بازگشت

لقاء بنصير علي انفراد


و رغم ذلك الموقف.. بل تلك المواقف البطولية العقائدية، فقد خص الامام أحد أنصاره علي انفراد بالاذن بالانسحاب.. ولكنه أعرب عن عزمه علي النصرة بشكل لاتراجع فيه.. و هذه الحالة تكشف بدورها عن أصالة كل فرد علي حدة في عقيديته و مبدئيته.. و الرواية كما يلي:

خرج الامام الحسين من خيمته ليلا و أخذ يتفقد المنطقة و ساحة الحرب الميدانية و يري ما ينبغي اتخاذه من اجراء مناسب. ولاحظ نافع بن هلال الجملي خروج الامام وحده، فأخذ يسير خلفه. فالتفت الامام و سأل عمن خلفه فصرح نافع باسمه.

«نعم جعلت فداك يا ابن رسول الله» فقال له الامام:

«نافع ما أخرجك في هذا الليل؟» فرد بقوله: «سيدي أزعجني خروجك ليلا الي جهة هذا الباغي.» فقال الامام:

«خرجت أتفقد هذه التلعات مخافة أن تكون مكمنا لهجوم الخيل علي مخيمنا يوم يحملون و تحملون..»

ثم رجع الامام و هو قابض علي يسار نافع يقول: «هي هي والله، وعد لا خلف فيه.» أي المنطقة ذاتها التي ستكون مثوي أجسادنا و ضحايا القضية الكبري.. و الليلة الموعودة المعهودة من رسول الله صلي الله عليه و آله!. ثم التفت بعد ذلك لنافع و أذن له بالانصراف و النجاة وحده في هذه اليل، و كلمه منفردا بقوله:

«يا نافع ألا تسلك بين هذين الجبلين؟ وانج بنفسك..»

فتصلب البطل واعتد بقوة قائلا:


«سيدي، اذن ثكلت نافعا أمه.. ان سيفي بألف و فرسي بمثله. فوالله الذي من علي بك في هذا المكان لن أفارقك أبا عبدالله، حتي يكلأ عن فري و جدي.» [1] .

لقد كلمه بمعزل عن الآخرين، و خصه بمفرده بالاذن كيلا يقال مثلا: ان بعض الأنصار يخجل من بعض. فهذا وحده و له فرصة سانحة، و لا يدري به أحد... لكن هذا النصير لا يقل عن أولئك ايمانا و صبرا علي الرزايا و الجهاد، و لقد صادقوا علي ما قالوه و ما أكدوه، و ما عبروا عنه بألسنة لا تعرف التلكؤ و لا الكذب و لا الخداع:

«رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه.... و ما بدلوا تبديلا...» 23:33


پاورقي

[1] الوثائق الرسمية لثورة الامام الحسين ص 133 - 132 و المجالس الفاخرة، للسيد شرف الدين ص 92.