بازگشت

السيدة فاطمة في سطور


جدّها: أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).

جدّتها: فاطمة الزهراء (عليها السلام).

أبوها: الإمام السبط الحسين الشهيد (عليه السلام).

عمّها: الإمام السبط الحسن المجتبي (عليه السلام).

عمّاتها: العقيلة زينب، واُمّ كلثوم بنات الإمام علي (عليه السلام).

اُمّها: اُمّ إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التميمي.

إخوتها: الإمام السجّاد، وعليّ الأكبر، وعبد الله الرضيع.

اُختها: سكينة.

زوجها: الحسن المثنّي بن الحسن المجتبي (عليه السلام).

كنيتها: اُمّ عبد الله.

لقبها: فاطمة الصغري، النبويّة.

أولادها: عبد الله المحض، إبراهيم الغمر، الحسن المثلّث، زينب.

ولادتها بالمدينة سنة 40 هجرية.

وفاتها: 110 هجرية. وفي رواية: وفاتها سنة 117هـ.

علمها: من رواة الحديث ومن التابعيات.

في أعلام الزركلي (5: 130):

فاطمة بنت الحسين 40 - 110 هـ = 660 - 728 م

فاطمة بنت الحسين بن عليّ بن أبي طالب، تابعية، من رواة الحديث، روت عن جدّتها فاطمة الزهراء مرسلا، وعن أبيها وغيرهما، حضرت طف كربلاء مع أبيها ولمّا قتل أبوها حُمِلَت إلي الشام مع اُختها سكينة، وعمّتها العقيلة زينب، واُمّ كلثوم بنات الإمام عليّ (عليه السلام) فاُدخلن علي يزيد، فقالت: يا يزيد، أبنات رسول الله سبايا؟! قال: بر حرائر كرام، ادخلي علي بنات عمّك، فدخلت علي الاُمويّات، فما وجدت فيهن إلاّ نادبة باكية، وعادت إلي المدينة فتزوّجها ابن عمّها (الحسن بن الحسن بن علي) ومات عنها، فتزوّجها عبد الله بن عمرو ابن عثمان ومات عنها، فأبت الزواج من بعده إلي أن توفّيت [1] .

من كلامها وحكمها، ما نال أحدٌ من أهل السفه بسفيههم شيئاً، ولا أدركوا من لذّاتهم شيئاً، وقد ناله أهل المروءات فاستتروا بجميل ستر الله [2] .

هذا ما نقله الزركلي في أعلامه.

وفي أعلام النساء المؤمنات: 499 - 511:

فاطمة الكبري:

بنت الإمام الحسين بن الإمام عليّ بن أبي طالب سلام الله عليهم.

اُمّها: اُمّ إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله التيمي.

وجلالة هذه العلوية المخدّرة، وعظم شأنها أوضح من أن يحتاج إلي بيان، وإقامة دليل وبرهان. فهي عالمة، محدّثة، مجاهدة، تركت أثراً لا يُمحي في التاريخ الإسلامي، وإليها وإلي غيرها من بنات أمير المؤمنين (عليه السلام) يرجع الفضل في نجاح ثورة الحسين (عليه السلام) ونهضته الدامية. وما عسي الباحث، أو الكاتب أن يكتب عن حياة هذه العلوية المخدّرة، التي قضت عمرها الشريف المبارك في العلم والجهاد، ونحن إذ نترجم حياتها إنّما نمرّ علي بعض الجوانب التي اطّلعنا عليها، ونكتب عنها بإيجاز خوفاً من الإطالة:

عبادتها:

لقد عُرف أهل البيت سلام الله عليهم بكثرة العبادة، وإنّما أخذوا ذلك من جدّهم رسول الله (صلي الله عليه وآله)، حيث كان يصلّي الليل ويصوم النهار حتّي أنزل الله سبحانه وتعالي فيه: (طه - مَا أ نْزَلْنَا عَلَيْكَ القُرْآنَ لِتَشْقَي)، وكذلك كان الإمام علي، وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام)، يصلّون في اليوم والليلة ألف ركعة، وفاطمة الكبري شأنها شأن آبائها الصالحين كانت عابدة زاهدة، تصلّي الليل تصوم النهار، وكانت تسبح بخيوط معقود فيها، وممّا يدلّ علي ذلك:

(1) قال الإمام الحسين (عليه السلام) فيها: «أمّا في الدين فتقوم الليل كلّه وتصوم النهار».

(2) وقال الشيخ المفيد في الإرشاد: كانت فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) تقوم الليل وتصوم النهار.

(3) وفي بعض المصادر: أ نّها كانت تسبّح بخيوط معقود فيها.

(4) وقد ضربت علي قبر زوجها فسطاطاً، كانت تصوم النهار وتقوم الليل، إلي سنة.

استيداعها الوصيّة:

وممّا يدلّ علي مكانة فاطمة عند الحسين، ورجاحة عقلها، ومعرفتها التامّة بنصوص الإمامة، هو إيداع الحسين (عليه السلام) وصيّته عندها يوم عاشوراء.

روي ثقة الإسلام الكليني في الكافي عن محمّد بن يحيي، عن محمّد بن الحسين وأحمد بن محمّد، عن محمّد بن إسماعيل، عن منصور بن يونس، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال:

«إنّ الحسين بن عليّ (عليهما السلام) لمّا حضره الذي حضر دعا ابنته الكبري فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) فدفع إليها كتاباً ملفوفاً ووصيّة ظاهرة، وكان عليّ بن الحسين (عليه السلام)مبطوناً معهم لا يرون إلاّ أ نّه لما به، فدفعت فاطمة الكبري الكتاب إلي عليّ بن الحسين (عليه السلام)، ثمّ صار والله ذلك الكتاب إلينا يا زياد».

قال: قلت: ما في الكتاب جعلني الله فداك؟

قال: «فيه والله ما يحتاج إليه ولد آدم، منذ خلق الله آدم إلي أن تنفي الدنيا، والله فيه الحدود، حتّي فيه أرش الخدش».

وروي أيضاً في الكافي عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمّد، عن الحسين بن سعيد، عن ابن سنان، عن أبي الجارود، عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) قال:

«لمّا حضر الحسين (عليه السلام) ما حضره دفع وصيّته إلي ابنته فاطمة ظاهرة في كتاب مدرج، فلمّا أن كان أمر الحسين (عليه السلام) ما كان دفعت ذلك إلي عليّ بن الحسين (عليه السلام)»، قلت له: فما فيه يرحمك الله؟ فقال: «ما يحتاج إليه ولد آدم منذ كانت الدنيا إلي أن تفني».

مع واقعة الطفّ:

خرجت فاطمة الكبري مع أبيها الحسين (عليه السلام)، وزوجها الحسن المثنّي إلي الكوفة، بعد أن قدمت رسل أهلها أن أقدم يا بن رسول الله (صلي الله عليه وآله) لقد أينعت الثمار ووو... وشاهدت سلام الله عليها كلّ ما جري علي أهل بيت العصمة (عليهم السلام) من قتل وسبي، وكانت ضمن السبايا اللواتي ساقهن ابن سعد إلي الكوفة.

وفي الكوفة عاصمة أهل البيت (عليهم السلام)، اُدخلت السبايا، بنات رسول الله (صلي الله عليه وآله) ونساء الحسين وجواريه وعيالات الأصحاب، وإذا بأهل الكوفة يتفرّجون علي الحرائر، علي ودائع خير الأنبياء، وكأن لم يحصل شيء، لم يقتل ابن بنت رسول الله (صلي الله عليه وآله)، وعندها صاحت اُمّ كلثوم: يا أهل الكوفة أما تستحون من الله ورسوله أن تنظروا إلي حرم النبيّ.

وبينما الناس تنظر إليهم وتسأل عنهم أومأت ابنة أمير المؤمنين (عليه السلام) وبطلة كربلاء زينب العقيلة إلي ذلك الجمع المتراكم فهدأوا كأنّ علي رؤوسهم الطير، وخطبت خطبتها المشهورة المعروفة، ثمّ كان لفاطمة دور هامّ فبعد أن انتهت عمّتها زينب (عليها السلام) من خطبتها، وقفت فاطمة بقلب كلّه عزم وإيمان وثبات ويقين، وضمير صالح صادق تخطب بأهل الكوفة، وتكشف فضائح الاُمويين. وسنذكر خطبتها كاملة قريباً.

وبعد أن مكثت العائلة في الكوفة عدّة أيام جاء الأمر من يزيد إلي ابن زياد بأن يسرّح عائلة الحسين (عليه السلام) إلي الشام، وفعلا فقد دخلت العائلة إلي الشام، وإذا بأهل الشام يعيّد بعضهم الآخر بالانتصار!!! ورأي الإمام زين العابدين (عليه السلام) أنّ الجوّ مناسب لأن يتحدّث، وفعلا صعد المنبر وألقي خطبته المعروفة التي قاطعها يزيد عدّة مرّات. ثمّ تكلّمت العقيلة زينب سلام الله عليها ففضحت بني اُميّة وعرّف الناس حقيقتهم المزيّفة.

وفي هذا المجلس جرت لفاطمة سلام الله عليها قصّة يرويها لنا الشيخ المفيد، قال: قالت فاطمة بنت الحسين (عليه السلام): ولمّا جلسنا بين يدي يزيد رقّ لنا، فقام إليه رجل من أهل الشام فقال: يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية. وكنت جارية وضيئة، فأرعدت وظننت أنّ ذلك جائز لهم، فأخذت بثياب عمّتي زينب، وكانت تعلم أنّ ذلك لا يكون فقالت عمّتي للشامي: كذبت والله ولؤمت، والله ما ذاك لك ولا له.

فغضب يزيد فقال: كذبتِ والله، إنّ ذلك لي، ولو شئت أن أفعل لفعلت.

قالت زينب: كلاّ والله ما جعل الله ذلك لك، إلاّ أن تخرج عن ملّتنا وتدين بغيرها.

فاستطار يزيد غضباً وقال: إيّاي تستقبلين بهذا، إنّما خرج من الدين أبوك وأخوك.

قالت زينب: بدين الله ودين أبي ودين أخي اهتديت أنت وجدّك وأبوك إن كنت مسلماً.

قال يزيد: كذبتِ يا عدوّة الله.

قالت زينب: أنت أمير تشتم ظالماً وتقهر بسلطانك.

فكأ نّه استحي وسكت، فعاد الشامي فقال: هب لي هذه الجارية، فقال له يزيد: اعزب وهب الله لك حتفاً قاضياً.

وفي رواية اُخري: إنّ رجلا من أهل الشام نظر إلي فاطمة بنت الحسين (عليه السلام)، فقال: يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية.

فقالت فاطمة لعمّتها: اُوتمت واُستخدم؟

فقالت زينب سلام الله عليها: لا ولا كرامة لهذا الفاسق.

فقال الشامي: مَن هذه الجارية؟

فقال يزيد: هذه فاطمة بنت الحسين، وتلك زينب بنت علي بن أبي طالب.

فقال الشامي: الحسين بن فاطمة، وعليّ بن أبي طالب؟!

فقال يزيد: نعم.

فقال الشامي: لعنك الله يا يزيد، أتقتل عترة نبيّك، وتسبي ذرّيته؟! والله ما توهّمت إلاّ أ نّهم سبي الروم.

فقال يزيد: والله لاُلحقنّك بهم، ثمّ أمر به فضرب عنقه.

نعم هكذا كانت مواقف بنات أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد مقتل الحسين (عليه السلام)، يصدعن بالحقّ والعدالة جهاراً في غير جمجمة ولا إدهان، لا يثنيهن عن قول الحقّ رهبة يزيد وأذنابه المارقين. ولا تصدّهم عن البيان مخافة السيوف والسجون والرماح والنبال. فقد اندفعوا وراء الحقّ والقرآن يجاهدون دونهما بسماحة نفس وطيب خاطر، وقد تجلّت شجاعة بنت الحسين (عليه السلام) في تلك الفترة الحرجة من بعد مقتل والدها حيث وقفت ذلك الموقف البطولي دون أن تعبأ بما سيصيبها من شرّ، ما دامت تعتقد أ نّها تدافع الحقّ وتذود عنه.

خطبتها بالكوفة:

مرّ عليك سابقاً عزيزي القارئ أنّ فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) وقفت في الكوفة في مجلس ابن زياد وألقت خطبتها المشهورة المعروفة، نعم افتتحت خطبتها بحمد الله، ثمّ الإقرار بالشهادتين، ثمّ تعرّضت إلي بعض المسائل العرفانية، ثمّ تطرّقت إلي استشهاد أبيها الحسين (عليه السلام) وإخوتها باُسلوب حكيم وبعبارة رزينة صوّرت فيها ألوان القتل المرير، وترجمت بها أشجان القلوب الكسيرة، وترفّعت في الوقت نفسه عن ذكر قتلته (عليه السلام)، فلم تذكرهم ولم تتطرّق إلي أسمائهم، لأ نّهم ليسوا من الذين يستحقّون الذكر والبيان، ولم تشتمهم ولم تسبّهم ولم تلعنهم، لأ نّها علمت أن ليست لصاحبة الرسالة أن تشتم، إنّما وظيفتها وواجبها أن تنبّه الأذهان وتمتلك القلوب ببيانها واُسلوبها، لينفذ في أعماق القلوب ويأخذ مأخذه الراسخ.

نعم وقفت فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) بقلب كلّه إيمان وثبات، ونفس كلّها اطمئنان وسكون وقالت:

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله عدد الرمل والحصي، وزنة العرش إلي الثري، أحمده واُؤمن به، وأتوكّل عليه، وأشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، وأنّ أولاده ذبحوا بشطّ الفرات من غير ذحل ولا تراث.

اللهمّ إنّي أعوذ بك أن أفتري عليك، وأن أقول عليك خلاف ما أنزلت من أخذ العهود والوصيّة لعليّ بن أبي طالب المغلوب حقّه، المقتول من غير ذنب في بيت من بيوت الله تعالي وبها معشر مسلمة بألسنتهم، تعساً لرؤوسهم ما دفعت عنه ضيماً في حياته، ولا عند مماته حتّي قبضه الله تعالي إليه محمود النقيبة، طيّب العريكة، معروف المناقب، مشهور المذاهب، لم تأخذه فيك لومة لائم، ولا عذل عاذل، هديته اللهمّ للإسلام صغيراً، وحمدت مناقبه كبيراً، ولم يزل ناصحاً لك ولرسولك، زاهداً في الدنيا غير حريص عليها، راغب في الآخرة، مجاهداً لك في سبيلك، رضيته فاخترته، وهديته إلي صراط مستقيم.

أمّا بعد يا أهل الكوفة، يا أهل المكر والغدر والخيلاء، إنّا أهل بيت ابتلانا الله بكم، وابتلاكم بنا، فجعل بلاءنا حسناً، وجعل علمه عندنا وفهمه لدينا، فنحن عيبة علمه، ووعاء فهمه وحكمته، وحجّته علي الأرض في بلاده لعباده، أكرمنا الله بكرامته، وفضّلنا بنبيّه محمّد (صلي الله عليه وآله) علي كثير ممّن خلق الله تفضيلا.

فكذبتمونا وكفّرتمونا، ورأيتم قتالنا حلالا، وأموالنا نهباً، كأ نّنا أولاد ترك أو كابل، كما قتلتم جدّنا بالأمس، وسيوفكم تقطر من دماء أهل البيت لحقد متقدّم، قرّت لذلك عيونكم، وفرحت قلوبكم افتراء علي الله، ومكراً مكرتم والله خير الماكرين، فلا تدعونكم أنفسكم إلي الجذل بما أصبتم من دمائنا، ونالت أيديكم من أموالنا، فإنّ ما أصبنا من المصائب الجليلة والرزايا العظيمة في كتاب من قبل أن نبرأها إنّ ذلك علي الله يسير، لكيلا تأسوا علي ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم، والله لا يحبّ كلّ مختال فخور.

تبّاً لكم فانتظروا اللعنة والعذاب، فكأن قد حلّ بكم وتواترت من السماء نفحات فيسحتكم بعذاب، ويذيق بعضكم بأس بعض، ثمّ تخلدون في العذاب الأليم يوم القيامة بما ظلمتمونا، ألا لعنة الله علي الظالمين.

ويلكم أتدرون أ يّة يد طاعنتنا منكم؟ وأ يّة نفس نزعت إلي قتالنا؟ أم بأيّ رجل مشيتم إلينا؟ تبغون محاربتنا؟ قست قلوبكم، وغلظت أكبادكم، وطبع الله علي أفئدتكم، وختم علي سمعكم وبصركم، وسوّل لكم الشيطان وأملي لكم، وجعل علي بصركم غشاوة فأنتم لا تهتدون.

تبّاً لكم يا أهل الكوفة، أي تراث لرسول الله قبلكم، وذحول له لديكم، ثمّ غدرتم بأخيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) جدّي، وبنيه عترة النبيّ الأخيار، وافتخر بذلك مفتخركم:



نحن قتلنا علياً وبني علي

بسيوف هندية ورماح



وسبينا نساءهم سبي ترك

ونطحناهم فأيّ نطاح



بفيك أ يّها القائل الكثكث والأثلب، افتخرت بقتل قوم زكّاهم الله وطهّرهم وأذهب عنهم الرجس، فاكظم واقعَ كما أقعي أبوك، فإنّما لكلّ امرئ ما اكتسب وما قدّمت يداه، حسدتمونا ويلا لكم علي ما فضّلنا الله تعالي:



فما ذنبنا إن جاش دهر بحورنا

وبحرك ساج لا يواري الدعامصا



ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، ومن لم يجعل الله له نوراً فما له من نور.

عندئذ ارتفعت الأصوات بالبكاء والنحيب، وقالوا: حسبك يا ابنة الطاهرين فقد أحرقت قلوبنا، وأنضجت نحورنا وأضرمت أجوافنا، فسكتت عليها وعلي أبيها وجدّها السلام.

روايتها للحديث:

تُعدّ فاطمة الكبري بنت الإمام الحسين (عليه السلام) راوية من راويات الحديث، ومحدّثة من محدّثات عصرها روت عن جماعة من الثقات، وروي عنها أيضاً أعيان المسلمين.

قال ابن حجر العسقلاني: فاطمة بنت الحسين بن عليّ ابن أبي طالب الهاشمية المدنية روت عن أبيها، وأخيها زين العابدين، وعمّتها زينب بنت عليّ، وجدّتها فاطمة الزهراء، وبلال المؤذّن، وابن عباس، وأسماء بنت عميس.

وروي عنها أولادها: عبد الله، وإبراهيم، وحسين، واُمّ جعفر بنو الحسن بن الحسن بن علي، ومحمّد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، وروي أبو المقدام بن زياد عن أبيه وقيل عن اُمّه عنها، وروي زهير بن معاوية عن شيخ يقال هو مصعب بن محمّد عنها، وغيرهم. ذكرها ابن حبان في الثقات، وماتت وقد قاربت التسعين، ووقع ذكرها في صحيح البخاري في الجنائز، قال: لمّا مات الحسن بن الحسن ضربت امرأته القبّة.

وقد جمع الشيخ محمّد هادي الأميني بعض أحاديثها نذكرها تتميماً للفائدة.

(1) عن عبد الله بن الحسن، عن اُمّه فاطمة بنت الحسين، عن فاطمة (عليها السلام) قالت:

«كان رسول الله (صلي الله عليه وآله) إذا دخل المسجد قال: بسم الله، والحمد لله، وصلّي الله علي رسوله، اللهمّ اغفر لي ذنوبي، وسهّل لي أبواب رحمتك. وإذا خرج قال مثل ذلك، إلاّ أ نّه يقول: اللهمّ اغفر لي ذنوبي، وسهّل لي أبواب رحمتك وفضلك».

(2) عبد الله بن الحسن، عن اُمّه فاطمة بنت الحسين، عن فاطمة الكبري بنت رسول الله (صلي الله عليه وآله)، قالت:

«قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): لا يلومن إلاّ نفسه من بات وفي يده غمر».

(3) عبد الله بن الحسن، عن اُمّه فاطمة بنت الحسين، عن أبيها، عن اُمّه فاطمة الكبري (عليها السلام)، قالت:

«قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): ما التقي جندان ظالمان إلاّ تخلّي الله عنهما، ولم يبالِ أ يّهما غلب، وما التقي جندان ظالمان إلاّ كانت الدبرة علي أعتاهما».

(4) عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، قال:

«حدّثني أبي، عن فاطمة بنت الحسين (عليه السلام)، قالت: سمعت أبي يقول: يقتل منكِ أو يصاب منك نفر بشطّ الفرات، ما سبقهم الأوّلون، ولا يدركهم الآخرون».

(5) قال عبد الله بن الحسن، قالت اُمّي فاطمة بنت الحسين (عليه السلام):

«رأيت رسول الله (صلي الله عليه وآله) في النوم فقال لي: يا بنية لا تخسري ميزانك، وأقيمي وزنه وثقّليه بقراءة آية الكرسي، فما قرأها من أهلي أحد إلاّ ارتجّت السماوات والأرض بملائكتها، وقدّسوا بزجل التسبيح والتهليل والتقديس والتمجيد، ثمّ دعوا بأجمعهم لقارئها يغفر له كلّ ذنب ويجاوز عنه كلّ خطيئة».

(6) فاطمة بنت الحسين، عن أبيها، عن اُمّه فاطمة بنت محمّد (صلي الله عليه وآله) قالت:

«خرج علينا رسول الله (صلي الله عليه وآله) عشيّة عرفة فقال: إنّ الله عزّ وجلّ باهي بكم وغفر لكم عامّة ولعليّ خاصّة، وإنّي رسول الله إليكم غير محاب لقرابتي، إنّ السعيد كلّ السعيد من أحبّ علياً في حياته وبعد موته».

(7) فاطمة بنت الحسين، عن أبيها، عن أخيه الحسن، قال:

«رأيت اُمّي فاطمة (عليها السلام) قامت في محرابها ليلة جمعة فلم تزل راكعة وساجدة حتّي انفجر عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات، وتسمّيهم وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشيء، فقلت لها: يا اُمّاه لِمَ لا تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ قالت: يا بني الجار ثمّ الدار».

(8) عبد الله بن الحسن، عن اُمّه فاطمة بنت الحسين، قالت:

«لمّا اشتدّت بفاطمة (عليها السلام) الوجع واشتدّت علّتها اجتمعت عندها نساء المهاجرين والأنصار يعدنها، فقلن لها: يا بنت رسول الله كيف أصبحت عن علّتكِ؟ قالت: أصبحت والله عايفة لدنياكن، قالية لرجالكن، لفظتم بعد إذ عجمتم، وشنأتم بعد أن سبرتم، فقبحاً لفلول الحدّ وخور القناة وخطل الرأي، وبئس ما قدلامت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون، لا جرم لقد قلّدتهم ربقتها، وشنت عليها عارها، فجذعاً وعقراً وسحقاً للقوم الظالمين»... إلي آخر خطبتها التي ذكرناها في المجلّد الرابع من موسوعة المصطفي والعترة.

(9) عن محمّد بن عليّ، عن فاطمة بنت الحسين، عن أبيها وعمّها الحسن بن عليّ (عليهما السلام):

«أخبرنا أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلي الله عليه وآله): لمّا اُدخلت الجنّة رأيت الشجرة تحمل الحلي والحلل أسفلها خيل بلق وأوسطها الحور العين، وفي أعلاها الرضوان، قلت: يا جبرائيل لمن هذه الشجرة؟ قال: شجرة طوبي، هذه لابن عمّك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، إذا أمر الله الخليقة بالدخول إلي الجنّة يؤتي بشيعة علي حتّي ينتهي بهم إلي هذه الشجرة، فيلبسون الحلي والحلل ويركبون الخيل البلق وينادي مناد: هؤلاء شيعة علي صبروا في الدنيا فحيوا هذا اليوم».

(10) عن فاطمة بنت الحسين، عن اُمّ كلثوم بنت فاطمة بنت النبيّ (صلي الله عليه وآله وسلم)، عن فاطمة بنت رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم)ورضي عنها، قالت:

«أنسيتم قول رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلي مولاه، وقوله (صلي الله عليه وآله وسلم): أنت منّي بمنزلة هارون من موسي (عليهما السلام)».

(11) أخبرنا الحسن بن أبي بكر، أخبرنا عبد الله بن إسحاق البغوي، أخبرنا ابن أبي العوام، حدّثنا أبي، حدّثنا جرير بن عبد الحميد، عن شيبة بن نعامة، عن فاطمة بنت الحسن، عن فاطمة، قالت:

«قال رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): كلّ بني آدم ينتمون إلي عصبتهم، إلاّ ولد فاطمة فإنّي أنا أبوهم وأنا عصبتهم».

(12) حدّثنا عبد الله بن عمران، حدّثنا أبو داود، حدّثنا هشام بن أبي الوليد، عن اُمّه، عن فاطمة بنت الحسين، عن أبيها الحسين بن علي، قال:

«لمّا توفّي القاسم بن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قالت خديجة: يا رسول الله درت لبنية القاسم، فلو كان الله أبقاه حتّي يستكمل رضاعه، فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله): إنّ إتمام رضاعه في الجنّة، قالت: لو أعلم ذلك يا رسول الله لهوّن عليّ أمره، فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله): إن شئتِ دعوت الله تعالي فأسمعك صوته، قالت: يا رسول الله بل اُصدّق الله ورسوله».

زواجها:

من المعروف والمتسالم عليه أنّ الحسن المثنّي بن الحسن السبط خطب من عمّه إحدي ابنتيه فاطمة أو سكينة، فاختار له عمّه فاطمة قائلا له: «إنّها أشبه الناس باُمّي فاطمة بنت رسول الله (صلي الله عليه وآله)، أمّا في الدين فتقوم الليل كلّه وتصوم النهار، وفي الجمال تشبه الحور العين». وفعلا فقد تزوّجت فاطمة من ابن عمّها الحسن المثنّي ابن الحسن السبط (عليها السلام)، وكان سيّداً جليلا رئيساً مطاعاً ورعاً فاضلا، وهو وصيّ أبيه، ووالي صدقات جدّه أمير المؤمنين (عليه السلام). وعاشت إلي جنبه حياة ملؤها الحبّ والإيمان، وقد كوّنا الاُسرة المثالية التي تبني تعاملها علي الاُسس الإسلامية الرفيعة، كيف لا وهما أبناء الحسن والحسين، ونجلا علي وفاطمة.

نعم عاشت فاطمة في بيت زوجها الحسن المثنّي سنين طويلة، وقامت بشؤون البيت وإدارته بصورة تضمن لهما السعادة الزوجية والحياة المنزلية، وقد كانت مثالا حيّاً فيما ينبغي أن تتّخذه الزوجة أساساً لحياتها المنزلية الفاضلة. وولدت فاطمة ثلاثة أولاد هم: عبد الله المحض، الحسن المثلّث، إبراهيم الغمر.

وقد ربّت فاطمة أولادها تربية علوية صالحة، حتّي عرفوا في التاريخ بالعلم الغزير، والأدب الجم، والخبرة الصائبة، والمعرفة السديدة، والعقيدة الراسخة، والشجاعة والثبات والإقدام، وقطعوا في حياتهم أشواطاً في سبيل الجهاد والكفاح، وسيف الاُمويين والعباسيين مصلّت فوق رؤوسهم، وسياطهم تلهب ظهورهم، وأبواب السجن مفتّحة في وجوه كلّ بني الحسن وعوائلهم، وهم في كلّ هذه المحن كانوا أصلب عوداً وأقوي شكيمة وأشدّ مراساً وأقوي إيماناً وأكثر صبراً.

وعاشت فاطمة بجنب الحسن المثنّي إلي أنّ دسّ إليه الوليد بن عبد الملك من سقاه سمّاً فمات وعمره ثلاث وخمسون سنة، ورأي في منامه قبل وفاته بقليل كأنّ بين عينيه مكتوب: قل هو الله أحد، فاستبشر بذلك أهله وفرحوا، فقال سعيد بن المسيّب: إن كان رآها قلّما بقي، فما أتي عليه إلاّ قليل حتّي مات.

وقد صدمت فاطمة بوفاة زوجها صدمة عنيفة، وطعن قلبها بطعنة قاتلة، وتأثّرت بها، وقد ملأ الحزن قلبها، فانتقلت إلي موضع قبر زوجها وضربت فسطاطاً عليه، وكانت تقوم الليل وهي باكية إلي سنة، ولمّا كانت رأس السنة قالت لمواليها: إذا أظلم الليل فقوّضوا هذا الفسطاط، فلمّا أظلم الليل وقوّضوه سمعت قائلا يقول: هل وجدوا ما فقدوا؟ فأجابه آخر: بل يئسوا فانقلبوا.

وبقيت فاطمة بعد وفاة زوجها الحسن المثنّي مدّة من الزمن إلي أن خطبها عبد الله بن عمرو بن عثمان، فتزوّجها عبد الله وأنجبت له محمّداً، والقاسم، ورقيّة. وكان سخيّاً كريماً شجاعاً شريفاً جواداً، روي عن أبيه، وابن عمر، وابن عباس، وعبد الرحمان بن أبي عمرة، والحسين بن علي، ورافع بن خديج وغيرهم.

وروي أبو الفرج الإصفهاني في تزويج فاطمة من عبد الله قصّة فيها ما فيها من الدسّ والتحريف الواضح، والخبث واللؤم والعداوة لأهل بيت النبيّ (صلي الله عليه وآله)، وهذا هو ديدن النواصب إن لم يقدروا أن ينالوا من شخصية معيّنة فيعمدوا إلي النيل ممّن يتعلّق به، فنراهم يقولون: إنّ أبا طالب مات كافراً، وإنّ الحسن سلام الله عليه تزوّج بأكثر من ثلاثمائة زوجة، وإنّ عبد الله بن جعفر زوج زينب كان يسمع الغناء ويشرب الخمر، وقالوا في سكينة بنت الحسين (عليه السلام) ما يترفّع القلم عن ذكره، وها هم يقولون في زواج فاطمة ما لا يقبله عاقل، ونحن نذكر كلام أبي الفرج الإصفهاني ثمّ نعلّق عليه:...

أعرضنا عن نقله لأ نّه لا يستحقّ الذكر.

وفي أعيان الشيعة (8: 387) ملخصّاً:

السيّدة فاطمة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام).

اُمّها: قال المفيد وغيره اُمّها اُمّ إسحاق بنت طلحة ابن عبد الله تيمية، وفي الإرشاد كانت فاطمة بنت الحسين (عليها السلام) تقوم الليل، وتصوم النهار، وكانت تشبّه بالحور العين لجمالها.

تزويجها من ابن عمّها:

مرّ في ترجمة الحسن بن الحسن أ نّه خطب إلي عمّه الحسين (عليه السلام) وسأله أن يزوّجه إحدي ابنتيه، وأنّ الرواية اختلفت في ذلك، فمنهم من قال إنّه خيّره بين فاطمة وسكينة فاستحيا فاختار له عمّه فاطمة وقال: إنّها أكثر شبهاً باُمّه فاطمة الزهراء، ومنهم من قال إنّ الحسن اختار فاطمة.

وإنّ الحسن بن الحسن خرج مع عمّه الحسين إلي العراق - كربلاء - ومعه زوجته فاطمة. فجاهد مع عمّه يوم عاشوراء بكربلاء جهاد الأبطال وجرح جراحات بليغة، وغلب الظنّ أ نّه مات وقد عثر عليه بين القتلي جريحاً، فحماه أسماء بن خارجة الفزاري لأ نّه ابن عمّ اُمّه وعالجه، وبعد مدّة غير قصيرة عاد إلي المدينة، فكان الحسن المثنّي جليلا رئيساً، فاضلا، ورعاً، وكان وصيّ أبيه وولي صدقات جدّه الإمام عليّ بن أبي طالب أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو والد الحسن المثلّث والحسنين من ذرّيته.

والذي عليه الإمامية أنّ وصيّ أبي محمّد الحسن (عليه السلام)هو الإمام أبو عبد الله الحسين (عليه السلام)، وللحسن بن الحسن قصص ذكرها السيّد محسن الأمين في أعيانه [3] مفصّلة أعرضنا عنها روماً للاختصار.

أمّا السيّدة فاطمة فكانت مع السبايا إلي دمشق مع عمّاتها السيّدة زينب واُمّ كلثوم، واُختها سكينة وغيرهن من آل الرسول، ولمّا اُدخلن علي يزيد، فصحن نساء يزيد وولولن بنات معاوية، فقالت فاطمة بنت الحسين (عليه السلام): أبنات رسول الله سبايا يا يزيد، فبكي الناس، وبكي أهل داره حتّي علت الأصوات.

وقال المفيد: ولمّا مات زوجها الحسن بن الحسن (رضي الله عنه)، ضربت زوجته فاطمة بنت الحسين (عليه السلام) علي قبره فسطاطاً وكانت تقوم الليل وتصوم النهار، وكانت تشبّه بالحور العين لجمالها، فلمّا كان رأس السنة قالت لمواليها: إذا أظلم الليل فقوّضوا هذا الفسطاط فلمّا أظلم الليل سمعت منادياً يقول هل وجدوا ما فقدوا، فأجابه آخر بل يئسوا فانقلبوا.

وفي طبقات ابن سعد: فاطمة بنت الحسين بن عليّ بن أبي طالب، واُمّها اُمّ إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله، تزوّجها ابن عمّها الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب فولدت له عبد الله المحض، وإبراهيم، وحسناً، وزينب ثمّ مات عنها، فخلف عليها عبد الله بن عمرو بن عثمان، فولدت له القاسم ومحمّد، وهو الديباج سمّي بذلك لجماله ورقيّه فمات عنها، ولم تتزوّج بعده، هذا ما يقوله ابن سعد نقلناه بالأمانة.

وروي بإسناده أنّ عبد الرحمن بن الضحّاك بن قيس الفهري عامل يزيد بن عبد الملك علي المدينة خطبها فأبت فألحّ عليها وهدّدها بجلد ولدها عبد الله بن الحسن المثنّي في الادّعاء عليه بالخمر، فشكت ذلك إلي يزيد بن عبد الملك فعزله وأدّبه... في قصّة طويلة لسنا بصددها.

ودخل في فرية زواجها من عبد الله بن عمر بن عثمان بأحاديث ما أنزل الله بها من سلطان، وكان بطلها ابن بكار الزبيري، ومن حاك علي منواله والوضّاعين من رواة الحديث الحاقدين علي أهل البيت بأقلامهم المسمومة المأجورة لبني اُميّة، وبني مروان ومن بعدهم للزبيريين، فسنذكر ما جري عليها وعلي اُختها في ترجمة السيّدة سكينة بنت الإمام الحسين مفصّلا.


پاورقي

[1] هذه رواية الزرکلي، وإنّي أشکّ في زواجها من عبد الله بن عمرو.

[2] طبقات ابن سعد 8: 347، مقاتل الطالبيين: 119، 120، 202 و 237، أعلام النساء 3: 1144.

[3] أعيان الشيعة 5: 44.