنها نماز شب و ساير نوافل مي‏باشد، بلکه تمام حرکات و سکنات آن مخدره همه عبادت پرقيمت بود. اصلا عليا مخدره زينب احياي مراسم خداپرستي و عبادت و بندگي نموده و اگر حرکت عليا مخدره زينب از کربلا به کوفه و از کوفه به شام وقوع پيدا نکرده بود، دين و عبادت مندرس و محو شده بود.

زهد عليا مخدره زينب عليهاالسلام: اما زهد در معاني الاخبار صدوق مي‏فرمايد: «زاهد کسي را مي‏گويند که آنچه را که خدا دوست دارد، دوست داشته باشد و آنچه مورد بغض اوست، دوري گزيند و از حلال بيش از حد کفاف نخواهد و به سوي حرام ميل نکند.»

و در مجمع البحرين در لغت زهد بعد از نقل روايت مذکوره مي‏فرمايد: «و في الحديث: أعلي درجات الزهد أدني درجات الورع، و أعلي درجات الورع أدني درجات اليقين، و أعلي درجات اليقين أدني درجات الرضا».

و عليا مخدره زينب اعلي درجات رضا و تسليم را داشت. زني که شوهرش بحرالجود عبدالله جعفر بود که خانه‏ي او بعد از منزل خلفا و ملوک در درجه‏ي اول عظمت بود و ارباب حوايج هماره در آن بيت الشرف تجمع داشته‏اند و براي خدمت کمر بسته حاضر و آماده فرمان‏بردار بودند و آن مخدومه با اين حال از براي رضاي خدا از همه صرف نظر کرد و از تجمل و زينت که با فطرت زنان آميخته روي بپوشيد و از مال و جاه و جلال دنيوي به کلي صرف نظر کرد.

حتي از شوهر با رضاي او، و اولاد و خدم و حشم چشم پوشيد تا با کمک برادرش حسين، دين خدا را نصرت کند و نفس خود را ذليل کرد براي رضاي خدا تا به مقامات عاليه نايل شود.

جود و سخاي آن مخدره: اما جود و سخاي حضرت زينب گفتني نيست. کسي که در خانه‏ي اجواد و اسخيا پرورش يافته و در خانه‏ي بحرالجود عبدالله جعفر زندگاني کرده بود، از وطن و خانه و شوهر و اموال چشم بپوشيد. به علاوه از دو قرةالعين خود صرف نظر کرد و آنها را به خدمت برادر بياورد تا قرباني راه حق بشوند، و در راه شام و کوفه نان خود را به اطفال داده و خود گرسنه به سر برد. چگونه جود او را در حيز تحرير يا تقرير توان درآورد؟ فعلا در خاطر ندارم و نمي‏دانم کجا ديدم که ميهماني براي اميرالمؤمنين عليه‏السلام رسيد. آن حضرت به خانه آمد و فرمود: «اي فاطمه! آيا در نزد شما طعامي براي ميهمان به دست مي‏شود؟» عرض کرد: «فقط يک قرصه ناني است که آن را براي دخترم زينب ذخيره کرده‏ام.»

حضرت زينب بيدار بود. عرض کرد: «اي مادر! نان مرا براي ميهمان ببريد. من صبر مي‏کنم.»

چگونه طفلي که در آن وقت چهار يا پنج سال بيشتر نداشته، اين جود و کرم را داشته است؟ ديگر چگونه کسي مي‏تواند به عظمت آن بانوي عظما پي ببرد؟ زني که هستي خود را در راه خدا بذل کرد و فرزندان از جان عزيزتر خود را در راه خداوند متعال انفاق کرد و از آن‏ها گذشت. البته نهايت و غايت جود است.

در خيرات حسان گويد: حضرت زينب دختر حضرت اميرالمؤمنين عليه‏السلام دوست و دشمن معترفند در جلالت قدر و عظمت رتبه و رفعت شأن و مقام و کمال عقل و دانش و علو منزلت و قوت جنان و طلاقت لسان و فصاحت بيان و ساير محامد و محاسن او تا اين که گويد: در واقعه‏ي طف شريک مصايب حضرت حسين و سهيم واردات کربلا و پرستار بقية الله في الأرضين امام زين العابدين و سرخيل آن کاروان غم، ام المصايب عقيلة العرب حضرت زينب عليهاالسلام بود. او در جميع مواقف با حضرت سيدالشهدا عليه‏السلام همراه بود. آن حضرت خواهر را فوق العاده احترام مي‏گذاشت و در حقيقت بعد از شهادت حضرت از کربلا تا شام و از شام تا مدينه‏ي طيبه، پرستاري اهل بيت آن حضرت را زينب کبري مي‏کرد. مي‏توان گفت که احدي از زنان عالم به قدر اين زن سختي و مصيبت نديده و رنج و محنت نکشيده است. علاوه بر برادران و برادرزادگان، دو پسر نيز از او در واقعه‏ي يوم الطف شربت شهادت نوشيدند. در هر حال و هر جا، آن آيت کرامت و گوهر حلم و بردباري يعني حضرت زينب عليهاالسلام صبر کرد و جز کلماتي که دليل بر رضا به قضاي خدا و تسليم به امر او باشد، بر زبان نياورد.

و در جلد عاشورا وقايع الأيام خياباني از مرحوم عالم جليل ميرزا يوسف آقا نقل مي‏کند که ايشان فرمودند: «و قد شارکته في هذا البلاء أخته زينب عليهاالسلام فکانت قد تخرج من الخيام نحو المعرکة حتي تلحق بابن أخيه عبدالله بن الحسن لترده الي الخيام و قد خرجت مسرعة الي المعرکة حين قتل علي بن الحسين عليه‏السلام فجائت و انکبت عليه فيأخذ الحسين برأسها و يردها الي الفسطاط فان الظاهر من الروايات أن حمل علي بن الحسين من مصرعه انما کان بعد رد الحسين أخته الي الفسطاط، و قد کانت تعدو و تسمي حتي تناول أخاها ثوبا خلقا ليجعله تحت ثيابه أو تناوله سراويل، فان الذي يظهر من سياق الروايات أن الحسين لم يلبسها في الخيام و انما لبسها بينها و بين معرکة القتال، و ان من ناوله ذلک أخته زينب عليهاالسلام».

«و قد کانت تخرج من الخيام و تأتي الي معرکة القتال لتنصر أخاها بلسانها و تعينه في مواجهة الأعداء و ذلک حين سقط أخوها الحسين عن جواده علي الأرض».

و در جنات الخلود در اولاد حضرت فاطمه سلام الله عليها گويد: سيم زينب کبري در فصاحت و بلاغت و عبادت و زهد و تدبير و شجاعت شبيه پدر و مادر خود بود و بعد از شهادت حضرت امام حسين عليه‏السلام همگي امور اهل بيت بلکه قاطبه زمره‏ي بني‏هاشم به رأي او تمشيت مي‏يافت و خطبه‏ها و گفت و گوهاي او با ابن‏زياد و يزيد زينت اوراق مؤلفان است.

وفايي گويد:



نمي‏دانم چه بر سر خامه‏ي عنبرفشان دارد

که خواهد سري از اسرار پنهاني عيان دارد



به آهنگ حسيني مدح خاتون حجازي را

به صد شور و نوا خواهد به عالم رايگان دارد



چو خاتون آن که او را نور حق در آستين باشد

چه خاتون آن که جبريلش سر اندر آستان دارد



بيا عصمت تماشا کن که از بهر خريداري

درين بازار يوسف هم کلاف ريسمان دارد



تکلم کردنش را هر که ديدي فاش مي‏گفتي

لسان حيدري گويا که در طي لسان دارد



نبوت شأن پيغمبر ولايت درخور حيدر

نه آن دارد نه اين دارد، ولي اما نشان از اين و آن دارد



نگويم من بود مريم کنيز مادرش زهرا

اگر راضي شود او مريمش منت به جان دارد



زني با اين همه شوکت نديده ديده‏ي گردون

زني با اين همه سطوت به عالم کي نشان دارد



چرا با اين همه شأن و جلال و عصمتش دوران

ميان کوچه و بازار در هر سو عيان دارد



صبا رو در نجف برگو تو بر آن شير يزداني

که زينب در دمشق و کوفه چشم خونفشان دارد



بگو از مرگ داغ نوجوانان پير شد زينب

که اطفال صغير تشنه لب يک کاروان دارد



اگر خواهم ز غم‏هايش بيان يک داستان سازم

به هر يک داستان از غم هزاران داستان دارد



نبذه‏اي از کرامات و خارق عادات آن مخدره: اولا بايد دانست که اصل وجود زينب کبري سر تا پا کرامت است؛ چه آن که اين ورقه از آن شجره‏ي طيبه است که اصلها ثابت و فرعها في السماء و ثانيا دوره‏ي حيات و زندگاني او خود شهادت مي‏دهد که سر تا پا کرامت بود؛ ولي به جهت روشنايي چشم محبان و تنوير قلوب شيعيان به پاره‏اي از آن اشاره مي‏کنيم:

اول، همين قصه که آنفا ذکر شد که عالم غيب را در عالم شهود ارائه داد تا آن مرد شأن اهل بيت بشناسد.

دوم، اجابت دعاي او در حق ام الحجام و خراب شدن قصر او فورا و آتش در او افتادن که ذکر شد.

سوم، داستان جبل جوشن که معدن مس بود و سقط طفلي که محسن نام داشت که از اين پيش ذکر شد.

چهارم، تصرف او در نفوس، هنگام قرائت خطبه در بازار کوفه. حتي در جمادات از اين پيش بيان شد که هنگامي که فرمود: «ساکت شويد!» نفس‏ها حبس شد و زنگ‏هاي شتران ديگر صدا نکرد.

پنجم، لدني بودن علم آن مخدره به شهادت امام زين العابدين که فرمود: «يا عمة! أنت بحمدالله عالمة غير معلمة». الي آخره.

ششم، اجابت دعاي او در حق کسي که در مجلس يزيد طلب کنيز کرد که بعد از اين ذکر خواهيم کرد.

هفتم، کيفيت متولد شدن او؛ چون از ران چپ مادر متولد شد؛ چنانچه تفصيل آن مذکور شد.

هشتم، حکايت طبخ حريره است که بعد ازين مذکور خواهد شد.

نهم، اخبار از بقاي آثار اهل بيت نبوت و سرعت زوال سلطنت بني‏اميه در خطبه آتيه که در مجلس يزيد قرائت کرد که خود الفاظ آن خطبه به تنهايي کرامتي است.

دهم، قصه شير و فضه است که در جاي خود ذکر شد.

يازدهم، استجابت دعاي آن مخدره است در موقع حرق خيام و نفرين او به آن مرد کبود چشم که در سابق ذکر شد.

دوازدهم، ديدن او جبرئيل را و رسول خدا را در گودي قتلگاه، شيخ جعفر نقدي در کتاب مذکور از بحار از حضرت صادق عليه‏السلام روايت مي‏کند که در مصرع حضرت حسين عليه‏السلام، زينب، پيغمبر صلي الله عليه و آله و سلم را ديد و فرمود: «اي لشکر! مگر نمي‏بينيد که پيغمبر خدا گريان است؟ واي بر شما! اگر دعا کند، شما را زمين فرو مي‏برد و هلاک مي‏نمايد.»

با شنيدن اين حرف، آن سنگدلان گفتند: «اين انسان ديوانه است.»

و ديدن آن مخدره جبرئيل را که در سابق گذشت.

سيزدهم، علامه‏ي نوري در دارالسلام از کرامت زينب عليهاالسلام روايت مي‏کند از سيد محمدباقر سلطان آبادي که از بزرگان ارباب فضايل و راسخان در علم بود که فرمود: در بروجرد به مرض درد چشم مبتلا شدم. بسيار سخت؛ به حدي که علماي طب از معالجه عاجز آمدند. از آن جا مرا سلطان آباد آوردند. مرض چشم شدت مي‏کرد. ورم بسيار نمود. ديگر سياهي چشم نمايان نبود. ديگر از شدت درد چشم، خواب و آرام از من برفت و تمام اطباي شهر را براي من آوردند. همه اظهار عجز کردند از معالجه. بعضي مي‏گفتند که تا شش ماه محتاج معالجه است. برخي چهل روز. اين بيانات روح مرا افسرده و خسته کرده بود. حوصله بر من تنگ شد و فوق العاده نگران و مهموم شدم. تا اين که يکي از دوستان من گفت: «بهتر است براي استشفا به زيارت مشرف شوي و من عازم سفر هستم. با من بيا و چنانچه از خاک کربلا سرمه بکشي، شفا خواهي يافت.»

گفتمش: «با اين حال چگونه مي‏توانم حرکت کنم؟ مگر طبيب اجازه بدهد.»

چون به طبيب رجوع کردم، گفت: «هرگز جايز نيست و اگر حرکت کني يکسره نابينا خواهي شد و به منزل دوم نخواهي رسيد که به کلي از ديده محروم خواهي شد.»

رفيق من رفت و من به خانه برگشتم. يکي ديگر از دوستان من آمد و گفت: «مرض تو را جز خاک کربلا و مقتل شهدا و مريضخانه‏ي اولياي خدا شفا نبخشد.»

ضمنا خود شرح داد که:» 9 سال مبتلا به تپش قلب بودم و همه‏ي اطبا از معالجه عاجز ماندند. تنها از تربت قبر حسين شفا حاصل شد و چنانچه ميل داري، متوکلا علي الله حرکت کن.»

من با توکل حرکت کردم و در منزل دوم مرض شدت کرد و چنان چشم به درد آمد که از فشار درد، چشم چپ نيز به درد آمد. همه‏ي مصاحبين مرا ملامت کردند و متفقا گفتند: «بهتر است که مراجعت کني.»

چون هنگام سحر شد و درد آرام گرفت، در خواب رفتم، حضرت عليا مکرمه، صديقه‏ي صغري، زينب کبري را در عالم رؤيا ديدم. بر آن حضرت وارد شدم و گوشه‏ي مقنعه‏ي او را گرفتم و بر چشم خود کشيدم و از خواب بيدار شدم. ديگر هيچ المي و دردي در چشم حس نکردم و سفر را به پايان رساندم و هيچ دردي در چشم خود نديدم و با چشم سالم ديگرم هيچ فرقي نداشت. آن واقعه را به رفقا گفتم، آن‏ها به چشم من نگاه مي‏کردند و مي‏گفتند: «ما آثار دردي نمي‏بينيم و هيچ فرقي بين دو چشم شما نيست.»

اين کرامت را که از حضرت زينب ظاهر گشته بود، براي همه رفقا نقل کردم؛ از زوار و غير زوار.

چهاردهم، علامه نوري نيز در کتاب مذکور، حکايتي ديگر شبيه همين حکايت از ملا فتحعلي سلطان آبادي ذکر کرده و اين فتحعلي يکي از اوتاد عصر خود بوده و حکايت را شاهد و ناظر و ناقل بوده است. آنچه را مردم از اين شخص استماع مي‏کردند، به منزله‏ي روايت مي‏دانسته‏اند. گويا از امام استماع کرده‏اند؛ از کثرت زهد و ورع و تقوي و احتياط در نقل.

پانزدهم، شيخ عبدالرحمان اجهوري المقري در کتاب مشارق الانوار خود مي‏گويد: «در سال يک هزار و يک صد و هفتاد هجري، اندوهي سخت به من روي آورد که از آن هيچ فرار نتوانستم کرد. و زندگاني را بر من تلخ و ناگوار ساخت. ناچار به مقام سيده زينب که در قناطر السباع مصر است، روي نهادم و به آن حضرت توسل جستم و قصيده‏اي در مدح او انشا کردم. از برکت آن حضرت اندوه من به کلي رفع و حاجت من برآورده شد. بعضي از اين قصيده اين است:»



آل طه لکم علينا ولاء

لا سواکم بمالکم آلاء



مدحکم في الکتاب جاء مبينا

أنبأت عنه ملة سمحاء



حبکم واجب علي کل شخص

حدثتنا النصوص و الأنباء



انني لست أستطيع امتداحا

لعلاکم و أنتم البلغاء



کيف مدحي يفي بعلياء من قد

عجزت عن بلوغه الفصحاء



مدحکم انما يريد بليغ

وقفت عند جده الشعراء



شرفت مصرنا بکم آل طه

فهنيئا لنا و حق الهناء



منکم بضعة الامام علي

سيف دين لمن به الاهتداء



خيرة الله فضل الرسل طرا

من له في يوم المعاد اللواء



زينب فضلها علينا عميم

و حماها من السقام الشفاء



کعبة القاصدين کنز أمان

و هي فينا يتيمة عصماء



و هي بدر بلا خسوف و شمس

دون کسف و بضعة الزهراء



و هي ذخري و ملجئي و أماني

و رجائي و نعم ذاک الرجاء



ليس الاک و صلتي لنبي

خمدت عند نصره الأعداء



من کراماتها الشموس أضاءت

أين منها السها و أين السماء



من أتاها و صدره ضاق صدرا

من عسير أو ضاق عنه الفضاء



جلت الخطب مسرعا و جلته

فانجلي عنه عسره و العناء



لا يضاهي آل النبي و صيف

لا يوفي کماله أدباء



شرفت منهم النفوس و ساروا

حيث ما أسرفوا و هم شرفاء



و عليهم جلالة و فخار

و وقار و هيبة و ضياء



نوروا الکون بعد کان ظلاما

اذ أضاءت ذراهم العرباء



ان هل يستوي الذين دليل

و لتطهيرهم بذاک اقتفاء



بيتکم مهبط لجبريل وحيا

فيه تغدو ملائک الکبراء



من أتي حبکم و کان أسيرا

لدواعيه زال عنه الشقاء



يا کرام الوري اغيثوا نزيلا

أجحفته الخطوب و الأدواء



قسما ان وصفکم في الثريا

أيدتکم نجومها و السماء



فتوسل بهم لکل صعيب

حيث جاء ابتغوا فهم شفعاء



الي آخره.

محلاتي، رياحين الشريعة، 166 - 163، 161 - 160، 89 - 88، 64 - 61، 56، 52، 51، 46 - 44، 41 - 40/3.

[106] مع بطلة کربلاء، محمد جواد مغنية ص 23.

[107] البقرة: 282.

[108] الأنفال: 29.

[109] الحديد: 28.

[110] [حکاه في العوالم (المستدرک)، 951/2 - 11].

[111] [حکاه في العوالم (المستدرک)، 951/2 - 11].

[112] دائرة معارف القرآن العشرين 795/4.

[113] نساء لهن في التاريخ الاسلامي نصيب 52، 48.

[114] الأعلام 108/3.

[115] کتابه عقيلة الوحي 24.

[116] کتاب نفحات من سيرة السيدة زينب 21.