بازگشت

المسيرة تنطلق..


و نذكر هنا ثلاثة أمور: أولها: حالة خروج الركب، و ثانيها: لقاء مروان بن الحكم بالامام عند خروجه، و ثالثها: لقاء عبدالله بن مطيع العدوي بالامام... الخروج علنا:

رحل [1] الامام بموكب ابطال الكفاج المجاهدين، في دور تأدية مهمة أرست الحقائق علي شواطي ء الامان بعد محاولات كادت تغرقها في دور التصدي لفرعون زمانه، لذا كان - بخروجه - يتمثل بلسان حال الكليم موسي (ع) «رب نجني من القوم الظالمين».

و نريد هنا بيان حالة قيمة، تفيد بأن الموكب كان علي جانب كبير من الحرص علي سمو خطاه و حرية سلوكه الي مسعاه، متحديا الخطر في سبيل الله... و الظاهرة هي سلوك الامام القائد بالركب الطريق الرئيسي العام، المعتاد سلوكه للذاهبين و القادمين، و لم يتركه الي طريق خفي بدعوي تجنب الصدام او الخوف من معارضة شرطة السلطة، لاسيما و مغادرة المدينة، كان تعبيرا عن غضب الامام علي الحكم و سخطه لسخط الله. ثم انها مغادرة علي غير ارادة السلطة المركزية و المحلية بل كانت مغادرة متصفة بالتحدي للحكم...

و تبرز قيمة هذه الحالة حينما نعلم ان الامام لم يجهل حالة خروج ابن الزبير بل تظهر أكثر من ذلك، حينما نعلم ان البعض قام لامام يقترح عليه تجنب الجادة لئلا يدركهم الطلب من حاكم المدينة و شرطته التي يحتمل مطادرتها للركب


و عترقلة خطوات سيره... فما هو رأي الامام بهذا الصدد؟. و ما كان جوابه لمن اقترح عليه ذلك؟..

لم يوافق الحسين علي ذلك قطعا، و لم يبال بمطاردة محتملة، فرفض الاقتراح مواصلا بداية جاده علي الجادة علنا، و هو يريد لكل فرد من جنده و نصير معه، طاقة معنوية عالية، و روحا كبيرة خلاقة، لاتعرف خشية من ذلك النوع، و حذرا بذلك الشكل، و اسلوبا حريا بالقاء الخوف في قلب الجندي، طالما كان الجندي قد خرج لواجبه، لايحمل الا الاستعداد و التضحية بأنفس ما بيده، في أي حادث أو حالة أو مكان، يريد الحسين لنصيره ملكة ارادة و ادراك، بأنه يجاهد، ثم قد يستشهد، و لا يهمه متي ذلك، و أين؟ و كيف؟ أفي الطريق، أم بمباشرة القتال في اشتباكات ميدانية؟ أفي ليل أو في نهار؟ اذ أن الجهاد علي كل حال هو جهاد، و الشهادة هي الشهادة.

و بتيقن الخروج الي العمل وفق ما تمليه المبادي ء الراقية للاسلام الحنيف، لم يعد هاما حدوث ما يحدث أو وقوع ما يقع، بناء علي أن الواجب يمكن تأديته بأي حال طالما استعد له كل فرد في قافلة القتال الاسلامي..

كان جواب الامام لمن قدم الاقتراح البسيط، يتضمن ايحاء للباقين ممن يسمعون - بل و لمن يقرأون كذلك -

«لا والله لافارقت هذا الطريق أبدا، حتي أنظر الي أبيات مكة او يقضي الله في ذلك ما يحب و يرضي [2] ».

فباتفاق الجميع علي صريح معني هذه الكلمة، عليهم بالسعي، و الا فليرجع من يخشي، اذ لاداعي لأحد أن يركب الخطر، أو يبتلي بطريقتهم أهل


البيت الرسالي، و لا حاجة لمن يخاف قارعة تحل به، أو يتخطف من حوله. و الحقيقة، ان الذين رافقوا الامام علي رأيه و هداه، حتي الذين اقترحوا فهم جميعا كلما قال الامام لأخيه محمدبن الحنفية: «و اخوتي و بنو أخي.. و شيعتي أمرهم أمري و رأيهم رأيي..»...

و يحسن بنا ذكر أن قرار الامام في السير علنا علي الطريق العام، سوف لاولن يسمح لأحد من أهل المدينة ممن تخلفوا أن يزعموا فيما بعد أنهم لم يعلموا بخروج الامام، أو علموا بعد حين فلحقوا ب و لم يعثروا لهم علي اثر للركب لاتخاذه طريقا علي غير الجادة..


پاورقي

[1] کان الرحيل يوم السبت لليلتين بقيتا من رجب سنة ستين للهجرة المبارکة.

[2] حياة الامام الحسين ج 2 ص 305. و ذکر الشيخ المفيد (ره) أنه «لزم الطريق الأعظم» و أن المقترحين هم أهل بيته اذ قالوا: «لو تنکبت الطريق الأعظم کما فعل ابن الزبير کيلا يلحقک الطلب» فقال «لا و الله، لا افارقه حتي يقضي الله ما هو قاض». الارشاد ص 240 طبع النجف 1382 هجرية.