بازگشت

حامي الظعن أو حامي ظعينة كربلا


هذا لقب مشهور، شائع اطلاقه علي أبي الفضل العباس بن أميرالمؤمنين عليه السلام، و من نعوته السائرة. فقد قال السيد جعفر الحلي في تأبينه:



حامي الظعينة أين منه ربيعة

أم أين من عليا أبيه مكدم



و كأنهم خصوه بهذا اللقب، للفرق بينه و بين أخيه سيدالشهداء الامام الحسين بن علي عليهماالسلام، الملقب بحامي الاسلام، و حامي الشرع المقدس. و رتبة العباس عليه السلام دون رتبة الحسين عليه السلام، و حماية الظعينة أدني من حماية الشريعة الغراء رتبة بكل معني. و من


«جهة ثانية»: أن الامام الحسين عليه السلام هو الأمير و السيد و القائد، و لا يباشر كل المهمات بنفسه، و أنه لابد للرئيس من معتمد يقوم مقامه، و ينوب عنه في المهمات. و كان من أهل الكفاءة، و له الأهلية في القيام بواجبه ليحصل الاعتماد عليه في ما رشح له، و حيث لم يكن عند سبط النبي صلي الله عليه و آله و سلم أهم من القيام بحياطة العائلة المخدرة، و حمايتها، و حفظها في تلك الفيافي الموحشة، و المفاوز المقفرة، و كان من أوثق القادمين معه في نفسه أخوه العباس الأكبر و ابنه علي الأكبر، لما فيهما من الكفاءة لكل مهم يناط بهما، فوظفهما لهذه المهمة، فكانا يقومان بترحيل العائلة و انزالها، و يتوليان حراستها مع فتيان العلويين، و أكثرهما قياما بهذا الواجب، و أشدهما مباشرة لهذه الوظيفة أبوالفضل العباس. و لما قتل علي الأكبر عليه السلام قبل عمه العباس عليه السلام، قام أبوالفضل عليه السلام بالمحاماة عن المخيم، و صد هجمات العدو عنه، لأن أجلاف الأعداء يتقصدون ايصال الرعب لتلك العقائل المخدرة، حيث أنهم متيقنون أن في ارعابها كسرا لقلب الحسين عليه السلام، لما عرفوه من شدة غيرته علي حرمه، فكانت كتائب الارهاب الكوفية تقصد اخافة النسوة بكل جهودها، و لكن موقف الحسين عليه السلام في جبهة القتال اليمني، و العباس عليه السلام في الجبهة اليسري، يصدان هجمات الارهاب العدائية عن المخيم، و يحرسان المذاعير من النسوة الخفرة، و هن مادمن ينظرن الأخوين الكريمين يتعاضدان في الحملة، و يتناصران في الجولة، في غاية الوثوق بالسلامة من تعديات المعتدين عليهن، و الشرع المقدس يؤكد حفظ الحرم و صيانة العرض أشد تأكيد. ففي الأحاديث التي يعول عليها: «أن من قتل دون ماله و عرضه فهو شهيد»؛ أو، فله أجر شهيد. نعم و هي شيمة الأحرار، و سجية أرباب الغيرة و الحمية؛ فانهم يتهالكون علي حفظ مخدارتهم، و حراسة مصوناتهم، و يتفانون علي أقل خدشة تصيب الواحدة منهن. و قد ضحي كثير منهم نفوسهم دون أعراضهم، و نشبت بسبب ذلك حروب، و وقعت وقائع ذات أهوال [...]

لم يشتهر بهذا اللقب قبل أبي الفضل العباس بن أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليهماالسلام الا رجل واحد من العرب، و هو ربيعة بن مكدم الكناني، أحد بني فراس بن غنم، عرف بحامي الظعن حيا و ميتا و ضربه الشعراء مثلا [...]


قد عرفت أن حماية العباس عليه السلام للظعائن كانت من حين سار الحسين عليه السلام من المدينة الي أن نزل الغاضرية، و كذلك العشرة أيام التي أقامها الحسين عليه السلام حتي استشهد. و كان العباس بن أميرالمؤمنين عليهماالسلام أمير الحرس الحسيني الذي يقوم بحراسة المخيم. و قد أكثر الشعراء من ذكر ذلك، و هو منظوم باللسانين العربي و العامي، و معروف في المراثي الحسينية. و اشتهر علي ألسنة الذاكرين أن - زينب الحوراء - لما مروا بالسبايا علي جثث القتلي، خاطبت العباس عليه السلام بما يتضمن العتاب له علي ترك حمايتها في مثل هذه الحالة التي صارت اليها، و أوقعها الزمان فيها، بعد فقد الحماة. و يذكر الذاكرون أيضا، أنه لما أقبل أهل الكوفة اليهن بالنياق ليركبن عليها، جعلت النساء تركب بعضها بعضا، حتي بقيت زينب وحدها، حولت وجهها الي نحو العلقمي، و نادت: أخي أباالفضل، أنت الذي أركبتني يوم خروجنا من المدينة، فمن يركبني الآن يابن والدي. و لم يفسح لي المجال في تتبع هذه المقالة و استخراجها من مظانها، و أعول فيها علي مصادرها، فان كانت رواية، فالعهدة علي الراوي، و ان كانت حكاية حال و استخراج من فحوي القصة، فنعم الاستنباط، اذ المعلوم أن شباب العلويين، و يرأسهم أبوالفضل، هم الذين ركبوا العقائل الحسينية حين خرجوا من المدينة، فوجب أن يتولي ركوبهن للمسير عن وادي كربلاء، لولا حيلولة المنية دون ذلك.

المظفر، بطل العلقمي، 71، 67، 64 - 63 / 2