بازگشت

خلاصة ما تقدم أمور


الأمر الأول: أن عاشوراء اسم الليوم الذي خرج فيه نوح و من معه من السفينة الي اليابسة، و أن يوم عاشوراء كان معروفا عند الأمم السابقة من قوم نوح و قوم يونس و اليهود و العرب في جاهليتهم.

و يرده: ما قاله الطريحي في جميع البحرين ج 3 ص 405:

(و يوم عاشوراء بالمد و القصر، و هو عاشر المحرم، و هو اسم اسلام و جاء عشوراء بالمد مع حذف الألف التي بعد العين).

الأمر الثاني: استحباب صومه.


و فيه: كيف لم يعرف النبي صلي الله عليه و آله و سلم فضل صوم هذا اليوم، و ما جري فيه حتي سأل اليهود، كما في مسند الامام أحمد علي ما نقله ابن رجب في كلام متقدم، بالاضافة ما أورده ابن رجب في نفس المصدر السابق ص 49:

(ففي صحيح مسلم، عن ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: حين صام رسول الله صلي الله عليه و سلم عاشوراء و أمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله، انه يوم تعظمه اليهود و النصاري.

فقال رسول الله صلي الله عليه و سلم: فاذا كان العام المقبل ان شاء صمنا اليوم التاسع.

قال: فلم يأت العام المقبل حتي توفي رسول الله صلي الله عليه و سلم).

و هذا مناف لمقام رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم حيث أنه صامه لأنه معظم عند اليهود ثم يتركه لأنه معظم عندهم.

فضلا عما في كتاب الاقبال لابن طاووس ص 33:

(و رأيت من طريقهم في المجلد الثالث من تاريخ النيشابوري للحاكم، في ترجمة نصر بن عبدالله النيشابوري، باسناده الي سعيد بن المسيب، عن سعد: أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم لم يصم عاشوراء).

و قال ابن رجب في كتابه المتقدم - مصدر سابق - ص 48:

(و قال سعيد بن المسيب: لم يصم رسول الله صلي الله عليه و سلم عاشوراء، و روي عنه عن سعد بن أبي وقاص).

هذا مع نسبة الصوم الي الطير و الوحش، و هذا مما تضحك منه الثكلي و يؤكد عمي بصيرتهم و شدة نصبهم لآل البيت عليهم السلام.


الأمر الثالث: استحباب الاكتحال فيه، و التوسعة علي العيال و زيادة النفقة، و الصدقة، و أن موسي عليه السلام كان يلبس فيه الكتان و يكتحل فيه بالاثمد.

و يرده ما أورده السيد ابن طاووس في كتابه الاقبال ص 17:

(و رأيت في الجزء الثاني من تاريخ نيشابور للحاكم، في ترجمة الحسين بن بشير بن القاسم، قال الحاكم:

ان الاكتحال يوم عاشوراء لم يرو عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم فيه أثر، و هي بدعة ابتدعها قتلة الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام).

و قال ابن رجب في كتابه المتقدم - مصدر سابق - ص 52:

(و كل ما روي في فضل الاكتحال يوم عاشوراء و الاختضاب و الاغتسال فيه فموضوع لا يصح).

و قال ابن حجر الهيثمي المتوفي سنة 974 ه في الصواعق المحرقة ص 280 - 278، في الأمر الرابع من أمور الخاتمة، بعد ما تكلم عن مصيبة الامام الحسين عليه السلام، و بعد ما نسب الي الشيعة من بدع الندب و النياحة و الحزن:

(أو ببدع الناصبة المتعصبين علي أهل البيت، أو الجهال المقابلين الفاسد بالفاسد، و البدعة بالبدعة، و الشر بالشر، من اظهار غاية الفرح و السرور و اتخاذه عيدا، و اظهار الزينة فيه كالخضاب و الاكتحال، و لبس جديد الثياب، و توسيع النفقات، و طبخ الأطعمة و الحبوب الخارجة عن العادات، و اعتقادهم أن ذلك من السنة و المعتاد.

و السنة ترك ذلك كله، فانه لم يرد في ذلك شي ء يعتمد عليه، و لا أثر صحيح يرجع له.


و قد سئل بعض أئمة الحديث و الفقه عن الكحل و الغسل و الحناء و طبخ الحبوب و لبس الجديد، و اظهار السرور يوم عاشوراء، فقال: لم يرد فيه حديث صحيح عنه صلي الله عليه و سلم،و لا عن أحد من أصحابه، و لا استحب أحد من أئمة المسلمين، لا من الأربعة و لا من غيرهم، و لم يرد في الكتب المعتمدة في ذلك صحيح و لا ضعيف.

و ما قيل: ان من اكتحل يومه لم يرمد ذلك العام، و من اغتسل لم يمرض كذلك، و من وسع علي عياله وسع الله عليه سائر سنته، و أمثال ذلك مثل فضل الصلاة فيه، و أنه كان في توبة آدم، و استواء السفينة علي الجودي، و انجاء ابراهيم من النار، و افداء الذبيح بالكبش، ورد يوسف علي يعقوب، فكل ذلك موضوع، الا حديث التوسعة علي العيال، لكن في سنده من تكلم فيه، فصار لهؤلاء لجهلهم يتخذونه موسما.

- الي أن قال -: و قد صرح الحاكم بأن الاكتحال يومه بدعة، مع روايته خبر: ان من اكتحل بالاثم يوم عاشوراء لم ترمد عينه أبدا، لكنه قال: انه منكر.

و من ثم أورده ابن الجوزي في الموضوعات من طريق الحاكم، قال بعض الحفاظ: و من غير تلك الطريق.

و نقل المجد اللغوي، عن الحاكم، أن سائر الأحاديث في فضله - غير الصوم و فضل الصلاة فيه و الانفاق - و الخضاب و الادهان و الاكتحال و طبخ الحبوب كله موضوع و مفتري.

و بذلك صرح ابن القيم أيضا، فقال: حديث الاكتحال و الادهان و التطيب يوم عاشوراء من وضع الكذابين).


و قال ابن تيميه المتوفي سنة 728 ه في اقتضاء الصراط المستقيم ص 301 - 299

(مثل ما أحدث بعض أهل الأهواء في يوم عاشوراء من التعطش و التحزن و التجمع، و غير ذلك من الأمور المحدثة - الي أن قال -:

و أما اتخاذ أمثال أيام المصائب مأتما فليس هذا من دين المسلمين، بل هو الي دين الجاهلية أقرب، ثم هم قد فوتوا بذلك ما في صوم هذا اليوم من الفضل، و أحدث بعض الناس فيه أشياء مستندة الي أحاديث موضوعة لا أصل لها، مثل فضل الاغتسال فيه، أو التكحل أو المصافحة، و هذه الأشياء و نحوها من الأمور المبتدعة، كلها مكروهة، و المستحب صومه - الي أن قال:

لكن لا يجوز لأحد أن يغير شيئا من الشريعة لأجل أحد، و اظهار الفرح و السرور يوم عاشوراء، و توسيع النفقات فيه: هو من البدع المحدثة المقابلة للرافضة.

و قد وضعت في ذلك أحاديث مكذوبة، و في فضائل ما يصنع فيه من الاغتسال و الاكتحال و غير ذلك، و صححها بعض الناس كابن ناصر و غيره، ليس فيها ما يصح، لكن رويت لأناس اعتقدوا صحتها، فعملوا بها و لم يعلموا أنها كذب)

و قال ابن تيميه أيضا في منهاج السنة ج 2 ص 248:

(و أحدث هؤلاء السرور، ورووا أنه من وسع علي أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته، قال حرب الكرماني: سألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث، فقال: لا أصل له، و ليس له اسناد ثابت، الا ما رواه سفيان بن عينية، عن ابراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه، أنه قال:


بلغنا أنه من وسع علي أهله، الحديث، و ابن المنتشر كوفي سمعه، و رواه عمن لا يعرف.

و رووا أن من اكتحل يوم عاشوراء لم يرمد ذلك العام، و من اغتسل يوم عاشوراء لم يمرض ذلك العام.

فصار قوم يستحبون يوم عاشوراء الاكتحال و الاغتسال و التوسعة علي العيال، و اتخاذ أطعمة غير معتادة، و هذه بدعة).

و قال ابن الحاج المتوفي سنة 737 ه في كتابه المدخل ج 1 ص 209 - 208:

(و أما ما يفعلونه اليوم من أن عاشوراء يختص بذبح الدجاج و غيرها، و من لم يفعل ذلك عندهم فكأنه ما قام بحق ذلك اليوم، كذلك طبخهم فيه الحبوب، و غير ذلك، و لم يكن السلف رضوان الله عليهم يتعرضون في هذه المواسم و لا يعرفون تعظيمها الا بكثرة العبادة و الصدقة و الخير و اغتنام فضيلتها، لا بالمأكول، بل كانوا يبادرون الي زيادة الصدقة و فعل المعروف - الي أن قال -:

ثم انهم يضمون الي ذلك بدعة أو محرما، و ذلك أنه يجب علي بعضهم الزكاة مثلا في شهر صفر أو ربيع أو غيرهما من شهور السنة، فيؤخرون اعطاء ما وجب عليهم الي يوم عاشوراء - الي أن قال -:

و ما أحدثوه فيه - عاشوراء - من البدع زيارة القبور، و نفس زيارة القبور في هذا اليوم المعلوم بدعة مطلقا للرجال و النساء، ثم ينضم الي ما تقدم ذكره من خروج النساء علي ما تقدم وصفه ما أحدثوه من اختصاص النساء بدخلوهن الجامع العتيق بمصر، و هن علي ما يعلم من عادتهن الخسيسة في الخروج من التحلي و الزينة الحسنة و التبرج للرجال و كشف بعض أبدانهن، و يقمن فيه من أول النار الي الزوال


لا يشاركن فيه الرجال، و يتمسحن فيه بالمصاحف و المنبر و الجدران و تحت اللوح الأخضر - الي أن قال -:

و من البدع التي أحدثتها النساء فيه استعمال الحناء علي كل حال، فمن لم يفعلها منهن فكأنها ما قامت بحق عاشوراء، و من البدع أيضا:

محرهن - كذا - في الكتان و تسريحه و غزله و تبييضه في ذلك اليوم بعينه، و يشلنه ليخطن به الكفن، و يزعمن أن منكرا و نكيرا لا يأتيان من كفنها مخيط بذلك الغزل، و هذا فيه من الافتراء و التحكيم في دين الله ما هو ظاهر بين لكل من سمعه فكيف بمن رآه.

و مما أحدثوه فيه من البدع البخور، فمن لم يشتره منهن في ذلك اليوم و يتبخر فكأنه ارتكب أمرا عظيما، و كونه سنة عندهن لابد من فعلها، و ادخارهن له طول السنة، يتبركن به و يتبخرن الي أن يأتي مثله يوم عاشوراء الثاني، و يزعمن أنه اذا بخر به المسجون خرج من سجنه، و أنه يبري ء من العين و النظرة و المصاب و الموعوك، و هذا أمر خطر لأنه مما يحتاج فيه الي توقيف من صاحب الشريعة صلوات الله عليه و سلامه، فلم يبق الا أنه أمر باطل فعلنه من تلقاء أنفسهن).

و قال ابن الحاج في نفس المصدر ص 200:

(فمن ذلك شراؤهن اللبن في أول ليلة من شهر المحرم، و هي أول ليلة من السنة، و يزعمن أن ذلك تفاؤل بأن تكون سنتهم كلها عليهم بيضاء، و هذا منهم بدعة و باطل - الي أن قال -:

و من ذلك شراؤهم الفقاع في تلك الليلة و ذلك اليوم في أول السنة، فيفتحون فمه في البيت فيصعد ناحية السقف، و يزعمون أن الرزق يفور لهم في تلك السنة و يوسع عليهم فيها).


و قال ابن كثير الدمشقي المتوفي سنة 774 ه في كتابه (البداية و النهاية) ج 8 ص 162:

(و قد عاكس الرافضة و الشيعة يوم عاشوراء النواصب من أهل الشام، فكانوا يوم عاشوراء يطبخون الحبوب و يغتسلون و يتطيبون، و يلبسون أفخر ثيابهم، و يتخذون ذلك اليوم عيدا، يصنعون فيه أنواع الأطعمة، و يظهرون السرور و الفرح، يريدون بذلك عناد الروافض و معاكستهم).

و الحاصل أن البعض معترف بأن هذه الأمور أو بعضها بدعة، و ان كان الآخر يستثني شيئا منها، الا الصوم قد اجمعوا علي استحبابه، و تقدم صعفه بالاضافة الي خبر جبلة المتقدم في أول هذه الفقرة، من أنه لا استحباب للصوم في هذا اليوم، نعم يستحب الامساك عن الطعام و الشراب كما يفعله أهل المصائب.

الأمر الرابع: ان أول من وضع هذه الأخبار هم الناس في زمن يزيد، كما خبر عبدالله بن الفضل الهاشمي المتقدم في أول هذه الفقرة، و هو لعنه الله شجع علي ذلك بدفع الجوائز لهم.

و يؤكده ما ورد في زيارة عاشوراء المعروفة، كما في مفاتيح الجنان لشيخ عباس القمي ص 555:

(اللهم ان هذا يوم تبركت فيه بنوأمية، و ابن آكلة الأكباد، اللعين ابن اللعين علي لسانك و لسان نبيك صلي الله عليه و آله و سلم - الي أن قال -:

و هذا يوم فرحت به آل زياد و آل مروان بقتلهم الحسين صلوات الله عليه).

و المراد باللعين بن اللعين: هو يزيد بن معاوية لأن القتل تم في


زمنه، لا ما قد يتوهم أنه معاوية بن أبي سفيان.

و الحجاج في زمن عبدالملك بن مروان سن لهم الدخول الي الحمام، ثم في زمن ملوك بني أيوب جعلوه يوم فرح و سرور و أحيوا ما أوجده بنوأمية من البدع.

و خلاصة هذه البدع: وضع أخبار بأن عاشوراء يوم عظيم عند السابقين، و يوم فرح و سرور، و هو اليوم الذي تاب الله فيه علي آدم، و نجي فيه ابراهيم، و فدي اسماعيل بالكبش، و استقرت فيه السفينة علي الجودي، و أخرج يونس من الحوت، و قبلت فيه توبة داوود، و فلق الله البحر لبني اسرائيل، و أغرق آل فرعون و نجي موسي و بني اسرائيل.

و وضع أخبار في الاغتسال و الاكتحال و الادهان و الخضاب، و وضع أخبار بالتوسعة علي الأهل و الأقارب و الصدقة علي اليتامي و المساكين، و وضع أخبار أنه يوم صوم، و قد صامه النبي صلي الله عليه و آله و سلم عندما دخل المدينة و رأي اليهود يصومونه.

بالاضافة الي وضع الأخبار ممارستهم بالتزين فيه و بس أفخر الملابس، و المصافحة، و قص الشعر، بل و قص شعر من يمر و يلاقيه، و الاغتسال و الاكتحال و التبخر، و التوسعة علي العيال و الأقارب، و الصدقة، و جعل يوم عاشوراء يوم اخراج الزكاة، و السهر في طبخ الحبوب، و صنع أطعمة غير معتادة، و التبسط في المطاعم، و صنع الحلاوات، و الطيبات، و اقامة الولائم و الضيافات، و ذبح الدجاج و نحوه، و دخول النساء في مصر الي الجامع العتيق بزينة حسنة من أو النهار الي الزوال، و التمسح بالمصاحف و المنبر و الجدران و تحت اللوح الأخضر، و استعمال الحناء، و تحضير الكتان بتسريحه و غزله


لجعله كفنا، و أن منكرا و نكيرا لا يأتي من يلبس هذا الكفن، و زيارة القبور، و شراء بخور السنة في هذا العام، و ادخارهم المؤن لطول أيام السنة، مع صوم هذا النهار.

مع شراء اللبن في أول محرم تفاءلا بجعل السنة بيضاء، و شراء الفقاع - و هو خمر استصغره الناس - في أول ليلة محرم أو أول يوم منه و فتحه في البيت حتي يصعد ناحية السقف.