بازگشت

النهر السليماني (الحسينية)


حتي ورد العراق سليمان القانوني العثماني فاتحا أبان حكم الشاه طهماسب الصفوي الاول سنة احدي و أربعين و تسعمائة.

قال نظمي زادة في (كلشن خلفاء) [1] : في 28 جمادي الاول سنة 941 ه قصد الملك المحمود الصفات لزيارة العتبات العاليات، و اتجه نحو كربلاء و النجف، و زار مرقد سيدالشهداء المنور، و نال قصب سبق مرامه،


و أمر بحفر نهر كبير من عمود الفرات لارواء ساحة كربلاء، فأصبحت نمونه من سلسبيل الفردوس الأعلي، و وهب مجموع حاصلات ضياعه للمجاورين و الخدمة الساكنين، كان علي أثر العواصف يمتلأ النهر من ما تراكم في قعره من الصخور. يزاحم تطهيره السادات الكرام. و يكبدهم زحمات كثيرة، و علي أثر جريه أحاطت بالحرم الذي الملائكة امناؤه، حدائق و بساتين حتي حاكي الجنان، و أجلي عن قلوب ساكنيه التكليف، لما اجتمع لهم من أسباب الراحة و رغد العيش. علي أثر تحقيق أرباب التاريخ في الماضي، بعض المهندسين البارزين حسب أقيستهم [2] الهندسية ظهر انخفاض مستوي الفرات، و ارتفاع قصبة كربلاء. كان من المستحيل جريان الماء فيه. فمن كرامة الامام و يمن اقبال الملك العالي المقام، جري الماء بسهولة، مما سبب افحام المهندسين، و استوجب تحسين الملأ الاعلي.

اطلق علي هذا النهر حسب منطوق الوثائق القديمة لبعض الحدائق


بالنهر (الشريف السليماني). و في سنة 1217 ه عندما أراد أن يقيس أبوطالب في رحلته (مسير طالبي) [3] عرض شط الهندية. قال: هو علي غرار نهر الحسينية - الاسم الذي يعرف به اليوم مع ما طرأ علي عدوتيه من تغيير و تبديل، هو اليوم عين النهر الموجود يروي ضياع كربلاء و بساتين ضواحيها باسم نهر الحسينية. كما منفذه الرئيسي ينتهي الي هور السليمانية الواقع في القسم الشرقي من البلاد، علي مسافة بضع أميال، و الفرع الذي اختص لارواء السكنة و المجاورين كان يطوق المدينة من ثلاث جهات. حيث الشمال و الغرب ثم ينعطف نحو الجنوب و يتجه شرقا حتي يصل الي منفذه الرئيسي في هور السليمانية.

أنفق السيد كاظم الرشتي من فضله مصرف تجديد انشاء المسجد الواقع في القسم الشرقي من الصحن الحسيني و بتبرع زوجة محمد شاه القاجاري ملك ايران أنفذ (نهر الرشتية) الي الزرازه و بطيحة أو هور أبودبس، و لتبرع أحد المحسنين من رجال حاشية الشاه عباس الاول الصفوي أبان احتلال الدولة الصفوية للعراق (1042 - 1033 ه) جدد صدرا لهذا النهر.


و قد قام حسن باشا والي بغداد [4] لسنة 1329 ه علي الخلل الذي طرأ علي مجري هذا النهر فحفر له صدرا آخر. و يوجد اليوم في شمال قضاء المسيب جانب البو حمدان في ضيعة هور حسين ترعة يطلق عليها بصدر الحسينية العتيق. و كان لها قنطرة قائمة متينة علي محاذات خان الوقف الذي هدم حديثا لغرض فتح الشارع المقابل للجسر الثابت الذي انشأ لربط جانبي القضاء. قد يكون هذا الصدر أحد تينك الصدرين اللذين مر ذكرهما. و علي ما أتخطر هدمت القنطرة السالفة الذكر لاستعمال أنقاضها في بناء الناظم الذي أقيم علي صدر الحسينية، القائم ليومنا هذا أي في سنة 1324 ه.

و علي أثر التغيير الذي طرأ علي مجري عمود الفرات باحداث الهندية بأمر آصف الدولة الهندي [5] أشكل علينا معرفة الفوهة الاصلية لنهر الحسينية. و كذلك موقعه الذي اختير له من الفرات عند حفره بأمر سليمان القانوني سنة 941 ه و من المحتمل أن تكون فوهته بمقربة من مأخذ وفوهة نهر نينوي القديم علي التقريب.



پاورقي

[1] باللغة الترکية مخطوطة في مکتبة المؤلف (ص 97 وجه) و قد ترجم المؤلف هذا النص من الترکية.

[2] و قد جاء في أربعة قرون من تأريخ العراق الحديث تأليف لونکريک و ترجمة الاستاذ جعفر الخياط. ص 24) عن زيارة سليمان القانوني لکربلاء مايلي:

کانت عنايته الثانية أن يزور العتبات المقدسة في الفرات الأوسط. و أن يفعل هناک أکثر مما فعله الزائر الصفوي في العهد الاخير، فوجد کربلاء المقدسة حائرة في حائرها، بين المحل و الطغيان، اذ کان الفرات الفائض في الربيع يغمر الوهاد التي حول البلدة بأجمعها من دون أن تسلم منه العتبات نفسها، و عند هبوط النهر کانت عشرات الالوف من الزوار يعتمدون علي الري من آبار قذرة شحيحة، لرفع مستوي (روف السليمانية) و هي سدة لا تزال نافعة لوقاية البلدة من الفيضان، ثم وسع الترعة المعروفة بالحسينية، و زاد في عمقها لکي تأتي بالماء باستمرار الخالية المغبرة حولها بساتين و حقول قمح. و صارت هذه الترعة تنساب في أرض کان الجميع يظنونها أعلي من النهر الأصلي، فاستبشر الجميع للمعجزة و اقتسم الحسين الشهيد و السلطان الترکي جميع الثناء و الاعجاب.

[3] کتاب مسير طالبي هو من تأليف: أبوطالب بن محمد الاصفهاني. دون فيه مشاهداته و ملاحظاته عن البلدان التي مر بها في رحلته، فقد بدأ رحلته من الهند و سافر الي انکلترا و منها الي فرنسا، ثم عبر البحر الابيض قاصدا اسلامبول، و من اسلامبول شد رحاله الي بغداد عن طريق بر الاناظول. و منها الي سامراء ثم الي کربلاء. ثم سافر الي الغري عن طريق الحلة، ثم عاد بعد ذلک مقفلا الي بغداد. ثم رحل منها الي البصرة. و منها الي بومبي. و في بومبي لاقي السيد عبداللطيف الشوشتري قريب المرحوم السيد نعمة الله الجزائري صاحب کتاب (تحفة العالم) ثم ختم رحلته بعودته الي کلکته.

[4] کلشن خلفاء خط. ص: 241 وجه.

[5] جاء في تحفة العالم لمير عبداللطيف الشوشتري. ط الهند. ص 348 عن آصف الدولة ما ترجمته (آصف الدولة بهادر يحي خان من أحفاد سعادت مندخان برهان الملک الذي هو من أعاظم امراء محمد شاهي. و في التاريخ النادري مجمل من أحواله مسطور فيه. کان من أعاظم نيشابور و آصف الدولة سواء في الرئاسة أو ضبط المملکة و تنسيق الامور لم يکن کما ينبغي.... ولکنه کان حاتم زمانه في السخاء و الکرم الفطري... و کان قد بني رباطا کبيرا لجهة الزائرين و سکنة العتبات العاليات و کان دائما غاصا بعدد کبير من الزائرين و کان الزائرون من يوم ورودهم الي هذا الخان حتي خروجهم منه يصرف لهم مقدارا من المال کل علي قدره و مرتبته. و من آثاره الخيرية هي جلبه الماء الي أرض الغري الذي کان امنية السلاطين العظام و قد عجزوا عن اقحامه... و قد شيد قرب داره في الهند مسجدا و دارا لاقامة مجالس التعزية الحسينية فيها. و قد کلفه ذلک الأموال الجزيلة. و قد توفي سنة 1310 ه - برواية الشيخ عبدالعزيز الجواهري في کتابه آثار الشيعة الامامية ج 4. (عادل).