بازگشت

التسلل و الانهزام من صفوف الكتائب


كانت بواعث أولئك السئارين كلها خسيسة و رخيصة، الأمر الذي يفت بعضدهم و يثبطهم و يجعل بعضهم يفكر بالرجوع و التهرب بطريقة ما، كما حاول الكثير ذلك و توسلوا بعدة طرق للامتناع عن حرب سبط سيد الرسل... و جدير بالذكر أن أولئك ليسوا من شيعة أهل البيت الرسالي و انما كانوا يندفعون بالضمير و الوجدان و خشية نهاية العواقب و محاكمة الرحمان.

فالشيعي الحقيقي هو من لا يهرب أبدا، بل لا بد أن يصل و يتصل بالحسين و أنصاره.. فالتهرب ذاك، لم يكن من كتائب الضلال فحسب، بل من نصرة الامام كما قدمنا، حيث كان الذين ينسلون لواذا من ها هنا و ها هنا، يقومون بذلك فرديا و جماعيا، حتي كانت الكتيبة الواحدة التي تبلغ الألف جندي تصل الي الساحة بكربلاء، قد هبط عدد أفرادها الي النصف أو أقل منه. و يقول البلاذري: أن القائد يبعث علي ألف مقاتل لا يصل الي كربلاء الا و معه و ثلاث مأة أو أربع مأة أو أقل من ذلك. فهم يفرون كراهة منهم لهذا الوجه.» [1] «لقد كانوا علي يقين لا يخامره أدني شك بضلالة هذه الحرب.


و أنهم انما يحاربون الله و رسوله، و يقاتلون من أمروا بمودته و طاعته.» [2] .

فبداهة، كان البون شاسعا بين أنصار القضية المشروعية و بين حشود أنصار القضية اللامشروعة فلا قياس بينهم بوجه من الوجوه. و قد حفل التاريخ الاسلامي بصور عديدة لمن خرجوا و استشهدوا عن رضي و قناعة، كما ألمح مؤلف كتاب (الاستراتيجية العسكرية الاسلامية) الي الفارق الكبير بين ذوي الحوافز العقائدية و الدوافع الذاتية الكامنة «و بين أن يخرج جندي اطاعة لأوامر الرؤساء، خوفا من بطشهم و دعما للشر و سعيا وراء مصلحة خاصة أو نفوذ مطلوب، و اعتمادا علي وفرة في العدد و العدة، و أملا في نصر رخيص يحقق به اذلال البشر و اهدار كرامتهم و قيد حريتهم..»

«شتان بين خروج من أجل تثبيت دين الله و نشر العدل و الرخاء والحرية و السعادة. و خروج من أجل القتل و التدمير و الحرق و نشر المظالم و دفع الانسانية الي مواطن الذلة و المسكنة. [3] «

و لقد وصلت أخبار الانسلال و التهرب اللذين ذكرناهما الي ابن زياد، فقام بتنظيم للحد من ذلك الخطر، لا سيما و ان الذين يتهربون لا تنظيم لهم يحفزهم، فتنظيم العدو سينجح مؤكدا...


پاورقي

[1] انساب الأشراف ج 3 ص 179.

[2] حياة الامام الحسين ج 3 ص 118.

[3] الا ستراتيجية العسکرية الاسلامية، لمحمد فرج ص 103.