بازگشت

مشاركة يزيد في غزوة مدينة قيصر


في تاريخ الطبري ج 5 ص 232، عن حوادث سنة 49 قال:

(و فيها كانت غزوة يزيد بن معاوية الروم حتي بلغ قسطنطينية، و معه ابن عباس و ابن عمر و ابن الزبير و ابوأيوب الأنصاري).

و في تاريخ خليفة بن خياط ص 129، عن حوادث سنة 50 قال:

(و فيها غزا يزيد بن معاوية أرض الروم، و معه أبوأيوب الأنصاري).

و في تاريخ ابن زرعة ج 1 ص 226 تحت رقم 220، بسنده عن ابن جابر:

(أن أباأيوب الأنصاري توفي في غزاة يزيد بن معاوية القسطنطينية، في خلافة معاوية).

و في نفس المصدر ص 188 تحت رقم 101، بسنده عن سعيد بن عبدالعزيز:

(فأغزا معاوية الصوائف و شتاهم بأرض الروم، ست عشرة صائفة، تصيف بها و تشتوا، ثم تقفل و تدخل معقبتها، ثم أغزاهم معاوية ابنه يزيد في سنة خمس و خمسين، في جماعة من أصحاب


رسول الله صلي الله عليه و سلم في البر و البحر، حتي جاز بهم الخليج، و قاتلوا أهل القسطنطينية علي بابها، ثم قفل.

قال أبوزرعة: فدلنا خبر سعيد بن عبدالعزيز هذا: أن أباأيوب الأنصاري مات سنة خمس و خمسين بالقسطنطينية).

و في الاستيعاب ج 4 ص 170 - 169 تحت رقم (2894) ترجمة أبي أيوب الأنصاري في باب الكني قال:

(وروي أيوب، عن محمد بن سيرين قال: نبئت أن أباأيوب شهد مع رسول الله صلي الله عليه و سلم بدرا، ثم لم يتخلف عن غزوة في كل عام، الي أن مات بأرض الروم رضي الله عنه، فلما ولي معاوية يزيد علي الجيش الذي بعثه الي القسطنطينية جعل أبوأيوب يقول:

و ما علي أن أمر علينا شاب، فمرض في غزوته تلك، فدخل عليه يزيد يعوده، و قال: أوصني.

قال: اذا مت فكفنوني، ثم مر الناس فليركبوا، ثم يسيروا في أرض العدو، حتي اذا لم تجدوا مساغا فادفنوني.

قال: ففعلوا ذلك، و قال: و كان أبوأيوب يقول: قال الله عز و جل: (انفروا خفافا و ثقالا التوبة آية 42)، فلا أجدني الا خفيفا أو ثقيلا).

و في تاريخ اليعقوبي ج 2 ص 227 عند ذكر الغزوات التي تمت في زمن معاوية صيفا و شتاء قال:

(سنة 56 يزيد بن معاوية فبلغ القسطنطينية، و شتي مسعود بن أبي مسعود).


و في البداية و النهاية لابن كثير ج 8 ص 48 - 47، عن حوادث سنة 52 قال:

(ذكر من توفي فيها من الأعيان: خالد بن زيد بن كليب - الي أن قال - و كانت وفاته ببلاد الروم قريبا من سور قسطنطينية من هذه السنة، و قيل: في التي قبلها، و قيل في التي بعدها، و كان في جيش يزيد بن معاوية، و اليه أوصي، و هو الذي صلي عليه).

و في العقد الفريد ج 5 ص 117 - 115:

(أراد معاوية أن يقدم ابنه علي الصائفة - الجيش يغزو صيفا - فكره ذلك يزيد، فأبي معاوية الا أن يفعل، فكتب اليه يزيد يقول:



نجي لا يزال يعد ذنبا

لتقطع وصل حبلك من حبالي



فيوشك أن يريحك من أذاتي

نزولي في المهالك و ارتحالي



و تجهز للخروج، فلم يتخلف عنه أحد، حتي كان فيمن خرج أبوأيوب الأنصاري صاحب النبي صلي الله عليه و آله و سلم - الي أن قال - فلما صار الي الخليج ثقل أبوأيوب الأنصاري، فأتاه يزيد عائدا، فقال: ما حاجتك يا أباأيوب؟

فقال: أما دنياكم فلا حاجة لي فيها، ولكن قدمني ما استطعت في بلاد العدو، فاني سمعت رسول الله صلي الله عليه و سلم يقول: يدفن عند سورا لقسطنطينية رجل صالح، أرجو أن أكون هو).

و في مروج الذهب ج 3 ص 214 - 213، عن حوادث سنة 45:

(و قد كان معاوية أغزي في هذه السنة سفيان بن عون العامري، و أمره أن يبلغ الطوانه فأصابه جدري، و أصيب معه خلق من الناس،


فعم الناس الحزن بمن أصيب بأرض الروم.

و بلغ معاوية أن يزيد ابنه حين بلغه خبرهم، و هو علي شرابه مع ندمائه قال:



هون علي بما لاقت جموعهم

يوم الطوانة من حمي و من موم



اذا اتكأت علي الأنماط مرتفقا

بدير مران عندي أم كلثوم



فحلف عليه ليغزون، و أردف به سفيان، فسميت هذه الغزوة (غزوة الرادفة) و بلغ الناس فيها الي القسطنطينية، و فيها مات أبوأيوب الأنصاري، و دفن هناك علي باب القسطنطينية، و اسم أبي أيوب خالد بن زيد.

و قد قيل: ان أباأيوب مات في سنة احدي و خمسين غازيا مع يزيد).

و قال ابن الأثير في الكامل ج 3 ص 459 - 458، عن حوادث سنة 49:

(ذكر غزوة القسطنطينية في هذه السنة، و قيل: سنة خمسين، سير معاوية جيشا كثيفا الي بلاد الروم للغزاة، و جعل عليهم سفيان بن عوف، و أمر ابنه يزيد بالغزاة معهم، فتثاقل و اعتل، فأمسك عنه أبوه، فأصاب الناس في غزاتهم جوع و مرض شديد، فانشأ يزيد يقول:



ما ان أبالي بما لاقت جموعهم

بالفرقدونة من حمي و من موم



اذا اتكأت علي الأنماط مرتفقا

بدير مران عندي أم كلثوم



و أم كلثوم امرأته، و هي ابنة عبدالله بن عامر.

فبلغ معاوية شعره، فأقسم عليه ليلحقن بسفيان في أرض الروم،


ليصيبه ما أصاب الناس، فسار و معه جمع كثير اضافهم أليه أبوه، و كان في هذا الجيش ابن عباس و ابن عمر و ابن الزبير و أبوأيوب الأنصاري، و غيرهم و عبدالعزيز بن زرارة الكلابي، فأوغلوا في بلاد الروم حتي بلغوا القسطنطينية، فاقتتل المسلمون و الروم في بعض الأيام و اشتدت الحرب بينهم، فلم يزل عبدالعزيز يتعرض للشهادة فلم يقتل، - الي أن قال - ثم رجع يزيد و الجيش الي الشام، و قد توفي أبوأيوب الأنصاري عند القسطنطينية فدفن بالقرب من سورها، فأهلها يستسقون به، و كان شهد بدرا و أحدا و المشاهد كلها مع رسول الله صلي الله عليه و سلم، و شهد صفين مع علي و غيرها من حروبه).

هذه جملة من كلمات المؤرخين في غزوة القسطنطينية و مشاركة يزيد فيها، و هي مع اختلافها في سنة الغزوة، و تنصيص بعضها علي مشاركة جماعة من الصحابة أمثال ابن عباس و ابن الزبير و ابن عمر أخبار آحاد، غير متفقة في التفاصيل، و هذا ما يوجب ضعف التفاصيل.

نعم هي متفقة علي مشاركة أبي أيوب الأنصاري في غزوة القسطنطينية و موته فيها، ولكنها غير متفقة علي كون يزيد في نفس الغزوة فضلا عن كونه أميرا.

و مع الغض عن ذلك فلم يشارك في هذه الغزوة من أجل الحديث النبوي الوارد في غفران جيش هذه الغزوة كما قال ابن تيميه في منهاج السنة ج 2 ص 252 علي ما تقدم نقل كلامه، بل من أجل حلف أبيه معاوية بعدما ندبه علي المشاركة في الغزوة و تمنعه عن ذلك لانشغاله بشرب الخمر و بالنساء و اللهو كما يستفاد من خبري مروج الذهب و كامل ابن الأثير و يوكدهما خبران آخران:


الأول: ما في انساب الأشراف ج 5 ص 301 في ترجمة يزيد، قال:

(و قال أيضا:



اذا اتكأت علي الأنماط في غرف

بدير مران عندي أم كلثوم



فلا أبالي بما لاقت جموعهم

بالقرقذونة من حمي و من موم



و كان ناس غازين، فأصابهم و باء و مرض و جوع، فلما بلغ معاوية شعره قال: و الله ليغزون و لو مات، فأغزاه بلاد الروم و معه فرس انطاكية و بعلبك و غيرهم، فلحق بسفيان بن عوفة بالفرقذونة، فغزا حتي بلغ الخليج، ثم انصرف، و أم كلثوم: بنت عبدالله بن عامر).

الثاني: ما في الأغاني ج 17 ص 212 - 211، بسنده عن أبي عبيده:

(ان معاوية وجه جيشا الي بلد الروم ليغزو الصائفة، فأصابهم جدري فمات أكثر المسلمين، و كان ابنه يزيد مصطبحا بدير مران مع زوجته أم كلثوم، فبلغه خبرهم، فقال:



اذا ارتفقت علي الأنماط مصطحبا

بدير مران عندي أم كلثوم



فما أبالي بما لاقت جنودهم

بالقرقذونة من حمي و من موم



فبلغ شعره أباه، فقال: أجل، و الله ليلحقن بهم فليصيبنه ما أصابهم، فخرج حتي لحق بهم، و غزا حتي بلغ القسطنطينية).

و من هذين النصين يستفاد أيضا عدم امرة يزيد علي الجيش، بل التحق بجيش عليه أمير، و الالتحاق بالجيش مرغما بحلف أبيه لا بدرجه تحت عموم مغفرة من يشارك في غزوة مدينة قيصر، لو سلم


صحة أخبار الغفران، ولكنها أخبار انفردت بها العامة، و مراجعة الخبر توجب التشكيك فيه، حيث جعلت المغفرة لجيش القسطنطينية مع اصرارهم علي مشاركة مزعومة ليزيد فيه، أميرا أو ملتحقا.

كما جعل الايجاب بالجنة و المغفرة لا بسبب الأعمال الصالحة لأول من يغزو في البحر، و أول من غزا في البحر هو معاوية كما في زعمهم، فالخبران لتبرئة هذين الفاسقين المطرودين من رحمة الله، فكيف يمكن صدورهما من النبي الأعظم صلي الله عليه و آله و سلم.