بازگشت

تاريخ كربلاء منذ القدم الي القرن الثالث عشر


لم تكن كربلاء في العهد القديم قبل الفتح الاسلامي بلدة تستحق الذكر، و لم يرد ذكرها في التاريخ الا نادرا، و أكثر ذلك في عرض الكلام عما كان يقع في الحيرة و قرية الطف من الوقائع - بل كانت هي قرية بسيطة عليها مزارع و ضياع لدهاقين الفرس، و كان سكانها أهل حرائة و زراعة.

كربلاء بالمد: ذكر ياقوت في المعجم [1] حول اشتقاقه من كربله رخاوة في القدمين، جاء يمشي مكربلا، و علله لرخاوة أرضها و تربتها و نقاء حنطتها و استشهد:



يحملن حمراء رسوبا بالنقل

قد غربلت و كربلت من القصل



قال: و الكربل [2] اسم نبت الحماض و استشهد بوصف أبو وجزه لعهون الهودج:



و ثامر كربل و عميم دفلي

عليها و الندي سبط يمور



من الممكن أن تكون قيمة لما علل، ان لم تكن أصل اللفظة أعجمية. [3] .


و أورد عند ذكر الكوفة [4] عن السبب الذي بعث علي اتخاذ موقعه معسكرا، قال: علي أثر الفشل الذي مني به القائد الاعلي سعد بن أبي وقاص و الموفقية التي حازها خالد بن عرفطة في فتح ساباط أولا، ثم استتبعه فتح البقية من المدائن عاصمة الدولة الساسانية، و تكلل فوز المسلمين بأكاليل النصر، و تم لهم الغلبة. أرغم يزدجرد الملك بالانسحاب و التقهقر مقهورا الي اصطخر فارس، عطفوا عندها باتخاذ قاعدة تكون معسكرا لهم علي تخوم الجزيرة، فاختاروا كربلاء و لتمنع ساكنيه من التسليم و الخضوع لارادتهم قصدهم خالد بن عرفطة و فتح كربلاء عنوة و سبي أهلها، و قسم سعد أرباضها بين أصحابه، و نزل كان قوم في الناحية التي خرج سهمه بها، فأحيوها.

فلاطلاق لفظ كربلا علي مدده عامرة عند الفتح، لابد من أن يكون جاهلي الاصل و بزعم مجوس دور الفهلوية و معتقدهم كان بيت نار، علي ما ذكره مؤلف (دبستان المذاهب) [5] ، يطلقون لفظة ب (كاربالا) و معناه: الفعل العلوي، فعرب بكربلاء.

و من المحتمل ان المسلمين خففوا لفظ كربلا من كور بابل كما خففوا لفظ بورسيبا بلفظ برس، و هو لغة نبطي بابلي، علي ان كربلا و مطلق القطع المتلاصقة ببعضها هي ضواحي القسم الغربي من مدينة بابل.

قي مبدأ الفتح في عهد خلافة أبوبكر، عندما هادن أهل الحيرة - دهاقين الفرات الاوسط - خالد بن الوليد، شكا عبدالله بن وثيمه النصري ذباب كربلاء، و قال رجل من أشجع:




لقد حبست في كربلا مطيتي

و في العين حتي عاد غثأ سمينها



اذا رحلت من منزل رجعت له

لعمري و أيها انني لأهينها



و يمنعها من ماء كل شريعة

رفاق من الذبان زرق عيونها [6] .



و تناقلت الألسن أنباء الشكوي و الشعر و أحيط بعلم الخليفة عمر بن الخطاب في حينه فعند وصول كتاب سعد يخبره بما قام به، لم يرتضه للمسلمين معسكرا. و أمر سعد بتحويلهم و نقلهم منها، فحولهم سعد من كربلاء الي سوق حكمه [7] ، و يقال الي كويفة ابن عمر دون الكوفة [8] .

فأغفل ذكر كربلاء بعدها. الي أن ولي أميرالمؤمنين علي سلام الله عليه الخلافة فوردها عند مسيره لحرب معاوية في سهل صفين. فوقف عندما بلغ هذه الأرض [9] و أخبر عما سيكون لولده الحسين - ع - من الحوادث


و الشئون فيها. و المستفاد من ذلك لم يكن محل موقفه الذي وقف فيه و اخبر عن ذلك سوي صحراء خالية لا أثر بها خلا بعض نخيلات [10] . علي أن هذا لا يكون دليلا قاطعا علي عدم وجود عمران و أبنية فيها. اذ من الجائز أن تكون الوقفة الشريفة علي بعض نواحيها لا نفس موقعها. أو أنه من الجائز أن أخذت الي الخراب و الدثار بعد ترك سعد بن أبي وقاص لها، و تحوله عنها الي موضع الكوفة، بعد أن سبا أهلها، فلم يسكنها أحد بعد ذلك اللهم الا بعض الصعاليك. و أخذت الي التقهقر يوما بعد يوم حتي أن قضت آخر أدوارها في زمن وجيز.

هذا و رغما علي مر كرور الليالي و الايام عن بعد ذلك الزمن الشاسع و اهمال المؤرخين و الجغرافيين عن تعريف موقعها. حفظ لنا يد التواتر محلها و أقام براهينه وجود الأطلال و الهضبات الحاكية لنا عن قديم آثارها.

يوجد اليوم علي ما بلغني علي بعد بعض أميال في القسم الشمالي الغربي من مدينة كربلاء باتجاه ضريح الحر بن يزيد الرياحي في أرض القرطه و الكمالية. أكم و أطلال قيل انها كربلاء الأصلية. و قبل سني الحرب العالمية الاولي كان بعض افراد من مطره يستخرجون من نفس الأطلال طابوق فرشي ضخم سلطاني يحملونه علي حميرهم الي كربلاء لبيعه علي الأهلين كوسيلة للعيش و الارتزاق (و أذكر في هذا الخصوص ان السيد كاظم العطار كان مشغولا ببناء داره الواقعة في حارة باب الطاق مقابل امام بارة الأميرة تاج دار بهو الهندية. يبتاع منهم لبنائه.) [11] .


و في الجنوب الشرقي من البلدة المشرقة قطعة أرض يطلق عليها اليوم لفظة (كربله) بهاء. و يزعم من لا علم له بذلك انها القرية التي كانت عليها المزارع حين ورود أبي عبدالله (ع) اليها. و منها اشتق الاسم لهذه البلدة. و قد بنا بها النواب ناصر علي خان اللاهوري بناء جليلا. و بذل الأموال الجزيلة لاعمار هذه القطعة من الأرض بعد أن ابتاعها من الحكومة العثمانية. و لما كانت تتصل بهور السليمانية فقد تكرر اطلاق الماء عليها. و ذهبت بمحاسنها و لم يبق بها الا القليل من ذلك. و ببنائه اليوم يسكن أحفاده، و تجري لهم الارزاق الكافية و هم علي كمال السعة.

فلم يعد يحدثنا التأريخ عن كربلاء بعد تلك الوقفة (أي وقفة أميرالمؤمنين - ع -) الا بعد مرور ربع قرن من الزمان ولكن هذه المرة


بحديث ذي شجون عن أعظم مأساة في تأريخ البشرية. ألا و هي الحادثة الشهيرة بواقعة الطف أو يوم عاشوراء في يوم الجمعة العاشر من محرم الحرام لسنة 61 هجرية التي استشهد فيها سبط الرسول و حبيب البتول الامام الحسين بن علي سلام الله عليهما و جمع من أصحابه رضوان الله عليهم [12] .

هذا و لم تكن كربلاء عامرة يوم ورود الحسين - ع - لها يوم الخميس الثاني من المحرم سنة 61 هج و هو علي ظهر جواده علي شفير ذلك الوادي الا بعض قري تحف أطرافها كشفيه و الغاضريات و نينوي و ماريه [13] و العقر التي بقيت آخر أثر للبابليين لا يزال قائما. هذا و اذا أراد الله شيئا هيي ء أسبابه، اذ قد قدر أحياء اسم كربلا و بقاء التلفظ بلفظتها. لم يرتض الحسين (ع) من أسماء القري التي أخبروه بها سوي اسم كربلا. اذ عندما طرقت لفظتها مسامعه الشريفة.. ارتضاها من غير تأن و لا توان بحيث كأنه تفوه بلفظتها مع مخبره عن تلك الأسماء. فلم يكد أن قال: هي هي هي و الله محط رحالنا و مناخ ركابنا و مسفك دمائنا، ثم أمر بأثقاله فحطت و بسرادقه فأقيمت. ثم كان من أمره ما كان ليوم التاسع من نزوله سلام الله عليه. كربلا.... فأخذت لفظتها بعد وقوع هذا الحادث الأليم مما جري علي بسيط أديمها من ضروب الفضاعة و غلواء صنوف الشناعة من تفنن أهل الكوفة في الاتيان بأنواع الطرق البربرية، حتي أظهروا الغاية و بلغوا مراتب النهاية في ذلك. بحيث لم يعهدنا التأريخ بمثله منذ أقدم الأعصر الغابرة، و ان قلنا من حين أن عرف النوع الانساني، لجاز


ذلك. بما فاضت تلك الأرض القاحلة من دماء الأبرياء الذين ثبتوا في ذلك اليوم في مستنقع الموت. ذبا وراء نفوسهم الطاهرة. و اباء عن مديد الذل لكريم انوفهم الحمية، حتي أعجبوا الملأ الأعلي لعظيم صبرهم فضلا عن أهل البرية.

و من ذلك الحين ذاع صيت هذه المدينة في الآفاق و انتشر في الاقطار. و قد جاء ذكرها في أشعار العرب و دواوينهم، ففي أول بيت شعر وردت لفظتها:



أبكي قتيلا بكربلا

ثم البيت:



غادروه بكربلا صريعا

لا سقي الله جانبي كربلا [14] .



ثم تلاها قول السهمي [15] :



مررت علي قبر الحسين بكربلا

ففاض عليه من دموعي غزيرها



و قوله:



سلام علي أهل القبور بكربلا

و قل لها مني سلام يزورها



و قول كشاجم:



و أظلم في كربلا يومهم

ثم تجلي و هم ذبائحه [16] .



و قول السوسي:



كم دموع ممزوجة بدماء

سكبتها العيون في كربلاء



و قول منصور النمري [17] :




بيثرب كربلاء لهم ديار

نيام الاهل دارسة الطلول [18]



و قول الزاهي:



و أضحي بكم كربلا مغربا

كزهر النجوم اذا غورت



الي ما هنالك من ذكر لفظتها، و ان أردنا استيعاب ذلك لم تسعنا المجلدات لكثرته اذ لم يخل بيت شعر رثي به الحسين (ع) من ذلك.

هذا و موضع تلك الواقعة، صار مقصد الراغبين و بغية الطالبين، بعد قيام الأسديين أهل الغاضريات بدفن الجثث الطاهرة، و الأجساد المضرجة بالدماء التي أريقت بسيف البغي و العدوان. الا ان أشلائهم لم تقبر كلها في صعيد واحد. اذ لم ترض بنوا تميم ترك شلو صاحبهم الحر بن يزيد عند تلك الاشلاء، أخذوه الي موضع قبره المعلوم، و شلو العباس بن علي (ع) ترك علي المسناة علي شاطي ء العلقمي لتعسر الحاقه بجثة أخيه، اذ كانت أربا أربا. الا ان الحائر محيط بأشلاء بقيتهم. و ليس اليوم علما يركن اليه للوقوف علي حفرهم، سوي الحسين (ع) و ولده المقتول بين يديه علي الأكبر. و هما في ضريح واحد. و هناك موضع يشير الي حفرة الشهداء كأنهم اقبروا فيه. و علم يشير الي ضريح حبيب بن مظاهر الأسدي.

فكان أول من زار الحائر بعدما حازت تربتها تلك السعادة الأبدية، عبيدالله بن الحر الجعفي [19] لقرب موضعه منها - اذ كان علي الفرات -


وقف علي القبر الشريف و استعبر باكيا متأوها كمدا علي ما فاته من القيام بالسعادة و فوزه بمراتب الشهادة بين يدي سيد السادة. منشدا أبياته الشهيرة التي يقول فيها [20] :



فواندمي أن لا أكون نصرته!

ألا كل نفس لا تسدد نادمه!



و اني لأني لم أكن من حماته،

لذو حسرة ما ان تفارق، لازمه!



سقي الله أرواح الذين تآزروا

علي نصره سقيا، من الغيث، دائمه!



وقفت علي أجداثهم و محالهم

فكاد الحشي ينقض و العين ساجمه



لعمري لقد كانوا مصاليت في الوغي

سراعا الي الهيجا حماة ضبارمه



تآسوا علي نصر ابن بنت نبيهم

بأسيافهم آساد غيل ضراغمه



فان يقتلوا فكل نفس زكية،

علي الأرض قد أضحت لذلك واجمه



و ما أن رأي الراؤن أصبر منهم

ندي الموت سادات و زهرا قماقمة



و للوم ابن زياد و عتبه اياه لعدم رؤيته لذلك المشهد الفضيع، فقال يعنيه:



أتقتلهم ظلما و ترجوا ودادنا؟

فدع خطة ليست لنا بملائمه!



لعمري لقد راغمتمونا بقتلهم

فكم ناقم منا عليكم و ناقمه؟



أهم مرارا أن أسير بجحفل

الي فئة زاغت عن الحق، ظالمه



فكفوا! و الا زرتكم في كتائب

أشد عليكم، من زحوف الديالمه [21] .



و عند تحقق خبر شهادته في الأقطار قصدته العقم من النساء، مائة ألف امرأة، لما عند العرب من العوائد في المرأة التي لا تلد، أن تحضر


قبر رجل كريم. [22] .

و قيل التي لا يعيش لها ان أتت الشريف المقتول غدرا، و وطئت حوله عاش لها [23] . و قد عني الكميت بن زيد الأسدي ذلك في الهاشميات، حيث قال:



و تطيل المرزآت المقاليت

اليه القعود بعد القيام [24] .

و هناك ورد وفد ابن عبدالله الأنصاري جابر في جماعة من الهاشميين، يوم العشرين من صفر سنة الشهادة. و قد عد البعض ذلك ضرب من المستحيل ان كان واردا من الحجاز لما يستغرق من الوقت لوصول الخبر


الي المدينة ثم مجيئهم الي كربلاء. و لا يمكن تعليل ذلك الا بوجود جابر في محل قريب من كربلاء عند بلوغه الخبر فأمكنه الوصول في ذلك اليوم - أو انه قد وفد في السنة التي تلت سنة الشهادة. هذا و عندما بلغ جابر الغاضرية، اغتسل في شريعتها و تقمص بأطهر ثيابه، و تطيب بسعد كان مع صاحبه عطاء. ثم سعي نحو القبر الشريف، حافي القدمين و عليه امارات الحزن و الكآبة، حتي وقف علي الرمس الكريم، انكب و وقع مغشيا عليه... و عند اقامته من غشوته، سمعه عطاء يقول: السلام عليكم يا آل الله [25] .

ثم ذكروا ملاقاته للسجاد علي بن الحسين (ع) - في ذلك اليوم - مع أهل بيته راجعا من الشام، و هو حامل للرأس الشريف و سائر الرؤوس لالحاقها بالجثث الطاهرة - أو الرأس الشريف فقط - بعد اطلاق سبيلهم من قيد الأسر. ان التصدي لتوثيق صحة هذا الخبر و تأكيده، لهو من الاستحالة بمكان. اذ كيف تسني للسجاد بطي الارض بهذا الزمن القصير، مع ما هم عليه من المصاب و الحزن علي استشهاد الحسين - ع - حيث قادوهم من ساحة كربلاء الي الكوفة و بقائهم بها مدة استئذان ابن مرجانة طاغيته (يزيد) في حملهم اليه. و تسييرهم بعد صدور ارادة يزيد و قد ساروا بهم علي طريق الفرات، و اجتازوا بهم حلب حتي دخلوا بهم الشام في اليوم السادس عشر من ربيع الاول علي ما نص علي عماد الدين الحسن بن علي الطبرسي في كتابه الموسوم ب: الكامل البهائي (61 صنيع الدولة). مع انه لم نقف علي مدة اقامتهم بالشام. الا و قد ورد انهم أقاموا شهرا في موضع لا يكفهم من حر و لا برد (بحار ج 21: ص 203) فنري من ذلك انه من الصعوبة بمكان قدوم السجاد و أهل بيته من الشام في نفس السنة التي استشهد فيها الحسين و في نفس ذلك اليوم. و لا يمكن تعليل


ذلك، سوي ما ذكرناه من تعليل لمجي ء جابر لكربلاء و هي ورودهم لها في السنة التي تلت الحادية و الستين. و لم يتعرض المفيد قدس الله روحه الي ذكر ورودهم كربلاء بعد اطلاق سبيلهم الي ان السيد ابن طاوس قال: «أمر يزيد برد الأسري و سبايا الحسين عليه السلام الي أوطانهم بمدينة الرسول، و أما الرأس الشريف، روي انه اعيد فدفن بكربلا [26] مع جسده الشريف». و من الغريب ان ابن طاوس قد ذكر العبارة السالفة بعد أن ذكر تمنع يزيد عندما أراد السجاد رؤية وجه أبيه، فضلا عن اعطائه اياه. و اعتذر بعد أن أورد لفظ الحاق الرأس الشريف بالجسد الطاهر بهذه العبارة «و كان عمل الطائفة علي هذا المعني المشار اليه. و رويت آثار كثيرة مختلفة غير ما ذكرناه، تركنا وصفها كي لا ينفسخ ما شرطناه». ثم أوصل كلامه بهذه الجملة: «و لما رجعت نساء الحسين - ع - و عياله من الشام و بلغوا العراق قالوا لله ليل مر بنا علي طريق كربلاء. فوصلوا الي موضع المصرع فوجدوا جابر بن عبدالله الأنصاري و جماعة من بني هاشم و رجالا من آل رسول الله صلي الله عليه و آله قد وردوا لزيارة قبر الحسين (ع). فوافوا في وقت واحد و تلاقوا بالبكاء و الحزن و اللطم و أقاموا المآتم المقرحة للأكباد و اجتمع اليهم نساء ذلك السواد فأقاموا علي ذلك أياما.» [27] .

و مع هذا لم تكن كربلاء في القرن الاول الهجري عامرة، مع ما كان في أنفس الهاشميين و شيعتهم من شوق و لهفة في مجاورة قبر سيدالشهداء لم يتمكنوا من اتخاذ الدور و اقامة العمران خوفا من سلطان بني أمية.

و قد أخذت بالتقدم في أواثل الدولة العباسية، و رجعت القهقري في


أيام الرشيد [28] . و قد ازداد خرابها في أيام المتوكل لأنه هدم قبر الحسين (ع) فرحل عنها سكانها.

ثم أخذ الشيعة في أيام المنتصر يتوافدون الي كربلاء و يعمرونها. (و كان أول علوي سكنها، هو تاج الدين ابراهيم المجاب حفيد الامام موسي بن جعفر عليهماالسلام، و قد وردها في حدود سنة 247 هجرية). و اتخذت الدور عند رمسه، و قامت القصور و الأسواق حوله و لم يمض قرن أو بعض قرن، الا و حول قبره الشريف مدينة صغيرة بها آلاف النفوس.

و قد زارها السلطان عضد الدولة بن بويه [29] سنة 370 هجرية، و كانت قرية عامرة بالسكان، و عدد من جاور القبر في ذلك العهد من العلويين فيها خاصة ما يربوا علي ألفين و مائتين نفس. فأجزل لهم عضد الدولة في العطايا، و كان ما بذل لهم مائة ألف رطل من التمر و الدقيق و من الثياب خمسمائة قطعة [30] .


و وصف الطنجي حال عمرانها و قد وردها بعد تمام القرن السابع و أول القرن الثامن [31] ، قال: «هي مدينة صغيرة تحفها حدائق النخيل و يسقيها ماء الفرات، و الروضة المقدسة داخلها و عليها مدرسة عظيمة و زاوية


كريمة [32] فيها الطعام للوارد و الصادر. و علي باب الروضة الحجاب و القومه، لا يدخل أحد الا عن أذنهم، فيقبل العتبة الشريفة و هي من الفضة، و علي الضريح المقدس قناديل الذهب و الفضة، و علي الأبواب أستار الحرير. و أهل هذه المدينة طائفتان: أولاد زحيك و أولاد فائز، و بينهم القتال أبدا، و هم جميعا أمامية يرجعون الي أب واحد، و لأجل فتنتهم تخربت هذه المدينة.» [33] .

و حوالي نفس التأريخ، وصفها المؤرخ و الجغرافي الشهير حمدلله المستوفي بقوله: «و غربي الكوفة بثمانية فراسخ في صحراء كربلاء مشهد الحسين (ع) المعروف ب (المشهد الحائري). و قد ذكر في عهد الخليفة المتوكل انه أجري الماء عليها بقصد تخريبه حتي حار الماء عند قبره الشريف و ظلت البقعة الطاهرة عند القبر جافة. و قد شيد عمارته عضد الدولة فنا خسرو الديلمي. و حول هذا الموضع قرية مساحتها ألفين و أربعمائة خطوة» [34] .

و لم يغفل الجغرافيون المسلمون الأوائل عن ذكر كربلاء. ولكن


مع بالغ الأسف اقتصروا في ذكرها فقط علي انها مدينة تقع في غربي الفرات بحذاء قصر ابن هبيرة [35] .

و كان أكثرهم ذكرا عنها هو ابن حوقل النصيبي الذي قال: و كربلا من غربي الفرات فيما يحاذي قصر ابن هبيرة، و بها قبر الحسين بن علي صلوات الله عليهما. و له مشهد عظيم و خطب في أوقات من السنة بزيارته، و قصده جسيم [36] .

و قد أكثر المتأخرون من وصفها و الاشادة بها. فكان ممن وصفها القاضي نور الله الشوشتري - في القرن العاشر - وصفا يسيرا في مجالسه (ص 25) بقوله:.... و الحال ان مشهد كربلاء من أعظم الأمصار و مجمع أخيار كل الديار، و الماء العذب يجري في غدرانها. و البساتين الغناء تحيطها. و قد قيل في فضيلة تربة كربلاء و ثواب زيارة المرقد المنور الحسيني روايات كثيرة. و معظمها صيغة بصورة شعرية [37] و قد


زارها الرحالة عباس المدني في القرن الثاني عشر فوصفها في (نزهة الجليس و منية الأدب الأنيس ص 84) بقوله: فلما أسفر الصباح عن وجه الهنا و الانشراح رابع ربيع الأول، عام ألف و مائة و واحد و ثلاثين من هجرة النبي المرسل، توكلنا علي الرب العلي و رحلنا من مشهد علي قاصدين زيارة الشهيد المبتلي المدفون بكربلا الحسين بن علي و من معه من الشهداء الصابرين رضوان الله عليهم أجمعين. ففي خامس الشهر المذكور أتينا علي موضع يقال له الخان الأخير و مررنا في طريقنا بقبر النبي ذي الكفل عليه السلام فزرناه و بلغنا المرام. و في سادس الشهر دخلنا أرض الحائر، مشهد الحسين الطاهر. سلام الله عليه، و علي جده و أبيه، و أمه و أخيه، و سائر مواليه و محبيه:



لله أيام مضت بكربلا

محروسة من كل كرب و بلا



بمشهد الحسين ذو العلا

و نسل خير الخلق من كل الملا [38] .



حتي يقول: فتشرفت و الحمدلله بالزيارة، و لاح لي من جنابه الشريف اشارة، فاني قصدته لحال، و ما كل ما يعلم يقال. و قرت عيني بزيارة الشهيد علي الأصغر بن مولانا الحسين الشهيد الأكبر. و زيارة سيدي الشهيد العباس بن علي بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين و أما ضريح سيدي الحسين: فيه جملة قناديل من الورق المرصع. و العين ما يبهت العين. و من أنواع الجواهر الثمينة، ما يساوي خراج مدينة. و أغلب ذلك من ملوك العجم. و علي رأسه الشريف قنديل من الذهب يبلغ وزنه منين بل أكثر. و قد عقدت عليه قبة رفيعة السماك متصلة بالأفلاك. و بناؤها عجيب، صنعة حكيم لبيب.

و قد أقمت شهرين بمشهد مولاي الحسين. بلدة من كل المكاره


جنة، كأنها من رياض الجنة. نخيلها باسقات و مائها عذب زلال من شط الفرات. و أقمارها مبدرة، و أنوارها مسفرة، و وجوه قطانها ضاحكة مستبشرة. و قصورها كغرف الجنان مصنوعة، فيها سرر مرفوعة، و أكواب موضوعة. و فواكهها مختلفة الألوان، و أطيارها تسبح الرحمن علي الأغصان. و بساتينها مشرقة بأنوار الورود و الزهور، و عرف ترابها كالمسك و لونه كالكافور.

و أهلها كرام أماثل، ليس لهم في عصرهم مماثل. لم تلق فيهم غير عزيز جليل، و رئيس صاحب خلق و خلق جميل. و عالم فاظل، و ماجد عادل. يحبون الغريب، و يصلون من برهم و برهم بأوفر نصيب. و لا تلتفت الي قول ابن أياس في نشق الأزهار بأنهم من البخلاء الأشرار. فلله خرق العادة، فانهم فوق ما أصف و زيادة:



هينون لينون أيسار ذو كرم

سواس مكرمة أبناء أيسار



ان يسئلوا الحق يعطوه و ان خبروا

في الجهد أدرك عنهم طيب أخبار



لا ينطقوا عن الفحشاء ان نطقوا

و لا يمارون ان ماروا باكثار



فيهم و منهم يعد المجد متلدا

و لا يعد ثنا خزي و لا عار



من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم

مثل النجوم التي يسري بها الساري



و اجتمعت بالرئيس المعظم و العظيم المفخم. ذي الشرف الباذخ و الفخر الوضاح. مولانا السيد حسين الكليدار، يعني صاحب المفتاح. و بأخيه الشهم الكريم النبيل العظيم، مولانا السيد مرتضي، حماه الله تعالي من حوادث القضاء. و بالعالم العلامة الحبر النحرير الرحله الفهامة. ذي الوصف الجميل، و الذكر الحسن، مولانا الفاضل الملا أبوالحسن، فجمع بيني و بين الأمير المظفر الشجاع الغظنفر، البحر الغطمطم، الأسد الغشمشم، بحر الأحسان و معدن الكرم، الأمير حسين أو غلي بيك أيشك أغاسي باشي حرم سلطان العجم. و كان قد أستأذن من السلطان في ذلك العام، أن يسير الي العراق لزارة الأئمة أعلام الهدي و مصابيح الظلام...



پاورقي

[1] معجم البلدان لياقوت الحموي ج 7: ص 229.

[2] حاء في تاج العروس من جواهر القاموس للزبيدي ج 8 ص 97. عدة وجوه في اشتقاق لفظة کربلاء منها يقول من کربل بالفتح قيل هو نبات له نور أحمر مشرق اذ يقول أبوحنفية في ذلک:



کأن جني الدفلي يخشي خدورها

و نوار ضاح من خزامي و کربل



.

[3] راجع أيضا حول اشتقاق لفظة کربلاء: لسان العرب لابن منظور ج 11 ص 587 ط بيروت و الصحاح للجوهري ج 5 ص 1810. و مجالس المؤمنين للقاضي نور الله الشوشتري ص 25. و البستان للشيخ عبدالله البستاني ج 2. ص 267.

[4] معجم البلدان ج 7 ص 296، طبعة مرجليوث.

[5] راجع حول مؤلف هذا الکتاب - الذريعة الي تصانيف الشيعة للعلامة الشيخ أغا بزرگ الطهراني.

[6] تأريخ الطبري ج 4. ص: 192، و معجم البلدان ج 7 ص 229 ط مصر.

[7] سوق حکمه: بالتحريک موضع بنواحي الکوفة. نسب الي حکمه بن حذيفة بن بدر. و کان قد نزل عنده (معجم البلدان ج 5. ص 176).

[8] معجم البلدان ج 7 ص 396.

[9] و قد ورد ان سلمان الفارسي الصحابي الجليل قد مر بها عند مجيئه من المدينة اذ يحدثنا الکشي في رجاله (ص 24) في سنده عن ابن‏نجيه الفزاري. قال: لما أتانا سلمان الفارسي قادما فتلقيته ممن تلقاه فسار حتي انتهي الي کربلاء فقال: ما يسمون هذه؟ قالوا: کربلا. فقال: هذه مصارع اخواني، هذا موضع رحالهم، و هذا مناخ رکابهم و هذا مهراق دمائهم. قتل بها خير الاولين، و يقتل بها خير الآخرين، ثم سار حتي انتهي الي حروراء. فقال ما تسمون هذه الأرض؟ قالوا: حرورا، فقال: خرج بها شر الاولين و يخرج بها شر الآخرين. ثم سار حتي انتهي الي بانقيا و بها جسر الکوفة الاول، فقال: ما تسمون هذه؟ قالوا: بانقيا. ثم سار حتي انتهي الي الکوفة. قال: هذه الکوفة! قالوا: نعم، قال قبة الاسلام» انتهي أقول: هذا الترتيب الذي ذکر لسلمان عند قدومه العراق، لا يصح الا للوارد الي العراق من الشام لا من الحجاز. اذ بانقيا علي ما ذکر أرباب کتب الفتوح تقع علي سيف البادية علي خط الحيرة قريبة من أرض النجف، ثم يتلو بانقيا الکوفة ثم کربلاء ثم حرورا. هذا و سلمان لم يقدم العراق الا من الحجاز. و اختلفوا في سبب قدومه، اذ ذکر البعض انه حضر غازيا فتوح ايران. بينما يذکر العلامة النوري في (نفس الرحمن في فضائل سلمان. طبع حجر): توجه سلمان من المدينة الي المدائن واليا عليها في خلافة ابن الخطاب بعد ما عزل حذيفة عنها.

[10] ترجمة فتوح ابن‏أعثم الکوفي ص 16.

[11] و قد جاء في نسخة أخري من هذا الکتاب عن موضع کربلاء القديمة، ما نصه:

فموقع (کربلاء) اليوم علي ضوء التحقيق الذي قمت به، واقع علي بعد بضع أميال في الشمال الغربي من بلدة کربلاء - الحالية - مما يلي أرض القرطة، و هو مکان مرتفع يسمي باصطلاح اليوم: الظهيرة أو العرقوب: و يبعد موقعها عن قبر الحر بن يزيد الرياحي حوالي سبعة آلاف متر. (و تعود ملکيتها اليوم لآل بحر العلوم القاطنين في هذه البلدة المشرفة) و منهم السيد جواد أفندي الذي توفي قبل أيام.

و قد جاء في (نفس الرحمن في فضائل سلمان. للعلامة الميرزا حسين الطبرسي) عن موضع کربلاء ما نصه: و أما کربلا فالمعروف عند أهل تلک النواحي انها قطعة من الارض الواقعة في جنب نهر يجري من قبلي سور البلدة، يمر بالمزار المعروف بابن حمزة. منها بساتين و منها مزارع و البلدة واقعة بينها) أقول: يا لله ما لشيخنا الجليل قدس سره أن يخوض ما يقصر عنه علمه. و کيف يعتمد علي من لا علم لهم و يعول عليهم بالتحقيق. فأين النهر الذي يجتاز قبلي سور البلدة. و اذا قصد نهر الهندية فأين بعده عن السور و أين قبر ابن‏حمزه عنه. و ما قبر ابن‏حمزة الا علي شرق السور بمسافة. و ان قصد نهرها لم ينطبق مع الحقيقة. نعم علي موضع قلعة ناصر علي خان اللاهوري يطلق لفظ کربله لا کربلاء.

[12] و تأتي تفصيل هذه الواقعة المروعة في الجزء الثاني من هذا الکتاب.

[13] راجع بشأن هذه القرية و القري الاخري التي کانت تحيط کربلاء يوم ورود ابي عبدالله عليه‏السلام لها في (الزهر المقتطف في أخبار أرض الطف) للعلامة المؤلف. و هو مصنف نفيس لا نظير له في موضوعه.

[14] في معجم البلدان، الشطر الثاني: لاسقي الغيث بعده کربلاء و البيت لزوجة الحسين (ع) عاتکة بنت عمرو بن نفيل في رثائها للحسين.

[15] امالي الشيخ الطوسي ص 148.

[16] مناقب ابن‏شهر آشوب ج 4 ص 117 ط. طهران.

[17] زهر الآداب في هامش العقد الفريد للحصري ج 2 ص 272.

[18] في بحار الانوار للمجلسي (ج 45 ص 289): بتربة کربلاء.

[19] و قد وردها المختار ابن أبي‏عبيدة بعد رجوعه من الحج. و سلم علي القبر، و قبل موضعه، و أخذ بالبکاء و قال: يا سيدي قسما بجدک و أبيک و أمک الزهراء و بحق شيعتک و أهل بيتک، قسما بهؤلاء جميعا أن لا أذوق طعاما طيبا أبدا، حتي انتقم من قتلتک». عن مجالس المؤمنين ص: 172.

[20] في هامش خزانة الادب للبغدادي (الطبعة السلفية) ج 2 ص 138 تعقيب علي هذه الابيات هذا نصه: (غير ان الابيات الميمية ليست له ألبته و انما هي للحر بن يزيد الرياحي، کما هو عند أبي‏مخنف. فلا أدري هل هذا الوهم من أبي‏سعيد أو من نساخ کتابه، أو من البغدادي...). و هذا زعم باطل مغرض، اذ ان الابيات نفسها ترد علي ذلک. (عادل).

[21] شرح خزانة الادب للبغدادي. ج 1: ص 299. و ج 2 ص 139 من ط: السلفيه.

[22] بحارالأنوار للمولي ذو الفيض القدسي الشيخ محمد باقر المجلسي. ج 22: ص 124.

[23] بلوغ الارب في معرفة أخبار العرب لمحمود شکري الآلوسي في 2: ص 351.

[24] قال ابن السکيت ان العرب کانت تقول: ان المرأة المقلاة - و هي التي لا يعيش لها ولدا - اذا وطئت أرض القتيل الشريف عاش ولدها.



قال بشر بن حازم:



تظلم مقاليت النساء يطأنه

يقلن ألا يلقي علي المرء مئزر



و قال أبوعبيده: تتخطاه المقلاة سبع مرات، فذلک وطؤها له.

و قال ابن الاعرابي: و يطأون حوله، و قيل انما کانوا يفعلون ذلک بالشريف يقتل غدرا أو قودا.

و قال آخر:



ترکنا الشعثمين برمل خبت

تزورهما مقاليت النساء



و قال آخر:



بنفسي الذي تمشي المقاليت حوله

يطاف له کشحا هظيما مهشما



و قول آخر:



تباشرت المقاليت حين قالوا:

ثوي عمر بن مرة بالحفير



(شرح نهج‏البلاغة لابن أبي الحديد ج 4: ص 439).

[25] بحارالانوار ج 21 ص 203.

[26] سيأتي تفصيل ما قيل في محل الرأس الشريف، و فصل القول به، في الجزء الثاني من هذا الکتاب.

[27] اللهوف في قتلي الطفوف للسيد ابن‏طاوس ص 176.

[28] راجع الفصل الموسوم ب: (أخبار عن الحائر و زائريه).

[29] فرحة الغري: ص 59.

[30] و قد زار کربلاء من البويهيين: عز الدولة عام 366 ه مع ابن بقيه بعد أن استخلف علي بغداد الشريف أباالحسن محمد. (تکملة تأريخ الطبري للهمداني، ص 231).

و في سنة 369 ه - في زمن عضد الدولة - أطلقت الصلات لاهل الشرف و المقيمين في المشهدين الغري و (الحائر) علي ساکنهما السلام و بمقابر قريش، فاشترک الناس في الزيارات و المصليات بعد عداوات کانت تنشؤ بينهم (انظر تجارب الامم لابن‏مسکويه ج 6 ص 407).

و في سنة 402 ه و اصل فخر الملک الصدقات و الحمول الي المشاهد بمقابر قريش و الحائر و الکوفة، و فرق الثياب و التمور. (المنتظم ج 7 ص 256). و قد زارها من البويهيين أيضا الملک جلال الدولة أبوطاهر بن بهاء الدولة بن عضد الدولة، و ترجل قبل أن يرد المشهد بنحو الفرسخ تعظيما و اجلالا لقبر سيدالشهداء. و کان ذلک سنة احدي و ثلاثين و أربعمائة. (الکامل ج 9. و راجع أيضا المنتظم ج 8 ص 105).

و في سنة 436 ه قد سار الملک أبا کاليجار البويهي الي بغداد في مائة فارس، فلما وصل النعمانية لقيه دبيس بن مزيد، و مضي الي زيارة المشهدين بالکوفة و کربلاء. (الکامل ج 8 ص 40). و في المنتظم (ج 8 ص 45) في حوادث سنة 442: و خرجوا الي زيارة المشهدين مشهد علي و الحسين... و خرج من الاتراک و أهل السنة من لم يجر به عادة. و زارها من السلاجقة في النصف الثاني من القرن الخامس (سنة 479) السلطان ملکشاه السلجوقي مع وزيره نظام الملک عندما کان ذاهبا للصيد في تلک الانحاء (الکامل ج 9)، و في المنتظم أنه أمر بتعمير سور الحائر (المنتظم ج 9 ص 29). و في سنة 529 مضي الي زيارة علي و مشهد الحسين عليهماالسلام خلق لا يحصون و ظهر التشيع (المنتظم ج 10 ص 52). و في ربيع الآخر سنة 553 ه، خرج الخليفة المقتفي بالله بقصد الانبار و عبر الفرات و زار قبر الحسين عليه‏السلام، (المنتظم ج 10 ص 181). و في سنة 634 ه الخليفة المستنصر بالله العباسي أبرز ثلاثة آلاف دينار الي الشريف الاقساسي (نقيب الطالبيين) و أمر ان يفرقها علي العلويين المقيمين في مشهد أميرالمؤمنين علي و الحسين و موسي بن جعفر عليهم‏السلام... (الحوادث الجامعة لابن الفوطي ص 95). و قد زارها الملک الناصر ابن الملک عيسي الايوبي سنة 653 ه عند مجيئة للعراق لاخذ جوهرة عظيمة، کان قد بعثها من حلب وديعة عند الخليفة المستعصم العباسي، ثم توجه من کربلاء الي الحج بعد أن أيس من أخذها. (المختصر في أخبار البشر لابن الفداء ج 3 ص 191).

[31] و ممن زار کربلاء في القرن الثامن السيد نور الدين نعمة الله ولي من العلماء المتصوفه - الذي يرتقي نسبه الي الباقر (ع) و المولود في حلب سنة 731 ه - قاصدا من همدان الي زيارة عتبة المشهد الحسيني. و في حوالي مدينة الحلة الذي لم يوجد فيها آنذاک سوي الماء المالح، حفر السيد بئرا حلو الماء، فعرف ببئر نعمة الله. و بعد زيارة کربلاء، اعتکف أربعون يوما بجوار سرداب مقتل الحسين (ع). أمضاها في صوم النهار، و بالصلاة و التهجد و البکاء في الليل و الاسحار، و بعد زيارته للعتبات المقدسة في العراق. شد رحاله الي القاهرة. و فيها اجتمع بالسيد حسين الاخلاطي الصوفي الشهير، و أخذ عنه بعض العلوم الغريبة. ثم سافر الي مکة المعظمة و لازم فيها الشيخ عبدالله اليافعي الملقب ب (نزيل الحرمين) سبعة أعوام. ثم رجع الي ايران و زار المشهد و منها توجه الي سمرقند حيث تلاقي مع الامير تيمور کورکان (لنک). (ملخصة عن رياض السياحه شيرواني صاحب بستان السياحه ج 1 ص 233).

[32] يعتقد السيد حسن الکليدار ان هذه المدرسة هي مسجد ابن شاهين البطائحي، و ان الزاوية الکريمة هي: (دار السيادة) التي انشأها محمود غازان. (عادل)

[33] رحلة ابن‏بطوطه ص 139. و قد وردها سنة 726.

[34] نزهة القلوب لحمدالله المستوفي القزويني و قد صنف کتابه في النصف الاول من القرن الثامن الهجري.

[35] راجع عن ذلک: صور الاقاليم للبلخي (مخطوط في خزانة المؤلف) ص 52 وجه، المسالک و الممالک تأليف الاصطخري سنة 340 ه، ص 85 ط ليدن. أحسن التقاسيم في معرفة الاقاليم تأليف المقدسي سنة 375 ه، ص 130 ط ليدن اسماء الامکنة و البقاع للزمخشري ص 119 ط ليدن. تقويم البلدان تأليف ابي الفداء صاحب حماة سنة 721 ه، ص 305 ط ليدن. مراصد الاطلاع لعبد الحق الحنبلي سنة (700 ه) و ذکرها أيضا الهروي في کتابه: (الاشارات الي معرفة المزارات) أنظر أيضا مجمع البحرين.

[36] صورة الارض تأليف ابن‏حوقل النصيبي سنة 367 ص 166، الطبعة الثانية لطبعة بريل سنة 1938 م.

[37] و قد استشهد بشواهد شعرية، منها رباعية فضولي البغدادي (المدفون في کربلاء). و هي:



آسوده‏ي کربلا بهر حال که هست

گر خاک شود نمي‏شود قدرش پست



برمي‏دارند و سبحه مي‏سازندش

مي‏گردانندش أز شرف دست بدست.

[38] ثم يثبت قصيدة طويلة من بحر الرجز للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي.