بازگشت

زيارة الحائر في الربع الاول من القرن الرابع


حدثني أبي قال: خرج الينا يوما أبوالحسن الكاتب، فقال: أتعرفون ببغداد رجلا يقال له ابن أصدق، قال: فلم يعرفه من أهل المجلس غيري، فقلت: نعم، فكيف سألت عنه فقال أي شي ء يفعل، قلت: ينوح علي الحسين عليه السلام، قال: فبكي أبوالحسن و قال: ان عندي عجوزا ربتني من أهل كرخ جدان عفيطة اللسان، الاغلب علي لسانها النبطية، لا يمكنها أن تقيم كلمة عربية صحيحة فضلا أن تروي شعرا، و هي من صالحات نساء المسلمين، كثيرة الصيام و التهجد. و أنها انتبهت البارحة في جوف الليل، و مرقدها قريب من موضعي، فصاحت بي: يا أباالحسن، فقلت: مالك، فقالت: الحقني، فجئتها فوجدتها ترعد، فقلت: ما أصابك، فقالت: أني كنت قد صليت وردي فنمت فرأيت الساعة في منامي، كأني في درب من دروب الكرخ فاذا بحجرة نظيفة مليحة الساحة مفتوحة الباب، و نساء وقوف عليه، فقلت لهم: من مات، أو ما الخبر، فأومؤا الي داخل الدار، فدخلت فاذا بحجرة نظيفة في نهاية الحسن و في صحنها امرأة شابة، لم أر قط أحسن منها و لا أبهي و لا أجمل و عليها ثياب حسنة، بياض مروي لين، و هي ملتحفة فوقها بأزار أبيض جدا، و في حجرها رأس رجل يشخب دما، فقلت:


من أنت، فقالت: لا عليك أنا فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه، و هذا رأس ابني الحسين عليه السلام، قولي لابن أصدق عني ينوح:



لم أمرضه فأسلوا

لا و لا كان مريضا



فانتبهت فزعة. قال: و قالت العجوز (لم أمرطه) بالطاء لانها لا تتمكن من اقامة الضاء، فسكنت منها الي أن نامت - ثم قال لي: يا أباالقاسم مع معرفتك الرجل قد حملتك الامانة، و لزمتك أن تبلغها له. فقلت سمعا و طاعة لامر سيدة نساء العالمين.

قال: و كان هذا في شعبان و الناس اذ ذاك يلقون جهدا جهيدا من الحنابلة اذ أرادوا الخروج الي الحاير، فلم أزل أتلطف حتي خرجت فكنت في الحاير ليلة النصف من شعبان. فسألت عن ابن أصدق، حتي رأيته، فقلت له: أن فاطمة عليهاالسلام تأمرك بأن تنوح بالقصيدة:



لم أمرضه فأسلوا

لا و لا كان مريضا



و ما كنت أعرف القصيدة قبل ذلك. قال فانزعج من ذلك، فقصصت عليه و علي من حضر الحديث، فأجهشوا بالبكاء، و ما ناح تلك الليلة الا بهذه القصيدة و أولها:



أيها العينان فيضا

و استهلا لا تغيضا



و هي لبعض الشعراء الكوفيين، وعدت الي أبي الحسن فأخبرته بما جري.

قال أبي و ابن عياش: كانت ببغداد نائحة مجيدة حاذقة تعرف بخلب، تنوح بهذه القصيدة فسمعناها في دور بعض الرؤساء لان الناس اذ ذاك كانوا لا يتمكنون من النياحة الا بعز سلطان - أو سرا لاجل الحنابلة و لم يكن النوح الا مراثي الحسين و أهل البيت عليهم السلام


فقط من غير تعريض بالسلف، قال: فبلغنا أن البربهاري [1] . قال: بلغني أن نائحة يقال لها خلب، تنوح أطلبوها فاقتلوها [2] .


پاورقي

[1] راجع عن أخبار أبومحمد البربهاري هذا، في: تجارب الامم ج 5 ص 322. و الکامل ج 6 ص 248. التکملة للهمداني ص 91. و انظر أيضا في حوادث سنة 323 في جميع المصادر التأريخية. و قد توفي البربهاري سنة 329) التکملة للهمداني ص 121 و الاوراق ص 212).

[2] نشوار المحاضرة و أخبار المذاکرة، طبعة مرجليوث الانکليزي ص 218.