بازگشت

المشفقون و الانصار


يعد الانصار من الذين لايجهلون ما قاله الرسول الأعظم صلي الله عليه و آله و سلم، فمنهم من سمعه يقول (كأنس الكاهلي) و غيره. فهم علي بينة من مصير الأمة، و مآل الحكم و موقف الطاهرين لا سيما موقف الامام الحسين. فأحاديث لتنبؤات وافرة لديهم، لكنها لم تثبطهم أو توحي بالتراجع «القعود، أو الاشفاق علي الامام أو العطف لأنه خارج لمصير يرتقبه و واجب رسالي اسلامي فما هو بخارج أشرا و لابطرا.

كلا لم توح لهم بذلك و لم يستفيذوا منها مجرد حلول المهالك حين حصولها،


بل استمدوا منها روحا و معني كانوا منهما علي يقين و رمقوا السماء و نظروا في مدي المراد، و عظمة الأبعاد، فوجدوا أنهم علي خطير الأهداف يركبون و الي أجل الغايات ينهضون و علي أقدس فرائض الله يمضون..

فقد استفادوا و استلهموا و أثمروا من الأحاديث ما هو الخليق بهم و ما هم به قمينون دون أن يجعلوها مبررا لقعودهم، فهي انما يجب أن تكون حافزا باعثا علي الاسهام، و منطلقا لتدعيم الحركة. و فعلا قد قام الأنصار بجعل الأحاديث مطية لهم، و وقودا لطاقات مواصلة نشاطهم و وظائفهم فضلا عن كلمات الحسين عليه السلام التي سمعوها كجواب للمشفق بمناسبة أو أخري، فهي تصريحات أخذت مكانها في قلوب الأنصار لشحذ الهمم و تصعيد المعنويات لأن كلمات الرسول (ص) و سبطه الحسين (ع) تفيد التعبئة و الاعداد، بل ان كلمات الرسول (ص) منذ سنوات، يجب أن تجند الناس لنصرة الحسين منذ سنين، استعدادا و انتصارا لكفاح الفساد الذي سيخرج عليه الامام الحسين (ع) كما أحسن الأنصار صنعا - فمنهم من كان مترقبا منذ عهد الرسول (ص) و منهم من كان منتظرا من عهد الامام علي (ع) و منهم من أعد نفس في عهد السبط الحسن (ع).

فالأحاديث تضم افادات جمة و جليلة، والجواب يدعو الي الوقوف عليا للمسير علي ضوء نور هداها.. و هذا بالضبط هو عين ما مضي عليه الصحابي الجليل المعمر الطاعن بالسن، (أنس الكاهلي) [1] ذلك الذي رافق الركب حتي موقع مرابطة الأنصار في الأرض المباركة كربلاء و هو رجل قد احتجبت عيناه بطول حاجبيه، مقوس الظهر أعلن ما سمعه من فم الرسول (ص) من حديث بشأن جهاد سبطه الحسن (ع) و مقتله [2] و أصر علي شهر سيفه مهما كان الثمن باهظا و مهما عذر مثله من الطاعنين بالسن.

و سنذكر ذلك الصحابي المبدئي فيما بعد، بالضبط حين نذكر ما اهتدي به


للنصرة كل من المجاهد زهير بن القين البجلي و ابن عمه، حيث سمع زهير حديثا نبويا عن سلمان المحمدي سمعه من النبي فكان دافعا له

هذا هو شأن الأنصار و سماعهم للأحاديث الشريفة التي كانت الدافع للمشفق و مادة قوله أخيانا.. أما مسألة العاطفة و الاشفاق فالأنصار لايعرفون عاطفة و لاشفقة طالما كان الحب كل الحب - واي حب - وقودا و لهيبا يمضي بهم حقبا. فهم علي رأي الامام العظيم لاعاطفة تجاه نفس تسمو الي عليين، و ترمق السماء بعين و بعين تنظر الأرض و ما ساد بها أو يسود من فساد فالمشفق يتذرع بمبرر الشفقة الضعيف، و يقعد بعامل العاطفة وحدها.

فالأنصار يشفقون علي الامام بنصرهم له، بمعني أنهم يشفقون علي مبادي ء الاسلام و ممثلي رسول الاسلام، فيسيرون قدما و لايريدون البقاء فينتظرون أخبار مقتله بسوا الركبان - كما صرح أحدهم -.


پاورقي

[1] ذخائر العقبي - ص 146.

[2] ذخائر العقبي - ص 146.