بازگشت

ابوه: جعفر الطيار


وجعفر الطيار هو ابن أبي طالب، وأخو الامام علي، وهو أكبر من الامام علي بعشر سنين، وهو ثالث من أسلم وصلي مع رسول الله (صلي الله عليه وآله)، بعد علي وخديجة، حيث كان النبي (صلي الله عليه وآله) يتقدمهم للصلاة وعلي عن يمينه وجعفر عن يسارةه وخديجة من خلفه.

وكان جعفر يشبه النبي (صلي الله عليه وآله) في خلقه وخُلقه، وكان يكنيه «أبا المساكين».

وعن الزمخشري في (ربيع الأبرار): كان جعفر أشبه الناس برسول الله خلقاً وخُلقاً، وكان الرجل يري جعفر فيقول: السلام عليك يا رسول الله. يظنه اياه، فيقول: لست برسول الله أنا جعفر.

قال حسان بن ثابت:



وكنا نري في جعفر من محمد

وقاراً وأمراً حازماً حين يأمر



وما زال في الاسلام من آل هاشم

دعائم صدق لاترام ومفخر



هم جبل الاسلام والناس حولهم

رضام الي طود يطول ويقهر






بها ليل منهم جعفر وابن اُمه

علي ومنهم أحمد المتخير [1] .



وهو الذي قاد أول مجموعة مسلمة مهاجرة الي الحبشة، من مكة المكرمة ومعه زوجته أسماء بنت عميس.

وبقي جعفر في الحبشة حتي السنة السابعة من الهجرة، وعندما ترك الحبشة قاصداً المدينة، كان النبي (صلي الله عليه وآله) راجعاً من حرب خيبر، والتقاه رسول الله (صلي الله عليه وآله) وقبله بين عينيه، وقال: ما أدري بأيهما أشد فرحاً بقدوم جعفر أو بفتح خيبر.

وقال له: أنت أشبه الناس بخلقي وخُلقي وقد خلقت من الطينة التي خلقت منها.

ولم يمض علي بقاء جعفر في المدينة الي جنب رسول الله (صلي الله عليه وآله) الا حوالي سنة واحدة حتي بعثه رسول الله (صلي الله عليه وآله) سنة 8 هـ علي رأس جيش من المسلمين يبلغ ثلاثة آلاف مقاتل لمواجهة الروم.

وفي مؤتة ـ قرية في الأردن ـ حصلت معركة حاسمة علي حدود الشام حيث كان عدد جيش الروم أكثر من مائة ألف، وأخذ الراية جعفر وتقدم بمن معه من المسلمين وحمل علي تلك الحشود التي ملأت الصحراء بعددها وعتادها، وظل يقاتلهم حتي قطعت يمينه وشماله وخر صريعاً، ووجدوا في مقدم جسده بعد شهادته أكثر من تسعين ضربة وطعنة.

وكان ينشد أثناء القتال:



يا حبذا الجنة واقترابها

طيبة وبارد شرابها



والروم روم قد دنا عذابها

كافرة بعيدة أنسابها



عليّ إذ لاقيتها ضرابها




وكانت شهادة جعفر في غزوة مؤتة في جمادي الأولي سنة 8 هـ.

وفي (عمدة الطالب): لما رأي جعفر الحرب قد اشتدت، والروم قد غلبت، اقتحم عن فرس له أشقر ثم عقره، وهو أول من عقر في الاسلام فقاتل حتي قطعت يده اليمني، فأخذ الراية بيده اليسري وقاتل الي أن قطعت يده اليسري أيضاً، فاعتنق الراية وضمها الي صدره حتي قتل، ووجد فيه نيف وسبعون، وقيل نيف وثمانون ما بين طعنة وضربة ورمية.

وحينما وصل خبر مقتله الي المدينة جزع المسلمون كثيراً، فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله): «لا تبكوا علي أخي بعد اليوم، إن له جناحين يطير بهما مع الملائكة في الجنة».

فسمي ذا الجناحين والطيار [2] .

وقال (صلي الله عليه وآله): «اللهم إن جعفراً قد قدم الي أحسن الثواب فاخلفه في ذريته بأحسن ما خلفت أحداً من عبادك في ذريته» [3] .

وينقل التاريخ أن جعفر بن أبي طالب كان معروفاً بحسن السيرة والسلوك حتي قبل الاسلام، وروي عنه أنه كان يتحدث عن حياته في الجاهلية، فيقول: ما شربت خمراً قط، لأني علمت إن شربتها زال عقلي، وما كذبت قط، لأن الكذب ينقص المروءة، وما زنيت قط، لأني خفت اني إذا عملت عمل بي، وما عبدت صنماً قط، لأني علمت انه لا يضر ولا ينفع.

وروي أن جعفر بن أبي طالب كان يقول لأبيه: يا أبة إني لأستحي أن أطعم طعاماً وجيراني لا يقدرون علي مثله! فأجابه أبوه: إني لأرجو أن يكون فيك خلف


من عبد المطلب [4] .

وفي الحديث أن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: «إن الله اختارني في ثلاثة من أهل بيتي، أنا سيد الثلاثة: اختارني وعلياً وجعفراً وحمزة» [5] .

ذلك هو الأصل الذي تفرع عنه عبدالله بن جعفر زوج السيدة زينب (عليها السلام).



پاورقي

[1] مجلة (الموسم) ص 1065 ـ 1068.

[2] (زينب وليدة النبوة والإمامة) م. صادق ص 53 ـ 55 بتصرف.

[3] (في رحاب السيدة زينب) محمد بحر العلوم ص 33.

[4] مجلة (الموسم) العدد الرابع من المجلد الأول ص 1065 ـ 1068.

[5] (مع بطلة کربلاء) محمد جواد مغنية ص 28.