بازگشت

معني البدعة و حكمها


البدعة في الدين: ادخال في الدين ما ليس منه.

و هي من المحرمات بل من الكبائر، حث توعد عليها النبي صلي الله عليه و آله و سلم بالنار.

و مما يدل علي حرمتها قوله تعالي: (و لا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب، هذا حلال و هذا حرام، لتفتروا علي الله الكذب، ان الذين يفترون علي الله الكذب لا يفلحون) [النحل: 116].

و قوله تعالي: (قل أريتم ما أنزل الله لكم من رزق، فجعلتم منه حراما و حلالا، قل ءالله أذن لكم أم علي الله تفترون) [يونس: 59].

و قوله تعالي: (و رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم الا ابتغاء رضوان الله، فما رعوها حق رعايتها) [الحديد: 27].

فالمبتدع يفتري علي الله الكذب بنسبة شي ء اليه، و هو غير صادر منه، بل ينازل المولي جل و علا سلطانه في التشريع، و الله يقول: (ان الحكم الا لله) [يوسف: 40].

و الأخبار علي حرمتها كثيرة، منها: (خطبنا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فحمد الله و أثني عليه بما هو أهل له، ثم قال: أما بعد، فان أصدق الحديث كتاب الله، و ان أفضل الهدي هدي محمد، و شر الأمور محدثاتها،


و كل بدعة ضلالة) مسند الامام أحمد ج 3 ص 381، تحت رقم 14346.

و منها: خبر صادقي (صعد رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم المنبر فتغيرت و جنتاه، و التمع لونه، ثم أقبل بوجهه فقال: يا معشر المسلمين، انما بعثت أنا و الساعة كهاتين، ثم ضم السباحتين، ثم قال:

يا معشرالمسلمين، ان أفضل الهدي هدي محمد، و خير الحديث كتاب الله، و شر الأمور محدثاتها، ألا و كل بدعة ضلالة، ألا و كل ضلالة ففي النار، أيها الناس، من ترك مالا فلأهله و لورثته، و من ترك كلا أو ضياعا فعلي و الي) بحارالأنوار ج 2 ص 263، حديث 12، باب 32، من كتاب العلم.

و السباحة هي المسبحة، و هي الاصبع التي تلي الابهام، سميت بذلك لأنه يشار بها عند التسبيح، و الغرض من ضم السبابتين و أنه صلي الله عليه و آله و سلم كالساعة مثلهما أن دينه صلي الله عليه و آله و سلم متصلا بقيام الساعة لا ينسخه دين آخر، أو أن الساعة قريبة بالنسبة لبعثته.

و لفظ (محدثاتها): مبتدعاتها.

و الحاصل: أن كل رأي أو دين أو حكم أو عبادة لم يرد من الشارع نص بخصوصه أو في ضمن حكم عام فاسناده الي الدين و أن حكمه كذا يكون بدعة و هو عمل محرم.

و عليه فالشعائر الحسينية مما ورد فيها النص من أئمة آل البيت عليهم السلام، الذين هم الثق الأصغر الذي أمرنا باتباعه مع الثقل الأكبر الذي هو القرآن، و قد تقدم الكلام في نصوص الثقلين، و في نصوص الشعائر الحسينية، كل في مكانه، و مع الحكم الشرعي بالشعائر المذكورة لاتكون بدعة كما قال النواصب، بل البدعة في ترك


نصوص الثقلين و وضع نصوص توجب قدسية رأي الصحابي مهما كانت حاله.

و أما اقامة المأتم لمقتل السيدالشهداء عليه السلام دون مقتل أبيه عليه السلام و دون مقتل بقية الأئمة عليهم السلام فواضح.

لما مورس من الوحشية و الظلم و القتل و قطع الرؤوس و رض الصدور في مقتل سيدالشهداء و هذا ما لم يقع في مقاتل بقية المعصومين، فضلا عن أن نصرة الدين و كشف زيف حركة النفاق و كشف حركة الرجوع عما سنه رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في الامامة متوقف علي قتلهم سيدالشهداء عليه السلام كما أشرنا اليه سابقا، و هذا ما لم يكن موجودا في مقاتل بقية المعصومين، و ان كان قتلهم عليهم السلام ضمن حركة صراع الباطل ضد الحق الاسلامي المتجسد فيهم.

هذا من جهة و من جهة أخري فقد أورد الحاكم النيسابوري في المستدرك ج 3 ص 194، باسناده عن أم الفضل بنت الحارث:

(أنها دخلت علي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فقالت: يا رسول الله، اني رأيت حلما منكرا الليلة، قال: ما هو؟ قالت: أنه شديد.

قال: ما هو؟

قالت: رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت و وضعت في حجري.

فقال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: رأيت خيرا، تلد فاطمة ان شاء الله غلاما، فيكون في حجرك.

فولدت فاطمة الحسين فكان في حجري، كما قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.


فدخلت يوما الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم فوضعته في حجره، ثم حانت مني التفاتة فاذا عينا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم تهريقان من الدموع.

قالت: فقلت: يا نبي الله، بأبي أنت و أمي ما له؟

قال: أتاني جبرئيل عليه الصلاة و السلام فأخبرني أن أمتي ستقبل ابني هذا.

فقلت: هذا؟

فقال: نعم، و أتاني بتربة من تربته حمراء).

و أورد ابن سعد في مقتل الامام الحسين عليه السلام المستل من الطبقات الكبري ص 46 تحت رقم 271، باسناده عن عائشة:

(قالت: بينا رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم راقد اذ جاء الحسين يحبوا اليه فنحيته عنه، ثم قمت لبعض أمري، فدنا منه فاستيقظ يبكي، فقلت: ما يبكيك؟

قال: ان جبرئيل أراني التربة التي يقتل عليها الحسين، فاشتد غضب الله علي من يفسك دمه، و بسط يده فاذا فيها قبضة من بطحاء، فقال:

يا عائشة، و الذي نفسي بيده انه ليحزنني، فمن هذا من أمتي يقتل حسينا بعدي) و أورد الطبراني في مقتل الامام الحسين عليه السلام المستل من المعجم الكبير، ص 46 تحت رقم 52 باسناده عن أم سلمة:

(كان الحسن و الحسين رضي الله عنهما يلعبان بين يدي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم في بيتي، فنزل جبرئيل عليه السلام، فقال: يا محمد، ان أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك، فأومي ء بيده الي الحسين.


فبكي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و ضمه الي صدره، ثم قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم وديعة عندك هذه التربة.

فشمها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و قال: ويح كرب و بلاء، و قال: يا أم سلمة اذا تحولت هذه التربة دما فاعلمي أن ابني قد فختل، فجعلتها أم سلمة في قارورة، ثم جعلت تنظر اليها كل يوم و تقول: ان يوم تحولين دما ليوم عظيم).

و مثلها غيرها و هو كثير، ولكنها تصرح ببكاء النبي صلي الله عليه و آله و سلم علي الحسين عليه السلام عند اخباره بمقتله، و ببكائه صلي الله عليه و آله و سلم علي قتل الحسين عليه السلام قبل الوقوع، و علي تكرار بكائه في أوائل ولادته و حين حبوه، و عندما كان صبيا يلعب.

فالذي أسس اقامة المأتم علي سيدالشهداء هو رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم، و رسول الله هو الأسوة الحسنة بالنص القرآني، فانظروا - أيها النواصب - ما أنتم فاعلون، و اعلموا أن محاربة هذه الشعائر هي محاربة لرسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

و الا فقد أخبر الرسول صلي الله عليه و آله و سلم بمقتل أخيه و ابن عمه أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب، و بمقتل ابنه الحسن عليه السلام و لم يبك عند الاخبار، و هذا هو الفارق الشرعي بين مقتل الحسين و مقتل أبيه عليه السلام، و هذا هو السبب الشرعي في جعل مقتل الحسين عليه السلام مأتما في كل عام، فتكون اقامة المأتم من الدين و ليس من فعل الجاهلية كما قالت النواصب.

و منه تعرف خبث النصب في مؤلف و مختصر التحفة الاثني عشرية (الدهلوي و الألوسي) ص 28 حيث قال:

(و اقامتهم حفلات العزاء و النياحة و الجزع و تصوير الصور،


و ضرب الصدور، و ما أشبه ذلك مما يصدر منهم في العشرة الأولي من المحرم، و يعتقدون أن ذلك مما يتقرب به الي الله تعالي، و تكفر به سيئاتهم و ما يصدر عنهم من الذنوب في السنة كلها، و ما دروا أن ذلك موجب لطردهم من رحمة الله تعالي، كيف لا، و فيه هتك لبيت النبوة و استهزاء بهم، و الله تعالي در من قال:



هتكوا الحسين بكل عام مرة

و تمثلوا بعداوة و تصوروا



ويلاه من تلك الفضيحة انها

تطوي، و في أيدي الروافض تنشر)



ورد عليه الشيخ محمدرضا المظفر مشطرا علي ما في أدب الطف ج 1 ص 27:



(«هتكوا الحسين بكل عام مرة»

قوم علي تلك المآتم أنكروا



قد حرموا فيه المواكب و البكا

«و تمثلوا بعداوة و تصوروا»



«ويلاه من تلك الفضيحة انها»

ابدا علي مر الليالي تذكر



أحسبتم آثار هذا الدين أن

«تطوي و في أيدي الروافض تنشر»)



و رد علي السيد جواد شبر في نفس المصدر و الصحفة:



(«هتكوا الحسين بكل عام مرة»

اذ تبعث الذكري فظائع تذكر



قد حاربوه و هو بضعة أحمد

«و تمثلوا بعداوة و تصوروا»



«ويلاه من تلك الفضيحة أنها»

عار بوجه أمية لاينكر



يا ساترا وجه الحقيقة لا تخل

«تطوي و في أيدي الروافض تنشر»)



و الأعجب من نصب السابق كفر القائل، علي ما في أدب الطف ج 1 ص 26.



(لا عذب الله يزيدا و لا

مدت يد السوء الي رحله



لأنه قد كان ذا قدرة

علي اجتثاث الفرع من أصله






لكنه أبقي لنا مثلكم

عمدا لكي يعذر في فعله)



و رد عليه عبدالله بن سع الخفاجي الحلبي، صاحب قلعة اعزاز، له شعر في أميرالمؤمنين عليه السلام، متوفي سنة 466 ه بقوله علي ما في نفس المصدر السابق و الصفحة:



(يا قاتل الله يزيدا و من

يعذره الكافر في فعله



أطفأ نورا بعضه مشرق

يدل بالفضل علي كله



و الله أبقي الفرع حربا علي

من رام قطع الفرع من أهله



ليظهر الدين به و الهدي

و يجعل السادة من نسله)