بازگشت

اصطدام مع شرطة السلطة


مضي وقت علي الابتعاد من مكة، اذ فصل الركب، بينما كان الوالي الأموي عمرو بن سعيد الأشدق - قد استنفر شرطته، و جهز مفرزة من المرتزقة، و قاد تلك الحفنة من المسلمين أخوه - يحيي الأشدق - و قال لهم عمرو:

«اطلبوه، اركبوا كل بعير بين السماء و الأرض فاطلبوه! فعجب الناس من قوله هذا». [1] و كان هذا الاهتمام الزئد يستهدف كل رجال الركب، و لسوف يكون هذا الاصطدام، أول اختيار لقابليات من سار.

و يصل الشرطة، و يستحيل تحقيق غرض انتهي تقرير الحسين لعكسه و ضده.. ولكن تقابل الطرفان و اقتصرت المناوشات بالسلاح الخفيف حيث أخرجوا السياط فهاجم الشرطة ركب الامام. فنالت الخيل و الابل ضربات بالمثل «فتدافع الفريقان و تضاربا بالسياط» [2] .


و ظهر علي البواسل شي ء من الشدة و الاغلاظ يناسب بساطة اللقاء و الصدام.. و كان هذا الحدث ايذانا للضعفاء و نذير سوء لهم في أول الطريق، فخيم الرعب عليهم و تأهب بعضهم للفرار لواذا، حالما يتطور الأمر الي شهر السلاح الثقيل، و تسمع رنات الحديد و صهيل الخيول المتصاعد.

أما الانصار فكانوا يرون اللقاء، طارئا موقتا، جاء بفعل نوبات نفسية و انفعالات حدثت للوالي فحدت به لذلك العمل، جرأة علي الله و رسوله.. و أخيرا فشلت المفرزة و ظهر عليا العجز، و اضطرب الوالي عمرو الأشدق لسماعه بالمجابهة الصارمة من قبل رجال الحسين عليه السلام، فأرسل للشرطة أمرا بالانسحاب كما ذكر الدينوري الذي قال: «فخاف ابن الاشدق - أن يتفاقم الأمر فأرسل الي صاحب شرطته يأمره بالانصراف.» [3] .

ولعجزهم و رجحان تراجعهم رأوا أن لا يعودوا بلا تعويض لفشلهم، ولو بالقول التمويهي الجاهلي، فنادوا افتراء علي الله و رسوله بقولهم: «يا حسين ألا تتقي الله، تخرج من الجماعة و تفرق بين هذه الأمة!!!» و لا جدال في حقيقة أنهم لا يعرفون معني الجماعة.. و الفرقة.. و الأمة.. ألفاظ سمعوها فرددوها، و ليس لهم قطعا أي علم بحقوق و وضع الأمة، و واقعها الراهن، و مستقبلها. فبماذا يجيبهم الحق و لولم يستحقوا أي جواب؟ فالامام يروم مواصلة السير، و قد اكتفي بردهم و طردهم بمنطق أولي العزم من الانبياء كجده (ص) فتلا قئلا «لي عملي. و لكم عملكم. أنتم بريئون مما أعمل و أنا بري ء مما تعملون» [4] .


پاورقي

[1] العقد الفريد لابن عبد ربه الأندلسي ج 5 ص 119 - 118 طبع بالظاهرة 1952.

[2] البداية و النهاية و بحارالأنوار، و غيرهما من المصادر.

[3] لاخبار الطوال ص 257.

[4] تاريخ الطبري ج 4 ص 289، و البداية و النهاية ج 8 ص 166.