بازگشت

مواجهة جيش أموي


في منطقة (شراف) عين ماء عدب، أمر القائد أن يكثروا من مل ء الماء.. ثم غادروا شراف..

و اذ هم يسيرون سعيا، اذا بأحد الرجال يكبر الله، متوهما رؤية رؤوس نخيل الكوفة، كأنهم وصلوا البلاد. ولكن رجلا آخر نفي أن يكون ثمة نخيل بذلك المكان.. فأمعنوا النظر حتي تبينوا أنها رؤوس جيش و أسنة رماح ورايات قادمة ما زالت في أول الظهور من أقصي الأفق..

بادر قائد الركب العظيم و رجاله الي جبل أو مرتفع (ذو حسم) فجعلوه


خلفهم لمواجهة الجيش المعادي من جهة واحدة... و وصلت الكتيبة العسكرية الأموية.. و كانت بقيادة الحر بن يزيد الرياحي. و لاحظ الامام أتعاب أفراد الجيش و نصبهم و ظمأهم. كما أنهم طلبوا الماء منه، فلم يبخل و لم يمنع، بل أمر بسقيهم روح الأحرار الأطهار: «اسقوا القوم و أرووهم من الماء، و آرشفوا الخيل ترشيفا.» أي اسقوهم، هم وخيلهم بلا حرص علي الماء..

.. و بعد ارتوائهم التفت الامام الحسين الي الحر الرياحي متسائلا: «ألنا أم علينا؟» فأجاب الرياحي بحياء: «بل عليك يا أبا عبدالله.» فردد الامام قول: لا حول و لا قوة الا بالله العظيم..

.. ثم حان وقت صلاة الظهر فقام مؤذن الحسين الحجاج بن مسروق الجعفي و نادي للصلاة.. خرج الامام بمظهر بسيط حسب وصف التاريخ: «ازار ورداء و نعلان.» و خطب الجيش بأول خطبه [1] ثم تقدم ليصلي قائلا للحر الرياحي بأن يصلي بأصحابه، فقال الرياحي: «لا بل تصلي أنت و نصلي بصلاتك.»

فصلي الحسين بهم جميعا.. (والموقف قد يطول الحديث عنه و لا مجال لتناوله بالتفصيل..) و نودي لصلاة العصر، فخطب الامام خطبته الثانية [2] علي الجيش الأموري المكون غالبيته من جمهور أهل الكوفة بل كله.. فلم يجب أحد علي خطابه الأول و لا علي خطابه الثاني (و نحن لم ننقل نص الخطابين مكتفيين بالخطاب الثالث الذي سيأتي..)

و تكلم الرياحي عقيب الخطاب الثاني، فصرح بأنه مأمور باقدام الركب والمجاهدين علي أمير الكوفة الأموري (ابن زياد ابن أبيه).. فزجره الامام الأبي بقوله: «الموت أدني اليك من ذلك!» ثم قال لأصحابه قوموا فاركبوا،


وأركبت النسوة، فقال انصرفوا، فحال الجيش الأموي دونهم.. فصاح الامام بالرياحي: «ثكلتك أمك ما تريد؟.» و أطرق الرياحي برأسه، ثم لازم التأدب... ثم كرر بأنه يريد ادخاله علي ابن زياد حسب الأوامر، فأكد له الامام أن ذلك من المستحيلات.. و وقع بينهما أخذ ورد فالامام يقول له «والله لا أتبعك.» و ارياحي مأمور يقول: «والله لا أدعك.».. «اذا والله لا أتبعك.». «اذا والله لا أدعك.». «بل والله لا أتبعك.» و كثر الكلام كما قيل حتي اضطر الرياحي للتحلي عن تطبيق الأوامر الأمويه، و اخذ يتابع سير الركب، علي أن لايدخل الكوفة..

فهل ينتظر الضعفاء و حفنة المصلحيين الذين بقوا مؤخرا اكثر من هذا المؤشر للخطر؟ و هل يحتاج الأقوياء و نخبة المجاهدين ما يعزز توطينهم أنفسهم و تعبئتهم؟


پاورقي

[1] تاريخ الطبري، ج 4 ص 303، و تاريخ ابن الأثير، ج 3 ص 180 و الأخبار الطوال الدينوري، ص 261، و ابن کثير في البداية و النهاية حيث أشار الي أنه (ع) قد خطبهم و لم يسج نص الخطبه ج 8 ص 172.

[2] نفس المصدرين السابقين.