بازگشت

اول معارض لداعية الاسلام


قوبلت حركة الامام بعدة معارضات من قبل عدة معارضين خصوصا حال الشروع بالسير من مكة نحو العراق، و هو ما سيأتي في الباب الثاني... فتلك المعارضات و ان كانت موجهة لشخص الامام بالذات، الا انها كانت أيضا موجهة لأنصاره بشكل غير مباشر، اذ استهدفت، - فيما استهدفت - فت عضد بعض الأنصار، و الأمل بتغير منحي نواياهم النبيلة، و من ثم اعراضهم عن السبيل الرسالي القويم.. انها آمال لم تجد نفعا..

فهل كان المعارض يصدق عقله الصغير بأن الامام سيبايع يزيد ان عورض بكلمة مهما كان مضمونها و محتواها؟ لا، فلا ريب أن الغرض هم بعض الأنصار خوطبوا بأسلوب مغرض. من باب (اياك أعني و اسمعي يا جارة)... نظرا لعدم تأكد المعارض بما عليه كل نصير من نفاذ البصيرة و نفس واثقة و ثبات.

فقد صدرت أول معارضة لداعية الاسلام و الحركة الرسالية، من مروان بن الحكم، و ذلك في المدينة، حيث التقي بالامام قبل مغادرة الركب، و هو يحمل خلاصة سجاياه و آثامه، زاعما الصالح للامام، باقتراح وجهه و كأنه نسي مواقفه الجاهلية الآمرد بقتل الامام.. قال بلهجة الناصح البليد: «يا أبا عبدالله، اني ناصح فأطعني ترشد».


فالتفت اليه ابن رسول الله ليستمع.. فقال: «و ما ذاك، قل حتي اسمع». فقال «الناصح» المغرض: «اني آمرك ببيعة يزيد بن معاوية فانه خير لك في دينك و دنياك!».

فسمع الامام و قدر سخرية الموقف، و أراد أن يسخر من الجالية و بالشرك الراسب الذي ما برح عند مروان و من علي شاكلته، فرده بايجاز و بلهجة لاتخلو من التهكم و التسفيه مع توفر النقاط الحساسة الموضوعية، فقال عليه السلام:

«انا لله و انا اليه راجعون.. و علي الاسلام السلام، اذ قذ بليت الأمة براع مثل يزيد. لقد سمعت جدي رسول اله (ص) يقول: الخلافة محرمة علي آل أبي سفيان..» [1] و ثمة رواية في ذلك اطول، و جواب للامام مسهب نسبيا.. [2] .

علي ان مروان لايستبعد سيطرة الامام علي الحكم و امساك الزمام، و هذا ما يحز في نفسه رعبا من الحكومة الحسينية العصماء. التي تعني عودة العترة و ظهور العورة الوثقي، و بالتالي فصم عري الجاهية المستجدة، و هذا ماتم فعلا من غير حاجة للقبض علي زمام الحكم. فما افلح مريد الأموية.. لقد احتمل مروان عودة يد الجبروت المحمدية العظيمة. و قبضة الكف العلوية العادلة الكريمة، فيما يعقب حركة سبط الرسول الحسين بن علي، هذا سر و تفسير اثارة جنونه الشديد لقتل الحسين مع من كان معه...

ولاينتهي دور مروان عند تلك المعارضة «النصيحة» لأنه يسعي لنيل الحظوة عند يزيد بالتزلف اليه، و ان كان كارها له.. فهو يمهد لسيطرة مرتقبة أيضا، و قد حام حول الحمي، ولكنه ما استقر بالحكم و الامارة الا قليلا: كما تنبأ الامام علي عليه السلام بقوله: (و ان له امرة كلعقة الكلب أنفه و انه أبو الأكبش الأربعة) [3] ..


فدور مروان بخصوص فترة حركة الجهاد الاسلامي الحسيني، لاشك بأنه دور أوسع مما تحدده نصوص الروايات و خامات التاريخ..

و بالعودة الي الرواية الآنفة فقد لانراه قد خاب في مسعاه لثني الامام القائد، فذلك مما هو منه علي سابق يقين و تأكيد. لكنه خاب بما استهدفه من التأثير علي وفاء فرد من عصبة الأصحاب، بحكم شدة صرامتهم في ذات الله، و عدم تأثرهم بالطواري ء الخارجية باعتبارهم يتعاملون مع الذات الوجدانية و العقيدة و المبدأ... فذهبت أول معارضة أدراج الرياح و تقهقر المعارض مقهورا «ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا». 25:33.


پاورقي

[1] اللهوف لابن طاووس ص 10 و بحارالانوار ج 44 ص 326، و اعيان الشيعة ج 4 ق 1 ص 155:.

[2] راجع کتاب الفتوح لابن اعثم ج 5 ص 25 - 23.

[3] نهج‏البلاغه.