بازگشت

كلام صعصعة بن صوحان في رثاء أميرالمؤمنين بعد شهادته في حضور أولاده


قال الراوي: لما الحد أميرالمؤمنين عليه السلام، وقف صعصعة بن صوحان العبدي رضي الله عنه علي القبر، و وضع احدي يديه علي فؤاده، و الأخري قد أخذ بها التراب و يضرب به رأسه، ثم قال: بأبي أنت و امي يا أميرالمؤمنين، ثم قال: هنيئا لك يا أباالحسن، فلقد طاب مولدك، و قوي صبرك، و عظم جهادك، و ظفرت برأيك، و ربحت تجارتك، و قدمت علي خالقك، فتلقاك الله ببشارته، و حفتك ملائكته، و استقررت في جوار المصطفي، فأكرمك الله بجواره، و لحقت بدرجة أخيك المصطفي، و شربت بكأسه الأوفي، فأسأل الله أن يمن علينا باقتفائنا أثرك و العمل بسيرتك، و الموالاة لأوليائك، و المعاداة لأعدائك، و أن يحشرنا في زمرة أوليائك، فقد نلت ما لم ينله أحد، و أدركت ما لم يدركه أحد، و جاهدت في سبيل ربك بين يدي أخيك المصطفي حق جهاده، و قمت بدين الله حق القيام، حتي أقمت السنن، و أبرت الفتن، و استقام الاسلام، و انتظم الايمان، فعليك مني أفضل الصلاة و السلام، بك اشتد ظهر المؤمنين، و اتضحت أعلام السبل، و أقيمت السنن، و ما جمع لأحد مناقبك و خصالك، سبقت الي اجابت النبي صلي الله عليه و آله مقدما مؤثرا، و سارعت الي نصرته، و وقيته بنفسك، و رميت سيفك ذا الفقار في مواطن الخوف و الحذر، قصم الله بك [كل جبار عنيد، و ذل بك] كل ذي بأس شديد، و هدم بك حصون أهل الشرك و الكفر و العدوان و الردي، و قتل بك أهل الضلال من العدي، فهنيئا لك يا أميرالمؤمنين، كنت أقرب الناس من رسول الله صلي الله عليه و آله قربا، و أولهم سلما، و أكثرهم علما و فهما، فهنيئا لك يا أباالحسن، لقد شرف الله مقامك، و كنت أقرب الناس الي رسول الله صلي الله عليه و آله نسبا، و أولهم اسلاما، و أوفاهم يقينا، و أشدهم قلبا، و أبذلهم لنفسه مجاهدا، و أعظمهم في الخير نصيبا، فلا حرمنا الله أجرك، و لا أذلنا بعدك، فوالله لقد كانت حياتك مفاتح للخير و مغالق للشر، و ان يومك هذا مفتاح كل شر، و مغلاق كل خير، و لو أن الناس قبلوا منك لأكلوا من


فوقهم و من تحت أرجلهم، و لكنهم آثروا الدنيا علي الآخرة.

ثم بكي بكاء شديدا، و أبكي كل من كان معه، و عدلوا الي الحسن، و الحسين، و محمد، و جعفر، و العباس، و يحيي، و عون، و عبدالله عليهم السلام فعزوهم في أبيهم (صلوات الله عليه)، و انصرف الناس، و رجع أولاد أميرالمؤمنين عليه السلام و شيعتهم الي الكوفة، و لم يشعر بهم أحد من الناس، فلما طلع الصباح و بزغت الشمس أخرجوا تابوتا من دار أميرالمؤمنين عليه السلام و أتوا به الي المصلي بظاهر الكوفة، ثم تقدم الحسن عليه السلام و صلي عليه، و رفعه علي ناقة و سيرها مع بعض العبيد.

المجلسي، بحارالأنوار، 296 - 295 / 42