بازگشت

و آخرون ممن أعذروا


هذا وهناك عدد آخر من المعذورين، كالشيخ الطاعن في السن المجاهد (أنس الكاهلي) الذي سمع حديث الرسول (ص) بشأن جهاد سبط الحسين. و هو رجل صحابي جليل و لعله أكبر الجميع سنا.

و هو الذي تشمله آية الاعفاء و عدم الحرج: «و ليس علي الضعفاء و لا علي المرضي و لا علي الذين لا يجدون ما ينفقون حرج» 91:9.

و مثله (مسلم بن كثير الأزدي الأعرج) أو (أسلم) الذي كان كبير السن مصابا برجله اذ أصيب في حرب الجمل، عندما كان يقوم بواجبه رهن أداء مسؤلياته تحت راية الامام علي (ع). لذا سمي بالأعرج... و هو أيضا ممن تشملهم الآية الكريمة: «ليس علي الأعمي حرج و لا علي الأعرج حرج و لا علي المريض حرج.. 61:2422. و لقد قال الرسول (ص) عن أحد أنصاره و فدائييه: «والذي نفسي بيده قد رأيت عمرو بن الجموح يطأ في الجنة بعرجته!.»

و لقد التمس الامام كل نصير ذي عذر كي يسرحه ان أحب. فمثلا رفض الامام جهاد كل من عليه دين فقال: «لا يقاتل معي من عليه دين..» [1] و ذلك حينما قال له رجل: «ان علي دين..» و بتقدير صحة هذه الرواية فالامام قد سرح القائل و صرفه كما فتح الباب لغيره ان كان مثله آخر أو آخرون. بل وجه الامام (ع) نداءا لجبهة رجاله آمرا اياهم؛ «بانصراف من عليه سابق دين ليوديه..» [2] .


و لنؤكد أن الامام انما أراده من ذلك هو أولا فسح المجال و فتح الباب لمن تتولد عنده رغبة في الانسحاب. و ثانيا أراد كشفهم لنا و للأجيال، ليبين أمثالهم ممن يترقب سنوح فرص منع المعاذير، و يري رجاله بعيدين عن ذلك. و ثالثا - استهدف كشف مدي صمودهم و صلابتهم العقيدية ذات الأصالة. [3] .

و هكذا نري الأنصار البواسل قد ثبتوا علي الايمان و اليقين. و رابطوا دونما اكتراث للأعذار و المعاذير التي لاتورث الا الندم، و قد كانت مواقفهم بوحي من تفكيرهم و عقائديتهم و ضميرهم و استبصارهم للأمور والواقع، و من وحي ذواتهم: «بل الانسان علي نفسه بصيرة، و لو ألقي معاذيره..» 15، 14 :75.


پاورقي

[1] سير أعلام النبلاء للذهبي ج 3 ص 202.

[2] أنساب الاشراف للبلاذري ج 1.

[3] وردت الرواية عن الطبراني في معجمه الکبير مشوهة المعني کما سجلها الشيخ القرشي ورد عليها في کتابه ج 3 ص 172.