بازگشت

فسقه


قال الذهبي في تاريخ الاسلام ص 133 - 132:

(و قد أحيي السنة، و أمات بدعة القول بخلق القرآن، ولكنه في نصب و انهماك علي اللهو و المكاره).

و قال المسعودي في مروج الذهب ج 5 ص 37، عن حاله ليلة مقتله، عن البحتري:

(و سكر المتوكل سكرا شديدا، قال: و كان من عاداته أنه اذا تمايل عند سكره أن يقيمه الخدم الذين عند رأسه، قال: فبينما نحن كذلك و مضي نحو ثلاث ساعات من الليل، اذ أقبل باغر و معه عشرة نفر من الأتراك، و هم ملتثمون و السيوف في أيديهم تبرق في ضوء تلك الشمع، فهجوا علينا و أقبلوا نحو المتوكل، حتي صعد باغر و آخر معه من الاتراك علي السرير، فصاح بهم الفتح: ويلكم مولاكم.

فلما رآهم الغلمان و من كان حاضرا من الجلساء و الندماء تطايروا علي وجوههم، فلم يبق أحد في المجلس غير الفتح، و هو يحاربهم و يمانعهم.

قال البحتري: فسمعت صيحة المتوكل و قد ضربه باغر السيف الذي كان المتوكل دفعه اليه علي جانبه الأيمن، فقده الي خاصرته ثم


ثناه علي جانبه الأيسر ففعل مثل ذلك).

و في مروج الذهب أيضا ج 5 ص 13/11، باسناده عن المبرد، قال:

(قال المتوكل لأبي الحسن علي بن محمد بن علي بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم: ما يقول ولد أبيك في العباس بن عبدالمطلب؟

قال: و ما يقول ولد أبي - يا أميرالمؤمنين - في رجل افترض الله طاعة بنيه علي خلقه، و افترض طاعته علي بنيه؟

فأمر له بمائة ألف درهم، و انما اراد أبوالحسن - الهادي - طاعة الله علي بنيه فعرض.

و قد كان سعي بأبي الحسن علي بن محمد الي المتوكل، و قيل له: ان في منزله سلاحا و كتبا و غيرها من شيعته، فوجه اليه ليلا من الأتراك و غيرهم من هجم عليه في منزله علي غفلة ممن في داره، فوجد في بيت وحده مغلق عليه في منزله علي غفلة ممن في داره، فوجد في بيت، وحده مغلق عليه، و عليه مدرعة من شعر و لا بساط في البيت الا الرمل و الحصي، و علي رأسه ملحفة من الصوف، متوجها الي ربه يترنم بآيات من القرآن في الوعد و الوعيد.

فأخذ علي ما وجد عليه، و حمل الي المتوكل في جوف الليل، فمثل بين يديه، و المتوكل يشرب، و في يده كأس، فلما رآه أعظمه و أجلسه الي جنبه، و لم يكن في منزله شي ء مما قيل فيه، و لا حالة يتعلل عليه بها.

فناوله المتوكل الكأس الذي في يده، فقال: يا أميرالمؤمنين، ما خامر لحمي و دمي قط، فاعفني منه، فأعفاه، و قال: أنشدني - و في


الهامس: رواية عبدالحميد: أنشدني شعرا استحسنه، فقال: اني لقليل الرواية للأشعار، فقال: لابد أن تنشدني - فأنشده:



باتوا علي قلل الأجبال تحرسهم

غلب الرجال فما اغنتهم القلل



و استترلوا بعد عز من معاقلهم

فاودعوا حفرا يا بئس ما نزلوا



ناداهم صارخ من بعد ما قبروا

أين الأسرة و التيجان و الحلل



أين الوجوه التي كانت منعمة

من دونها تضرب الاستار و الكلل



فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم

تلك الوجوه عليها الدود يقتتل



قد طالما أكلوا دهرا و ما شربوا

فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا



و طالما عمروا دورا لتحصنهم

فقارقوا الدور و الأهلين و انتقلوا



و طالما كنزوا الأموال و ادخروا

فخلفوها علي الأعداء و ارتحلوا



أضحت منازلهم قفرا معطلة

و ساكنوها الي الأجداث قد رحلوا



قال: و أشفق كل من حضر علي علي، و ظنوا أن بادرة ستبدر منه اليه، قال:

و الله لقد بكي المتوكل بكاء طويلا، حتي بلت دموعه لحيته، و بكي من حضره، ثم أمر برفع الشراب.

ثم قال له: يا أباالحسن، أعليك دين؟

قال: نعم، أربعة الآف دينار.

فأمر بدفعها اليه، ورده الي منزله، من ساعته مكرما).

و لا يتوهم أن المتوكل تاب عن شرب الخمر، بدليل شربها ليلة مقتله و غيرها من الليالي كما يظهر من مراجعه مروج الذهب و غيره، نعم أنوار الامامة المتجلية علي وجه أبي الحسن الهادي عليه السلام هي التي أثرت في قلب هذا الكافر السكير فترك شرب الخمر في هذه الواقعة بعدما عرضه علي الامام عليه السلام جرأة و استخفافا بمقامه عليه السلام.