عينية الصفات
و في العقائد ذهب الاشاعرة الي زيادة الصفات علي الذات، قال الشيخ المفيد في أوائل المقالات ص 57 - 56:
(و أحدث رجل من أهل البصرة يعرف بالأشعري قولا خالف فيه ألفاظ جميع الموحدين و معانيهم فيما وصفناه، و زعم أن له عز و جل صفات قديمة و أنه لم يزل بمعان، لا هي هو و لا غيره، من أجلها كان مستحقا للوصف بأنه عالم، حي، قادر، سميع، بصير، متكلم، مريد).
و زيادة الصفات القديمة علي الذات توجب تعدد القديم، و لذا قال الفخر الرازي في تفسيره ج 1 ص 132 في مقام عرض أدلة نفي الصفات القديمة عن الذات:
(الحجة السادسة: أن الله تعالي كفر النصاري في التثليث، فلا يخلو اما أن يكون لأنهم قالوا باثبات ذوات ثلاثة، أو لأنهم قالوا بالذات مع الصفات، و الأول لا يقوله النصاري، فيمتنع أن يقال: ان الله كفرهم بسبب مقالة لا يقولون بها، فبقي الثاني، و ذلك يوجب أن يكون القول بالصفات كفرا).
لذا قال العلامة الحلي في نهج الصدق ص 64 عن الفخر الرازي قوله:
(قال فخرالدين الرازي: النصاري كفروا بأنهم أثبتوا ثلاثة قدماء، و أصحابنا أثبتوا تسعة).
و عدد التسعة ناشي ء من كون عدد الصفات المتنازع في ثبوتها ثمانية، و هي مع الذات تسعة.
و علي كل فهذا رد لقول أميرالمؤمنين في نهج البلاغة الخطبة الأولي:
(و كمال الاخلاص له نفي الصفات عنه، لشهادة كل صفة أنها غيرالموصوف، و شهادة كل موصوف أنه غير الصفة، فمن وصف الله سبحانه - بوصف زائد علي ذاته - فقد قرنه، و من قرنه فقد ثناه، و من ثناه فقد جزأه، و من جزأه فقد جهله).
الي غير ذلك من الموارد و قد أسهب في ذكرها العلامة الحلي في كتابه: (نهج الحق و كشف الصدق) فليراجع.
و بمراجعته أيضا تعرف الموارد الكثيرة الفقهية التي ردوا بها قول علي و بنيه المعصومين عليهم السلام في الفقه.
الثالث: من الامور الواردة علي كلام ابن حجر بأن أهل السنة هم الشيعة تحامي أهل السنة عن رواية فضائل علي و بنيه المعصومين عليهم السلام، و نكتفي بنقل نص ابن قتيبة في كتابه: (الاختلاف في اللفظ) علي ما نقله السيد محسن الأمين في كتابه: (الشيعة بين الحقائق و الأوهام) ص 38، بعد ما ذم حالة العلماء و في عصره، قال:
(و قد رأيت هؤلاء قابلوا الغلوفي حب علي بالغلوفي تأخيره و بخسه حقه، و لحنوا في القول، و ان لم يصرحوا الي ظلمه، و اعتدوا عليه بسفك الدماء بغير حق، و نسبوه الي الممالأة علي قتل عثمان،
و أخرجوه بجهلهم من الأئمة الهدي الي جملة أئمة الفتن، و لم يوجبوا له اسم الخلافة لاختلاف الناس عليه، و أوجبوها ليزيد بن معاوية لاجماع الناس عليه.
و اتهموا من ذكره بخير، و تحامي كثير من المحدثين أن يحدثوا بفضائله، أو يظهروا ما يجب له، و كل تلك الأحاديث لها مخارج صحاح.
و جعلوا ابنه الحسين خارجا شاقا لعصا المسلمين حلال الدم، و أهملوا من ذكره أو روي حديثا من فضائله، حتي تحامي كثير من المحدثين أن يتحدثوا بها و عنوا بجمع فضائل عمرو بن العاص و معاوية، و كأنهم لا يريدونهما بذلك، و انما يريدونه.
فان قال قائل: أخو رسول الله صلي الله عليه و سلم علي، و أبوسبطيه الحسن و الحسين، و أصحاب الكساء: علي و فاطمة و الحسن و الحسين تمصرت الوجوه و تنكرت العيون و طرت حسائك الصدور.
و ان ذكر ذاكر قول النبي صلي الله عليه و سلم: من كنت مولاه، و أنت مني بمنزلة هارون من موسي، و أشباه ذلك التمسوا لتلك الأحاديث الصحاح المخارج لينقصوه و يبخسوه حقه، و هذا هو الجهل بعينه).
و قال ابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة ص 197 - 196:
(و أخرج السلفي في الطيوريات، عن عبدالله بن أحمد بن حنبل، قال: سألت أبي عن علي و معاوية، فقال: اعلم أن عليا كان كثير الأعداء ففتش له أعداؤه شيئا فلم يجدوه، فجاؤوا الي رجل، قد حاربه و قاتله فأطروه كيدا منهم له) انتهي
و مازال الاطراء لمعاوية و منع لعنه قائما الي اليوم و منه تعرف حال أهل السنة أنهم شيعة لعلي عليه السلام أولا.
الرابع: من الامور الواردة علي أن أهل السنة هم الشيعة جعل سب علي عليه السلام و لعنه غير قادح في العدالة، مع حكمهم بأن سب غيره من الصحابة خصوصا الخلفاء الثلاثة - موجب للكفر، و جعلوا حب علي و رواية فضائله مسبة و منقصة في الراوي، راجع كتبهم من تهذيب التهذيب و لسان الميزان لتري العجب العجاب.
و راجع كتاب (العتب الجميل علي أهل الجرح و التعديل) للسيد محمد بن عقيل فقد تتبع بعض نصوصهم في ذم بعض أئمة أهل البيت عليهم السلام و ذم شيعتهم و مدح أعدائهم.
بعد هذه الأمور و غيرها كيف يكون أهل السنة شيعة لعلي و بنيه عليهم السلام، بل جعلهم شيعة لمناوئيه و اعدائه هو الموافق لحال عقائدهم و فقههم و سلوكهم و مفاهيمهم.
قال ابن خلكان في وفيات الأعيان ج 3 ص 355، في ترجمة علي بن الجهم:
(و كان - مع انحرافه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه و اظهاره التسنن - مطبوعا مقتدرا علي الشعر عذب الألفاظ).
و كلامه صريح في أن التسنن يجتمع مع بغض علي عليه السلام و الانحراف عنه.