بازگشت

نصبه


في تاريخ بغداد ج 13 ص 289، في ترجمة نصربن علي الجهضمي باسناده عن نصر بن علي المذكور قال:

(أخبرني علي بن جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي، حدثني أخي موسي بن جعفر، عن أبيه جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، عن أبيه علي بن حسين، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صلي الله عليه و سلم أخذ بيد حسن و حسين، فقال: من أحبني و أحب هذين و أباهما و أمهما كان معي في درجتي يوم القيامة.

قال أبوعبدالرحمان عبدالله - الراوي عن نصر -: لما حدث بهذا الحديث نصر بن علي أمر المتوكل بضربه ألف سوط، و كلمه جعفر بن عبدالواحد، و جعل يقول له: هذا الرجل من أهل السنة، و لم يزل به حتي تركه، و كان له أرزقا فوفرها عليه موسي.

قلت - أي الخطيب البغدادي -: انما أمر المتوكل بضربه، لأنه ظنه رافضيا، فلما علم أنه من أهل السنة تركه).

و لا حظ تعليل البغدادي، فهل الرفض الذي هو تشيع لعلي عليه السلام موبقة و معصية و كبيرة حتي يستحق عليها ألف سوط، ثم ان الخبر صريح في أن المتوكل أمر بضربه لأنه حدث بحديث فيه فضيلة لعلي


و فاطمة و الحسن و الحسين عليهم السلام، و هذا كاشف عن شدة بغضه لعنه الله.

و في العتب الجميل علي أهل الجرح و التعديل للسيد محمد بن عقيل ص 145 - 144:

(و قال ابن الشحنة في روض الناظر: أنه في سنة 244 سأل المتوكل يعقوب بن السكيت، امام النحو و اللغة: أيما أحب اليك، ابناي المعتز و المؤيد أم الحسن و الحسين؟

فقال: و الله ان قنبرا خادم علي خير منك و من ابنيك.

فأمر به، فسل لسانه من قفاه، فمات لساعته).

و في الغدير للأميني ج 4 ص 140:

(ان القصيدة النونية المذكورة انما هي لأبي محمد عبدالله بن عمار البرقي، أحد شعراء أهل البيت، و شي به الي المتوكل، و قرئت له نونيته، فأمر بقطع لسانه، و احراق ديوانه، ففعل به ذلك، و مات بعد أيام، و ذلك سنة 245، و من النونية قوله) و ذكر شيئا منها.

و في أعيان الشيعة ج 4 ص 94 - 93، في ترجمة جعفر بن حسين:

(ذكره القاضي أبوالمكارم، محمد بن عبدالملك بن أحمد بن هبة الله بن جرادة الحلبي في شرح قصيدة أبي فراس، الميمية المعروفة بالشافية، فانه حكي فيه عن مروان بن أبي حفصة، أنه قال:

أنشدت المتوكل شعرا، ذكرت فيه الرافضة، فعقد لي علي البحرين و اليمامة، و خلع علي أربع خلع في دار العامة، و الشعر هو هذا:




لكم تراث محمد

و بعد لكم تنفي الظلامه



يرجوا التراث بنو البنا

ت و ما لهم فيه قلامه



و الصهر ليس بوارث

و البنت لا ترث الامامه



ما للذين تنحلوا

ميراثكم الا الندامه



أخذ الوارثة أهلها

فعلام لومكم علامه



لو كان حقكم لها

قامت علي الناس القيامه



ليس التراث لغيركم

لا و الاله و لا كرامه



أصبحت بين محبكم

و المبغضين لكم علامه



فرد عليه رجل، يقال له: جعفر بن حسين بهذه الأبيات و هي:



قل للذي بفجوره

في شعره ظهرت علامه



و يبيع جهلا دينه

لمضلل يرجو حطامه



من أين أنت لعنت؟ أو

من أين أسرار الامامه



أظننتها ارث النبي

فما أصبت و لا كرامه



ان الامامة بالنصو

ص لمن يقوم بها مقامه



كمقاله في يوم خم

لحيدر لما أقامه



من كنت مولاه فذا

مولاه يسمعهم كلامه



سل عنه ذا خبر به

فلتذهبن اذا ندامه



فهو الذي بحسامه

للنقع قد جلي قتامه



في يوم بدر اذ شكا

سدات مالككم صدامه



و أنين والدهم و قد

منع النبي به منامه



ان الامام لديننا

من شاده و بني دعامه



في كل معترك اذا

شب الوغي أطفي ضرامه



فتاح خيبر بعدما

فر الذي طلب السلامة






تالله لو وزن الجميع

لما وفوا منه القلامه)



و أورد الأبيات من دون ردها الطبري في تاريخه ج 9 ص 231 - 230، و أولها:



(ملك الخليفة جعفر

للدين و الدنيا سلامه



لكم تراث محمد

الي آخر الابيات...)



هذا بالاضافة الي ما تقدم من استخفافه بأميرالمؤمنين عليه السلام و رقص عبادة المخنث بين يديه بذلك البيت، و منه تعرف ضعف التضعيف في قول القضاعي في كتابه لانباء ص 292:

(و يقال: انه كان يغلو في بغض علي عليه السلام).

و العجب من القضاعي من عدم الجزم بعد اشتهار نصب المتوكل في كل الكتب التاريخية و غيرها.

مع تشديده علي آل أبي طالب، قال أبوالفرج الأصفهاني في مقالته ص 396 عن المتوكل:

(و استعمل علي المدينة و مكة عمر بن الفرج الرخجي، فمنع آل أبي طالب من التعرض لمسألة الناس، و منع الناس من البر بهم، و كان لا يبلغه أن أحدا أبر أحدا منهم بشي ء و ان قل الا أنهكه عقوبة، و أثقله غرما.

حتي كان القميص يكون علي مغازلهن عواري حواسر، الي أن قتل المتوكل، فعطف المنتصر عليهم و أحسن اليهم، و وجه فرقه فيهم، و كان يؤثر مخالفة أبيه في جميع أحواله و مضادة مذهبه طعنا عليه و نصرة لفعله).

فضلا عن أن المتوكل بعدما تولي الخلافة أخذ فدكا من يد بني


هاشم بعد ما ردها اليهم المأمون سنة 210، راجع الغدير ج 7 ص 197 - 196.

زد علي ذلك هدمه قبر سيدالشهداء عليه السلام علي ما تقدم نقله من كتب المؤرخين.

بل تعرض للهدم جماعة من الشعراء المعاصرين للمتوكل و بعده، منهم:

ابن الرومي الذي ولد سنة (221) و توفي سنة (283 أو 284) علي ما في مقدمة ديوانه ج 1 ص 9 - 7.

فقد رثي بقصيدة أباالحسن، يحيي بن عمر بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام عندما قتل، مطلعها:



(أمامك فانظر أي نهجيك تنهج

طريقان شتي: مستقيم و أعوج



ألا أيهذا الناس: طال ضريركم

بآل رسول الله فاخشوا أو ارتجوا



أكل أوان للنبي محمد

قتيل زكي بالدماء مضرج



الي أن خاطب بني العباس بقوله -:



أفي الحق أن يمسوا خماصا و انتم

يكاد أخوكم بطنه يتبعج



تمشون مختالين في حجراتكم

ثقال الخطا أكفالكم تترجرج



وليدهم بادي الطوي و وليدكم

من الريف ريان العظام خدلج



تذودنهم عن حوضهم بسيوفكم

و يشرع فيه أرتبيل و أبلج



فقد ألجمتهم خيفة القتل عنكم

و بالقوم حاج في الحيازم حوج



بنفسي الألي كظتهم حسراتكم

فقد علزوا قبل الممات و حشرجوا



و لم تقنعوا حتي استثارت قبورهم

كلا بكم منها بهيم و ديزج)



الي آخر الأبيات، راجع ديوانه ج 1 ص 310 - 305، و مقاتل


الطالبين ص 429 - 424.

و الديزج هو الذي كان نبش قبر الحسين عليه السلام في أيام المتوكل، و منع الناس من الزيارة الي أن قتل المتوكل، كما في مقاتل الطالبين ص 428، عندما أورد البيت الأخير.

هذا و (خدلج): ممتلي ء اليدين و الساقين، و (أرتبيل و رتج) أراد بهما الترك و الفرس، و (علزوا) أخذهم الغيظ.

و منهم: أبوفراس الحمداني ولد سنة (320) و توفي (357) علي ما في مقدمة ديوانه ص 5، قال قصيدة يعارض بها قصيدة ابن سكرة التي يفتخر بها علي الطالبين، مطلعها:



الدين مخترم و الحق مهتضم

و في ء آل رسول الله مقتسم



- الي أن قال -:



بنوعلي رعايا في ديارهم

و الأمر تملكه النسوان و الخدم



- و قال مخاطبا بني العباس -:



أتفخرون عليهم، لا أبا لكم

حتي كأن رسول الله جدكم



و ما توازن يوما بينكم شرف

و لا تساوت بكم في موطن قدم



و لا لكم مثلهم في المجد متصل

و لا لجدكم مسعاة جدهم



و لا لعرقكم من عرقهم شبه

و لا نفيلتكم من أمهم أمم



قام النبي بها يوم الغدير لهم

و الله يشهد و الاملاك و الامم



- الي أن قال -:



ما نال منهم بنوحرب و ان عظمت

تلك الجرائر الا دون نيلكم



كم غدرة لكم في الدين واضحة

و كم دم لرسول الله عندكم




- الي أن قال -:



ليس ارشيد كموسي في القياس و لا

مأمونكم كالرضا ان أنصف الحكم



ذاق الزبيري غيث الحنث و انكشفت

عن ابن فاطمة الأقوال والتهم



باؤوا بقتل الرضا من بعد بيعته

و أبصروا بغض يوم رشدهم و عموا



يا عصبة شقيت من بعد ما سعدت

و معشرا هلكوا من بعد ما سلموا



لبئس ما لقيت منهم و ان بليت

بجانب الطف تلك الأعظم الرمم)



راجع ديوانه ص 259 - 255.

و محل الشاهد البيت الأخير، و معناه أن العظام البالية و ان بليت تحت التراب الا أنها لقيت من بني العباس ما لقيت، و في هذا اشارة الي نبش بني العباس لعظام آل البيت عليهم السلام المدفونة بجانب الطف أي في كربلاء.

و منهم: أبوالحسن علي بن محمد بن منصور بن نصر بن بسام، الشاعر المشهور ب (البسامي) ولد سنة (230) و توفي (303)، قال عنه ابن خلكان في و فيات الأعيان ج 3 ص 365:

(و لما هدم المتوكل قبر الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهما، في سنة ست و ثلاثين و مائتين عمل البسامي:



تالله ان كانت أمية قد أتت

قتل ابن بنت نبيها مظلوما



فلقد أتاه بنوأبيه بمثله

هذا لعمرك قبره مهدوما



أسفوا علي أن لا يكونوا شاركوا

في قتله فتتبعوه رميما



و كان المتوكل كثير التحامل علي علي و ولديه الحسن و الحسين، رضي الله عنهم أجمعين، فهدم هذا المكان بأصوله و دوره و جميع ما يتعلق به، و أمر أن يبذر و يسقي موضع قبره، و منع الناس من اتيانه).


و قد تقدم كلام الكتبي في فوات الوفيات ج 1 ص 293 أنه ردد هذه الأبيات بينه و بين ابن السكيت المتوفي سنة (244) علي يد المتوكل، و في أمالي الطوسي ص 329، حديث (104) من المجلس الحادي عشر، أسندها الي عبدالله بن دانية الطوري، و أنه قالها بعد من زار كربلاء بعد الحج في سنة (247) سنة مقتل المتوكل، و أنه رأي بعينه كيفية حرث الأرض و مخر الماء فيها و أن الثيران لم تطأ القبر، و لم يمكنه الزيارة رجع الي بغداد (و أنا أقول في ذلك) كما هو نص الخبر و ذكر الأبيات الثلاثة، و الثالث: (أسفوا علي أن لا يكونوا شايعوا).

و نقله عنه ابن شهر أشوب في مناقبه (ج 4 ص 65، و المجلسي في بحاره ج 45 ص 397.

تم الفراغ من تحريره في يوم الثلاثاء الواقع فيه 14 رجب 1422 ه الموافق ل 2 تشرين الأول سنة 2001.

و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

محمد حسن ترحيني العاملي

عبا - لبنان