بازگشت

العباس بن علي بن ابي طالب


يكنّي أبا الفضل، واُمّه اُمّ البنين فاطمة بنت حزام من بني عامر بن كلاب بن صعصعة، وهو أكبر ولدها، وآخر من قتل من إخوته لاُمّه وأبيه، بين يدي أخيه سيّد الشهداء الإمام الحسين بن عليّ يوم عاشوراء، وفيه يقول الشاعر:



أحقّ الناس أن يبكي عليه

فتي أبكي الحسين بكربلاءِ



أخوه وابن والده عليٌّ

أبو الفضل المضرّج بالدماءِ



ومن واساه لا يثنيه شيءٌ

وجاد له علي عطش بماءِ



وكانت اُمّ البنين شاعرة فصيحة تخرج كلّ يوم إلي البقيع ومعها عبيد الله بن العباس ولدها فتندب أولادها الأربعة خصوصاً أبي الفضل العباس أشجي ندبه وأحرقها فيجتمع الناس يسمعون بكاءها وندبتها ويشاركونها مصابها، فكان مروان بن الحكم مع قساوة قلبه وشدّة عداوته لبني هاشم يجيء فيمن يجيء فلا يزال يسمع ندبتها ويبكي، فمن قولها في رثاء العباس، ما أنشده أبو الحسن الأخفش في شرح المبرد:



يا من رأي العباس كرّ

علي جماهير النقد [1] .



ووراه من أبناء حيـ

ـدر كلّ ليث ذي لبد



اُنبئت أنّ ابني اُصيـ

ـب برأسه مقطوع اليد



ويلي علي شبلي أما

ل برأسه ضرب العمد



لو كان سيفه في يد

يه لما دنا منه أحد



وقولها في رثاء أولادها الأربعة:



لا تدعوني ويك اُمّ البنين

تذكريني بليوث العرين



كانت بنون لي اُدعي بهم

واليوم أصبحت ولا من بنين



أربعة مثل نسور الرُبي

قد واصلوا الموت بقطع الوتين



تنازع الحرصات أشلاءهم

فكلّهم أمسي صريعاً طعين



يا ليت شعري أكما أخبروا

بأنّ عباساً قطيع اليمين



وفي كتاب أعلام النساء المؤمنات: [2] .

فاطمة بنت حزام.

اُمّ البنين فاطمة بنت حزام بن خالد بن ربيعة - أخي لبيد الشاعر - بن عامر بن كلاب بن ربيعة بن صعصعة الكلابية، زوجة الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام).

هي من بيت عريق في العروبة والشجاعة، تزوّجها الإمام عليّ (عليه السلام) بإشارة أخيه عقيل حين طلب منه أن يختار له امرأة ولدتها الفحول من العرب ليتزوّجها فتلد له غلاماً فارساً، وكان عقيل نسّابة عالماً بأخبار العرب وأنسابهم فاختارها له وقال: أين أنت من فاطمة بنت حزام الكلابية، فإنّه ليس في العرب أشجع من آبائها ولا أفرس، كما سبق ذكره، فأرسله فخطبها وتزوّجها، فولدت له العباس، ثمّ عبد الله، ثمّ جعفر، ثمّ عثمان، وكلّهم قتلوا مع أخيهم الإمام الحسين (عليه السلام) يوم الطف في كربلاء.

وكانت اُمّ البنين شاعرة فصيحة، تخرج كلّ يوم إلي البقيع ومعها حفيدها عبيد الله بن العباس وهو طفل، فتندب أولادها الأربعة أشجي ندبة وأحرقها، كما ذكرنا ذلك مفصّلا ومراثيها.

قال المامقاني في تنقيح المقال: ويستفاد من إيمانها وتشيّعها من أنّ بشر بن حذلم بعد وروده المدينة نعي إليها الأربعة [من أولادها]قالت: قطّعت نياط قلبي، أولادي ومن تحت الخضراء كلّهم فداءً لأبي عبد الله الحسين (عليه السلام)، فإنّ علقتها بالحسين ليس إلاّ لإمامته(عليه السلام)، وتهوينها علي نفسها موت مثل هؤلاء الأشبال الأربعة إن سَلِم الحسين (عليه السلام)، يكشف عن مرتبة في الديانة رفيعة، وإنّي أعتبرها لذلك من الحسان إن لم نعتبرها من الثقات.

وانحصر نسل العباس (عليه السلام) في ولده عبيد الله، وقال الفضل بن محمّد بن فضل بن حسين بن عبيد الله بن العباس يرثي جدّه:



إنّي لأذكر للعباس موقفه

بكربلاء وهام القوم يختطف



يحمي الحسين ويحميه علي ظمأ

ولا يولّي ولا يثني فيختلف



ولا أري مشهداً يوماً كمشهده

مع الحسين عليه الفضل والشرف



أكرم به مشهداً بانت فضيلته

وما ضاع له أفعاله خلف [3] .



وفاتها بالمدينة حوالي 69 هـ، ومدفنها بالبقيع إلي جنب عمّات النبيّ صفيّة وعاتكة.

أقول:

وقد حصل لي شرف زيارتها كلّما وفّقت لزيارة الرسول (صلي الله عليه وآله) وسنحت لي زيارة البقيع.


پاورقي

[1] (النقد) نوع من الغنم قصار الأرجل قباح الوجوه، وزاد البيت حسناً أنّ اسم العباس من أسماء الأسد.

[2] تأليف محمّد الحسّون، طبعة قم، الحديث 333، الصفحة 496.

[3] مقتل الحسين للخوارزمي 2: 29، إعلام الوري: 250، أعيان الشيعة 3: 475 و 8: 389، تاريخ الطبري 5: 468، مقاتل الطالبيين: 85، الفصول المهمّة: 198، أعلام النساء 4: 40.