بازگشت

حجابة العباس الأكبر كيف كانت


قد عرفت بالبيان الذي رسمناه لك أنه لم يكن لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و لا لأحد من عترته عليهم السلام جميعا حجاب، و ليس هذا الكتاب موضع نقل الأحاديث في هذا المعني، فليس لهم، كما للملوك الجبابرة، و طواغيت الأمم، حجبة و بوابون، و انما لهم خدم، و عندهم رجال مختصون مخصصون لقضاء حوائجهم، يلازمون أبوابهم في سائر الأوقات، أشبه شي ء بخدم الخاصة للملوك من غير عبيدهم و مماليكهم، يسمونهم أبوابا اشعارا بالاختصاص، و اشارة الي المواظبة، و يطلق عليهم اسم الحجاب، توسعة في الكلام علي ضرب من المجاز، تمييزا لهم عن العبيد الأرقاء، و موالي العتاقة، لأنهم أحرار، كأنس بن مالك عند النبي صلي الله عليه و آله و سلم، و جويرية بن مسهر العبدي عند أميرالمؤمنين علي عليه السلام، و حذيفة الغفاري عند الحسن بن علي عليه السلام؛ و العباس بن علي و علي بن الحسين عند الحسين عليه السلام.

[...] فحجابة العباس لأخيه الحسين عليه السلام من نمط ما ذكرنا عن النبي صلي الله عليه و آله و عترته عليهم السلام، فانه كان يلازم بابه، ليقوم بقضاء حوائجه و مهماته، فاذا أراد أمرا، يتعلق بشأن من شؤونه التي هي خارج السدة الشريفة، أمر أخاه العباس أو ولده علي الأكبر عليهماالسلام بذلك، فسارعا الي قضاء ذلك اللازم، و أسرعا في انجاز ذلك المهم الذي عرض له عليه السلام، لأنهما مخصصان لهذه الوظيفة [1] .

[...] و هذه، و ان لم تدل صراحة علي الحجابة بمعناها السالف، لكنها صريحة بملازمتهما له، و اختصاصهما به، و ترشيحهما لما يهمه لما يهمه. و قد مرت شواهد كثيرة تدل علي مواظبتهما


للخدمة الحسينية و خاصة العباس عليه السلام الذي لم يدع ملازمته اذا ما سافرا و حضرا حتي في آخر حياته، كما سيجي ء في مقتله و شهادته عن الشيخ المفيد، و غيره، أنه عليه السلام قصد المسناة، و بين يديه أخوه العباس عليه السلام، فقد ظهر مما ذكرنا أن للعباس عليه السلام عند أخيه الحسين (صلوات الله عليه) أربعة وظائف مهمة هي: السفير، و العميد، و المرافق، و الحاجب، سوي وظائف عسكرية أخري تلقاها يوم العاشر من المحرم، اقتضتها حراجه الموقف، سنشير اليها في الخطط العسكرية. و هذه الوظائف الأربعة، وظائف سامية و رتب نبيلة كما عرفتها.

المظفر، بطل العلقمي، 97 - 96، 95 / 3



پاورقي

[1] [ثم ذکر کلام الطبري کما ذکرناه، / 365] .