بازگشت

جواز لعن المسلم الفاسق و لعن بني امية


و أقول: (و أما أن القاعدة عدم جواز لعن المسلم الا اذا مات علي الكفر)

ففيه: أن اللعن بمعني الابعاد و الطرد عن الخير كما عن معجم متن اللغة ج 5 ص 187، و اللعن بهذا المعني ثبت للمسلم غير الكافر عند فعله بعض المعاصي، قال تعالي: (ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا و الآخرة) النور آية 23.

و قال تعالي: (ألا لعنة الله علي الظالمين) هو آية 18.

و عن النبي صلي الله عليه و آله و سلم: (لعن الله الواصلة و المستوصلة، و الواشمة و المستوشمة) صحيح البخاري ج 7 ص 212، و عن ابن عباس:

لعن رسول الله صلي الله عليه و سلم المتشبهين من الرجال بالنساء و المتشبهات من النساء بالرجال) نفس المصدر ج 7 ص 205، و في خبر:

(قلت لأنس: أحرم رسول الله صلي الله عليه و سلم المدينة؟ قال: نعم ما بين كذا الي كذا، لا يقطع شجرها، من أحدث فيها حدثا فعليه لعنة الله و الملائكة و الناس أجمعين) نفس المصدر ج 9 ص 123، و يزيد عليه اللعنة من الظالمين و قد أحدث في المدينة حدثا


استباحها ثلاثة أيام بعد قتل أكابر الصحابة و التابعين فيها فهو ملعون بالنص القرآني و النبوي.

و من الغريب علي ما في مقتل الحسين عليه السلام للمقرم ص 35، نقلا عن طبقات الحنابلة لابن رجب ج 2 ص 34:

(ما أفتي به عبدالغني المقدسي حين سئل عن يزيد، فقال: خلافته صحيحة، لأن ستين صحابيا بايعه، منهم ابن عمر، و من لم يحبه لا ينكر عليه، لأنه ليس من الصحابة، و انما يمنع من لعنه خوفا من التسلق الي أبيه و سدا لباب الفتنة).

و فيه: أنه رد لكتاب الله، قال تعالي: (و ما جعلنا الرؤيا التي أريناك الا فتنة للناس، و الشجرة الملعونة في القرآن) الاسراء آية 60.

و أورد السيوطي في الدر المثنور ج 4 ص 346 في ذيل هذه الآية أخبارا في تفسيرها، منها:

(و أخرج ابن أبي حاتم، عن يعلي بن مرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه و سلم: أريت بني أمية علي منابر الأرض، و سيتملكونكم،

فتجدونهم أرباب سوء، واهتم رسول الله صلي الله عليه و سلم لذلك، فأنزل الله: و ما جعلنا الرؤيا التي أريناك الا فتنة للناس.

و أخرج ابن مردوديه، عن الحسن نب علي رضي الله عنهما: أن رسول الله صلي الله عليه و سلم أصبح و هو مهموم، فقيل: ما لك يا رسول الله؟

فقال: اني أريت في المنام كأن بني أمية يتعاورون منبري هذا، فقيل: يا رسول الله، لا تهتم، فانهم دنيا تنالهم، فأنزل الله:


و ما جعلنا الرؤيا التي أريناك الا فتنة للناس.

و أخرج ابن أبي حاتم و ابن مردوديه و البيهقي في الدلائل وابن عساكر، عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال: رأي رسول الله صلي الله عليه و سلم بني أمية علي المنابر فساءه ذلك، فأوحي الله اليه: انما هي دنيا أعطوها، فقرت عينه، و هي قوله: و ما جعلنا الرؤيا التي أريناك الا فتنة للناس، يعني بلاء الناس)

و أورد الطبري في تاريخه ج 10 ص 62 - 54 في حوادث سنة 284، كتاب المعتضد في شأن بني أمية و من جملته:

(و أميرالمؤمنين يرجع اليكم معشر الناس: بأن الله عز و جل لما ابتعث محمدا بدينه و أمره أن يصدع بأمره بدأ بأهله و عشيرته فدعاهم الي ربه و أنذرهم و بشرهم و نصح لهم و أرشدهم فكان من استجاب له و صدق قوله و اتبع أمره نفر يسير من بني أبيه... فجعلهم الله أهل بيت الرحمة و أهل بيت الدين - أذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا - و معدن الحكمة و ورثة النبوة و موضع الخلافة و أوجب لهم الفضيلة و ألزم العباد لهم الطاعة.

و كان ممن عانده و نابذه و كذب و حاربه... و أشدهم في ذلك عداوة و أعظمهم له مخالفة، و أولهم في كل حرب و مناصبة، لا يرفع علي الاسلام راية الا كان صاحبها و قائدها و رئيسها في كل مواطن الحرب من بدر و أحد و الخندق و الفتح أبوسفيان بن حرب و أشياعه من بني أمية، الملعونين علي لسان رسول الله في عدة مواطن و عدة مواضع لما في علم الله فيهم و في أمرهم و نفاقهم و كفر أحلامهم... فمما لعنهم الله به علي لسان نبيه صلي الله عليه و سلم، و أنزل به كتابا قوله: و الشجرة الملعونة في القرآن و خوفهم فما يزيدهم الا


طغيانا كبيرا، و لا اختلاف بين أحد أنه أراد بها بني أمية:

و منه قول الرسول عليه السلام و قد رآه مقبلا علي حمار، و معاوية يقود به و يزيد ابنه يسوق به: لعن الله القائد و الراكب و السائق، - الي أن قال - و منه أن رسول الل صلي الله عليه و سلم قال: اذا رأيتم معاوية علي منبري فاقتلوه.

و منه الحديث المرفوع المشهور أنه قال: ان معاوية في تابوت من نار في أسفل درك منها ينادي: يا حنان يا منان، الآن و قد عصيت قبل و كنت من المفسدين.

الي أن قال - و منه: ايثاره بدين الله، و دعاؤه عباد الله الي ابنه يزيد المتكبر الخمير، صاحب الديوك و الفهود و القرود، و أخذه البيعة له علي خيار المسلمين بالقهر و السطوة و التوعيد و الاخافة و التهدد و الرهبة، و هو يعلم سفهته و يطلع علي خبثه و رهقه، و يعاين سكرانه و فجوره و كفره، فلما تمكن منه ما مكنه منه و وطأه له، و عصي الله و رسوله فيه طلب بثارات المشركين و طوائفهم عند المسلمين. فأوقع بأهل الحرة الوقيعة التي لم تكن في الاسلام أشنع منها و لا أفحش، مما ارتكب من الصالحين فيها، و شفي بذلك عبد - غضب - نفسه و غليله، و ظن أن قد انتقم من أولياء الله، و بلغ النوي - الحاجة - لا عداء الله، فقال مجاهرا بكفره و مظهرا لشركه:



ليت أشياخي ببدر شهدوا

جزع الخرج من وقع الاسل



قد قتلنا القوم من ساداتكم

و عدلنا ميل بدر فاعتدل



فأهلوا و استهلوا فرحا

ثم قالوا: يا يزيد لا تسل



لست من خندف ان لم أنتقم

من بني أحمد ما كان فعل



و لعت هاشم بالملك فلا

خبر جاء و لا وحي نزل




هذا هو المروق من الدين، و قول من لا يرجع الي الله و لا الي دينه، و لا الي كتابه و لا الي رسوله، و لا يؤمن بالله و لا بما جاء من عندالله.

ثم من أغلظ ما انتهك، و أعظم ما احترم سفكه دم الحسين بن علي، و ابن فاطمة بنت رسول الله صلي الله عليه و سلم، مع موقعه من رسول الله صلي الله عليه و سلم، و مكانته منه و منزلته من الدين و الفضل، و شهادة رسول الله صلي الله عليه و سلم له و لأخيه بسيادة شباب أهل الجنة، اجتراء علي الله و كفرا بدينه و عداوة لرسوله، و مجاهدة لعترته و استهانة بحرمته.

- الي أن قال - اللهم العن أباسفيان بن حرب، و معاوية ابنه، و يزيد بن معاوية، و مروان بن الحكم و ولده، اللهم العن أئمة الكفر، و قادة الضلالة و اعداء الدين و مجاهدي الرسول، و مغيري الأحكام و مبدلي الكتاب و سفاكي الدم الحرام.

اللهم انا نتبرأ اليك من موالاة أعدائك، و من الاغماض لأهل معصيتك كما قتل: لا تجد قوما يؤمنون بالله و اليوم الآخر يوادون من حاد الله و رسوله - المجادلة آية 22 - (.

و بعد هذه النصوص القرآنية و النبوية و أقوال بعض أئمتهم، و منهم من عرف بالنصب لأميرالمؤمنين عليه السلام الدالة علي لعن بني أمية و يزيد، فم يقال لمحب الدين الخطيب؟ الذي علق علي كتاب العواصم و القواصم ص 234 عندما قال: (و من خطب يزيد الدالة علي حاصفة عقله و حسن بصيرته و تقواه) و عندما قال في تعليقة أخري ص 23:

(ان الذين نسبوا ليزيد ما لا يحل هم الرافضة للتوصل الي التشكيك بالقرآن، من وراء الطعن بمعاوية، و من عم (كذا) الخلفاء


الذين و لوه و أقروه علي الحكم، و هم نقلة القرآن و حفظته).

قم يقال له؟ الا أنه من شيعة بني أمية حشره الله معهم، و أن الشيعة أعزهم الله لم ينسبوا الي يزيد و أبيه الا ما قد فعلاه، و نقله أرباب السير و التواريخ كالطبري و غيره، و أن الشيعة لم يلتزموا الا بأدب القرآن و سنة الرسول صلي الله عليه و آله، حيث ورد اللعن فيهما لبني أمية و لمعاوية بالخصوص، و لهم و ليزيد بأوصاف و أفعال قد ارتكبوها.

فم ذنب الشيعة اذا التزموا بمضمون القرآن و السنة؟ نعم الذنب علي غيرهم الذين يحرفون آيات الله و سنة النبي صلي الله عليه و آله و سلم لا ثبات خلافة من يعبدون من أصنامهم، عبادة قائمة علي النصب لأميرالمؤمنين و بنيه المعصومين الذين هم آل بيت النبوة و العصمة و العلم.

و بعد هذا كله فاقرأ و اعجب في البداية و النهاية لابن كثير ج 12 ص 290 في حوادث سنة 583 قال:

(و ممن توفي فيها من الأعيان الشيخ عبدالمغيث بن زهير الحربي، كان من صلحاء الحنابلة، و له مصنف في فضل يزيد بن معاوية، أتي فيها بالغرائب و العجائب، و قد رد عليه أبوالفرج ابن الجوزي فأجاد و أصاب).

و ذكره ابن العماد الحنبلي في كتابه (شذرات الذهب) ج 4 ص 276 - 275، و قال في آخر ترجمته: (قال الذهبي: صنف جزءا في فضائل يزيد، أتي فيه بالموضوعات).

و رد عليه ابن الجوزي في كتابه (الرد علي المتعصب العنيد المانع من لعن يزيد).


و قال سبطه في تذكرته ص 261 - 257:

(و ذكر جدي أبوالفرج في كتابه: (الرد علي المتعصب العنيد المانع من لعن يزيد) و قال: سألني سائل فقال: ما تقول في يزيد بن معاوية؟

فقلت له: يكفيه ما به.

فقال: أتجوز لعنه؟ فقلت: قد أجاز العلماء الورعون، منهم أحمد بن حنبل، فانه ذكر في حق يزيد ما يزيد علي اللعنة.

قال جدي - و ذكر سندا الي المهنا بن يحيي - قال: سألت أحمد بن حنبل عن يزيد بن معاوية، فقال: هو الذي فعل ما فعل.

قلت: ما فعل؟ قال نهب المدينة، قلت: فنذكر عنه الحديث؟

قال: لا، و لا كرامة، لا ينبغي لأحد أن يكتب عنه الحديث.

و حكي جدي أبوالفرج عن القاضي أبي يعلي بن الفراء في كتابه (المعتمد في الأصول)، باسناده الي صالح بن احمد بن حنبل قال: قلت لأبي: ان قوما ينسبوننا الي توالي يزيد؟

فقال: يا بني، و هل يتوالي يزيد أحد، يؤمن بالله.

فقلت: فلم لا تلعنه؟

فقال: و ما رأيتني لعنت شيئا، يا بني، لم لا تلعن من لعنه الله في كتابه؟

فقلت: و أين لعن الله يزيد في كتابه؟

قال: في قوله تعالي (فهل عسيتم ان توليتم أن تفسدوا في الأرض و تقطعوا أرحامكم، أولئك الذين لعنهم الله فاصمهم و أعمي


أبصارهم) فهل يكون فساد أعظم من القتل.

و في رواية: لما سأله صالح فقال: يا بني ما أقول في رجل، لعنه الله في كتابه، و ذكره.

قال جدي: و صنف القاضي أبويعلي كتابا، ذكر في بيان من يستحق اللعن و ذكر منهم يزيد.

و قال في الكتاب المذكور: الممتنع من جواز لعن يزيد اما أن يكون غير عالم بذلك أو منافقا، يريد أن يوهم بذلك، و ربما استفز الجهال بقوله عليه السلام: المؤمن لا يكون لعانا.

قال القاضي: و هذا محمول علي من لا يستحق اللعن.

الي أن قال - قلت: و لما لعنه جدي أبوالفرج علي المنبر ببغداد بحضرة الامام الناصر و أكابر العلماء قام جماعة من الجفاة من مجلسه فذهبوا، فقال جدي: ألا بعد لمدين كما بعدت ثمود. و حكي لي بعض أشياخنا عن ذلك اليوم: أن جماعة سألوا جدي عن يزيد، فقال: ما تقولون في رجل ولي ثلاث سنين، في السنة الأولي قتل الحسين، في الثانية أخاف المدينة و أباحها، و في الثالثة رمي الكعبة بالمجانيق و هدمها، فقالوا: نلعن، فقال: فالعنوه).